دوامة الحب

Yasminaaat`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-03-07ضع على الرف
  • 5.9K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول

الحزن يخيم علي المكان وسط اجواء كئيبة تعكس مشاعر المتواجدين ، فهناك من فقد نصفه الاخر و هناك من فقدوا درعهم الحامي و هناك من فقدت توأم روحها و هناك من يقف عاجزا لا يعرف للمواساة سبيل .
مر الوقت ببطئ وسط صراخ و بكاء تلاه اخذ العزاء بصورة اكثر تماسكا و صوت القارئ يصدح في الارجاء باعثا الطمئنينة في نفوس تشعر بالخوف و الخزلان.
" شدي حيلك يا كارلا ، لازم يا حبيبتي تبقي قوية انتي الكبيرة و لازم تاخدي بالك من اخواتك و تخليهم يستمدوا القوة منك "
كانت في عالم اخر فهي فقدت للتو اعز انسان علي قلبها لم تستطع استيعاب كل ما قيل لها في هذه الليلة و لكن وصل إليها صوت خالتها الحزين و استطاعت ان تتبين رجائها فأجابت في نبرة جاهدت علي جعلها تبدو متماسكة الي اقصي درجة : " حاضر يا طنط مريم ، هنكون كويسين ان شاء الله و هخلي بالي منهم "
مريم بابتسامة باهتة محاولة طمئنة الاخري : " كارلا يا حبيبتي انتي مش لوحدك و اوعي ابدا تفتكري انك لوحدك ، انا و اخوالك في ضهرك و ان شاء الله مش هنخليكي محتاجة حاجة "
اومأت لها كارلا محاولة انهاء الحديث فلم يعد لديها طاقة للمواصلة : " شكرا يا طنط "
و قفت مريم و همت للمغادرة : " انا رايحة اشوف مامتك اخبارها ايه دلوقتي ، ادخلي يلا يا حبيبتي دلوقتي و ارتاحي شوية "
لم تجب كارلا و اكتفت بالابتسامة لخالتها و بالفعل غادرت مريم تاركة الاخري تغوص في بحر من الذكريات ودت لو غرقت به .
.....

في المجلس المخصص للرجال كان الوضع اكثر تماسكا رغم غلبة الحزن عليهم ايضا .
" البقاء لله يا بابا ، هو اكيد في مكان احسن دلوقتي "
كان تائه لا يعلم ما يجيب به ابنه فهو دوما كان الاب الصارم الذي لا يكسره شئ و لكن موت اخاه الصغير قد حطم قلبه نصفين " الحمدلله علي كل حال يا سامح ، روح شوف عمتك و واسيها يابني زمانها منهارة ، و ان هروح للبنات اطمن عليهم.
سامح بطاعة : " حاضر يا بابا "
و بالفعل ذهب الي عمته تاركا اباه الذي سرعان ما اتجه الي غرفة بنات اخيه للاطمئنان عليهم ، طرق الباب عدة طرقات حتي وصل اليه صوت ضعيف يدعوه للولوج و بالفعل دخل و شاهد صاحبة هذا الصوت شاردة امامها غارقة بالسواد تظهر عليها معالم الحياة بصعوبة فتقطع قلبه لها " روز يا حبيبة قلبي ممكن تخرجي معايا شوية هناكل برة سوا انا و انتي بس "
نظرت له روز بنظرة خالية من الحياه و خرجت منها الكلمات بصعوبة : " شكرا يا عمو حسن ، انا مش جعانة "
تنهد حسن ثم حاوطها الي صدره : " يا حبيبتي بقالك اسبوع علي كدة ، طب انتي شايفة ان كدة ابوكي مبسوط يعني "
انفجرت روز في البكاء بعد ان جاء بسيرة والدها فهي تجاهد منذ اسبوع علي ان تتعود علي غيابه .
ضمها حسن الي صدره بقوة اكبر باعثا رسالة واضحة بها بانه سندها في تلك الحياة و لن يتخلي عنها غاضبا من نفسه انه احزنها الان فابتسم بتصنع مداعبا اياها : " براحتك بقي ، عموما احنا كدة كدة راجعين مصر بكرة و هأكلك هناك كل اللي انا عاوزه ، لحسن شكلك خاسة كدة من الاكل التركي "
توقفت دموعها من الصدمة و نظرت اليه بعد استيعاب : " ننزل ازاي يا عمي و بابا ازوره ازاي و دراستي انا و ديما و شغل كارلا "
نظر اليها بحب و ابتسامة حقيقية ظهرت علي محياه فهو يفضل مناوشتها له عن حزنها و صمتها : " حيلك حيلك عليا ، يا ستي ابوكي هيتنقل قبلنا و هندفنه في المدافن بتاعتنا في مصر مش معقولة هسيب اخويا ، و لو علي دراستك انتي و ديما فهتتنقل مصر برضو انتي ناسية ان ابوكي و امك مصريين و لا ايه يعني هتفضلوا هنا ليه ، و لو علي شغل كارلا فمكانها في الشركة موجود و اهي تدير نصيب ابوها لحد ما تتخرجوا انتم كمان و تساعدوها "
نظرت روز له بحيرة فهي تعلم ان اخوتها لن يوافقوا علي هذا فحياتهم هنا منذ اكثر من 5 سنوات و قد تأقلموا عليها : " طيب يا عمي ممكن حضرتك تشوف اخواتي و اللي هيقولوه انا هعمله "
قبلها من جبهتها ناظرا لها بامتنان علي عدم معارضتها له فهي دائما كانت الاطيب و الاسهل بين اخوتها و الان الطريق امامه اصبح اقل صعوبة : " طيب يا حبيبتي انا هبعتلك دلوقتي حاجة تكليها و هروح لاخواتك افاتحهم في الموضوع "
اومأت له روز فقام بتقبيلها مرة اخري و غادر نحو مهمته القادمة.
.....

" انتم اتجننتم ، ايه القرف اللي انتم بتقولوه ده مستحيل طبعا "
كارلا بغضب يوازي غضب الجالسة امامها : " اولا تحترمي نفسك و انتي بتتعاملي معانا ، انتي مبقتيش صغيرة دلوقتي عشان نسكت علي بجاحتك دي "
ديما بحنق : " يعني انتي موافقة يا ست كارلا علي اننا نرجع مصر ؟ "
كارلا بإصرار : " ايوة موافقة و دي كانت رغبة بابا الله يرحمه و كمان مش هنعرف نعيش لوحدنا هنا من غير راجل "
ضحكت ديما مستهزأة مما اثار غضب الاخري فاسرعت تكتم صوت ضحكتها بكفها: " ديما احترمي نفسك انتي ناسية ان بابا ميت بقاله اسبوع "
سارعت ديما بإنزال كف اختها و اردفت بعصبية : " كارلا انتي كدابة و انا و انتي عارفين سبب نزولك كويس اوي فمفيش داعي انك تلفي و تدوري "
توترت كارلا قليلا وسط نظرات اختها الثاقبة : " و ايه هو السبب ده يا اذكي اخواتك "
اقتربت منها ديما راسمة ابتسامة شيطانية تعبر عن شخصية صاحبتها و همست في اذنها : " عشان هو طلق "
ثم ابتعدت ديما تاركة كارلا مصدومة من جرأة اختها و كلماتها السامة .
.....

" انا اختي و بناتها هيرجعوا مصر و هستضيفهم في بيتي"
حسن بحنق : " يا استاذ مراد متنساش ان انا عم البنات دي و انا اولي انهم ييجوا يعيشوا معايا "
مراد بغضب : " انت عاوز اختي تبعد عن بناتها ، مش كفاية عليها اللي حصل عاوزها كمان تسيب بناتها "
حسن بهدوء محاولا الشرح : " يا استاذ مراد انا مقولتش كدة ، انا بالفعل في فيلا جمع الفيلا بتاعتي معروضة للبيع فهشتريها و هم و مدام سارة هيعيشوا فيها و يكونوا تحت عيني و طلباتهم كلها مجابة "
مراد باستهزاء : " ده علي اساس اني انا فقير مثلا و مش هقدر اكفي طلبات اختي و بناتها ، انت نسيت انا مين و لا ايه يا حسن "
حسن بضيق و قد طفح الكيل لديه : " اسمع يا مراد ، انا اخويا قبل ما يموت كانت وصيته ليا بناته انا لا يهمني اختك و لا انت شخصيا انا كل اللي فارق معايا بنات اخويا " صمت قليلا بعد ان ادرك فداحة ما قاله فابتلع ريقه و ارخي رابطة عنقه و استعاد رباطة جأشه و تابع بنبرة اكثر هدوءا : " ان اسف مقصدش ، المهم انا و انت دلوقتي هدفنا واحد و عموما يا سيدي هنخير البنات و هم اللي هيختاروا يعيشوا مع مين "
مراد بنفاذ صبر و قد ادركو تصميم الاخر : " تمام نبقي نخيرهم ، المهم دلوقتي نقنعهم يسافروا مصر "
أكد حسن علي كلامه : " اتفقنا "
......

" ممكن اعرف يا ست ديما انتي مش عاوزة ترجعي مصر ليه "
نفخت ديما خديها علامة علي ضجرها من هذا السؤال المتكرر الذي اصبحت مجبرة علي الاجابة عنه لكل افراد عائلتها : " طنط مريم لو سمحتي انا حرة ، و لو ماما و اخواتي حابين ينزلوا مصر هم احرار طبعا بس بعيد عني "
ابتسمت مريم من عند تلك الصغيرة التي لم تتجاوز العشرين من عمرها : " طيب يا حبيبتي تقدري تقوليلي هتصرفي منين ؟ "
ديما بلامبالاة :" بابي سايب فلوس في البنك كتير هصرف منها و اخلص دراستي و بعدها هشتغل "
مريم برصانة : " طب ممكن اعرف السبب "
ديما بتأفف : " لاني هنا في تركيا بلبس اللي عاوزاه و بروح براحتي و كمان بابي كان بيخليني اسافر و اتعودت اعمل كل اللي عاوزاه و ابقي حرة ، انا مش مستعدة اعيش تحت رحمة حد "
فهمت مريم ما ترمي اليه تلك المهرة الجامحة فهي لا تريد ان يتحكم بها عمها او خالها بعد ان ذاقت طعم الحرية فهي جائت هنا مذ ان كانت طفلة ، ليس كأختيها اللتان عاشا فترة لا بأس بها داخل مصر : " عمرك ما هتبقي تحت رحمة حد انتي من عيلة الفهد و امك من عيلة الجبالي يعني عيلتين من اكبر عائلات مصر و مستحيل حد يغصبك علي حاجة انتي مش عاوزاها "
ضيقت ديما عينيها و ادركت انه لا فائدة من الحديث بوالدتها المصون بالفعل اتخذت قرارها و ابلغتهم به و هي علي الرغم من كرهها الشديد للعودة الا انها لن تترك والدتها و اخواتها فهي بالرغم من انهم يعتقدون انها الاصغر و الاكثر سزاجة الا انها علي يقين من انها اكثر فرد في هذه العائلة يتمتع بالدهاء و المراوغة : " طيب يا خالتو ممكن تقوليلي هنعيش فين ، عندك و لا عن عمو حسن و لا خالو مراد "
مريم بقلة حيلة : " جينا بقي للاسئلة اللي ملهاش اجابات "
رفعت مريم حاجبها الايسر : " يعني اتخانقوا ، ده اللي انا عاملة حسابه "
مريم : " متخافيش يا حبيبتي ، هم اتفقوا ان كل واحدة منكم ليها حرية الاختيار و مامتك اختارت انها تعيش مع خالك و اخواتك مردوش يكسروا كلمتها "
ديما مسرعة : " مستحيل طبعا ، انا مش هتحمل طبع خالي اكيد " ثم تابعت باصرار " انا هعيش مع عمي "
....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي