الفصل الأول
الحزن يخيم علي المكان وسط اجواء كئيبة تعكس مشاعر المتواجدين ، فهناك من فقد نصفه الاخر و هناك من فقدوا درعهم الحامي و هناك من فقدت توأم روحها و هناك من يقف عاجزا لا يعرف للمواساة سبيل .
مر الوقت ببطئ وسط صراخ و بكاء تلاه اخذ العزاء بصورة اكثر تماسكا و صوت القارئ يصدح في الارجاء باعثا الطمئنينة في نفوس تشعر بالخوف و الخزلان.
" شدي حيلك يا كارلا ، لازم يا حبيبتي تبقي قوية انتي الكبيرة و لازم تاخدي بالك من اخواتك و تخليهم يستمدوا القوة منك "
كانت في عالم اخر فهي فقدت للتو اعز انسان علي قلبها لم تستطع استيعاب كل ما قيل لها في هذه الليلة و لكن وصل إليها صوت خالتها الحزين و استطاعت ان تتبين رجائها فأجابت في نبرة جاهدت علي جعلها تبدو متماسكة الي اقصي درجة : " حاضر يا طنط مريم ، هنكون كويسين ان شاء الله و هخلي بالي منهم "
مريم بابتسامة باهتة محاولة طمئنة الاخري : " كارلا يا حبيبتي انتي مش لوحدك و اوعي ابدا تفتكري انك لوحدك ، انا و اخوالك في ضهرك و ان شاء الله مش هنخليكي محتاجة حاجة "
اومأت لها كارلا محاولة انهاء الحديث فلم يعد لديها طاقة للمواصلة : " شكرا يا طنط "
و قفت مريم و همت للمغادرة : " انا رايحة اشوف مامتك اخبارها ايه دلوقتي ، ادخلي يلا يا حبيبتي دلوقتي و ارتاحي شوية "
لم تجب كارلا و اكتفت بالابتسامة لخالتها و بالفعل غادرت مريم تاركة الاخري تغوص في بحر من الذكريات ودت لو غرقت به .
.....
في المجلس المخصص للرجال كان الوضع اكثر تماسكا رغم غلبة الحزن عليهم ايضا .
" البقاء لله يا بابا ، هو اكيد في مكان احسن دلوقتي "
كان تائه لا يعلم ما يجيب به ابنه فهو دوما كان الاب الصارم الذي لا يكسره شئ و لكن موت اخاه الصغير قد حطم قلبه نصفين " الحمدلله علي كل حال يا سامح ، روح شوف عمتك و واسيها يابني زمانها منهارة ، و ان هروح للبنات اطمن عليهم.
سامح بطاعة : " حاضر يا بابا "
و بالفعل ذهب الي عمته تاركا اباه الذي سرعان ما اتجه الي غرفة بنات اخيه للاطمئنان عليهم ، طرق الباب عدة طرقات حتي وصل اليه صوت ضعيف يدعوه للولوج و بالفعل دخل و شاهد صاحبة هذا الصوت شاردة امامها غارقة بالسواد تظهر عليها معالم الحياة بصعوبة فتقطع قلبه لها " روز يا حبيبة قلبي ممكن تخرجي معايا شوية هناكل برة سوا انا و انتي بس "
نظرت له روز بنظرة خالية من الحياه و خرجت منها الكلمات بصعوبة : " شكرا يا عمو حسن ، انا مش جعانة "
تنهد حسن ثم حاوطها الي صدره : " يا حبيبتي بقالك اسبوع علي كدة ، طب انتي شايفة ان كدة ابوكي مبسوط يعني "
انفجرت روز في البكاء بعد ان جاء بسيرة والدها فهي تجاهد منذ اسبوع علي ان تتعود علي غيابه .
ضمها حسن الي صدره بقوة اكبر باعثا رسالة واضحة بها بانه سندها في تلك الحياة و لن يتخلي عنها غاضبا من نفسه انه احزنها الان فابتسم بتصنع مداعبا اياها : " براحتك بقي ، عموما احنا كدة كدة راجعين مصر بكرة و هأكلك هناك كل اللي انا عاوزه ، لحسن شكلك خاسة كدة من الاكل التركي "
توقفت دموعها من الصدمة و نظرت اليه بعد استيعاب : " ننزل ازاي يا عمي و بابا ازوره ازاي و دراستي انا و ديما و شغل كارلا "
نظر اليها بحب و ابتسامة حقيقية ظهرت علي محياه فهو يفضل مناوشتها له عن حزنها و صمتها : " حيلك حيلك عليا ، يا ستي ابوكي هيتنقل قبلنا و هندفنه في المدافن بتاعتنا في مصر مش معقولة هسيب اخويا ، و لو علي دراستك انتي و ديما فهتتنقل مصر برضو انتي ناسية ان ابوكي و امك مصريين و لا ايه يعني هتفضلوا هنا ليه ، و لو علي شغل كارلا فمكانها في الشركة موجود و اهي تدير نصيب ابوها لحد ما تتخرجوا انتم كمان و تساعدوها "
نظرت روز له بحيرة فهي تعلم ان اخوتها لن يوافقوا علي هذا فحياتهم هنا منذ اكثر من 5 سنوات و قد تأقلموا عليها : " طيب يا عمي ممكن حضرتك تشوف اخواتي و اللي هيقولوه انا هعمله "
قبلها من جبهتها ناظرا لها بامتنان علي عدم معارضتها له فهي دائما كانت الاطيب و الاسهل بين اخوتها و الان الطريق امامه اصبح اقل صعوبة : " طيب يا حبيبتي انا هبعتلك دلوقتي حاجة تكليها و هروح لاخواتك افاتحهم في الموضوع "
اومأت له روز فقام بتقبيلها مرة اخري و غادر نحو مهمته القادمة.
.....
" انتم اتجننتم ، ايه القرف اللي انتم بتقولوه ده مستحيل طبعا "
كارلا بغضب يوازي غضب الجالسة امامها : " اولا تحترمي نفسك و انتي بتتعاملي معانا ، انتي مبقتيش صغيرة دلوقتي عشان نسكت علي بجاحتك دي "
ديما بحنق : " يعني انتي موافقة يا ست كارلا علي اننا نرجع مصر ؟ "
كارلا بإصرار : " ايوة موافقة و دي كانت رغبة بابا الله يرحمه و كمان مش هنعرف نعيش لوحدنا هنا من غير راجل "
ضحكت ديما مستهزأة مما اثار غضب الاخري فاسرعت تكتم صوت ضحكتها بكفها: " ديما احترمي نفسك انتي ناسية ان بابا ميت بقاله اسبوع "
سارعت ديما بإنزال كف اختها و اردفت بعصبية : " كارلا انتي كدابة و انا و انتي عارفين سبب نزولك كويس اوي فمفيش داعي انك تلفي و تدوري "
توترت كارلا قليلا وسط نظرات اختها الثاقبة : " و ايه هو السبب ده يا اذكي اخواتك "
اقتربت منها ديما راسمة ابتسامة شيطانية تعبر عن شخصية صاحبتها و همست في اذنها : " عشان هو طلق "
ثم ابتعدت ديما تاركة كارلا مصدومة من جرأة اختها و كلماتها السامة .
.....
" انا اختي و بناتها هيرجعوا مصر و هستضيفهم في بيتي"
حسن بحنق : " يا استاذ مراد متنساش ان انا عم البنات دي و انا اولي انهم ييجوا يعيشوا معايا "
مراد بغضب : " انت عاوز اختي تبعد عن بناتها ، مش كفاية عليها اللي حصل عاوزها كمان تسيب بناتها "
حسن بهدوء محاولا الشرح : " يا استاذ مراد انا مقولتش كدة ، انا بالفعل في فيلا جمع الفيلا بتاعتي معروضة للبيع فهشتريها و هم و مدام سارة هيعيشوا فيها و يكونوا تحت عيني و طلباتهم كلها مجابة "
مراد باستهزاء : " ده علي اساس اني انا فقير مثلا و مش هقدر اكفي طلبات اختي و بناتها ، انت نسيت انا مين و لا ايه يا حسن "
حسن بضيق و قد طفح الكيل لديه : " اسمع يا مراد ، انا اخويا قبل ما يموت كانت وصيته ليا بناته انا لا يهمني اختك و لا انت شخصيا انا كل اللي فارق معايا بنات اخويا " صمت قليلا بعد ان ادرك فداحة ما قاله فابتلع ريقه و ارخي رابطة عنقه و استعاد رباطة جأشه و تابع بنبرة اكثر هدوءا : " ان اسف مقصدش ، المهم انا و انت دلوقتي هدفنا واحد و عموما يا سيدي هنخير البنات و هم اللي هيختاروا يعيشوا مع مين "
مراد بنفاذ صبر و قد ادركو تصميم الاخر : " تمام نبقي نخيرهم ، المهم دلوقتي نقنعهم يسافروا مصر "
أكد حسن علي كلامه : " اتفقنا "
......
" ممكن اعرف يا ست ديما انتي مش عاوزة ترجعي مصر ليه "
نفخت ديما خديها علامة علي ضجرها من هذا السؤال المتكرر الذي اصبحت مجبرة علي الاجابة عنه لكل افراد عائلتها : " طنط مريم لو سمحتي انا حرة ، و لو ماما و اخواتي حابين ينزلوا مصر هم احرار طبعا بس بعيد عني "
ابتسمت مريم من عند تلك الصغيرة التي لم تتجاوز العشرين من عمرها : " طيب يا حبيبتي تقدري تقوليلي هتصرفي منين ؟ "
ديما بلامبالاة :" بابي سايب فلوس في البنك كتير هصرف منها و اخلص دراستي و بعدها هشتغل "
مريم برصانة : " طب ممكن اعرف السبب "
ديما بتأفف : " لاني هنا في تركيا بلبس اللي عاوزاه و بروح براحتي و كمان بابي كان بيخليني اسافر و اتعودت اعمل كل اللي عاوزاه و ابقي حرة ، انا مش مستعدة اعيش تحت رحمة حد "
فهمت مريم ما ترمي اليه تلك المهرة الجامحة فهي لا تريد ان يتحكم بها عمها او خالها بعد ان ذاقت طعم الحرية فهي جائت هنا مذ ان كانت طفلة ، ليس كأختيها اللتان عاشا فترة لا بأس بها داخل مصر : " عمرك ما هتبقي تحت رحمة حد انتي من عيلة الفهد و امك من عيلة الجبالي يعني عيلتين من اكبر عائلات مصر و مستحيل حد يغصبك علي حاجة انتي مش عاوزاها "
ضيقت ديما عينيها و ادركت انه لا فائدة من الحديث بوالدتها المصون بالفعل اتخذت قرارها و ابلغتهم به و هي علي الرغم من كرهها الشديد للعودة الا انها لن تترك والدتها و اخواتها فهي بالرغم من انهم يعتقدون انها الاصغر و الاكثر سزاجة الا انها علي يقين من انها اكثر فرد في هذه العائلة يتمتع بالدهاء و المراوغة : " طيب يا خالتو ممكن تقوليلي هنعيش فين ، عندك و لا عن عمو حسن و لا خالو مراد "
مريم بقلة حيلة : " جينا بقي للاسئلة اللي ملهاش اجابات "
رفعت مريم حاجبها الايسر : " يعني اتخانقوا ، ده اللي انا عاملة حسابه "
مريم : " متخافيش يا حبيبتي ، هم اتفقوا ان كل واحدة منكم ليها حرية الاختيار و مامتك اختارت انها تعيش مع خالك و اخواتك مردوش يكسروا كلمتها "
ديما مسرعة : " مستحيل طبعا ، انا مش هتحمل طبع خالي اكيد " ثم تابعت باصرار " انا هعيش مع عمي "
....
مر الوقت ببطئ وسط صراخ و بكاء تلاه اخذ العزاء بصورة اكثر تماسكا و صوت القارئ يصدح في الارجاء باعثا الطمئنينة في نفوس تشعر بالخوف و الخزلان.
" شدي حيلك يا كارلا ، لازم يا حبيبتي تبقي قوية انتي الكبيرة و لازم تاخدي بالك من اخواتك و تخليهم يستمدوا القوة منك "
كانت في عالم اخر فهي فقدت للتو اعز انسان علي قلبها لم تستطع استيعاب كل ما قيل لها في هذه الليلة و لكن وصل إليها صوت خالتها الحزين و استطاعت ان تتبين رجائها فأجابت في نبرة جاهدت علي جعلها تبدو متماسكة الي اقصي درجة : " حاضر يا طنط مريم ، هنكون كويسين ان شاء الله و هخلي بالي منهم "
مريم بابتسامة باهتة محاولة طمئنة الاخري : " كارلا يا حبيبتي انتي مش لوحدك و اوعي ابدا تفتكري انك لوحدك ، انا و اخوالك في ضهرك و ان شاء الله مش هنخليكي محتاجة حاجة "
اومأت لها كارلا محاولة انهاء الحديث فلم يعد لديها طاقة للمواصلة : " شكرا يا طنط "
و قفت مريم و همت للمغادرة : " انا رايحة اشوف مامتك اخبارها ايه دلوقتي ، ادخلي يلا يا حبيبتي دلوقتي و ارتاحي شوية "
لم تجب كارلا و اكتفت بالابتسامة لخالتها و بالفعل غادرت مريم تاركة الاخري تغوص في بحر من الذكريات ودت لو غرقت به .
.....
في المجلس المخصص للرجال كان الوضع اكثر تماسكا رغم غلبة الحزن عليهم ايضا .
" البقاء لله يا بابا ، هو اكيد في مكان احسن دلوقتي "
كان تائه لا يعلم ما يجيب به ابنه فهو دوما كان الاب الصارم الذي لا يكسره شئ و لكن موت اخاه الصغير قد حطم قلبه نصفين " الحمدلله علي كل حال يا سامح ، روح شوف عمتك و واسيها يابني زمانها منهارة ، و ان هروح للبنات اطمن عليهم.
سامح بطاعة : " حاضر يا بابا "
و بالفعل ذهب الي عمته تاركا اباه الذي سرعان ما اتجه الي غرفة بنات اخيه للاطمئنان عليهم ، طرق الباب عدة طرقات حتي وصل اليه صوت ضعيف يدعوه للولوج و بالفعل دخل و شاهد صاحبة هذا الصوت شاردة امامها غارقة بالسواد تظهر عليها معالم الحياة بصعوبة فتقطع قلبه لها " روز يا حبيبة قلبي ممكن تخرجي معايا شوية هناكل برة سوا انا و انتي بس "
نظرت له روز بنظرة خالية من الحياه و خرجت منها الكلمات بصعوبة : " شكرا يا عمو حسن ، انا مش جعانة "
تنهد حسن ثم حاوطها الي صدره : " يا حبيبتي بقالك اسبوع علي كدة ، طب انتي شايفة ان كدة ابوكي مبسوط يعني "
انفجرت روز في البكاء بعد ان جاء بسيرة والدها فهي تجاهد منذ اسبوع علي ان تتعود علي غيابه .
ضمها حسن الي صدره بقوة اكبر باعثا رسالة واضحة بها بانه سندها في تلك الحياة و لن يتخلي عنها غاضبا من نفسه انه احزنها الان فابتسم بتصنع مداعبا اياها : " براحتك بقي ، عموما احنا كدة كدة راجعين مصر بكرة و هأكلك هناك كل اللي انا عاوزه ، لحسن شكلك خاسة كدة من الاكل التركي "
توقفت دموعها من الصدمة و نظرت اليه بعد استيعاب : " ننزل ازاي يا عمي و بابا ازوره ازاي و دراستي انا و ديما و شغل كارلا "
نظر اليها بحب و ابتسامة حقيقية ظهرت علي محياه فهو يفضل مناوشتها له عن حزنها و صمتها : " حيلك حيلك عليا ، يا ستي ابوكي هيتنقل قبلنا و هندفنه في المدافن بتاعتنا في مصر مش معقولة هسيب اخويا ، و لو علي دراستك انتي و ديما فهتتنقل مصر برضو انتي ناسية ان ابوكي و امك مصريين و لا ايه يعني هتفضلوا هنا ليه ، و لو علي شغل كارلا فمكانها في الشركة موجود و اهي تدير نصيب ابوها لحد ما تتخرجوا انتم كمان و تساعدوها "
نظرت روز له بحيرة فهي تعلم ان اخوتها لن يوافقوا علي هذا فحياتهم هنا منذ اكثر من 5 سنوات و قد تأقلموا عليها : " طيب يا عمي ممكن حضرتك تشوف اخواتي و اللي هيقولوه انا هعمله "
قبلها من جبهتها ناظرا لها بامتنان علي عدم معارضتها له فهي دائما كانت الاطيب و الاسهل بين اخوتها و الان الطريق امامه اصبح اقل صعوبة : " طيب يا حبيبتي انا هبعتلك دلوقتي حاجة تكليها و هروح لاخواتك افاتحهم في الموضوع "
اومأت له روز فقام بتقبيلها مرة اخري و غادر نحو مهمته القادمة.
.....
" انتم اتجننتم ، ايه القرف اللي انتم بتقولوه ده مستحيل طبعا "
كارلا بغضب يوازي غضب الجالسة امامها : " اولا تحترمي نفسك و انتي بتتعاملي معانا ، انتي مبقتيش صغيرة دلوقتي عشان نسكت علي بجاحتك دي "
ديما بحنق : " يعني انتي موافقة يا ست كارلا علي اننا نرجع مصر ؟ "
كارلا بإصرار : " ايوة موافقة و دي كانت رغبة بابا الله يرحمه و كمان مش هنعرف نعيش لوحدنا هنا من غير راجل "
ضحكت ديما مستهزأة مما اثار غضب الاخري فاسرعت تكتم صوت ضحكتها بكفها: " ديما احترمي نفسك انتي ناسية ان بابا ميت بقاله اسبوع "
سارعت ديما بإنزال كف اختها و اردفت بعصبية : " كارلا انتي كدابة و انا و انتي عارفين سبب نزولك كويس اوي فمفيش داعي انك تلفي و تدوري "
توترت كارلا قليلا وسط نظرات اختها الثاقبة : " و ايه هو السبب ده يا اذكي اخواتك "
اقتربت منها ديما راسمة ابتسامة شيطانية تعبر عن شخصية صاحبتها و همست في اذنها : " عشان هو طلق "
ثم ابتعدت ديما تاركة كارلا مصدومة من جرأة اختها و كلماتها السامة .
.....
" انا اختي و بناتها هيرجعوا مصر و هستضيفهم في بيتي"
حسن بحنق : " يا استاذ مراد متنساش ان انا عم البنات دي و انا اولي انهم ييجوا يعيشوا معايا "
مراد بغضب : " انت عاوز اختي تبعد عن بناتها ، مش كفاية عليها اللي حصل عاوزها كمان تسيب بناتها "
حسن بهدوء محاولا الشرح : " يا استاذ مراد انا مقولتش كدة ، انا بالفعل في فيلا جمع الفيلا بتاعتي معروضة للبيع فهشتريها و هم و مدام سارة هيعيشوا فيها و يكونوا تحت عيني و طلباتهم كلها مجابة "
مراد باستهزاء : " ده علي اساس اني انا فقير مثلا و مش هقدر اكفي طلبات اختي و بناتها ، انت نسيت انا مين و لا ايه يا حسن "
حسن بضيق و قد طفح الكيل لديه : " اسمع يا مراد ، انا اخويا قبل ما يموت كانت وصيته ليا بناته انا لا يهمني اختك و لا انت شخصيا انا كل اللي فارق معايا بنات اخويا " صمت قليلا بعد ان ادرك فداحة ما قاله فابتلع ريقه و ارخي رابطة عنقه و استعاد رباطة جأشه و تابع بنبرة اكثر هدوءا : " ان اسف مقصدش ، المهم انا و انت دلوقتي هدفنا واحد و عموما يا سيدي هنخير البنات و هم اللي هيختاروا يعيشوا مع مين "
مراد بنفاذ صبر و قد ادركو تصميم الاخر : " تمام نبقي نخيرهم ، المهم دلوقتي نقنعهم يسافروا مصر "
أكد حسن علي كلامه : " اتفقنا "
......
" ممكن اعرف يا ست ديما انتي مش عاوزة ترجعي مصر ليه "
نفخت ديما خديها علامة علي ضجرها من هذا السؤال المتكرر الذي اصبحت مجبرة علي الاجابة عنه لكل افراد عائلتها : " طنط مريم لو سمحتي انا حرة ، و لو ماما و اخواتي حابين ينزلوا مصر هم احرار طبعا بس بعيد عني "
ابتسمت مريم من عند تلك الصغيرة التي لم تتجاوز العشرين من عمرها : " طيب يا حبيبتي تقدري تقوليلي هتصرفي منين ؟ "
ديما بلامبالاة :" بابي سايب فلوس في البنك كتير هصرف منها و اخلص دراستي و بعدها هشتغل "
مريم برصانة : " طب ممكن اعرف السبب "
ديما بتأفف : " لاني هنا في تركيا بلبس اللي عاوزاه و بروح براحتي و كمان بابي كان بيخليني اسافر و اتعودت اعمل كل اللي عاوزاه و ابقي حرة ، انا مش مستعدة اعيش تحت رحمة حد "
فهمت مريم ما ترمي اليه تلك المهرة الجامحة فهي لا تريد ان يتحكم بها عمها او خالها بعد ان ذاقت طعم الحرية فهي جائت هنا مذ ان كانت طفلة ، ليس كأختيها اللتان عاشا فترة لا بأس بها داخل مصر : " عمرك ما هتبقي تحت رحمة حد انتي من عيلة الفهد و امك من عيلة الجبالي يعني عيلتين من اكبر عائلات مصر و مستحيل حد يغصبك علي حاجة انتي مش عاوزاها "
ضيقت ديما عينيها و ادركت انه لا فائدة من الحديث بوالدتها المصون بالفعل اتخذت قرارها و ابلغتهم به و هي علي الرغم من كرهها الشديد للعودة الا انها لن تترك والدتها و اخواتها فهي بالرغم من انهم يعتقدون انها الاصغر و الاكثر سزاجة الا انها علي يقين من انها اكثر فرد في هذه العائلة يتمتع بالدهاء و المراوغة : " طيب يا خالتو ممكن تقوليلي هنعيش فين ، عندك و لا عن عمو حسن و لا خالو مراد "
مريم بقلة حيلة : " جينا بقي للاسئلة اللي ملهاش اجابات "
رفعت مريم حاجبها الايسر : " يعني اتخانقوا ، ده اللي انا عاملة حسابه "
مريم : " متخافيش يا حبيبتي ، هم اتفقوا ان كل واحدة منكم ليها حرية الاختيار و مامتك اختارت انها تعيش مع خالك و اخواتك مردوش يكسروا كلمتها "
ديما مسرعة : " مستحيل طبعا ، انا مش هتحمل طبع خالي اكيد " ثم تابعت باصرار " انا هعيش مع عمي "
....