الفصل

" يلا اتفضلوا يا بنات يلا يا سارة ، متتكسفوش ده بيتكم "
نظرت الي جدران هذا المنزل الدافئ الذي لم يتغير منذ ان غادرت فهي تعلم جيدا مدي عشق اخيها لزوجته المتوفاه فلن يقدم ابدا علي تغيير اي شئ صنعته هي بيداها مما جعلها تفكر كم ان اخيها زوج وفي : " البيت تحفة يا مراد ، زي ما هو متغيرش فيه اي حاجة "
ابتسم مراد لتعليقها : " طب الحمدلله انه عجبك " ثم التفت الي الفتاتان " و انتم ايه رأيكم "
روز بانبهار من جمال المنزل و اتساعه و تناسقه الملحوظ : " البيت تحفة جدا يا عمو بجد "
كارلا بصدق : " مريح اوي يا عمو بجد "
سعد مراد
مراد : " مبسوط انه عجبكم ، الاوض بتاعتكم في الدور التاني و يارب تعجبكم و اي واحدة منكم عاوزة تغير اي حاجة حتي لو لمبة مش عجباها تقول و متتكسفش "
شعرت سارة بالامتنان الشديد ناحيته فهو دائما كان الداعم الاول لها و الشخص الذي تلجأ اليه في الصعاب فهو لم يُرزق بأبناء فاعتبرها ابنته و اخته رغم ان الفرق بينهم لم يتجاوز العشر سنوات : " مراد انا طالعة ارتاح انا و البنات شوية بعد اذنك "
مراد : " طبعا يا سارة ده بيتك و من غير استئذان "
ثم نادي علي احدي الخادمات لتقلهم الي غرفهم حتي يرتاحوا قليلا من عناء السفر .
......

" و دي بقي يا ستي الاوضة بتاعتك ، انا فارشها علي ذوقي فمتأكد انها هتعجبك "
نظرت ديما بتمعن كي تتمكن من تقييم الغرفة ، غرفة عصرية متسعة و بها نافذة بالاضارفة الي حمام كبير و و جاكوزي للاستجمام و غرفة صغيرة ملحقة بها خاصة بالملابس فقط و ارضية خشبية بالطبع هي غرفة ممتازة و تستحق تقييم مرتفع و لكن ليس بالنسبة لها فهي كانت كارثة بكل المقاييس و مما حطمها ايضا هو رؤيتها للون الطلاء فقد كان من اللون الاسود اللامع مما ازاد من احباطها فظهر الامتعاض جليا علي ملامحها : " عمو ممكن اعرف مين مهندس الديكور الفاشل اللي عمل الاوضة دي و قرر يدهنها اسود و اسمحلي اقولك ان ذوقك يع بجد "
لم يتمالك حسن نفسه من الضحك من وقاحة سليطة اللسان تلك ، فهي ورثت ذلك عن ابيها : " بصراحة يا ستي هو مش ذنب المهندس لانه شاطر جدا و تقريبا اكبر شركة عقار في مصر بس هي ذوق عمر الحقيقة مش ذوقي و لكن بعد ما اتعملت حس انها مش بالوسع الكافي فجهز لنفسه الجناح اللي فوق و ساب الاوضة دي "
تجهمت فور ان علمت بأن تلك الغرفة هي ذوق البغيض فقلبت عينيها و اندفعت باستهجان : " لو هو اكيد سابها عشان عرف غلطته و ادرك ان ذوقه وحش " ثم تسائلت ببراءة مصطنعة : " عمو هو كان داهن بيته مع طليقته بنفس اللون "
اومأ لها حسن بالايجاب
ديما بجدية : " ده سبب كافي لانها تقتله مش بس تتطلق منه "
ضحك حسن بشدة و كم اعجبته شخصيتها الشيطانية رغم براءة ملامحها : " كل اللي انتي عاوزة تغيريه قوليلي عليه و هغيرهولك في اسرع وقت ، هبعته للمهندس علي طول "
اخذت ديما تفكر مطولا حتي لا تنسي شيئ : " يتغير لون الاوضة و المكتب ده يتشال و يتحط مكانه دولاب صغير لان الدريسنج روم مش هتكفي كل لبسي و السرير مش بحبه دائري بيوترني و عاوزة كرسي ليزي بوي " صمتت قليلا حتي تلقي نظرة شاملة " عمو انا عاوزة اغير كل حاجة ، انا عاوزة اعيد تصميم الاوضة من اول و جديد لاني بحب المودرن و الفواتح مش جو رية و سكينة ده و عاوزة مهندس من شركتنا احنا "
فغر فاه من طلباتها التي لا تعد فهي تأمر و كأنها صاحبة المنزل بالفعل بل و مالكته ايضا : " حاضر يا ديما ، كل طلباتك هتتنفذ "
ديما بثقة : " اكيد طبعا " ثم اكملت بلا مبالاة و اخذت تتثائب " يلا يا عمو اطلع برة عشان عاوزة انام "
احس بدلو ماء بارد سُكب عليه فهو طُرد لتوه من منزله فلم يجد القدرة للرد عليها و اكتفي بالخروج من الغرفة مصدوما مدركا للايام العسيرة التي سيواجهها مع تلك الماكرة .
اغلق الباب خلفه و هم كي يتقلد الدرج و لكن فاجأه وجود ابنه صاعدا عليه مما اثار تعجبه فهو لا يأتي الي ذلك الطابق في الاغلب .
حسن بتساؤل : " في حاجة يا عمر ؟ "
عمر بجدية : " كنت عايز حضرتك في موضوع "
حسن : " طيب يلا بينا عالمكتب "

( في غرفة المكتب )

حسن : " خير يا عمر كنت عاوز تقول ايه "
عمر : " دلوقتي يا بابا حضرتك عارف ان عمي الله يرحمه عنده شركة ديكور في مصر و واحدة في تركيا ، سيف رسيت عليه المناقصة و عشان يخلصها بأسرع وقت عاوز مهندسين ديكور اضافيين و انا اقترحت عليه شركات عمي و التواصل هيتم من خلال شركة مصر فإيه رأي حضرتك ، و طبعا المكتب بتاعنا هيهتم بكل الشؤون القانونية و العقود "
حسن بسخرية : " يعني انت محضرتش عزا عمك و كمان بتفكر في بيزنس في شركاته و هو لسة مكملش شهر ميت "
قبض عمر علي زراع الكرسي الجالس عليه لكي يتحكم في رد فعله و كي لا يغضب اباه اكثر من هذا : " تمام يا بابا وصلي ردك ، انا خارج " ثم تأهب ليخرج و لكن اوقفه صوت والده الغاضب : " استني متمشيش ، مخلصتش كلامي "
جلس عمر مرة اخري ليستمع لحديث والده : " انا عارف انت مجتش العزا ليه "
نظر عمر لوالده بتمعن و رفع حاجبه الايسر متحديا والده
حسن باستهزاء : " عشان مكنتش هتقدر تستحمل تشوفها منهارة صح " ثم تابع في حيرة : " نفسي اعرف طالما بتحبها اوي كدة ليه سبتها و ليه اتجوزت واحدة غيرها "
عمر بنظرة ثابتة : " ممكن حضرتك تفكر في العرض و تعرضه علي مدام سارة و تبلغني بالجواب ، مع السلامة " ثم غادر مسرعا تلحقه هالته الساحرة .
.....

" كارلا انا بكرة عاوزة اسجل في الجامعة عشان اخر سنة متضيعش عليا "
كارلا بتثائب : " حاضر يا روز نامي دلوقتي و بكرة نشوف "
ابتسمت روز عندما شاهدت اختها فبالرغم من ان لكل منهما غرفة منفصلة الا انها اصرت ان تنام معها : " طيب يا كارلا انتي فكرتي هتعملي ايه الايام الجاية "
انتظرت الاجابة فلم تأتي فاختها غطت في نوم عميق ، قامت روز بفرد الغطاء علي جسد اختها ثم قبلتها متمنية لها احلاما سعيدة .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي