الفصل الثالث

كانت مهتاجة للغاية، ألا أنها لم ترغب بإثارة غضب الآخر و استجابت لما قاله، خطت لخارج المكتب بخطوات يعتريها الغليل الخالص، بينما نهضت "استريد" و هي لا تدري حتى ما قيل أو ما الذي دار بينهم و آل إلى مغادرتهم، و لكنها تداركت ضرورة مغادرتها عندما انتبهت لمغادرة والدتها، لذا باستنتاج صغير منها ادركت وجوب مغادرتها هي الأخرى.

توقفت "صوفيا" بالخارج أمام "نوح" الواقف أمام سيارته، وجهها يتخلله حمرة واضحة، إثرا لكل تلك العصبية المهتاجة في دمائها، و دمدت بسخط مستفسرة حيال ما سيفعلوه في ذلك المأذق:

-ماذا سنفعل الآن؟

كانت نظراته الغامضة موجهة للفراغ، لجزء من الدقيقة، انشق فمه بابتسامة ماكرة بالتدريح، اوضحت ما بداخله من خبث دفين، فقد طرأ بفكره الشيطاني فكرة ستحقق له جميع رغباته، ليرد عليه بنبرة تشبه الفحيح مجيبا إياه:

-أعلم جيدا ما سأقوم به.

❈-❈-❈

نهض من نومه على صوت جرس الشقة الذي صدح في كامل الشقة و آل إلى استيقاظه، تلك الشقة التي يعيش بها، لرغبته الكاملة في ذلك، خطى خطوات متبطائه نحو باب الشقة و هو يتثاءب، و يقوم بفرك عينيه، لكي ينفض علامات النعاس عنهما، قام بفتحه و وجه يعلو تعبيرات ناقمة على من جاء في وقت كهذا، فقد أقلق نومه و آل إلى صحوته و هو الذي قد نام منذ ساعتين تقريبا، وجده والده الذي مد ذراعه و نحاه جانبا لكي يفسح المجال له للولوج، كان الهدوء هو المبهم في حالة والده الصامتة، تعحب "ماسيمو" من حضوره، فهو لم يكلف وسعه منذ انتقل للعيش بمفرده، و قام بالمجيء إليه لزيارته، و لكنه رغم ذلك قلب عينيه بملل من برود والده الباغث على الحنق، تبعه حتى غرفة المعيشة بغدما اغلق باب الشقة، التي استقر والده على كرسي بها، وضع ساق فوق الآخر، و دقق نظره نخو بغطرسة ليست بجديدة عليه، و تكلم بجمود بالغ، و ملامحه لا توضح شيء على الإطلاق، لكي يفهم ابنه لي شيء من خلاله:

-اجلس ماسيمو، فأنا أريدك في موضوع هام.

استجاب "ماسيمو" له، و جلس على الكرسي المجاور له على مضض، كانت تعبيراته توضح ضيقه، و لكنه استرعي كامل انتباهه ما قاله، و آثار اهتمامه معرفة ما الأمر الذي استدعى والده للمجيء إليه على غير العادة، فهو لم يأتي له منذ انتقاله هنا و لو مرة واحدة، أخرج "نوح" علبة سجائرة الكوبي، و القداحة خاصته و قام بإشعال واحدة، ثم قام بإلقاء العلبة و القداحة بإهمال فوق المنضدة، لفظ دخان سيجارته بتريث مطولا و أردف و هو ناظر أمامه بهدوء مبهم:

-أريدك ان تتزوج بإستريد ابنة عمك.

جحظت عيني "ماسيمو" بصدمة لعدة ثوان، ظل صامتا لم ينبس ببنت شفة، كان يحاول استيعاب ما ألقاه والده على سمعه، و لكنه عقد حاجبيه بغرابة، و هز رأسه باستفهام و هو يتساءل بطريقة مستنكرة ما نفذ عبر سمعه:

-اتزوج بمن!

أخفض السيجارة الكوبي عن ثغره، و هو يلفظ دخانها، و أخبره ببرود و هو يشير إليه بيده الممسكة بالسيحارة:

-أنت سمعت جيدا.

ضم شفتيه، محاولا كبح جماح غضبه، و أوصده عينيه لثانية، زفر نفسا ضائقا، ثم أردف بتهكم:

-ابي أنت مؤكدا تمزح، أستريد من التي تريدني أن أتزوج بها، هذه فتاة صغيرة.

لم يبدر من والده أي اهتمام يذكر، مط شفتيه بلا مبالاة، ثم علق بطريقة ثابتة، و برود متعاظم آثار غيظ الآخر:

-ليست صغيرة كما يخيل لك، فهي عندها عشرين عاما.

اعترى التفاجؤ وجهه من استخفافه بعمرها الذي يتخطاه هو بثلاقة عشرة عاما، و رفع أحد حاجبيه مدمدا بسخط جلي:

-و أنا عندي ثلاثة و ثلاثين عاما، ثم أن الناس جميعهم يعلمون أنني تجمعني علاقة بداليدا، و تقريبا مخطوبين.

حرك جذعه للأمام قليلا، و قام بإطفاء سيجارته بمنفضة السجائر، و هو يردف بكلمات قاصدا بها إغراء الآخر:

-خطبتك بداليدا، و الناس، أم أملاك عمك و ثروته التي لا تقدر بثمن، و الذي سيصبح جميعهم تحت قدميك، كما سيعلو مركزك في سوق العمل، و حينها تذهب الناس للجحيم.

يفهم ابنه حق الفهم، و يعلم كم تغريه المظاهر الإحتماعية، و علو مكانته في الحياة العملية، و من ناحية أخرى، بالحياة الشخصية، يعشق حياة الترف، و يقدس البزخ تقديسا، فما كانت هذه إلا مساومة صغيرة، كما يتراءى له، و لديه علما تاما بأنه سيخنع لها، لمح العديد من التساؤلات ظاهرة على وجهه، ليستطرد بالمزيد مطنبا:

-انت مؤكد علمت أن عمك كتب جميع أملاكه و أموله لأستريد.

ضيق "ماسيمو" عينيه في محاولة منه لاستشفاف ما يرمي إليه بكلماته، و أكد مرددا:

-أجل علمت.

ظهرت شبح ابتسامة شيطانية فوق ثفره سريعا ما تبخرت رادافا بجشع بالغ:

-ذلك كل سيصبح لنا.

خلل "ماسيمو" أصابع بفروة رأسه بصبر نافذ، و قال بملل واضح:

-أبي وضح معنى كلماتك، لقد استيقظت توا من النوم، و لست متفهم لما تحاول أن ترمي إليه بحديثك هذا.

تنهيدة حانقة غادرت رئتيه، من عدم استخدام الآخر لعقله فيما يتحدث حوله، و بتعبيرات مشتدة تكلم:

-أنت تعلم أن أموال مايكل في الأساسي أموالي، أنا الذي تعبت و اجتهد في جمعها وحدي، و جدك حرمني منها، و كتبها له، و هو أخذها على طبق من فضة.

لا يزال لا يعي ما يحاول أن يصل إليه، و لا يفهم ما دخله هو بمل ذلك، و لمَ يريد تزويجه بإبنة عمه، قائلا بنزق مستفهما:

-و هذا ما خاصه بزواجي بإستريد؟

نفخ في ضجر من غبائه، و راح يردف في غضب بإيضاح:

-عن طريق زواجك بها، سنستطيع أن نسيطر عليها، و نجعلها تتنازل عن إرثها لنا.

تنفس هواء مطولا لرئتيه، و زفره على مهل، ثم سأله بصوت جاد:

-و ما الذي سيدفعها لتنفيذ ما تقوله؟

تساؤلاته تلك لقد سأم منها، و يعلم أنها لن تنتهي، نقر بسبابته فوق يد الكرسي الحالس فوقه، بضيق مرأي، ثم إجابه بكراهية بالغة:

-سنجبرها، لو لم نفعل ذلك صوفيا ستفعلها، و سيضيع علي الحصول على أموالي التي نهبها مني مايكل، لكن بزواجك بها، سنمنع صوفيا من وضعها ليدها على أي مما تملكه استريد، أو تقنع استريد أن تتنازل لها، و هي بالأصل لا يشكل الورث معها فارقا، و لا الأموال كذلك، وفاة والدها ذا تأثير بالغ عليها، و جعلعا غير راغبة بورث أو غيره.

لم تكتمل لديه الأركان كاملة، لذا تساءل مستفسرا:

-و كيف سيتم ذلك إذا؟

أحس يسريان الإنتعاش في كامل صدره من استجابة ابنه، تكلم بهدوء و هو يشرح له الخطة التي ستقام:

-ستتزوج منها، و ستستمر في تلك الزيجة حتى تتم الواحد و عشرين عاما، و بعدها سنمضيها على التنازل، تريد أن تكمل زيجتك بها بعد ذلك لذيك مطلق الحرية، إذا لم ترد طلقها و افعل ما يحلو لك حينها، بمعنى ما تريده أفعله، لن اتدخل حينها في الأمر

ران الصمت بينهما لثوان، كان يفكر "ماسيمو" في شيء بعينه، و راح لسانه يتكلم عما دار في خلده مرددا:

-و هل السيدة صوفيا ستوافق على ذلك كله؟

انتصب واقفا، و قال له بصوت أجوف مليء بالبغض و الخبث الدفين، الذي لم يتراءى لابنه و ملامحه احتدت للغاية متكلما:

-مجبرة على الموافقة.

❈-❈-❈

على الرغم من الحالة التي هي عليها، و التي يرثى لها، كما لازمتها لطوال الشهر المنصرم، منذ فارقها والدها الحبيب، و لكن بداخلها أرادت أن تقوم بتنفيذ تلك الوصية التي كتبها لها، قبلما يتوفى بأيام قليلة، بكل الطاقة المستنزفة بداخله، فبعدها اخذتها تلك الغيبوبة في غياهبها، ليأخذه الموت بعدها بعيدا عنها، تاركا إياها لعذاب كبير يتوغل بداخل قلبها، وحيدة، بائسة، يائسة، طاغيا عليها تعاسة العالمين، لم تكن تفقه أن يحاول أن يشد من أزرها، و يقوي عزيمتها على متابعة العيش بعد فراقه الحتمي، و الذي كان قد شعر بقرابته، و الشيء الذي غفل عنه هو أنه من المستحيل أن تشعر بالحياة من بعد فراقه الذي خلف جروحا غائرة بقلبها صعب محو آثارها مدى الحياة.

ذهبت لتجلس على الكرسي الخشبي بحديقة الفيلا، ذلك الكرسي الذي اعتاد الجلوس عليه، بذات المكان بصحبة والدها، حينما كانا يتسامران و يتجاذبان الأحاديث سويا، قامت بفتح دفترها، الذي تقوم بالفضفضة به بكل ما تريد أن تخرجه من جعبتها، عندما تشعر برغبة ملحة في الحديث، و لا تجد من تحدثه غيره، فهي لم تحظى برفيق من قبل، غير والدها الذي كانت تعتبره صديقها الأوحد، و لكنها يجب ان تعتاد منذ الآن على عدم التحدث إلا لذلك الدفتر الورقي.

امسكت بالقلم الأسود، الذي اعتاد أن تكتب به كلماته، كما لو أن لونه مماثل لحياته الكئيبة المظلمة، استقرت على صفحة بعينها بالدفتر، و التي لا تعلم لها عددا، من كثرة ما كتبته به من الكثير من المواقف التي عايشتها، من مشاعر، الكثير من المكنونات التي لم تخير بها أحد سوى له و به. لم تكن تستطيع التعبير عن ما تشعر به من خلجات نفسها، لذا كان الدفتر أسلم حل لها، استطاعت أن تعبر عن ما تشعر به، و هو كان يتقبل كلماتها الغير مرتبة بصدر رحب، كان يحتضن حروفها، تلك الحروف التي كانت تخرج دون ترتيب مسبق كأنما تتسابق من الدهر، و تارة أخرى كانت تظهر واهية لا يتكون من خلالها أي معنى يذكر، سوى بداخل قلبها المكلوم، الذي لم يشبه شوائب الحياة الغابرة.

أهلا أيها الدفتر العزيز، كم استقت إليك كثيرا، و أعلن أنك أيضا اشتقت إلى كلماتي خلال الفترة الماضية، تلك الكلمات لا تعني لأحد مثلما لا أعني لأحد كذلك، و لكن أنا متأكدة من أنك ترحب بها و تشتاق إلى القلم خاصتي، هل تعلم أنني منذ يومنا هذا لن اتركك ثانية، فأنا لم أعد أملك غيرك، لم يعد لي اي أحد سواك، حياتى أضحت فارغة، أصبحت لا تساوييء من بعده، لم أعد أريد العيش بها، و لكن لأجله هو فقط سأحاول بكل جهدي أن اتخطى تلك المرحلة المستنفذة لسائر ذرات روحي.

سأنفذ جاهدة كلماته التي كتبها لي لتصير الذكرى الأخيرة له، و سأحتفظ بها إلى أن يواري جسدي الثرى، أخبرني في تلك الرسالة عن كم يحبني، و هو لم يكن بحاحة لإخباري، فهو الوحيد الذي أحبني و أشعرني بالحنان، أخبرني أيضا أن اتحلى بالقوة في غيابه، و أنا لم أعد أعلم من أين لي بها، أخبرني به ألا اتراخى لضعفي الذي تملك مني و لا ادري كيف سأبدده.

هل سأستطيع أن اتغلب على هذا الضعف الذي طالما لاحقني منذ ضغري، لقد كان هو القوة الذي أمتلكها، كيف يطالبني إذا أن أتحلى بقوة واهية بداخلي، و هو برحيله سلب مني سائر قواي، و شحذب كامل طاقتي، لست حتى أدري هل سأتمكن من العيش وسط ذلك الإفك، فحياتى مزدانة للغاية بسيل من ابتسامات يملأها الزيف، مكللة بعديدة من الأشخاص الذين يصطنعون مشاعر و كلمات يلقوها و ينمقوها بطريقة فائقة الروعة.

يتواتر الظلم المجحف علي من العديد و العديد يجعلنى أبكى قهرا و حسرة على سذاجة لطالما استبدت منى، تستهل عينى دموعا حارقة مريرة، على كونى بكل ذلك الضعف الذى لا يتبدد بداخلي، تتفاقم تلك الغصة المريرة بحلقى عندما أتحامل على نفسى، و أمنعها من الإستسلام، و الإنخراط فى نوبة بكاء تهددنى بالإنسياب، عند مواجهةٍ -مع أشياء سوداء و أشخاص ضَوَارٍ- لطالما استسهلت الفرار منها.

إذا أردنا التطرق لصدد الحديث نفسه، سنجد أننى اعزف عزوفا تاما، عن انتشال نفسى من تلك الظلمة الموحشة المستبدة التى أصبحت أسيرة لها، يتهدج صدرى بأنفاس متلاحقة مختنقة فى صخب من مواقف عدة -أقل ما تتصف به أنها قميئة- أعيدها بذهنى، أختنق من كل ما يجيش به صدرى من حزن دفين.

أشعر و كأن جذوة شر رهيبة ظهرت بغتة فى نفوس العديد من حولى، و ظلت تتقد و تستعر إلى أن قامت بإحراق روحى، و على صعيد آخر انكفأ الجميع عنى، و ابتعدوا تاركين إياى فى وحدتى بائسة داخل قوقعة أحزانى.

تبعثرت مشاعري و أفكاري مع كل ذلك الشتات المميت من حولي، و لكني و بالرغم من كل ذلك سأناضل حتى الرمق الأخير، مع تلك الحياة التى لم تنصفني يوما، و فى وسط هذا الخضم من أناس كُثْر و إلى أن يتوقف وجيب قلبى سألوذ بنفسى فقط.

قامت بإغلاق دفترها، و وضعتها جنبا، أوصدت عينيها و هي تسحب الهواء لرئتيها بشكل متوالٍ و مطول، تحتبسه في صدرها لثوان، ثم تزفره على مهلٍ، عله يبدد اختناقها الممتلئ به صدرها، كما تحاول أن تنفض عن ذهنها الأفكار المؤرقة المهلكة لفكرها، الذكريات الممزقة لروحها، و المصير المجهول الذي ينتظرها، استرخت في جلستها قدر المستطاع، مستقبلة النسمات الرقيقة الهادئة التي تلفح وجهها، مخلفة هدوء غريب بداخلها، طاردا تلك الزوبعة من الشتات الذهنى الذى أصبح لا يفارق فكرها مؤخرا.

❈-❈-❈

كانت تذرع الغرفة مجيئا و ذهابا، الغل و الكره الدفينين بداخلها قد اعتريا كامل قسماتها بقوة، لديها شعور أن هناك مخطط يرتب له من خلفها، و هو الذي يفعل ذلك بالتأكيد، فهي على كامل المعرفة به، و من المستحيل أن يتقبل تلك الوصية التي كتبها "مايكل"، يستحيل أن يتنازل في حقه المزعوم، يستحيل أن يقبل عدم أخذ نصيبه في الميراث، و ما جاعلا بداخلها تأكد من تلك الشكوك أنه لم ياحدث إليها منذ ذلك اليوم الذي علموا فيه الوصية عند المحامي، و لم يطلب رؤيتها كما العادة، هل كان اشتياقه مكذوب إذا ام ماذا؟، ضمت شفتيها بكراهية و غضب يكاد يتآكل بأعماقها، و مقلتيها تكادا تخرجان من محجريهما من كثرة الغل مخلفة هيئة بالغة الشر على ملامحها.

جلست على المقعد المواجه للمرآة، و هي تفرك يديها بقوة ببعضهما البعض، غضبها يشتعل بداخلها، تعض فوق شفتها السفلى و تتآكلها، محاولة التحكم بعصبيتها، و استجماع شتاتها، و التفكير مليا و بتريث في التهيأ لأي موقف غادر متوقع منه و بشدة، و لكن ما يشغلها الآن هو الورث الذي لطالما ارادت ان تتملك كل قرشا به، و قامت من أجله بلشنع الأمور و أنكرهم، من مؤامرات شيطانية عارمة لتحظى فقط به، و تجد في الأخير ذلك العاهر كتب كل شيء باسم ابنتهمت، أي لعنة قادته لفعل ذلك، لقد أفسد جميع مخططاتها، و حرمها من حقها الشرعي في الورث، و حرمها من تأسيسها كيان مستقل بها  بعدم إدخالها بمجال العمل الذي كثيرا ما طالبت منه التطرق إليه، و لكنه كان يرفض كل مرة بشكل قاطع، رآية نظرات عدم الثقة في عينيه إليها، و على النقيض قام بإدخال "أستريد" كلية الإقتصاد و الإدارة كى تستطيع عن طريقها إدارة شركاته فيما بعد.

يُتبع ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي