الفصل الرابع

أيخريزون (شجرة الحب)



الدمية المفقودة.


فكان جاك مراقب من جميع الإتجاهات ولا يسمحوا له بالحديث ألا بوجود شخص منهم، فلقد دفع والده لهم الكثير ليبلغوه بأقل شيء يفعله، وبالفعل كانت حياته صعبة وشاقة معهم للغاية هناك بمنزل سكن الطلاب، وعندما طالت المدة وماكان يستطيع التوصل لجاين، فأخبر صديقه لأنه كان شاحب الوجه وحزين للغاية وأرد مشاركة أحد يثق به بمشاكله، ونصحه بأن يبلغها بشكل غير مباشر بأنه رجع للمدرسة الداخلية عن طريق وسيلة التواصل الأجتماعي، وبعد هذا التصرف فسيخبرها بأنهم ما تخلى عنها ومن أجل ذلك الشيء والمراقبة الصارمة عليه من والده فهو لا يستطيع الحديث معها، لكنهُ سيساعدها وما سيتركها بكل تأكيد.

بيوم رن هاتف البروفيسور تشارلز والاس وكانت المتصلة بروكسن وأخبرته وهي تبكي عما فعله الزعيم بالمنزل وفي أثناء حديثهم أختفت العقدة من يده التي كانت توضع بالدمية في السابق، فعندما سألها عنها ما أخبرته بشيء تركت الهاتف ودلفت لغرفة جاين ونظرت كثيرًا بداخلها وعاودت الحديث معه وهي تبكي وقالت: أنا أسفة سيد تشارلز والاس من الواضح بأن الدمية قد أختفت من الغرفة.

فقال البروفيسور تشارلز والاس بصدمة: ماذا تقولين هل تعرفين قيمتها عندي؟ فأنا خفت عليها من اصطحابها معي وتركتها بالمنزل.

فمسحت بروكسن دموعها وقالت: أجل سيدي فأنا أعرف قيمتها عندك، وصدقني ما كنت أعرف بأن الزعيم سيفعل هذا الشيء.

بينما هي مازالت معه على الهاتف صرخ ونادى على جاين وقال وهو غاضب: جاين حضري أغراضك سنعود الآن.

ففرحت الفتاة وقالت: الحمد لله هذا أجمل خبر سمعت اليوم.

ودلفت لغرفتها وهي ترقص من الفرحة لأنها تريد العودة لمقابلة جاك.

فأكمل البروفيسور تشارلز والاس حديثه على الهاتف مع بروكسن وقال بصوت حاد: ف كما سمعتي فنحن سنعود اليوم ولا تناقشيني.

فقالت بروكسن بعقلانية: سيد تشارلز والاس لو جئت الآن ستكون هناك خطورة على حياتك أو حياة جاين، ف الزعيم أنت تعرفه منذ ثلاثون عام ليس من يوم، تشارلز فأنت تعرفه أكثر مني، رجاءًا صلح الأمور معه ومن ثم تعال كما يحلو لك، و لتك......


فقاطعها البروفيسور تشارلز والاس بحزم وقال: لكن...؛ الدمية أريدها بأن تعود.


فقالت بروكسن بصوت هادىء وحنون: سترجع وستنتصر على الزعيم مثلما خططنا لذلك ذات يوم أتتذكر.


فتذكرت بروكسن عندما كانت تنظر على جاين وهي صغيرة وتركض بالأنحاء بسعادة، وأذنها مع البروفيسور تشارلز والاس الذي كان يعمل بالمكتب على أختراع جديد ما ظهرت ملامحه بعد، وتفزع عندما ينادي عليها بين الحين والآخر لأنها تدرك بأنه بورطة، في يومها كان الهواء شديد الخطورة و يقلع الأشجار من جذورها من شدته، والشمس محرقة بحرارة الجو فهم كانوا في أواخر شهر تموز على الساعة الثالثة عصرًا بالتحديد.

كما أتذكر اللقاء الأول للزعيم تشارلز والاس فكان خاطف حقًا للأنفاس كعادته، بيوم الجمعة دق جرس منزل البروفيسور تشارلز والاس ودخل الزعيم ورجاله وهم يرفعون السلاح على بروكسن واقتحموا المنزل بالكامل وهدد الزعيم البروفيسور تشارلز والاس بابنته سيقتلها لو لم يسدي له خدمة، ومن يومها وهو يحاول الابتعاد عنه ولكنه رجل أشد شرور من ابليس.


فخرجت بروكسن من شرودها على صوت البروفيسور تشارلز والاس باستغراب وهي تنتظره بأن يكمل كلامه عندما نادى باسمها وصمت فجأة، فأجابت وهي تهتز من الداخل لأن قلبها يدق له بهذه الطريقة التي يناديها بيها بشكل الحنون فقالت: نعم بروفيسور تشارلز والاس فأنا اسمعك.

فقال بحزن ويده ترتعش: فجاين تظنني رجل سيء هل أنا رجل سيء بنظرك؟

فضحكت بابتسامة على وجهها وقالت: أتذكر عندما رأيتك أول مرة في المشفى بيوم وفاة زوجتك، فكنت تجلس على الأرض وتقول لي مثل هذه الكلمات.
ابتسم وقال: عدى الكثير من الوقت يا بروكسن فكم أشتاق لذلك الوق....

فقاطعته وقالت: كانت أيام لا تمحى بال...

ما أكملت بروكسن كلامها وجاءت جاين من الداخل وبيدها حقيبتها وتقول لوالدها: هيٰ نعود يا بروفيسور تشارلز والاس.

فقال لها بغضب: أنا والدك لماذا ناديتيني هكذا الآن؟ أين كلمة أبي


فجأة وضع تشارلز والاس يده على قلبه وهو يتألم وسقط على الأرض مغشي عليه، فصرخت الفتاة وبدأت تصرخ وتبكي بجانب والدها دون حركة بجسدها، أظن بسبب مرضها فهي لم تُشفى بالكامل.


وعندما سمعت البكاء والصراخ بروكسن وما أجابها أحد فأغلقت الهاتف وعاودت الأتصال ولكن الهاتف الأرضي ما كان يستجيب لأنه بيد البروفيسور تشارلز والاس للآن.


فتذكرت كلمات والدتها ورددتها بصوت مرتفع، فهي كانت تقولها لها: لا تجلسي مكتوفة الأيدي على جانب الطريق ويمر الوقت من هم حولك ويتعداكي ، انهضي ياصغيرتي فإن لكي نصيباً جميل في هذا الكون، أحبك جاين.


فتحركت جاين من أرضها وأخذت الهاتف من والدها وحاولت تتصل بأي رقم كان مدون على النوتة، فحادثها شخص أجنبي وما فهمت حديثهم فأغلقت بوجهه لأنها للأسف ما تعرف شيء بهذه البلد فأغلقت السماعة والدموع تتساقط على وجنتيها لِتعلن الهزيمة.


فتركت الهاتف الأرضي ونظرت لوالدها ووجدته بدأ يستعيد وعيه، فجلست بجانبه وأخذته بحضنها وأمسكت هاتفها الخلوي وأتصلت بجاك ليساعدها ولكن هاتفه كان مغلق، فسقط هاتفها بجانبها عندما شعرت بأن والده يحرك جفونه، وتحدثت مع والدها قليلًا عندما أستعاد وعيه ولكن وضعه ما كان بخير، فعاودت الأتصال بجاك عدة مرات وهاتفه مغلق بكل مرة، فخرجت من صمتها وقالت: عن أي دمية كنت تتحدث مع بروكسن.


فقال بتعب: لاشيء مهم سأذهب للنوم الآن.


جاين: ما سنعود لمصر.


البروفيسور تشارلز والاس: ليس الآن.


فأجابت بحيرة: ما ستتناول العشاء.


البروفيسور تشارلز والاس: ليس لدي شهيه.


ينكسر الزجاج فينتهي الصوت بسرعة ، وتبقى قطع الزجاج تجرح من يلمسها، كذلك الكلام الجارح ينتهي ويبقى القلـب يتألم طويلا.


فتركها ودلف لغرفته وهي حائرة بين الكثير من الأفكار فنظرت جاين لهاتفها وتركته بحزن وهي تقول: لقد تخليت عني يا جاك، فأنا ما كنت أتخيل منك هذا الفعل بالأخص بأن والدك سبب بقاءنا هنا، فأنت جلبتنا ل ببلد لا أستطيع حتى التحدث بحرف واحد مع أحد، أكرهك بكل مرة تغيب بها عني.

وأحضرت العشاء وجلست لكي تتناوله وتركته لأنها ليس لها شهيه هي الأخرى قلقة بحيال والدها وجاك وتفكر بهم كثيرًا، فدلفت لغرفتها وخلدة للنوم.


أريد و لو لمرة واحدة أن اكتُب كل ما أشعر به ، أوعلى الأقل أن أصف الشُعور، أريد و لو لمرة أن تتولى الأحرف أمر هذه المهمة بدل ذرف الدُموع، ‏لم اعد اعرف من انا فقدت الثقة ، اصبحت أرى انه لا جدوى وأني سأخذل ، لازلت أرض محترقة لم يحن ربيعي بعد من الجيد أني أستطيع التكلم، لا يوجد شيء أشدُّ وجعاً من أن تشعر بالندم، على تلك الأمور التي لم تكن تستحق حدوثها ، على ثقتك العمياء، على تمسكك بمن لم يدركوا يوماً قيمتك، ‏لا تكن دائماً واضحاً للجميع فأن وضوحك أحياناً يكون نقطة ضعف لديك فعليك ان تحتفظ بالكثير من الغموض لكي تبقى أوراق رابحة بين يديك.


في الصباح الباكر استيقظت جاين وهي تردد: أنا لم أستسلم يا أمي.


فقامت من الفراش وجهزت الفطور ووضعته على الطاولة ، وبدلت ثيابها وخرجت لجولة صغيرة بروما لكي تتمكن من أحضار طبيب لوالدها، فعندما خرجت نسيت والدها والطبيب، سار الوضع مختلف وجميل معها فكانت شوارعها جذابة وجميلة وقررت القراءة ومعرفة كل شيء يخص هذه البلد، فصادفت روجينا في الطرقات عن طريق الصدفة، بالبداية غضبت روجينا عندما رأتها ومن ثم تذكرت بأنها ليس لها ذنب بما فعلهُ والدها لها، فحضنتها وقالت لها بالأيطالي : كيف حالك.

فشعرت جاين بأنها تسخر منها فتركتها وأكملت بطريقها، والأخرى سارت بعكس الاتجاه، فتوقفت جاين عندما سمعت صوت صراخ روجينا فنظرت للخلف ووجدت رجلان يحاولان سرقتها فركضت عليهم وأوقعتهم على الأرض بركلة شديدة الخطورة فهي ركلتهم بقدمها في أكثر المناطق ألمً، فهرب الرجلان وهما خائفان منها وينظران خلفهم فضحكت روجينا وتبعتها جاين وعانقا بعضهما وسار معًا بنفس الاتجاه، وهم يتسامران ويضحكان على ملامح الرجلان وهم خائفان، فتحسنت علاقة جاين بروجينا كثيرًا فمن شدة توترها خرجت من صمتها وخوفها وسألت جاين روجينا عن أخاها وقالت لها: أين جاك لماذا أنت هنا بمفردك؟
فاهتزت ساقها من التوتر وقالت: لأني بالفعل أنا هنا بمفردي.

فقالت جاين باستعجاب: بمفردك..؟ كيف؟


فوضعت روجينا رأسها للأسفل وقالت: لقد هربت من المنزل.


فانتبهت لها جاين أكثر وقالت: أشرحي لي أكثر.
فنظرت لها وقالت: عندما أخبرني جاك عن الذي يقرر فعله والدي للعالم شعرت بالسوء بأنه والدي وقررت الهرب وجئت لهنا.


فحركت رأسها بحزن وقالت: وهل جاك يعرف شيء عني؟

فتحمست وقالت: لا فأنا هنا لأني أعيش مع حبيبي.
فعلامات الذهول أعتالت وجه جاين وقالت: كيف تثقين بشخص ما تعرفيه من قبل، أنت حقًا غريبة.


فضحكت وقالت: أنتي ماذا فهمتي؟ فهو مصري لكن يعمل هنا كمرشد سياحي، فعندما قررت ترك المنزل عرض علي وجئت لهنا.

فقالت جاين وهي تستحي: هل تعيشين معه؟

فردت روجينا بالفور: بالطبع لا فنحن لا نعيش مع بعضنا بمنزل واحد، فأنا أسكن بفندق ونرى بعضنا بمطعم السعادة أو أذهب لعمله.

جاين: فهمت الآن لكن أين جاك؟

روجينا: لا أعرف ولكن أتذكر بأن والدي عاقبه بسببك لأنه.....

فقاطعتها جاين وقالت: هل بسببي أنا عاقبه والده؟
فقالت بنبرة حزينة: أجل فوالدي عرف بأنه له يد بهروبك فأرسله لمدرسة داخلية، لكن دعيني أراه على صفحته، تدرين لي فترة ما فتحت هاتفي قلقت بأن يعرف والدي مكاني عن طريق موقع هاتفي.

فقالت جاين بابتسامة: ولكن يمكنك بأن تعطلي معرفة موقعك.

روجينا: حاولت كثيرًا وما عرفت.

فتذكرت جاين أمر والدها وقالت: روجينا أنا حقًا نسيت شيء مهم.

فقالت بخوف: ماذا؟

جاين: والدي مريض ويحتاج لطبيب، من فضلك أتصلي بطبيب فأنا ما عرفت لأني لا أجيب اللغة.

فهدئتها روجينا ومن ثم أتصلت بطبيب صديق لها وأخبرته على عنوان المنزل الذي أشتراه جاك لجاين ودلفوا لهناك بالحال، فتلاقوا معًا أمام المنزل، ودخل الطبيب وفحص والدها وكتب له على دواء مناسب لحالته، في هذا الوقت عرفت جاين بأن والدها مريض قلب ويحتاج لعملية لكي يعيش بأمان.


بعد مرور ثلاث أشهر من مكوث البروفيسور تشارلز والاس وجاين بروما.

فأخيرًا بعد عناء ليالي تمكنت جاين من تعلم اللغة الأيطالية بالطبع بمساعدة روجينا وتمكنت أيضًا جاين من إيجاد فرصة عمل جيدة عن طريق حبيب روجينا، فهي الآن تعمل كمرشدة سياحية، واليوم ستأخذ مجموعة من السائحين لتعرفهم على روما.

فقادت جاين الوفد السياحي ومعها روجينا وبدأت تتحرك بالطرقات وهي تقول: أتعرفون نحن بمدينة السحر فهي تعتبرمن أجمل الأماكن السياحية، بالتأكيد فأنتوا تعرفون بأن روما عاصمة إيطاليا، وأيضًا روما تعد واحدة من أجمل المدن في العالم، ويعتبر مركزها تاريخي بالإضافة إلى الممتلكات الخاصة بالفاتيكان التي لا تتبع الدولة على الرغم من وجودها داخل حدود المدينة، وكنيسة سانت بول خارج الأسوار، تعتبر واحدة من ضمن الـمواقع الإيطالية التسع والأربعين المدرجة على قائمة اليونسكو لمواقع روما.


هذه المدينة العظيمة التي لا يمكن أن تسقط سهوًا من سطور التاريخ المكتوب، لأنها عرفت كيف تحفر في متون صفحاته وحواشيها حضارات قديمة تراكمت فيها بكل بهاء، بعضها لم تستطع عوامل الجغرافيا رغم قسوتها أن تلتهمها وأخرى بقي منها أطلال تذكّر، فلا عجب أن يعشقها إمبراطورها الشاب نيرون عشقًا ساديًا حين راح يتأملها تحترق وهو يعزف القيثارة أثناء اصطيافه في بلدته أنتيوم، بحسب الروايات التاريخية.

يتبع.

أيخريزون
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي