الفصل الثاني

حادثة مُروعة حدثت داخل جدران القصر، صراخ وعويل، سيدة كبيرة بالعمر تضم جسد إبنتها العارٍ وتبكي بحسرة وقهر، يلتف حولها جميع سكان القصرمنهم من ينظر لها بشفقة ومنهم من ينظر لها مُتعجبًا من حالتها، مُستنكرًا ما تفعله!، أما البقية فينظرون إلى ذلك الشاب الماثل أمامهم مُرتكب هذه الجريمة الحقيرة بإحتقار لكنه لم يعبأ بهم، فقد حدث ما أراده وانتهى الأمر، كما أنه مطمئنًا كثيرًا أن هذا الأمر لن يعبر حدود القصر فوالده لن يتركه بالتأكيد، وسيحرص تمامًا أن يُخرس ألسنة الجميع.

كان أول من شق هذا الصمت المطبق هو صوت السيد "محفوظ" مالك القصر وكبير العائلة، هتف بصوت مختنق ناظرًا إلى إبنه بغضب شديد:

_وحدي الله يا زينب، سأستدعي الطبيب حالًا لنطمئن على إيمان وبعدها سنجد حلًا لما حدث.

ازداد عويل "زينب" وهزت رأسها يمينا ويسارًا بقوة رافضة ما يقوله هذا الرجل لتهتف أخيرًا بحدة ونبرة مُرتفعة:

_ليس هناك حلًا يُواري فعلة إبنك الحقيرة مثله، قضى على إبنتي ومستقبلها وألحق العار بي أينما أذهب.

ضحكة هازئة خرجت من فم "فاتن" الابنة الصغرى للسيد "محفوظ" أتبعها حديثها الحقير مثلها تمامًا:

_أفيقي يا إمرأة، من هي بمثل ظروف إبنتك ليس لديها مستقبل ليُقضى عليه.

التفت والدها ينظر لها حدة وغضب مُحذرًا إياها حتى لا تتمادى بحديثها المُثير للإشمئزاز المُفتقر للرحمة.
عاد ينظر مرة أخرى إلى السيدة "زينب" يحثها على الوقوف من مكانها هاتفًا بنبرة يتخللها الترجي:

_إنهضي عن مكانك يا زينب، الطبيب سيصل الآن بأي وقت، ستتلقى إيمان الرعاية المناسبة وبعدها سنصل لحلًا يُرضي جميع الأطراف.

بعد مرور بعض الوقت كان الطبيب يخرج من الغرفة التي تجلس بها إيمان مع والدتها، كان أول من ركض نحوه بخطوات سريعة السيدة "محفوظ" هاتفًا بلهفة يسأله بوجل:

_هل هي بخير أم حدث لها مكروهًا؟.

زفر الطبيب بضيق جلي، فهو يعلم تمامًا ما هي الحالة وما حدث فلم تتوقف "زينب" عن العويل للحظة واحدة، وكان من السهل على الطبيب أن يُرتب حديث الأم الغير مُرتب لتتأكد شكوكه بالنهاية أن تلك الفتاة المُعاقة الموجودة أمامه تعرضت لحادثة "اغتصاب".

هتف الطبيب أخيرًا مادًا يده إلى السيد محفوظ بتلك الورقة قائلًا بإقتضاب:

_إنها بخير حتى الآن، فقط عليها أن تنتظم وتأخذ جرعات علاجها حتى تتحسن سريعًا.

أمسك "محفوظ" بالورقة التي كتبها الطبيب وصاح مناديًا على أحد الخدم آمرًا إياه أن يأتي بما فيها بأقصى سرعة.
دق باب الغرفة لتفتح له السيدة "زينب" بوجه باكي مُنكسر و لم يخفى عليه نظرات الكُره والحقد التي تُسددها له، قدر موقفها جيدًا فمهما حدث تظل إبنتها وقد تسبب إبنه في ضياع آخر شئ تملكه.

نظر "محفوظ" إلى "زينب" يترجاها بنظراته أن تنصاع له وتثق به هاتفًا بنبرة هادئة:

_إتركيها لتأخذ قسطًا من الراحة، واتبعيني إلى غرفة المكتب لنتحدث معًا ونجد حلًا لما حدث.

ضعفها وقلة حيلتها أجبراها أن تخضع لما يقوله، فمهما حدث هي تعلم قدرها جيدًا بالنسبة لهذه العائلة، فهي ليست سوى خادمة فقيرة ليس لديها أحد فقد وُلدت وحيدة وتزوجت من أحد جيرانها و بعد وفاته خرجت تبحث عن عمل لتعول إبنتها المريضة.

جلست على المقعد الفارغ بغرفة المكتب، حيث كانت تعج بجميع أفراد العائلة وعلى رأسهم ذلك الحقير الذي لم يُبد ولو ذرة ندم واحدة تجاه ما فعله.
نظرت السيدة "زينب" إلى السيد "محفوظ" الذي انشغل بكتابة شئ على ورقة ما لم تعلم ماهيتها بالظبط إلا أنها إستنكرت فعلته فهو يُقلل من شأنها، وإذا كانت تظن أن ما فعله تقليلًا من شأنها فما تجرأ على فعله تاليًا جعلها تبكي دون إرادة منها!، فقد مد لها يده بتلك الورقة التي كتب عليها شيئا قبل قليل هاتفًا بنبرة مُعتذرة:

_أنا أعتذر لك بالنيابة عن خِسة إبني ووضاعة فعلته، و أعتذر لك أيضًا على تقصيري في تربيته كما ينبغي، هذا المبلغ البسيط تعويضًا لك ولإيمان عما حدث، تستطيعين بدء حياة جديدة وتأمين مُستقبلها.

وكأن أحدهم أسقط عليها دلوًا من المياه الباردة، صدمتها بذلك الرجل الذي كانت تظنه عادلًا ولن يسمح بظُلم إبنتها فاقت الحدود، يدفع لها ثمن رعب إبنتها مما فعله هذا الدنئ معها، حفنة أموال يظن أنها بإمكانها أن تُصلح ما أتلفه فُجور إبنه الوضيع.
ضمت يديها إلى صدرها بخوف رافضة تمامًا أن تأخذ ثمنًا لشرف إبنتها، إنتفضت من مكانها هاتفة بنبرة لا حياة فيها:

_ظننتك ستُجبره على الزواج منها ليُصلح ولو قليلًا مما أتلفه، توسمت فيك العدل والحكمة تجاه إبنتي كما تفعل دومًا مع أيًا ممن يدقون بابك، الآن تعطيني بعض الأموال لشراء ما سلبه إبنك!.

صمتت لثوان تنقل بصرها بين جميع أفراد العائلة التي لم تعد تراهم الآن سوى شخصا واحدًا فقط "سمير محفوظ" على ما يبدو أنه ورث وضاعته من والده الفاسق.
هتفت بنبرة حادة قاصدة إهانة السيد "محفوظ" بنفسه أمام عائلته كاملة من أصغر أفرادها إلى أكبرهم:

_الآن فقط علمت من أين لهذا الخسيس بهذه الوضاعة، فقد ورثتها لأبناءك.

صرخت بها السيدة "فاتن" بحدة وهي تنظر لها بوجه غاضب هاتفة:

_إياك..إياك والتطاول على أسيادك، ما أنت وإبنتك إلا نكرة، إشكري ربك لمعروف أبي معك فأحد سواه كان ليطردك أنت وإبنتك المجنونة إلى الخارج دون أن ينظر بوجهيكما.

هتف السيد "ناجي" بنبرة أقل حدة من شقيقته:

_هذا هو التعويض الوحيد الذي يمكن أن تحصلي عليه.

صرخت به "زينب" بحدة قهر:

_والزواج!.

هز السيد "ناجي" رأسه بنفي قاطع هاتفًا بحدة مماثلة:

_لن يحدث، هذ الزواج لن يحدث أبدًا، وإذا وافق أخي على هذا الزواج لن يتركه أيا منا ليفعل، ليس أمامك سوى خياران فقط إما أن تقبلي المال وتغادري القصر، وإما أن ترفضي المال وتظلي مُحتفظة بوظيفتك هنا، لكن ليس بالقصر وانما بالمزرعة.

وضحت الرؤيا الآن، إما أن تقبل المال تعويضًا عن شرف إبنتها وإما أن ترفض و توافق على نفيها هى وابنتها إلى بلدة صغيرة لا يعلم أحد أنها موجودة على الأرض من الأساس.

دقائق من الصمت المطبق السائد على المكان من حولهما، الجميع ينظر إلى "زينب" مُتأهبين، أيًا من الطريقان ستسلكه؟، نظرت "زينب" بوجوه الجميع بكره شديد وحسرة على إبنتها وما حدث بها، لا تستطيع مجابهتهم مهما حاولت، تظل الغلبة لمن بيده السلطة بالنهاية وهي لا تملك شيئًا سوى وظيفتها البائسة هنا كخادمة ليس أكثر.

أغمضت عينيها تعتصرهما بقوة ثم همست بصوت متحشرج مكسورًا:

_سأذهب للعمل بالمزرعة أنا وابنتي، هذه الأموال لن أأخذ منها قرشًا واحدًا.

مُحال أن تقبل المال تعويضًا لما فعله هذا الحقير، إذا أخذت هذا المال ستبدو وكأنها تستغل إعاقة إبنتها الذهنية وتتربح من وراءها، ما حدث لا يمكن إصلاحه أبدًا سوى بالزواج الذي يرفضه الجميع إذا عليها أن تفكر في الأمر بعقلانية..إذا خرجت من القصر دون القبول بأيًا مما عرضوه عليها فستخرج خاسرة لا تملك حتى مأوى لها ولابنتها المسكينة، لذلك إختارت الذهاب إلى تلك المزرعة النائية.

نظرت بأعين الجميع بقوة جعلت قلوبهم تهتز خوفًا، وإزداد رعبهم أكثر بعد حديثها المؤذٍ للنفس:

_أتمنى لبناتكم مثل ما حدث لإبنتي، أتمنى أن يسلب منكم الرب نعمه عليكم لينتهي بكم المطاف مثلي تمامًا، قليلي الحيلة عاجزين حتى عن حماية بناتكم، وإلى أن يأتي هذا اليوم ها أنا ذا انتظره بفارغ الصبر.

……………

ثلاثة أشهر مروا على السيدة "زينب" وإبنتها منذ أن انتقلا للعمل بهذه المزرعة، لم تعد "إيمان" كالسابق تمامًا، لم تعد تلعب وتمرح مع والدتها كالعادة وإنما تظل شاردة الذهن يظهر الخوف على محياها بشدة، تتعلق بوالدتها أينما تذهب، فقد تهادى إلى عقلها النقي الطاهر أنها إذا تبعت والدتها لن يحدث لها مكروه أبدًا.

كانت تشك بالأمر منذ إسبوعان تقريبًا لكنها كانت تدعو وتتضرع إلى الله أن يُخيب ظنونها، هذا الأمر تحديدًا هي لا تستطيع تحمله، يكفيها رعايتها لإبنتها لينتهي الأمر عند هذا الحد، مُجرد تخيل ردة فعل العائلة على خبر كهذا لا تستطيع مجابهته والوقوف أمامهم وحيدة عزلاء، إستدعت أقرب "داية" إليها على وجه السرعة لتقطع الشك باليقين، ثوان وكانت الحاجة "عفاف" تمط شفتيها بتهكم هاتفة بنظرات مستحقرة للسيدة "زينب":

_ابنتك تحمل طِفلًا ينبض بداخلها دون زواج، ابنتك المعاقة ذات النصف عقل ألحقت بك العار.

جلست السيدة "زينب" على أرضية الغرفة تشهق وتبكي بقوة جعلت "عفاف" تحاول تهدأتها:

_ليس عليك أن تبكي لأجلها أبدًا، عليها هى فقط أن تتحمل نتيجة فعلتها وفجورها.

هزت "زينب" رأسها نفيا بحسرة وأردفت قائلة بصوت متحشرج حزين:

_الفتاة كانت ضحية لذلك الحقير "سمير محفوظ"، لقد اعتدى عليها مستغلًا وجودها وحيدة بأحد أروقة القصر بمنتصف الليل، لا أعلم كيف أتصرف بأمر كهذا وحدي.

ساد الصمت مرة أخرى يتخلله صوت بكاء السيدة "زينب" ودموع "إيمان" وكأنها تعلم المشكلة الواقعة فيها، ثوان وهتفت السيدة "عفاف":

_إذهبي إلى السيد "محفوظ" تحدثي معه وإذا لم يرتدع أنا بنفسي من سيتولى الأمر، لن أترك منزلًا واحدًا بالبلدة بأكلمها إلا وأخبره بوضاعة كبيرهم، كما أنني سأخبرهم أيضًا بعرضه المخزٍ للمال.

وقد لاقت فكرة السيدة "عفاف" إستحسان شديد بالنسبة للسيدة "زينب"، سمعة عائلة "محفوظ" العريقة بيدها هي فقط، إستجاب الله لدعائها ورد إليها حقها منهم بيدها هي ليس عليها سوى أن تستغل الفرصة و تتصرف بحكمة وحذر حتى ترد حق إبنتها المسكينة.

………………

عاش في تَرفٍ وعاد لحياته السابقة وكأنه لم يفعل شيئًا، لم يلقِ بالًا بما حدث للفتاة المسكينة التي سقطت ضحية لحقارته، حتى أنه لم يتعلم درسه مما حدث، وكيف سيفعل إذا كان والده يُلملم وراءه مصائبه التي تشيب لها الرأس!.

إلتف الجميع حول مائدة الطعام الفاخرة، يتشاركون تناول الإفطار معًا في جوٍ مرح بعض الشئ يُضفيه وجود طِفلي كُل من "ناجي" و "فاتن" ويتفاعل معهما الكِبار، كان السيد "محفوظ" يُركز بنظراته على إبنه الصغير ليهتف أخيرًا مُقررًا أن يُحادثه بأمرٍ تأخر فيه للغاية:

_متى ستقرر الإنتباه لنفسك والتخطيط لمستقبلك؟.

رفع "سمير" وجهه ينظر إلى والده بإستغراب شديد، مُنذ متى و يتحدث معه والده بهذه الأمور!، الموقف كان غريبًا ووقعه على مسامع "سمير" جديدًا تمامًا لذلك رجح أنه من الممكن أن يكون أخطأ فهم سؤال والده ليهتف يسأله مُستفسرًا:

_لم أفهم سؤالك يا حاج محفوظ ، هلا وضحت لي الأمر؟.

ترك "محفوظ" الملعقة من يده بشئ من العصبية جعلها تُحدث دويًا عاليًا قليلًا، لكنه كان كافيًا ليجعل الطِفلان يكفان عن اللعب و يقطعا حديثهما المرح مُنكمشين بمقاعدهم.

هتف "محفوظ" بصوت حاد جهوري أفزع الصغيرين هذه المرة:

_حديثي ومقصدي واضحين تمامًا، إلى متى ستظل هكذا!، لا تفعل شيئًا سوى جَلب المصائب وبعدها تأتي مُهرولًا إليّ لأجد حلًا لفجورك، لقد أتممت عامك السادس والعشرون..عامًا جديدًا يُضاف إلى مسيرتك الفاشلة، لم تفلح بدراستك، كُنت تتنقل بين مُختلف التخصصات ولا تعلم ما تُريده حقًا ورغم ذلك لم أتفوه بكلمة إعتراض واحدة، حتى العمل..لم تذهب إليه أو أنك لا تهتم من الأساس، فدورك يقتصر فقط على إنفاق الأموال التي تربحها دون كِد أو جُهد يُذكر.

تفاجأ "سمير" من هجوم والده الجديد عليه تمامًا، هذه المرة الأولى التي يُحدثه فيها بهذه الطريقة، حتى أنه لأول مرة يعترض على أي شئ يفعله!.

أجفل "سمير" من حديث والده معه ليسأله بنبرة حادة إستطاع "محفوظ" إدراك غضب إبنه الوشيك منها:

_ماذا حدث حتى تُخبرني بهذا الحديث الآن ؟، أنا لم أفعل شيئًا ولم أرتكب خطأً واحدًا مُنذ….

قاطعه "محفوظ" مُجلجلًا بنبرة أقل ما يقال عنها أنها حادة مُرتفعة حد الجحيم:

_مُنذ يومان فقط، خطأك الأخير كان مُنذ يومان فقط لا أكثر، ظننت أن حادثة إبنة زينب ستجعلك تعود إلى رُشدك، لكن على ما يبدو أنني أخطأت هذه المرة كما أخطأت بِكل ما يخصك من البداية.

أشار "ناجي" بعينيه إلى زوجته ففهمت الأمر على الفور، إصطحبت الطفلين اللذان نالا نصيبهما من الصراخ والأجواء المتوترة لتصعد بهما إلى الغرفة تاركة زوجها يحاول فض هذا الاشتباك بين والده وأخيه المُدلل.

هتف "ناجي" محاولًا تهدأة الأمور بينهما:

_إهدأ يا حاج محفوظ، هذه الأمور لا تُحل بهذه الطريقة وإنما بالهدوء والنقاش!.

كان حديث "ناجي" سخيفًا للغاية بالنسبة إلى "محفوظ" فأي نقاش ذلك الذي سيجدي نفعًا مع إبن عاق ک"سمير"!، أما "سمير" فالتفت إلى أخيه قائلًا بنبرة حانقة:

_أنا لم أفهم ما هي المشكلة من الأساس!.

ضغط "محفوظ" على أسنانه بقوة حتى كاد أن يكسرهم هاتفًا بغضب مكتوم:

_هذه هى المشكلة تحديدًا، عدم إدراكك لما تفعله، إصرارك أن تجعل سُمعة عائلتنا كالعلكة بألسنة الجميع، فإذا كُنت تظن أن أمر "زينب" وإبنتها إنتهى عند هذا الحد فأنت واهم.

هذه المرة لم يتحدث "سمير" واكن سبقه أخيه "ناجي" فقد إسترعى إهتمامه ذكر والده لتلك الحادثة مجددًا بعد مرور ثلاثة أشهر كاملين!.

_ماذا فعلت زينب من جديد يا حاج؟، أي حماقة إرتكبتها هي وإبنتها ذو النصف عقل!.

انحنى كتفي "محفوظ" بخُزي تسبب فيه إبنه وهتف بنبرة قوية مقررًا أن يشعر إبنه بالخوف ويتعلم درسه جيدًا هذه المرة:

_اليوم صباحًا أخبرني حارس المزرعة أن زينب أرسلت أحد العُمال إلى منزل عفاف.

هتف "ناجي" بنبرة مصدومة متمنيًا أن يكون الأمر برمته كذبًا:

_هل تقصد أنها من الممكن أن…

أومأ "محفوظ" برأسه ببطء يدل على ضعفه الشديد، "إيمان" تحمل طِفل "سمير" بأحشائها، وإذا كانت والدتها إلتزمت الصمت بالمرة الأولى مُجبرة فهذه المرة ستحرص تمامًا على تدمير العائلة بأكملها، ستنزعها من جذورها كالنبتة السامة.

هز "ناجي" رأسه يمينًا ويسارًا بقلة حيلة هاتفًا:

_وإذا تأكدت الشكوك ما هي خطوتنا التالية؟.

هذه المرة تدخلت " فاتن" بالأمر لتهتف بقسوة وتعالٍ:

_الإنكار بالطبع، من سيصدقها ويُكذبنا نحن!، لا أحد يستطيع مُجابهتنا!.

حديث "فاتن" بث الطمأنينة والراحة بنفس "سمير" حتى أن الدم عاد لوجهه المُصفر، لكن والده ٱبى أن يُشعره بهذه الراحة التي سلبها منهم ليهتف بنبرة قوية لم يخطئ "سمير" فهمها:

_الخُطوة التالية ستكون..الزواج، زواج سمير من إيمان.

قُضي الأمر وأصدر "محفوظ" فرمانه، لن يتراجع عن قراره ولو مهما حدث، على "سمير" أن يتحمل مسؤولية أفعاله البغيضة وحده هذه المرة، لن يجد حلًا للأمر، لن يعرض المال على زينب، لن يُخطط لإجهاض إيمان، فقط سيترك "سمير" ليُصلح ما فعله مُتحملًا عواقب ما صنعت يداه، ليس من العدل أن يتحمل الجميع دناءة أفعالة وحقارته لينعم هو بحياة الرفاهيةوت
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي