الفصل السادس

(الجزء السادس).
كانت سلينا تعبث في اصابعها بتوتر أصوات عقلها وقلبها تعلو وتزيد وأصبحت مترددة في قرارها الذي اتخذته صباحا، ولكنها في نهاية الامر قررت ان تظل علي ذات القرار متجاهل كل تلك الأصوات.
اخذت سلينا نفسا عميقا ونظرة في عينين تاي.
-: سيد تاي انا ارفض.
تحولت نظرات تاي للغضب في لحظات ثم اختفت، اخفضت سلينا نظراتها عن عيناه بتوتر عندما لاحظت نظراته المظلمة لثواني.
تنفس تاي بقوة وابتعد عنها قليلا.
-: لما لا؟ أهناك أحدا في حياتك؟
تسال تاي وهو يتحرك الي مكتبه، شعرت سلينا بالبرودة تغزوها عندما ابتعد عنها، ظلت سلينا مكانها تناظره وهو يتحرك مبتعدا عنها.
جلس تاي ووضع قدم علي اخري ينظر للتي لم تتحرك انشا واحدا من مكانها.
-: انتظر ردا علي سؤالي سلينا.
قالها تاي ونظر للتي تنفست بقوة وابتلعت غصتها اثر استماعها له وهو يلفظ اسمها بنبرة صوته الخشنة والمثيرة.
-: لا يوجد أحدا في حياتي سيد تاي انا فقط.... .
صمتت سلينا لا تعلم كيف تخبره بتفكيرها، تشعر انها تنصهر من نظراته الغير مفهومة لها.
-: بإمكانك الي الان مناداتي بتاي فنحن لم نصل للرفض الأكيد الي الان، تحدثي سلينا اخبريني بما يروقك.
اقتربت سلينا من الكرسي لتجلس عليه وهي تنظر الي الأرض تستمع لحديثه الذي اشعرها ببعض الارتياح.
-: انا فقط لدي رهاب من العلاقات الاجتماعية منذ الصغر اخشي الفقد بشدة لذلك لم أكون صداقات الا من سنوات قليلة عندما استقريت هنا.
قالتها سلينا وهي تناظر تاي وتصنع بينهم تواصل بصري لم يقطعه تاي ابدا مستمتعا بتوترها اثر نظراته.
وقف من مكانه واقترب منها بخطوات رزينة تذيد من هيبته يده اليسرى في جيب سرواله والأخرى حره طليقة، اقترب من الكرسي الذي تجلس عليه سلينا ومال بجزءه العلوي لها ليتحسس وجنتها بيده الحرة.
-: وماذا أيضا صغيرتي يمكنك قص كل شيء علي.
قالها تاي بنبرة صوت تكاد تكون همسا لولا صوته الاجش الذي يجعلها وضحه.
-: تاي لا اريد ان اجرح يكفي ما بي من جروح.
قالتها سلينا بحزن يغلب علي صوتها وعيون ترجي المال عليها.
رفع تاي نفسه واعتدل في وقفته ليجلس بعدها علي الطاولة الصغيرة امام كرسي سلينا.
-: لما تحكمين انني سوف أقوم بجرحك من الان؟
طرح تاي سؤاله وهو ينظر لها بتفحص لترد عليه سلينا وهي تحرك راسها يمينا ويسارا.
-: تاي انا لا احكم انا فقط اخشي ان يحدث ذلك بي.
-: اذا ما الذي يمكنني فعله لاثبت لكي بانني لن أقوم بإزائك؟
قالها تاي يصوت هادئ يناظر سلينا التي صمتت تفكر قليلا.
-: ان كنت تريد ان تثبت لي عدم هجرانك وايزائك لي فلنجعل علاقتنا شبه رسمية اذا.
قالتها سلينا بعد تفكير دام قليلا من الوقت، اخذ تاي نفسا عميقا يفكر في جملتها ثم سالها بهدوء.
-: كيف تريدينها شبه رسميه؟
-: ان تتعرف علي عائلتي واتعرف علي عائلتك ان يعرف الجميع اننا في علاقة معا.
قالتها سلينا تشرح له ما تريده.
-: أهذا سوف يجعلك مطمئنة اكثر؟
تسال تاي لتحرك سلينا راسها بالإيجاب بصمت دون ان تنطق.
-: لكي هذا اذا.
قالها تاي بعد تفكير قليل ليشرق وجه سلينا، كانت تظن انه سوف يرفض الامر ولكنه تقبله بهدوء وهذا جعل من قلبها يقيم الافراح في قفصها الصدري، ان لم يكن هناك ضجيج تقسم سلينا انه كان سوف يسمع صوت قلبها المضطرب.
وقف تاي ومد يده اليها وهو يصنع معها تواصل بصري، امسكت سلينا بيده لتقف امامه ليظل بينهم تواصل بصري لا يقطعه احده.

(في المطعم)
دخلت السا المطعم وهو تتثاوب وفمها مفتوح لتري جورج و نواه يقفان امام شخص ما يعطي ظهره اليها.
-: صباح الخير.
قالتها السا بهدوء وعيونها تمر علي الجميع الي ان وقفت بنظرها علي نواه الذي يظهر عليه الهدوء والحزن القاتل.
-: صباح الخير السا هيا الي العمل.
قالها جورج واومأت له السا وكادت تتخطي الرجل الثالث الي ان اوقفها بسؤاله .
-:عذرا يا انسه، هل رأيت ساعة غالية هنا في يوم ميلادي؟
تسال الشاب والذي لم يكن سوى جيمين.
نظرت له السا تتفحصه بإمعان ثم تحدثت.
-: لا لم اري أي شيء هنا بعد ان رحلتم سيدي، واظن ان اذا وجد كلاوس شيء تابع لكم فسوف يضعه بالأمانات مع السيد جورج.
قالتها السا وهي تناظر جيمين فهو الان مظهره متغير عن يوم ميلاده، الان هو يرتدي ملابس سوداء عكس الأوان المبهجة التي كان يرتديها من ايام شعره مصفف للخلف ووجهه بارد وجاد عكس اللطافة التي كانت تخرج منه وقتها.
اخرج جيمين من جيب سترته بطاقه خاص بارقام هاتفه الخاصة واعطاه الي جورج وهو يقول.
-: ارجوك اذا وجدتها في الارجاء اتصل بي اخبرني فهي ذات شان كبير لدي.
حرك جورج راسه لينحني لهم جيمين بهدوء ورحل.
اختطفت السا البطاقة من يد جورج لتقرأها بعينها ثم صرخت بحماس.
-: يا الهي بين يدي بطاقة العارض بارك جيمين الشهير وأرقام هاتفه الخاصة مدونه بها.
اختطف جورج البطاقة من يدها ونظر لها بحده.
-: الي عملك هيا.
-: اترك البطاقة جورج اريد حفظ هذه الأرقام الجميلة، اللطيفة، ال..
لم تكمل السا حديثها بسبب ضرب جورج لراسها بيده مما جعلها تفيق الي نفسها لتنظر الي نواه الذي يتابع الامر بابتسامه خفيفة.
-:اظن انني سوف اذهب الي عملي الان ولكني لن اترك له البطاقة طويلا.
قالتها السا وهي تمزح وتشير الي جورج بإصبعها وتناظره بنظرات تهديد.
ركضت السا عندما رك جورج يده في الهواء كأنه علي وشك ضربها.
اتجه نواه خلف السا ليبدا عمله بهدوء اكثر من المعتاد عنه.

(في مكتب تاي)
-: هذا يعني الان اننا علي وفاق وفي بداية علاقتنا صحيح.
قالها تاي بصوت اجش مثير وانفاسه الساخنة تضرب وجنتيها، مما جعل التي تقف امامه تنصهر من الخجل بسبب نظراته.
أحاط تاي وجهها بين يديه ونظراته لا تفارق عيونها التي تهتز بالتوتر، وجهها ينافس النار في حرارتها وينافس الدم في احمراره من الخجل من نظراته، مال تاي بوجهه اليها وهو لا يقطع التواصل البصري بينهم الي ان اطبق شفاههم علي بعضها واغمضت سلينا عيونها.
فتحت سلينا عيونها وهي تلهث بقوة بعد ان انفصل عنها تاي عندما شعر بحاجتها للهواء.
-: اظن ان هذه القبلة لها طعم ثان لانها الان بصفت ملكه.
قالها تاي للتي تنظر الي رقبته دون عيونه والدماء تكاد تخرج من وجنتيها من شدة الخجل.
-: لتكملي محاضراتك الان.
قالها تاي لتحرك سلينا راسها بهدوء، ابتعد عنها تاي عدة خطوات الي الاخلف، اخذت سلينا نفسا عميقا لتنظم تنفسها المضطرب بسبب اقترابه منها.
:- هاتفيني عندما تنتهين ان كان لديك وقت يمكننا ان نحتسي القهوة معا.
قالها تاي وهو يجلس علي مكتبه بهدوء، نظرة له سلينا لتجيبه.
:- سوف اذهب الي عملي مباشرة حتي لا يوبخني جورج.
:- من هذا القادر علي توبيخك؟
تسال تاي بنبرة بها القليل من الحدة.
:- انه رب عملي وهو لا يوبخني بالمعني الحرفي هو فقط يقوم بقول عدة كلمات معداته ثم يصمت.
شرحت سلينا للذي يناظرها بتركيز.
:- اذا متي يمكنني زيارتكم؟
وسعت عيون سلينا من سؤاله ليناظرها بنظرات استفهام.
:- هل انت جاد؟
:- الم تقولين انك تريدين علقتنا شبه رسمية وانا سوف البي لك الامر عزيزتي.
:- ان كنت....
قاطع حديث سلينا يد تاي التي ارتفعت في وجهها.
:- انا لا افعل شيء لا اريده، سوف ازورك غدا علي العشاء في المنزل.
قالها تاي غير جاعل فرصة للنقاش من قبل التي تناظره بصدمة اكبر من قبل.
:- هيا صغيرتي محاضرتك علي وشك البدأ الان.
وقفت سلينا وحملت حقيبتها بيدها المرتجفة اثر صدمتها وحماسها.
التفتت سلينا واتجهت الي الباب ليوقفها صوت تاي الرخيم.
-: افضل الصدور.
التفتت سلينا بسرعه وصدمة تناظره بعيون موسعه ليقول تاي وعلي وجهه ابتسامة لعوبة.
-: ما بك عزيزتي اريد تناول الدجاج من يدك علي العشاء لذلك اخبرك بما افضل.
ابتلعت سلينا لعابها لتخرج من المكتب بسرعه فابتسامته توصف لها انه كاذب.
ظل ينظر اليها حتي أغلقت الباب واختفت لتختفي معها ابتسامته كليها ويحل محلها الجمود.
-: لنري الي أي مدي سوف تتحملين يا صغيرة.

(عند سلينا)
"انتهي يومي الدراسي الذي لم استفد منه فطوال اليوم عقلي منشغل بشيء واحد او هو لم يكن شيء انه شخص واحد هو الوحيد المسيطر علي كل تفكير منذ الصباح.
لا اعلم أ انا عل صواب عندما اخترت ان تكن العلاقة شبه رسمية؟ هل تسرعت في الامر وكان يجب ان اعطي لنا فرصة قبل أي شيء؟ أعلي التراجع وخوض الامر بهدوء؟ ام استمر؟ ام ابتعد عن الامر كله؟
لا اعلم ما القرار الذي يجب علي اتخاذه ولكني سوف اخوض الامر علي أي حال.".
كانت هذه السطور مدونة بيد سلينا في مذكراتها اليومية التي اغلقتها فور انتهائها من هذه الاسطر.
تنهدت سلينا وهي تنزل من سيارة الأجرة امام عملها لتتجه الي الداخل بهدوء.
اصدر الباب صوتا يدل علي دخول احد، التفتت السا لتري من وعندما وجدتها سلينا التفتت الي عملها مره اخري.
اندهشت سلينا من فعلتها لذلك اتجهت اليها وهي تقول.
-: مساء الخير لس.
:- مساء الخير.
ردت السا علي سلينا باقتضاب لتقطب سلينا حاجبيها.
-: الم نكن علي ما يرام امس؟ أ مازلت منزعجة مني؟
تسالة سلينا وهي تنظر الي التي تتحرك حولها ولا تنظر اليها.
:- نعم انا منزعجة منك ولكن بسبب امر جديد اكتشفته امس.
اجابت السا عليها ببرود لتمسك سلينا بيدها توقفها امامها لتنظر اليها السا بملامح باردة.
-: ماذا هناك السا؟ ماذا يحدث؟
:- لتسالي نفسك سلينا، لما تكذبين علي ها؟
رفعت سلينا حاجبيها باندهاش من حديث وتسال السا مما جعل الأخرى تبتسم بسخرية.
:- لا تكرين لقد رأيناكِ معه انا ونواه، كان من الممكن ان تخبرينا كنا لنسعد لك عوضا عن كل هذا التمثيل وانك متوتره منه.
كان سلينا تناظرها بصدمة واندهاش لا تستوعب شيء من هذا الحديث ولا تفهم ما تقصده.
-:لا افهم شيء السا ماذا تقصدين؟
:- يكفي سلينا لقد رايتك باعيني مع هذا الوسيم صاحب الحجز امس وهو يقوم بتوصيلك الي منزلك، لم يكن هناك داعي لتمثلي انك متوترة من وجودة وغاضبه من شيء بسببه.
صمتت السا قليلا ثم استرسلت.
:- اكان كل هذا خشية من ان يخبرنا بعلاقتكم؟!
كادت ان ترد سلينا عليها الا ان قاطعهم صوت جورج.
-: سلينا الي العمل انت متأخرة نصف ساعة.
نظرة له سلينا وحركت وامات له ثم نظرت الي السا.
-: لنتحدث في وقت الراحة.
قالتها سلينا لتنظر لها السا ببرود وترد عليها بما صدم سلينا.
-: لا سلينا لم يعد بيننا حديث منذ الان، فانا لا اثق في الكاذبين.
يتبع......
بقلم الاء أبو العز
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي