4هل هناك بشر عاقلين يفتعلون كل تلك الضوضاء في السابعة صباحا؟ ما خطبكم بحق الجحيم؟ هذا لا يعقل

"عودة إلى حورس ومينا"
أبتسم"مينا" لنظرة أخيه الساخرة، جلس وهو يخرج الطعام الجاهز له و لأخيه، قال وهو يقضم قطعة من البرجر النباتي ويعطي أخيه التشيز برجر المفضل له:
_ "حورس" حاول أن تأكل بسرعة أكبر مما تأكل بها لكي نلحق وقتنا.

"حورس" وهو يقضم قطعه كبيره و يملأ فمه بالطعام، قال لأخيه بطريقته الساخرة المعتادة:
_ تراني أتناول طعامي أيها المغفل بسرعة، أيضا لم العجلة بحقك يا رجل؟ هل سيقلع الجبل ؟ أم يحلق بعيدا؟

دعني أتناول عزيزي الغالي كما أريد، لقد أجبرتني على القيادة طوال الليل يا وقح، كدت أتضور جوعا على الطريق، هيا أعطني زجاجتي ,كف عن ثرثرتك، دعني استمتع بطعامي اللذيذ بسلام.

أبتسم"مينا"مجدداً، ناوله زجاجة الشراب خاصته، أنهيا طعامهم، توجها معا علي الطريق مره أخرى، أثناء قيادتهم، سأل"حورس" أخيه بفضول:
_ صحيح أخبرني يا عبقرينو، ما الذي توصلت إليه في البحث هذا؟

"مينا"وهو يتفحص أخبار المنطقة التي يتوجهان إليها،أردف قائلا بقلق:
_أخبار سيئة جدا يا رجل، أعتقد حقا أنها قضية من اختصاصنا، فهناك سبع بنات اختفوا على مدار ثلاث شهور

الشرطة تفقد أثرهم كليا بعد الكيلو تمانين، الكاميرات تتوقف عند هذا المكان ولا يعثروا على أثار سيارات حتى، او اي وسيلة نقل يكون الخاطف نقلهم فيها مثلا، من الأكيد أن الذي يقوم بخطف هؤلاء البنات يأخذهم الجبل.

"حورس" نظر لأخيه بقلق، أردف بحيره:
_ لماذا برأيك يقوم بخطف هؤلاء الفتيات؟ ولما فتيات فقط؟ تعتقد أيا منهم يكون الفاعل يا صاح، هل هو "الفيلق، وينديغو، سيلون، نص الشجرة، بطريق الغابة".

هز"مينا" رأسه نفيا وهو يقول بعدم تأكيد:
_ لا أظن هذا يا "حورس" فهؤلاء المسوخ لا يقيمون في الجبال، أعتقد أنه "الأيكن"، لأنه المخلوق الوحيد الذي يملك أجنحة ويستطيع أن يحلق بالضحية، لهذا لم يعثروا قط على أي أثر لأي وسيلة نقل، وأي أثر يختفي عند الكيلو تمانين.

"حورس" هز رأسه مؤيداً نظرية أخيه، وصلا إلى قرية الباجور, توجها إلى منزل الحاج"نعيم" منزل آخر ضحية, "مينا" طرق الباب الحديد الصدئ, فتحت إمرأة عجوز, بدا الضعف والوهن عليها, تقدم "مينا" وهو يقدم نفسه قائلا:
_ السيدة والدة "حنان".

ردت المرأة العجوز بضعف:
_ نعم يا بني من انت؟
قال"مينا" بأسلوبه الاحترافي:
_الرائد "مينا العشري" وهذا زميلي المقدم "حورس نبهان" نريد أن نتحدث معكم قليلا أنتي والسيد "نعيم" بخصوص حادثة خطف بنتكم.

ابتسمت المراة العجوز بوهن, رحبت بهم, دعتهم للدخول, جلسا مع الرجل العجوز, بدأ"مينا" يسأل العجوز أسئلته المعتادة:
_ من فضلك يا سيدي أريدك أن تخبرني بكل ما حدث تفصيلا ومن فضلك لا تنسى أي شئ وإن أعتقدت بأنه غير مفيد أو مجدي، ساعدنا من فضلك كي نستطيع مساعدتك.

أدمعت عين الرجل بمرارة, أردف بحزن:
_ أقول، ماذا أقول مجددا يا بني؟ لقد قلت الكثير بلا جدوى، لقد خسرت أبنتي للأبد، خسرتها ولن تعود مجددا، استعوضت الخالق بك يا أبنتي، فليرحمنا الله برحمته ويصبرنا على فراقك عزيزتي.

"حورس" رمق أخيه بنظرات ضيق "مينا" ربت علي كف الرجل العجوز وأردف قائلا بشفقة:
_أسمعني جيدا يا سيدي، لقد سافرنا مسافة طويلة طول الليل علي الطريق حتى نفهم ونعرف ما يجري في بلدكم, ولن نرحل من هنا حتى نعيد إليك أبنتك.

"حورس" قال بأسلوبه المتهكم:
_او جثتها يا سيدي، عليك أن تعرف بأننا لسنا كشرطة بلدكم تلك، نحن أتينا هنا لننقذكم أنتم وفتياتكم من هذا الذي يخطفهم يحطمكم

فأرجو منك سيدي أن تخبرنا كل تفصيله، فقط أريدك أن تتذكر اليوم من بدايته، ابنتك أين كانت؟ ماذا أكلت؟ ماذا فعلت؟ كل التفاصيل مهمة سيدي، كل التفاصيل.

شعر الرجل العجوز بان"حورس" لايهتم حقا ببنات البلدة, نظر له بوجه مقضب, أردف بحده:
- أعتقد أن هذا يكفي يا ساده، إن أردتم معرفة تفاصيل أكثر فهناك قسم الشرطة لديهم كل شئ،

أسأل هناك وهم سيخبرونك بكل التفاصيل التي تهمك سيدي، لكن أنا لن أقول أكثر مما قلت، من فضلكم أذهبوا من هنا، فقد سئمت التحدث إليكم، أنتم بلا جدوى على الإطلاق، هيا أخرجوا من منزلي.

"مينا" رمق أخيه بنظرات عتاب غاضبة"حورس" هز كتفيه ببلادة تعبيرا عن تهكمه"مينا" نظر للعجوز, مسك يده وأردف بلهجة عطف كبير:
_ أسمعني يا سيدي، أولا أود الأعتذار عن تهكمات رفيقي، فقد سافرنا على الطريق طوال الليل ولم ننام أو نغفل حتى الأن، لكننا حقا آتينا هنا لمساعدتكم، وأعتقد أن هناك فرصة كي ننقذ ابنتك، فأرجوك ساعدني علنا ننقذها هي وفتيات أخريات، من فضلك سيدي، نحن وأبنتك في حاجه إليك.

أؤم له العجوز, لكن فجأة قالت الزوجة الحزينة المقهورة من خلفهم:
_ لن يجدي الحديث نفعا الحديت يا بني، لن تستطيعون أن تعيدوا إلينا أبنتنا أو أي فتاة غيرها،

, أبنتي لم يخطفها شخصا ما، ليس مثلي ومثلكم، ما أخذ أبنتي هو جان لعين، أخذها وأخذ الكثير من الفتيات مثلها
هذا الجن هنا في المنزل وسبق وقلنا هذا ولم يصدقنا أي أحد حتى أنتم لن تصدقونا وستتهموننا بالخرف نعلم هذا جيدا

في من الأفضل لكم أن تريحوا اعصابكم وتعودا من حيث جئتما لأنكم لن تجدوا من تلقوا القبض عليه هنا في بلدنا، نحن عائله فقيرة جدا وكل من هنا مثلنا تقريبا

ليس لدينا مجرمين هنا يا أبنائي أعتقد أنكم أضعتم وقتكم هنا بلا جدوى بالفعل، هيا عودا من حيث جئتما ويكفي هذا دعونا في أحزننا من فضلكم.

تبادل الشقيقان نظرات حادة, عاد"مينا" بنظره للعجوز, مسك قبضة الرجل بقوة وأردف [اصرار:
_أسمع يا سيدي، نحن لسنا مثل الشرطة خاصتكم حقا، نحن سنصدق كل حرف ستخبرنا به صدقا، صدقني عندما أقول لك أن من خطف بنتك وبنات القرية أيا كان نوعه جان ،شبح، عفريت، كائن فضائي حتى

أعدك أننا سنجده ونقتله ونعيد إليكم بنات البلده، تحدث إلي من فضلك إهدار هذا الوقت لن يفيد ابنتك أبدا، بل كل ثانية نتأخر فيها، تفقد المسكينة فرصة نجاتها أكثر.

نظر له العجوز, تبادل نظرات القلق مع زوجته, أؤمت له الزوجة إيجابا, بدا الرجل يقص عليهم ما حدث في منزله:
_ من أسبوع تقريبا أبنتي صعدت إلى السطح لتطعم الطيور البط و الأوز

مثلما تفعل كل ليله, وفي تلك الليلة السوداء، كنت أجلس على المقعد خارج المنزل بعد العشاء، كنت أشرب الشاي مع الحچ "إسماعيل"، فجأه سمعت صراخ "حنان" أبنتي

ركضت مع رجال كثيرة إلى السطح، عثرنا على أبنتي على الدرج وهي فاقده وعيها كليا، سندها أبن عمها "عواد"
طلبت منه حملها إلى غرفتها، بعد أن أستيقظت أخيرا، قالت أغرب كلام يمكن أن يقال

قالت أنها رأت طير كبير يقف على عشه "ابو ربيع" في المنزل المجاور لنا، لم يصدقها أي أحد يا بني
انهارت في البكاء حتى نامت من كثرة البكاء والنحيب

تكرر الحوار المرعب هذا بعدها بيومين, لكن الليله تلك كنت وحدي مع زوجتي في المنزل,
ركضت إلى السطح قبل أن يأتي الجيران على صراخها

رأيت أبنتي ملقاة على الأرض والطيور تقفز عليها, ركضت عليها أبعدت الطيور من عليها
لكن يا بني رأيته بعيني، رأيت أقدام, أقدام لطير كبير مثل الصقر، لكن أثر القدم كانت كبيرة جدا جدا

كأنه صقر من العصر الحجري, لكن عندما استدار وحدق بي، رأيت بعيني الشيطان وأبشع من الشيطان نفسه، يملك وجه رجل، جسده لرجل لكن جناحه كبير جدا، ظهره كله شعر مثل البغال، لديه قرون في رأسه مثل الثور، شكله مرعب يا بني

عيونه حمر مثل الجمر، اول ما حملق في وجهي، طار بعيدا مثل الحمام لبعيد جدا، كان سريع جدا ، أختفي في لمحة يا بني، أعلم جيدا بأنكم لن تصدقاني، لكن تلك هي الحقيقة كاملة ولهذا أيضا أقول لكم بأنها لن تعود مرة أخرى مطلقا.

بكي الرجل كطفل صغير ناحب، تبادل الشقيقان نظرات القلق، أقترب"حورس" من العجوز، قال له بصوت بائس:
_ اسمعني يا سيدي، أنت قلت ما رأيته بعينيك ولم تكذب فيه إليس كذلك،

عليك أن لا تأبه بمن يصدق ومن لا يفعل، كل ماأريد فهمه منك حاليا هو كيف أختفت ابنتك؟ فالكلام كثير يا سيدي، قيل أنها خطفت أثناء عودتها من مدرستها،

قيل أيضا أنها خطفت من هنا من منزلها، وأنتم أخبرتم الشرطة أنها خطفت وهي تحضر لكم أغراض المنزل، حاليا أنا أريد معرفة الحقيقة منك سيدي،

ولنفترض أنني أصدق قولك في أن ذاك الوحش الطائر هو من خطف "حنان" ابنتك، هل تخبرني أنت أنك مقتنع بأنه هو من خطفها؟

لم يرد العجوز بسبب انهياره وبكاؤه، لكن ردت الزوجة من خلفهم:
_ سأخبرك أنا يا بني، أنها لم تكن أخر مرة نرى بها ذاك المسخ اللعين هنا في منزلنا

نحن نحيا في كابوس لا ينتهي، كل ليله نسمع حركة وضوضاء غير طبيعية، ينهض زوجي من فراشه ويبحث عن مصدر الضوضاء في المنزل كله

لكنه لم يجد سوى أثر لتلك القدم الكبيرة التي تشبه قدم الصقر لكنه أضخم، كان يجدها على سطح المنزل، أيضا يجدها أمام غرفة "حنان" أبنتي،

تألمنا كثيرا وخفنا على ابنتنا، لكن لم يصدقنا أي أحد، وما خفنا منه حدث لابنتنا، أبنتي خطفت من هنا وهو من خطفها، تلك هي الحقيقة كاملة يا بني.

دارت المراة العجوز وجهها في وشاح رأسها وانفجرت في البكاء"مينا" نظر لأخيه نظرات ذات مغزى،أردف"حورس" قائلا برسمية:
_ تمام، هل تسمح يا سيدي لي وللرائد "مينا" أن نصعد لسطح منزلك وغرفة ابنتكم لنحقق نحن بطريقتنا؟

أنا واثق بأننا سنصل إلى دليل يدلنا على مكان ذاك المسخ أو أي شئ يساعدنا في العثور عليه، هل تسمح لنا بالصعود؟

أؤم لهم الرجل العجوز بحزن شديد، صعدا الشقيقان إلى السطح وهم يحملان عدتهم الخاصة للكشف عن الجان، الاشباح، القرين، أثار الشياطين، المخلوقات القذرة، كل هؤلاء يتركون أثر واضحاً خلفهم، والأشخاص المميزون مثل الصيادون، هم من يستطيعون كشف تلك الأثار وتتبع صاحبها.

"عودة لمنزل جينا"
أستيقظت"جينا" على صوت مزعج بالخارج، نهضت من علي فراشها وهي تفرك عيناها بألم، فقد جفاها النوم حتى قرابة الفجر، تفكيرها في"حسام" الحبيب السابق المتوفي، جعلها تبكي طوال الليل.

توجهت إلى باب غرفتها، كادت ان تفتح الباب لتخرج صارخة في أخيها المزعج"علي" لكنها تجمدت مكانها وهيه تسمع صوت"عزيز" المتطفل المزعج هوه أيضا، شعرت بغليان دماءها أكثر.

مسكت مقبض الباب، فتحت الباب وخرجت غاضبة، كما توقعت رأت امها مع شقيقها يقفون بجوار"عزيز" أمام غرفة الضيوف المؤجرة.

صاحت"جينا" قائله بتوبيخ وانفعال مبالغ فيه:
_ ما الخطب يا أمي؟ لما كل هذا الصياح في الصباح الباكر؟ ما الأمر؟
استدار الثلاثة لها، امها بوجهها البشوش، شقيقها بعتاب حاد، "عزيز" بحده.

لكنهم حدقوا فيها بصدمة! "جينا" أكملت توبيخها ولم تهتم بنظرات الدهشه التي تعلو وجوههم جميعاً:
_ هل هناك بشر عاقلين يفتعلون كل تلك الضوضاء في السابعة صباحا؟ ما خطبكم بحق الجحيم؟ هذا لا يعقل.

لاحظت"جينا" بأنهم لايزالوا يحدقون فيها بدهشه، رأت"عزيز" يبتسم بسخرية وينظر للأرض وهو يضع كف يده علي فمه و بيده الأخري يشير إلي جسدها.

لم تفهم الإشارة فوراً"علي" غضب منها، قال بتهكم:
_ أين ثيابك يا أنسه؟
"جينا" نظرت لجسدها بصدمه كبيره! رأت أنها لاتزال بقميص نومها القصير الحرير الشبه عاري،

وضعت يدها علي صدرها تداري نفسها بصورة تلقائية، لكنها أسرعت وفتحت باب غرفتها، دلفت للداخل وهيه تشعر بأنها تحترق خجلاً.

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي