سند قرر ان يبحث عن غرضا ما يدافع به عن نفسه أمام هؤلاء الرجال القساة

"بداخل منزل يسري الرفاعي"
نادي الحج "يسري" علي"دينا" وهيه في المطبخ، لكنها لم تسمعه بسبب الأغاني التي تسمعها علي الدي جي خاصتها وهو عبارة عن سماعتين كبيرتين تأخذهم معها في كل مكان.

تجلي الصحون وهي تتمايل وتدندن مع الاغنيه الكلاسيكية"لا تكذبي" فجأة انطفأت الأغنية، خلف أثر هذا هدوء، سكون شديد، كأن الشخص أصيب بالصمم فجأة"دينا" استدارت للخلف بذعر.

رأت"تيمور" يقف بجوار الدي جي وهو غاضب "كعادته" أقتربت منه، وفي يدها صابون الجلي، قالت له بتذمر:
_ لماذا تطفئ الأغاني؟ ماذا فعلت لك يا جاني؟ لما تدفعني لجناني؟

"تيمور" اعتدل في وقفته، أردف بحده:
_ هل تغنين علي يا ثقيلة الظل؟ هيا اغربي من هنا سريعا، فوالدي يناديك من ساعه، هيا انطلقي يا حمقاء قبل أن أرفس مؤخرتك.

تهجم وجهها من حدته معها، لكنها نظرت له ببرود "كعادتها" ايضا "تيمور" ضربها بقدمه على مؤخرتها كما يفعل كلما استفزته بنظراتها البارده.

نظرت له بغيظ، اخرجت لسانها تغيظه أكثر"تيمور" مسك المكنسة، ركض خلفها حتي وصلت الي عمها، اختبأت خلفه على المقعد.

تألم الرجل من ثقل حجمها علي ظهره، قالت لعمها وهيه ترمق"تيمور" بنظرات تهديد:
_ابعد أبنك عني يا عمي، خاف عليه وأبعده احسن له، والله سأضربك يا تيمور.

"تيمور" وهو يحاول أن يصيبها في كتفها دون أن يصيب إبيه بأذى، أردف بتهكم:
_ حقا تقولين يا ثقيلة الظل، أنتي تضربيني أنا، إذا تعالي إلي وأريني نفسك.
_ "تيمور" أحذرك لأخر مره، ابعد احسن لك، سأشوه وجهك القبيح هذا والله، ااااه يا عميييي.

"تيمور" ألقي بالمكنسة بعيد، مد يده خلف والده، مسكها من شعرها، جرها وهيه تصرخ، ألقي بها أرضاً، أنهال علي قدمها ومؤخرتها و أسفل ظهرها ضربا مبرحا وهيه تصرخ وتستغيث بعمها الذي يتصفح الجريدة ولا يهتم بما يفعلانه.

أنتهي "تيمور" من معاقبتها، ابتعد ليتركها تقف وتنهال عليه سبا وقذفا كما تفعل دوما "دينا" وقفت أخيراً رمقت عمها الذي يبتسم من خلف الجريدة كأنه لا يرى او يسمع او يهتم لهم.

وقفت وهيه تمسك ظهرها و أسفله، ترمق "تيمور" بنظرات نارية وهيه تقول بتوعد:
_ والله لن أرحمك يا "تيمور" يا بـــــارد، يا أحمــــــق، يا ثقــــــيل، يا ثقيل، يا وغد، ابرد، أحمق خلق الله، إذا والله لأتناول الآيس كريم خاصتك، وأحرق قلبك عليه.

توجهت صوب المطبخ وهيه تعرج بسبب الألم المبرح، ضحك"تيمور" من خلفها وأردف بسخرية:
_ هذا أن عثرتي عليه من الأساس يا قطه، لقد قضى أمرهم، الآيس كريم خاصتي وخاصتك دخل المخزن يا حلوه.

أشار إلى معدته بحركات دائرية، كمن أستمتع بتناول الطعام"يسري" ترك الجريدة ووضع يده على إذنه بقوه"دينا" صرخت بجنون في"تيمور":
_ يا طمــــــــــــاع، يا أحمـق، أتمنى أن يتقيأه يا بارد، يا ذو معدة الحوت، والله لتحضر لي غيره، لن أعفو عنك حتى تحضر لي غيره يا وغـــــــد.

"تيمور" حرك حاجبيه صعودا هبوطاً ليغيظها، وركض للداخل"دينا" ركضت خلفه بوساده الأريكة، أبتسم العم وعاد يتصفح الجريدة.

فجأة رن جرس الهاتف الأرضي، ترك"يسري" الجريدة، رد على الهاتف، تحدث مع المتصل واغلق معه، نادي بصوت عالي ليسمعاه وهم بالداخل:
_ "تيمــــــــور"، "دينا"، تعالوا هناك عملا لكم.

"دينا" تجلس علي صدر"تيمور" علي الفراش، تضربه وهو يضحك ويتفادى ضرباتها الضعيفة، سمعا صوت"يسري" "دينا" نظرت لباب الغرفه بتهكم، عادت تنظر ل"تيمور" أردفت بجدية:
_العمل أنقذك من إيدي، لكنني لن أرحمك، لم أنتهي منك بعد يا "تيفود".

"تيمور" اعتدل وجلس وهي على قدمه، مسك يدها قبل ان تنهض من عليه، شد شعرها الطويل بيده، تألمت ضربت يده، أردف بتحذير جاد:
_ إذا لم تكفي عن مناداتي ب"تيفوود" هل تعرفين ماذا سأفعل بك يا حمقاء؟.

قالت له وهي تتألم من قسوته:
_انت كاذب، ثرثار، صاحب الفم الكبير كذلك المعدة، ولن تستطيع فعل أي شئ لي مطلقا، أترك شعري الأن أحسن لك بدلا من أن اعضك في

أنفك هذا أو اعضك في مكان أخر تعرفه جيدا، سأجعلك لا تعرف طريقا للنوم أسبوع وأكثر.

ضيق عيناه بتحدي، أردف بتحدي:
_ تظنين نفسك شجاعة، إذا أفعليها، وأنا أقسم برحمة أمي الحبيبة يا "دينا" سوف أعضك في كل جزء في جسدك هذا، لن أترك جزء واحدا ألا و اعضه واصيبه بكدمات لا تشفي لشهر كامل، هل سمعتي هذا جيدا يا حمقاء؟ والأن ابتعدي عني فلدينا عمل، ابتعدي يا لوح الثلج، يا ثقيلة الظل.

دفعها على الفراش بجواره، نهض و توجه للخارج"دينا" ضيقت عينيها بغيظ، أردفت لنفسها بسخط:
_ حسنا يا "تيمور" لنرى من منا سيهزم الآخر، انا أو انت يابن عمي.

خرجت خلفه تركض، وقفت بجواره و استمعت لعمها وهو يقول:
_أستاذ جمال أتصل ويخبرك أن تذهب له على الساعة العاشرة، وجد لك فيلا في الزمالك.

أردفت"دينا" وهي تزفر باختناق:
_اووف يا "تيمور"، مجددا "جمال نصار"، يا بني أنه لص، مخادع، يأخذ منا ربع المال على الجاهز، يعني نحن نتعب و نعمل بجد وهو يأخذ عمولة منا، ربع ما نكسبه وهذا فقط لانه جلب لنا العميل والله لهو لص محترف هذا الوغد.

اؤم لها "تيمور" وهو يقول بسخط:
_للأسف نحن مضطرين يا "دينا"، فكما ترين وتعرفين كيف وضع البلد في العمل الآن، شركتنا حالها لا يسر كثيرا، والأشخاص أمثال "جمال"، "منصور"، "غريب" هم من يسيروا معنا الحال كما تعرفين.

اردف"يسري" يواسيهم:
_ تحملوا يا أولاد، هذا هو حال الرزق دوما، لا يأتي بالساهل أبدا، هيا، هيا الأن توكلوا على الله، كي تنجزون أعمالكم باكرا ولا تتأخرون كالمرة السابقة وتضطرون للمبيت خارج المنزل مجددا.

ابتسمت"دينا" وهيه تقلد الفنانة"سهير البابلي" وتقول بسخرية:
_ اللعنة على هذا، لا تؤكل أبدا بالساهل.

ضربت "تيمور" علي ظهره، ارتد للأمام لم يكن يتوقع ضربتها، ركضت "دينا" لغرفتها خوفا من رد فعله، بالفعل ركض خلفها وهو يسب ويلعن فيها، اغلقت الباب علي نفسها وهيه تضحك بهستيريا.

بعد ذلك توجه لمقر شركتهم "تي دي كلينر" وهيه عباره عن شقه في عماره في إحدى الأحياء السكنية بمدينة نصر، عمل شركتهم عبارة عن إستلام منازل تحتاج للتنظيف و التصليح او منازل تم الانتهاء من بنائها، يتولى"تيمور" و"دينا" التشطيب من نجارة حدادة دهان سباكة كهرباء كل شىء يخص تشطيب المنازل، وأحياناً ينظفون المنازل من الحشرات كالشركات المعلنة في كل مكان.

أصبحت هوايتهم هي هندسة الديكور والإصلاح، تشاركا تلك الموهبة بالصدفة و أتخذاها وظيفتهم الدائمة، وصلا إلى الڤيلا المراد العمل فيها.

صعقت"دينا" وهيه تنظر لحجم الڤيلا من الخارج، والرائحة الكريهة المنبعثة من الداخل، "تيمور" ربت على كتفها وهو يدفعها للداخل ويقول بسخرية:
_ ألم تتمني بشدة أن تعملي بداخل ڤيلا، ها هي ذا، أيضا رائحتها الكريهة وصلت لأخر الميدان، فلتحذري في المستقبل مما تتمنينه يا حمقاء، هيا دعينا نعمل، توكلنا على الله.

اخفضت رأسها بندم و إحباط، توجهت معه إلي الداخل و أستعدت للبدء بالعمل.

"عودة إلى سند"
قبل ساعات لم يستطع "سند" أن يخلد للنوم، تفكيره في تلك المهمة يشغل عقله وتفكيره، يراوده إحساس قوي بأن هناك خطبا ما في تلك المهمة المشؤومه، غير أن ظهور تلك الفتاة المغرورة زاد الأمور تعقيدا، تذكر"سند" ليلة أمس عندما حاول التحدث الي"سعد" بعدما وصلوا الخيم.

لكنه صدم بصديقه يعد الطعام وأماكن النوم لتلك المرأه، غضب"سند" بشده حينها، تركهم جميعاً ودخل لخيمته، ندم لأنه لم يرحل، فقط ضميره لا يسمح له بترك صديقه في الجبل مع أغراب، لولا هذا لكان تركهم لمفترسات الجبل ورحل في المساء.

خرج من خيمته، وهو يمد ذراعيه اللذان تخدرا من وضعهم تحت رأسه طوال الساعات الماضية، نظر صوب الشمال تجاه طلوع الشمس، لكنها لم تكن أشرقت بعد.

"سند" قرر أن يمشط قدمه قليلاً قبل ان يستيقظ الجميع ويبداوا رحلة اليوم، سار قليلاً تجاه الغرب، المكان حوله عبارة عن رمال، صخور، كهوف علي مرمي البصر، على بعد خطوات من مكان التخييم، هناك منحدر صخري عميق، من ينظر إليه يجد هاوية عميقة لا أخر لها.

وقف"سند" علي حافه الهاويه، لم يكن من أصحاب القلوب الضعيفة، بل كان من محبي المرتفعات، حملق في الهاوية وهو يسرح بخياله الواسع فيما يمكن أن يكون في الأسفل.

"تنانين صينية اسطوريه"، "سحالي بنغلاديش الضخمة"، "ديناصورات تيراصورص المفترسة"، "أفعى اناكوندا ضخمة".

أبتسم"سند" بسخرية من نفسه لخياله اللامحدود هذا، فجأة سمع خطوات تعثر علي الصخور، أنتفض مكانه لوهلة، نظر حوله بذعر، حاول التركيز كي يرى في الظلام.

لكنه صدم بثلاث رجال يقتربون من المخيم! انخفض لأسفل حتى لا يلاحظه أحدهم، ظن بأنهم لصوص الجبل، وهم أشخاص فاسدون يصعدون الجبال في عتمة الليل لينهبون المحاجر والمناجم، بعدما يقتلون رجال الحراسة الموكلين بحراسة تلك الأماكن.

"سند" ندم لأنه لم يحضر سلاحه، وجدهم يقفون أمام الخيم مباشره، خاف علي صديقه"سعد" كانوا يقفون بالقرب من خيمته.

"سند" لم يكن ابدا بالرجل الجبان المتردد، فوراً توجه نحو الخيم بحذر وقد أمسك بعض الصخور في حال هاجموا بأسلحتهم.

لكنه تجمد مكانه مره اخرى! أنهم ليسوا بلصوص، انهم"غريب"، "حافظ"،و "إسماعيل" أنهم الرجال المرافقين لهم.

تنهد"سند" وظن أنهم فعلوا مثله خرجوا يمشطون اقدامهم، او يتجولون بفضول في جنه الصحراء النقية، وقف علي مقربه منهم، لكنه لم يحاول ان يظهر نفسه لهم، لم يكن يرتاح لهم من البداية.

كاد"سند" أن يعود لحافة الجبل مرة أخرى، لكنه سمع فجأة صوت غريب من خلفه:
_ هكذا تمام، الكهف أتضح أنه هو المطلوب، لا يوجد أمامنا الأن سوى أن نخطف الوغدان ونقوم بعمل الطقوس علي سعد.

أردف"إسماعيل" قائلا بحنق:
_ حسنا والمدعو "سند" هذا، لماذا نأخذه معانا؟ لما لا نقتله هنا ونتخلص من جثمانه؟ أم هو حمل زيادة وتعذيب فقط.

أجاب"حافظ" بتهكم:
_ "إسماعيل" لديه حق في هذا، هذا الوغد المتغطرس القذر علينا أن نذبحه، وانا من يفعل هذا به، بالله عليكم أتركوا لي هذا الحقير، سوف أدخل إليه وأقتله.

"سند" سمع هذا، تجمدت الدماء في عروقه، تأكد بأنه محق في شكه في تلك المهمة و هؤلاء الرجال من البداية، شعر بحيره كبيره، هل يهرب ويترك صديقه لهؤلاء الرجال؟ ام يواجههم و يحاول فهم ما يريدون فعله ب"سعد" صديقه؟

"سند" قرر ان يبحث عن غرضا ما يدافع به عن نفسه أمام هؤلاء الرجال القساة، لكن فجأة وهو يستدير ليبحث في الأرض حوله، صدم بضربه قويه من مرفق"سينا" في وجهه، أنفه تحديداً، سقط"سند" فاقد الوعي، لم يعد يرى أو يشعر بشئ سوي هزات خفيفه في كل جسده، اخيرا فقد وعيه تماماً.

يتبع في الفصل 6
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي