الفصل الرابع

الفصل الرابع

ها هي الآن الجميلة روني عروسة البحر ممدة على صخرة تتخذها فراشًا داخل بيتها في قاع البحر الذي هو عبارة عن تجويف داخل صخور القاع تحاط به أعشاب البحر من كل جانب.

حاولت أن تتقلب داخل فراشها لأن موعد استيقاظها قد حان، وها هو دولفي روني يهمس لها من خلف الصخرة المقبعة ناحية باب بيت رزان الجميلة داخل البحر.

تشعر بصوته فتتثائب، وتضع يدها على فمها في حركة استرخاء على الصخرة، وتهمس قائلة لروني بدلال وحب وود:

-صباح الخير يا روني العزيز، اتمنى أن تكون قد حظيت بليلة هادئة، ناعمة وتكون قد نمت جيدًا أيها الصديق الوفي المخلص.

ينظر لها دولفي روني ويحاول أن يداعبها برأسه الجميل في خفة وبهجة حيث يقول في حب وود:

-صباح الخير يا صديقتي الوفية المخلصة، أخبريني كيف عن ليلتك بالأمس، هل نمتِ واستمتعتِ بليلتك؟ أنا والحمد لله نمت جيدًا، لكني رأيت حلمًا غريبًا لأخي سفر الدولفي الصغير.

لقد رأيته يرتفع لأعلى كأنه طائرة أو حوت كبير، ثم سقط في قاع البحر، ظللت أبحث عنه في القاع فلم أجده مطلقًا، ثم رأيت حوت يقترب مني ويسألني من أنا؟ وكيف جئت لمخبئة الذي يقيم فيه؟

فنظرت له برعب وحاولت أن أجيب فلم يخرج صوتي وفجأة انقض علي الحوت ليأكلني ثم استيقظت من النوم تُرى هل تفسير هذا الحلم جيد؟

أم أنه نذير شؤم وأن أخي قد وقع في الأسر، وأن الحوت سيلتهمه، أخبريني يا صديقتي الوفية المخلصة.

نظرت له رزان بحب وراحت تفرد يدها وتمدها له لتربت على كتف روني الطيب لتطمئنه، إنها تعلم أنه يحب أخيه سفر الدولفي الصغير، وتشعر بالقلق عليه أكثر منه.

لكنها حكيمة، تحاول أن تهدئه كي لا يتضايق دون تحقق من الأمر، لهذا ابتسمت ابتسامة ودودة جدًا، وراحت تلامس ذيل روني وتقول في حب:

-لا تقلق يا صديقي العزيز، سنأكل ونذهب إليه، إن الشاطيء الآخر بعيد جدًا، وسنأخذ وقت في الوصول إليه وحتمًا سنجوع جدًا حتى نوصل إليه، ولن نجد وقت في طريقنا لجلب الطعام الذي نشتهيه أنا وأنت.

ابتسم روني وهو يحمل داخله قلق كبير، لكنه حاول أن يكون متفائلًا كما أوصته رزان عروس البحر الجميلة، وراح يقول في عجلة من أمره:

-إذن هاتِ ما عندك من طعام، وأنا سأحاول أن أأكل لأن شهيتي منعدمة من كثرة قلقي على سفر أخي الدولفي الصغير.

نظرت له في حب وقامت لتأتي بالطعام في عجالة، حتى لا تضايق روني صديقها الوفي الطيب، ثم أحضرت طبقين فيها كل ما عندها من طعام قد ادخرته في اليوم السابق.

وفي هدوء بدأ الإثنان يأكلا، رأت رزان أن روني يأكل ببطء فحاولت أن تحثه على الأكل كي ينتهيا ويقوما معًا للبحث عن سفر الدولفي الصغير.

في بيت عبد الله حيث توجد زوجته نعمات في حجرتها نائمة تحاول أن تستيقظ؛ كي تستأنف حياتها وعجرفتها على زوجها الضعيف الهزيل، نظرت جانبها على الفراش، فلم تجده، غضبت وحاولت أن تستفر عنه، فنادت عليه بصراخ قائلة بغضب شديد:

-أين أنت أيها الهزيل الضعيف؟ متى استيقظت؟ وإلى أين ذهبت؟ تعالى هنا يا خائب الرجاء، أرني وجهك القبيح، هيا أقبل علي، حتى أصطبح بوجهك المعتم، دعني أوبخك قليلًا حتى أستريح، وأبدأ يومي.

أسرع عبد الله مهرولًا إلى حجرة النوم، ليرد عليها في خوف ورعب، كاد أن يتعثر في طرف سجادة الحجرة فأسند يده على حافة الفراش، وراح يقف باعتدال أمامها وهو يرد في هزال شديد:

-صباح الخير يا نعمات، يا زوجتي الحبيبة، لماذا استيقظتِ مبكرًا اليوم، لستِ كعادتك، انكِ تستيقظين في قرب الظهيرة، هل مزاجك متعكر اليوم؟

نظرت له بغضب شديد، وراحت تجيبه بقرف شديد، وهي مستندة على الوسادة تحاول أن تفيق من كسلها، ثم تصنعت الابتسام وقالت في مياعة مفرطة، وقرف شديد:

-استيقظت على صوت الجيران الذين يتشاجرون جانبنا، أليس عندهم ذوق قليلًا ليتركوني لأنعم بنومٍ هاديء؟ لكني قد استيقظت وانتهى الأمر، هيا جهز لي الفطور.

وإياك أن تنسى شيئًا من طعامي المفضل، خصوصًا طبق البيض المقلي، وطبق السلاطة الخضراء، كي أحافظ على شبابي لأظل جميلة طوال عمري، ألا يعجبك هذا يا زوجي العزيز؟

ابتسم عبد الله وفرح بهذا الكلام الطيب، فهي كل كلامها دومًا غليظ، ونادرًا ما تناديه بزوجي العزيز، راح يداعبها ويقبلها كي تحبه وتلين له، ثم قال في غرام شديد:

-حبيبتي نعمات، لقد عادت نعمات التي أحبها، ولابد أن أسعد بعودتها، إنكِ لم تليني لي منذ شهر من الآن، لقد كدت أيأس من ملاطفتك لي، أشعر أني اليوم في عيد، ولابد أن أعد لكِ طعامًا لذيذًا الآن، سأشوي لك طبق اللحم المفضل.

أعلم أننا في الصباح، ولا يصح أكل اللحم صباحًا، لكننا كالمتزوجين حديثًا، كأننا ليلة زفافنا، أتذكرين كم كنتِ لطيفة وجميلة معي؟ أتذكرين طيبتك وقلبك الأبيض؟ إني مشتاق لقبلة منك، هيا انهضِ لكي تأخذين حمامك حتى أعد الفطور.

خرج عبد الله من الحجرة مهرولًا إلى المطبخ ليعد الفطور، وقف أمام الثلاجة يخرج طبق اللحم ليشويه، لكنه فجأة تذكر غياب ابنته، فاغتم، وراح يحدث نفسه بحرقة شديدة أظهرت كل عذابه الدفين:

-"أين أنتِ يا رزان لتكتمل فرحتي، لقد فرحت بتغير نعمات المفاجيء وسوف تكتمل فرحتي، عندما تأتين إلي، يا الله، لو أني أراك الآن، داخلة من باب المنزل تنادين علي بصوتك الحنون، لو أنكِ تأتين وأخذك في أحضاني لأروي عطشي وحبي لك.

أرجوكي، لا تغيبي علي أكثر من ذلك، إنني متعب جدًا، واتمنى أن أحتضنك يا ابنتي العزيزة، لابد أن أفكر، هل خطتي ستنجح ويأتي الحج شرف اليوم، ليخبرني بأمر الإعلان.

أرى أن الأمور آخذة في الحل بعدما تعقدت، وها هي نعمات بدأت تلين لي على غير عادتها، سأحاول أن أكسب ودها وقلبها الطيب، وعندما تلين سأطلب منها أن تغير طريقتها مع حبيبتي وابنتي الغالية رزان.

حتمًا ستعود، إني متفائل، ولن أتخلى عن تغيير نعمات، عندما تأتي ابنتي رزان، سأتفق معها أن تلين لنعمات، إن نعمات تعاملها بقسوة لأنها جميلة وتغتر عليها، سأطلب منها أن تتواضع معها؛ لكي تحبها، إن نعمات طيبة القلب، ولن تخذلني مرة ثانية.

أرى أنها بشارة خير، لقد تغيرت نظرتها لي، ونادتني بزوجي العزيز، أحب أن أراها هكذا طيبة جميلة، أعلم أنها قاسية وغليظة، لكن هذا بسبب عدم ثقتها في نفسها، لهذا تستخدم القسوة معنا أنا وابنتي.

تظن أنها لو لانت سنغدر بها ونظنها ضغيفة، لكني بحبي وطاعتي لها، سأحاول أن أغيرها، سأعد الطعام بسرعة حتى لا تضايق مني، سوف أخرج الأطباق على المائدة، ها أنا قد شويت اللحم، وأعددت طبق السلاطة والبيض المقلي.

سأخرج حالًا لأضع الأطباق على المائدة، بعدها سأتصل بالحج شرف، لكن مهلًا سأتصل الآن قبل أن أخرج وتسمعني نعمات، حتى لا تكشف خطتي في البحث عن ابنتي والإعلان عن اختفائها.

خرجت رزان من بيتها في قاع البحر متجهة إلى الشاطيء البعيد مع روني صديقها الوفي الدولفي، ذهب ورائها متحمسًا يفكر في حال أخيه سفر الدولفي الصغير.

راح يتخيله واقع في شباك حوتٍ من الحيتان الذين يتربصون حوله يوميا، ظن أن الرجل الذي اصطاده قد أخذه لبحيرة أخرى بعيدة، حتى يتمكن من اخضاعه في عروض تسلية البشر، راح يقول لنفسه

" أهٍ لو أن أحد الحيتان قد اقترب من الصياد وأكله هو وسفر، لابد أنني وقتها سأعيش في حزن مرير، أهٍ لو أن الصياد أخذه لشاطيء بحيرة في مكان آخر، هل سأتمكن من رؤيته، إنه لو أن الصياد قد أخذه لبحيرة أُخرى.

لابد أن يكون قد أخذ معه بعض الدلافين الأُخرى، لابد أن نجهز عدتنا لكي ننقذ أخي من هذا الصياد الماكر، أهٍ إن رزان تعرف لغة البشر، وحيلهم، ولابد أن ستساعدني في الأمر، لابد أنها تملك خطة ما لفك حصار أخي.

سأذهب ناحيتها لأطلب منها أن تستخدم حيلها معهم، فهي لن تتخلى عني مطلقًا، لابد أن أنادي عليها الآن قبل أن نقترب، حتى نتفق على الخطة المحكمة في القبض على أخي الطيب سفر، أهٍ يا لقد أوحشتني أيها الشقي الصغير.

إنها شقاوتك من أوقعتنا اليوم في هذا المأزق، لابد أن تتغير يا صغيري حتى لا تقع دومًا في شباك أي صياد آخر، إن الدلافين من عادتها الذكاء واللطف، لكن لا أدري لماذا سقطت بهذه السهولة أيها الشقي؟

أتكون فصيلتك مختلفة عن فصيلتي؟ كيف ونحن أبناء أم واحدة، أتكون أنت بكَ صفات مختلفة عني، لابد أن تستخدم عقلك، إنك على الأقل لن تسقط مرة أخرى بهذه السهولة إذا استخدمت عقلك الطيب.

لابد أنكَ الآن تتألم من عذاب الأسر، ولابد أن الصياد يرهقك في عروضٍ كثيرة، إن البشر لطفاء جدًا حقًا، لكنهم على حد علمي يفضلون كسب المال على اللطف.

وما أكثر البشر الخادعين، لابد أن الحياة تدخر لنا خيرًا كثيرًا كما علمتني أمي، لكن لابد من السعي الدؤب، لكي أحصل على الخير الوفير.

فجأة أثناء سيرهما جذبته رزان وقالت له في حذر شديد:

-انتبه اننا داخلين على منطقة الشاطيء البعيد في ماذا أنت شارد الذهن يا صديقي، انتبه كي لا يصيبك مكروه ما.

نظر لها روني بخوف وقلبه يترقب رؤية أخيه، فقد اقترب من المنطقة، راح يتلفت يمينًا ويسارًا لعله يرى أخيه.

اقترب من المنطقة بشدة وأخفض رأسه كما أمرته رزان حتى لا يلحظه أحدًا، وفجأة رأى روني رأس أخيه سفر بعيدًا، فجذب يد رزان وراح يخبرها في حذر شديد قائلًا:

-انتبهي يا رزان إنه هذا أخي سفر، الواقف بجوار الصياد يمارس العروض البهلوانية أمام الناس، انتبهي وانظري بحذر كي تلحظيه.

التفتت رزان ناحية الصياد فرأت سفر منشغل في العروض ومندمج مع الصياد، فجذبت ذيل روني وأخذته جانبًا وراحت تخبره بالخطة في همس وأخفضت رأسها لأسفل في حذر شديد وقالت:

-علينا أن نقترب ببطء حتى لا يلاحظنا أحد من الصيادين الجالسين هناك في المركب الكبير، أليست هناك إشارة خاصة بينك وبين أخيك سفر يعرفك منها، حاول أن تتذكر بسرعة صوت معين بينكما كلمة خاصة تقولوها معًا.

لكي يعرف مكاننا ويأتي إلينا، تذكر يا روني حتى ننقذه قبل أن ينتهي العرض، إن سفر يتراقص ويقفز في الماء هناك عليك أن تتذكر بسرعة، حتى ننقذه من أيدي الصياد الخبيث.

نظر لها روني بتمعن وراح يتذكر شيئًا، فتذكر كلمة أمهما عندما كانت تغني لهما غنوة معينة وهي تقول فيها:
-سفر يا سفر أنت أمهر من البشر، تشجع يا سفر.

بسرعة راح يردد روني كلمات الغنوة ويقول بهمس كي يسمعه أخيه:
-سفر يا سفر أنت أمهر من البشر، تشجع يا سفر.

ظل يرددها حتى التفت سفر إليه ورآه، فأشار له برأسه أن يتبعه، فعرف سفر الإشارة وفهمها وجرى ناحية روني ورزان، واقترب منهما بسرعة، جذبته يد رزان وحملته على ظهرها وهرولت داخل البحر نحو العمق وهرول ورائها روني.

وذهبوا إلى بيت رزان مسرعين حاول الصياد أن يتبعهم لكنهم غاصوا نحو القاع حتى لا يلحظهم أحد، وظلوا هكذا مسرعين حتى وصلوا إلى بيت رزان.

فدخلو جميعًا وجلسوا على الصخور داخل البيت، حاول روني أن يحتضن سفر أخيه، ويروي له معناته في بعده، فراح يقول في حب شديد:

-أهٍ يا سفر لقد تعبت حتى عثرت عليك، بحثت عنك في كل مكان، فلم أجدك، إلى أن اقتربت من الشاطيء البعيد وعرفت مكانك، ففكرت في انقاذك بمساعدة رزان عروس البحر الجميلة، سلم عليها واشكرها فهي من دبر الخطة لكي ننقذك.

لولاها لما فطنت وتذكرت غنوة أمنا لنا التي كانت تغنيها لك عندما كنت تقدم على شيء ما وتكون خائفًا فكانت تشجعك بهذه الغنوة الجميلة، أبشر يا سفر لقد نجوت من الأسر وانتهى الأمر.

نظرت له رزان بحب وحاولت أن تحتضنه بيدها الجميلة وراحت تداعبه في حب شديد وتسأله عن حاله في الأسر كيف كان يعيش مع الصياد؟ فقالت في حب وود له:

-أخبرني يا سفر، هل كنت تعاني في الأسر؟ وهل كان الصياد يؤذيك؟

ابتسم لها سفر وراح يداعب شعرها الناعم ويقول في حب شديد وتأثر:

-أه لقد كانت أيام ثقال، تعبت فيها كثيرًا جدًا، كان الصياد يلهبني بسوط يحمله في يده، كلما أخطأت في العرض، كما كان يمنع عني الطعام، كنت أجتهد في الحصول على طعامي.

وأحاول دومًا أن أُتقن أداء العروض حتى لا يلهبني بسوطه القوي، وكنت دومًا أحصل على نصف طعام لأني كنت لا أركز في أداء الحركات، كانت حركاتي تظهر غير متقنه رغم حرصي الشديد وتركيزي على أدائها بدقة.

وكنت يوميًا أنادي على أخي روني، حتى ينقذني من الأسر، وأنظر دومًا ناحية العمق لعله يظهر لي، إلى أن أتيتم أنتم وأنقذتوني، إني مدين لك يا روني بالكثير.

لقد أتعبتك كثيرًا منذ أن ماتت أمي وأنت تحرسني، وتهتم بي، إني جوعان يا روني، لقد كان الصياد لا يعطينا الطعام إلا بعد أداء العرض، فهل عندكم طعام لي، أرجوكم أريد أن أأكل أي شيء ولو بسيط.

أسرعت رزان إلى داخل بيتها مكان ما تخبيء فيه طعامها، وراحت تملأ الأطباق بما أعددته بالأمس، لقد كانت تعرف أنهم سوف يحتاجون إلى الطعام عندما يعدون من انقاذ سفر.

لهذا ظلت طوال الليل تصطاد بعض الطعام الذي يعشقه الدلافين، وتضعه في الأطباق المزينة ببعض الأعشاب الملونة بالأحمر والأزرق؛ حتى تنفتح شهية سفر على الطعام.

لهذا أحضرت ثلاث أطباق لهم جميعًا ووضعتهم أمامهم، ثم بدأ الجميع يأكلون بحب شديد، وهنا أحس روني بالسعادة، فراح يتراقص ويجذب يد رزان بذيلها الأحمر الجميل لكي ترقص وتغني معه أمام سفر وهو يأكل في تلذذ ومتعة.

راحت تغني بصوتها العذب غنوة أعز الأصدقاء التي ألفتها ولحنتها بنفسها لهذا الموعد، بدا على سفر الراحة والسعادة وراح ينهض ليتراقص أمامهما بكل ود وحب ويستعرض أمامهم بحب شديد، ويقول في مرح شديد:

-أه يا شباب لقد كنت أتوق لأعيش سعادة هذا اليوم، كنت يوميًا أحلم أنني قد أنقذني روني من الأسر، ورحنا نلعب ونغني كعادتنا، لكن المفاجأة كانت أنت يا رزان.

تعرفين أنني دومًا أسمع عن عروس البحر من أمي رحمها الله، لكن هذه أول مرة أرى بنفسي عروسة بحر، هيا انهضي لتريني ذيلك المميز، يا الله إن جسدك ممشوق وجميل كما كنت أظن وأحلم.

لابد أنك تتبعين رجيمًا خاصًا بالعرائس كي تصبحي بهذا الجمال، انهضي لتريني هيا ارقصي لنا، فأنا في شوق شديد لرؤية أفضل ما عندكم، لقد كنت أدخر سعادتي لهذا اليوم الجميل.

نهضت رزان من مجلسها وراحت تتمايل هي وروني أمام سفر السعيد بهما، ثم جذبت ذيل سفر ليرقص معهما، وراحت تقول في حب شديد:
-إني الآن في أسعد لحظات حياتي.

لقد تعبت كثيرًا في حياتي، لقد كانت تعاملني زوجة أبي بقسوة وغلظة شديدة، ولولا البلورة المسحورة، لكنت الآن أصرخ من جذبها وشدها لشعري الناعم، لقد كانت تحقد على شعري جدًا، لأنه أسود وناعم كما الحرير.

كانت دومًا، تلهبني بيدها القوية، لا أعلم من أين أتت بهذه القوة التي كانت تستخدمها معي أنا وأبي، والغريب أن أبي رغم قسوتها وغلظتها معه، كان يحبها ويعشق اهانتها له.

لقد كانت تهينه دومًا أمام الجميع وهو يزداد مع كل إهانة حبًا وغرامًا، حقًا كما يقولون إن مرآة الحب عمياء، لكن دعونا من حديث هذه اللعينة وهيا نغني بصوت عال، سفر يا سفر، أنت أمهر من البشر، تشجع يا سفر.

اندمج الجميع في الرقص، وفجأة طل عليهم من فتحة البيت رأس حوت ضخم فصرخ الجميع في رعب شديد.

يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي