الفصل الخامس

الفصل الخامس ....

يحيى .... عدى أسبوعين على اللى حصل ويزن ونادين اتنقلوا عندنا البيت ... بابا جهز اوضتى اللى عنده ليهم لأن مكانش ينفع يفضلوا لوحدهم بعد كده ... نادين كانت حالتها صعبة جدا بس كلنا كنا جنبها وأوقات كتير كنا بنحاول نخرجها من اللى هى فيه علشان مش حابين تكمل فى سكة العلاج النفسي والمهدئات ... أغلب الوقت ماسكة مصحف فى ايديها وقاعدة لوحدها بتصلي ... نهال بتقضى معاها وقت كتير علشان تهدا ... بابا واضح عليه الحزن والكبر ... كأن سنه زاد بعد أخوه ما مشي ... ماما طول الوقت تبكي على صاحبتها اللى راحت ومش بتسيب يزن لدرجة أنها أوقات تدخل تنام جنبه لو سمعت صوته بيبكي بالليل ...
وفى يوم راجع من الشغل ...
فاطمة: أنت جيت يا حبيبي.
يحيى : اه يا ماما ... إيه الأخبار والجماعة فين ؟
فاطمة: نهال راحت مشوار عند صاحبتها وأخدت يزن معاها وباباك لسه مرجعش من الشغل ونادين دخلت شقتهم تجيب حاجات من هناك .
يحيى : نادين فى شقتهم ! . وسيبتيها لوحدها يا ماما ؟! هى هناك من امتى ؟!
فاطمة : بقالها حوالى ساعة ... انا قولت يمكن عايزه تتونس بحاجات مامتها وباباها وتحس بوجودهم فسبتها براحتها .
يحيى : ازاى يعنى افرضي حصلها حاجه ولا انهارت كالعادة ؟!
فاطمة : بعد الشر يا بنى اكيد لأ .. إن شاء الله خير .
يحيى : طيب روحى شوفيها .
فاطمة : انت هتقلقنى ليه بس انا مستنيه حد هيجيب الغدا ... بص روح هاتها لغاية ما الراجل يجى احسن يرجع تانى .
يحيى .... كانت أول مرة ليا ادخل بيت عمى من بعد اللى حصل ... كل حاجه ساكتة وحزينة كأنها حاسة أن اصحابها مشيوا وسابوها ... وجع وحسرة وقهرة ملت قلبي وأنا واقف فى نص البيت مش لاقى حد حواليا ... قريت ليهم الفاتحة ودخلت خبطت على باب أوضة نادين ... ملقتش رد ... خبطت تانى برضو مفيش رد ... فتحت الباب بسرعة لاقيتها فاضية طيب هى راحت فين ... فتحت كل الأبواب مش موجوده لغاية ما وصلت لأوضة نوم عمى ... دخلت لاقيتها نايمة على الأرض فى وضع الجنين وحاضنة مصحفها ... حسيت أن كل جزء فى قلبي بينزف من الألم عليها ... ناديت عليها بهدوء بس لسه مش بترد ... سمحت لنفسي وقربت ليها نزلت على ركبتى جنبها على الأرض .
يحيى : نادين ... نادين فوقى .
نادين (بصوت نعسان ) : سيبنى يا بابا شوية .
يحيى : فوقى يا حبيبتى .
بدأت تفتح عينها وتستوعب اللى بيحصل لغاية ما لاقتنى قدامها... قامت مفزوعة وحطت أيدها على الحجاب تتأكد أنه فى مكانه ... فقومت من قصادها وبعدت عنها شوية ... قربت من الدولاب وسندت عليه وهى قاعدة على الأرض .
يحيى : ممكن أقعد أتكلم معاكى شوية ؟
هزت رأسها بإيجاب فقعدت جنبها على الأرض بس بعيد شوية عنها .
يحيى : أنا عارف أن الحدث جلل وأن المصيبة كبيرة ليكى ولينا كلنا وحاسس بيكى جدااا ... لكن أنتى شايفه بقيتى عاملة ازاى ؟! شايفه أن ده اللى ربنا أمرنا بيه عند الحزن ؟! بلاش كده ... شايفه يزن بقي عامل ازاى وحالته ايه وأنه لما بيشوفك كده بيضعف اكتر وبينهار ... طيب أنتى عايزاه يضيع هو كمان ؟!
(كانت باصه فى الارض ودموعها بتنزل فى صمت ...)
يحيى : أنا مش عايز أوجعك أنا عايزك تفوقى ... أنتى فى تانيه ثانوى والمفروض تجيبي مجموع علشان تدخلى كلية ترفعى بيها رأسهم وتفرحيهم ... هما أكيد حاسين بيكى أنتى ويزن ... يزن يا نادين محتاجك ... أحنا موجوعين وبسببك موجوعين أكتر وقلوبنا بتتحرق طول الوقت من خوفنا عليكى .
يحيى ....كنت بقولها أنا حاسس بإيه ... كل كلمة نطقتها كانت منى أنا ... وجعها بيوجعنى وبيحرقنى ... أبسط حاجة أنها قصادى ومش قادر اطبطب عليها حتى ... لقيتها رفعت عينها لأول مرة من وقت ما قعدنا .
نادين : أنا تعبانه أوى يا يحيى ونفسي اروح لهم ... مكنش ينفع يسيبونى ويمشوا ... أنا من غيرهم معرفش حاجة ... أنا مش قادرة أتحمل مسئولية نفسي هشيل ازاى مسئولية أخويا ... أنا مش عارفه اعمل حاجة ومش قادرة أعيش ... أنا عايزه أروح لهم يا يحيى .
يحيى ..... دموع ... دموع كتير نزلت من عينيها وهى بتتكلم ... لكن الدموع دى مكانتش بتنزل على خدها ... كانت بتنزل على جرح فى قلبي بتألمه ... أعمل ايه متكتف ومش قادر أقربلها ... قد كده هى بتفكر وشايله الهم ... قد كده هى خايفة من الدنيا وحاسه ضعيفة .
يحيى : ليه يا حبيبتى بتقولى كده ؟ أحنا حواليكي ومحدش فينا هيسبكم يوم واحد ... أنتوا جزء مننا هو انتى مش حاسة بكده ولا ايه ؟
نادين : من وانا صغيرة واحنا لوحدنا فى البلد اللى كنا فيها مكانش قدامنا غيرهم ولما جينا اه اندمجنا معاكم وبقينا وسطكم لكن برضو فكرة الاختلاط مع اللى بره كانت صعبة بالنسبالى على الأقل ... بابا كان مٌصر أننا ننزل ... هو كان حاسس أنهم هيمشوا ويسيبونا وكان عايز يطمن علينا معاكم يا يحيى ؟
يحيى..... مكنتش عارف أرد عليها أو أهديها ...
يحيى : كل واحد فينا ليه معاد يقابل وجه كريم ... سواء كنتوا هنا أو هناك محدش ضامن نفسه ... دا قدرهم وكلنا هنروحلهم ... أهم حاجه أنتى ادعيلهم يكونوا فى مكان أحسن من هنا ... ثم أنا جاي علشان أقولك فوقى تقومى تقعدينى جنبك أعيط زى الولايا كده .
يحيى .....وسط دموعها رفعت راسها وابتسمت ساعتها حسيت قلبى رقص من الفرحة .
نادين : بس أنت معيطتش .
يحيى : يا شيخة عايزانى أعيط كمان أتقى الله دا انا سايب اللى ورايا وقدامى وقاعد جنبك فى التلج ده ومش عاجبك .
يحيي .... ضحكت تانى بس بصوت أعلى شويه وهى عينها فى عينى ... إيه ده قلبي بيزغرط ... وحياة أمى قلبي بيزغرط ... كنت لسه هرمى افيه ينعنشها لاقيت صوت جاى من ورايا مكنتش متوقعه الصراحة ...
ميرنا : لا والله ... يعنى أنا مستنياك من الصبح وأنت قاعد هنا وبتضحك وبتهزر ... (بتبص بصه استخفاف لنادين ) ... وأنتى يا هانم يا حضرة الشيخة مش حرام برضو تقعدى مع راجل غريب عنك فى مكان لوحدكوا وهادى واضائته هادية والدنيا بتشتى والجو so romantic كده .
يحيى (وقف بغضب ) : أنتى أتجننتى ؟ إيه اللى بتقوليه ده ؟ وإيه دخلك هنا أصلا ؟
ميرنا : والله !!! .لقيت حضرتك مطلعتش لسه فقولت أجى بنفسي أشوف جوووزى بيعمل ايه ... فلاقيته قاعد مع الأستاذة وناسي أنه المفروض يطمن عليا الاول .
يحيى : لا دى هبت منك على الاخر .. على أساس انى مكنتش بكلمك قبل ما أدخل البيت على طول ... اتفضلى اطلعى على فوق وبطلى جنان .
ميرنا : انت لو مطلعتش معايا حالا أنا هوريكم الجنان على أصوله .
نادين : اطلع يا يحيى مع مراتك وانا هروح لطنط فاطمة .
يحيى : أطلعى يا مدام قدامى ... وأنتى يا نادين يلا علشان مش هسيبك لوحدك اكتر من كده ...
يحيى ..... خرجت نادين فى الأول وبعدها ميرنا وبعدهم أنا ... كنت وقتها حاسس أنى هرتكب جناية ... بس أنا اللى استاهل اللى عملته فى نفسي ... خصوصا بعد ما لاقيت طريقتها مع نادين ... طلعنا على شقتنا على طول بعد ما خرجنا وكانت عفاريت الكون بتتنطط فى وشي .
يحيى : إيه اللى أنتى عملتيه ده ؟
ميرنا: عملت ايه يعنى شوفت جوزى قاعد مع واحده لوحدهم عايز يكون رد فعلى ايه يعنى ؟
يحيى : وأنا كنت بعمل معاها إيه ... كلامك ملوش أى معنى ثم ده بدل ما تقربى من البنت بعد اللى حصلها وتعتبرها اختك الصغيرة بتعملى كده فيها ؟
ميرنا : أنا معنديش أخوات ثم سبتلك أنت الحنية والطيبه ياروحى ... هى ايه اللى مقعدها فى بيتك اصلا ماتروح لخالتها ولا لعمتها ... تقعد هنا ليه ؟
يحيى : دا بيتها مش بيتى ... ثم أنتى مالك اصلا إيه يدخلك فى حاجه زى دى خليكي فى حالك وفى شقتك أنتى فاهمه ؟
ميرنا : لأ دا مالى ومالى أنت ناسي أنا مين وبنت مين ولا ايه ! يحيى أنا لو شوفتك واقف مع البنت دى هزعلك وهزعلها ... فاهم .
قالت جملتها ودخلت أوضتها وقفلت الباب وراها ... أنا فى الوقت ده كان هاين عليا أرمى عليها اليمين ... لكن للأسف مش هقدر ... خرجت من البيت كله وأنا مش شايف قدامى ...
عدت أيام بعد اللى حصل ده اتكلمت فيهم مع نهال أنها تقرب أكتر من نادين وتحاول تخرجها من الوضع اللى هى فيه ده ... كنت بحاول أتجنبها فى وجود ميرنا بالذات خوفاً علي نادين من ردود أفعال ميرنا ...
بعد فترة أتقدم عريس لنهال وكان حد كويس جدا وبابا وافق عليه ... واتفق على خطوبتهم اخر الشهر ... كانت الدنيا تمام وكنت فرحان بس وقف فرحتى دى زيارة من خالة نادين ويزن لينا ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي