إحياء الموتى الفصل السادس

وقفت ليلى امام الباب الخشبي العتيق تلتقط أنفاسها المتلاحقه بصعوبه ثم مدت يدها نحو مقبض الباب لتفتحه مصدرا صريرا مرعبا, خطت ليلى بهدوء حذر إلى داخل الغرفة ذات الأرضية الخشبية المتهالكة وقد ارتفع صوت وقع خطواتها البطيئة الحذرة, كانت الغرفه قد أمتلئت بالشموع المضاءه على جانبيها وقد خلت تماما من الآثاث إلا من لوحات غريبة قد امتلئت بها الجدران وتلك الثريا المعلقة بالسقف في منتصف الغرفة على شكل نجمه خماسية وقد علت الشموع اطرافها الخمسه, وأسفل تلك الثريا تماما كانت هنادي في أغلالها المعدنية جالسة القرفصاء وقد أولت ظهرها للباب الذي دخلت منه وقد دفنت وجهها بين ركبتيها المضمومة إلى صدرها فلا يرى منها سوى شعرها الأشعث الكثيف وهي تتمايل برأسها يمينا ويسارا في إيقاع هاديء منتظم وهي تتلو ترنيمة غريبة غير مفهومة.

لم تلتفت هنادي إلى ليلى التي اتخذت مسارا دائريا بعيدا عنها لتلتف حولها وتقف على بعد ثلاثة أمتار في مواجهتها وقد تكاثفت الأنفاس التي تزفرها لتشكل بخارا مرئيا أمامها كما لو كانت تسير بين الجليد, أخذت ليلى ترمقها بنظرات قلقة متوترة حتى استجمعت شجاعتها في نداء واحد باسمها (هنادي) ولكن رغما عنها خرج صوتها خائفا مرتعدا, توقفت هنادي عن الترنيم والتمايل كأنما انتبهت لوجود ليلى فجأة ثم رفعت رأسها ببطء لتنظر إلى ليلى نظرة باردة لا توحي بأية مشاعر كأنما لا تراها.

لم تعرف ليلى ماذا تفعل وقد انطلقت أصوات إخوتها في عقلها (أهربي يا ليلى، أهربي يا ليلى)، كان صوتهم يدوي في عقلها مدويا حتى أنها لم تستطع تحمله فوضعت كفيها على أذنيها بتلقائية وهي تصرخ (كفى) وهنا انتفضت هنادي واقفة من جلستها في مرونة عجيبة وهي مصفدة بأغلال حديدية, وفجأة ارتفعت أصوات دقات طبول وصيحات همجية كما لو كانت في قبيلة لآكلي لحوم البشر فى الأدغال الأفريقية, وأخذت هنادي تتلوى داخل أصفادها حتى انتزعت القيود الحديدية من معصميها وحول جسدها وألقت بها بإهمال تحت قدمي ليلى وهي تنظر إليها نظرة وحشية غاضبة, نظرة أسد يتحضر للوثوب على فريسته.

تدلى فك ليلى في ذهول وهي تراقب هنادي التي بدأت تتلوى مرة أخرى ويصدر عن جسدها أصوات عظام تنتزع وقد بدأ جسدها في التحور وبشرتها في التحول إلى اللون الأحمر, أما ملامح وجهها فصارت تتبدل وتتغير إلى ما يشبه وجه الماعز وبدأ قرنين ينبتان في رأسها بنفس اللون الأحمر الدموي.

وفي حركات سريعة متوالية متوافقه مع ايقاعات الطبول بدأت هنادي تتراقص بطريقة عنيفة كأنما تؤدي طقس ما, ثم زاد ايقاع الطبول بشدة لتتوقف مع دقة عنيفة وتعود تتزايد لتتوقف مرة أخرى مع نفس الدقة العنيفة ومع كل دقة من تلك الدقات كانت هنادي (بصورتها الجديدة) تتجسد مرة أخرى ليبلغ عدد النسخ منها خمسه موزعين على نسق أطراف النجمة الخماسية حول نجاة وهنادي الأصلية التي كانت متوقفة منذ البداية تحت النجمة الخماسية وجميعهم يؤدون نفس الرقصة العنيفة على دقات الطبول في تناسق عجيب.

وقفت ليلى في وسطهم في رعب متجمدة الأطراف عاجزة عن الحركة, حاولت الصراخ ولكن لم تتجاوز صرختها حنجرتها, وتغير نسق الطبول وبدأ تلك النسخ الشيطانية في الإقتراب من ليلى بنفس نسق النجمة الخماسية, وليلى تتلفت حول نفسها لا تعرف من تواجه أولا بينما كانت نسخة هنادي الأصلية تدق بقدميها التي تحورت إلى ما يشبه أقدام الماعز على الأرض الخشبية بقوة مع دقات الطبول وتحني رأسها للأمام وقد تركزت نظراتها على نجاة التي تدور حول نفسها في فزع من النسخ الخمسة التي تقترب منها رويدا رويدا، وانطلقت هنادي الأصلية تركض بقوة وهي محنية الرأس ليلى وقد وجهت قرونها الحادة نحوها, لمحتها ليلى وهي تهاجمها ولكن الوقت كان متأخرا جدا وانغرست قرون هنادي في بطن ليلى واخترقتها بقوة.

لم تشعر ليلى بالألم كما كانت تتوقع, ولكنها انحنت بصورة تلقائية لتلفظ إخوتها الستة من فمها ليتساقطوا على الأرض أمامها, ما أن لامسوا الأرض حتى قفزت كل نسخه من نسخ هنادي على واحد منهم بما فيهم هنادي الأصلية التي انتزعت قرونها من جسد ليلى فسقطت الأخيرة على الأرض.

كانت هنادي ونسخها يمدون أيديهم ذات المخالب ليغرزوها في أجساد إخوة نجاة المبعثرون على الأرض وينتزعون قلوبهم غريبة الشكل ذات اللون الأسود فيصرخون صرخة متألمة طويلة مستمرة, تلاحمت صرخاتهم معا في صرخة مدوية في أذن ليلى التي اعتدلت فجأة واستيقظت من تلك الرؤيا المخيفة على صوت القطار الذي تستقله مع سعيد متوجهة إلى القرية التي تسكنها هنادي وأسرتها وهي تشهق في فزع لتلفت انظار ركاب القطار الآخرين.

كانت ليلى تتصبب عرقا وقد بدا الإرهاق والإحراج على وجهها, انتفض سعيد حين سمع شهقتها والتفت اليها ليسألها في قلق.

سعيد: ما الأمر يا ليلى؟! هل أنتي بخير؟

ابتلعت نجاة ريقها والتقطت أنفاسها ثم أجابته.

ليلى: أنا بخير ياسعيد لا تقلق مجرد كابوس.
سعيد: كابوس ام رؤيا يا ليلى؟ وهل يتعلق بتلك الفتاة (هنادي)؟
هنادي: نعم, ولكنه مجرد كابوس بسبب صوت القطار فأنا لست معتادة على الخروج من المنزل كثيرا كما تعلم.
سعيد: يا لك من عنيدة!

ثم أردف قائلا وقد اصطبغت لهجته ببعض الحنان وهو يهمس لها ناظرا في عينيها مباشرة.

سعيد: أنتي لا تعلمين كم أشعر بالقلق عليكي.

برز صوت أنثوي في عقل ليلى من إحدى أخواتها (كم هو رقيق حديثه وتلك النظرات في عينيه).
فأجابها صوت الأخ الغاضب دائما يقول في ضيق ( أراه سمجا ومبتذلا وتنتابني الرغبه في صفعه على وجهه)
تجاهلت ليلى ذلك الحوار كما تجاهلت أسلوب سعيد الذي يحاول التقرب لها والتعبير عن مشاعره وأجابته في جدية.

ليلى: لا تقلق ياسعيد إنها ليست أول ولا آخر جلسة علاج أجريها.
سعيد: فلندعو الله ألا تكون كذلك.
ليلى: أخبرني من هم الفارسين اللذان كلفهما والدي الشيخ مسعود بمعاونتنا في الجلسة؟
سعيد: إنهما الفارسان حمزه وسفيان من أشجع قادة جيوش العمار لعشائر قبيلة الشجعان المقيمه في جبل شمهورش ببلاد المغرب ولكل منهما فرقة من المحاربين من العمار(الجن المسلم) سوف يستدعونهم في حالة تطور الأمر إلى هذه الدرجة وجميعهم من المردة الأقوياء.
ليلى: لهذه الدرجة؟
سعيد: يبدو أنكي لا تستوعبين خطورة الأمر الذي نحن بصدده ياليلى وهذا ما حاولت أن أوضحه لكي في محادثتنا السابقة مع أبي الشيخ مسعود.

صمتت ليلى وأخذت تفكر وتتذكر كابوسها المفزع, ثم لم يلبث القطار أن وصل إلى المحطة المطلوبة ليجدوا الحاج/ منصور (والد هنادي) في انتظارهم ليصطحبهم إلى منزله الفسيح في قريته.

وبعد تقديم واجب الضيافة بدأت ليلى بالسؤال عن هنادي وطلبت توفير غرفه فسيحه لإجراء الجلسه وألا تحتوي على الكثير من الآثاث, وبالفعل أسرع أهل البيت بتجهيز الغرفه المطلوبه وبدأ سعيد في إخراج بعض أنواع البخور العطرة وبدأ يعمل على إشعالها.

وفي تلك الأثناء لمحت ليلى والدة هنادي ومعها شاباتان يقومان بنقل هنادي إلى غرفة في نهاية الرواق وما هي إلا دقائق حتى حضرت والدة هنادي لتخبرهم أن الغرفة جاهزة وأن هنادي بانتظارهم هناك.

ما دلفت ليلى إلى الغرفة حتى شعرت بالصدمه, فقد كانت هي نفس الغرفة التي رأتها في كابوسها ولكن مع اختلاف التفاصيل, كانت هنادي جالسة في نفس المكان على وسادة عريضة وبنفس الصورة التي رأتها ليلى في حلمها, تبع ليلى إلى الغرفة والد هنادي ووالدتها ومن خلفهما سعيد حاملا المبخرة التي يتصاعد منها البخور لتنتشر رائحة العود وتملأ الغرفة.

أخرجت ليلى من طيات ملابسها طبشورا جيريا ورسمت دائرة واسعه على أرضية الغرفة الخشبية العتيقة ووضعت داخلها ثلاث وسائد من المتناثرين في أرجاء الغرفة وهي تقول لمرافقيها..

ليلى: إجلسوا هنا ولا يغادر أحدكم تلك الدائرة, ولا يتدخل أحدكم في الجلسة مهما حدث أمامكم إلا إذا طلبت منكم ذلك.
سعيد: ولكن يانجاة لقد اتفقنا

قاطعته ليلى في حزم شديد.

ليلى: ستطيع تعليماتي او تغادر الغرفة ياسعيد

صمت سعيد وجلس متبرما إلى جوار والدي هنادي امام كلمات ليلى الصارمة وأسلوبها الحازم, فأخرجت ليلى كيسا صغيرا مليء بالملح بدأت تصب منه على خط الدائرة حتى أكتملت وهي تتمتم ببعض الآيات والأذكار.

زفرت ليلى لتزيل توترها والتفتت إلى حيث تجلس هنادي لتدور حولها في دائرة واسعه وتقف في مواجهتها على بعد ثلاثة أمتار وقد حملت بيدها زجاجة من الماء المقروء, ثم أشارت إلى سعيد إشارة ذات مغزى ليقوم باستدعاء الفارسين اللذان وصلا في التو وتوقفا على جانبي هنادي بانتظار تعليمات ليلى والتي كانت الوحيدة التي استطاعت رؤيتهم, كان حمزه وسفيان من مردة الجن الأقوياء الضخام حتى أن رؤوسهم كانت تبلغ سقف الغرفة. نظرت نجاة بعزم وشدة إلى هنادي وسمت الله وتوكلت عليه، و بدأت الجلسة.

ليلى:
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11))
(فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14))
بسم الله العظيم و سلطانه القديم آمرك أيها الجني أن تنطق الآن...أيها الفرسان أقيموا الفتاة..

وبالفعل أقام الفارسان هنادي واقفة على قدميها فاستطردت ليلى موجهة حديثها إلى هنادي (انطق بالحق بحق من قال للشيء كن فيكون).

ارتعد جسد هنادي ونطقت أخيرا بصوت أجش متقطع.

الجني: ماذا تريدين أيتها الفتاة أنتى وهؤلاء المردة؟
ليلى: أريد أن أعرف ما الذي أتى بك في جسد تلك الفتاة؟
الجني: هذا الجسد ملك لنا؟
ليلى: ماذا تقصد ب(لنا) من أنتم؟ هل هناك غيرك في جسدها؟
الجني: إننا عشيرة من جن المقابر يبلغ يربو عددنا عن الثلاثة آلاف جني ولا قبل لكم بمواجهتنا فارجعي من حيث جئتي.

نظرت إليه ليلى في غضب وهي تصرخ به.

ليلى: هل تجرؤ على تهديدي أيها الجني الحقير.

أمتلأ صوت الجني بغضب عارم فأجابها وهو يضغط على حروفه من شدة الغضب.

الجني: إياكي أن تعيدي تلك الكلمة مرة أخرى وإلا أصبح مصيرك كمصير من سبقوكي وحاولوا إخراجنا من هذا الجسد ولا تدعي تلك الأصفاد تطمئنك فما كانت لتمنعني عن البطش بكي وبمن معك و.. وبمن هم في داخلك، ما أنتي أيتها الفتاة؟ أأنتي بشرية حقا؟

أمتقع وجه ليلى وبدأت ترتعد في أعماقها من شدة التوتر ولكنها أستطردت في غضب.

ليلى: أصمت أيها الجني وإلا أحرقتك أنت وعشيرتك ولا أبالي.

وهنا أرتفعت أصوات الإخوة داخل ليلى في قلق.

صوت: لقد كشف وجودنا ياليلى لا تستكملي تلك الجلسه سيكون ذلك خطرا.
صوت غاضب: هل تريدنا أن نهرب امام ذلك الوغد!
صوت أنثوي: إن كان ذلك خطرا ما المانع من التراجع؟
الصوت الغاضب: ليلى دعيني أتعامل معه أنتي متوترة وخائفه, لقد كشف وجودنا في كل الأحوال.
صوت أنثوي: ألم يكفيك ما فعلته في المرة السابقه في منزل فايزة؟
الصوت الغاضب: أنا لا أطلب ذلك إلا عندما أجد الوضع أصبح يشكل خطرا على ليلى وعلينا جميعا.

قاطعتهم ليلى وهي تصيح بشدة داخل عقلها دون أن تحرك شفاها.
ليلى: صمتا جميعا لا أستطيع التركيز مع هذا الجني اللعين.

كان هذا الحوار دائرا داخل عقل ليلى في أثناء حوارها مع الجني في جسد هنادي والذي استطرد حديثه قائلا.

الجني: دعيه يحاول حتى يلاقي عاقبة أمره، أزيلي تلك النظرة البلهاء من على وجهك، نعم، أنا أسمع حواركم جميعا منذ بدايته وقد بدأت أستمتع بالأمر حقا،
ليلى: أنت من سيلاقي عاقبة أمره أيها الحقير ولسوف تحترق أنت وعشيرتك فقد فاض الكيل، أيها الفارسان فليجثو على ركبتيه.

لم تكد ليلى تنهي عبارتها وتخطو خطوة في اتجاه هنادي و قد بدأ الفارسان في تكبيل حركة الجني كما أمرتهم ليلى, حتى أشتعل الموقف فجأه وبدون مقدمات.

إرتعد جسد هنادي بشدة وأخذت أطرافها تتلوى في كل الإتجاهات حتى أن الماردين المساعدان لليلى كانوا يسيطرون على جسدها بصعوبه رغم حجمهم الضخم, وأمام عيني ليلى خرجت أذرع عديدة من جانبي هنادي لتخترق أجساد المرده وتنتزع قلوبهم ليسقطوا من فورهم شهداء إلى جانبي هنادي وقد أطلق كل منهما صرخة مدوية كادت تصم أذني ليلى وأخوتها بينما سعيد ووالدي هنادي لم يروا أو يسمعوا شيئا من ذلك, اعتدل جسد هنادي وقد بدأ وجهها يتغير ويتحور ثم انتزعت الأغلال في قوة وألقت بها تحت قدمي ليلى وارتفعت أصوات طبول أفريقية مرعبة.

وقفت ليلى في ذهول ألجم لسانها وهي تشاهد كابوسها يتحقق أمام عينيها وهي تستمع إلى دقات الطبول التي سمعتها في كابوسها المرعب حتى أنها لم تستطيع سماع أخوتها يطالبونها بالهرب سريعا, لقد تجمدت ليلى في مكانها واتسعت عيناها وتسارعت أنفاسها وكاد قلبها أن يتوقف بين ضلوعها من شدة الرعب وقد استسلمت تماما لمصيرها الذي رأته في الكابوس.

تحولت عينا هنادي إلى اللون الأحمر وقد بدا جسدها قد انتفخ قليلا وظهرت على وجهها علامات الغضب والشراسة وهي ترمق ليلى بنظرات نارية حانقة, هب سعيد لكي يساعد ليلى ولكن والد هنادي أمسك به بقوة ليمنعه من مغادرة الدائرة طبقا لتعليمات ليلى بينما انهارت والدة هنادي تماما وأوشكت أن تفقد وعيها لهول ما تراه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي