البارت السابع

لا مفر.

-اووو لقد اتيت أيها الملك واخيراً، ما الامر يا رجل؟ حسبتك خلدت للنوم وتأخذ قسطاً من الراحة.

قال تلك الكلمات وترسم تلك الابتسامة الساخرة على ثغره، ينظر إليه بطرف عينه وهو يصب كوبا من الماء ويعطيه إياه.

-تسخر مني ايها الزعيم؟ حسنا لن اتحدث بالامر الآن لكنك سترى بأم عينيك كيف سيحصل الأسد على فريسته ويتلذذ بالتهامها في عرينه الخاص.

قال تلك الكلمات وهو يأخذ منه كوب الماء، ثم ارتشف رشفة منه ووضعه جانباً ثم قالك بتكبر وهو يقف أمامه وجها لوجه:
-توافقني الرأي أليس كذلك؟

اردف يتقدم بضع خطوات ليجلس على تلك الاريكة المجاورة لمقعد الزعيم الخاص، يضع قدماً على الاخرى بثقة، يجلس الزعيم على عرشه بكل اريحية، ينظر إليه بلئم قائلاً:
-سنرى، دعك من هذه الحرب الآن وتذكر أن لدينا حرب اخرى نخوضها مع تميم واصدقائه.

تقدم الخادمة القهوة، تلك التي تنبض منها الانوثه والدلال لمستر ليو، تتقدم بخطوات هادئة تتبختر كعروس في ليلة زفافها بذاك الفستان القصير الذي يبرز جمال فخذيها، تميل إليه مبتسمة، وتسقط عيناه وسط نهديها وتلك الفتحة اعلى صدرها تظهر مفاتنها، يسترق هذا الخبيث النظر ويتقدم لأخذ قهوته معتدلاً في جلسته، يعض على شفته السفلى قائلاً:

-يا لجمال هذه القهوة واروع ما فيها أنها ساخنة، ساخنة للغاية.

بتر الزعيم لحظاته التي يستمتع بها ورمق تلك الخادمة بنظرات التوعد والغضب قائلاً بحدة:
-كريس؟ إلى عملكِ.

وقفت معتدلة برهبة من تلك النظرات التي رأتها منه، وهمت مسرعة بالذهاب:
-أمرك سيدي.

عاد لموضعه متنهدا وارتشف رشفة من فنجانه ثم قال:
-اسمع أيها الزعيم، اخبرني؟

وضع الزعيم قدما على الاخرى وهو يشعل سيجاره البني:
-ماذا سنفعل لإقناع تميم وتاو ولي هان بدفع المال؟ افكر في أن…

بتر حديثه قائلاً بتهكم:
-هل تقدم على بناء ملجأ للاطفال أيها الزعيم؟

تعجب من سؤاله قائلاً باستغراب بعدما اعتدل في جلسته ويضع قدمه ارضا:
-لا.
-اذا لم تريد تعلم كيفية الإقناع والتأثير على احدهم؟
تأجم من حديثه، وهو يرمقه بتلك النظرات الصامته التي يكبت خلفها بركان من الغضب، ثم انفجر قائلاً:
-التزم حدودك ليو وتحدث بادب، هل نسيت مع من تتحدث؟ إياك أن تتجرأ على اللعب معي وإلا…..

بتر حديثه قائلاً بهدوء:
-تمهل ايها الزعيم لم أقصد بالطبع ما فهمته، لكن اردت ان الفت نظرك إلى ماتحاول فعله، أنت تقلل من شأننا في محاولة إقناع ثلاثتهم وانت تعلم جيداً انهم لن يستجيبوا.

وضع فنجان القهوة على تلك الطاولة أمامه ووقف يضع يده في جيبه يمشي ببطء خطوات وهو يتحدث يحاول شرح الأمر:
-نحن لن نستطيع أن نتخلى عن مطالبنا هذه المرة اليس كذلك؟ أم أنك لديك رأي آخر؟

-بالطبع لا.
-حسناً وذلك يعني أنه لن يكون هناك مجالاً لتضييع الوقت في تلك المناقشات التي لا جدوى منها، لذلك القرار الوحيد هو الاستغناء عنهم.

وقف مصدوما من رأيه قائلاً بتعجب:
-كيف سنفعل ذلك؟! انهم من اهم اعضاء الحزب ليو، ولديهم سلطات عديدة في الحزب وخدمات متعددة ايضاً، كيف ستتخلى عنهم بهذه السهولة.

وقف أمامه بكل جمود وثقة واضعاً يداه في جيبه، يعتمر قبعته ويسمك بطرفها يرفعها الى اعلى قليلاً:
-من قال أننا سنتخلى عنهم، لكن القدر يشتاق إليهم.

وقف ينظر إليه يحاول اسيتعاب حديثه، اردف متجهاً إلى كرسيه وهو في صدمته يرمي بنفسه جالساً دون مبالاة:
-ماذا تقول؟! لا يمكننا فعل ذلك.

ذهب إليه يقف بجانب كرسيه، مال عليه يهمس في اذنه كأنه حية تصدر فحيحها وتلقي بسمها في اذنه:
-بلى يمكننا والا لن تكون الزعيم وسيستغى عنك" البيج كينج" وعن خدماتك ايضاً، ليس فقط ذلك بل وتخسر كل ما تملك وليس فقط الزعامة، تعلم أن لدينا صفقة كبيرة علينا إتمامها بهذا المال، فكر في الامر مليا ونتحدث لاحقاً، ساذهب الآن، اخبرني متى أتخذت قرارك.

ذهب السيد ليو باتجاه المطبخ وترك الزعيم جيمس في حيرته، وجد "كريس" الخادمة تعطيه ظهرها تعد الطعام، اقبل عليها بهدوء ثم أمسك بها من خصرها، ارتجفت خائفة واردفت تنظر من خلفها، ثم ابتسمت عند رؤيته قائلة:
-ارجوك سيدي لا يمكنك فعل ذلك هنا، سيغضب السيد جيمس ويطردني حتماً.

اقترب منها يضمها إليه وهو ممسكاً بخصرها:
-اذا لنخرج من هنا ايتها الجميلة.
-لا يمكنني الآن.
-حسناً يبدوا أنه علي الإنتظار، إذا سانتظرك بعد الدوام خلف القصر.
-حسناً لتذهب الآن ارجوك.

اقترب منها وكاد أن يقبلها إلى أن وضعت يدها حاجزاً بينهما، عاد للخلف قائلاً:
-حسناً لكني لا اعلم كيف سأنتظر كل هذا الوقت.
-هيا اذهب من هنا ارجوك.

خرج من الباب الخلفي للمطبخ والذي يؤدي إلى الحديقة الخلفية للقصر والتي رأى بها "يانج يوى"، وقف يتجول بنظراته على أمل أن يجد إحداهما، لكنه لم يجد شيئا وهم بالذهاب وفجأة يسمع صوت الحان جميلة تعزف على صافرة تشبه صوت الناي، تتبع مصدر الصوت حتى وصل لشجرة تتدلى منها اغصانها في حديقة القصر تسمى بشجرة" الأَثأَبُ" وهو شجر عظيم جداً من الفصيلة التُوتِيَّة، كثير الفروع، ويتدلى من فروعها يشبه الجذور.

كانت تلك الشجرة المفضلة في حديقة القصر للاساطير الثلاثة، لكن اكثرهم حباً لها هي" يانج يوي" حيث كانت تجلس تحتها وتعزف الحانها بآلتها المفضلة وهي" آلة ديزي" الصينية، آلة نفخية، تصنع من الخيزران غالباً ولها ستة ثقوب، احدها مغطى بورقة تصدر طنيناً من نوع خاص عند العزف عليها، يحبه معجبو هذه الآلة، وهي تعزف في المسرحيات وعلى طرقات الارياف والمدن للتسلية.

وقف خلفها يبعد عنها خطوات حتى انتهت من عزفها، يتحدث مع نفسه وهو يراقبها حتى يعلم أي منهم هي، يقول:
-اي منهم ياترى؟ من تكون؟ اتمنى أن تكون الثالثة واعلم هويتهم جميعاً، يا إلهي إن كانت الثالثة ستكون قد حققت أمنيتك الاولى مستر ليو.


قامت من اسفل الشجرة وتقدمت خطوات إلى الأمام حتى سمعت صوت اوراق الشجر المتساقطة اليابسة، كأن شخصاً ما يمشي عليها، اردفت تتجول بنظراتها قائلة
-من هناك؟ هل من احد هنا.

اختبأ خلف الشجرة يتحدث لنفسه بصوت منخفض:
-انها الاسطورة الاولى يبدوا أنها اول حظك مستر ليو.

يسمع صوت خطواتها تتقدم نحوه ببطء، ثم خرج من خلف الشجرة يظهر نفسه، صرخت خائفة حتى تأكدت من هويته، ثم همت بالذهاب، أمسك بيدها يجذبها نحوه قائلاً:
-مابك؟ لم لا تريدين التحدث إليّ، تهربين مني، هل آذينك؟

أبعدت يداه عنها وذهبت خطوتان ثم أمسك بها مرة أخرى:
-اخبريني ما الامر، أنا لا اريد منك شيئاً فقط اريد أن نكون أصدقاء، أنا حقاً اهتم لأمرك كثيراً، قد رأيت أني لا اريد شيئاً سيئا في غرفتك.

ابعدت يداه بغضب قائلة:
-ابتعد عني ارجوك، ولا تقاطع طريقي مجدداً والا ستندم على ذلك.
-حقا؟! ولم سأندم سيدتي؟
نظرت إليه بتهكم تردد في ذهنها:
-أنه حقاً شخص غريب الاطوار، كيف لي أن اتخلص منه؟

ابتعدت دون أن تجيبه، وبدأ يلاحق خطواتها مسرعاً إلى أن رأت من بين الاشجار"دياو تشان" و " وانغ تشاو" يقبلون عليها وهم يضحكون، أمسكت به ووضعت يدها على فمه تكتم صوته وأخذته تختبئ معه خلف بعض الاشجار، لكنها لم تعلم أنها من قلقها وخوفها أن يراها أصدقائها بعد أن وعدتهم بانها لن تلتقي به مرة أخرى رمت بنفسها بين احضانه دون قصد، بدأ يستغل تلك اللحظات يطوقها بزاعيه، وعندما تحاول إبعاده يشير إليها بانه سيصدر صوتاً فتعود كما كانت ملبية رغبته.


نظر إلى عينيها بينما تنادى صديقتها عليها ثم قال بصوت منخفض للغاية يهمس بكلماته:
-يالجمال عينيك، اتمنى لو انني امتلك هذه العيون إلى آخر العمر.

نظرت إليه بتلك الاعين المكحلة تتعجب إليه وتلوم نفسها على تلك الحالة التي وضعت نفسها بها بالرغم من ذلك إلا انها كانت تريد البقاء بين احضانه لتشعر بدفئها أكثر، تتسارع نبضات قلبها وهو مازال يتغزل بها دون توقف، وضعت يدها على فمه قائلة:
-اصمت ارجوك سيرونا.

شعرت "دياو تشان" بهمسات وبدأت تتجه إلى حيث هما:
-من هناك؟ يانج يوي؟ هذه أنت؟

ترتعب يانج يوي وتزداد ضربات قلبها وهي بين احضانه، ومازالت تضع يدها على فمه، نظر إلى حالتها فأمسك ببعض من الواح الخشب كانت موضوعة على جدار خلفه، قام بدفعها وإسقاطها حتى يبعد "دياو تشان" وفجأة بعد دفعه تلك الالواح مالت به تلك التي ورائه حيث كان يتكأ عليها واسقطتهم بداخل كوخ صغير، عادت "دياو تشان" إلى الخلف خائفة وهي تتسائل:
-من هنا؟ اظهر نفسك والا ستندم، من هنا؟
وفجأة يخرج كلبها الصغير" لاكي" من وسط تلك الالواح المتساقطة، ابتسمت "دياو تشان" بهدوء ثم أمسكت به قائلة:
-هذا انت لاكي أيها الصغير المشاكس، أعتقد أن هناك أحداً، أخبرني اين هي" يانج يوي" هل كنتما معا؟

تحدثت "وانغ تشاو" قائلة:
-لنذهب للبحث عنها اسفل الشجرة، ربما تجلس هناك هيا.
-حسناً هيا

ذهبتا، وانتظرت" يانج يوي" حتى ابتعدوا عن المكان بمسافة مناسبة تجعلهم لا يرونها، التقطت انفاسها وهي ملقاة على الارض فوجدت نفسها تعتليه ويطوقها بزاعيه، تحاول افلات نفسها والقيام لكنه لا يسمح لها، ثم انقلب عليها ليضعها أسفل منه ويعتليها قائلاً:
-يا لك من فتاة عنيدة، الم تري نفسك كيف كنت تترجيني منذ قليل، هيا تترجيني الآن حتى اسمح لك بالمغادرة.

لقد استفزتها تلك الكلمات فقامت بصفعة على وجهه بصفعة قوية اثارت غضبه بشدة، فأمسك بيديها إثر ضربه وقيد حركتها، فهو يمسك بها بيديه رافعاً إياها اعلى رأسها قائلاً:
-هل تعلمين ماذا فعلت الآن؟ لقد تجرأت على صفعي، لم يتجرأ احدا على فعلها قبلك؛ لذلك ستالين العقاب المناسب لفعلتك.

نظرت إليه بتوتر قائلة:
-ماذا ستفعل؟ هاي اتركني وشأني ابتع…..

وبتر تلك الكلمة مقتنصاً شفتاها بقبلة حارقة، تحاول المقاومة والتحرير لكنه سيطر عليها كلياً حتى اذاب اعصابها وجسدها وقلبها، لم تفقد المقاومة لكنها امتنعت عن فعلها.

دام الوضع بينهما عدة دقائق حتى استعادت وعيها ودفعته بعيدا عنها وقامت مسرعة إلى خارج الكوخ تركض إلى صديقتيها، وهو ملقى على الارض يبتسم فرحا بما فعله، نظروا إليها وإلى ملابسها المتسخة فقالت "دياو تشان":
-يانج يوي أين كنت؟ كنا نبحث عنك؟

قالت بتردد وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة:
-كنت ابحث عن "لاكي" فوقعت وانا اركض بحثاً عنه.

نظرا إلى بعضهما البعض وعادوا النظر إليها باستغراب، ثم قالت هي:
-هيا لتلعب الاوراق، احضرتها "وانغ تشاو"؟

أجابتها:
-أجل ها هي، لنلعب.

جلسوا يلعبون سويا ثم قالت "دياو تشان":
-هيا ينغ يوي اختاري ورقة لنرى حظك، وما يخبئ لك القدر.

سحب ورقة من بين الاوراق وأعطتها إياها، نظرت إليها "دياو تشان" قائلة:
-كاذبة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي