الفصل الثامن نينغ لينغيو

الفصل الثامن
نينغ لينغيو

رغم ضعف بصرها وضبابية الرؤية لديها، شهدت نينغ أكبر حدث تاريخي في حياتها ولن تنساه أبدًا.
قال فتى وسيم يبلغ من العمر 7 أو 8 سنوات بعيون بريئة "لماذا أنت مهملة للغاية؟ اذا تمزق قميصك ستضطر أمي إلى البقاء مستيقظة طوال الليل من أجل خياطته" سحب لينغ يون أخته لينغيو الحساسة من الأرض بعد سقوطها عن طريق الخطأ ونفض الغبار عن سروالها.
"هيا، خذي حلوى الحليب هذه. أنا لا أحب الحلوى!"
أعطتهما والدتهما حبتان من الحلوى. بينما كانت الأم تعد الغداء، عض لينغ يون شفتيه وسال لعابه. كان هذا عندما قدم حبة الحلوى الخاصة به إلى لينغيو.
"اذا تجرأتم على إيذاء أختي مرة أخرى سأنتقم ممكن شر انستقرام!" وقف لينغ يون العنيد ذو التسع سنوات في وجه صديقاتها اللاتي أردن التنمر عليها.
"لا داعي للخوف أخيتي، فأخوك الأكبر هنا لمساعدتك" لينغ يون الذي أصيب بكدمات بعد القتال، ابتسم وربت على كتف أخته الصغيرة ليطمئنها.
كانت الغمازة التي تظهر على خد لينغ يون كلما ضحك تشعر لينغيو بالفرح والطمأنينة، لذلك أومأت برأسها الصغير بكل قوتها.
مرت العديد من الذكريات الجميلة بين عينيها في لمح البصر و سرعان ما توقفت عند ذكرياتهما قبل 6 سنوات؛ تلك السنة، عندما بلغ كل من لينغ يون و نينغ لينغيو 12 سنة.
جملة بسيطة من طرف شخص ظالم استطاعت أن تدمر العلاقة بين الأخوين.
"اسم عائلتها هو نينغ، بينما اسم عائلتك هو لينغ وأنتما لستما شقيقين بيولوجيين! أنت مجرد يتيم التقطته أمها من الشارع، يتيم!"
لأول مرة لم يستطع لينغ أن يقف بجانب أخته ويحاول الدفاع. لأول مرة لم يستطع إمساك قبضته والانتقام فورا.
بسبب تلك الجملة القاسية والظالمة، تم تدمير قلب و شجاعة ونقاء شاب في سن المراهقة.
في الماضي، عندما بلغت نينغ لينغيو شهر فقط مرضت مرضا شديدا فأخذتها والدتها إلى المعبد من أجل الصلاة حيث وجدت لينغ يون الصغير وحيدًا عند مدخل المعبد ومعه ملاحظة صغيرة "لينغ يون"، قررت أخذه والاعتناء به. فقط ملاحظة من كلمتين "لينغ يون" و هو ملفوف في بطانية؛ لم يتركوا أي شيء آخر مع الطفل. من الواضح أن والديه الحقيقيين تركوه هناك لكي يلقى حتفه.
عرف الطفلان منذ البداية أنهما ليسا شقيقين بيولوجيين ولكن جمعت بينهما علاقة وطيدة كأنهما فعلا اخوين. وكانوا أفضل من معظم الأشقاء البيولوجيين، لطالما اعتبرت نينغ ان لينغ شقيقها وعاملته كانه كذلك تماما. حتى بعدما قال أحدهم تلك الكلمات القاسية، بقيت بجانب لينغ يون ولم تتركه و شعرت بالغضب أن والدتها لم تغير اسمه ليصبح مثلهم. كانت ساذجة لدرجة أنها ظنت أن شقيقها لن يتعرض للتنمر بمجرد أن يغير اسمه.
قالت والدتها عرضا "اسمه هو لينغ يون لذلك لن أغير اسمه. سيكون ذلك اسهل على والديه أن يجداه اذا أرادا البحث عنه في المستقبل "على الرغم من أن لينغيو لم يعجبها الأمر إلا أنها قبلت تفسير أمها. لكنها لم نتوقع أبدًا أن يتغير لينغ يون بعد سماع ذلك من الآخرين، لقد تغير كليا.
أصبح لينغ هادئًا جدًا، مكتئبا طوال الوقت، ومنطويًا على نفسه. لم يعد له أي تقدير لذاته، ابتعد عن أخته ولم يعد يحميها أو يدافع عنها أمام التلاميذ الذين يتنمرون عليها.
عرفت لينغيو أن هذا رد فعلي غير طبيعي، وأن لينغ لايزال يعتبرها أخته ويخاف عليها سرا. كان لينغ يستسلم لضرب المتنمرين شرط ألا يتعرضوا لأخته.
من كان ليظن أن لينغ كسب هذا كل هذا الوزن من أجل تحمل الضرب وتخفيف الشعور بالألم. لم تكن نينغ لينغيو تعلم السبب الحقيقي وراء اختيار لينغ لهذه الطريقة؛ رغم طوله وضخامته إلا أن جسمه هو الأضعف في الثانوية. جسمه ضعيف بشكل مرعب، لم يخبر أحدًا بهذه الحقيقة. إهانة التلميذ غير المقصودة للينغ يون غيرت مزاج لينغ بشكل جذري.
بعد عدة محاولات لإقناع شقيقها، استسلمت نينغ لينغيو وأصيبت بخيبة أمل كبيرة إلا أنه بقى لديها بصيص من الأمل؛ الأمل أن يرجع شقيقها كالسابق ويقف في وجه كل من يريد إيذائها ويحميها.
لذلك كانت دائما تحاول إغاظته وأحيانًا تجاهله أو النظر إليه بازدراء. فقط من اجل إيقاظ ذلك الشعور لديه؛ شعور الرجولة، وفخر الرجل بنفسه.
سمعت نينغ لينغيو هذا الصباح الشائعات حول لينغ يون وشتنشان ولكنها لم تتضايق أو اتخذ الأمر أي اهتمام لأنه حتى الحمقى يمكنهم معرفة أنه لا يمكن أن تكون أي علاقة بين شانشان و لينغ يون. إلا أنها انفعلت عندما سمعت يضرب شقيقها لزملائه في الغرفة.
غير معقول! لقد مر ست سنوات، سيكون من الجيد ألا يتعرض شقيقها الضرب من طرف زملائه كيف له أن يضرب أحدهم؟ لكن بعد رؤيتها له يحمل كيس الرمل و هو يجري في ساحة المدرسة، لقد صدقت أخيرًا وشعرت بالحماس لما تراه من تغيير في أخيها واغرورقت عيناها بالدموع.
لقد عاد شقيقها الأكبر الذي اعتاد أن يحميها ويحتويها في كل الظروف.
وقف رجل وسيم و أنيق، يرتدي ملابس باهظة ذات علامة تجارية معروفة على مقربة من نينغ لينغيو. نظر إلى نينغ لينغيو بنظرة ملتهبة مليئة بدلالات الشر بينما كانت دموعها منهمرة على خديها.
إنه كسي جونيان، زميل نينغ لينغيو في القسم؛ أحد الأربعة المدللين في ثانوية كوينغ شو. إلا أن نتائجه الجيدة جعلت الثلاثة الآخرين يبتعدون عنه. من لا يعرفه سيفتن بمظهره الأنيق وابتسامته الواثقة، سيصدق ما يراه حقا.
وقفت فتاة غنية وهي ترتدي ملابس فاخرة هي الأخرى مع حذاء كعب عالي و أحمر شفاه لامع حيث بدت جد مغرية ووضعت يديها حوله بإحكام ثم ثبتت نظرها على نينغ لينغيو هي أيضا. لطالما ظنت نفسها أفضل من الجميع، نظرت إلى نينغ بازدراء و استعلاء ولم تكلف نفسها في إخفاء ذلك لأنها لا تهتم لاحد. وهذا يثبت شيئا واحدة وهو أنها تغار بشكل كبير من نينغ لينغيو.
أنها الحسناء الثالثة في ثانوية كوينغ شو، زوانغ ماينا، ابنة أغنى رجل في مدينة كوينغشو، الرئيس التنفيذي لمجموعة زوانغ الطبية. تعتبر خلفيتها العائلية جد قوية وصلبة مقارنة بخلفية شانشان الغامضة؛ حتى أنه لا يمكن مقارنتها مع أي شخص.
زوانغ ماينا هي المثال للأيقونة الغنية الجميلة والمثالية.
بدأ كابوس نينغ لينغيو عندما وقعت مع زوانغ ماينا في السنة 12 ونفس القسم 1، وهذه كانت أكبر صدفة حزينة.
حتى وإن كانت تعتبر من بين أجمل ثلاث جميلات في ثانوية كوينغ شو، إلا أن شانشان و نينغ لينغيو دائما ما كانتا اجمل منها. ورغم كل محاولاتها في الظهور أجمل منهما سواء بمساحيق التجميل أو بالملابس الفاخرة إلا أن الشباب دائمًا ما اعتبروها ثالث فتاة جميلة في الثانوية.
كانت زوانغ ماينا مجتهدة أيضا في دراستها، إلا أنها لم تستطع التغلب على نينغ لينغيو التي تحتل المركز الأول على مستوى جميع الأقسام منذ السنة 10.
كانت خلفية شانشان معروفة، وفهمت زوانغ ماينا أنها لن تستطيع منافستها إلا أن خلفية نينغ متواضعة فهي تنحدر من عائلة فقيرة لا تستطيع حتى شراء ملابس جديدة؛ فكيف استطاعت دائمًا سرقة الأضواء منها؟
كل ما قيل لا أهمية له مقارنة بالسبب الرئيسي، إلا وهو أن كسي جانيان، ابن الوزير، الذي تحبه زوانغ ماينا سرًا منذ المدرسة المتوسطة معجب ب نينغ لينغيو وهو ما دفع زوانغ الى الجنون والغيرة الكبيرة من نينغ. حتى بعد رفض نينغ له مرارًا، بقي مصمما وأكثر عزما على الحصول على حبها منذ أكثر من سنتين ونصف.
بسبب الضغط الناتج عن امتحان القبول في الجامعة، اقتنع كسي جانيان بالعزوف عن ملاحقة حب نينغ لينغيو مؤقتا والقبول بزوانغ ماينا.
صدم مثلث الحب هذا كل من في ثانوية كوينغ شو وكان موضوعا دسما لكل من التلاميذ والأساتذة طيلة الثلاث سنوات الماضية.
نظرت زوانغ إلى كسي جانيان، الذي كلفها الحصول على حبه المؤقت وقتا طويلا، ثم أدارت نظرها إلى عدوتها اللدودة نينغ لينغيو؛ يمكن للمرء معرفة مدى الحقد و الغيرة لدى زوانغ ماينا بعد أول نظرة في عينيها. لم تستطع إخفاء المرارة والكره داخلها، ثم وجهت نظرها إلى الظل في ساحة المدرسة وهو يجري ببطء ثم أومضت ابتسامة شريرة على شفتيها. سخرت بصوت كاف لتسمعه نينغ لينغيو " جانيان، أنظر إلى ذلك الخنزير الغبي وهو يجري في ساحة المدرسة لينقص وزنه الكبير بتلك الطريقة، ما هذه السخافة؟"
في ثانوية كوينغ شو، كانت هناك شائعات أخرى مسلية لكل من الأساتذة والتلاميذ طوال ثلاث سنوات وتقريبا الجميع يعرفها إلا وهي أن الجميلة نينغ لينغيو لديها أخ غريب من أبوين مختلفين. إنه عديم الفائدة لينغ يون!
بينما كانت الأخت الصغيرة من بين اشهر ثلاث فتيات وأنجحهن، تخلى شقيقها عن دراسته منذ فترة طويلة. لقد كانت قطعة خردة عديمة الفائدة وكان ينتظر فقط نهايته.
"أنا حقا لا افهم كيف لشخص عديم الفائدة مثله أن يعيش حياة بلا معنى هكذا، يجب عليه أن يموت فقط" رأت زوانغ ماينا جسد نينغ يرتجف للحظات عند سماعها ما قالته فابتسمت ابتسامة شريرة وكانت حد راضية بذلك كما لو أنها سكين الوقود على النار.
فهم جانيان ما تحاول زوانغ ماينا فعله على الفور، فهي تحاول إغاظة وإذلال نينغ لينغيو. لكنه لم يحرك ساكنا فقط عقد حاجبيه و نظر إلى زوانغ ماينا.
لم تعد نينغ قادرة على استحمال اهانات زوانغ التي استمرت اكثر من سنتين، خاصة بعد سماعها الجملة الأخيرة. مسحت دموعها والقت نظرة أخرى على أخيها الذي يركض في ساحة المدرسة ثم تراجعت ببطء نحوها. كانت عيناها اللامعة حمراء قليلا إلا أنها نظرت ببرود تام إلى زوانغ، وهو ما جعل الأخيرة تخاف قليلًا، ثم قالت "أخي ليس عديم الفائدة، هل فهمت؟" كان صوتها مثل صوت العندليب. لقد كانت واثقة جدًا مما تقوله، ثقة لا جدال فيها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي