الضيف الغريب

الفصل التاسع والعشرون
سأكون
الجزء الثانى
تنظر إلي المكان في حيرة وقلق، كأنها لا تدرى أين هي بالفعل! أنها تشعر بأن هناك شئ تفتقده وتبحث عنه بعينيها، لقد استيقظت مفزوعة بشدة وهى تتنفس في عمق وفزع، تبحث عن صابر عن ما كان السند والعون، على من أحبها وجعل ابنتيه أميرات بالفعل يعشقون وجوده والآن هن لا يستطعن النوم وأن اتاها النوم تقوم فزعة تبحث عن صابر اولا وبعدها تبحث عن ابنتيها، الخوف يتملكها حتى النخاع ولا حل لديها لهذا الموقف على الإطلاق.
أسرعت بالوقوف للتأكد من أن الباب مغلق جيدا، لا تعرف لما هذا الفزع في هذا الوقت بالذات، لا يمكنها أبدا توقع ماذا يحدث له الآن، ولكنها تثق أنها في ضيق شديد .
يا الله ماذا تفعل؟ تشعر أنها مكبلة وليست على ما يرام هى متعبة ولا تدرى ماذا تفعل في حياتها، العمل الذى تقوم به بالكاد سيكفى إيجار الغرفة وتأكل ما يقيها شر الجوع فقط، ليس بيدها أن تبحث عن عمل آخر فالطفلتين لا يمكن تركهما بمفردهما أبدا.
تأكدت من القفل أكثر من مرتين متتاليتين وهى تتنهد في حزن و خوف شديد، لاحظت وجود صوت يسرى كقطع من الليل كحفيف أوراق الشجر عندما يضغط عليه أحد، وقف شعر رأسها في خوف ورعب كاد أن يوقف قلبها وانصتت للصوت جيدا وبالفعل شعرت أن هناك من يقترب من باب غرفتها محاولا ألا يصدر صوتا إلا أن سكون الليل كشفه.
وضعت يدها على فمها حتى تكتم صرخة كادت أن تفلت منها وبدأت تفكر في سرعة الصاروخ كيف تتصرف فى هذا المأزق الصعب للغاية.
بدأت تنظر حولها في ارتياع لتجد أى شئ يمكن يصلح كأداة للدفاع عن النفس إلا أنها اكتشفت خلو الغرفة من كل شئ.
زاد رعبها اضعاف مضاعفة وأسرعت نحو رضيعتها التى تبلغ من العمر شهرين على الأكثر وضغطت على يدها ضغطة مؤلمة مما جعلها تصرخ في قوة لتهتف هى في سرعة:
-  ماذا دهاكِ يا أمل يا بنيتي؟ هل تشعرين بالجوع أو العطش حسنا سأقوم فورا لأيقاظ أحد الجيران حتى أرى أن كان لديهم بعض من الحليب.
أسرعت ناحية الباب مرة أخرى لتسترق السمع مرة أخرى وتتنهد في راحة وعمق حين سمعت صوت ابتعاد الاقدام في سرعة وخوف .
دمعت عيناها وهى تهتف داخلها بصوت لو خرج لبكى كل من حولها في حزن وألم.
______
يصرخ على حين غرة وهو يستيقظ وعيناه تجحظان في رعب ويهتف :
-  أسماء ابتعد ايها الثعبان عن زوجتى.
تنفس في سرعة وخوف وهو لا يعرف ماذا يفعل حتى استيقظ زميله داخل العنبر وأسرع اليه في لهفة وخوف هاتفا في حيرة:
-  ماذا بك يا صابر؟ لما تصرخ هكذا؟ وعن أي ثعبان تتحدث؟
زاد تنفس صابر وانطلقت الزفرات والآهات من داخل قلبه وهتف في عدم صبر:
-  زوجتي في خطر، وأنا هنا لا حيلة لدى ماذا افعل لكي احافظ علي حرمة بيتى زوجتى وابنتاي يا رزق.
ربت رزق زميله داخل العنبر وينام معه في نفس المكان وهتف في تأكيد:
-  يومان فقط وسيكون لديك كل المعلومات التى تريح قلبك صديقى. فقط اهدأ ودع الأمر لنا ولن نخذلك مهما حدث.
كاد الرعب ان يطيح بالمتبقى من عقله فأمسك بتلابيب رزق هاتفا في ترجى:
-  أريد أن اخرج من هنا يا رزق، أشعر أن بقيت هنا لمدة قصيرة سأموت لا احتمل الإحساس بالظلم وفوقه القهر.
تطلع اليه رزق في تساؤل وهو يضيق عينيه:
-  هل تريد الخروج للانتقام يا صابر، هذا لن يكون، لن أسمح لك بتدمير حياتك وطفلتيك للأبد.
زفر صابر وتراجع للخلف في هدوء ظاهرى والنار تكاد تحرقه من الداخل وهتف في اختناق:
-  أريد فقط ان اظل مع زوجتى واعيش لهم ومعهم، لا أحد يستحق أبدا أن اضيع دقيقة من عمرى لأجله.
قالها وعقله يعود إلى الماضى القريب إلى حيث رفض التوقيع على وثيقة البيع الخاصة بأرض والدته وكان هذا هو البداية لتخطيط والده للتخلص منه وبأبشع طريقة ممكنة.
_____
كيف السبيل الغفران وأنت من بدأت بالهجر والحرمان، كيف السبيل للرضى وقد حرقت كل دفاترنا معا بلهب أزرق قضى عليها في لحظات قصيرة ولم يراعى عمرها الطويل.
حفل زفاف بسيط للغاية وانتهى الأمر في بضعة ساعات، ليجد عاطف نفسه زوجا لها، تلك الفتاة البسيطة الطيبة النقية والتى ستظل تحت شعار سأظل وفية حتى تشتاق للذرية.
خلع بدلته وفك رابطة عنقه وهو ينظر إليها في ضيق، يشعر باختناق شديد لا يستطيع التنفس الآن ولا حتى التفكير.
نظر إليها في حزن واقترب منها ليمد إليها يدا فترتعش كورقة في مهب الريح كأى فتاة تخشى شخصا أصبح زوجها منذ دقائق معدودة إلا أنه لم يفسرها هكذا بل اخذها بمأخذ الرفض له كشخص فيبتعد للخلف ناظرا إليها في خيبة أمل واضحة ويهتف في تقرير لما سيحدث:
-  هناك أمرا قررته وسننفذه سويا، زواجنا سيكون صوريا على الورق وأمام الناس نحن زوجان محبان ينعمان بالسعادة والهناء والحب اما هنا فلا يوجد بيننا إلا الاحترام .
لم ينتظر ردها على الإطلاق بل خرج مسرعا من الغرفة كأن الشياطين تطارده او أنه يهرب من الجحيم بعينه.
أما هى فتسمرت مكانها دون نطق وعقلها يصرخ في جنون متسائلا عن الجنون الذى توقعت نفسها به وهذا الأمر لا فكاك منه الآن بل الصبر ربما يحل الأمر من تلقاء نفسه ولكل مقام مقال.
نهاية الفصل الثامن والعشرون
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي