علا وسليمان

الفصل الثانى والثلاثون
سأكون
الجزء الثانى
ينفخ في غضب وضيق وهو يشير إلى مجموعة من الاولاد يقفون كدائرة في منتصف الملعب ويشيرون في سخافة لكل فتاة تمر أمامهم وهتف في غيظ:
-  علا لا تفعليها مرة أخرى لا يمكن أن أسمح لك بتكرار هذا الخطأ.
برمت شفتيها في طفولية وهى تهز ضفائرها الطويلة الجميلة للغاية هاتفة في حنق:
-  أريد أن أشترى بعض المقرمشات يا سليمان ولا طريق آخر إلا عبر المرور بهم .
جز على أسنانه وهو يهمس من بينهم في غيظ شديد هاتفا بنبرة خافتة:
-  وأين كنت أنا وقتها علا؟ لما لم تطلبى أن أشترى لك كل ما تريدينه ووقتها لن نحتاج لتلك الضوضاء مطلقا وخصوصا هؤلاء الفتيان ذوو الملابس وقصات الشعر الغريبة جدا.
هزت علا رأسها موافقة اياه وهى تعترف بداخلها انها بالفعل تخشى المرور من أمامهم فهم يلقون بالأشياء الحادة احيانا وفي بعض الأوقات تكن الفاظهم خارجة لا تحتمل .
أسرعت بتهدئة سليمان زميلها والذى كان لها السند منذ أن انتقلت إلى هذه المدرسة، كانت تشعر بالوحدة والخوف وكثير من الفتيات رفضن صداقتها بحجة لونها المائل للسمرة بشدة وكم أحزن هذا قلبها وجعل ثقتها تهتز حتى رأت سليمان والذى كان لا يسمح لأى شخص بأهانتها على الإطلاق بل دائما ما يقول أمامها ان اللون الأسمر لونه المفضل لون محبب للشمس أى محبب لأخته شخصيا وتضحك هى على نكته هذه في سعادة واضحة بسبب وجوده .
جحظت عينا سليمان وخبط على جبهته هاتفا في جنون وتوقع لما يحدث:
-  على ما يبدو أن هذا النهار لن يمر مرور الكرام أبدا، إذا ما وجدت صفاء ظهرت المشاكل.
نظر نحو علا هاتفا في صرامة وأمر واجب التنفيذ لها:
-  لا تتحركي من هنا مهما حدث وعندما يرن جرس دخول الطابور تذهبين بسرعة البرق إلى الفصل دون توانٍ، هل فهمتى علا؟
هزت رأسها في توتر وخوف وهى ترى جسده الذى بدأ في الارتعاش من شدة العصبية ووقفت مكانها دون حراك منتظرة أن تعرف ماذا هناك.
تحرك سليمان باتجاه صفاء التى وقفت في مواجهة أحد فتيان المجموعة في شجاعة وهى تكتف يديها في هدوء هاتفة في سخرية:
-  أنت يا هذا، ماذا حدث لشعر رأسك، هل قامت قطة بنتف جذوره.
ضحك الجميع من حوله حتى أصدقائه الملتفين حوله في حين ضرب هو بقدميه ارضا وهتف بها في صراخ:
-  ماذا تقولين أيتها الفتاة القبيحة شكلا الغبية عقلا، هل ضايقك أننا لم نعبرك بكلمة مديح واحدة منذ الصباح؟
عاد الجميع للضحك مرة أخرى وكأنهم في مباراة كلامية في انتظار معرفة من الفائز بها لتهتف صفاء في برود وعلى وجهها ابتسامة مستفزة:
-  حقا هل تتوقع إن قلبي قد يتحمل كلمة من سخيف مثلك لا قيمة للعلم داخله بل يأتى هنا فقط من أجل مضايقة الفتيات.
صرخ الفتى بها وهو يكاد يهجم عليها ليضربها ليمسك به أحد اصدقائه هاتفا في صرامة :
-  اهدأ سيف انها مجرد فتاة، هل ستضرب فتاة؟
ضحكت صفاء في سخرية شديدة وهتفت في غيظ:
-  بل الفتاة الصغيرة هي من ستضربه حتى لا يضع قدمه مرة أخرى أمام أختى الصغيرة ويسقطها ويجعل الجميع يضحك مع أنه هو المهرج لا غيره.
واتبعت قولها بالفعل حيث مدت قدمها لتضرب قدمه في قسوة ليصرخ هو في ألم ويرفع قدمه للأعلى لتضربه في صدره ليسقط أرضا وسط صياح وذهول الآخرين.
لم يتحرك أحد من الاولاد من حوله في حين وصل سليمان المكان ليكن شاهدا على ما حدث فيسحب أخته في سرعة بعيدا عنهم قبل أن يفيق أحدهم من الصدمة.
يهتف بها سليمان في ضيق:
-  متى سننتهى من ضرب الفتيان صفاء؟ صدقا هذا ليس بالأمر اليسير ويوما قد تحدث لك كارثة بسبب هذا الأمر.
أسرعت علا بالانضمام إليهم وهى تتنفس في خوف ورعب ودقات قلبها تسارعت حتى أصبح وجهها أشبه بثمرة باذنجان مائلة للون الارجواني، نظرت إليها صفاء في حدة وهتفت في ضيق:
-  ماذا تريدين يا علا؟ هلا تذهبين من هنا من فضلك ، أريد التحدث مع أخى قليلا.
تراجعت علا للخلف في حرج وهى تخفض بصرها للأسفل ثم استدارت واطلقت ساقيها للرياح في حزن ودموعها وشهقاتها تصلهما بوضوح.
تنهدت سليمان في ضيق وهو ينظر إلى صفاء مؤنبا إياها:
-  لما هذا التصرف السيء في حقها صفاء، لما التنمر عليها هى بالذات، توقعت انك ستكونين خير صديقة لها ولكن هذا لم يحدث بل بالعكس لقد أصبحت تكرهينها وتعاملينها بسوء أكثر من الآخرين.
مطت شفتيها وهى تبعد عينيها عنه في ضيق وغيرة وهتفت بنبرة بها الكثير من التملك ناحيته:
-  ألا يكفيها أنت تحميها وتهتم بها سليمان، لقد كفيت ووفيت أخى.
رفع عينيه إليها في دهشة ليفطن إلى الأمر أخيرا ويفسر سبب كراهية صفاء لها وهتف في هدوء:
-  كلا يا أختي العزيزة لا اصلح أن أكون لها صديقة ومدافعة، لا أحد هنا يصلح سوى صفاء ولم أتحرك للدفاع عنها إلا بعد أن وجدت منك رفض تام من ناحيتها.
لم ترد عليه صفاء بل زمت شفتيها في ضيق وابتعدت عنه بضعة خطوات في سرعة وهى تفكر فيما قاله، لقد حاولت أن تحبها ولكن هناك حاجز ما بينهما لا تدرى له سببا، الفتاة لطيفة وطيبة القلب لا تنكر ولكن هى لا تطيقها هذا هو التعبير الأمثل لما تشعر به نحوها وليس الأمر بيدها .
هز سليمان رأسه بعد أن رحلت صفاء بعيدا عنه وهمس لنفسه في تعجب وحيرة:
-  عجبا لهؤلاء الفتيات، لا يمكنك أبدا فهم افكارهن ولا تفسير تصرفاتهن، فقط عليك التريث في التعامل معهن حتى لا تغرق في رمال متحركة من المشاعر المتفجرة دوما .
_____
النظرات المتبادلة تحكى الف معنى ومعنى، قلبها يخفق على دقات الموسيقى التى تصدح في المكان، تسمع كل كلمه منه كأنها مقطوعة موسيقي، لا تصدق هو يطلب منها وبكل اهتمام أن يعرف كل شئ عنها، اخوتها والدتها والدها، ظروفها باختصار لم تترك صغيرة أو كبيرة إلا وقد أخبرته عنها .
تنظر إليه وهو يضحك في سعادة ويهتف في انبهار:
-  حقا انا معجب بكل شخصية من اخوتك شمس، لكل منهم حكاية وخصوصا سارة الصغيرة أشعر أنها أكبر مشاكسه على الإطلاق ولن تكن بالفتاة السهلة بل تستطيع التدبير والتفكير بكل هدوء.
اهدته إحدى ابتساماتها الساحرة وهتفت مؤيدة لكلامه:
-  أنت على حق، بالفعل هى من الذكاء بحيث تستطيع تحصين نفسها دون أي تعب منها أو مجهود أما صفاء فالعكس تماما تجتهد بكل عنفوان وقوة وأخاف أن يكسرها هذا يوما .
تطلع إليها متنهدا متسائلا:
-  وماذا عنك يا شمس؟ أين أنتِ من كل هذا؟
كادت أن تنطق لولا رنين هاتفها بنغمة تعرفها جيدا مخصصة لعملها الاخر في المستشفى الخاصة لتسرع بالرد متسائلة عما هناك، فيأتى الرد سريعا فتقف هى كمان ضربته صاعقة محملة بالشحنات الكهربية صارخة في رعب:
-  ماذا حدث؟ كيف هذا؟ مستحيل ! سأكون هناك خلال ربع ساعة على الأكثر، فقط أرجو من الله أن أصل خلال الوقت المناسب .
نهاية الفصل الثانى والثلاثون
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي