القهوة

الفصل الثلاثون
سأكون
الجزء الثاني
كانت ترتعش وهى تستمع إليه، ليس لديها رد لما قيل، هل ترد بأنها هى الأخرى تفكر فيه ليلا ونهارا، تخاف أن تخطأ عندما تنادى على أى شخص باسمه هو من كثرة ما شغل بالها.
كانت نظراته إليها ثاقبة كأنه ينتظر ويقيم ردة فعلها في نفس الوقت، يحبها لا ينكر أبدا، هى شخصية قوية ملهمة تعمل بكل جد لم يراه في أى فتاة من قبل لذا يريد أن يتقرب منها ويعرف حقيقة مشاعرها من ناحيته.
اخيرا خرج صوتها مرتعشا خائفا:
-  هل تدرك ما تقول دكتور أحمد؟
ابتسم في رقة وهو يراها بكل هذه الفورة من المشاعر والتى تأججت أمامه من مجرد كلمات بسيطة وهتف في هدوء:
-  نعم أدرك جيدا ما قيل وما سيقال، أريد أن اتعرف عليكِ، حقا أجدك مختلفة عن كل البشر.
كانت تحلق مع كل كلمة يقولها تسمعها بقلبها وليس بأذنها هل هذا ممكن؟ هل طبيب يمكن أن يرتبط يوما بممرضة؟
ردت على نفسها في سرعة:
-  لقد حدث هذا وأكثر من مرة وكانت من أسعد الزيجات أيضا.
-  تنهدت في راحة بعد أن أجابت على تساؤلها بنفسها ونظرت إليه هاتفة في رعشة لذيذة وخجل عذري لقلب لم يرى الحب من قبل ولم يتوقع أن يسقط فيه:
-  أنا شمس ولدى من المسؤوليات التي لا تجعل الحب من أولوياتي على الاطلاق.
هز رأسه هاتفا بعد أن تلفت حوله في هدوء حذر:
-  هل يمكن سيدتي الجميلة أن أقوم بطلب كوب من العصير المثلج لكِ هناك في آخر زاوية في المقهى الخاص بالأطباء والعاملين.
ثم غمز بعينيه هاتفا في شقاوة أثرت قلبها وجعلته يخفق في قوة حتى خشيت أن تصاب بسكتة قلبية مفاجئة من شدة الانفعال الذى تشعر به وسمعت ما أكمل على الباقي من تماسكها وقوتها أمامه:
-  افضل الركن البعيد الهادي حتى استطيع الانفراد بكِ سيدتى الجميلة سيكون هذا لقبك من الآن شمس، هل تقبلين كوبا من العصير أم تظنين أننا نستطيع الغداء معا؟
ثم هرش رأسه في احراج هاتفا في مرح متكلف:
-  لكن صدقا لن نستطيع الغداء معا على الأقل اليوم.
هتفت في دهشة وتعجب:
-  ولما هذا؟ هل من سيرانا نشرب العصير معا سيحدد علاقتنا على أساس الزمالة أما الغداء سيختلف!
ضحك في شدة وهو ينظر إليها في إعجاب واضح بخفة دمها التى اكتشفها حديثا وهتف في حرارة وصدق:
-  كلا ليس هذا ما قصدته، كل ما هنالك أن ليس لدى المال الكافي لشراء الغداء فنحن أواخر الشهر سيدتي الجميلة.
ابتسمت وهى تنظر إليه في شفقة وحب حقيقى وهتفت:
-  افضل القهوة إذا امكن فليس لدى النية للغداء من الأساس فالوقت تأخر ولدى عمل آخر كما تعلم .
نظر إليها وسألها في حنان واضح:
-  أعلم هذا واتعجب لقدرتك على العمل المتواصل ليل مع نهار شمس يكفي كما أفعل أنا ومعظم الأطباء وغيرهم يفعلون، نعمل هناك بدوام جزئي وهذا مريح بعض الشيء للجميع .
تنهدت وهى تهز رأسها رفضا وهتفت في وضوح وصدق يحتسب لها:
-  لا استطيع فعل هذا، ليس لدى تلك الرفاهية على الاطلاق...
-  قاطعها في هدوء وهو ينحني أمامها نصف انحناءة في خفة ومرح شديد أصاب قلبها بجنون وتقافز سريع لعدد النبضات:
-  هيا سيدتي لن نبقى هنا طوال اليوم نتحدث عن كل شيء امامي من فضلك لتناول القهوة سريعا .
تنهدت وهى تسحب وشاحها وتتحرك أمامه في صمت خارجي أما داخلها فكل شيء يصرخ:
-  خطأ ما تفعله خطأ فادح، لن يكون سهلا وسينال قلبها الكثير والكثير من الاذى ولكن هل للهوى حين يهجم على قلب ضعيف مشتاق مثلها دفاع او قدرة على الرفض بالطبع مستحيل.
-  يجلسان أمام بعضهما البعض يضع هو نظراته عليها بكل تركيز أما هى فتهرب بنظراتها في كل مكان حتى لا تتداخل النظرات وهى لا تستطيع تحمل نظراته.
ابتسم وهو يخاف بها محاولا جذب نظراتها إليه:
-  هل أنا قبيح اخذه الدرجة سيدتي الجميلة!
نجحت خطته تماما ونظرت إليه شمس وهى تتساءل في دهشة وتعجب:
-  لما تقول هذا دكتور احمد بالطبع لست قبيحا بل أنك في غاية الوسامة.
غلبها الخجل حين ادركت ما قالته وخفضت بصرها للأسفل هربا من نظراته المدققة بها وسمعته يخاف في حرارة واهتمام:
-  اذن فانتِ ترين ان وسيم شمس ؟
لم يأتيه الجواب من شمس بل سمعا صوتا آخر يضحك في سخرية ويهتف في تهكم:
-  بالطبع ايها الطبيب وهل مثلك ليس وسيما، يكفى أنك طبيب وهى مجرد ممرضة لا ترقى لتحصل على نظارة منك.
واجفل الاثنان وصرخت القلوب خوفا وفزعا.

نهاية الفصل الثلاثون
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي