الفصل الثاني

.. أتذكرك الآن ..

لا أعلم كيف استطعت نسيانك، كيف أستطاع عقلي الصغير أن يمحى ذكراكِ، كيف أستطاع محو تلك الذكرى الوحيدة السعيدة فى حياتي، وأوصد على ذكرياتكِ التعيسة الحزينة داخل كهف مظلم، كيف استطاع نسيان ملامح وتعابير وجهك البريء الملائكي.

كيف أستطاع هذا العقل أن يقسى على قلبي هكذا؛ كيف أطلق ذلك العقل البسيط تلك القوة التي قاومت تلك الألم، وسعى فى محو كل ذكرياتك الحزينة، التي حفرته بثبات داخل روحي واعتز بها قلبي إلى الأبد.

هل حدث هذا بسبب ذلك المنعطف الصغير؛ الذي تسبب فى خسارة حب حياتي، ولكن رغم ذلك لم يستطيع عقلي محو ذلك الاشتياق والحزن المحفور بعمق داخل قلبي، فأنا مازالت أتذكر مشاعري تجاهك، رغم كل محاولات عقلي فى إجباره على النسيان.

كنت أشعر بالحزن لأجل شيء لا أعلم ماهية ذلك الشيء، واشتاق إلى شخص لم أعد أتذكر ملامحه، كيف استطاع ذلك العقل فعل ذلك بقلبي العاشق.

رغم وجود ذلك القلب القوى بداخله، قلب سما الذي ينبض بكل قوته، ويضخ إلى جسدي الدماء فى كل لحظه، تلك الدماء التي تجعله يحيا، كيف استطاع فعل ذلك.

هل يعتقد ذلك العقل أن قلبي الجديد، لا يستطيع تحمل صدمة الفراق، رغم كل شيء حدث إلي فى الماضي، رغم علمه إني شخص عنيد، أمتلك قوة مهُولة فى محاربة الألم منذ الصغر، وهذا العناد لم يتغير الآن، ولم يختلف فى ذلك العالم الجديد.

العالم الذي أصبحت جزء منه الآن، سوف أقوى لأجلك أنتِ؛ الإنسانة التي وهبت ذلك القلب الجديد، القلب الذي تحتويه أضلعي دون إرادتي.

رغم عدم القدرة على احتضنك، فتلك الضلوع تقوم على ذلك، تقوم باحتضان واحتواء قلبك المجروح داخل جسدي، ومنذ الآن لم تعدي ضحية؛ لأني أصبحت أتذكرك بقوة وأكثر من قبل.

أينما كنتِ أينما ذهبتِ سوف أتذكرك دائماً وأبداً.

سوف أتذكر ذلك الوعد الذي قطعته معك حتى الممات، ومع مرور السنين سأظل أتذكر كل شيء عنك، أسخر من تلك الحياة، التي كنتِ سبباً فى استمرارها.

سوف تكوني الأمل القادم فى تلك الحياة، من أجل ذلك الأمل سوف أسعى فى تحقيق العدالة إليكِ، فلم أجعل حقك يضيع مرة أخرى، تحت تلك السماء الملوثة بالنوايا الشيطانية، التي أصبحت سوداء منذ فقدانك.

بعد مرور عدة أيام بعد أفاقت من غيبوبتي، عندها تذكرت كل شيء حدث أثناء الجراحة، بما حدث مع حب طفولتي، حبي الأول سما الكردان.

بدأت بعد ذلك البحث فى معلومات عن تلك العائلة، عن طريق المحامي سمير رفعت محامي شركة والدي، وبعد مرور عدة أسابيع أقام والدي حفلة خيرية، خاصة بالسادة المميزين نخبة المجتمع، كي يتم التعارف على الوريث الجديد للعائلة العلاوي.

تلك الحفلة تم حضورها أكبر وأهم شخصيات وعائلات فى المجتمع الرقي، لكي تم تمجيد ضيف الشرف كالعادة دائماً، وهو كريم وجدي العلاوي كواجهة جديد فعالة فى ذلك المجتمع المشرق.

فى ذلك اليوم حضر الحفلة ضيوف غير مدعين، وهما منير ووالده عماد الصاوي، عندما رأيتهم فى البداية شعرت أن هذان الأثنين شخصين مألوفين إلي، رغم أنه كانت المرة الأولى التي أراهم فيها، ولكن غرابة هذا الإحساس المرير الذي شعرت به فجأةً.

جعلني أشعر بالاختناق والغضب فى نفس الوقت من هذان الشخصين، ولكن لم أكن أعلم ما هو السبب فى ذلك الإحساس المؤلم المبعوث بداخلي.

كانت تلك أول مرة أشاهد بها منير ووالده عماد الصاوي، ولكن عند رؤيتهم استمر قلبي فى الخفقان بقوة شديدة، إلى درجه جعلتني أعتقد أن ذلك القلب الجديد، يريد الهروب من بين أضلعي، وشعرت بوجود ثقل رهيب داخل روحي.

وشعرت بيد تحيط عنقي وتحاول القبض عليه بشدة، شيء يحاول بكل الطرق قتلي، شيء يحاول أن يسحب روحي من الداخل إلى خارج جسدى الضعيف، شيء يمنع بكل قوته قلبي عن النبض.

بعد عدة محاولات بائسة فى محاربة ذلك الإحساس المميت، الذي جعل جسدي خارت منه كل قوته، وجعل دموعي تسيل دون أدراك ذلك على وجهي، وجعل جسدي يختل توازنه ويفقد الوعى.

وعند سقوطي على الأرض أمام الجميع، ذلك المشهد جلب الصدمة إلى جميع الحاضرين، فيما بينها منير ووالده عماد الصاوي.

عندها كان والدي يقف بعيد عني مع أحدى رجال السلطة، وعندما والدي شاهد ما حدث معي عند فقداني الوعى، أسرع تجاه وضمني بشدة، واستمر يطلب المساعدة من الضيوف فى استدعاء سيارة الإسعاف.

أخذني بعد ذلك والدي إلى المشفى، لكي يتم إسعافي فى أسرع وقت، وعند استيقاظي كنت بالفعل أتذكر كل شيء يخص سما الكردان وعائلة عماد الصاوي.

حين استيقظت تذكر كل شيء حدث أثناء جراحة قلبي، خلال العملية عندما دخلت فى غيبوبة لمدة خمس ساعات.

تذكرت حينها عهدي ووعدي إلى سما، وما حدث معها خلال السنتين التي مضت قبل موتها، وتذكر الصفقة المشبوه القذرة التي تمت بين عماد الصاوى ووالدي وجدي العلاوي.

كانت سما السبب الرئيسي خلف كل تلك الكوابيس المؤلمة، التي كانت تراودني كل يوم منذ نجاح العملية، تغزو داخل أحلامي وتجعلني استيقظ فزاع دون معرفة السبب الرئيسي.

كانت تلك الأحلام هي طريقة سما الوحيدة، كي تسطيع الوصول إلي عقلي، وكانت طريقة نجاة المرأة التي سرق منها قلبها عنوة، ووضعه فى داخلي مقابل صفقة قذرة، داخل ذلك الجسد الضعيف الذي يحتاج ذلك القلب بشدة.

وتذكرت حينها ذلك العهد والوعد الذي قطعته إليها، وتفويضها العهد إلي من أجل الانتقام.

بعد مرور يومين على غيبوبتي دون استيقاظ، استمر جميع الأطباء فى قلق وحيرة مما يحدث دون ظهور سبب واضح، وأدخل ذلك القلق عائلتي فى حزن شديد، ولكن بعد مرور يومين استيقظت، وكانت حالتي الصحية جديده جداً.

حينها جاء الأطباء يطمئنون على صحتي، وحاولوا الاستفسار لمعرفة سبب فقدان الوعى المفاجئ، واستمروا فى سؤالي عما حدث معي فى الحفلة.

عندها دخل والدي إلى الغرفة ونظر إلي بصدمة، وعندما رأيته توقفت عن التحدث مع الأطباء كي لا يقلق والدي، كنت أيضاً أشعر بالحزن من والدي، عندما تذكرت ما فعله، وأشعر أني سببا فى تعاسة والدي وتحويله إلى ذلك الرجل، الذي أقام بتلك الصفقة المشبوه مع إنسان يمتلك عقل وقلب شيطاني.

لم أعد أريد أن أتحدث معه، وشعرت بالإحباط الذي تملكني لأول مرة، من والدي الذي كان هو كل دنيتي ومثلي الاعلى في العالم.

حينها اقترب والدي يسألني بقلق:
-  كريم أنت بخير.

كريم:
-  أنا بخير والدي لا تقلق.

نظر الاطباء إلى كريم واستمروا فى الاستفسار عما حدث:
-   كريم هل أنت بخير؟

كريم:
-   أنا بخير.

الطبيب:
-   هل يمكنك أخبرنا عن كل ما حدث معك؟

كريم:
-   لا أعلم بالضبط كل شيء لأنه حدث فجأة.

الطبيب:
-   كل الفحوصات أثبتت أنك بخير ولا شوائب بها كيف حدث معك ذلك؟

أمسك والدي يدي وعينه تغلغله الدموع دون استيعاب ونظر إلى الأطباء، وقال:
-  أخبروني الحقيقة هل قلب ابني بخير؟

الطبيب:
-  لا تقلق القلب قوى جداً وبخير.

الوالد:
-   كيف ذلك أخبرنى أيها الطبيب كل ما حدث معه أخبرنى الحقيقة ما الذي يحدث مع ابني؟

نظرت إلى الطبيب وسألته:
-  هل حقا القلب الجديد بخير فأنها مازال يؤلمني؟

الطبيب:
-   أنه بخير فعلاً؟

رد الوالد بغصب وعصبية، وقال:
-  كيف ويقول أنه يؤلمه.

الطبيب:
-  لا أعرف ولكن كل فحوصاته جيدة!

الوالد:
-   هل يمرض الأنسان دون سبب؟

الطبيب:
-   فعلاً لا شيء أنه مجرد هبوط حاد فى الدورة الدموية.

الوالد:
-   كيف يجعله ذلك يدخل فى الغيبوبة لمدة يومين كيف لا تعلم ما يحدث مع المريض هل أنت طبيب حقاً؟

الطبيب:
-   أظن أنه سوء تغذية ليست إلا سوف نضعه تحت الملاحظة.

سحب والدي الطبيب من رداءه بعصبية وتهور، لذلك غضبت وناديت عليه وأخبرته:
-  أترك الطبيب يا والدي أنا بخير فلا تقلق.

الوالد:
-  هل أنت متأكد لا يؤلمك شيء؟!

كريم:
-  لا شيء أنا بخير.

أنزل الطبيب يد والدي عن رداء الأطباء ونظر إليه بهدوء وأخبره:
-  لا أعلم ما المشكلة وما يحدث مع كريم وأن كان طبيعي أما لا، ولكن كل شيء حتى الآن طبيعياً، وكل فحوصاته أثبتت أن كريم طبيعي ولا يوجد به شيء، وقلبه الجديد يعمل بسلسه.

رد الوالد بارتياح وقال:
-   أنا أهتم بطعامه جيداً كيف يكون سوء تغذية؟!

الطبيب:
هذا يحدث مع جميع عمليات القلب، ولكنه تخطى مرحلة الخطر وهذا جيد وأنه الآن بخير، لذلك لا تقلق وأن كان السبب ليس معروف، سوف أضعه تحت الملاحظة المستمرة.

غيرت اتجاه نظري إلى النافذة، وأظهرت عدم اهتمامي من كل ما يحدث من حولي، وأخبرت والدي:-
-  والدي أترك الطبيب يذهب فأنا بخير الآن.

الوالد:
-   كريم هل أنت متأكد؟

كريم:
- بالتأكيد يا أبى هل يمكن أن تتركوا الغرفة أنها مكتظة أريد الراحة.

الوالد:
-   أتريد أن ترتاح؟

نظرت إلى والدي وقالت:-
-  بالتأكيد أريد الراحة هل يمكنك الذهاب الآن من فضلك؟

الوالد:
-  حسنا ابني أرتاح ولا تقلق سوف أذهب.

بعد ذلك غيرت أتجاه نظري إلى النافذة مرة أخرى، لأني لم أكون أهتم بمعرفة نوع مرضي، أو سبب دخولي فى غيبوبة.

لأني كنت أعلم بالفعل ما هو سبب ذلك التدهور فى حالة الصحية، الذي حدث فجأة بدون تحذير، وما كان سبب ذلك الإغماء المفاجئ.

حدث ذلك الإغماء عندما فجأة، برؤية منير وعماد الصاوي بالصدفة فى الحفلة، حينها فقدت الوعي من الصدمة، وكان ذلك هو السبب فى استرجع كل ذكريات سما المفقودة.

كان ذلك الوقت الذي جعلني أتذكر به كل شيء حدث فى الماضى مع سما الكردان، وكان ذلك أيضاً السبب الذي منعني من التحدث مع والدي، واواجهه وأخباره عن كل شيء علمت به.

وسؤاله لماذا أستطيع فعل ذلك؛ لماذا وصل إلى ذلك الحد لأجل جلب قلب إلي جسدي المريض بتلك الطريقة البشعة.

لذلك لم أستطيع أخبار أحد من الأطباء المتواجدين أو حتى والدي، ولم أستطيع أخبار أحد عن ذلك الوعد، وعن مقابلتي مع سما أثناء الجراحة، أو أخبار أحد عن سبب استرجاع كل ذكرياتي المفقودة.

عدت إلى القصر بعد أسبوع من الملاحظة داخل المشفى، وبعد فترة اقام والدي حفلة أخرى، حفلة لأجل تهنئتي بمناسبة عودتي إلى القصر بصحة وعافية, وتعتبر تعويض عن الحفلة السابقة، التي انتهت باكر بسبب أزمة مرضي المفاجئ.

خلال وقت منتصف الحفل حضر منير الصاوى، زوج سما الكردان مع والده عماد الصاوى، إلى الحفلة لتهنئة والدي على خروجي من المشفى بصحة وعافية.

بالطبع استطاع منير وعماد الصاوى حضور حفلة مثل تلك الحفلات التي لم يكون يستطيع حضورها أبداً، مثل تلك الحفلات التي لم يحضرها غير النخبة وعظماء السلطة.

ولكن كان السبب الوحيد الذي جعلهم يستطيعون الوصول إلى هنا، هو نجاحهم فى احتقار وقبض أياديهم القذرة على شركة صلاح الكردان والد سما، عندما اغتصبوا كل ممتلكاتهم المالية والعقارية بعدما قاموا بقتلهم.


وبسبب كل تلك الممتلكات نالوا الشرف لدخول حفلات مثل تلك الحفلة، وتغيروا من تجار صغار إلى رجال أعمال من أصحاب الماركات العالمية، وليصبح لديهم قاعدة مشرفة وسط نخبة رجال الأعمال.

وعند وصلهم إلى الحفلة بحث منير عني فى كل الحفلة، ليحاول الاقتراب منى، وعندما وجداني وسألني:
-   مرحبا أنا منير الصاوى جئت أهنئك وأدعو إليك بالصحة والعافية وأتمنى لك الشفاء العاجل.

كنت أعلم أن منير سوف يحاول خلق فرصة، ليقترب منى لأن ذلك من شيمه المعروفة، فكرت فى تجنبه وعدم الاهتمام به، ولكن بعد تفكير للحظات قررت أن أتركه يقترب مني، كي أستطيع التحقيق فى قضية سما عن قرب:
-  مرحبا وأنا كريم تشرفت بمعرفتك.

منير:
-   هل أنت أفضل الآن؟

كريم:
-  بالتأكيد الآن أنا أفضل من قبل.

رغم وجود نيران كانت تتأرجح داخل قلبي، ولكني قرر أن أتعامل مع تلك الوحوش بذكاء وهدوء أعصاب، حتى أستطيع أن أظهر الحقيقية المختبئة إلى العالم، كي احمي طفل سما من تلك الوحوش الشيطانية، واسترجع حقوقها وإنقاذ طفله المسكين.
كريم:
-   ولكن لماذا تسأل عن حالتي الصحية هل تعرفني؟!

منير:
-  كنت موجود خلال الحفلة السابقة، عندما رأيتك أول مرة ولكن حين رؤيتك والاقتراب منك فقدت الوعى، ولم أستطع التعارف عليك، ولكن شعرت بالقلق عليك، لذلك أتيت اليوم لكي أطمئن على صحتك.

كريم:
-   أنا بخير الآن كانت مجرد أزمة صحية ولكن لا يجب على الضيوف القلق.

كان يعلم منير أتفاق والده ووالدي لذلك عندما قالت له ضيف حدق منير إلي بتوتر وصوت خافت وأخبرني:
-  ضيف فعلاً؟

كريم:
-  ماذا تقول لم أسمع؟!

منير:
-  أقول هل تعني بذلك الكلام الا أتدخل أما لا أتحدث عن مرضك؟

كريم:
-   كما تراه مناسب.

منير:
-   على العموم أنها راحة أنك بخير الآن.

بعد ذلك جاء والدي أخذني بعيداً عن منير، وذهب يمر بي على جميع الضيوف، كي يجعلني أتعرف على جميع ضيوفه، من صفوة رجال الاعمال ورجال السلطة، واستمر يأخذني نتفقد الضيوف دون الاهتمام إلى منير وعماد الصاوى.

كانت تلك الحفلات تقام منذ سنوات عديدة، لذلك كان جميع الموجودين يعرف بعضهم، ويوجد ألفه وترتبط كبير بينهم، يجعل من الشخص الغريب يشعر بالوحدة، ولا يستطيع الدخول بينهما، حتى أن حضر مثل تلك الحفلات ملايين المرات.

لذلك ترك من الجميع عماد ومنير الصاوى بدون اهتمام، لعدم قربهم من أحد فى تلك الحفلة، وكانوا بمفردهم طول الوقت، يحاولون الاندماج دون أمل مع ذلك العالم الجديد.

لكن لم يكون ذلك سهل بسبب قوة ارتباط ذلك العالم مع بعض، وولائهم إلى بعضهم يجعل من المستحيل على أحد غريب الدخول وسطهم، لانهم لا يريدون مشاهدة دخيل غريب مجهول الأصل بينهما.

كان ذلك المكان بالنسبة إلى عماد مكان جديد، يتألق داخل عينه يمتلئ من بشر مختلفة، وعالم مختلف لم يعرف عنه من قبل، كان يريد عماد الصاوي الالتحاق و الانضمام بشدة إلى ذلك العالم، لذلك كان يبذل كل جهود لأجل الدخول إلى ذلك العالم الباهر.

لكن كان يفشل دائما فى تحقيق ذلك الحلم، لذلك عندما علم عماد الصاوي مدى احتياج وبحث والدي وجدي عن قلب جديد كي ينقذ أبنه الوحيد، جاءت إليه تلك الفكرة الشيطانية، عن كيفية كسب رضى وثقة وقرب وجدي العلاوي.

لذلك حينها قرر التضحية بزوجة أبنه منير بعض التهام كل ثورتها، كانت الطريقة الوحيدة فى التخلص من زوجة أبنه التي تبحث خلف مقتل والدها، وأيضاً إنشاء رابط وكسب صداقة مع وجدي العلاوي.

ولكن رغم كل شيء أن القدر لم يرحم كل جشع لا يُرحم، لأن كان الشخص الذي تم انقاذه من أجل الطمع والجشع، هذا الشخص هو أنا كريم وجدي، الذي أحب الضحية سما الكردان منذ الطفولة، حبه الأول الذي من أجلها سيجعل من تلك الوحوش عبرة لكل البشرية.

لذلك قررت وضع خط لأجل الانتقام، لأجل إراحة روح حب حياتي سما، التي حرمت من الحياة ومن طفلها الصغير، وحرمت أنا ايضاً من رؤيتها للمرة أخرى، حرمت من أن أجلس معها والمس يديها واحتضانها لمرة واحدة فى حياتي.

لذلك قرر أن أضع خطة من أجل أرجع الحق المسلوب إلى أصحابه، رغم فناء كل البشرية فى الوجود، ولكن الحق لا يفنى أبداً منذ الدهر إلى الأبد.

وفى اليوم التالي بعد الحفلة أخبرني والدي عن الاتفاقية التي قام بها مع عماد الصاوي، وأنه يريد أن يشارك مع عائلتنا فى مشروع جديد، وعن خطوبتي على شذى الصاوي، الفتاة التي تمت خطوبتي عليه دون أن أراها من قبل.

فى البداية عندما علمت ذلك رفضت خوف على والدي، ولكن أخبرني والدي:
-  سوف تخطب شذي وجهزت المشروع الذي سوف أشركهم به.

كريم:
-  أبى لا تفعل ذلك مع تلك العائلة السيئة، هي ليست نظيفة كما تعتقد، من الأفضل عدم الدخول معهم فى مشاريع، ولا يثق بهم أبداً والتوقف عن مقابلتهم مرة أخر.

الوالد:
-   من أين علمت أن تلك العائلة سيئة؟! من أين مصدر معلوماتك؟

كريم:
-  سمعت من أماكن كثيرة.

الوالد:
-  من أين سمعت ذلك وأنت طول حياتك قضيتها داخل المشافى؟!

كريم:
-  من أصدقاء فى الجامعة.

الوالد:
-  أصدقاءك فى الجامعة كيف يعلمون ذلك؟!

كريم:
-  أبى أنت تعلم أنى أمتلك ذكاء وفطنة، وكل أصدقائي فى الجامعة أبناء رجل أعمال مهمين فى البلاد، لذلك سمعت عن تلك العائلة، أنه عائلة ذات سمعة سيئة وكثيرين فى الجامعة يعلمون عن أعمالهم وأبنائهم.

الوالد:
-   الجامعة الآن أصبحت شيء جميل ليست فقط تدرس بها ولكن تجعلك تبنى علاقات متعددة وتدخلك تجارب فى الحياة العملية.

كريم:
-  فعلا والدي الزمن والعادات تغيرت عن قبل بكثير.

الوالد:
- سأفكر فى الموضوع.

بعد انتهاء الدارسة فى الجامعة، ذهبت إلى شركة والدي لأجل اباشر العمل بها، من المؤسسة، وهي عبارة عن مجموعة شركات ملك والدي، وكان والدي بالفعل جهز مكتب كبير إلي، لكي أباشر منه العمل وأقوم بكل أعمال المؤسسة.

بعد الذهاب والعمل مع والدي ومُباشرة جميع أعمال المؤسسة، بعد مرور شهر من العمل، زارني منير الصاوي مرة أخرى، وهذه المرة كانت فى مكتبي الجديد، طلب مني أن نصبح صديقان، نخرج نسهر ونسافر معاً، فى ذلك الوقت كان الفضول يأكلني.

كنت أريد معرفة شخصية ذلك الشخص، الذي أحبته سما وتسبب فى قتلها، قتل الشخص الوحيد الذي أحببته فى حياتي بأكملها، ولماذا فعل كل ذلك مع سما الكردان الفتاة الجميلة الهادئة البريئة.

لماذا كان شيطان قاسي القلب هكذا، مع إنسانة ذات قلب ووجه ملائكة، تمتلك الطبع والمعاملة الحسنة للجميع.

لذلك قررت أن أوفق على صداقته المزيفة، لأني أعلم أنه يريد السلطة التي امتلكها، وليس صداقتي لذلك أعطيته ما يريد، اوهمته أننا أصبحنا صديقان حميماً.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي