الفصل الرابع

الخداع

لم أكون يوما أثق فى مبادلة الحب بطريقة طبيعية، لأن الحياة لا تستقيم لأحد حتى تستقيم إلي مرة أخرى، فلم أعد أهتم أو أضع فى داخلي طموح وأوهام زجاجية، أعيش الآن كإنسانة واقعية كمان يجب أن يكون، دون خيالات وأوهام سرابيه لا وجود لها.

كانت غلطة حياتي هو اعتمد الزواج على أنه مجرد حياة زوجية عادية، فأنا لم أحلم بالزواج على الطريقة المثالية أو الطبيعية مثل معظم الفتيات، أن أقع فى الحب والرومانسية والاشتياق، لا أطمح فى تلك المشاعر والاحاسيس وتلك الأمور الوهمية.

بعد المرة الأولى فى الخداع فقدت سما الإحساس والمشاعر، وتعلم الدرس جيداً، لذلك كانت تعلم ما هو الأهم فى الحياة، وكان الأهم فى ذلك الوقت هو وجود المال؛ فالمال، والمال، هو السلطة العظمة فى حياة الإنسان فى ذلك الوسط الصلب، والمال أيضا نعمة ونقمة فى آن واحد.

وبالنسبة إلى سما فى ذلك الوقت، كان فقدان ذلك المال سوف يكون كارثة حياتها، وكانت سما تعلم عند اختفاء ذلك المال، لم تجد أحد بجوارها مما يتواجدون من حوالها الآن.

لذلك ذهبت سما إلى والدها وأخبرته عن قرارها:
-  أبي أنا أعلم عن كل شيء يحدث.

الوالد:
-  عن ماذا تتحدثين؟

سما:
-   عن عرض زواجي.

الوالد:
-   كيف علمتي عن ذلك.

سما:
-  ذلك الوسط صغير جداً، ولا يخبي به شيء، وكل شيء به معروف لدى الجميع.

الوالد:
-   ذلك الحقير أنشر الخبر، ولكن لا تقلقي لم ذلك يحدث أبداً.

سما:
-  أبي جئت أخبرك أني موافقة على ذلك الزواج.

الوالد:
-  أكيد أنتِ مجنونة هل تعلمي معنى ذلك الكلام؟

سما:
-   بالطبع أعلم.

الوالد:
-   تعلمين ولكن لماذا تفعلين ذلك؟

سما:
- لأنه الحل الوحيد.

الوالد:
- أخبرتك بألا تقلقي عليا، وسوف أجد حل أخر قريبا.

سما:
-  أبي أنت لم تفهمني حتى الآن، أنا اتخذت قراري وأريد الزوج من منير.

قال صلاح بعصبية وغضب:
-   بالطبع لا أفهم؛ لأني لم أرسالك إلى الخارج من أجل الدراسة وانفقت عليكِ كل ذلك المال، والحرمان من وجودك بجانبي طول هذه الفترة، وبذل جهدك خلال تلك الأعوام، لأجل أزفك على ذلك الشخص؟!

سما:
-  هل تعاليمي يحدد زواجي؟!

الوالد:
-  لماذا أنتِ عنيدة هكذا؟

سما:
-  لقد أخذت القرار بعد تفكير عميق، وأيضا أعرف منير شخصياً، لقد قابلته فى أكثر من مناسبة، وهو شخص جيد مختلف عن سمعته السيئة.

الوالد:
-   لم أعد أثق فى ذوقك فى الرجل مرة ثانية.

سما:
-   إلى متى سوف تظل تتذكر تلك الحادثة، هل ستكون عقبة حياتي؟

الوالد:
-   حتى ازوجك من الشخص المناسب.

سما:
- ومن يكون فى نظرك الشخص المناسب؟!

الوالد:
- يجب أن يكون من عائلة كريمة، وعلى خُلق ويحبك بإخلاص ويكون جيد معك.

سما:
-   لم تجد أحد بتلك المواصفات فى ذلك الزمن ولكن منير أجده شخص جيد ومناسب.

الوالد:
-   أغلقي الحديث فى ذلك الموضوع، ولا تفتحه مرة أخرى، وسوف أتصرف فى مشاكل وديون المجموعة.

سما:
-  كيف سوف تفعل ذلك، ومن أين سوف تتصرف؟ هل تشرد عائلات الموظفين والعمال!

الوالد:
-  أذهبِ الآن إلى المنزل لا أريد رؤيتك.

سما:
-   والدي من فضلك اسمع ما أريد قوله؟

الوالد:
-   هل من الممكن أن تطعيني ولو مرة واحد، فما أقوله لكِ وتثقين في.

سما:
-  هل تعلم بأن هناك أزواج كثيرين يتغيرون إلى الأفضل بعد الزواج.

الوالد:
-   الزواج ليست حجر تجارب، ولم تجبري على المخاطرة فى التجربة، وليس من اللازم أن تضحي بمستقبلك من أجلي، أو من أجل المجموعة؛ يجب على والدك أن يحميكِ وليست العكس.

سما:
- انا أريد حماية المجموعة التى ضحيت بالكثير من أجلها.

الوالد:
- قبل حماية المجموعة يجب على الأب حماية أطفاله وليس العكس.

سما:
-   المجموعة بها الاف البشر المسئول عنهم، وذلك مجرد زواج، وأن لم يعجبني سوف انفصل عنه بعد ذلك.

الوالد:
-   هل تعتقدين عندما ترتبطي مع تلك العائلة، سوف تتركك تنفصلي عنه بسهولة؟

سما:
-   أبي الآن اعصابك مشدودة سوف أتركك تفكر فى ذلك الموضوع، ولكن أريدك أن تعلم أني أخذت القرار.

بعد ذلك تركت سما مكتب والدها وخرجت وكان والدها يشتطاً غضبا ويخبرها بصوت مرتفع:-

-  لم أواقف أبدا على ذلك القرار الغبي أيتها الغبية المتسرعة.

رغم إصرار صلاح الكردان على الرفض، ولكن كانت سما بالفعل اتخذت قرارها لم تتراجع عنه ابداً، بسبب شخصية العنيدة التي ورثتها عن والدها.

ولكن عندما كان يجلس صلاح يفكر مع نفسه فى ذلك الموضوع ومسئوليته الكبيرة، والأرواح المسؤول عنها التي يحملها على أكتافه، من بيوت العاملين فى المصانع، والموظفين فى المجموعة، التي سوف تغلق أبوابها عند الافلاس.

كان حينها يشعره صلاح بمشاعر الحنق والغضب الشديد، ولكن رغم ذلك لم يكون يريد أن يضحي بابنته الوحيدة مقابل كل ذلك.

استمرت سما فى الضغط على والدها من أجل الزواج من منير الصاوي، حتى تنقذ المجموعة والمصانع.

حينها شعر صلاح الكردان بالغضب من نفسه، ورغم الغضب شعر بالفخر أيضا فى ابنته، التي تريد أن تضحي بمستقبلها من أجل والدها والمجموعة، التي تضم مسؤولية أرواح كثيرين.

شعر صلاح بعدم كفاءته فى تنفيذ والوفاء بالوعد، الذي قطعه أمام جثة زوجته والدة سما، عندما وعدها بحماية طفلتهما الوحيدة، ولكن كانت سما بالفعل تمتلك حظ سيء.

حين كانت تفكر سما فى التضحية من أجل والدها، كانت تشعر أنها تضحي بالكثير من أجل والدها والمجموعة، تضحي بمستقبل زواجها، تضحي مبادئها وكيانها.


ولكن رغم كل ذلك لم تهتم، لأنها اتخذت قررها بالفعل، من أجل تقديم تلك التضحية، وأن تصبح عملية وتفكر بعقلانية وموضوعية أكثر وتلغي قلبها.

كانت سما تعلم بالفعل ما يفعله الحب وعواقبه لذلك لم تبحث عنه مرة أخرى، وكانت سما تريد أن ترد القليل إلى والدها، مما فعله من أجل تربيتها، والاعتناء بها وحده طول تلك الأعوام الماضية منذ ولادتها حتى الآن.

وأن تنقذ المجموعة والموظفين والعمال، الذين اجتهدوا وأرهقوا حياته وأرواحهم فى سبيل نجاح المجموعة.

استطاعت سما انقاذ شركة والدها فى الوقت المناسب، عندما وافقت على الزواج من منير، ووعدت عماد الصاوي بالزواج من ابنه فى أقرب وقت، بعد انقاذ والدها والمجموعة.

وبعد مرور شهر من الاتفاق، تم إتمام حفلة الشراكة بين صلاح الكردان وعماد الصاوي، فى أكبر فندق فى القاهرة هو نايل بلازا، وبعد انتهاء الحفلة اتفقوا على تحديد يوم من أجل إتمام الخطوبة، وكان ذلك بعد الشراكة بينهم بأسبوع.

تم تحدد الوقت وتم ارتداء الخواتم وعقدت الخطوبة، قبل أن تقابله شخصيا أو يتعرفوا على بعضهم، وبعد الخطوبة بمرور يومين، حددت سما موعد لأجل مقابلة منير والتعرف عليه.

ذهبت سما إلى الكافي الذي ينتظرها فى منير الصاوي بقلق وتوتر، وعند وصلت سما إلى الطاولة التي يجلس عليها منير، وجدته لم يهتم بحضورها أو يرحب بها، ويمسك الهاتف طول الوقت دون مراعاة.

جلست سما أمام منير بكل ثقة وكبرياء، وبدأت فى نزع نظارتها السوداء المطعمة بالألماس، ونظرت إليه وفكرت فى البدء وعرض السلام أولا ولكن:
-   مرحبا أنا سما الكردان.

وضع منير هاتفه على الطاولة، ونظر إليها وبادلها السلام دون اهتمام وقال:
-  أعلم من أنتِ.

سما:
-   أنا سعيدة من أجل مقابلة اليوم.

وثب منير فى مجلسه يحملق وقال:
-   جيد.

شعرت سما بالبرود من رد فعل وتصرفات منير، وقررت أن تتقرب منه أكثر وسألته:
-   لماذا أنت هكذا؟ هل أنت خجول من مقابلتي!

حدق إليها منير بنظرة كلها استهتار ولا مبالاة، وقال:
- لا شيء.

حمل الهاتف مرة أخرى ولم يتحدث معها لذلك.

عندما كانت سما فى سن المرهقة، كانت فتاة جميلة ورقيقة ومرهفة الحس، تحيطها هالة حب واحتواء، تملك بشرة بيضاء، وخدان وردان، وشعر طويل كستنائي اللون، وعيون خضراء مثل الحدائق المزدهرة، كانت تشبه العروسة باربي فى ملامحها وجمالها الرباني.

ولكن عندما مرت سما من تلك الصدمة، التى وجهتها فى مرحلة المراهقة، التي كان سببها معلمها الحقير الذي أحببته بشدة ووثقه به، تغيرت شخصياتها وأصبحت شخص مختلف بعد ذلك الموقف، أصبحت شخصية عملية وأكثر حده.

ولم تعد تهتم سما بالأنوثة والدلع مثل معظم الفتيات الذين فى مثل عمرها، وقامت بقص شعرها مثل الرجال، كانت تجعله قصير دائما، وتصبغ شعرها باللون الأسود، ومعظم ملابسها الجينز الأسود والرمادي.

نظرت عينها أصبحت ثاقبة وحادة ومخيفة أكثر، وطبعها أصبح يتسم بالبرود والجماد ولا تعرف المزاح، تستطيع من برودها أن تجعل نهر ملتهب يتحول إلى جليد قارص.

يعيش منير بطريقة مستهترة طول حياته، ولم ينجح فى شيء أن كان الجامعة أو حتى العمل مع والده، وكان مشهور فى وسط رجال الأعمال عن أخلاقه السيئة، بداية من السهر طول الليل وسط الخمور والنساء، أو العراك طول الوقت من أجل الفتيات.

كانت تأمل سما فى أن تتغير شخصية ذلك الشخص ويستقر بعد الزواج.

ولكن خلال ذلك الاجتماع الممل اكتشفت سما، أن ذلك الشخص هو الأسوأ من بين كل الرجال، الذي من الممكن أن تقابلهم خلال حياتها، وشعرت بعدم الارتياح وأنها سوف تعاني خلال حياتها القادمة، مع ذلك الرجل المستهتر القاسي.

فكرت سما فى الانسحاب والتراجع عن قرارها للحظات، ولكن كان كل شيء تم تأكيده كما أراد عماد الصاوي، وأنهم وصلوا بالفعل إلى تلك النقطة التي لا رجعة لها، وكان من صعب التراجع عن ذلك الاتفاق بعد الآن.

فقد كان قدرها أن يتواجد فى شيطان، ينتظرها حتى يقوم على استغلالها وامتصاص حياتها.

بعد فترة صمت أغلق منير هاتفه، ووضعه وثناه على وجهه على الطاولة، وأمسك بنظرته الشمسية وأرتدها، نظارته عسلية اللون التي تسطع بوجهه الأسمر فى مظهر لطيف وناعم.

وبعد ذلك أمسك الفون مرة أخره، وبعد يتحرك من مقعده، يحاول الاعتدال حتى يقف يهندم ملابسه بكل كبرياء، كي يستعد حتى يذهب بدون استأذن من سما واخبارها عن رحيله.

تفاجأت سما من تصرفاته للحظة، ولكن مع ذكاء سما المعروف تصرفت بسرعة بديهة، أسرعت وذهبت خلفه، أمسكت بذراعه بقوة تمنعه من الرحيل وتخبره:
-  إلى أين تذهب؟!

منير:
-   أنا مشغول عندي موعد أخر.

سما:
-  من تعتقد نفسك؟!

منير:
-  أعتقد أني خطيبك الذي يجب عليكِ احترامه والتحدث معه بأسلوب ألطف؟!


سما:
-  هل تعتقد أنك فقد الذي لديه مواعيد؟ هل تعلم ماذا تركت من مشاغل لأجل مقابلتك؟

منير:
-  لم أخبرك أن تقدمي تضحيات لأجل مقابلتي.

سما:
-  أعلم أنك ليس مهتم بي ولكن.

منير:
-  ولكن ماذا؟!

سما:
-  لماذا وافقت على الخطوبة وأتيت إلى مقابلة؟

منير:
-   لقد أجبرني والدي على فعل ذلك.

سما:
-   وأنا أيضاً مجبرة على ذلك الزواج؟

منير:
-  حسنا هذا جيد سيجعلنا ذلك نعاني بشكل أقل.

سما:
-  لا أريد المعانة لذلك أنا أحاول هكذا لخلق تفاعل بيننا، وجعل الموضوع أقل تعاسة وأكثر تفاهم.

منير:
-   ولما تفعلين كل ذلك؟

سما:
-   من أجل السلام النفسي فى الأيام القادمة؟

منير:
- لا أريد ذلك السلام.

سما:
-  لماذا لا تحاول يا منير؛ معاً نستطيع تحجيم الوضع.

منير:
-  لا أريد ذلك.

سما:
-  لماذا لا تريد إعطائي فرصة فى المحاولة، هل أنا قبيحة إلى تلك الدرجة داخل عيناك؟

منير:
-  لا ليست كذلك، ولكن افعلي ذلك بمفردك، فأنا لدى امرأة أخرة أحبها بشدة، ولم أستطيع أن أرعاك أو أحبك خلال حياتي، لذلك حاولي أن تتفهمي الوضع وتتأقلمي على ذلك، تستطيعي الاستمرار في حياتك كما هي دون الاهتمام إلى ذلك الزوج الغير مهتم.

سما:
-   أذ كان ذلك ما تريد فسوف أفعل ذلك.

منير:
-  هذا جيد أتفقنا لا ترجعي فى قولك بعد الزواج؟

سما:
-  أتفقنا فأنا كل ما أريده هو العمل مع والدك وانقاذ المجموعة.

منير:
-   كنت أعلم أنكِ تفعلين كل ذلك من أجل المال والشراكة.

سما:
-  حسنا أنت محق أفعل كل ذلك من أجل انقاذ والدي، وليس من أجل الحب والعشق، ليس لدى تلك الرفاهية وهناك آلاف البيوت التي سوف تهدم عندما يفشل ذلك الزواج.

منير:
-   لم أهتم من كل ذلك، ولا يعنيني بشيء، الذي أهتم به الآن الفتاة التي أحبها فقط.

سما:
- حسنا أتمني لكم التوفيق معاً ولكن.

منير:
-   ولكن ماذا؟

سما:
-  لا تثق فى الحب فالحب الأفلاطوني لست له وجود.

منير:
-  لا تقلقي أنا أعلم جيداً ما أفعل.

سما:
-  ولكن أريد أخبارك بشيء هام.

منير:
-  ما هو؟

سما:
-   أنا امرأة لا تقبل القسمة على اثنين، أذا كنت سوف تتزوج بمن تحب، يجب أن تنتظر حينا طلقنا وانفصلنا قانوناً.

منير:
-   حسناً سوف احاول فعل ذلك، ليست من أجلك ولكن من أجل والدي، حتى لا يفقد صوابه يصب غضبة عليا ويقتلني.

سما:
- حسنا لنتزوج زواج مزيف حتى ينتهي العمل مع والدك، وفى الوقت المناسب سوف أنفصل عن والدك فى عمل الشركة وأعطيك حريتك.

منير:
- حسنا إلى اللقاء.

بعد ذهاب منير كانت سما كونت داخل عقلها صورة جيدة عن منير، رغم انانيته فى حب امتلاك كل شيء الحب والمال، شعرت أنه إنسان جيد، يفعل كل ما يستطيع من أجل التمسك بحبه، وحماية الإنسانة التي يحبها ولا يريد التضحية بها.

كانت سما إنسانة عملية، لذلك عندما علمت عن مشاعر خطيبها منير لم تهتم بما أخبرها بها، وكل ما حدث من استهتار وعدم لباقة منير، لأنها تعلم بعدم وجود مشاعر له تجعلها تحزن أو تهتم، وما حدث كل الأفضل للجميع.

ولكن رغم الاتفاق شعرت سما بالحزن، وألم كرامتها ما فعله خطيبها كثيراً، جعلها تشعر من تصرفه بالمرارة، وهز ثقتها فى نفسها ولم تعلم السبب، هل ذلك لان خطيبك لا يهتم أو لأنه زوجها المستقبلي.

أو لأنه لا يبذل مجهود فى محاولة الاقتراب منها والتعرف على شخصيتها.

كانت سما فتاة جميلة، عندما يلامحها الرجال يقعون فى حبها، بدون مقدمات أو بذل مجهود منها فى ذلك، رغم شخصيتها الصارمة الباردة، ولكنها تمتلك جمال رباني، وكانت تعلم سما بذلك جيدا.

ولكن عندما رفضها منير، شعرت أنه شخص مختلف، رغم استهتار وتصرفاته السيئة، فأنه ليس مثل الجميع، وأنه لا يطمع فى جمالها الخلاب، أو يطمع فى أموالها، وذلك جعلها ترى فيه الرجل المناسب، وسط كل رجال الذين تعرفت عليهم فى السابق.

لذلك أعجبت بشخصيته المغرورة، وبدأت تلقائيا دون أن تدرك تقع فى الحب مع منير من طرف واحد.

وافق والد سما بعد فترة من عناد أبنته على ذلك الزواج، عندما وجد أبنته واقعة فى حب خطيبها، لذلك وافق على تسرع الجميع فى قرار الزواج، وكان ذلك أسرع زواج فى تاريخ ذلك الوسط مجتمعهم الرقي.

بعد ذلك لم يستغرق وقت طول، حتى أتت التعاسة والكآبة إلى قلب المسكينة سما الكردان.

بعد الفرح ذهبوا إلى جزور المالديف، من أجل قضاء شهر العسل، رغم أنه لم يكون زواج حقيقي، إلا أنها كانت أفضل وأروع أيام عمرها، وأجمل ذكريات نشأت داخل قلب سما النقي، عندما قضيت ذلك الوقت مع زوجها منير.

هل كان سبب ذلك الإحساس الذي شعرت به سما، سببه وجودهم معا بمفردهم فى بلاد غريبة، هل كانت سما تخدع نفسها عندما اعتقدت أنها اقتربت من قلب منير فى ذلك الوقت.

ولكن للأسف كان ذلك الوقت بالنسبة إلى منير مجرد نزوة، نشأت بينهم بسبب الغربة والوحدة والجو الرومانسي والمناظر اللطيفة.

بعد عودتهم من شهر العسل تحولت حياة سما الجميلة إلى الاسوأ، عندما عاد منير إلى يقابل عشيقته مرة أخرى، حينها تحول منير إلى شخص مختلف، يزداد كل يوم سوء تصرفه مثل السهر فى الخارج حتى الصباح، والشرب والعصبية.

وأيضاً الأسوأ العنف المنزلي تجاه سما، كانت سما تعيش بالفعل فى اسوأ فترات خلال حياتها.

كانت تحيا سما داخل منزل ذات جدران كما السجن، كان منزل عائلة منير كبير ويمتلك عائلة كبيرة، يعيش فى مع كل عائلته، بداية من أخواته الثلاثة، أعمامه الأثنين وزوجاتهم وأطفالهم.

كان المنزل يمتلأ بالشغب ومشاكل كل يوم، ورغم ذلك كانت سما سعيدة بالعيش فى ذلك المنزل، حتى سكنت مع تلك العائلة الكبيرة، التي تمتلك الكثير من المشاكل، مع وجود الكثير من الاختلافات، ممتلأ بالغيرة والمنافسة المستمرة بينهما كل يوم دون راحة.

ولكنها فى النهاية عندما فقدت سما صبرها من تصرفات زوجها السيء، التي كانت تأمل أن يبادلها نفس الشعور، من الحب والمشاعر الجيدة فى يوم ما، ورغم استمراره فى إحباطها بتصرفاته السيئة.

لم تستطع سما التحمل فى النهاية، وعندها فقد صبرها وذهبت إلى والدة منير، حتى أشتكي إليها من معاملته العنيفة المستمرة إليها، ولكن والدته ردت عليها مع ضحكة خبيثة:
-  لا تقلقي يا روح قلبي سوف أعاقبه واجعله يهتم بكِ أكثر.

ولكن عندما عاد منير وعلم عن شكوة سما إلى والدته، زاد غضبه وعنفها أكثر من قبل، حينها كانت سما حامل فى شهرها الأول، الذي حدث عن طريق خطأ أثناء تواجدهم خلال شهر العسل.

عندما علم منير عن ذلك الحمل أصبح عنيف أكثر، أعتقد أن سما فعلت ذلك عن قصد، حتى تجبره على البقاء بجانبها، وجعله مسؤول عنها طول العمر، ومنعه من الانفصال عنها.

كانت بالفعل تريد سما ذلك، رغم علمها جيداً أن منير يكرها ولا يحبها، ويحب شخص آخر، ولكن كانت تأمل أن تتغير مشاعره تجاها، من أجل الطفل ويستمر فى البقاء بجوارها إلى الأبد.

ولكن عندما علم منير عن الحمل ذاد عنف، وتعرضت سما لكثرة من الاعتداء الشديدة، حتى وصل الحد إلى نزيف وحجزت داخل المشفى، حينها فقدت سما الجنين الذي لم يكتب الله له النجاة، وشعرت أنها تشقى فى تلك الحياة دون حق.

رغم حزنها الشديد على فقدان الجنين، الذي فقدته بطريقة ظالمة، شعرت سما بعد فترة قصيرة بالارتياح.

كانت تفكر أن عدم وجود شيء يربطها مع ذلك الحقير، هو فى حد ذاته شيء جيد، وبعد تلك الكارثة اقتنعت أن تلك المشاعر ليس حب وانما مريضا، الذي يحتل قلبها ويجب علاجه والقضاء عليه.

وكان سبب ذلك الإحساس، هو عندما شاهدت سما تصرفات منير وعائلته، والسعادة التي امتلأت وجوههم عندما سمعوا خبر فقدان الطفل.

على عكس والد منير الذي قام بالاعتداء على منير بالضرب، من أجل الطفل الذي كان السبب فى فقدانه، ومنذ ذلك الحين فقدت الثقة فى أهل زوجي وعائلته مع الطفل الذي فقدته.

بدأت أطلب من والد زوجي الذهاب إلى المجموعة، ومواصلة العمل فى شركة والدي، والاهتمام به والاهتمام بوالدي العجوز، ولكنه رفض ذلك وتعلل بأنه يهتم جيداً بوالدي والمجموعة ولا يحتاج إليها، وبذلك كان عماد الصاوي قطع علاقة سما بمجموعة الكردان.

أجبر عماد الصاوي أبنه منير أن يحسن علاقته مع زوجته، ويجعلها حامل مرة أخرى فى أقرب وقت، ولكن كان منير يرفض طلب والده باستمرار، حتى إجباره على الاقتراب منها رغم عن إرادته، بعد الضغط المستمر من والده.

استسلم فى النهاية منير إلى أوامر والده، لأجل أبعاده عن حياته الخاصة، حتى يفعل ما يرد دون مراقبة والده، ولكن كانت سما فقدت الثقة فى زوجها، بعد ما حدث فى الحمل الأول، ورفضت اقترابه منها وناهته عن ذلك.

ولكن ذلك الحيوان حتى يرضي والده، قام بإجبار سما واخذها بالقوة وقام على اغتصابها، وبعد فترة أصبحت سما حمل مرة أخرى، ولكن بعد كل ما تعرضت إليه من ظلم واضطهاد من زوجها وعائلته، قررت محاربة الواقع واسترجاع مكانتها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي