من أجلك تغيرت

ندى محسن`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-12-28ضع على الرف
  • 87.6K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الثاني يعرفها على أصدقائه

نظر أنس له وأبعد عينيه بضيق قائلًا:

-أنا تزوجت بها ولم أفعل شيء خاطئ يا أخي، أردت أن تكون ملكًا لي ومع ذلك ما زالت ترفض لا أعلم ما الذي تريده ما الذي افعله لها؟!

أمسك بدر بذراع أنس وهو منفعل:

-أنت تزوجتها من أجل رغباتك القذرة تلك! أنت لن تعقل أبدًا يا أنس ما هذا الغباء؟!

نظر أنس إلى الأسفل بضيق:

-أخي أنا كدت أجن وهي تبتعد عني، لا تريد مني البقاء معها وصديقتها تلك كانت ملتصقة بها ولم تتركها ابدآ.

دفعه بدر بانفعال وغضب شديد، لم يعجبه أبدًا طريقة أنس وحديثه عن علاقتهم:

-أنا لا أريد أن أفقد أعصابي عليك، ما الذي تقوله أنت ألم يعد يفرق معك شيء يا أنس؟!

اومأ أنس له وهو يريد أن ينتهي من هذا النقاش المزعج:

-حسنًا يا أخي سوف أفعل كل ما تريده سوف أتزوج بها أمام الجميع، سوف أقوم بعمل زفاف ضخم ليعلم الجميع، هل هذا جيد!

رمقه بدر بغضب، ومن ثم تركه ليتنهد أنس بضيق ونفاذ صبر قائلًا:

-لا أعلم ما الذي أفعله كلما خططت إلى شيء يأتي من يفسده، لا أعلم ما شأن أخي بكل هذا فليدعني وشأني.

مر اليوم، كانت بيلا نائمة بغرفتها أخذت الكثير من الوقت لتنام بهذا المنزل؛ فلم تعتاد بعد عليه شعرت بمن يحاوط خصرها لينتفض جسدها وتركض لتضيء المصباح الكهربي لتأخذ نفسها أخيرًا:

-أنس ما الذي تفعله هنا؟ كدت أن توقف قلبي ألم تنم بعد لماذا ما زلت مستيقظ؟!

ابتسم أنس ووقف أمامها، قام بإحاطتها بكلتا يديه وهو يقترب منها ويتأمل وجهها:

-لم أنام وهذا بسبب بعدكِ الشديد عني هل يعجبكِ هذا يا عزيزتي؟!

ابعدت يده بضيق وهي تهز رأسها بنفي:

-دعني يا أنس هذا ليس صحيح وأنا لا أريد أن تتصرف بتلك الطريقة إذا سمحت.

دفعته وابتعدت ليقبض يده بغيظ وغضب شديد:

-لا أعلم ما الذي أفعله أنا لكِ، طلبتِ الزواج وقد تزوجتكِ، ماذا أفعل بعد كل هذا؟!

كانت تشعر بقلبها يرتجف، ابتعدت عنه وهي لا ترغب في بقائه هنا لوقت أطول:

-أنا أريد أن أنام يا أنس لنتحدث فيما بعد إذا سمحت.

رمقها بغضب ومن ثم خرج من الغرفة وهو يحاول أن يتمالك أعصابه حتى لا تهرب منه، أما هي اغلقت الباب من خلفه ليذهب بغضب وتنام هي بالسرير، تحدثت بحنين قائلة:

-اشتقت لوجودكِ يا صديقتي، اشتقت لوجودكِ يا منار.

أتى اليوم التالي، هبطت بيلا بعد أن بدلت ملابسها لفستان عند الركبة وهي تعقد شعرها للأعلى بإحدى رابطات الشعر، اتسعت أعين بدر ما إن رآها أمام أنس قد ابتسم ووقف يرحب بها:

-صباح الجمال يا جميلتي هيا تعالِ لتأكلين.

اقتربت وجلست بجواره على المائدة بينما كان بدر يقبض على يده بقوة، يشعر بالغضب الشديد ولاحظت أسماء هذا لتتحدث إلى أنس وهي تهمس له:

-ما الذي ترتديه هي يا أنس هذا لا يصح.

أخذ أنس نفس عميق:

-ماذا بكِ يا أمي دعيها على راحتها اصبحت من أصحاب المنزل.

نظرت أسماء إليه بغضب شديد:

-ماذا بك يا أنس أليس لديك أي شعور ألا تغار؟!

ابتسم أنس وهو ينظر لها ويتحدث بنفس الهمس:

-أغار يا أمي أجل ولكن من الذي سيجعلني أغار؟ أنا لا أغار من أخي وهذه زوجة أخاه الآن فلن ينظر لها، على كل حال أخي ليس من هذا النوع.

صمتت أسماء، لم يعجبها تفكير أنس بينما بدر لم يتحدث ويبدو أنه على وشك الانفجار.

سمعوا طرقات على الباب، ذهب أنس سريعًا ليفتحه وسمعوا صوت أصدقاءه الأثنين تامر و ماجد يضحكوا ويرحبون به ليدعوهم للداخل، تحدث قائلًا:

-لم تروا من تزوجت بعد، انتظروا وستندهشون.

ابتسمت بيلا بتعجب وهي تنظر إلى أسماء:

-هل هم أصدقاءه، هل هم مقربين؟

وقف بدر قبل أن يقتربوا أكثر، قام بسحب بيلا للأعلى، لم تستطيع أن تجاريه واوشكت على السقوط عدة مرات لكنه لم يهتم دفعها للغرفة وهو ينظر لها بغضب:

-اياكِ أن تظهري بهذا المظهر هل فهمتي إياكِ أن يظهر شيء من جسدكِ، سوف أقوم بتكسير عظامكِ هل تفهمين؟

اتسعت أعين بيلا بصدمة، بينما بدر كان على وشك الجنون وهو يرى أخاه بهذا البرود حتى بعد أن اصبحت زوجته!

ذهب بدر، أحضر عباءة من غرفة والدته وعاد لها كانت تقف مكانها ليقم بوضعها بجوارها قائلًا:

-إن أردتِ الخروج من غرفتكِ ارتدي هذه العباءة وهذا الحجاب مثل باقي النساء المحترمات ولا تتصرفي بتلك الطريقة وتهينين نفسكِ وعائلتكِ.

خرج وهي ما زالت غير مدركة ما الذي يحدث لكنها شعرت بالغضب الشديد قائلة:

-ما شأنه هو؟!

هبطت بيلا بعد أن قامت بارتداء ملابس أسماء، كانت تبدو فضفاضة عليها، لكنها لم تزعجها، شعرت بالكثير من الحيرة والتردد من بدر؛ فهو قاسي كثيرًا عليها ولا تعلم لماذا يحدث هذا معها! اقتربت ورأته ينظر لها، قد ظهر على وجهه علامات من الرضا ومن ثم أبعد عينيه عنها، سمعت صوت أحد أصدقاء أنس يقول:

-ما الأمر يا أنس، ألم تظهر زوجتك؟ نريد أن نراها لنقدم لها التهاني.

نظر أنس له وهو يبتسم، أومأ لهم عدة مرات:

-حسنًا لقد صعدت لتأتي بشيء كما قالت أمي وسوف تأتي الآن.

رآها أنس في هذا الوقت، لم يكن يدرك أن تلك هي بيلا، عقد حاجبيه في تعجب شديد، يتساءل ما الذي جعلها تتحول بتلك الطريقة يا ترى! نظر إلى أصدقائه وكأنه ينتظر الإجابة منهم، تبادلوا النظرات عندما علموا أن هذه هي بيلا، لم يكونوا يتوقعوا أن يروا فتاة ترتدي مثل فتيات القرى البسيطة.

لقد كان يتحدث عنها كيف أنه تعرف عليها بالخارج ليأتي بها هنا والاختلاف يظهر عليها من بين الجميع من الفتيات، باركوا لهم وانصرفوا؛ فلم يستطيعوا أن يتمالكون ضحكاتهم، اقترب أنس منها ما إن ذهبوا وبدى غير راضٍ عن كل ما يحدث:

-اخبريني ما الذي ترتديه ما هذا؟ ما تلك العباءة التي تغطسين بها وما هذا الوشاح الذي يغطيكِ من أسفل للأعلى!

نظرت بيلا إلى بدر، وجدته لا ينظر تجاههم، لكنها تعلم أنه يستمع إليهم في صمت، حركت رأسها بهدوء:

-أردت أن أكون فرد من هذا المنزل يا أنس ولا أرى أن تلك الملابس قبيحة أبدًا على العكس، أرى أنها مُريحة للغاية، هي مُريحة كل الراحة.

نظر لها أنس لبعض الوقت، ألقى نظرة على بدر وجده مازال يجلس، لم يستطيع أن يتصرف على راحته وكما يريد؛ فكيف سيفعل وهو يعلم أن بدر لن يغفر له وسوف يزداد غضبه كثيرًا عندما يسمعه يتحدث بكل ما يجول بخاطره، في نظره بدر لا يفهم شيء عن الحياة سوى العادات والتقاليد لهذا اختار أن يبقى صامتًا، لا يتحدث بأي شيء.

تركها وذهب بينما بدر مازال يجلس بهدوء أمام مائدة الطعام، اقتربت بيلا تجاهه وهو يشعر بالحيرة من تلك الفتاة، تنسى كل ما يفعله وتشاركه الجلوس دون حتى أن تعاتبه، هو يعلم أنه غير مسؤول عنها، لكنه لا يمكنه أن يرى الخطأ ويصمت عليه.

تحدثت بيلا بتردد إليه وهي تحاول أن تكتسب صداقته:

-هل يبدو هذا جيد؟

تعجب بدر من أنها تسأله، نظر لها بطرف عينيه ومن ثم أبعد نظره عنها:

-الشيء الثمين لا يكون عرضة لكل شخص.

تعجبت من حديثه بينما هو عاد إلى شروده بصحنه، كان الجو بارد للغاية، ظهرت ابتسامة على ثغرها؛ فارتداءها لتلك الملابس جعلها تنعم ببعض الدفء، لقد كانت تشعر بالبرد لكنها اعتادت عليه عندما كانت بالخارج، بدأت في تناول الطعام، اقتربت أسماء وقد تعجبت من هيئة بيلا وابتسمت:

-يا لكِ من جميلة، ما هذا الجمال يا ابنتي؟!

ابتسمت بيلا كطفلة صغيرة مدحها أحدهم، وقفت وألقت بنفسها بين ذراع أسماء التي ابتسمت وهي تضمها ببعض التعجب، لقد كانت حقًا كطفلة صغيرة تلهوا.

وقف بدر وابتعد عن طاولة الطعام ليذهب إلى خارج المنزل، ابتعدت أسماء وامسكت بيدها:

-ها قد ذهبوا الشباب، دعينا نجلس ونتحدث معًا أكثر؛ فأنا أريد أن أعرف كل شيء عن حياتكِ، مع من كنتِ تعيشين وكيف كنتِ تدبرين شؤونكِ، أنس لا يقول شيء إلا عندما يروق له وأنا أشعر بالملل.

اومأت بيلا لها واجابتها بتفهم:

-هو بالفعل هكذا، يرفض التحدث معي في كثير من الأوقات، حتى أنه لم يكن يعير لحديثِ اهتمام، كانت منار تشعر بالكثير من الضيق من معاملته لي، لكن كنت أقول لها أن هذا طبعه ولا يجب علينا أن نتحكم في شيء كهذا.

لمست أسماء وجنتها بحنان وكلما مر الوقت تحبها أكثر وأكثر:

-تبدين عاقلة يا بيلا، لكن هناك بعض الأشياء يجب عليّ أن أقوم بلفت أنتباهكِ بشأنها.

تعجبت بيلا وهي تنظر إليها:

-وما هي هذه الأشياء يا ترى!

في هذا الوقت كان بدر يسير بجوار الحقول الزراعية التي تتساقط عليها حبات المطر، لقد كانت هذه الأجواء المفضلة لديه، يفكر في كل ما يحدث، شقيقه على وشك أن يصيبه بالجنون لا محال، يتصرف بغرابة ويجعله على وشك أن ينهي حياته ليرتاح منه.

فكر بتلك الفتاة التي دخلت على حياتهم حديثًا، كيف هي مختلفة عنهم كل الاختلاف ومع ذلك وضعها القدر في طريقهم، ما زال عند رأيه ويرى أنها لا تستحق أن تبقى بينهم، هي معتادة على عادات مختلفة وهذا سيجعلها تفشل في البقاء بينهم.

استفاق من شروده على صوت صديقه المقرب أدهم:

-ما الأمر يا بدر، لماذا تقف هنا بمفردك وفي هذا الجو البارد؟

ابتسم بدر وهو يلتفت له ليحييه وهو يضمه قائلًا:

-لا شيء أردت أن أستنشق بعض من الهواء النقي، تعلم أن تلك الأجواء هي المفضلة لي، جسدي لا يشعر بالبرد كما تتخيل أنت.

ابتسم أدهم وهو يومأ له، نظر له فجأة وكأنه قد تذكر شيء ما وهو يقول:

-مبارك لشقيقك، لقد علمت من أصدقاءه أنه تزوج وأتى بزوجته هنا! مازالوا يدرسون أم ماذا؟

حرك بدر رأسه بفقدان أمل وهو يحاول أن يسيطر على الغضب الذي يتملكه كلما تذكر أفعال شقيقه:

-لا يوجد لدي ما أقوله حقًا يا أدهم، سوف يجعلني أفقد عقلي، هو لا يفكر بشكل منطقي، أنت تعرفه وهو لم يتغير أبدًا، تعلم كيف يفكر وكيف أنه من أكثر الأشخاص عنادًا، لا يكفي أنه شخص مغرور بوسامته ويتباها بها طوال الوقت وكأنه هو من خلق نفسه لا هو أيضًا يصيب الجميع بالجلطات من أفعاله الغير عاقلة والمتهورة.

ضحك أدهم؛ فليست المرة الأولى الذي يقول بدر بها هذا، لطالما لم تعجبه أفعال شقيقه الطائش، لقد كان أنس دائمًا صاحب النصيب الضخم من محبة الجميع، والدته ووالده، حتى بدر الذي يكبره بخمس سنوات قد كان يعتني به بأفضل الطرق، حرك أدهم رأسه بنفي:

-عليك أن تتحدث معه بهدوء، هو لم يعد صغير سوف يكون مسؤول عن بيت وأولاد وعليه أن يكون على استعداد لتحمل هذا، أنت شقيقه وتكبره في العمر، عليك أن تساعده.

أومأ بدر له، كان لا يريد الحديث أكثر من هذا؛ فحتى صديقه ليس من شأنه أن يتدخل في شؤون عائلته، تحدث بعد أن شعر بالكثير من الملل:

-سوف أذهب الآن يا أدهم، دعنا نتحدث فيما بعد فلا أريد أن أصاب بنزلة برد.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي