الفصل الثالث عشر تكون خطيبتي

تحدث بدر والغضب يملأه:

-هل فقدت عقلك أم ماذا؟ كيف تمسك بها بتلك الطريقة رغمًا عنها، ألم ترى رفضها ومحاولتها في سحب يدها من بين يديك؟!

نظرت بيلا إلى بدر بعدم استيعاب بينما القلق ظهر على وجه منار وكارم الذي نظر إليه بتعجب:

-ماذا بك أنت؟ هل اشتكت لك يا ترى؟

نظر بدر إلى بيلا ليرى القلق يظهر بوضوح على وجهها، تحدث إليه بحدة شديدة:

-بيلا تخصني هي خطيبتي.

شهقت منار وصاح كارم وهو ينظر إلى بيلا التي تقف في حالة من الصدمة مثلهم:

-ماذا تقول أنت؟ هذا جنون لا محال! كيف لك أن تنوي الزواج من زوجة أخيك كيف ستفعلها؟

اجابه بدر بهدوء جعل الآخر يزداد غيظًا:

-أخي لم يتزوج بيلا، نعم أتى بها إلى هنا، لكن لم يكن هناك نصيب بينهم، لا داعي للتفكير في الأمر، بيلا تعرف مصلحتها جيدًا.

نظر لها لتلتقي عينيها الملونة بلون العسل بعينيه السوداء:

-هي لن تفعل شيء يضر بها في لحظات الغضب، سوف تحسن الاختيار.

شعرت أن الدموع سوف تهاجمها لتركض خارج الصالون، تجاهلت أسماء وبيري وذهبت إلى غرفتها لتتبعها منار وهي تحاول اللحاق بها:

-انتظري يا بيري علينا أن نتحدث، لا تذهبي انتظري أنا لن أغصبكِ على شيء، سوف نتحدث معًا.

دلفوا إلى الغرفة سويًا ومنار تنظر لها بتعجب شديد:

-كيف لم يتزوج بكِ أنس يا بيلا؟ لقد تم عقد قرانكم أمام عينيّ، ألم توافقي وأخذ المأذون الأوراق؟ ما الذي حدث جعل بدر يقول هذا ونحن نعلم أنه ليس صحيح؟!

نظرت بيلا لها لتتحدث وقد ارتجف صوتها بعد أن شعرت بالشفقة على نفسها:

-ليس صحيح يا منار، لم يتزوج بي أنس، لقد كانت لعبة قام بها مع صديقه ولم يكن سوى مخادع كبير لي.

حركت رأسها ببغض شديد وهي تنظر لها بانتباه:

-أنا لا أعلم كيف تمكن من فعل هذا؟ لقد بدى كل شيء حقيقي، ظننت أن تسرعه في أمر الزواج بعد عودتنا من أمريكا كان بسبب اعجابه الشديد بي هل تصدقي هذا؟ ولم يكن هذا سوى وهم كنت أخدع نفسي به!

اقتربت منار لتقوم بضمها وهي تحاول أن تهون عليها هذا الشيء البشع التي عاشته:

-أعلم أن هذا الأمر سيء للغاية ومن الصعب تقبله، لكن أنتِ فتاة قوية وسوف تتجاوزيه، ليس من المنطق أن يكونوا جميع الأشخاص جيدين يا بيلا اعلمي هذا.

ابتعدت بيلا لتجفف دموعها ومن ثم قامت باحاطة رأسها:

-منذ عودتي من أمريكا لم أعمل بسببه يا منار، لم أدبر منزلًا، لم يكن هناك شيء يمكنه أن يحميني، أفكر في العودة إلى منزل خالتي رغم أنني أعلم أن زوجها سوف يقوم بطردي ولكن هذا منزل أمي أيضًا، لماذا يفعلوا هذا؟!

حركت منار رأسها بنفي وقد شعرت بالقلق عليها:

-لا تذهبي إلى هناك يا بيلا، لن تستفادي أي شيء، ربما يقوم بضربكِ، يمكنكي أن تأتي معي إلى المنزل لحين تدبير الأمر، سوف نجد حل لا تحزني.

اجابتها بيلا بانزعاج شديد وهي تجفف بقايا دموعها:

-أنا لن أجمل حديثي لا يمكنني العيش مع شقيقكِ في منزل واحد، لقد جعل أيامنا الأسوء يا منار، لا يمكنه أن يتقبل أنني لا أراه سوى أخ ولا يمكن لمشاعري أن تتطور أكثر من هذا، من جديد يأتي ويتصرف بطريقة تزعجني وكأنه لم يفعل شيء!

أخذت منار نفس عميق وهي تحاول أن تجد حل لها ولكنها تعلم بأن شقيقها ليس جيد، حتى أنها لا تفضل الجلوس معها في وجود كارم التي يستمر بازعاجها بشكل مستمر:

-اهدئي الآن هذا أهم شيء واخبريني ما أمر خطبتكِ أنتِ وبدر؟!

شعرت بيلا بالضيق الشديد كلما تذكرت هذا الأمر، رغم أنها تعلم إن لم يكن متزوج لم تكن لتمانع اعطاءه الفرصة التي تتحدث عنها أسماء:

-هو يحاول مساعدتي كما فهمت، عوضًا عن الشيء الذي فعله شقيقه يحاول أن يتحمل هو المسؤولية، أتساءل كيف يفكر هذا الشخص؟ هو حتى لم يهتم لمشاعر زوجته!

امسكت منار بيدها وهي تحاول جعلها تهدأ رغم أنها لا تجد تفسير للشيء الذي يفعله هذا المدعو بدر، وجدوا طرقات على الباب ودلف بدر إلى الغرفة في هذا الوقت، نظرت بيلا له بتعجب بينما هو تحدث بحزم كعادته إلى منار:

-شقيقكِ في انتظاركِ خارج المنزل.

نظرت منار إلى بيلا وهي تعلم أن كارم سوف يتحكم به الغضب ويمكنه أن يفعل أي شيء وقتها، تحدثت إليها بارتباك:

-لا داعي للقلق، سوف أتحدث مع كارم ويمكننا أن نجد شقة قريبة من هنا لنبقى بها.

اخرجت بعض المال من حقيبتها واتدعت أنها تصافح بيلا لتضعه في يدها وهي تضمها هامسة:

-كارم يعمل والظروف في أحسن حال ابقيهم معكِ يا بيلا، لا تظهري شيء هاا.

ابتلعت بيلا ما بحلقها وهي تشعر بعدم الراحة في هذا، ابتعدت منار وما إن اوشكت على الخروج حتى اوقفها بدر:

-قبل أن تذهبي خذي مالكِ يا أنسة منار.

اقترب ليقوم بأخذه من بيلا وإعطائه إلى منار التي أحمر وجهها وقد شعرت بالاحراج:

-هذا شيء بيننا يا أستاذ بدر وليس من أجل شيء آخر..

قاطعها بدر وهو يراها على وشك التحدث بالمزيد:

-لا تشغلي بالكِ بهذا الأمر، بيلا تجلس في منزلنا ولا نقبل أن تصرف على نفسها أو يقوم أحد بالصرف عليها، بالتأكيد سوف تفهمين أن هذا الأمر غير جيد.

لم ترتاح منار في التحدث معه وعلى الفور خرجت من الغرفة وهي تشعر بالضيق الشديد، انتبه في هذا الوقت إلى بيلا التي وقفت مبتعدة عنه قليلًا:

-أنا لم أقرر بعد إلى أين أريد الذهاب، لكنني لن أتقبل الشيء الذي قولته بالأسفل، أنت رجل متزوج، بالتأكيد أنت ترى أننا لا نناسب بعضنا البعض.

أومأ لها بتفهم وهو يشعر بالتعجب من قلقها الشديد وهذا النفور الذي يظهر على وجهها:

-اسمعيني يا بيلا أنا لم أخطط للزواج بكِ يومًا، أظن أنكِ تعلمين شيء كهذا! أنا لن أفكر في جرح زوجتي بأي شكل، لكن اعتبري أن هذا الزواج هو تعبير عن أسفي لكل شيء حدث معكِ.

ابتسمت بيلا ساخرة وهي تنظر له بأعين حاوطتها غيمة من الدموع:

-هل تعبر عن أسفك بالزواج يا ترى؟ عذرًا فأنا لا أعترف بشيء كهذا! أنت لا تعلم ماذا يعني الزواج حتى، لا تدرك أن الزواج يتم بمشاركة شخصين يجمعهم أشياء مشتركة و..

قاطعها بدر وهو لا يريد لحديثه أن يطول في هذا الأمر:

-أنا لا أغصبكِ على شيء يا بيلا، عليكِ أن تفكري بالأمر وبهدوء، أنا لم أرتاح إلى كارم وأشعر أنه ينوي لكِ على شيء سيء، إن أردتِ الذهاب لا يحق لي منعكِ، لكن أقول لكِ من جديد أن هذا الأمر لن يضر أحد سواكِ.

نظرت له بأعين ملأها الألم:

-لقد سئمت من هذا الشيء، أنا أريد عمل يمكنني من خلاله أن أكفي نفسي.

حرك بدر رأسه باستنكار وهو يتحدث إليها بصدق:

-أنتِ هنا في مسؤوليتنا يا بيلا، لا يمكنكي أن تعملي من أجل شيء كهذا، أنا متكفل بكل شيء تريديه ما دومتي هنا، لا تقلقي لن أتخلى عنكِ.

حركت رأسها باستنكار وكأنها تحذر نفسها:

-أنت متزوج يا بدر، صدقني لن ينجح الأمر.

اقترب بدر وهو يحاول اقناعها:

-سوف يكون كل شيء كما تريدي يا بيلا، حتى أنني يمكنني أن أطلقكِ في أي وقت تريدي.

لاحظ ابتعادها الشديد عنه وهي تبتلع ما بحلقها في صعوبة شديدة:

-لم أعد أعلم شيء، لا أعلم حتى ما الذي من الممكن أن أفعله، لقد وترتني يا بدر..

لاحظ بالفعل توترها وعلم أنها تتحدث إليه بصدق حتى في مشاعرها لا تخفي عليه شيء، حاول جعلها تطمئن أكثر:

-يمكنكي أن تثقي بس يا بيلا، وقتها سوف تتحسن الأمور كثيرًا، خذي وقتكِ ولا تحملي هم شيء.

أوشك على الخروج ولكن اوقفه صوتها وهي تقترب بسرعة منه:

-انتظر، أنا أريد أن أعرف لماذا تغيرت معي يا بدر؟ لم تكن بهذا اللطف معي من قبل وأريد أن أعرف السبب الحقيقي خلف هذا.

التفت لينظر لها، التقت عينيه بعينيها المقتبسة من لون العسل، حرك رأسه باستسلام:

-أعترف أنني كنت مخطأ بحقكِ يا بيلا، لا أعلم ما الذي يمكنه أن يغفر لي هذا، لكنني أعلم ومدرك تمامًا أنني لم أكن جيد معكِ، كان السيء الحقيقي هو أخي، ربما إن بقيتي في حال أفضل تستطيعي أن تسامحيه، أعلم أنه صعب، لكنها أمنيتي الوحيدة في هذا الوقت.

اومأت له بتفهم ومن ثم تحدثت إليه وهي تشعر بالكثير من الضيق:

-أنا لا أعلم كيف سيغفر قلبي له بعد كل شيء، لكنني لم أعد أفكر به كحبيب، تلاشى هذا الحب بعد كل شيء قام به يا بدر، لم أعد ذات الفتاة حتى!

شعر بالضيق لهذا وهو يرى الألم داخل عينيها، اقترب ليقف أمامها مباشرة وهو يتحدث إليها بجدية:

-أنتِ في عمر أختي يا بيلا، أشعر بالجنون كلما فكرت أن شيء كهذا من الممكن أن يحدث معها، لهذا السبب أنا أتفهمكِ تمامًا، لهذا السبب أرغب في إزالة هذا الحزن البغيض عن قلبكِ.

كان قلبها يرتجف وهي تريد أن تبتعد من أمامه، لا تعلم لماذا تشعر بالقلق في وجوده إلى هذا الحد يا ترى؟ ما الذي يفعله ليقوم بسلب أنفاسها ويجعل قلبها يرتجف بتلك الطريقة؟! تحدثت بيلا وقد ارتجف صوتها:

-ماذا سوف يحدث مع أمل إن تزوجنا؟

اجابها وقد ظهر الضيق على وجهه:

-أنا لا يمكنني أن أقوم بكسرها ولا يمكنني أن أتخلى عنها مهما حدث يا بيلا، سوف تبقى زوجتي، لا أريد لأي شيء أن يجرحها وكما تعلمين نحن..

صمت بشكل مفاجئ وهي تتابع ملامحه وكيف يشعر بالتردد، أخذ قراره وبدأ في التحدث إليها:

-أنا لم أكن أرغب في هذا الزواج، أنا لست من هذا النوع، كما أننا مختلفين كثيرًا ولا يروق لي هذا، أقصد أن زواجنا لن يكون طبيعي.

نظرت له بتعجب وهي لا تفهم ماذا يعني؟ شعر أنه من الممكن أن يجرحها إن تفوه بشيء كهذا، أمسك بيدها وهو يحاول أن يبثها القوة، لكنه لم يتخيل أن تقوم بسحب يدها بقوة والابتعاد على الفور من أمامه بعد أن انتفض جسدها بتلك الطريقة وهي تسأله بتعجب:

-ماذا بك؟ لا تضع يدك عليّ.

تعجب من نفورها الشديد وهو يحرك رأسه بنفي وقد شعر بالاحراج:

-اهدئي يا بيلا، لم أنوي هذا، تصرفت بعفوية، لا داعي للقلق أنا كنت أريد أن أخبركِ أن زواجي أنا وأنتِ هو مجرد زواج شكلي، أقصد من أجل الناس هنا ومن أجل حديثهم، لا يوجد لدي أي نية لأجباركِ على وضع لا ترغبين فيه.

نظرت له بانتباه شديد وهي تسأله:

-هل تتحدث بجدية يا بدر؟ هل ستتركني على راحتي بالفعل؟

أومأ لها وأراد لها أن تطمئن أكثر:

-نعم يا بيلا، أيضًا إن اردتي أن تتطلقي في أي وقت يمكنكي أن تخبريني، أنا لن أقف ضدكِ ولن أستفاد إن فعلت، هل اتفقنا؟

اومأت له وهي تبتلع ما بحلقها وما زالت بعيدة عنه:

-هذا جيد، أنا أشعر ببعض الراحة، شكرًا لتفهمك يا أخي.

نظر لها ولاحظت ما تفوهت به لتتحدث بقلق:

-أقصد يا بدر، شكرًا لك كثيرًا.

أومأ لها ومن ثم خرج لتقترب وتغلق الباب وهي تأخذ أنفاسها براحة، لقد كان يسلب أنفاسها حقًا بوقوفه أمامها وبهذا الثبات الذي يظهر على وجهه:

-أتمنى أن يكون صادقًا في حديثه ولا أجد نفسي في كارثة أخرى وأقضي المزيد من الوقت في محاولتي للتخلص منها.

كان كارم يسير وبجواره منار التي لم تتوقف عن التحدث إليه دون ايجاد الرد المناسب منه لتتوقف عن السير:

-إلى أين سوف نذهب الآن يا كارم؟ هل تنوي العودة إلى سيارتك من جديد ومن ثم الرحيل؟ أنا لا أرغب في هذا.

اقترب كارم منها وهو يتحدث بغضب شديد وكاد أن يسحق أسنانه من كثرة الأنفعال:

-لا تجعليني أفقد عقلي يا منار وسيري معي بصمت، هيا تعالي معي.

ابعدت منار يدها عندما شعرت أنه سوف يقوم بسحبها بانفعال:

-لن أذهب معك يا كارم ما الذي تفكر فيه أنت؟ أنا لا أريد هذا، لن أتخلى عن بيلا في هذا الوقت بالتحديد مهما حدث، لا تكن سخيف.

أغمض كارم عينيه بغضب شديد وهو يحاول أن يتمالك نفسه بقدر المستطاع، حرك رأسه بانفعال واضح:

-ما الذي تريديه وصديقتكِ على وشك الزواج بهذا الرجل البغيض؟ هل تعلمين ما الذي قاله لي يا منار؟ لقد اخبرني أن وجودي غير محبب له أو لها، اخبرني هذا بوضوح وأنا في منزله! بالتأكيد لاحظتِ كيف كان ينظر لنا، كلما تذكرت هذا أشعر بدمائي تحترق وأنتِ لا تدعين بالًا لهذا!

اقتربت لتمسك بيده برجاء ظهر في عينيها:

-هي في حالة صعبة يا كارم، لم تتم خطبتها عليه، هو يرغب في الزواج بها أفهم هذا، تحتاج لبقائي بجوارها حتى إن تزوجت به، لا يمكنني أن أتخلى عنها في هذا الوقت الصعب، لقد خدعها أنس.

تعجب كارم من كل شيء تقوله شقيقته التي بدى التردد واضحًا كل الوضوح داخل عينيها:

-لا أفهم يا منار ما الذي تقصديه بخداع أنس لها؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي