الفصل السابع والعشرون يحاول التقرب

نظرت بيلا إلى كلًا من منار وكارم بصدمة وعدم استيعاب:

-ماذا تقولي أنتِ يا منار؟!

ابتلعت منار ما بحلقها وهي تنظر إلى شقيقها وتعلم أن هذا الأمر عكس ما تخطط له بيلا، قاطعهم صوتها المنفعل من جديد:

-ما الذي تقوليه أنتِ؟ أنا حامل! بعد كل شيء حدث معي سيتواجد شيء يجعلني أعود إليهم من جديد! لن يحدث هذا ولن أسمح به أبدًا.

ابتسم كارم ساخرًا وهو يحرك رأسه بتهكم:

-ألم يكن هذا الشخص من اختياركِ وتزوجتِ به يا ترى؟ أم أنني مخطأ يا بيلا؟

نظرت بيلا له وهي لا تستطيع أن تأخذ أنفاسها بشكل منتظم:

-توقف عن الضغط عليّ بتلك الطريقة، نعم احببت هذا الرجل، لقد عشقته ولكن ما شأنك أنت؟ هو كان زوجي ووجدت فيه الكثير من العيوب وانفصلنا، هل يجب أن أشعر بالندم طوال حياتي يا ترى؟!

أبعد كارم وجهه عنها وهو يشعر بالضيق الشديد، لا يعلم ما الذي يجب عليه أن يقوله بينما هي امسكت بيد منار بقوة وهي تتحدث إليها برجاء:

-منار أرجوكِ لا تخبري بدر، إن أتى أو تحدث حتى أنس لا تخبري أي أحد بهذا الأمر، لا يمكنني أن أتخيل ما الذي من الممكن أن يحدث وقتها.

اومأت لها منار وهي تجلس بجوارها وتحاول أن تجعلها تهدأ:

-لا تفكري في أي شيء الآن يا بيلا، أبقي هادئة أرجوكِ ولا تتوتري.

نظرت بيلا لها والضيق يحتل صدرها، كانت تفكر في حياتها مع بدر، تتساءل ما الذي سوف يحدث إن علم بالأمر، ربما سوف يجعلها تعود إلى المنزل ولن تغادره أبدًا لحملها في ابنه وربما يجبرها على اجهاض الطفل ويعيش مع زوجته بسعادة دون التفكير في حالتها.

مر الوقت وسمح الطبيب لهم باصطحابها إلى خارج المستشفى، لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تفعله؟ هي على معرفة كاملة بأنه من الخطأ البقاء في منزل منار للكثير من الوقت، تحدث كارم وهو يسألها بحيرة:

-ما الذي تخططين له يا بيلا؟ لا تريديه أن يعرف أنكِ حامل في طفله، هل تظنين أن هذا الأمر جيد يا ترى؟

نظرت له وهي تتجاهل سؤاله:

-أنا أريدك أن توفر لي عمل مناسب، أرغب في العمل في أقرب فرصة.

حرك كارم رأسه بعدم استيعاب وتحدثت منار بدلًا عنه:

-أنتِ ما الذي تقوليه يا بيلا؟ عن أي عمل تتحدثين وأنتِ في هذه الحالة يا ترى؟!

حركت بيلا رأسها بنفي وهي تقف أمامها:

-أي حالة تقصدين يا منار؟ أنا بخير ولا أشعر بشيء ولن أكون أول امرأة حامل وتعمل، تعلمين أن الظروف صعبة ويجب عليّ أن أتحمل مسؤولية نفسي وأدبر المال اللازم لفترة الحمل والولادة.

كانت منار تمسك بيدها وهي تحرك رأسها باستنكار:

-سوف أعمل أنا بجانب عمل كارم وسوف ندبر شؤوننا لا داعي لأن تشغلي بالكِ في شيء.

حركت بيلا رأسها بنفي وهي تتحدث بإصرار:

-أنا أريد السفر إلى أمريكا يا منار، لا أريد البقاء هنا، إن علم بدر بوجود هذا الطفل لا يمكنني أن أثق في رد فعله.

اجابها كارم وهو غير راضٍ عن تفكيرها:

-ما الذي سوف تفعليه في الخارج، سوف تكون الحياة صعبة للغاية يا بيلا، أنا من رأيي أبقي معنا ولا تفكري في شيء.

نظرت له ولم تجد ما يقلقها في نظراته هذه المرة، لا تعلم ما الذي تغير ليبدو متعاون هكذا:

-شكرًا يا كارم ولكن إذا سمحت جد لي العمل المناسب، أنا لا يوجد لدي مشكلة المهم أن يكون في أقرب فرصة.

تحدثت منار وهي تحرك رأسها بنفي:

-إياك أن تفعلها يا كارم، لن أغفر لك.

رمقتها بيلا بغيظ وهي تتحدث بانفعال:

-توقفي عن العناد يا منار، أنا سوف أهبط للعمل سواء إن وجد لي العمل المناسب أم لا، لن أبقى معكم دون عمل، سوف أبحث بنفسي إن كان من الصعب عليه البحث.

تحدث كارم وهو يومأ إلى منار ويعلم أن بيلا من أكثر الفتيات عنادًا:

-حسنًا يا بيلا سوف يحدث الشيء الذي ترغبين فيه، لا يوجد داعي للقلق، لا تتدخلي يا منار في هذا الأمر، دعيها تفعل الشيء الذي ترغب فيه

نظرت منار له وهي على وشك التحدث بانفعال ولكنها غمز لها حتى تصمت ولا تجعلها تغضب أكثر من هذا:

-سوف يكون كل شيء على ما يرام ولكن لا تتشاجروا.

ذهبوا إلى المنزل ومر ثلاثة من الشهور كانوا الأصعب على بيلا والجميع، تحدثت بيلا بانزعاج شديد إلى كارم:

-أنظر ما الذي فعلته أنت؟ لقد مروا ثلاثة من الشهور وأنت لم تفعل أي شيء ولم تجد لي عمل يا كارم.

نظر كارم لها بعدم رضا وهو يشعر بالضيق الشديد:

-أنتِ لم يمر يوم دون أن تشعري بالدوار كيف ستهبطين إلى العمل يا ترى؟

نظرت له وهي تشعر بالكثير من الحزن، لقد حاولت التغلب على اعراض الحمل ولكنها كأي إنسانة لم تستطيع أن تفعلها؛ فهذه الأيام هي الأصعب عليها.

تحدث كارم عندما رأى الحزن يظهر على وجهها:

-لا تفكري في أي شيء يا بيلا، سوف أدبر كل شيء، لا يوجد داعي للتفكير.

حركت بيلا رأسها بنفي وهي لا تعلم ما الذي يجب عليها أن تقوله:

-أنا لا أعلم ما الذي يجب أن أقوله لكِ، لكنك تحملت الكثير يا كارم، يكفي زيارات الطبيب والعلاج، لم أتخيل أن تساعدني إلى هذا الحد صدقني، كل شيء سار عكس توقعاتي تمامًا يا كارم.

حرك رأسه بنفي وهو يبتسم ويحاول جعلها تطمئن:

-سوف تكوني بخير يا بيلا، أنا هنا معكِ ولن اتخلى عنكِ مهما حدث، لا تنسي أنكِ حبي الأول منذ أن عرفتكِ منار وأنا مشاعري بأكملها كانت تحت سيطرتكِ.

شعرت بيلا بالارتباك وهي تنظر تجاه المطبخ، تتساءل لماذا تأخرت منار في الداخل إلى هذا الحد؟ اقترب كارم وجلس بجوارها على الأريكة:

-لماذا تتجاهليني يا بيلا؟ لماذا تفعلين هذا معي؟ هل تريني شخص سيء إلى هذا الحد يا ترى؟!

نظرت بيلا له ولاحظ القلق الذي ظهر داخل عينيها، ابتلعت ما بحلقها وهي تشعر بالكثير من القلق:

-أنت لست شخص سيء كما تقول يا كارم، لكن في الحقيقة لم أعد أفكر في الأكر، لا تنسى أن بدر لم يرسل ورقة الطلاق لي وأنا ما زلت زوجته.

اقترب وهو يتحدث هامسًا أمام وجهها:

-دعيني أذهب وأتحدث معه، سوف أجعله يرسل ورقة الطلاق يا بيلا ولن أسمح له بالتمادي معكِ.

نظرت بيلا له وهي تشعر بالكثير من القلق، لا تعلم ماذا سيكون رد فعل بدر حينها، قرب كارم يده من وجهها وهو يقوم بلمس وجنتها:

-سوف أكون السند لكِ في هذه الحياة يا بيلا.

قامت بيلا بإنزال يده وهي تشعر بالكثير من الارتباك:

-أنا لا أفكر في هذا الأمر الآن يا كارم، أرجوك لا تفعل شيء من الممكن أن يضغطني، لقد سأمت من كل شيء.

سحبها ليقوم بضمها وهو يتمنى من كل قلبه أن تثق فيه ولا تفعل شيء من الممكن أن يبعدها عنه، دفعته ووقفت على الفور وقد ظهر القلق على وجهها، وقف أمامها وهو يحرك رأسه بنفي:

-لا تغضبي يا بيلا، اعلمي أن جميع أفعالي ناتجة من حبي لكِ.

تحدثت إليه بضيق شديد ورجاء:

-لا تتحدث بتلك الطريقة معي يا كارم، لا أريد للأمور أن تزداد سوءً بيننا، أنا لن أفكر في الزواج مرة أخرى، سوف أعيش من أجلي ومن أجل هذا الطفل الذي سيولد، هو لا ذنب في أي شيء قد حدث.

أومأ لها بتفهم وهو يعلم أنها تحتاج بعض الوقت لتستطيع أن تتجاوز كل ما حدث، تركته وذهبت إلى غرفتها بينما هو بقى في مكانه يتساءل:

-ما الذي تنوي على فعله يا ترى؟ هل حقًا لن تخبر بدر بأمر حملها؟ عليّ الذهاب إلى بدر والتحدث معه.

كانت بيلا تشعر بالكثير من الارتباك، تفكر في حديث كارم، لا تعلم ما الذي من الممكن أن يحدث ولكنها تتساءل هل سيكون الحل الوحيد هو زواجها منه؟ ربما هذا سيجعلها في أمان؟!

حركت رأسها باستنكار وهي لا تريد أن تسبق الأحداث، تحاول ان تجعل نفسها تطمئن، ليس من الجيد أن تتوتر، سمعت طرقات على الباب بعد قليل ومن ثم دلفت منار إلى الغرفة:

-هيا يا بيلا لقد قومت بتجهيز الطعام.

وققت بيلا وهي تخرج معها، تحاول أن لا تفكر في حديث كارم، التقت عينيها بعينيه ولم تجد شيء يظهر على وجهه، ربما يكون اقتنع بحديثها ولن يتحدث في هذا الأمر من جديد.

جلسوا معًا لتناول الطعام، تحدثت منار بحيرة:

-اخبريني يا بيلا لماذا وجهكِ متغير اليوم هكذا؟ ما الذي حدث يا ترى؟!

نظرت لها بحيرة لتتابع منار الحديث وهي تنظر إلى شقيقها بضيق ومن ثم نظرت تجاه بيلا:

-هل ضايقكِ كارم يا ترى؟ اخبريني بصراحة ما الأمر؟!

حركت بيلا رأسها بنفي وهي تبتسم وتجيبها بهدوء:

-لم يزعجني يا منار، لا تشغلي بالكِ بتلك الأمور.

ابتسم كارم ساخرًا وهو ينظر إلى منار:

-هل الحديث مع بيلا أصبح محرم أم ماذا يا منار؟

اومأت الاخرى له في عناد:

-نعم يكون محرم عندما يزعجها يا كارم.

رمقها بغيظ لتتحدث بيلا وهي لا ترغب في جعلهم يتشاجروا:

-توقفوا عن التحدث بتلك الطريقة، لم يزعجني شيء لا يوجد داعي للقلق بشأني أبدًا.

اومأت منار لها وهي لا ترغب في ازعاجها، مر اليوم وفي الصباح قام كارم بطلب إجازة من عمله وعلى الفور سافر إلى بدر، كان بدر يشعر بالحيرة لمجيئه هنا، هو يعلم أن بيلا ليست عندهم او هذا ما جعلته يصل إليه! تحدث كارم فور رؤيته إلى بدر وقد نمت ذقنه وطول شعره قليلًا:

-لن أطول وسوف أتحدث في الشيء الذي أتيت من أجله مباشرة يا بدر، بيلا كانت ترغب في الطلاق قبل رحيلها، أنا هنا من أجل هذا الأمر، هي تتواصل معنا وكلما نخبرها أن ورقة الطلاق لم تصلنا يجن جنونها.

نظر له وارتبك كارم من سؤال بدر الغاضب:

-وهل تتحدث معك يا ترى؟

ابتسم ساخرًا وهو يتخيل رد فعله إن علم أنها تجلس في منزلهم! حرك رأسه باستنكار:

-نحن تحدث في أمر مختلف الآن يا بدر، أقول لك ورقة طلاقها وأنت تسألني إن كانت تتحدث معي؟ دعك من تلك الأمور، عليك أن تطلقها في أقرب فرصة.

تحدث بدر إليه وقد كان حاد للغاية:

-هذا ليس من شأنك، لن تقول لي ما الذي أفعله وما الذي لا أفعله، بيلا زوجتي وهذا يعني أن أي أمر بيننا فهو خاص.

ابتسم كارم ساخرًا وهو يقف أمامه مباشرة:

-لقد حاولت استغلال الفتاة وتقول زوجتي! أي رجل أنت يا بدر؟

فاجأه بدر بالقبض على عنقه بقوة:

-لن تخرج من هنا قبل أن تخبرني بكل وضوح أين هي بيلا يا كارم، أعرف أنك تعرف مكانها وإلا لن تكون بهذا البرود أمامي، أنا أعرف كل شيء.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي