الفصل العاشر والاخير

ياسر قال لأمي وهو ينظر لها ويدخل الحقائب داخل المنزل

ياسر : شنط بنتك انا مش عايز اي حاجه من ريحتها عندي يا طنط لو سمحتي

امي كانت تشعر بالحزن ولكنها كانت متماسكه لانني اخطئت وكل مايحدث نتيجه أخطائي وقالت له امي

الام : هي ولدت خلاص يا ياسر

ياسر : ايوه وحضرتك بس اللي ممكن تيجي تشوفي احفادك إنما هي لا والبيت بيتك في اي وقت طبعا

الام : ربنا يصلح حالك يابني ويكرم اصلك واحد غيرك كان بهدلنا في المحاكم

ياسر : انا ابن ناس وكل قشايه دافعين تمنها في الجهاز هترجعلكم في خلال يومين باذن الله

الام : متشكره يابني

ورحل ياسر وامي كانت تشعر بالضيق من كل مايحدث ، اما انا ف كنت في المستشفي وفي اليوم التالي وجدت الطبيب دخل الي غرفتي وقال

الطبيب : تقدري تروحي النهارده يا مدام ، هو مافيش حد هيجي ياخدك

رغده : لا ، انا همشي انا بقيت كويسه الحمد لله

كان الطبيب ينظر لي بشفقه وانا استجمع قوتي لكي اقف علي أقدامي وجمعت اغراضي وخرجت من المستشفي ولم اجد اي مكان اذهب اليه سوي منزل امي ، وعندما ذهبت وجدت امي تقف امامي وتقول

الام : خير يا رغده جايه ليه دلوقتي ، عايزه ايه

رغده : معنديش حته اقعد فيها يا امي سامحيني خليكي انتي الطيبه خليكي انتي الحضن يا امي انا ندمانه

وجدت امي تسندني وتدخلني الي المنزل وهي تلومني وتقول

الام : ياما نصحتك وقولتلك بلاش طريقتك مع حماتك بلاش غرورك وقله ادبك وغدرك ده ، ما انا غضبانه عليكي من ساعه الفيديوهات جيتي اترجيتني وطلبتي السماح ولا جايلالي دلوقتي عشان خلاص مابقاش في فلوس ولا عربيه ولا فيلا ,ربنا اداكي نعمه وانتي اللي ضيعتيها

كنت لا اريد سماع تلك الكلمات والجمل المليئه باللوم وقولت لها وانا اضع يدي علي اذني

رغده : كفايه يا امي ابوس ايدك كفايه انا مش قادره أقف علي رجلي ، ارحميني انا عارفه اني غلطت

الام : ادخلي اوضتك يا رغده ومالكيش اي كلام معايا لو سمحتي انا مش هقدر اتكلم معاكي ولا ابصلك حتي

ودخلت إلي غرفتي وكانت امي ترعاني حتي استردت قوتي ودخلت لها في يوما إلي غرفتها وقولت لها

رغده : سامحيني يا امي ، انتي احسن مني وعارفه انك هتسامحيني مش كده

نظرت لي امي وقالت

الام : مسامحاكي قلب الام دايما بيسامح حاولي تغيري من نفسك عشان لما تكبري ولادك يفتخرو بيكي

وكنت اجلس مع امي وحياتي تغيرت كثيرا وأصبحت انسانه جديده ، اما ياسر فكان ونعم الاب ، رفض الزواج من بعد طلاقنا وعاش لكي يربي ويعلم عز وياسمين اولادنا الذين لم اراهم الا مره كل عده اشهر

أما غزل وأحمد فقد تزوجو في الفيلا وجلسو جميعا في منزل واحد

وبعد سنوات ماتت امي وأصبحت اجلس وحيده في منزلها حتي جاء لي مرض السكري وتم بتر ساقي وأصبحت قعيده وحالتي كانت صعبه للغايه اصعب من حاله حماتي وكأن التاريخ يعيد نفسه ، وكلما زاد سني تدهورت حالتي أكثر

وأصبح عمري ستين عاما ولكن حالتي تشبه بعمر المائه عام وياسمين وعز تزوجو

وجلست عند ياسمين يومين فقط بعد زواجها بشهر وقولت لها وانا اجلس معها


رغده : كده يا ياسمين اعرف بالصدفه انك اتجوزتي ليه ماقولتيليش

ياسمين : معلش بقي يا ماما مارضيتش اجيبك حضرتك عارفه ظروفك الصحيه عامله ازاي ماكنتش هعرف اجيبك

شعرت بالصدمه وتذكرت جمله كل شئ سلف ودين ، وجاء حسن زوج ياسمين إلي المنزل وقال لي وهو يشعر بالضيق من وجودي

حسن : منوره يا طنط

رغده : بنورك يابني ازيك

حسن : انا تمام يارب تكوني مبسوطه معانا

رغده : الحمد لله يابني احسن من القاعده لوحدي

حسن : طيب بعد اذنكم

وعندما خرجت ياسمين من الغرفه ودخلت إلي غرفه حسن قالت له

ياسمين : ايه في ايه بتتكلم مع ماما كده ليه

حسن : ماما مين انتي عبيطه احنا لسه متجوزين وانا مش ناقص وجع دماغ اخوكي أولي بيها انا راجل غريب عنكم ايه قله الذوق دي

ياسمين : يعني اقولها ايه يا حسن حط نفسك مكاني

حسن : كلمي اخوكي عز وخليه يجي ياخدها يا ياسمين والا هسمعها كلام هيزعلك

ياسمين : طيب طيب

ولكنني حينها سمعت كل ماقاله حسن وكأن الزمن يعيد نفسه وكنت أشعر بما كانت تشعر به حماتي ، وياسمين اتصلت ب عز وقالت له


ياسمين : ايوه يا حبيبي عامل ايه

عز : الحمد لله يا ياسمين انتي ايه اخبارك

ياسمين : مش تمام والله يا عز

عز : ليه بس في ايه

ياسمين : ماما جت تقعد معايا انت عارف ان التعب بيزيد عليها اوي ومش بتعرف تتحرك كتير وانا لو عليا تفضل عايشه معايا العمر كله بس حسن مضايق اوي وبيقولي اتصرفي ، وانا كلمتك لاني مش عارفه اتصرف بصراحه

عز : يوووه هي الست دي مش هتسيبنا في حالنا يعني ماربيتناش وابونا هو اللي ربانا وكمان جايه دلوقتي عايزانا نشيلها لما كبرت وبقت تقيله

ياسمين : حقها علينا يا عز احنا مالناش دعوه بخلافاتها مع بابا هي دلوقتي محتاجانا

عز : طيب ماهو ابوكي عايش اهو وكبر وتعبان ليه ماجاش يقعد عند حد فينا ويضايقنا

ياسمين : ماتنساش أنه قاعد مع عمو احمد وطنط غزل مش لوحده إنما ماما لوحدها يا عز دبرني اعمل ايه

عز : هجيبها عندي وامري لله

ياسمين : بجد يا عز ، مش عارفه اقولك ايه

عز : انا اللي مش عارف نور مراتي هقولها ايه، يلا سلام انا هجيلك بكره

ياسمين : ماشي يا حبيبي

وعندما انهي عز المكالمه وجدت زوجته تقول له وهي في قمه غضبها

نور : هي مين اللي هتيجي تقعد معانا وايه مش عارف نور مراتي هقولها ايه ، انجز واحكي

عز : اسمعي ياقلبي ياروحي ياحته مني امي قاعده مع ياسمين اختي وانتي عارفه حسن راح ولا جه غريب يعني مش هيبقي واخد راحته في بيته ومش مستحمل امي وامي ربنا يشفيها ويبعد عنك المرض تعبانه ممكن نخليها تقعد معانا

نور : احنا اتفقنا علي ايه يا عز ، مش قولنا محدش هيجي هنا يقعد معانا ، صح انت عارف اني بحب اخد راحتي في بيتي وده حقي

عز قال بضعف وخوف من زوجته محاولا أن يقنعها بوجودي

عز : حقك ماقولناش حاجه طيب ممكن تيجي بس تقعد معانا كام يوم لحد بس ما اشوف حل

نور : كام يوم بس يا عز لو سمحت

عز : حاضر

وعز آتي في اليوم التالي إلي منزل ياسمين وقال لي بتصنع

عز : ايه ياماما وحشتيني والله

رغده : وانت كمان يا حبيبي عاش من شافك يابني

عز : معلش بقي يا امي مشاغل الدنيا انتي عارفه

رغده :ربنا يعينك يارب يابني

عز : يارب ، اعملي حسابك بقي هتيجي تغيري جو يومين عندي

رغده : ماشي يابني

وذهبت مع عز إلي منزله وعندما دخلت المنزل وجدت زوجته نور تنظر لي نفس نظرتي لحماتي عندما كانت تجلس علي نفس الكرسي المتحرك وقالت لي

نور : ازيك يا طنط

رغده : الحمد لله يابنتي انتي كويسه

نور : انا كويسه

عز : معلش بقي يا حبيبتي ممكن تحضري العشا بقي

نور : اوووف طيب

ودخلت نور لكي وحضر العشاء وهي غاضبه ودخل عز لها لكي يهدئها ولكنها قالت له

نور : اسمع بقي هما كام يوم مش اكتر انت فاهم

نور : حاضر ياستي افردي وشك ده بقي عشان خاطري

وانا دخلت إلي الغرفه التي حددتها نور لكي انام فيها ولكنني وجدتها دخلت وقالت لي

نور : معلش بس ياطنط حطي رجلك علي الحته اللي فوق الملايه عشان بس ماتبهدليش الملايه

رغده : انا رجلي مافيهاش حاجه يابنتي

نور : لو سمحتي انا بقرف

رغده : حاضر يابنتي حاضر

في اليوم التالي ضليت أشعر بالجوع حتي العصر حتي استيقظت نور من نومها كدت أن أموت جوعا وكان يجب أن اخذ دواء السكر وقولت لها

رغده : كويس يابنتي انك صحيتي معلش اعمليلي سندوتش وهاتي كوبايه مياه احسن معاد الدوا فات وابتديت ادوخ

نظرت نور لي وقالت

نور : الناس بتصحي تقول صباح الخير مش طلبات طلبات اصبري عليا لحد ما افوق ايه هو انا خدامه عندك حاجه تقرف

رغده : يابنتي مش قصدي حقك عليا انا بس جعانه

ونور قالت بصوت منخفض ولكنني سمعت

نور : يا شيخه غوري

ووقتها قولت كله سلف ودين ، كله سلف ودين كله من اللي عليا يارب خفف عني يارب

وعندما اتي عز إلي المنزل وجدت نور تتصنع البكاء وقالت ل عز

نور : اسمع بقي امك مش بتحبني وعايزه تخرب البيت ده باي شكل

عز : ايه اللي حصل يا نور بس

نور : عماله تشتمني وتقولي قومي اعملي الفطار قولتلها طيب افوق طيب قالتلي لا انتي شغاله هنا تنفذي من غير ماتقولي كلمه

عز : ينفع كده يا ماما ليه كده عايزه تخربي حياتي لو سمحتي مالكيش دعوه ب نور

رغده : صح انت صح يابني انا غلطانه

ووجت عز قال وهو غاضبا

عز : دي عيشه تقرف

ونور زهبت وراءه وقالت له

نور : اسمع يا عز انا عندي حل المشكله دي

عز : ايه هو الحقيني بيه

نور : انت تودي امك دار مسنين مش هيحصل حاجه يعني

عز : يانهار ابيض يعني عايزاني ارمي امي في دار مسنين يا نور

نور : ايه المشكله علي فكره ده مكان نضيف وفيه ناس تعرف تتعامل مع مامتك ولو تعبت هتلاقي رعايه كويسه هناك

عز : انتي شايفه كده يعني

نور : انا مش هستحمل يوم كمان مع امك يا انا يا هي

عز : طيب يا نور عرفت

وفي اليوم التالي عز تحدث مع ياسمين عبر الهاتف وقال لها وهو يشعر بالضيق من وجودي في منزله

عز : اسمعي يا ياسمين انا مش قد مسئوليه ماما ده غير أن نور مش طايقاها وماما مش طايقه نور وانا مش هخرب بيتي معلش انتي عارفه أن نور حامل

ياسمين : طيب هنعمل ايه يا عز انا حسن حلف عليا بالطلاق ماما ماتجيش عندي تاني

عز : اسمعي انا وانتي نلم من بعض كل شهر مبلغ ونوديها دار مسنين هناك هتلاقي رعايه كويسه

ياسمين : تفتكر مش حرام يا عز

عز : حرام ليه احنا غصب عننا هنعمل كده هاه قولتي ايه

وياسمين اقتنعت بفكره عز ورحبت بها لأن لم تجد انسب منها وقالت له

ياسمين : طيب خلاص انا وانت نجمع كل شهر مبلغ ونقعدها في دار مسنين بس كل اسبوع نروح نزورها

عز : طيب اتفقنا

ووجدت عز يوقظني من النوم وهو يقول لي

عز : ماما معلش ممكن بس تيجي معايا مشوار

رغده : هتوديني دار مسنين صح يا عز

عز : غصب عني والله مافيش حل تاني وده حل مناسب ليكي هناك هتبقي متونسه وهتلاقي حد يخدمك

نظرت إلي عز وتوسلت له وانا اشعر بالتعب والحزن وقولت له

رغده : ابوس ايدك ماتبعدوش عني بالله عليك انا محتاجالكم انتو مش عايزه حد غريب يشيلني ويخدمني

عز : مش هنسيبك بس كل واحد فينا عنده حياته تعالي معايا بس

وعز اخذني الي دار المسنين وقرأت اللافته وبكيت من كل قلبي وندمت واجري عز كل الإجراءات وتركني وحيده في غرفه لم يكن معي أحدا سوا من يشبهون حالتي ، كنت انتظر زيارتهم لي كل اسبوع ، وبعد ذلك لم يأتو وتركوني وكأنني مت ، كانوا يأتون لكي يدفعون ثمن إقامتي في الدار ويرحلون دون أن يروني

ولكنني كنت أعلم أنهم لم يتركون ياسر أبيهم حتي مات

أما انا فسوف اموت وحيده لم يكن بجانبي اولادي ولم يحملني ابني لكي ينزلني قبري ، انا زرعت شر وحقد والان احصد عقوق وجفا وقسوه ، انا الان ادفع ثمن مافعلته في شبابي الحياه دائره تلف ومن ظلم فسوف يأتي الدور لكي يظلم

وفي يوما استيقظت علي ألم شديد في قلبي ولم يشعر بي أحدا حتي جائت لي الممرضه وتم نقلي الي العنايه المركزه وانا الان انتظر مصيري ، واتمني أن أري اولادي للمره الاخيره قبل أن ارحل عن الدنيا

وعندما كنت في الغيبوبه شعرت بوجود عز وياسمين وهما بجانبي سمعتهم وهم يقولون

عز : ربنا يرحمك ياماما انا صحيح مش فاكرلك حاجه بس حاسس اني حزين اوي عليكي

ياسمين : بلاش الكلام ده يا عز افتكرلها اي حاجه حتي لو كانت كلمه وبعدين هي لسه عايشه ماماتتش

عز : عرفت من الدكتور انها خلاص كلها ساعات وتموت يا ياسمين

كنت اسمعهم وبوضوح ولكنني لم اقدر علي الرد عليهم ولكنني فرحت بوجودهم فالان اموت وانا اشعر بالراحه أن ابني هو الذي سيحمل جثتي وينزلني قبري

وتذكرت كل شئ فعلته واطلب من الله أن يسامحني ويعفو عني ، اريد أن أقول وصيتي لكل شاب وشابه ، اياكم والغرور فإنكم اليوم تتمتعون بالصحه والشباب ، ولكن غدا لم تقدرو أن تعبرو الطريق فعلكيم أن ترحمو لكي يرحمكم الله في عجزكم ، واطلب منكم الدعاء لي بالرحمه والمغفره فأنا ضعيفه الان احتاج الى دعوه فقط



وتذكرو دائما أن الأيام تدور وسيسقي كل ساق بما سقي ، وماجزاء الاحسان الا الاحسان وافعل يا أبن ادم كما شئت فكما تدين تدان ..

تمت
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي