تابع الجريمة الأولى»»

جريمة المنزل الغامض

وهذا هو سر "نورا" المخفي، وأكملت الضابط "نادين" حديثها معه وقالت لها:
-لماذا لم تقومي بإنقاذ زوجك؟ أو ربما تكونين أنت الفاعلة!

ترددت فى الحديث؛ وذلك لأنه هذا السؤال دليل على أن الضابط تعرف الحقيقة، ولكن في الحقيقة كانت "نادين" تحاول أن توقع بها مع علمها بأنها ليست الفاعلة؛ لأن كل شيء يدل على أن"نورا" لم تخرج من الغرفة وقت وقوع الحادث وهذا بعد التحريات الأولية والبحث.

فقالت:
_أنقذه! وكيف لي أن أنقذه؟
لقد كنت مستغرقة فى نومي، ولم أعرف ما حدث سوى فى الصباح، حينما فقت من نومي ولم أجد زوجي نائماً إلى جانبي، وحينما قمت بفتح باب الغرفة وجدته أمامي ملقى على الأرض فصرخت بأعلى صوت لي وجاء الجميع لكي يعرفون ما الذي حدث.

وهذا كل ما في الأمر، لا أعلم من أين جئت بهذا الحديث! ربما تكونين مخطئة لأنني لا أعلم أي شىء وتلك هي الحقيقة، ولا أعرف غيرها.

فنظرت لها الضابط وظنت أنها قد وصلت إلى ما تريد
وقالت لها:
_حسناً يمكنك الذهاب الآن يا وشكراً لك على وقتك.
"نادين" لقد تأكدت من شكها وأن السيدة "نورا" لها دخل فى قتل زوجها، ربما تكون هي الفاعلة وربما لا، ولكنها ليست هي الفاعلة ما زالت الأمور غير واضحة بالنسبة لها.

ربما تكون قد قامت بإستئجار شخصاً ما مثلاً لقتله، أو ربما تكون ذكية للغاية لأنها أستطاعت أن تخفي أى دليل على أنها هي الفاعلة، ولكنها إذا كانت قد استأجرت شخصاً ما فبالتأكيد، ذلك الشخص من داخل المنزل؛ وذلك لأنه لا يوجد أى دليل على دخول شخص غريب إلى المنزل في تلك الليلة.

وقامت الضابط "نادين" بالإتصال مع الضابط "شريف"، وأخبرته بكل ما دار بينها وبين "نورا" خلال التحقيق معها، ولكنه كان يريد أدلة أكثر من ذلك لكي تكون الأمور واضحة من خلالها ويستطيعون أن يصلوا إلى الحقيقة.

فقالت له:
-حسناً بإمكاني إحضار ما تريد ولكن أنا أحتاج لبعض الوقت.
فقال لها:
- حسناً، وهناك أيضاً تلك الخادمة والتى تدعى بسمة فهدوءها وصمتها الدائم جعلوني لا أستطيع أن أطمئن إليها أبداً، وأشعر أن وراءها سراً كبيراً خاصة أنها لم تقل شيئاً من خلال التحقيق معها سوى كلمة لا أعلم.

ردت عليه قائلة:
_نعم لقد لفت نظري إليها، حقاً هى سيدة غامضة للغاية، لا تقلق أترك لي أمر هؤلاء الإثنان وأنا سوف أعطيك خبر بكل ما أتوصل إليه فى هذا الشأن.

قال لها:
-حسناً، وأنا سوف أكمل تحقيق مع السيد عادل والسيدة حكمت وباقي أفراد المنزل من عمال في الحديقة أو داخل المنزل.
لقد قطعت الضابط نادين شوطاً كبيراً فى تلك القضية، ولقد أقتربت جداً من الحقيقة.

فتحدث حضرة الضابط شريف مع السيد عادل، والذى أتى إليه على كرسى متحرك، ومن الأكيد أنه ليس الفاعل، ولكن السيد شريف لم يعفِ أى شخص من التحقيق معه، وذلك لكي يصل إلى الحقيقة فى النهاية.

فقال له عادل:
-كيف تشك بي يا سيد شريف؟ فأنا رجل عاجز مثلما ترى، كيف تشك بأنني أقتل أخي؟!
فأنا كنت أثق به ثقة عمياء، لقد أعطيت له كل أملاكي؛ لكي يديرها هو بنفسه، ولم أبحث من ورأه وكنت لا أشك به أبداً.

رد عليه الضابط شريف قائلاً:
-ربما تكون قد أتيت بشخص ما؛ لكي يقتل أخيك، وذلك بعد ما أكتشفت أنه كان يسرق مالك، وباع الكثير من أملاكك من دون علمك.

نظر السيد عادل إلى الأرض وقال لسيادة الضابط:
-نعم يا أسفي على ما فعله أخى بي، لقد علمت بتلك الأمور ولكن بعد وفاته، وحزنت جداً لقد كنت أثق به، وأعطيت له الحق فى التصرف فى أملاكي دون العودة إلي؛ وذلك لأنني لم أعد أستطيع أن أعمل مثل ما كنت أباشر عملي سابقاً، من لي يا سيدي أثق به أكثر من أخي من وجهة نظرك؟

لقد خدعني وسرقني دون علمي، وهذا ليس ذنبي أنا، ولكني أسامحه؛ وذلك لأنه الآن بين يد الله وسوف استعوض الله فيما أخذ مني دون وجهه حق، ولكني لست الفاعل، نعم لست أنا القاتل.

لا يعلم "شريف" إنه يشعر بالحيرة، ويسأل نفسه لماذا يفعل السيد عادل هذا الشيء ولا يجد إجابة مقنعة!!

ولكنه صدقه فى حديثة وأيضاً بالدليل؛ وذلك لأنه لا يستطع قتل أخيه؛ وهذا لأنه لم يكن يعلم بأن أخيه يقوم بسرقته من الأساس، لقد علم بعد ذلك بأن أخيه يسرق من خلال البحث والأدلة الجنائية، ولقد تفاجئ كثيراً حين علم بذلك الأمر، فصديقه ومساعدة النقيب "وائل رشاد" كان حاضراً ذلك اليوم وأكد إلى شريف ذلك الأمر.

إذاً السيد "عادل" خارج الشبهات، والآن دور السيدة "حكمت"، فلقد شك السيد "وائل" بها وأخد الأذن من الضابط شريف؛ لكي يقوم هو بالتحقيق معها؛ وذلك لكي يعرف أين هى الحقيقة.

فقام بإستدعاء الأم والتى تدعى السيدة "حكمت" ، وقال لها السيد "وائل":
-لماذا قتلتى ابن زوجك، والاخ الوحيد لابنك؟!
نظرت له متعجبه وقالت له:
-كيف تتهمني ذلك الإتهام البشع دون وجه حق؟!

ضحك وقال لها:
-أنا هنا أحقق فى جريمة قتل، ومن حقي أن أشك فى جميع من كان بالمنزل، خاصة وأن القاتل كان ومازال متواجد فى قلب المنزل، ولم يخرج منه!

-برأيك لماذا أقوم بغض النظر عنك ولا أسألك؟! خاصة وإنني قد علمت بأنك كنت لا تحبين المجني عليه كثيراً، وأنك كنت تحاولين بشتى الطرق أن تقومي بإبعاده عن المنزل، ولكن السيد "عادل" كان يعتمد عليه إعتماداً كلياً.

نظرت فى الأرض وقالت له:
-نعم هذه حقيقة، أنا كنت لا أحب أفعاله حقاً، فأنا كنت على علم بكل أعماله الدنيئة، لقد كان يشرب الخمر ويلعب القمار، وأيضاً كان على علاقة آثمة بسيدة تعمل خادمة فى المنزل كنت أراه ذاهباً إلى غرفتها ليلاً بعيني!

لقد أتضح أن السيدة حكمت كانت تعلم بما يحدث بين جلال وبسمة فى السر، وكانت لا تستطيع أن تتحمل أن تحدث تلك الأفعال الدنيئة فى منزلها، وكانت تحاول إبعاد جلال عن ابنها عادل بأية طريقة؛ ولكن ضعف ابنها وهوانه كان السبب فى تراجعها دائماً فى أن تقم بفضحه.

فكر السيد "وائل" قليلاً وقال:
-بسمة!! نعم تلك السيدة والتى تلتزم الصمت دائماً، بالتأكيد وراءها سر ما تخفيه وسوف نعلم به عن قريب جداً.

وقام "وائل" بالإتصال بفريق عمله الضابط "شريف" والضابط "نادين"، وأخبرهم بنتيجة التحقيق مع السيدة، وتوصل الثلاثى معاً إلى أن بنسبة كبيرة جداً بسمة هى الفاعلة.

وقررت بعد ذلك "نورا" أن تذهب إلى "بسمة"؛ لكى تتحدث معها في هذا الأمر، لأنها قبل أن تخبر الشرطة عنها، قررت أن تساعدها؛ لأن "نورا" شعرت بأن"بسمة" مظلومة، وأن"جلال" قد أخذ حقها؛ ولذلك السبب لم تخبر عنها، ولكن إذا جاء الأمر عليها هي، وكانت موضع الإتهام إذاً سوف تنجى بحالها.

فى الليل بينما كان الجميع فى غفوة، ذهبت "نورا" إلى غرفة "بسمة" وطرقت بابها بصوت خافت.
فزعت "بسمة" هي في الأساس جالسة تنتظر مصيرها المجهول، وتشعر فى داخلها بالخوف الشديد، ولكنها تظهر عكس ذلك، وتحاول أن تكون متماسكة لكي لا يكشف أمرها، فقالت:

-من؟ من الطارق؟
ردت قائلة:
-أنا "نورا" افتحى الباب يا "بسمة" .
تعجبت "بسمة" ولكنها ذهبت لكى ترى ما الذى تريده منها تلك الفتاة والتى فضلها "جلال" عليها، وحينما فتحت الباب.

نظرت إليها "بسمة" وقالت لها:
-نعم ما الذي تريدين مني فى تلك الساعة المتأخرة من الليل، ألم تجدي وقتاً مناسباً؛ لكى تتحدثين به غير هذا! من المفترض أن الجميع نائمون الآن.

لم يعجب نورا طريقة حديث بسمة معها فى البداية، ولكنها تعذرها فهى زوجة حبيبها وبالتأكيد تحمل لها فى داخلها الحقد والغيرة، فردت عليها قائلة:

_نعم معك حق كان يجب علي أن أجد الوقت المناسب، ولكن صدقيني هذا أنسب وقت بالنسبة إليك أنت؛ لأن خلال ساعات النهار من الممكن أن يستمع إلينا أحد، ويعرف الشيء الذي أريد أن أخبرك به وصدقيني هذا ليس من صالحك!

تعجبت من طريقتها، وشعرت وكأنها تقوم بتهديدها، فقالت لها:
-ولماذا يا ترى؟! أنا لست خائفة، فأنا ليس لدي شيء؛ لكي أخفيه عن أي أحد، ولا أخاف من أي حديث يقال سواء ليلاً أو نهاراً، فأنا واضحة وضوح الشمس، والجميع يعلم ذلك.

فضحكت ساخرة، وقالت لها:
_أحقا هذا الحديث لقد تفاجئت!
وهل يا ترى يعلم الجميع بأنك أنت من قمتى بقتل زوجي "جلال"؟
لا تخبرينى وتقولى شيء لقد سمعت كل ما دار بينك وبين جلال ذلك اليوم، وأعلم لماذا تخلصتي منه كذبيني إذا كنت تستطيعين ذلك، فأنا بإمكاني أن أخبرك بالحديث الذى دار فيما بينكم كلمة كلمة.

لا تخافين مني أنا أريد مساعدتك، أنا كنت لا أحبه أبداً؛ لأنني تزوجت به رغماً عنى وكنت أتمنى أن أتخلص منه بأية طريقة، لقد دمر علاقتي بخطيبي والذى كان زواجي منه بعد بضعة أيام فقط، ومع ذلك طلبني للزواج ولم يهمه الأمر كثيراً.
لقد عرض على أبي الكثير من الأموال، ومع الأسف وافق أبي على زواجي منه، وكسر قلبي أنا وخطيبي وكان "جلال" يعلم بأنني مخطوبة ومع ذلك لم يهمه.

وفعل ما أراد وتزوج مني رغماً عني ظناً منه بأنه يستطيع أن يشتري أى شيء بأمواله الكثيرة.
لقد أستمعت إلى حديثك مع جلال ليلة وقوع الحادث، وأعلم أنك قمتي بطعنه بالسكين وعلى الرغم من ذلك أنا لم أفضح أمرك أمامهم، ولم أخبر الشرطة عنك؛ وذلك لأنني أشفقت عليك وعلمت أنني لست الضحية الوحيدة لذلك الندل.


جلست بسمة على الكرسي المجاور للمدفئة، باكية ولكن ليس لأن أمرها قد كشف، ولكن لأنها تذكرت "جلال" لأنها إلى حد الآن تشعر بالصدمة ولا تعرف إلى أي سبب تبكي.

هل تبكي من أجل أن حبيبها خانها وخدعها وسرقها!
أم تبكي لأنها لم تعد تستطيع أن ترى الرجل الذى أحبته مرة أخرى!
أم تبكي لأنها مصيرها حتماً هو السجن، وأنها خسرت كل شيء كانت تملكه!

فقالت:
_حسناً، لقد أنتهى أمري إذا الآن لا محالة، ولكن صدقيني لقد ندمت على ما فعلت، من الأساس أنا لا أعلم كيف فعلت هذا وقمت بإحضار السكين معي!!
وحينما رأيته وتحدثت معه لم أدرك ولم أتحكم فى غضبي وقمت بطعنه من دون توقف، أنا لا أعرف كيف فعلت ما فعلت.

إلى الآن أنا لا أتذكر شيء، وذلك لأنني خسرت كل شيء حينما رأيت بين يديه فتاة أخرى غيري مع أننا على إتفاقية مسبقة بالزواج، وأخذ مني أموالي؛ لكي يحل مشاكله ومن ثم نتزوج فوراً.

لقد صدمت صدمة كبيرة، وخسرت عمري الآن مثل ما خسرت مالي، وخسرت حبيبي الذي كان يتفنن فى خداعي، لم يتبقى لي شيء حتى الكذب والخداع انتهى أمرهم بوفاة "جلال"
ماذا أفعل؟! سوف أذهب إلى السجن لا محالة فأنا الفاعلة، نعم أنا الفاعلة.

ردت عليها قائلة:
_حسناً ما رأيك أن تعرفين بذلك الأمر إلى الشرطة؟ وتسلمين نفسك لهم.
فالبتأكيد حينما تخبريهم كم أن ذلك الشخص قد قام بأذيتك سوف يعطون إليك عقوبة هينة إلى حد ما، أو حتى ربما يقوموا بإعطائك عقوبة سهلة، ولقد أتيت إليك الآن؛ لكى أحضر لك دفتر الشيكات الخاص ب"جلال".

تفضلي الآن بإمكانك أن تستعيدي المال الذي سرقه منك، وحينما تنهي العقوبة يمكنك الخروج من السجن وتعيشين حياتك بشكل طبيعي، ما رأيك؟

نظرت وقالت لها:
_وكيف تعرفين أنه يمتلك المال فى البنك؟
ضحكت وقالت:
_نعم أعلم كنت أستمعت إلى أحاديثه في الكثير من المرات، وأرى الرسائل التي تأتي إليه، أنا متأكدة بأنه يمتلك الكثير فى البنك، تفضلي واكتبي الرقم الذي أخذه منك، وقومي بإستعادته، ولكن أنا أريد منك وعد، وهو أنك سوف تذهبين وتقدمين نفسك إلى الشرطة، هل تعديني بذلك؟

نظرت وقالت لها:
_فقط أعطيني فرصة لكي أفكر في الأمر، أنا جداً مشوشة، ولا أعلم ما هو التصرف الصحيح فى موقفي هذا، ولكن أنا أشكرك على أي حال حقا أنت إنسانة جيدة جداً، وكنت تستحقين رجلاً أفضل من جلال ألف مرة، وأنا أيضاً ولكن قدر الله وما شاء فعل.

بينما كان الإثنان يتحدثان، دخلت عليهما الضابط "نادين"، وتبين أنها أستمعت إلى كل الحديث الذي دار بين "بسمة" و"نورا"، وعرفت أن "بسمة" هى الفاعلة بعد أن قامت بتسجيل كل ما تحدثوا به من خلف الباب، لقد أتت الضابط "نادين" بدليل قوي جدا؛ لإثبات أن "بسمة" هي الفاعلة.

إنهارت "بسمة" حينما رأت الضابط "نادين" وقالت لها، لا لا لا تأخذينني إلى السجن أرجوك لا أنا أخاف من الجلوس بمفردي، لقد سرقني لقد أضطررت لفعل ذلك، لقد كان شخصاً كاذباً مخادعاً، أخذ مالي وسرقني وتركني بعد أن أخذ مني كل شيء، لقد كان زوجي وكان زواجاً عرفياً، لكن معي ما يثبت ذلك.

لم تكمل بسمة حديثها، فلقد حضر الجميع بما فيهم الشرطة، وأخذوا بسمة من يديها لكي تقدم إلى المحاكمة، فهي قتلت نفساً ولابد أن تحاكم بتلك التهمة الموجهة إليها والتى أتت الضابط "نادين" بإعترافها بنفسها، ولم تستطع أن تنكر.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي