تابع الجريمة الثالثة سرقة القناع الذهبي

نظرت له جاسمين بتعالي وغرور وامسكت ذراعيها بعضها البعض.
وكأنها قد سئمت من حديث جابر لها، هذا والذي تكرر أكثر من مرة مع أنه يعلم الجواب فلقد أخبرته كثيرا بأن لا يفكر بهذه الطريقة وأن يعرف حدوده جيدا ولا يتخطها، وقالت له:

-ألم تكف عن ذلك الحديث بعد!
هل ما زلت مصمم على أن تجعلني لا أتعامل معك، انت تعرف الجواب انا لا أحبك، هل فهمت!
-لقد أخبرتك مسبقا بأنني لا أراك سوى شخصا يعمل معنا فقط، ولا أستطيع أن أراك في موضع آخر غير هذا، يا ليتك تستمع إلى حديثي الآن وأن لا تكرر هذه الأقاويل مرة أخرى، فالحب لا يأتي عنوة.

-لقد سئمت منك يا جابر، ولا أدري متى سوف ينفذ صبري عليك، أرجو منك أن لا تضطرني أن أخبر والدي بأنك تضايقني لا تدري ماذا سوف تكون ردت فعله وقت ما يعلم بهذا الأمر، ربما تدفع حياتك ثمناً.

لقد أثر حديث جاسمين في جابر أثر سلبي للغاية وشعر بالإهانة الشديدة، وأنه لا يعني لها شيء.
وهذا الأمر جعل منه شخصاً شريرا وغاضبا وكأنه يحمل في قلبه الكثير من الضغينة.

لم يدرك أن جاسمين تعلم جيدا ماضيه السيئ، فلقد كان في السابق على علاقة بفتاة صغيرة وقاصرا، لقد خدعها بإسم الحب، وبعد أن خسرت أعز ما تملك!
لم يشفق عليها ذلك الوغد، بل حينما أدركت أنها تحمل في داخلها طفلاً وهذا الطفل جابر والده.

حكم عليها بأن تقوم بعمل إحدى العمليات، وتحاول إجهاض هذا الجنين المسكين والذي لم يقترف ذنباً بعد.
وليس له ذنبا أن ذلك الرجل والده، وحينما ذهبت المسكينة لكي تعمل تلك العملية، فقدت حياتها وذهبت للقاء ربها، لقد خسرت حياتها من أجل أن يفعل جابر ما أراد!!

ولذلك تعامله جاسمين في حدود العمل فقط، ولا تسمح له بتعدي حدوده معها، لكي لا يتجاوزها وهي يدق قلبها بالفعل ولكن ليس لجابر بل يدق قلبها لداوود، حتى ذلك الحب فكرت به كثيراً ولا تريد أن تخبر داوود به هي ترى من وجهة نظرها أن الحب يجعلها ضعيفة، وهي أبدا لا تفضل هذا الشعور.

-وفكر جابر في كيف له أن ينتقم منها وقتها ونظر من حوله هنا وهناك، ولكنه لم يجد أحدا!
فالمكان هادئ هنا للغاية ولا يوجد به أحدا غيره هو وهي في ذلك القصر وفي هذا الطابق، وفي هذه الغرفة.

حتى والدها وداوود هناك في الطابق العلوي يحاولون البحث عن أي شيء يوصل بهم إلى القناع، ولقد وجد جابر بخبث ودهاء أن هذه هي فرصة جيدا لكي ينتقم من جاسمين، على عدم حبها له.
والتي ترفضه رفضا قاطعا وتشعره من وجهة نظره المريضة، وكأنه ليس رجلاً بشكل كافي وتجعله يشعر أيضا بأنها أفضل منه وأنه لا يجب أن ينظر لما هو أعلى وأفضل منه.

-في حقيقة الأمر؛ لم تفعل جاسمين كل هذا، بل كل ما فعلته معه هي أنها أخبرته أنها لا تبادله نفس الشعور وأنها لا تراه إلا شخصا يعمل لدى والدها فقط.

ولكنه حينما علم ذلك الأمر منها وجد أن مجرد رفضها له هو بمثابة إهانة كبيرة له، والشئ الذي يجعله يشعر بالنقص هو معاملتها الجيدة مع داوود والذي يراها بعينه طوال الوقت!

فذلك جعله يحمل الضغينة في داخله إلى زميله وصديقه، وأيضا أراد أن يفرض سيطرته عليها بأي شكل، ولكنه لم يستطيع فجاسمين شخصية قوية جدا وتستمد قوتها من والدها ولم يستطيع أن يسيطر عليها أو يوقعها في شباكه، أجل معها كل الحق.

لقد شعر جابر بالغضب الشديد وقال لها:
-كيف تتعاملين معي بهذه الطريقة؟
-ألم تعلمين بأنني العقل المدبر لكل عمليات والدك المشبوهة!
،ولولا أنني هنا معكم ما كنتم وصلتم إلى تلك المواصيل، ولا كنتم من أقوي عصابات سرقة الآثار والتحف النادرة حول العالم.

-ألم تدركين قيمتي بعد!
هل تفضلين داوود الذي يعمل تحت أمري على أنا!
أين عقلك، وكيف لا تدركين الفرق الكبير بيني وبينه؟!
فأنا أفضل وأذكى منه بكثير هو يعمل ما أمره به، ويعمل تحت إشرافي، كيف لك أن تفضلينه على انا!
أنا لا أصدق..

ما زالت جاسمين تعامله بغرور وتكبر، ولكنها من داخلها تخشاه وتخاف من ردت فعله والتي لا تتوقعها، لكنها تظهر له عكس ذلك الأمر لكي لا يشعر بضعفها.
فجابر ليس في وعيه لقد تناول الكثير من الكحول وفقد وعيه شيئاً فشيئا، وقالت له:

-أن الحب الله هو من يضعه في قلوبنا وليس نحن، كيف تريد منى أن أحبك رغما عني!
أنت حقا رجلاً غريبا للغاية، لقد سئمت منك يا جابر أرجو منك أن تكف عن هذا الحديث وأن تجعلنا نركز في عملنا لكي ننهي تلك المهمة بسلام دون ما تحدث مشاكل تجعلك تشعر بالندم فيما بعد، لأنك سوف تكن السبب فيها، وسوف تتحمل نتيجتها بمفردك.

نظر لها جابر بغضب وقال لها:
-لا، انا لم يعد يهمني الأمر برمته.
فإذا لم تكونين لي يا جاسمين، إذا لن تكونين لشخصا آخر غيري.
،وخاصة إذا كان هذا الشخص هو داوود، فأنا سوف أجعلك تدفعين الثمن غالي وسوف يكون جسدك لي لكي لا تكونين لغيري.

قالت له جاسمين وهي تشعر بالخوف الشديد الذي بإمكاننا أن نقول عليه رعب:
-على ماذا تنوي أن تفعل يا جابر؟ أنا أحذرك أن تقترب منى ومن أن تفعل شيئاً يجعلك تندم الباقي من عمرك، وهذا إذا بقيت على قيد الحياة.

-دعني أذهب من هنا بسلام، وأعدك بأنني لن أخبر والدي عن ما حدث منك الآن، وسوف أحاول أن أنسى ما حدث منك الآن، واجعل الأمر وكأنه لم يكن، فكر يا جابر فهذا من صالحك أولا.

رد عليها جابر بينما كان يتناول المشروب وبعد ذلك قام بإلقائه على الأرض:
-لقد فات الأوان يا فتاتي فمهما تفوهتي بحديث تحاولين به أن يكون رداً على فعلي ولكنه في الحقيقة تهديداً مباشراً لي، فلن أرجع عن قراري والذي اتخذته بعد أن تأكدت من حبك لداوود الغبي، وسوف أفعل بك ما أريد.

فأنا سوف أحصل على جسدك الجميل هذا الآن، الذي لطالما تمنيت التقرب منه وأن أشتم رائحتك، أنتي سوف تكونين ملكاً لي بهذه الطريقة، ولن أسمح أبدا أن تكونين لغيري.
،أنا لا أسمح لأي شخص مقيم على تلك الأرض بأن يأخذ منى شيئاً أنا لي رغبة فيه، لقد أنتهى الأمر وسوف أقوم بإغتصابك الآن.

وضعت جاسمين يديها على فمها خوفا ورعبا من نظرت جابر القاسية وحديثه وطريقته التي يظهر وكأنه سوف يفعل ما يقول حقا فهو ليس في وعيه، ولا يوجد من يخسر سوى جاسمين في ذلك الأمر، فقالت له:

-أهدا يا جابر، سوف تخسر كل شيء بهذه الطريقة ولا تنسى فأنا بإمكاني أتخلص منك الآن، وتعرف أنني أستطيع.
وصدقني ووقتها لن يحزن عليك أحد وسوف أخبر الجميع بأنني في وقتها أمامهم بأنني كنت اقوم بالدفاع عن نفسي، لا تضطرني لفعل هذا الأمر معك أبتعد عني وأترك لي مجال لكي أخرج من هنا، هذه المره الأخيرة التي أطلب منك هذا الشيء فيها أستمع إلي قبل أن يفوت الأوان وتندم.

قال لها:
-لقد فات الأوان بالفعل يا جميلتي!، ولا تنسين بأنك أنت من جعلتني أصل إلى هذه الحاله بسبب رفضك الدائم لي، وتفضيلك لداوود على وأنتي لا تعرفين حقيقته فهو يقوم بخداعكم طوال الوقت فهذه الشخصية التي تحبينها وتفضلينها على هي ليست شخصيته الحقيقية بل يخفي وراء وجهه الباسم كذب وخداع.

لم تصدق الحديث الذي يقول، وظنت بأنه يقوم بالكذب عليها لكي يجعلها تكرهه داوود وتفضله هو عليه، ولكن لا أحد يعلم أين هي الحقيقة.

وحاول جابر أن يقترب منها بهدوء بينما كان يتحدث ومع أقترابه منها أصبحت جنبا إلى جنب مع الحائط، وحاول أن يضع يديه على فم جاسمين، لكي لا يستمع إلى صراخها أحد، وحاول أن يلقي بها على الأرض لكي يستطيع أن يتمكن منها ولكن جاسمين ليست بفتاة سهلة.

لقد دافعت عن نفسها وقامت بدفع جابر بكل قوة إلى الحائط المقابل لها، ولكنه لم ييأس بعد فلقد أقترب منها مرة أخرى وحاول معها إلى أن أستطاع أن يلقي بها على الأرض ولكن قامت جاسمين بالصراخ بأعلى صوتا لها، وقالت:

أبي..
داوود..
-أنقذوني أين أنتم، تعالوا إلى هنا أنقذوني من ذلك الوغد، يا أبي أين أنت.

ومع هذا لم يتركها جابر أبدا، وكأنه لا يستمع لصوتها ويريد أن يفعل بها ما شاء فقط وكأنه ليس لديه عقل لكي يفكر به!
لقد حاول معها كثيرا إلى أن قام بتمزيق ملابسها، ولكنه لم يستطيع أن يفعل معها ما يريد، هذا لأن جاسمين عنيفة وتقوم بعمل رياضة دائما وتعرف كيف تدافع عن نفسها.

لقد أستمع أبيها إلى صوتها ولكن من بعيد، وكان يقول من الممكن أن أكون أتخيل، ولكن أكد له داوود أنه أيضًا يستمع إلى صوت جاسمين تصرخ،
وقرر الوالد أن يذهب إليها مسرعاً لكي يرى ماذا حدث مع أبنته، وخلال وصولهم إليها.

-نظرت جاسمين من حولها هنا وهناك تريد أن تجد شيء تمسك به لكي تدافع عن نفسها تدافع عن نفسها، فوجدت قطعة من الحديد ملقاه بعيدا عنها بينها وبينها حوالي مترين، ظلت تحاول الوصول إليها بكل ما أوتي فيها من قوة إلى أن وصلت إليها أخيراً، وقامت بضرب جابر بها على رأسه مرات متعددة.

وفي ذلك الوقت آتي داوود مسرعاً بعد أن تأكد من أن صوت جاسمين يبدو وكأنه هناك من يتهجم عليها ومن دون أن يرى شيئاً، قام بالضغط على الزناد وأخرجت منه رصاصة ثبتت في رأس جابر،
جعلت حياته تنتهي في وقتها.

نظر إليها أبيها ووجد ملابسها مقطعة وهناك جروح متفرقة في جسدها، ففهم وقتها أن جابر كان يحاول أن يعتدي على أبنته وذهب إليها مسرعاً وقام بإمساك يديها وقال لها والدموع تنهمر من عينيه ويظهر عليه الخوف الشديد:

-أخبريني، هل أنتي بخير؟
هل أستطاع هذا الكلب أن يؤذيك؟
تحدثي يا جاسمين أخبريني ماذا حدث معك يا إبنتي، طمئنيني أنك بخير أرجوك.

نظرت له والدموع تنهمر من عينيها هي الأخرى خوفا وحزنا من ما عاشت به توا، وقالت له:
-لماذا تأخرت يا أبي، كنت أكاد أن أفقد كل شيء!
لقد جن جنون جابر مرة واحدة ولم أعلم ماذا حدث معه، لقد حاول أن يغتصبني يا أبي هل تصدق!

لماذا فعل هذا، أنظر إليه الآن وهو جثة هامدة وأخبرني ماذا استفاد؟
لقد حذرته كثيراً، ولكنه كان يحمل كرها كبيرا وضغينه في قلبه لداوود ولي أنا أيضا بسبب رفضي الدائم له، وأراد أن ينتقم منى بهذه الطريقه البشعة ، ولكنه دفع ثمن هذا وكان الثمن هو حياته.

قال علام:
-لماذا لم تخبريني بهذا الأمر من قبل؟
فنظر له داوود وكأنه يقوم بلفت انتباهه بأن العتاب ليس هذا وقته، وفهم علام وقام بالحديث في أمرا آخر.

-حسنا لا يهمك منه يا حبيبتي، المهم الآن هو أنتي فأنتي من يهمني في كل شيء، وجابر يذهب ويذهب غيره ألف رجل ولكن أنتي لا، فأنا لا أتحمل غيابك عني أو فراقك يا أبنتي، ولن أسمح بحدوث أي شيء سيئ لك أنا أعدك بذلك، أنتي بخير أليس كذلك؟

نظرت له وقالت:
-نعم يا والدي أنا بخير جدا لم يستطع ذلك الوغد أن يؤذيني، ولا أن يهزمني ولم يستطيع أن يأخذ منى أي شيء من ما كان يريد، وأشعر أنني بخير خاصة بعد أن قمت بالتخلص من ذلك الغبي بمساعدة داوود، ونظرت إلى داوود وقالت له:

-أنا أشكرك لقد أنقذت حياتي وأتيت في الوقت المناسب، كنت سوف أموت بين يدي ذلك الوغد، أنا أشكرك مرة أخرى، قال:

-لقد كنت أشعر بأنه ينوي على فعل شيء ما ولذلك رفضت أن تذهبين معه بمفردك، ولكن السيد علام وافق على اقتراحه وقتها وأنا لا أستطيع أن أرفض له أمر، ولكني شعرت بأن جابر ينوي على نية سيئة مثله أنا أعلم بأنه يكرهني منذ زمن ولكن الغريب هو أنني لا أفهم لماذا، ولكني الآن فهمت فالسبب هو أنتي يا جاسمين.

لقد ظن بأننا يوجد فيما بيننا أي علاقة يا له من غبي فأنت أبنت الرجل الذي أعمل لديه ولا يمكنني أن أنظر إلى ما هو أكبر مني، فأنا هنا لحمايتكم والعمل لديكم فقط.
والآن لقد أخذ جزائه الذي يستحق، الحمد لله أنك بخير.

قالت جاسمين وهي تشعر بالصدمة من حديث داوود، وقالت لنفسها هل من الممكن أن أكون في وضع أنني أحب داوود وهو لا يحبني!؟ وقالت:
هيا لنكمل عملنا في البحث لكي نذهب من هنا، قبل أن تنتهي ساعات النهار.

رد علام:
عن أيا بحث تتحدثين يا أبنتي، دعينا نذهب من هنا قبل أن يكتشف أحدا أمر الجثة الملقاه هذه، نحن لا نريد شيئاً جاء من طرف جابر، لا أريد أن أسمع صوته يكفينا جدا ما حدث معنا في ذلك القصر، هيا بنا نذهب من هنا قبل أن نخسر شيئا آخر ربما تكون يوجد به لعنة.

ضحكت جاسمين ساخرا من حديث والدها وقالت له:
ماذا بك يا أبي أنا لم أراك بهذا الخوف من قبل!
ماذا حدث له قوي قلبك قليلا وتحمل فمثل ما بدئنا شيء يجب علينا أن ننهي.

وأيد داوود حديث جاسمين، وقال:
نعم فنحن من رسمنا الخطة للدخول هنا، ونحن المسؤولون فجابر كان يساعدنا فقط ولكن نحن نكفي وسوف نأتي بالقناع ونذهب من هنا منصورين.

-لا يعلم أحد على ماذا ينوي داوود!،
فهو قد صمم على الحصول على القناع برغم كل الأشياء السيئة التي حدثت لهم داخل ذلك القصر؛ وهذا لأنه قام بوضع خطة مسبقة وهي أنه سوف يتخلص من علام وجاسمين داخل ذلك القصر وأن يستولى هو على القناع بمفرده ويأخذ هو الأموال الطائلة بمفرده.

ولكن لا أحدا منهم يعلم حقيقة داوود لأنه يضع الوجه الطيب واللطيف طوال الوقت، إذا حديث جابر في السابق عنه كان صحيحا.

وهذا يجعلنا نتأكد بأنه من يقبل على نفسه أخذ أشياء ليست من حقه بدافع السرقة، ليس له أمان وسوف يغدر عاجلاً أو آجلا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي