البارت٤

الفصل الرابع

ابتسم سليم بهدوء بعدما أخبره شاكر بما يريد أن يسمعه
بأن نور تراجعت عن قرارها وسوف تسافر مع زوجها ، ولن يساعدها في
قرار الانفصال عن أسر مهما حدث..
همس داخله براحه بال:
- أسر السعدني لا يمكن يتهد
وهعمل المستحيل عشان تفضل قوي وواقف علي رجلك يا حبيبي لحد لم اموت
سحب هاتفه من اعلي المكتب وقرر مهاتف شقيقه ليطمئن عليه ولكن تفاجئ بطرق الباب ودلوف أسر منه .
هتف سليم بدهشه:
- أسر ايه جابك الشركة وانت تعبان؟ أنا كنت لسه هكلمك
جلس أمامه وهو يزفر انفاسه بضيق ثم قال بصوت يأس:
- أنا قررت أسيب نور ،كفايه أوي اللي حصل امبارح
- ايه الجنان ده، أسر مش عاوزك تتكسر طول ماانا علي وش الدنيا مفهوم ،
ثم سحب مقعده المتحرك وسار به الي حيث يجلس أسر ، مد ذراعيه
ليستقبل شقيقه ،لم يتردد أسر في معانقت شقيقه بقوه وزفرت دموعه
الساخنه التي سقطت علي كتف سليم وشعر بها ، فشدد بقوه في احتضانه
وهمس بصوته الحاني:
- أسر السعدني مافيش بنت تهزة بالشكل ده
ابتعد عن أحضانه ونظر بعينين حزينتين قائلا:
- موجوع اوي يا سليم ، البنت اللي حبتها واختارتها تكون شريكه حياتي
بحسها بعيده عني باميال رغم وجودها في حضني ، بتوجع من نظراتها ،
مش بشوف في عينيها غير نظره شفقه ، عطف ، مش حب ابدا ، وبعد
كلامها امبارح انا هدوس علي قلبي اللي حبها وهشتري نفسي وكرامتي ،
مش هقبل أجبرها أنها تكمل حياتها معايا ، انا دلوقتي فهمت ليه هي قررت
تأجل الخلفه ، عشان مش عاوزه تكمل معايا بس اللي مجنني ليه قبلت بيه
من الاول ، ليه وافقت علي الجواز مني ليه ؟

ربت على أرجله ونظر له بحب قائلا:
- حبيب اخوك اللي ماليش غيره اخ وابن وسند في الدنيا ، ليه تتوجع ولا
تتكسر عشان بنت حبتها لا يا أسر انت اقوي من كده بكتير ، بص لاخوك
وشوف بنفسك انا رغم اللي انا فيه لسه مكمل في حياتي ومكمل في شغل
بابا واسم السعدني بيكبر ، مش يأست وصعفت وقعدت في البيت

صرخ به منفعلا:
-لا موقف حياتك يا سليم ، قافل علي قلبك وحابس بنفسك في الكرسي
اللي انت قاعد عليه ، تقدر تقولي ليه رافض الجواز ، وانك تعيش زي كلنا
ماعايشين ، انت ليك متطلباتك واحتياجاتك ، قولي اسم السعدني هيكبر
ازاي وانت كده
فاق من نوبه غضبه وهتف معتذرا:
-سليم انا اسف ، مش قصدي احسسك بعجزك لأن مش شايفه اصلا ، لكن شايفك وحاسس بيك كراجل من حقه يعيش ويكمل حياته وياخد منها كل حاجه حلوه
ابتسم له بحب وقال:
- مش زعلان منك يا حبيبي ، انت قولت اللي انت شايفه ، بس انا مش
رافض الجواز ، انا مش لاقي اللي هتتحملني بظروفي ، ومش هتجوز
واحده تبص معايا كام رصيد في البنك وامتلك ايه وتنسي تبص للشخص
نفسه .
- تيجي نسافر سوا وانت كمان تتعرض علي دكتور هناك يمكن في أمل انك تقف علي رجلك من تاني
- هو الامل في ربنا كبير طبعا ، بس انا صعب ارجع زي الاول ، المهم خلينا
فيك انت ، ايه رأيك سراج يسافر معاك ، بس ماتاخدش قرار في حياتك مع
نور غير لم ترجع بالسلامه وعايزك مش تتسرع في قرارك اللي هتخده ،
اديها فرصه ثانيه او اعتبرها فرصه اخيره هتكمل حياتك معاها أو من غيرها
وفكر هل انت مستعد تبعد عنها وتخرجها من حياتك للابد ولا بتحبها ومش
قادر ، كل دي ابعاد لازم تفكر فيها وهتلاقي اجابتها عندك انت وبس ، ولازم
تعرف أن معاك في اي قرار هتاخده ويسعدك
- تمام يا حبيبي هدي نفسي فرصه افكر بهدوء وابعد عن هنا ولم ارجع من السفر أن شاء الله يكون لينا كلام تاني مع بعض
ابتسم له بحب وقال:
- ايوه كده ده أخويا اللي انا أعرفه ، ايه رأيك بقا تروح مكتب سراج وتتفقو
مع بعض علي السفر ، وانا هنا هتابع الشغل وكمان في تعينات جديده في
الشركه يعني مش هيكون في عجز في الشغل بغيابكم عايزك تطمن
- حاضر يا حبيبي ،هوصل مكتب سراج ، سلام
- سلام
قالها ثم عاد يحرك المقعد المتحرك الي حيث مكتبه ليتابع عمله ..
❈-❈-❈

في المساء بمدينه المنصورة قرر فاروق الذهاب إلى شقيقه الأكبر لكي يتحدث معه بما يخص أبنته حياة
طرق باب منزله وانتظر قليلا ، إلى أن فتحت له زوجة شقيقه مرحبه به
- اتفضل يا ابو حياة البيت نور
- منور باصحابه يا ام طارق ، الحج موجود
افسحت له الطريق:
- اه موجود يا اخويا اتفضل
سار بخطوات بسيطة ، استقبله شقيقه بحفاوه وجلس معه بغرفه الصالون
دلفت زوجته خلفهم الغرفه ثم قالت:
- هتشربو ايه شاي ولا قهوه
هتف شريف قائلا:
- شاي ايه بس، اعملي عشا يا ام طارق
- لا يا حبيبي انا مابتعشاش لو كوبايه شاي بالنعناع يكون حلو اوي كده
- خلاص اعملي الشاي بالنعناع يا ام طارق
- حاضر يا حج
بعدما غادرت زوجته نظر لشقيقه قائلا بتسأل:
- عامل ايه يا فاروق وبناتك عاملين ايه ،معلش يا خويا مقصر معاك ، برجع من الدكان تعبان
- احنا بخير يا اخويا ،ربنا يديك الصحه والعافيه يا رب ، معلش حقك عليا انا ، مشغول بسبب قرب الإمتحانات والمدرسه شاغله كل وقتي
ربت علي قدمه:
- ربنا يعينك يا حبيبي
-قولي انتي شغل الاجهزه الكهربائيه عامل فيه ايه
- هو بتسألي بعد لم اطلعت علي المعاش، حاجه تشغل وقت الواحد احسن من قعدة البيت
- المهم تكون مرتاح وحابب الشغل ده
- الحمد لله ، فضل ونعمه
- بصراحه انا جاي عاوز اخد رأيك في موضوع
- خير يا حبيبي؟
-خير أن شاء الله ، حياة بنتي جالها شغل كويس بس مش هنا في مصر وانا
مش عاوز اكسر فرحتها وبفكر يعني احاول اطلب نقل لمدرسه هناك
وأشوف الاداره التعليميه هتوافق ولا لأ وننقل نعيش في مصر ، البنات بتكبر

وفرص العمل في مصر افضل بكتير من هنا ، ايه رأيك شور عليه اعمل كده
فعلا ولا شايف في حل تاني بحيث البنت ماتكونش لوحدها هناك
ضيق حاجبيه بضيق وقال :
- ايه اللي انت بتقوله ده عاوز تسيب هنا عشان خاطر بنتك لاقت شغل في
مصر ، وهي بنتك تشتغل ليه ناقصها ايه ، البنات مسيرهم للجواز ، فكر
تسترهم مش تقولي شغل وسفر ومش
عارف ايه ، لا وانت كمان عايم علي عوم بنتك يا فاروق،ده بدل ما تعقلها بتشجعها كمان
ابتلع ريقه بتوتر فهو شقيقه الأكبر ولا يريد أن ينفعل عليه أو يغضب منه
فهو لديه عقليه مختلفه عنه تماماً ،تنهد بهدوء ثم قال:
- يا حج شريف الزمن بيتغير ودلوقتي البنت بتشتغل زيها زي الراجل
بالظبط وناجحه في شغلها ، الست دلوقتي بتاخد اعلي مناصب في الدوله في وزيره وسفيره وقاضي كمان
- مالناش دعوه بدول
عاد طارق من عمله في ذلك الوقت وعندما اخبرته والدته بوجود عمه اسرع
إليهم يصافح عمه ويجلس يتثامر معهم ولكن تفاجئ بحديث والده الغاضب
- تعالي يا طارق يا بني شوف عمك بيقول ايه؟
صافحه بود ثم جلس جانبه وهو يتسأل بقلق:
- خير في ايه يا عمي؟
ربت علي كتفه وقال :
- مافيش يا حبيبي
أتت والدته ووضعت صينيه الشاي
هتف شريف بصوت غاضب:
- قال ايه حياه هتشتغل في مصر وعمك مواقف علي كده ومش بس كده
ده عاوز يسيب هنا ويروح يعيش في بلد مايعرفش فيها حد عشان خاطر
حياه ولم قولتله البت مش ليها غير أنها تتجوز وتقعد تربي العيال
قاطعه طارق بهدوء :
- معلش يا بابا ممكن تهدي وبلاش انفعال ، وبعدين عمي من حقه يفكر في مصلحة بناته
- يعني ايه انت كمان ؟
هتف طارق قائلا وهو ينظر لوالدة بتوسل أن يصمت لكي يتحدث هو ، فهو يعلم بما في قلب أبنه، لذلك صمت شريف ،:
- تسمحلي يا بابا اتكلم
هز رأسه بالايجاب
نظر إلي عمه وقال:
- عمي حضرتك عارف ان بشتغل محاسب قانوني في البنك والحمد لله راتبي كويس واقدر افتح بيه بيت وناوي أكمل نص ديني ، ويشرفني أن أختار بنت عمي حياه زوجه ليه ، لو حياة وافقت انا أقدر اتنقل للفرع الرئيسي في القاهره ونبدا حياتنا مع بعض خطوه خطوه وهعملها اللي هي بتحلم بيه .
هتف فاروق بدهشه:
-عاوز تتجوز حياة!؟
هتف شريف بحدة:
- ابن عمها وأولى بيها واهو موافق أنها تشتغل وكمان بيحبها وهيحطها جوه عنيه وهيصونها لأنها من لحمه ودمه، ها قولت ايه يا فاروق، نقرأ الفاتحة ؟
- قولت لا إله إلا الله ثم أردف قائلا:
- الأمور دي ماتتخدش كده يا حج لازم اقعد مع بنتي واسالها عن رأيها موافقه على طارق ولا لأ
- والله عال يا ابو البنات، كمان البنات بقا ليهم رأي
شعر فاروق بالاحراج فنهض وقال:
- انا ماشي دلوقتي وبعدين نتكلم
نهض طارق وسار خلف عمه وقال خافت:
- عمي انا اسف ، حضرتك عارف عقليه بابا قديمه شويا ، انا منتظر رأي حياه واتمني يكون خير لان بجد بحبها وعاوزها تكون مراتي وام عيالي
ربت علي كتفه برفق ثم قال:
- ربنا يقدم اللي فيه الخير يا بني ليك وليها
- يارب يا عمي
غادر فاروق منزل شقيقه وهو هائما علي وجهه كأنه صفعه بقوه علي وجهه أو القي به
من الطابق العاشر ، فهو يعلم بأن القادم سيجعله يخسر شقيقه الأكبر ،ولكن
هو يفضل مصلحة بناته فوق كل اعتبار ، إذا وضعت ابنته وسعادتها بكفه و
الكفه الاخري شقيقه لن يختار إلا أبنته فلذة كبده وروح فؤاده ، ولكن يتمني
أن لا يضع في ذلك الاختبار الصعب

❈-❈-❈

عندما عاد والدها من الخارج وجدها بانتظاره ، اقتربت منه بابتسامتها المشرفه ثم هتفت قائله:
- حمدالله على السلامه يا روقه
ابتسم بحب وربت علي كتفها وقال:
- الله يسلمك يا قلب ابوكي ثم أردف قائلا:
- لو مستنياني عشان نقرر هنعمل ايه في موضوع شغلك ، فأنا مش قادر اتكلم دلوقتي ، بكره الجمعه ولينا قعدة مع بعض وربنا يقدم اللي فيه الخير يا حبيبتي
رفعت حاجبيها بمشاكسة وقالت:
- بري يا بيه والله مستنيه اطمن على حضرتك لأنك اتاخرت
- اطمني يا حبيبتي ، يلا تصبحي علي خير
ق.بلت وجنتهُ ثم قالت وهي تهم بالتوجه إلى غرفتها؛
- وحضرتك من أهل الخير والسعادة يا رب
ثم دلفت إلى غرفتها وبعد أن اطمئن فاروق لذهابها جلس مكانه شاردًا في ما هو قادم ..
❈-❈-❈

تجنب أسر الحديث مع زوجته بعدما أخبرها بأنه سوف يسافر في الغد
برفقة سراج فهو لا يريد أن يكون عبئًا على أحد .
حاولت أن تسترضيه ولكن أبت كرامته أن يخضع لمكرها فهو يعلم بأن وراء
تغيرها المفاجئ ليس إلا جدها ، كما علم من سراج ما فعله شقيقه من أجله .
وعائله زوجته على شفه حفرة من الإفلاس..
ابتلع اقراص الدواء الخاصة به ثم ابدل ثيابه ودثر نفسه بالفراش لكي
يذهب في نومه دون أن تاتيه النوبة الصرعيه وتجعله يستيقظ من نومه

أما نور فبعد أن تأكدت من نومه، ابدلت ثيابها وارتدت مايوه السباحة ذات
قطعة واحدة بلونه الأصغر ووضعت أعلاه البورنص وقررت أن تهبط الدرج وتغادر الفيلا
لكي تذهب إلى حمام السباحة الملحق بالفيلا؛ ورغم برودة الطقس فهي
تحب السباحة في ذلك الوقت
نزعت البورنص والقته أعلى الأريكة التي توجد إمام المسبح؛ ثم اقتربت
منه ووضعت أقدامها أولا بعد أن عدلت من درجة حرارة المياء لتناسبها ، ثم
غطست بكامل ج.سدها أسفل المياء وبدءت في السباحة ذهاباً وإياباً ، لديها
طاقة سلبية تريد إخراجها فهي تشعر بكم الضغوط المحاطة بها تكاد تخنقها
ويجب أن تتصنع الصمود أمام تلك الضغوط.

الساعة الواحدة صباحًا عاد "سليم" من الخارج وأخبر السائق أن يذهب إلى
منزله ولن يأتي إلا بموعد الطائرة فهو سيظل مع شقيقه قبل موعد سفره
ليودعه.
ساعده السائق على الترجل من السيارة واجلسه بمقعده المتحرك ثم استقل السيارة وغادر الفيلا ثانياً.
أما سليم فدلف لداخل وهو يضغط زر المقعد ليسير به؛
ولكن استوقف قليلًا عندما راء أضاءة منبعثة من المكان المخصص لحمام
السباحة، ظن بأن شقيقه مازال مستيقظًا فقرر أن يدلف إلى هناك أولًا
ليتأكد من وجود شقيقه ويجعله يذهب للنوم فلديه في الغد يوم سفر شاق
وساعات طويلة سيقضيها داخل الطائرة.
اقترب من المسبح ولكن اغمض عيناه بضيق عندما وجد "نور "
هي التي تسبح في ذلك الوقت، قرر سحب مقعده وتراجع للخلف ولكن
عندما وقعت عيناها عليه، أنهت سباحتها وغادرت المسبح وسارت إلى حيث مكانه تهمس بصوتها الرقيق:
- معقول سليم باشا بنفسه
دار وجهه بالجهه الأخرى وهتف بضيق:
- البسي هدومك، في حد ينزل البسين في الوقت ده
نظرت لنفسها ثم مالت عليه بجراءة وهمست قائلة:
- خايف عليه؟
زفر بضيق وقال بصوت غليظ:
- نور اقصري شري وامشي من قدامي دلوقتي
- ولو مامشيتش هتعمل ايه يا سليم
ثم جلست على ركبتيها أمام المقعد المتحرك ووضعت كفها على فخده ثم همست بصوت دافئ:
- سليم بلاش تعذبني أكتر من كده، سليم أنا بحبك أنت
دفع المقعد للخلف لكي يبتعد عنها وقال بصوت حاد:
- وأنا بحب أخويا إللي هو جوزك يا مدام ولا أنتي نسيتي
امسك رثغها بقوة وهتف بغضب:
- أقسم بالله يا نور لو مااتعدلتيش مع أسر هدمرك
نزعت رثغها وقالت ببرود:
- إللي هيدمر هو أخوك مش أنا يا سليم، فكر كويس أوي أسر لو عرف إللي كان بينا هتقوم حرب ضدك أنت وساعتها هيعرفك على حقيقتك والقناع
الملاك إللي على وجهك هيتشال وهيظهر وجهك الحقيقي إللي الكل مخدوع فيه واولهم أخوك
ضحك باستهزاء مبطن ثم قال بثبات:
- عمر ما كان بينا حاجة ولا هيكون في يوم من الايام ، بلاش خيالك المريض يصورلك أوهام مش حصلت ولايمكن تحصل
اقتربت منه بمكر ثم التقطت شفتيه في ق.بلة عاصفه، دفعها بقوة لتبتعد
عنه فسقطت داخل المسبح ثانيا؛ صرخت به منفعلة وقالت بوعيد:
- ماشي يا سليم خاف من اللي الجاي
سحب المقعد المتحرك وغادر المكان ثم دلف لداخل الفيلا وتوجها إلى
المصعد استقله ثم صعد به إلى الطابق الثاني، ثم غادره وسار بمقعدة متوجهاً إلى حيث غرفته وأوصد الباب خلفه بالمفتاح، ثم دلف الى المرحاض الملحق
بغرفته و فتح صنبور المياه الخاص بالاستحمام وهطلت عليه المياه وهو
ما زال مرتديًا لملابسه فقد كان داخله بركان من الغضب يريد اخماده، بعد أن هدأت ثورة غضبه، أغلق محبس المياه وغادر المرحاض ثم اقترب بمقعده
المتحرك إلى دولابه فتحه وانتقى منامته ثم ابدل ثيابه وتوجه إلى
الفراش، تحامل على ساعديه والقي بنفسه داخل الفراش وعدل من وضع
قدميه بكفيه ثم اغمض عيناه بتعب فهو لم يذق طعم النوم منذ ايام؛ ذهب
في النوم سريعا دون أن يترك ذهنه بتفكير بأي شيء يقلق مضجعه..
❈-❈-❈

أما عن نور سارت على أطراف أصابعها وعادت إلى غرفتها دون أن يشعر بها أحد، وعندما دلفت لداخل الغرفة واغلقتها خلفها تفاجئت بإستيقاظ زوجها
استمعت لصوته الرخيم هتف بتسأل:
- كنتي فين في الوقت ده؟ وايه إللي أنتي لابساه؟
جف حلقها بتوتر ولم تقدر على التفوه بكلمة
عاد يتسأل بنبرة أكثر غلظة:
- كنتي فين وراجعه تتسحبي يا مدام؟
اقتربت منه تتصنع الهدوء وداخلها حمم بركانيه اثر ما فعله سليم بها ، ثم
نزعت البورنص والقت به أرضاً ليرا المايوه المبتل على ج.سدها، ابتلع ريقه
بتوتر فقد حركت مشاعره الخامدة، وهذا ما جعلها تقترب منه وهي ترسم
على وجهها أبتسامة مصطنعة ثم جلست بجانبه أعلى الفراش ونظرت
لش.فتيه قائلة بشغف:
- بردانه ومحتاجه لحضنك يدفيني
هتف بجمود:
- وايه ينزلك البسين في وقت زي ده ؟
قضمت ش.فتيها بغضب طفولي مصطنع وقالت وهي تقترب تداعب صدره
العاري باناملها الرقيقة:
- كنت مضايقة عشان أنت لسه زعلان مني، بليز ممكن تسامحني
لانت ملامح وجهه ونظر لها بحب :
- زعلان منك عشان بحبك ومش قادر أنسى كلامك
طبعت عدة ق.ُبلات متفرقة أعلى صفيحة وجهه وظلت تعتذر عن ما بدر منها
بادلها الق.ُبلات فهو حقا يعشق تلك الفتاة ويريد أن تظل جانبه طوال
عمره، قلبه لا يعشق سواها.
ولكن عقله رفض أن تسيطر عليه وتنسج خيوطها حوله؛ أبتعد عنها وقال
وهو يتطلع لعيناها :
- بتحبيني وعاوزة تكملي معايا ؟
هزت راسها بالايجاب
استرسل حديثه قائلا:
- يبق مافيش تأجيل تاني للاطفال؛ أنا عاوز اكون أب، هنفضل مأجلين لحد أمته؟
جحظت عيناها بصدمة وشعرت بالتوتر ولم تعرف كيف ستخبره بأنها لا
تريد أن تنجب الأطفال منه لانها تعلم بأن حياتهم الزوجية مهددة بالانتهاء
وأنها لم ترغب في إنجاب أطفال يحملون نفس مرضه الذي لازال لم يتعافى
منه أحد.
علم أسر أجابتها دون أن تهمس بكلمة فقد أتاه الرد من نظرات عينيها وتجمد ج.سدها، علم بأنها النهاية فتلك الزيجة لن تستمر.
وضع كرامته قبل قلبه.
أعطاها ظهره وقال بصوت حزين:
- اجابتك وصلتني مش محتاج اسمعها، ثم دثر نفسه بالغطاء واردف قائلا:
لازم أنام عندي سفر بكرة، وأنتي كمان جهزي شنطتك عشان تفضلي عند
جدك لحد لم ارجع من السفر ونشوف هنعمل ايه.

لم يغمض عيناه ظل يفكر فيما سيحدث معه بعد ذلك إلى أن غلبه النعاس
اثر الدواء الذي يتعاطاه لكي يحد من نوبات الصرع التي تهاجمه
من حين لآخر.
❈-❈-
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي