الفصل التالت

الفصل الثالث
من : أزمنة الحب متصاعدة
***
تشنجت كاملةً عندما شعرت بذلك الصوت من خلفها، لو كان ذئباً لكان ارحم لها من سماعه،كيفما حذرتها والدتها من الأمر، لطالما بعد موتها سيتبعها من يريد القلادة خاصةً من عائلتها الابوية، سرعان ما تسمرت بمكانها تنظر فقط بوجهها لمن يناديها ليكون شابا عشريني وسيم يمتلك ذات دقة الحسن الذي كان يمتلكها والدها، ولا يمكن ان يكون اخوها لانه يعلوها اعوامٍ كما يتضح المظهر، فكسرت بتلك الأفكار مصارحه له:
  - انت مين!
اردف بسخريه:
  - بعزيكي عشان نور الله يرحمها.
  - بس العزاء خلص يا استاذ، ثانيا انت مين عشان تقول اسمها حاف كدة ده انت قد عيالها.
  - بس انا مش قدك..
ثم اكمل بحدة و هو يقترب خطواتٍ تحذيريه:
  - انا اقوى منك، واكبر منك، واحق منك بقوانين ديموزيد.
ارتفعت حاجبيها متفهمه ما يقصد متسعة الاعين و فاره الشفتين بسخرية:
  - تبقا بتحلم، لانها ورث من ماما و هحافظ عليه يا استاذ ...
قاطعها قائلاً:
  - محمد نجيب عطوة، يعتبر ابن عمك بس من بعيد شوية.
  - الحقيقه متشرفتش بوجودك خالص.
هز خصلات شعره مع رأسه بإيماءة:
  - ده شئ يسعدني... بس اديني سلسلة ديموزيد.
قطبت حاجبيها و لم تغلق عيناها بأكملها لوجود فكرةٍ ما تجول بها و هو تفتح كفيها تظهر القلادة بها قائلة:
  - هنعمل مساومة حلوة اوي، هتعجبك.
  - اي هي؟
  - هنشوف مين احق بيها بصراحة.
  - ازاي؟
اشارت للداخل ثم قالت:
  - ادخل يا .. اسمك اي؟
  - محمد.
جز على اسنانه و هي ساخره بقولها:
  - طب يا محمد نورت.
جلسوا على إحدى الأرائك في زاوية المنزل و خاصةً بجانب نافذة تعطي لهم ضوء، غرزت بعد السكر في كوبها ملتحقة النظر لذلك الرجل الغامض تاركة له مساحة الاستمتاع بفنجان القهوة، وحينما وضعه نظر لها بابتسامه مصارحاً اياها:
  - هاخد السلسلة.
تنهدت من ثم اردفت:
  - معنديش مشكلة بس المقابل بتاعي بسيط اوي يا محمد، و هو انك تشرحلي ماهية السلسلة دي بالظبط.
  - فضولية.
قالها ببعضٍ من السخرية لتلتوي شفتيها بإبتسامه تعلم وحدها ماهية الابتسامه:
  - الفضول هو اني اعرف ابويا و امي اتقتلوا بيها ازاي؟
  - امم!!! قصدك كدة؟ لا عندك حق بردو
ثم اكمل مششيراً لها بسبابته :
  - بس على فكرة امك اللي قتلت ابوكي.
  - امي قتلته... بس علشان اخترق قانون من قوانين ديموزيد.
قهقهه بشدة لتنيل تلك القهقهات استفزازها، مازال يريد اللعب معها و ليس فقط ان يأخذ قلادة، و بعد انتهاء من قهقهته قال لها في هدوء مبالغ:
  - هقولك قوانين ديموزيد ساعتها هنلعب حلو اوي سوا.
نهض من مقعده يتوارى حول مقعدها الخشبي ليهمس قائلا :
  - القانون الاول!!
مينفعش تورثيها او تديها لحد مش من نسلك
القانون الثاني! لو اتبنت على علاقة حب مينفعش يخون، السلسله بتحتوي على زهرة هيدز مسحورة اللي بترمز للسلام والاخلاص و تحقيق الرغبات، فالسلسله الملعونه دي بتجبر تقتل اي حد خاين.
  - انت بتهزر معايا يـ....
قاطعها صارخاً:
  - كملي القوانين
القانون التالت! متديهاش لستات عشان لا يرمزوا للاخلاص، و العاطفه عندهم زايده حبتين و اغبيا، هيضيعوها.. وعشان نحافظ عالنسل بنورثها لرجالة.
صرخت هي الاخرى بلا وعي:
  - و هي الرجالة بتلبس سلاسل زي دي؟ ده انتم معقدين والله العظيم.
  - لعلمك هي كانت اصلها من قرون بترجع لساحرة ست وده اللي هدخلى الغلط يكتمل لحد.دلوقت.
اغمضت عيناها بثقل و فتحتها مرة اخرى ترجع ذلك الكاذب لأخر حديث:
  - انجز
  - مسمعتيش ايجابيتها على فكره يا زينو يا حبيبتي... بتحققلك كل رغباتك زي ما امك اتسحرت في غضون ايام و اتجوزت ابوكي و كان ابوكي كل رغباته بتتحقق و كان في سلام و اخلاص في حياته لحد ما خان مامتك ساعتها السلسلة خرجت عن نسله فعلاً و هو خرج عن قوانينها و اتعاقب.
  - بس هو اداهالها يوم فرحهم.
  - بس فضلت بإسمه يا زينب و في بيته و مكنش بيخون عهد و قوانين ديموزيد.
ابتلعت غصه من حلقها و هي تحاول استيعاب حديثه، لا يمكن ان يكون صادق ولو أنها شعرت بذلك، سرعان ما اردفت:
  - بس لو ادتهالك هتقتل.
  - انا و انتي نسل واحد يا هبله، انا اسمي محمد نجيب عطوة و انتي زينب سليمان عطوة.
صمتت قليلا لا تعرف ما ينطقه السنتها حتى خاضت تلك المعركه و هي قاطبه لحاجبيها منغمسه في سؤالها:
  - فهمني اي القرابة اللي بينا بالظبط.
  - بصي.. ابن عم ابوكي اتجوز اخت ابوكي فخلفوني..
اخرجت ااقلادة من احدى جيوبها ووضعتها على رقبتها و هي تتحسسها بابتسامه:
  - بس انا اتعاهدت عهد مينفعش اخونه.
كان سؤاله فقط بحركة حاجبي لتجيب هي:
  - عاهدت نور امي الله يرحمها اني افك سحر السلسلة دي.
ودون ان يرمش له جفن خرج من المنزل دون كلمةٍ واحدة منه، شعرت بغرابة الامر لكنها تعاهدت بالفعل على تدميرها دون ذلك الاحمق، و تمنت لو لم تراه مرة اخرى.
***
ها قد جاءت مصر الحبيبة و ارض قلبها، لترجع اللعنات لأصلها، وتغوص بأناملها في اتربتها ليكون الهواء نقي متجهاً لقفصها الصدري حتى ظلت تسعل و تسعل، ثم قاطعتها العجوز قائلة:
  - انتي بقالك كتير برا يا بنتي؟
  - لا والله يا حجة انا بقالي اسبوعين بس.
  - هي دي مصر.
تركتها في دهشتها و ابتسامتها الساخره على ما قالت العجوز و اتجهت لمنزل والدتها و منزلها القديم حيث كان منهج طفولتها، وما أثار دهشتها في الاكثر هو وجود ذلك الرجل الشنيع الذي ادعى أنه احدى اقربائها في المنزل منتظرها عالاريكه يعبث ببعض من الورود المستلقاه على الطاوله بجانبه، ويضع سيجارته بين ابهامه و ووسطاه حيث ارتسمت شفتيه الابتسامه دون ان ينظر لها البتّه وقال في حيرة هدأت من نبراته:
  - نورتي بيتك يا زينب يا حبيبتي.
اثار غضبها، ولم يعتليها الغضب بقدر ما اعتلاها الدهشه كيف كان وصوله لمصر سريعاً عنها! ولكنها كانت جديرة بالموقف و هدأت من روعتها قائلة:
  - اطلع برا يا استاذ محمد حالا.
  - مش هطلع قبل ما اخد السلسله يا هربانه هانم.
  - بس دي ملكي وورثي
  - لا يا انسة زينب دي ورثي و ملكي.
ثم اكمل بسخريه:
  - تصدقي شئ مضحك اوي اننا قاعدين بنتخانق على ورث مجرد سلسله فالصو.
  - دايما الفالصو بتبقا قيمته المعنوية اغلى من الدهب، قيمة السلسله دي كبيرة اوي.
تنهد مقتربا منها بضع خطوات هادئه جعلت من الامر اكثر غموضاً:
  - انا كنت ساحر، ورثت الموضوع من اهلي و عاداتهم و تقاليدهم، زي ابوكي مثلا كان ساحر بردو بس صدقيني انا عاوز السلسله لغرض نبيل اوي.
اثار فضولها متسائلة:
  - اي هو النُبل؟
  - عايز انهي تاريخها يا زينب.
قالها بهمس و يأس ابدى عليه الجدية وليس كحديثه الساخر الغامض عادةً، فأجابته و هي تمد يدها في حقيبتها:
  - يبقا هدفنا واحد.
كاد ان يبتسم و هي بين يديها ولكن اختفت ابتسامته عندما امتنعت ان يأخذها من يديه قائلة بسخرية:
  - جرا اي يا بشمهندس فاكرني هبلة؟
ثم اكملت:
  - هبقا رفيقتك في مشوار ردمها.
  - بس مشوار طويل اوي.
  - قوانين ديموزيد هتسهلها عليا، لأن بعلن ملكيتي للسلسله لحد ما يبطل سحرها.
قهقه بخفه متقطعه اظهرت غضبه التي يمكث بداخله، شرارٌ احاط به و كادت هي ان تشتم رائحة الاحتراق الجمّ

وضع هو بضع الاوراق على الطاولة يتفحص احدى الكتب بجانبه وكأنها كتب تاريخيه، وسامته كمثل وسامة العائلة بأجمعها في اصولهم المصرية هبه اجمعت قمحاويتهم و ابتسامتهم المشرقة و دقة الحسن الذي امتاز بها البعض منهم، ولكن ما اجمع عليه الجميع هو السحر و ما خلفه وكان اول ما أصدرته زينب بعد توارد افكارها عن العائلة:
  - نعتبر دي اول رحلة لينا عشان نكون سوا ونتحد كعيلة لاننا الشخصين الوحيدين تقريبا اللي افكارنا اختلفت.
ارتسم على وجهه الابتسامه ثم قال بنظرات جانبيه متواردة بين الكتاب و زينب:
  -  في كل مرة لازم تتمسكي بحاجه واحدة بس.
  - اي هي؟
  - الصاروخ المنطلق اللي بعده، بصي عاللي جاي متقفيش دايما تفكري على اللي احنا فيه يا زينب ومتحطيش في دماغك النجاح بلةحطي الفل قبله.
صمتت قليلاً ثم اكمل:
  - عاوزة افاجئك.. ان ليها قانون رابع انا معرفوش و كتب السحر اللي بترجع لعيلتنا مش مذكور فيها اي هو لكن مذكور انهم اربع قوانين.
- طب ممكن أسالك سؤال.
ترك ما ييده قائلاً بتنهيدة:
- اتفضلي.
- بما انك فلحوس  اوي كدة هنعمل اي ولا هنبدأ منين؟
عض اسفل شفتيه بغيظ كاد ينفجر بداخله؛ كالأسد هو لا يعرف ان يفتك بفريسته لعدم حصوله على أنياب، لاحظت هي شروده و غيظه فأكملت:
- في اي؟
صرخ بوجهها قائلاً:
- الكتاب ده جاي نلعب بيه بزمتك؟
نهض مقترباً منها ثم ملّس على خصلاتها بإستفزاز متشدقاً بما سيثير غضبها:
- على قد ما انتي غبيه، قمر والله.
وكما توقع اثارة غضبها تماماً، صرخت في وجهه بما يميل عليها من تعبير لفظي خاطئ، فالتمثال يهتز اصر الصراخ بالوجه عن ذلك الحجر الذي امامها، لا يبالي بأية صرخات و شتائم جنونية او ختى ضربات متتاليه، ضرب هو بقوله لها:
- اظن بعد كل ده انتي مش محتجاني.
- مش محتاجاك امشي يا حيوان.
لملم اشيائه صم نظر لها بخبث قائلاً:
- كنت بفكر نبدأ بكرة للاسف و نروح للنسل اللي كان واخد السلسله دي قبلنا بس انتي مش عندك صبر، ومن غيري ولا حاجه.
عُلِم وتأكدت بأنه احمق وكاذب، فقالت له:
- مش كنت لسه بتقولي مفيش امل غير الكتاب ده يا زينب، وهنضيع يا زينب.
- بطلي اوڤر مقولتش كل دة.
ثم اكمل بنباهه مشيراً بسبابته كتحذير:
- اخر كلام؟ امشي!
هزت رأسها بإيماءة ثم اردفت سريعاً:
- اترزع و احترم نفسك بدل اقسم بالله...
- مش هتعملي حاجه.
***
مرّ الأيام و رحلتهم الاولى قد بدأت، لعنة البدايات لم تقف امامهم بات كل شئ يقيناً و نوراً امامهم، حتى وصلوا لإحدى القصور القديمه في "حلوان" و طرقوا الباب بخفة شعوراً بأنه اقترب على السقوط، سرعان ما ان فتحت لهم شابة الباب لطيفة و لذيذه قائلة بلهجة صعيديه:
- اؤمروا يا بهوات؟
نظر لرفيقته قائلاً بتردد:
- حاسس ان جينا عنوان غلط بس... سنيه الهارون موجوده؟
صمتت قليلاً ثم اردفت:
- بص يباشا ثانيه واحدة.
اغلقت الباب و بعد بضع دقائق فتحته بابتشامه بشوشه:
- اتفضلوا.
دلفوا معلقين انظارهم في جميع الزوايا القديمه، يعود ذلك القصر لا اقل من قرن ولا اكثر، صناعة اثاثه اقدم مما تصور، حتى وقع بعيناهم على عجوز بكرسيّ متحرك تنظر لهم بنظرات ثاقبه و امرتهم بالجلوس في إشارة من اصابع يدها، ولم يريد محمد ان يطول الصمت حتى قال بأدب:
- حضرتك اكيد سنيه هارون مش كدة؟
- اه..انا، بقالي كتير مجاليش ضيوف يا ترى جايين ليه!
اسقطت كوب القهوة بعدما نطقت زينب كلماتها "اللي جابنا قوانين ديموزيد" حيث العجوز اشارت لهم على باب المنزل:
- اخرجوا برا.
اردف محمد:
- احنا زي عيالك مش طالبين غير كام سؤال تساعدينا بيه.

"يتطلب الواقع فيه ان نتنازل عن ما هو لنا، حتى نمضي قدماً بسلام مع من نحب"

صرخت العجوز بوجهه وكأنها استردت صحتها كاملةً:
- انا قولت كلمتي، اخرجوا برا حالاً.
نهضت "زينب" من جلستها لتؤردف بهدوء:
- مدام سنية ، مش عاوزين نإذيكي ولا تإذينا مش عايزين غير تحكيلنا حكايتك و تشاركينا تاريخها.
نهضت بخوف و هي تشعل انظارها بها قائلة:
- و عرفتوا منين انها كانت معايا؟ انتم نسل عطوة؟
أشارت "زينب" بالإيجاب لتقول بحزن:
- امي وقعت ضحيه في ايد ابويا و هو من ملّاك ديموزيد، عاوزة مساعدتك و تحكيلنا لإننا عاوزين ننهي كل ده.
صمتت قليلا و هدأت من روعتها و جلست مره اخرى و اشارت للشابه التي تعتني بها أن تجلب لها مذكرات من ادراجها، و مع مرور دقائق مرت كالأعوام امسكت العجوز "سنية" المذكرة الصغيرة بيداها المرتعشتان و مدتها تجاه "زينب" و لم تتسم لها الفرصة بالامساك بها لأن ذلك الوغد امسك المذكرة من قبلها و بدأ يتعثر بين اوراقها بالحبر القديم ثم رمقها بهدوء قائلا كمثل رمقته:
- اي دة بقا؟!
- كل حاجه عرفتها انا عن الديموزيد فالمذكرة دي.
صمتوا جميعهم ليكسر حاجز الصمت زينب قائلة لهم بمرح :
- بس حابين نسمع من حضرتك.
زمجرت بضيق متابعة تلك العجوز:
- قدمت اللي عندي، شرفتوا.
نبرتها كفيلة بأن تطردهم دون ان تنطقها، سبابتها تشير الى الباب وكل ما عليهم هو اخذ تلك المذكرة القديمه الصغيرة و ترك ماضي العجوز سنية تسترجعه في بكاءٍ منها، لوّحوا هم بإيديهم لبعض مزمجرين بتنهيدة قوية و كان هو من بدأ بالحديث:
- هقراه و اجبهولك. انا اجرت اوضة كدة عالسطح حلوة اوي على بيوت عشوائيات عالنيل بعيدة عن الضجه و رخيصه، الله اعلم هنقعد قد اي.
هزت رأسها بإيماءة و تلك الرأس بداخلها ضبابٌ كثيف وكأن ما بداخل عقلها خِصمٌ لذاتها كالعراك هو يتحرك بمشاعرها، خاصةً ذلك المجهول الذي يجب ان تثق به الناجم عن حريق الماضي من ابويها، نظرت له وكأنها تودعه :
- هطلب اوبر و هروّح متنساش تخلص المذكرة بليل و تبعتهالي.
اومئ رأسه و تركته، و ذهبت لمنزلها بأعماقها المندثرة بها ولا تعلم اين هي حتى لتخلص نفسها  منها،  تركت العنان فقط لفراشها يكسوها الكوابيس و قطرات العرق تلتف حولها و هتفاتها من بين شفتيها بما هو غير معلوم لتستيقظ فجراً صارخه بإسم والدتها، ذلك هو الصراع الذي يحوم بداخلها ولا تعلم كيف تتخلص منه.
دلفت الى غرفة الطعام تبحث عن الماء في ضوء خافت ثم تذكرت كيف كانت والدتها تداوي ظمأها فجراً، وُلِدت وحيدة الاب لتخوض اسوء معاركها دون أم، دون أهل، واخيراً دون رجل..وقبل انا يكتمل تفكيرها بالرجل اتاها رنات من هاتفها فزعتها ليكون المتصل هو الوغد "محمد" قالت له بامتعاض:
- في حد يتصل الفجر يا جاهل.
- شكلك منمتيش.
قالها في سخريه منه متلاشياً الفاظها الرقيقه مثلها، تنعته بالجاهل! لم تقتدر على نعته بما هو اسوء! تلاشى ذلك فلا يخصه، واصدر ما كان يقصده:
- عامةً، طلعنا في كارثه.
- اتفضل.
قالتها بإمتعاض فأردف هو بهدوء:
- بنت الست سنية دي كانت حاولت تدمر قوانين ديموزيد، و انتحرت.
اتسعت مقلتيها لدقائق مبتلعه الغصه الموجودة بحلقها:
- بص يا محمد واضح اننا هنغير خطتنا.
- ونغيرها ليه ! كل حاجه موجودة بس اجيلك بكره و نتكلم.
- هفضل كل ده مستنيه؟
- نامي.
ايوجد حلٌ اخر؟؟
***
صباح اليوم التالي المستمر في رحلته الاولى فقط لديموزيد و قوانينها الذي يخضعون اليها، تنتظره امام منزلها ليستقلها بالتاكسي القادم ولكنه تقدم نحوها على قدميه دون عربة:
- اي دة جاي كدة ليه؟ مش قولت جاي بتاكسي من خمس دقايق فالتليفون.
تنهيدة صدرت من اعماقه مشيراً لمنزلها:
- نطلع البيت و افهمك.
- تطلع البيت فين يا خفه؟
قالتها بغضب ثم اكملت:
- قولتلي هنقعد في مكان عام مش هطلعك بيتي.
لقد سأم منها ومن اخلاقيتها الزائدة و لو تعلم هي ما في نواياه لقتلتله و قطعته إرباً للذئاب حلالاً بهم.
***
و في مكان عام بالقرب من منزلها و هو (الكافيه) متخذين زاويةٍ ما منه مبتعدة عن الجميع، وبعد أن ذهب النادل تنهد معطياً المذكرة القديمه لها الذي تعود للسيدة سنية العجوز صارحاً لها بجديه:
- بصي بقا يا ستي هي كانت ام الست دي و تقريباً هي عطفت معاكي لنفس السبب.
صمتت قليلاً تستجمع ما بعثره هو، تبحث عن ما تجده به و لكن لم تجد، سرعان ما اردفت بِهمةٍ:
- طب كمل.
- امها كانت بتحب راجل اسمه واجد زينهم، هنروحله هنعرف منه تفاصيل لإن هو ده اداها السلسلة بردو.
قال هذا و عيناه تزوغان بالخارج غير ناظرٌ لها وكأنه كاذب، لا تعلم ما هي سر نظراته، من ثم اكمل هو مقاطعاً لشرودها:
- هنروح الى واجد زينهم.

"ليست رحلات البحث و الانقاذ من قوانين ديموزيد فقط، بل يخوضوا رحلة اخرى يجهلوها هم"
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي