الفصل الثالث

بعد ذلك غادرت " ياسمين " و ذهبت الي مدرستها و في اثناء شرح المعلمه سألتها زميلتها التي تجلس بجانبها قائله :


- عملتي ايه مع مامتك ؟ قولتلها ؟



لتجيبها " ياسمين " قائله :


- اه قولتلها .



صديقتها قائله :


- اكيد صدقتك و طردته صح مش كده ؟



ثم صممت ياسمين و لم تستطع ان تنطق بكلمه ولا تحكي لها ما حدث و لم يكن بيدها شئ سوي ان تقول لها ان والدتها صدقتها و طردت زوجها بالفعل ، لانها كانت تستحي ان تخبرها بأن والدتها لا ترغب فيها و كان سهل عليا التفريط بأبنتها حتي تفوز بزوجها .



بعد الانتهاء من اليوم الدراسي " لياسمين " وبمجرد خروجها من المدرسه عادت عالفور الي دار الايتام و عندما دخلت الي غرفتها وجدت " عامله النظافه " تقول لها ان والدتها جلبت اليها حقيبه ، و عندما فتحتها وجدت ملابسها بالداخل وكل شئ خاص بها و بجانبهم ورقه تقول فيها " سامحيني " ثم تنفعل " ياسمين " عندما تري تلك الورق وتمزقها نصفين .



و في المساء اقترحت " مريم " علي " ياسمين " أن تأخذها معها لتقابل ذلك الشاب الذي تعرفت عليه في الصباح الشاب الثري الذي يسكن في الڤيلا التي تكون امام دار الايتام و " ياسمين " لم تكن تعرف اخلاق " مريم " جيدا و كانت علي فطرتها ، و لم تفهم انها ذاهبه لكي تقابل شاب و اصدقائه هي فقط اعتقدت انهم ذاهبون الي الحديقه بمفردهم فقط و بعد اقناع كثيراً من " مريم " لها اقتنعت " ياسمين " و ذهبت معها .



و لكن عندما علمت " سميره " لم تتقبل ذلك ابداً و سألت " بتول " الي اين ذهبوا ثم اخبرتها انها اصطحبتها معها الي الحديقه ثم لحقت بهم " سميره " و بصحبتها " بتول " لكي تنقذ " ياسمين " من تصرفات " مريم " الخاطئه التي تأتي اليهم بالمصائب دائماً ، و عندما ذهبوا الي هناك و جدو " مريم " برفقه " ياسمين " و معهم مجموعه الشباب الاغنياء اللذين كانوا يقفون امام دار الايتام في الصباح مع تلك البنات الاغنياء الاخريات و هم ينتظرون اتوبيس المدرسه الخاص ، لان جمعيهم اصدقاء وفي مدرسة واحده و لكن لا يدخل تلك المدرسه الا الاغنياء فقط .




و عندما رأوهم نشبت خناقات بين " سميره " و مريم و هؤلاء الشباب واشتباكات بالايدي من " سميره " حتي رأهم الشرطيون الذين كانوا يتجولون في ذلك الوقت ثم اخذوهم جمعيهم الي مركز الشرطه ، و اتصلوا بأولياء امورهم و كان معهم تلك الفتيات البريئه الذين ذهبوا معهم دون ان يعلموا و كل هذا من وراء رأس " مريم " و تصرفاتها الخاطئه .




و اتصلت الفتيات بالانسه فريده لكي تأني و تنقذهم و كانت والدت احد الشباب قد جائت الي مركز الشرطه و كانت تعمل مديره في تلك المدرسه التي يتعلم بها ابنها و اصدقائه ، و لكن لم يستطيعوا ان يعودوا الي منزلهم في نفس اليوم و في صباح اليوم التالي ذهبوا الي النيابه لكي تتم التحقيقات معهم ، لان الشباب اتهموا هؤلاء الفتيات البريئه بمحاولة سرقتهم لكي يخرجوا هم من تلك المصيبه و لا يتم حبسهم .



حتي علم بهذه المشكله الصحفيون الذين نشروا هذه المشكله في الجرائد و المجلات تحت عنوان اطفال الملجأ يحاولون سرقة الاغنياء ليصبح ذلك الموضوع حديث المدينه بأكملها ، و بعد مفاوضات كثيرة قرر الشباب ان يتنازلوا عن ذلك البلاغ المقدم بهم و لم يتنازلوا عن هذا البلاغ الا عندما هددهم صديقهم الذي كان معهم ان ضميره يأنبه من ظلم تلك الفتيات و ان لم يتنازلوا عن هذه القضيه سوف يعترف و يقول كل شئ ، و بعدما تنازلوا و خرجت الفتيات كانت بالفعل سمعتهم اصبحت سيئه أمام الجميع حتي المدرسه التي كانت يدرسون فيها عندما علمت بذلك الموضوع ، قامت بطردهم من المدرسه و عدم رجوعهم مره آخري .





و كذلك " والدة ياسمين " علمت كل شئ عندما عاد " جمال " زوجها من عمله ، و هو بيده المجله التي يوجد فيها صورة " ياسمين " و يصيح بصوته قائلاً :



- شوفتي ان كان معايا حق ؟ و قولتلك بنتك مش كويسه اتفرجي علي صورتها في الجرائد و المجلات و الفضيحه اللي عملتها لينا كلنا طلع ليها علاقه بشباب و كمان بتسرق .





هنا شعرت زوجته بصدمة كبيره و لم تستطع النطق بأي شئ و لم تصدق ذلك لانها تعلم جيدا اخلاق ابنتها و شعرت بحيره ، و لم تكن تعلم هل هذا الحديث صحيحاً ام لا و اذا كان صحيحاً يعني ذلك ان هذه هي اخلاقها و عندما اتهمت زوج امها تلك الاتهام كانت تكذب علي والدتها .




و كانت الفتيات الاغنياء بالطبع علموا بواقعة فتيات الملجأ و كانوا يشمتون بهم ويقولوا ان هذه اخلاقهم وان اسرتهم حذرتهم من التعامل معهم اذا رأهم في اي مره وهم أمام بوابة الملجأ ينتظرون اتوبيس المدرسه ، و لم يعلم احد ان كل هذا كان ظلم و افتراء و قع علي هذه الفتيات من الجميع ، وان ليس ذنب تلك الفتيات ان وجدوا علي هذه الدنيا دون أمٍ و أب لا احد يتحمل ما مروا به و عاشوه ليس ذنب " ياسمين " ان والدتها تخلت عنها لأجل زوجها ، و ان " سميره " و " بتول " و " مريم " تخلي عنهم والديهم وتركهم وهم قطعة لحم حمراء كل هذا ليس ذنبهم .





حتي نشأتهم في الملجأ لم تكن اختيارهم و لم يكونوا قابلين هذا الوضع ، و لكن هذا مصيرهم الذي حدده والديهم عندما قرروا التخلي عنهم .





و لكن " الانسه فريده " لم توافق علي شئ كهذا و حاولت مراراً و تكراراً و لكن هذا كان قرار المدرسه الأخير و عندما علمت ان والدة احد تلك الشباب مديره مدرسه ذهبت اليها لكي تساومها ، وتقول لها إن لم تقبل تلك الفتيات عندها في هذه المدرسه بعدما اتلفت سمعتهم بسبب الكذب و الاتهام السئ الذي اتهموه لتلك الفتيات سوف تذهب هي لجميع الصحف و المجلات وتخبرهم بالحقيقه الكامله .




و ان هؤلاء الشباب هم من كانوا يضايقون تلك الفتيات من معاكسات وكل شئ و انهم من طلبوا مقابلتهم في الحديقه ،، و لان هذه المديره كانت تخاف علي سمعة ابنها كثيراً و علي مظهرها امام المجتمع لانها سيده اعمال ولها مكانه مرموقه في المجتمع ، ، وافقت علي طلبها مضطره خوفاً من الفضيحه و ان الجميع يعرف انها ظلمت تلك الفتيات هي وابنها واصدقائه .





و في صباح اليوم التالي ذهبت جميع الفتيات الي هذه المدرسه الجديده بعدما حذرتهم " الانسه فريده " من ان يفعلوا اي مشكله في هذه المدرسه وان هذه المدرسه فرصة كبيره لهم يجب ان يستغلوها وان يتركوا الماضي ويلتفتوا الي المستقبل ، و عندما دخلوا من بوابة المدرسه كانت كل العيون تراقبهم و جميع الطلاب الاثرياء ينظرون اليهم وكأن النظرات سوف تخترقهم و كانوا ينظرون إليهم نظرة سخريه و استهزاء بهم و كانت فتيات الملجأ يتألمون كثيراً من تلك النظرات المليئه بالسخريه . .





و عندما ذهبوا الفصل الخاص بهم تجمعهم الصدفه بذلك الشباب الاغنياء الذين افتعلوا المشكله معهم مره اخري و كانت " جميله " و صديقتها " دنيا " معهم ايضاً في ذلك الفصل كانوا فتيات متكبرات للغايه و لا يتركون هؤلاء الفتيات بحالهم ابداً ، و كان الشر يملأ اعينهم منذ ان رأوهم يدخلون الي نفس المدرسه معهم و يتساون بهم و في أثناء الشرح أخرجت " جميله " هاتفها و أرسلت لجميع زملائها في الفصل صورة " سميره " و الشرطي ملقي القبض عليها وهو واضع الحديد في يدها ثم ترتفع أصوات ضحكاتهم و هم ينظرون إلي " سميره " بسخريه لتشعر " سميره " وأصدقائها بشيئاً غريب .



و لاحظت المعلمه ايضاً بشيئاً غريب و سألت الطالبات لماذا ينظرون الي هواتفهم حتي أخذت الهاتف من احداهن و رأت تلك الصوره و شعرت بالتوتر و نظرت للفتيات نظرة غير محبوبه وتلاحظ الفتيات ذلك ويخجلون و يشعرون بالظلم الذي وقع عليهم من الجميع .





و عند الانتهاء من الحصه قالت " جميله " إلي الفتيات اذهبوا فنحن لا نريدكم بيننا وتجيبها " سميرة " أن من حقها ان تتعلم وأن ذلك ليس من شأنها وان هذا المكان ليس ملكاً لهما وأنهم ذهبوا الي هذه المدرسه مجبرين و ليس من حبهم فيها لتكمل " دنيا " إهانه " جميله " للفتيات و تقول لهم اذهبوا ادرسوا في أحد الضواحي فإن عقولكم لا تستوعب سوي الفهم هناك .



ثم تنظر " جميله " إلي " سميرة " نظرة تقليل و احتقار و استهزاء قائله لها أمام الجميع :


- الجاكيت اللي انتي لابساه ده بتاعي انا اللي متبرعه بيه لدار الأيتام .

ثم ترتفع اصوات الهمسات و الضحكات و السخريه بين زملائها عندما يسمعوا هذه الكلمات و ينظروا الي " سميره " نظرات تقليل و استهزاء بها و هنا تشعر " جميله " بالانتصار عليها بإحراجها أمام زملائها ، لم تستطع التعبير عن الخزي التي كانت تراه من زملائها لم تستطع فعل اي شيئاً سوي أن تخلع ذلك السترة و ترمي بيها علي الأرض .





و عندما انتهوا من يومهم الدراسي و في طريق عودتهم إلي الملجأ ذهب خلفهم " يوسف " هذا الشاب الثري الوحيد الذي لم يوافق علي ما فعله اصدقائه مع هؤلاء الفتيات و كان لديه قلب و لم ينجرف معاهم في افعال السوء التي يفعلوها و هو من هدد أصدقائه بأنه سيعترف بكل شئ اذا لم يتنازلوا عن البلاغ الذي قدموه ضد الفتيات فذهب خلفهم لكي يخبر " ياسمين " بأنه ليس له ذنب فيما فعله اصدقائه معهم .



و لأنه كان معجباً كثيراً بها و لم يود أن تأخذ عنه صوره سيئه ليست فيه فذهب إليها لكي يشرح لها كل شئ و يعتذر منها عن ما حدث من شقيقته " دنيا " و زملائه و يطلب منها أن لا تحزن و لكن لم تصدقه " ياسمين " و غادرته و ذهبت .





و في مساء ذلك اليوم كانت " جميله " الفتاه الغنيه كانت تجلس مع والديها ليتناولوا العشاء و كان يبدو علي والدها الحزن و التوتر و الحيره ، ولم تستطع ان تفهمه هي ووالدتها و ظلوا يسألوه هل او بخير أم لا !؟ و لكن لم يستطع أن يجيب عليهم ثم تركهم وغادر الطاوله و ذهب إلي غرفته ثم شعرت زوجته بشيئاً مريب و ذهبت خلفه إلي الغرفة و كانت " جميله " ذهبت للنوم ، ووجدته زوجته في حالة إنهيار وهو ممسكاً بسلاحه ويريد ان يطلق النار علي نفسه ، و يبكي مثل الاطفال و كانت الدموع تزداد غزاره كلما سألته زوجته ما به ثم خرجت عن صمته و قال لها أنه قد اتنهي و لكن لم تستطع فهمه وسألته ماذا يقصد بأنه قد انتهي ! فأجابها بأن عمله انتهي وماله وكيانه و كل ما يملك .






ثم طلبت منه أن يعطيها ذلك السلاح وبعدها سيجدوا حلاً ويفكروا في كل شئ ويحلوه سوياً قال لها أن غداً سوف يتم إعلان افلاسه و الدائنون سوف يطرقون بابه واحدا يتلو الآخر و ربما يتم حبسه ثم طلبت منه أن يترك السلاح وتحاول تهدئته وتقول له أنهم سيجدوا حلاً ولكن أخبرها أنه لم يعد التحمل وظل يصيح عالياً ويقول أنه لم يستطع التحمل وفجأه رفع السلاح بالقرب من رأسه لكي يطلق النار علي رأسه و لكنها حاولت تمنعه بكل قوتها وهي تصرخ وتظل تأخذ منه السلاح بالقوه ، وهو ممسكاً به ولا يريد ان يتركه ابداً حتي خرجت رصاصه بالخطأ من ذلك السلاح ليكون مصيرها هو جسد زوجته ليلقي بحياتها في ذلك اللحظه وتلقي مصرعها في الحال .





و شعر حينها بالانهيار وظل يصرخ و ينادي عليها ويبكي و لم يفهم كيف فعل هذا و كيف خرجت تلك الرصاصه ودخلت جسدها وظل يصرخ عالياً حتي فاقت " جميله " من نومها علي صوت والدها و هو يصرخ عالياً وتذهب مسرعه نحوهم لتجد والدتها ملقيه علي الارض غارقه في دمها و بجانبها والدها ينادي عليها ويحاول انقاذها و هو يبكي لتجري مسرعه نحوهم وهي تبكي وتصرخ وتقول له ماذا فعلت وتصرخ أمي أمي استيقظي و فتحي عيناكي ، و فجأة يقوم والدها ويطلق النار علي رأسه هو الآخر لانه يري أن حياته قد انتهت بالفعل خاصة بعدما قتل زوجته لتدخل " جميله " في حاله من الانهيار و يزداد صراخها أكثر فأكثر و لم تعرف ماذا تفعل و علي من تبكي ! علي والدتها التي فارق الحياه علي يد والدها أم علي والدها الذي أطلق النار علي نفسه أمامها .






وفي صباح اليوم التالي ذهبت " جميله " لكي يُدفن والدها ووالدتها وهي لم تشعر بنفسها و لم تكف عن الصراخ و الانهيار خاصة أن ليس لديها أحداً غيرهم ، ولا يوجد لها أشقاء لم يكن لها أحد غير والدها ووالدتها والشرطه احتجزت جميع املاكهم و الڤيلا التي كانت تعيش بها و لم يتبقي لها أي شئ .
يُتبع . ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي