الفصل الأول

في احدى المنازل البسيطة، جلست الأخت الصُغرى  على احد الارائك المجاورة لشقيقتها، وهي تثرثر بكُل ما يخص دراستها.

رأت شقيقتها الكُبرى ذاك الشغف الذي يلمع بأعين صغيرتها تجاه دراستها، فَـ بالرغم من ظروف معيشتهم إلا أنها دائمًا ما كانت تفعل كُل ما بوسعها؛ كي لا تكسر قلب شقيقتها الصُغرى وحُلمها في إكمال تعليمها.

هتفت الصغيرة التي لا يتعدى عمرها الخمسة عشر عامًا قائلة بسعادة ظهرت من نبرة صوتها:

-انظري، لقد حصلت على علامة كاملة في امتحان الرياضيات، وأعطاني معلمي هذه الهدية، وأيصًا أخبرني أنني اذا حصلت على العلامة الكاملة في اختبار النهائيات القادم سيعطيني هدية أكبر.

نظرت لها الأخرى بسعادة لا تقل عن سعادتها لتعانقها بحنان قائلة:

-احسنتِ يا صغيرتي، أنا فخورة بكِ حقًا يا "ليلى" ، أعلم أنكِ جيدة في كُل ما يخص دراستك لذلك أنا اعدكِ اذا حصلتي على العلامة النهائية في الاختبار القادم سأعطيكِ أنا ايضًا هدية، إنها صغيرة ولكن اثق بأنها ستنال اعجابك.

ابتعدت "ليلى" عنها قليلًا مترددة بأعين تلمع باللهفة والسعادة في نفس ذات الوقت:

-حقًا يا "ليليانا"؟

 
اومات لها "ليليانا"  برأسها تؤكد على حديثها، لتقول وهي تبعث بشعر شقيقتها بمرح:

-اجل يا صغيرتي، بكل تأكيد ان شاء الله.

اكملت حديثها وهي تقبَّل وجنتي شقيقتها:

-هيا هيا، عليكِ بالذهاب إلى النوم في الحال، غدًا يوم عطلتكِ الدراسية، أريدك أن تأخذي كُل وقتك في النوم.

كانت" ليلى" منذ عدة دقائق قليلة تقوم بتجهيز جدول يومها غدًا في يوم عطلتها، فَـ هذا اليوم بالنسبة لها مميز؛ لأنها ستكون فارغة وستبيع أكثر من المعتادة غير الايام التي عندما يكون لديها دراسة.

دعت ربها بداخلها أن يرزقها غدًا وتبيع بكمية جيدة؛  كي تستطع شقيقتها أن تشتري لهم بعض الطعام فَـ قد أوشك الطعام الذي لديهم بالمنزل أن ينفذ.

توجهت "ليليانا"  حيث غرفة والدتها لتطمئن عليها بعدما ذهبت شقيقتها الصغرى إلى النوم.

فتحت الباب بخفوت كي لا تزعج والدتها في النوم، نظرت لها بإبتسامة ممتنة لوجودها معهم إلى الآن، تحملت من أجلهم العديد من الأشياء ومنها مرارة الأيام، سعت كثيرًا من أجل اطعامهم وتربيتهم تربية نظيفه صالحة.

تحملت اشياء عده من أجلهم رغم مرضها ولكن دائمًا ما كانت تهتم بابنتيها الإثنتين ولا تهتم بنفسها، وها قد أتى الوقت ليردوا لها هذا الجميل.

تعلم أن مهما فعلت ومهما اعتنت بوالدتها فهي ايضًا لم تستطع رد ذرة واحدة من جميل والدتهم التي اضحت بعمرها من أجل اسعادهم.

رددت "ليليانا" بأعين تلمع بالدموع وهي تمسح على وجه والدتها بحنان:

-حقًا تبقى أمي الأجمل والأروع والأعظم بينهم.

تسطحت بجوار والدتها، بعدما تركت شقيقتها بالغرفة الثانية.

شعرت والدتها بوجودها لتبتسم ابتسامة بدى عليها التعب، ولكن عانقت ابنتها بحنان أموي ليس له مثيل.

في تلك الاثناء ظهرت الابنة الصغرى مدللتهم مكتفة يديها أمام صدرها بعبوس هاتفة:

-كيف لكم ان تناموا سويًا وتتركوني بمفردي؟ افسحوا لي سأنام بجانبكم.

قالت آخر جملتها وهي تتوجه نحو الفراش بخطوات سريعة لتقفز عليه بقوة مما أدى لتأوه والدتها لتنظر لها بأسف ثم تسطحت على الجهة اليسرى و "ليليانا" على الجهة اليمنى والأم محاصرة بين الإثنتين.

"في صباح اليوم التالي"

تحلق الطيور في السماء فاردة اجنحتها بحُرية، يوم مليء بالمواقف والاحاديث التي تستعد لها تلك الصغيرة "ليلى".

فتحت "ليلى"  نافذة غرفتها تتأمل أشكال الطيور وصوت العصافير المغرد، لتظهر على ثغرها ابتسامة سعيدة مغلفة بالأمل بأن اليوم أجمل بإذن الله.

قامت بترتيب غرفتها المشتركه بينها وبين شقيقتها، لتجهز نفسها بعدها ثم من خرجت الى الخارج، لترى شقيقتها كالمعتاد قد انتهت من صنع طعام الإفطار لهم.

اقتربت "ليلى" من "ليليانا" لتقبَّل وجنتيها لتقول الأخرى بحنان:

-صباح الخير  ياصديقتي الصغيرة.

-صباح الخير ليليانا، دائمًا تسبقيني في الاستيقاظ، هذا ليس عدلًا.
قالتها ليلى بغيظ مضحك.

ضحكت "ليليانا" بعدم فائدة من تغير شقيقتها، فَـ هذا المعتاد حديث كل يوم، مسحت على شعرها بمرح قائلة:

-هذا واجبي ياحلوتي؛ لأجهز لكِ الطعام، فَـ انتِ تملكين يوم طويل من العمل الشاق، لذلك أنا اجهز لكِ الطعام ليمدك من الطاقة، فهمتي يا صغيرة؟

اومأت لها "ليلى" بمعنى نعم، لتنظر نحو غرفة والدتها هاتفة:

-كيف هو حال امي اليوم؟.

تنهدت "ليليانا" بحزن قبل أن تجيبها قائلة:
-أفضل من ذي قبل، لديها مشكلة في التنفس ايضًا كانت بالأمس تتنفس بشبه صعوبة، تخشى أن تمرض مرة أخرى "ليلى".

-لا تقلقي اختي، ألا تتذكري الطبيب قد أخبرنا بأنها ستواجه تلك النوبه كثيرًا.

اكملت وهي تذهب نحو غرفة والدتها:
-سأذهب واوقظها؛ كي تأكل معنا حسنًا؟.

وبعد عدة دقائق، خرجت "ليلى" ممسكه بيدي والدتها تساندها، لتتوجه نحوهم "ليليانا" كي تساعد والدتها هي ايضًا، قائلة ببسمة رقيقة:

-لقد حضّرت لكِ "البيض المقلي" على الطريقة التي تُحبينها أمي.

ربتت والدتها التي تُدعى "ناريمان" على ظهر ابنتها وهي تجيبها:

-سلمت اناملك يا عزيزتي.

جلسوا الثلاثة على مائدة الطعام لتبدأ "ليليانا" بوضع الطعام على صحن كُلا منهما، ثم من شرعوا في تناول طعام الإفطار بعد التسمية.

مضغت" ليلى" الطعام الذي بفمها هاتفه بمرح:
-اراكِ اليوم كَـ السوبر مان.

نظرت لها "ناريمان" بطرف عينيها هاتفة بتعجب مصطنع:

-ستقابلين سوبر مان يا ابنتي؟

ضحكت "ليلى" بأعلى صوتها مشاركة إياها شقيقتها الضحك ايضًا، لتجيبها وهي تغمز لها بطرف عينيها:

-بل انتِ يا ناري سوبر مان خاصتي، تعلمين عندما كنا نشاهد فيلم سوبر مان كان يجب عليهم أن يضعوكِ بدلًا منه، فَـ انتِ يا أمي أجمل بطلة رأتها عيني على الإطلاق.

ضحكت "ناريمان" بخفة محيبة إياها:

-وانتِ أجمل ابنة رأتها عيني.

نظرت لهم "ليليانا" بحنق ممتزج بالتذمر قائلة:

-وأنا ابنة السيد السيء ام ماذا؟

ضحكت "ليلى"  ووالدتها على حديث "ليليانا" لتجيبها بحب كبير:

-لا، بل انتِ حبيبة روحي.

نهضت" ليلى" عن مقعدها متجه حيث المرحاض لتغتسل بعدما أنهت تناول طعامها، ثم من توجهت ناحية والدتها تُقبَّل يدي والدتها وبعدها وجنتيها الإثنين.

وقبَّلت ايضًا وجنتي شقيقتها، ثم أمسكت بحقيبتها قائلة:

-سأذهب إلى العمل الآن، وداعًا "ناري" حبيبتي وداعًا "لولو".

خرجت" ليلى" من المنزل، لتتمسك بالعربة الفارغة فَـ ستذهب أولًا حيث "قطعة الأرض الزراعية"  خاصتهم.

التي كانت تشرف والدتهم عليها وتهتم بزرعها بخضرة "الجرجير" قبل مرضها ثم يبيعونها في الماتجر الخاص بِـ بيع الخضرة.

ستقوم بتقطيع بعض من روزيمات "الجرجير" اولًا ثم بعدها تتوجه إلى الماتجر لتقوم بِـ بيعهم.

-مرحبًا يا رفاق، ها أنا قد أتيت، اشتقت لكم جميعًا.

قالتها "ليلى" بصراخ مرح، وهي تجر العربة خاصتها حيث مكانها المعروف، بعدما ملئتها بخضرة "الجرجير".

فَـ هذا الماتجر مخصص لبيع الخضروات بجميع انواعها، ومنهم الفقير والغني.

الفقير ذاك الذي لا يوجد لديه أنواع عده من الخضروات ليقوم ببيعها، فقط لديه نوع واحد أو اثنين لا أكثر، مثل "ليلى"

فهي تعتبر من بينهم فقيرة؛ لأنها لا تملك  إلا نوعًا واحدًا وهو "الجرجير".

أما عن الغني فهو الذي يملك اكثر من ثلاثة انواع من الخضروات فما فوق.

وأيضًا في ذاك الماتجر يوجد نظام لا أحد يستطع ان يتخطاه، النظام هُنا في الماتجر هو أن كل بائِعٍ لديه مكانه المخصص ليبيع فيه.

ولا يصح لأحدٍ منهم أن يتعدى على مكان الآخر، كُلهم سواسية ولا فرق بينهم ولكن لكُلٌ منهم زبائنه الخاصة.

-مرحبًا بِـ "صغيرتُنا"، اشتقنا لثرثرتك يا فتاة.

قالُها أحد الأشخاص من خلف "ليلى" وهو يضربها بخفة أعلى عنقها.

تناولت "ليلى" النقود من تلك المرأة التي اشترت منها ثلاث رُزمات من الجرجير.

لتشكرها الأخرى بإبتسامة لطيفة، ثم من وجهت انظارها الحارقه لذاك الذي سار ووقف أمام ناظريها، وهو يضحك على تعابيرها الحانقه كالمُعتاد، لتهتف له بغيظٍ:

-اظن يديك تطاولت كثيرًا في تلك الفترة "أرغد"، وقريبًا سأقوم بكسرها.

ارتفعت صوت ضحكات ذاك الذي يُدعى "أرغد" ليجيب إياها قائلًا:

-ما كُل تلك الغيبة يا فتاة، لقد افتدت ثرثرتك وإزعاجُكِ لنا كثيرًا.

لم تنصدم من وقاحته بل ظهرت على ثغرها ابتسامة متسعة، وكأنها معتادة على هذا حديث، لتردف بنبرة مرحة:

-يا رجل عيبٌ عليك، كيف تتحدث هكذا وأنت موجودٍ؟

-ذات يوم سأجعلك دون لسانًا، وأريني كيف ستتواقحي عليّ مرة أخرى يا "ليلى".
قالها بتهديد مرح وهو يرمقها بنظرات حانقه.

اقتربت منه "ليلى" لتعانقه بمرح ليبادلها هو العناق بحب أخوي ماسحًا على رأسها بحنان كبير.

ثم قالت "ليلى" بجدية مضحكة:

-يا رجل ألم يخبرك أحد من قبل إنك كاذب؟

ابعدها عنه قليلًا وهو ينظر لها بعدم فهم، قائلا:

-لا، لِمَ؟

ابتسمت باستفزاز مجيبة إياه بكل بساطة:
-فقط لأنك تكذب و تُخبرني إنك اشتقت إليَّ، كيف وأنا يوميًا تقريبًا أكون بين ناظريك، ستُأنِس العم أبو لهب في جهنم يارجل.

-هل هكذا أصبح الأمر، حسنًا إن كنت كذلك سوف أكثر من الكذب لكن؛ لا تقلقي فأنا أشتاق لكِ على أية حال أيتها المشاكسة.

"وبعد فترة ليست بقصيرة"

انتهت "ليلى" من عملها وكانت تسير إلى المنزل وهي تجر عربة الخضراوات الفارغة،  بعدما قامت ببيع كل ما كان لديها.

ابتسامة متسعة سعيدة تُنير وجهها الطفولي، شاكره ربها بداخلها على لُطفه وكرمه.

وقفت أمام ماتجر بيع التسالي لتقوم بشراء بعض التسالي لها ولشقيقتها، وهي في طريقها للعودة قابلت معلمتها التي تقطن بنفس منطقتهم.

ألقت عليها التحيه بنفس ابتسامتها التي لم تفارق وجهها طوال الطريق، لتبادلها الأخرى الإبتسامة وهي تقول:

-كيف حالك ابنتي؟

صافحتها "ليلى" بودٍ مجيبه إياها:
-بخير والحمدلله معلمتي.

ظهرت علامات التردد على وجه المُعلمة وكأنها تود بقول شيء ولكن مُحرجة، لتنظر لها "ليلى" بمعنى (ماذا يوجد).

هتفت المُعلمة بعد صمتٍ دام لعدة ثواني:
-حبيبتي "ليلى" اعلم أنه ليس الوقت المناسب ولا بهواكِ أن تفعلي ذلك.

لكن أنا كُنت في الأمس أجمع كشوفات المصروفات الدراسية، ووجدت إنكِ لم تدفعي مصروفات العام الماضي ولا هذا العام،

أكملت بتردد وبعض الحزن لحالها:

-وانتِ تعلمي أن هذا العام ايضًا أوشك على الانتهاء، وإذا علم أحد بالمدرسة سيقوم بفصلك.

زفرت بقوة وهي تنظر لها:

-لقد تعمدت أن أقول لكِ قبل أن يفوت الآوان وينكشف امركِ، وأنا لا أريد أن يسبب لكِ احد احراجٍ بالمدرسة أمام زملائُكِ، لذلك لا تزعجي نفسكِ وحاولي أن تجمعي النقود في أسرع وقتٍ كان، حسنًا عزيزتي؟

بالكاد رسمت بسمة على ثغرها جاهدت بأن تجعلها طبيعية، الدموع تلمع في عينيها لا تعرف بماذا تجيبها فهي حقًا تشعر بالحرج الشديد.

جاهدت على أن تخرج صوتها طبيعيًا كي لا تجعل مُعلمتها تشعر بشيء:

-حسنًا معلمتي، أنا اشكرك كثيرًا على تصرفك النبيل هذا، وأعدكِ في أقرب وقت سأقوم بدفع كل المصاريف.

ذهبت المعلمة لتترك "ليلى" تقف محلها بحزن، تفكر في حلًا ليخرجها من ذاك المأزق، ماذا عليها أن تفعل الآن؟

النقود التي قامت بجمعها اليوم كانت للبيت حتى تستطع شقيقتها أن تقوم بشراء بعض الطعام لهم وما يلزم البيت ايضًا، كيف ستخبر شقيقتها بذالك، حقًا لم يكن هذا الأمر في الحسبان.

عادت" ليلى" إلى المنزل لتضع العربة بأحد الجوانب في المنزل ثم توجهت ناحية شقيقتها، لتراها تقوم بفعل هوايتها المُفضلة وهي صنع "السجاد الصغير بالقش الأصفر".

ابتسمت بسعادة لتتوجه إليها بخطوات سريعة وهي تقول:

-ليليانا، انظري ماذا جلبت لكِ، حلوى النعنع التي تحبينها.

ابتسمت "ليليانا" بسعادة وهي تتناول منها "كيس الحلوى" لتشركها ثم تبدأ بأكلها بنهمٍ وكأنها لم تأكلها منذ زمن.

ضحكت "ليلى" على تصرفات شقيقتها لتقول بمرح:

-يا فتاة من يراكِ هكذا يظن بأنكِ محرومة منها، ولا يصدق بأنكِ تأكلينها يومًا تقريبًا، لا أعرف كيف تحبينها طعمها سيء للغاية.

نظرت لها "ليليانا" بغيظٍ ممتزج بالحنق قائلة:

-اصمتِ، أنا لم أرى جمالًا بعدها حقًا، ها تجعلكِ تشعرين بالانتعاش، رائعة، رائعة.

اجابتها "ليلي" بسخرية:

-لا أظن أن يوجد شعور بالانتعاش أجمل من شعورك  بالأنتعاشي بعد خروجك من الاستحمام، هه شعورٍ ليس في جماله مثيل.

جلست "ليلى" بجانب شقيقتها وسريعًا ما يطفو الحُزن على وجهها لتقول بنبرة حزينة ايضًا:

-ليليانا.

نظرت لها ليليانا باهتمام، لترى تلك الدموع التي تلمع بعينيها تأبى الهطول، وبسرعة كانت قد ألقت ما بيديها لتحيط بيديها وجه شقيقتها بقلقٍ  من أن يكون أصابها مكروه أو احدٍ قام بإزعاجها في العمل، لتهتف بلهفة:

-حبيبتي لولو، ما بكِ، لِمَ البُكاء يا صغيرتي؟

ارتفع صوت شهقات "ليلى" لتعانقها "ليليانا" بحزن وهي تمسح على ظهرها علها تهدأ.

هتفت "ليلى" ببكاء وهي تشدد من عناق شقيقتها:
-ليليانا، أنا لم ادفع مصروفات المدرسة منذ عامين، سيقومون بفصلي اذا لما ادفعها، أنا لا اريدهم أن يفصلوني "ليليانا".

بدأت دموعها بالنزول بغصة:

-أنا وعدت أمي بأنني سأفعل كُل ما بوسعي؛ لكِ اجتهد في دراستي وأعمل وأحصل على نقود.

-اهدأي اهدأي عزيزتي، لا داعي للبكُاء، كُفي عن البُكاء  "ليلي" ستستمع أمي لصوت بكاءك وتقلق اهدأي حبيبتي.

نظرت لها بتوجس وخوف كبير من فصلها:

-ماذا سأفعل "ليليانا"؟

ابتسمت لها "ليليانا" باطمئنان هاتفة بهدوء:

-أنا معي بعض النقود ربحتها من بيع "السجاد" وأيضًا تلك جارتُنا ليّ عندُها ثمن سجادتين سأخذهم منها، ونخبر أمي هي تستطع أن تساعدنا ان شاء الله، لا تقلقي عزيزتي سأفعل كل ما بوسعي لكِ ندبرهم.

هتفت ليلى باختناق والدموع تسيل على وجنتيها:

-وكيف سندبر "ليليانا" خمس مئة جُنيهًا؟ لا لا تخبري أمي ستحزن وهي مريضة الآن.

ابتسمت لها شقيقتها باطمئنان وهي تقول:

-ستدبر من عند الله يا صغيرة لا تقلقي، فقط عليكِ بالدعاء، و.. آآ

قاطعت "ناريمان" حديثها بعدما استمعت لأخر حديثهم الذي لم تفهم منه شيء ولكن كانت متأكدة بأنه يوجد خطب ما بأبنائها، لتهتف بتساؤل:

-بماذا لا تُريدها أن لا تخبرني "ليلى"؟

استداروا الإثنين برؤسِهم حيث مصدر الصوت، ليجدوا والدتهم تقف على باب غرفتها.

ابتلعت "ليلى"  تلك الغصة التي تشكلت بحلقها، ثم من اجابتها بإبتسامة مصطنعة بعدما قامت سريعًا بمسح دموعها العالقه بعينيها:

-أمي! لا يوجد شيء، كنت أخبر "ليليانا" بأنني بعت اليوم كل ما أملك من "جرجير".


ومن فرط سعادتها بذلك كانت تود اخبارك، ولكن أنا كنت أخبرها بأنها لا تخبرك، فَـ أنا كنت أريد أن اخبركِ بنفسي.


نظرت "ناريمان" نحو "ليليانا" التي لم ترفع انظارها عن الأرض، لتقول الأخرى بجدية كبيرة:

-اخبريني انتِ" ليليانا" بالحقيقة الكاملة دون كذب.

هتفت" ليلى" بتوتر خوفًا من أن تكشف والدتهم كذبتها، فَـ "ليليانا" لا تعرف أن تكذب أبدًا وتُكشف من نظراتها وبكل تأكيد اذا رأتها والدتهم ستفصح بكل شيء.

-أمي، منذ قليل اخبرتكِ أنا.


قالت "نريمان" بصرامة وحزم:

-قولتُ "ليليانا"، تحدثي ليليانا ماذا تخفون عني؟

ابتلعت تلك الغصة التي تشكلت بحلقها لتقول ذون اانظر لوالدتها:

-أمي،" ليلى" لم تسدد مصاريف المدرسة منذ عامين.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي