الفصل الثاني

-أمي،" ليلى" لم تسدد مصاريف المدرسة منذ عامين، وإذا علموا في المدرسة لن يسمحوا لها بالدخول إلا بعد أن تسدد ما عليها.

هتفت "ليليانا" بتلك الكلمات بنبرة يغلفها التوتر والخوف من القادم.

ولكن توسعت حدقتيها بزهول هي وشقيقتها بعدما استمتعوا لقول والدتهم الحنون:

-كل هذا الخوف على هذا السبب؟

اكملت وهي تنظر لأبنتها "ليلى" بإبتسامة مطمئنة:

-لا تقلقي عزيزتي، سنسدد كُل المصروفات الآن.

هتفت "ليلى" متسائلة بحيره:

-ولكن كيف يا أمي، النقود التي معنا لن تُكفي.

نهضت "ناريمان" عن مقعدها لتنطر لأبنتيها بإبتسامة حنونه، ثم هتفت وهي تسير ناحية غرفتها:
-هيَّا تحركوا معيّ.

قوست "ليليانا" حاجبيها بعدم فهم لتتساؤل بتعجب:

-إلى أين يا أمي؟

اجابتها "ناريمان" بنبرة مرحه يشوبها القليل من التعب:

-تحركيّ بصمتٍ يا فتاة، سأُرضي فضولك ولكن عليكِ بالصبر قليلًا.

ابتسمت كُلًا من "ليليانا و وليلى" بحب لوالدتهم، ثم ساروا خلفها حيث غرفة والدتهم، ليروها تتوجه ناحية الخزانه خاصتها، ثم من أخرجت منها صندوق من الخشب صغير الحجم.

اقتربوا منها الفتاتين بتعجبٍ ظهر على ملامحهم المتسائلة، لتهتف "ناريمان" وهي تنظر للصندوق الذي بين يديها:

-هذا الصندوق اعطتني إياه "حماتي" والدة اباكم، وأخبرتني أن يجب عليّ الاحتفاظ بما في داخله لريثما انجب أبناء، وأعطي لزوجاتهم ما بداخله مثلما فعلت هي معيّ.

اشاروا لها بأعينهم على أن تكمل لترضي الأخرى فضولهم في معرفة التكملة:

-ولم يرزقني الله بِأولادٍ، ورزقُني بفتياتٍ أجمل من الجمالِ، فَـ قررت بأنني سأقسم ما بداخله بينكم انتم الإثنين.

انهت حديثها وهي تقوم بفتح الصندوق بهدوء شديد، ثم أخرجت منه "سلسالين" من الذهب و "خاتم".

تمسكوا بهم الأبنتين بأعين تلمع بالإعجاب الشديد، لتهتف "ليليانا":

-أمي، يالهم من جمال، نحن لم نراهم من قبل، لِمَ كُنتِ تُخفيهم عنا؟

اكملت عنها شقيقتها "ليلى" بنبرة ظهر عليها الانبهار:

-حقًا هم أكثر من روعة.

ابتسمت "ناريمان" بحنان لتقول موجه حديثها إلى "ليليانا" :

-لم اخفيهم عنكم يا حبيبتي، فقط لم أرى مناسبة لأخرجهم، وها حان الوقت لنستفاد منهم.

تسائلت "ليلى" بترقبٍ لما ستقول والدتها:

-وكيف سنستفاد منهم امي؟

ربتت "ناريمان" أعلى كتف "ليلى" مجيبة إياها بحب:

-سنذهب الي متجر الذهب ثم نبيع القطعتين، ونترك الثالثة لربما يحدث شيء، لا نعلم ماذا يُخفي لنا غدًا.

هتفت "ليليانا" بحماس وهي تصفق بيديها:

فكرة جيده أمي، هيَّا لنذهب في الفور.

ضحكت "ناريمان" على تصرفات ابنتها الطفولية وكأنها ليست بفتاة في عقدُها العشرون، لتهتف من بين ضحكاتها:

-اذهبوا؛ لتبدلوا ملابسكم وأنا ايضًا ثم نذهب بعدها.

حركت "ليلى" رأسها برفضٍ قاطع، وهي تقول بنبرة جاهدت لجعلها طبيعية لا يظهر عليها حزنها:

-لا أمي، لن تفعلي ذلك، لقد اهدتكِ "جدتنا" هذه القطع الذهبية وأنا لن اسمح لكِ بالتفريط بها أبدًا، بل عليكِ بالاحتفاظِ بها أمي.

هتفت "ليليانا" بجدية:

-لا يوجد شيء أهم من مستقبلك"ليلى"، أخبريني إذن كيف تريدين أن تعملي وأنتِ لن تكملي دراستك؟

هذه القطع الذهبية نستطع أن نعوضها فى اى وقت عزيزتي ولكن دراستك لا نستطع ان نعوضها، اجتهدي لتدخلي جامعة عاليه ثم من تجلبين غير هذه القطع بل أجمل منها ايضًا.

أكدت "ناريمان" على حديث ابنتها "ليليانا" لتقول بعدها:

-هيَّا اذهبوا لتتجهزوا سريعًا كي نذهب للمتجر، التأخر ليس في صالحنا.

اقتربت "ليلى" من والدتها لتعانقها بقوة والدموع اغروقت وجنتيها، لتقترب ايضًا "ليليانا" منهم ثم تعانق الإثنين بشدة ممتزجة بالحب الذي لو هبط على مدينة لأغرقها بأكملها.

هتفت "ليلى" بدموع وهي تشدد من عناق والدتها:

-أنا أحبك كثيرًا يا أمي، اعدكِ عندما انتهي من دراستي سأجلب لكِ ثلاث قطع وليس قطعتين.

حاوطت "ناريمان" بيديها الإثنين أبنائها لتقبَّل بعدها أعلى رأس كُلٌ منهما، داعية الله بداخلها أن يحفظهم لها من كل مكروهٍ.

ابتعدت "ليليانا" عن والدتها قليلًا لتهتف متسائلة:

-هل ستستطيعي أن تذهبي معنا إلى المتجر يا أمي؟

اكملت عنها "ليلى" بقلق من أن تمرض مرة أخرى بعد خروجها وخاصة أنها لا تتحمل الحركة الكثيرة:

-اجلسي انتِ يا أمي بالمنزل، وأنا و "ليليانا" سنذهب سريعًا ونعود؛ كي لا تمرضي.

حركت "ناريمان" رأسها برفضٍ لترسم ابتسامة خافته على ثغرها مجيبة إياهم:

-لا تقلقوا يا أحبابي لن يحدث شيء أن شاء الله، اذهبوا هيَّا لا نريد أن نتأخر أكثر.

اومأوا لها بطاعة ليخرجوا من الغرفة متجهين نحو غرفتهم، ليقومون بتبديل ملابسهم بأخرة تناسب الخروج، وفعلت "ناريمان" المثل.

"على الجهة الثانية، بمنزل أرغد"

نثر "البذور" بداخل القفص المتواجد بداخله "العصافير"، لتظهر على ثغرة ابتسامة متسعة عند رؤيته لتلك "البيضه" الموجوده في أحد الجوانب، ليهتف بحماس:

-ما بقى إلا القليلِ يا عزيزتي "البيضه" وتُنيري القفص وأخوتك ووالديكِ أيضًا.

مسح على البيضه بحنان مضحك، ليغلق القفص بعدما قام بتقبيل كل العصافير كالمُعتاد.

أتت من خلفة شقيقته تُدعى "توليب" التي في مقتبل العشرون، اقترب منه بيأسٍ وهي تقول بمرحها المُعتاد:

-لن تتغير أبدًا، وصل بكَ الجنون تقبَّل "عصافيرك" "أرغد"؟ يا رجل اخبرتك مرارًا بأنك إذا أردت أن تقبَّل أحدًا تعالى ليّ أقسم أنني لن امنعك أبدًا.

ضربها "أرغد" أعلى رأسها بغيظٍ، ليجيبها باستفزاز وهو يغلق نافذة القفص الصغير:

-يا فتاة، وأنا عندما أفكر أن اقبَّل احدًا سأتي لأُقبَّلُك انتِ؟ أبكِ خللًا بعقلكِ أم ماذا؟ افضل أن لا أُقبَّلَ أحدًا ولا اقبَّلكِ انتِ.

توسعت حدقتي "توليب" بصدمة من وقاحته، لترمقه بنظراتها الحارقة مجيبة إياه باستفزاز:

-ماذا؟ حسنًا لاحقًا ستتمنى أن تُقبَّل يداي ولو لمرة واحده وأنا سأرفض ذلك، فقط تمهل.

ارتفع صوت ضحكاته الرجولية وهو ينظر لها بأسى قائلًا:

- اتمنى أن يأتي ذلك اليوم سريعًا يا فتاة.

تذمرت "توليب" وهي تحاول أن تكتم غيظها منه، لتضرب بقدميها الأرض بغيظ فشلت بكتمه وهي تهتف:

-هكذ إذن؟ حسنًا، اريني من سيعلمك بالأخبار والخطط التي يحضرها أبي وعمي لك، بينما أنت في العمل.

اقترب منها "أرغد" بسرعة ممتزجة باللهفه، ليمسك وجنتيها الممتلئتين قليلًا بين يديه وهو يضغط عليهم بمرح، ثم من ابتسم بغيظ مضحك هاتفًا وهو مازال ممسكًا بوجنتيها:

-أختي حييبتي وكُل ما لدي، كيف لي أن اغضب حبيبتي يا فتاة؟

قاطع هذا الحديث الروتيني المعتاد بينهم يوميًا، صوت والدهم الحاد وهو يشير بيديه نحو "أرغد" قائلًا:

-أرغد، تعالى خلفي في الحال.

تبادلا الأخوه النظرات المتعجبة بعد ذهاب والدهم إلى غرفة مكتبه، لتربت "توليب" أعلى كتف شقيقها بسخرية وهي تقول بمرح:

-من الواضح أنهم قد حددوا يوم زفافك، مُبارك يا رجل، عليَّ أن أبدأ في تجهيز نفسي في أسرع وقت صحيح؟

نظر لها بضيقٍ واضح على ملامحه، ليتركها ويذهب حيث غرفة والده دون أن يعاير حديثها الساخر أي إهتمام.

"بغرفة المكتب"

جلس "أرغد" بالمقعد المجاور لمكتب والده، وهو يفرك يديه بتوتر من الذي سيقوله، يدعو بداخله أن لا يكون نفس الهراء الذي يلقيه عليه والده يوميًا حتى ملَّ الآخر.

زفر "أرغد" الهواء العالق برئتيه، ليقول بعد صمت طال لمدة ليست بقصيرة:

-ماذا يوجد يا أبي؟

كان متوقع أن والده لن يجيب على حديثه وسيتجاهله وهذا بالفعل ما حدث، فَـ بعث والده بهاتفه باهتمام وتركيز دون أن يجيب على حديث ابنه، كتم الآخر حنقه بصعوبة بالغه ليهتف مجددًا بنبرة مرتفعه قليلًا يشوبها الضيق:

-أبي، أنا احدثك من الممكن أن تنتبه لي قليلًا؟ طلبتني أن آتي إليك، وها أنا قد أتيت وأنتظر ما ستقول، تفضل بالتحدث، ماذا يوجد؟

لم يرفع ايضًا انظاره عن هاتفه ليزداد ضيق "أرغد" من تصرفات والده الغريبة عليهم في هذه الفترة، فهو ليس بعادته أن يتجاهل ابنائه ابدًا، والتعجب الأكبر هو أنه يتجاهل "أرغد" فقط من بينهم، لماذا اذن هذا!

قاطع شريط أفكار "أرغد" صوت والده البارد وهو يقول دون النظر إليه:

-أنتظر لريثما يأتي عمك وستفهم.

في تلك الاثناء، استمعوا لصوت طرقات على باب غرفة المكتب، وبعدها انفتاح الباب على عجلة دون حتى أن يأذن كُلًا من والد أرغد يدعى"أمير" و "أرغد" للطارق بالدخول.

دخل رجل يظهر عليه الكِبر قليلًا فقد كان في أواخر عقده الخامس، من نظراته نحو "ارغد" المصطحبة مع ابتسامته التي يُخفي خلفها نواياه السيئة، جعل "أرغد" يشعر بالريبة منه.

نهض عن مقعده ليرسم ابتسامة مصطنعة لم تصل لعينيه، ثم توجه ناحية المدعو بِعمه ليصافحه بهدوء كعادته.

وكان في طريقه ليجلس حيث مقعده مرة اخرى، ولكن شُلت حركته عندما استمع لصوت عمه الكريه بالنسبة له، وهو يقول بنبرة خبيثه لا تُخفى عن أرغد:

-زوج ابنتي المستقبلي، أتيت لأخبرك بأنني أنا ووالدك قد حددنا موعد زفافك أنت وأبنتي "نورسين".

وجه "ارغد" نظراته المصعوقة نحو والده أمير وكأنه يخبره بعيناه (أهذا الحديث صحيح)

لم يرى اي رد فعل من أمير ينفي هذا الهراء، إلا ابتسامة متسعة مرسومة على وجهه، لتتأكد شكوكه من صحة حديث عمه.

في منزل "ليليانا"

ابتسامة متسعة زينت ثغرها بعدما استمعت لحديث صديقتها وجارتها، لهتفت بحماس كبير:

-بالتأكيد "هند" سأقوم بصنعهم لكِ في أسرع وقت بإذن الله.

صمتت لبرهة قبل أن تكمل بنبرة غلفتها السعادة قائلة:

-في اي شيء محدد تريدين أن افعله لكِ عزيزتي؟ اخبريني بكل ما تريدين فعله، وأنا بكل تأكيد سأبذل قصاري جهدي لأجعل "السجاجيد" خاصتك أجمل ما يكون.

انتِ لستِ جارتي فحسب، بل انتِ صديقتي المقربة هُنا والعزيزة على قلبي أيضًا.

حركت "هند" رأسها بمعنى "لا"، وهي ترسم إبتسامة متسعة أعلى ثغرها، قائلة:

-لا حبيبتي، ليس لدي أي فكرة محدده، افعلي ما تريدين، أنا اثق بذوقك غاليتي "ليليانا".

عانقتها "ليليانا" بتأثرٍ من حديثُها المعسول، ثم من ربتت على ظهرها برقة قائلة:

-ادامُكِ الله ليّ حبيبتي "هند"

ابتعدت عنها "هند" قليلًا؛ كي تستأذن منها على أن تذهب إلى منزل، بعدما اخبرتها أنها عليها الذهاب في الفور؛ لأنها تركت والدتها بمفردها في المنزل ولا يصح أن تتاخر عليها أكثر من ذلك.

بعد ذهاب "هند" مباشرة ركضت "ليليانا" نحو والدتها، التي كانت تجلس بالمطبخ على مقعد من البلاستيك، تشاهد ابنتها الصُغرى "ليلى" التى كانت تقوم "بِـ قلي البيض" بحماسٍ مبالغ فيه.

كيف لها أن لا تشعر بالسعادة والحماس وهي تقوم بطبخ البيض، الاكلة التي لم يوجد في صعوبتها (من وجهة نظرها).

فَـ بالنسبة لِـ "ليلى" من يعرف كيفية "قلي البيض" وأي أكلة أخرى من البيض أيضًا، هو طباخٌ فائق المهارة.

ضحكت "ناريمان" بيأسٍ من تصرفات ابنتها التي لن تتغير ابدًا، لتقول من بين ضحكاتها المرتفعة:

-انتبهي "ليلى" حتى ما ينحرق البيض.

اخذت "ليلى" تدور حولها وهي تغني بصوتٍ مرتفع يملؤه الحماس، ثم من قامت بتقليب البيض على الناحية الأخرى، بعدما رأت أن الناحية الأمامية قد نضجت بما يكفي، هاتفه:

-أمي، انظري ابنتك صارت طباخةٌ ماهرة ولا أحد بمثل مهارتُها، واخيرًا استطعت فعل البيض، و "ليليانا" لن تصيح عليّ مرة أخرى؛ بسبب كسلها في صنعه ليّ، هييييه ماهذا الجمال.

في تلك الاثناء أتت ليليانا راكضه وهي تصيح بأسم والدتها قائلة:

-عزيزتي أمي، أين انتِ؟

توقفت ليليانا عن الحديث فجأة بصدمة من ما ترى بعيناها، رمشت عدة مرات متتاليه علها تتخيل!

استدارت ليلى برأسها ناظره لشقيقتها بإبتسامة متسعة، ثم من امسكت بِـ صحن البيض لتتوجه نحو ليليانا التي مازالت تقف كالصنم، هتفت بمرح والأم تتابع ما يحدث بإبتسامة حنونه:

-انظري ليّليّ ماذا فعلت.

نظرت ليليانا نحو ناريمان التي كانت تحاول النهوض عن المقعد، لتقول بنبرة مصعوقة مضحكة:

-أشعر وكأنني في حلم، أيعقل هذا؟ كيف استطعتي فعلها يا فتاة؟

ضحكت ليلى بصوتها كله وشاركتها والدتها الضحك ايضًا، لينظروا لعلامات وجه ليليانا المضحكة، ثم من هتفت ناريمان وهي تضحك:

-أنا ايضًا قُمت بتغشيشها في كيفية صنعه...آآ

قاطعتها ليلى بغيظٍ هاتفه:

-أمي لم نتفق على هذا يوهه.

حركت ليليانا رأسها بعدم إهتمام لما يحدث، فَـ هي أتت فقط لتخبر والدتها بذاك الخبر الذي بكُل تأكيد سيُسعدها كثيرًا.

هتفت وهي تنظر لوالدتها بحماس:

-أمي اترُككِ من تلك المختله، على اي حال مهما تفعل لن تستطع أن تتعلم وصفتي السرية في صنع البيض المقلي، اووه نسيت ما كنت أود اخبارك به.

اقتربت من والدتها سريعًا لتشبك يدها بيدي والدتها، وهي ترفعهما للأعلى بحركاتٍ عشوائية تظهر كم هي سعيدة، لتهتف بنفس سعادتها التي تلمع بعينيها:

-أتت هند منذ قليل، وأخبرتني إنها تود أن افعل لها مجموعة من السجاد في أقرب فرصة كانت؛ لأن عيد ميلاد صديقتها قد اقترب.

فَـ هي تريد أن تهديها سجاد، بمناسبة عيد ميلادها وأيضًا كَـ شيء ينفعها في جهازها بما أنها ستتزوج قريبًا.

ابتعدت عن والدتها قليلًا لتدور حول نفسها بحماس مكملة حديثها:

-أنا سعيدة جدًا يا أمي، هي تريد أن تأخذ مني كمية كبيرة، هذا يعني اننا سنستطيع أن نشتري كل ما نريده، وأيضًا سنشتري حبوب النعناع واخيرًا.

وهكذا سيكون بدلًا من أن نبيع نوعٍ واحد من الخضروات وهو الجرجير، سنبيع معه نوعي المفضل وحبيبي المفضل النعنع، هييييه.

ضحكت ليلى بقوةٍ على حماس شقيقتها الطفولي وكأنها ليست فتاة في مقتبل العشرون، لتقترب منها بخطوات سريعة محتضنه إياها بحبٍ كبير مردده:

-بالتوفيق حبيبتي، اثق بكِ وبمهارتك ليّليّ، وأنا أعدك في أقرب وقتٍ سأجلب النعنع وأبيعه لكِ عزيزتي.

ابتسمت ليليانا بتأثر لتشدد من عناق شقيقتها وهي تقول:

-أحبكِ كثيرًا لولي.

"في منزل أرغد"

القى كل ما يوجد أعلى مكتب والده بغضبٍ لم تُرى له مثيل، نعم أرغد من الشخصيات التي قليلة الغضب جدًا.

شخصيته هادئة ومسالمة بشكلٍ مُبالغ فيه واكن عند غضبة يتحول كُليًا، وكما يقولون اتقي شر الحليم اذا غضب، عليك أن تتقي شر ذاك الأرغد اذا غضب.

صاح بانفعال وهو يضرب بقدمة أحد المقاعد الأماميه لمكتب والده، وصدره يعلو ويهبط من فرط انفعاله:

-كيف تقرر شيء كهذا دون علمي، كـــــيف؟

كان والده يقف متصنمًا يرى ما يفعله إبنه بأعين تغلفها الصدمة والتفاجئ، فَـ هذه اول مرة يرى فيها أرغد يتصرف هذه التصرفات.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي