الفصل الخامس

ابتسمت ليليانا بموافقة قائلة:

-أنا ليس لدي اي مانع.

اكملت وهي توجه حديثها الى والدتها مادحه إياه:

-أمي تتذكرين الفتى الذي ساعد ليلى في دراسة مادة الفيزياء من شهر تقريبًا؟ ودائمًا ما تقص لنا ليلى عنه، يُدعى أرغد اليس صحيح؟

قالت آخر كلماتها وهي تنظر لِـ ليلى موجه حديثها إليها بتساؤل.

هتفت ناريمان هذه المره بإبتسامة خفيفه:

-نعم تذكرته، اذن لنتحدث معه ونجعله يمكث فيها لا يوجد لدي مانع.

قفزت ليلى عن مقعدها بسعادة بالغه، لتدور حول نفسها وهي تضحك بصوت مرتفع مرح قائلة:

-تعيش امي تعيش، لدي أجمل ام في العالم.

ضحكت ناريمان وهي تهز رأسها بيأس لتشاركها ليليانا الضحك ايضًا، ثم من تقول ناريمان:

-وأنا لدي أجمل فتاتين على الإطلاق.

عانقتها ليليانا بلطف بعدما قبلت أعلى جبينها قائلة:

-نحن قد ورثنا هذا الجمال منكِ يا أمي.

صاحت ليلى بحماس، وهي تتمسك بذراع شقيقتها تحثها على النهوض:

-هيَّا هيَّا الوقت يمر سريعًا، علينا أن نبدأ في تنظيف الغرفة في أسرع وقت؛ ليأتي صديقي.

تساءلت ناريمان بتعجب:

-اخبروني ماذا ستفعلون بالضبط؟

جلست ليليانا بجانب والدتها مرة أخرى، بعدما جعلتها ليلى تنهض لتقول بجدية:

-الغرفة ليست متسخه كثيرًا أمي، سنقوم بأخراج كل ما بداخلها ثم ننظفها جيدًا من الأتربه، وأيضًا عندما كنت اصنع السجاجيد الخاصه بِـ هند فعلت اثنين زيادة، لكي اقوم بِـ فرشهم في الغرفة مع الآخرين القدام.

اومأت لها والدتها بتفهم لتقول ليليانا بهدوء وهي تنهض:

-ليلى اصعدي انتِ إلى الأعلى، وحاولي أن تفعلي اي شيء لريثما أعود اليكِ أنا.

هتفت ليلى بتعجب:

-إلى أين ذاهبه ليليانا؟

اجابتها وهي تبتسم بلطف:

-سأذهب لأعطي السجاجيد لهند سريعًا، لن اتأخر عليكِ، هيَّا اذهبي لننتهي في أسرع وقت.

طرقت على باب منزل رفيقتها بهدوء منتظره إجابة أحد عليها من صاحبي المنزل، وبالفعل بعد عدة ثواني معدودة، انفتح الباب لتظهر من خلفه والدة هند مبتسمه لها باتساع.

هتفت بترحاب وحب كبير وهي تصافح ليليانا:

-حبيبتي ليليانا، كيف حالكِ يا جميلة؟ اشتقنا لرؤيتك.

ابتسمت لها ليليانا بلطف، وهي تربت على يديها برقة وحنان ثم قالت:

-خالتي ميمونة، أنا بخير والحمدلله اخبريني انتِ كيف حالكِ وحال صحتكِ؟ اتمنى أن تكوني بصحة جيده.

-الحمدلله على كل حال ابنتي، هيَّا تفضلي للداخل، انرتِ المنزل حبيبتي.
قالت ميمونة والدة هند تلك الكلمات وهي تفسح الطريق لِـ ليليانا سامحه لها بالدخول.

اجابتها ليليانا بدعاء وهي تدخل:

-أنار الله قلبك بالإيمان خالتي، ليلى تنتظرني بالمنزل لا أريد أن اتأخر عليها؛ لكِ لا تقتلني دون رحمة، اخبريني أين هند لا أراها؟

قالت ليليانا آخر كلماتها بمرح، وابتسامة متسعه تنير وجهها الطيف، لتضحك ميمونه على كلماتها المرحه، ثم من قالت مجيبه إياها على سؤالها الأخير:

-دلفت لتتحمم سريعًا، اجلسي انتِ حبيبتي المنزل منزلك، وأنا سأذهب لأفعل لكِ مشروب بارد لريثما تنتهي هند.

تمسكت ليليانا بيديها مانعه إياها من الذهاب وهي تقول باحترام وحب:

-خالتي لا تتعبين نفسكِ، أنا لا أريد اي شيء اجلسي، كما قولتي منذ قليل أنا صاحبة منزل، لِمَ تعامليني كَـ الضيفه إذن؟ استريحي خالتي لا داعي والله.

حركت ميمونة وأسها برفض لحديثها وهي تقول:

-كيف لا اضيفك شيء يا فتاه؟ منذ وقت طويل لم تأتي إلينا، لا تثرثري كثيرًا اجلسي وأنا سأذهب وأعود اليكِ سريعًا.

فعلت منذ قليل مشروب ليمون بالنعنع والصودا مثلما تُحبينه، وكنت سأرسل لكِ هند بكوب قبل أن تأتي، ها انتِ قد اتيتِ يجب علي أن اجعلك تتذوقيه، سينال اعجابك بكل تأكيد.

قالت ميمونة كلماتها تلك وهي تذهب متوجه نحو المطبخ؛ لتحضر لها المشروب الذي جعل ليليانا تهلل بسعادة، فَـ الجميع يعلم كم ليليانا تعشق النعنع وأي مشروب يضاف اليه النعنع.

عادت ميمونة بعد عدة ثواني، ممسكه بكأس كبير قليلًا ممتلئ بِـ "عصير الليمون بالنعنع"، لتناوله لِـ ليليانا، التي نهضت سريعًا لتأخذه من بين يديها وابتسامة متهلله تنير ثغرها قائلة:

-سلمت يداكِ خالتي.

ربتت ميمونة على كتفها بحب قائلة:

-بالهناء على قلبك غاليتي، هند ليليانا أتت لرؤيتك.
قالت آخر جملتها وهي توجهها لأبنتها، التي قد خرجت للتو من دورة المياه.

ابتسمت هند لِـ ليليانا وهي تقترب منها قائلة بمرح محبب لقلب ليليانا:

-وأنا أقول لِمَ منزِلُنا المتواضع منير هكذا، اكتشف أن ذات الروح الجميلة عندُنا، يالَهذا اللطف.

ضحكت ليليانا بخجل من مدح هند لها لتشاركها ميمونة الضحك ايضًا، قائلة وهي تؤكد حديث ابنتها:

-صدقتِ بكل حرف يا هند.

خجلت ليليانا من حديثهم المعسول قائلة بامتنان:

-حقَا اشكركم، لقد اخجلتموني بجمال كلماتكم.

وضعت كأس العصير على طاولة الزينه الصغيره الموضوعه بأحد الجوانب، بعدما تجرعت نصفه تقريبا، ثم من اقتربت من المقعد الذي كانت تجلس عليه.

منتشله تلك الحقيبة البلاستيكية من أعلى المقعد، لتخرج ما بداخلها من سجاجيد، ثم ناولتهم لِـ هند بفضول ممتزج بالحماس لمعرفة ردة فعلها قائلة:

-ها اخبريني ما رائيك بصدق؟

التقطت منها هند قطعه وكذلك فعلت والدتها المثل، لتتابع ليليانا تعابير وجه كلًا منهما بتركيز، تتمنى بداخلها أن ينالوا إعجاب صديقتها ووالدتها كثيرًا.

-ليليانا، حقًا أنا لا أجد كلمة مناسبه تعبر عن مدى إعجابي بهم، صدقًا احببتهم كثيرًا.

اكدت ميمونة حديث ابنتها قائلة وهي تقلب بهم ترى تصميماتهم المختلفه:

-سلمت أناملك غاليتي، أكثر من روعة والله.

ادمعت أعين ليليانا بتأثر من مدحهم على ما فعلته، تشعر بالسعادة تغمرها، اقتربت بخطواتٍ سريعة نحو هند، لتعانقها بقوة والابتسامة تنير وجهها اللطيف.

بدلتها هند العناق وهي تربت على ظهرها بحب، تلقي عليها عبراتها الحنونه، وهي تخبرها بأنها تحبها كثيرًا واحسنت صنعها، وانها لم تخيب ظنها ابدًا.

ذهبت ميمونة إلى المطبخ؛ كي تترك لهم بعض الراحه،  في نفس الوقت الذي ابتعدت فيه هند عن ليليانا.

التقطت هند النقود المخبئة أسفل الغطاء الموضوع أسفل التلفاز، ثم ناولتهم لِـ ليليانا بحنان وهي تقول:

-تفضلي حبيبتي.

ابتسمت ليليانا برقة، لتحرك رأسها برفض هاتفه:

-ليس الآن هند حبيبتي، في اي وقت لاحق لا يهم.

وضعت هند المال بيدي ليليانا عنوة ثم قالت:

-هذا حقكِ صديقتي، وأنا من اخبرتكِ بأنني اريد الشراء منكِ، لذلك تفضلي.

امسكت ليليانا النقود بإبتسامة سعيده، شاكره ربها بداخلها على كرمه ولطفه معها.

أخرجت خمسون جنيهًا لتعطيها لِـ هند قائلة بجدية:

-تفضلي هذه زائدة، أنا حقي فقط مئة و خمسون جنيهًا ليس مئتين حبيبتي.

حركت هند رأسها برفض قاطع مجيبه عليها بنفس جديتها:

-لا ليليانا، هذا حقك كامل لا تجادليني، اقسم لن أأخذ جنيه واحد، هيَّا اجلسي ذهبت أمي لتحضر لنا الغداء.

ابتسمت ليليانا لها برقة قائلة وهي تتمسك بحقيبتها الصغيره:

-لا حبيبتي، لن استطيع الجلوس اكثر من ذلك تأخرت كثيرًا على ليلى، وستقتلني لا محال.

ضحكت هند على كلمات ليليانا المرحه، لتستأذن منهم ليليانا بحب مخبره إياهم بأن يجب عليها الذهاب الآن فقد تأخرت كثيرًا على شقيقتها التي تنتظرها في السطوح.

لكي ينظفوا الغرفه بعدما اخبرتهم ايضًا بشأن هذه الغرفه.

خرجت من باب منزل شقيقتها والابتسامة تنير وجهها بسعادة كبيره، شاكره ربها بداخلها على لطفه وكرمه معهم، تعجلت بخطواتها مسرعة نحو منزلها؛ لتعطي المال لوالدتها.

اما بالداخل فَـ عانقت هند والدتها بسعادة بالغه وهي تقول:

-حقًا اشكرك امي من كل قلبي.

ربتت ميمونة على ظهر ابنتها بحنان مع ابتسامة هادئه قائلة:

-على ماذا تشكرينني ابنتي الغالية؟ أنا لم أفعل شيء.

-لأنكِ قُمتي بمساعدتي وكثيرًا، لا تعلمين امي انتِ ماذا فعلتِ بي وبِـ ليليانا ايضًا، رأيتي تلك الإبتسامة التي كانت تنير وجهها من فرط سعادتها.

كل هذا فقط لأنكِ وافقتي بأن تقاسميني المال، واطلب منها أن تفعل لي سجاجيد؛ لأعطيها مالًا بطريقة غير مباشره، ولا أنكر أن هذه فكرتك انتِ في البداية، انتِ حقًا اعظم أم، أنا أحبكِ كثيرًا أمي.

مسحت ميمونه على شعر ابنتها بحنان، لتقول لها بجدية:

-لا تتحدثي هكذا هند حبيبتي، انتِ لا تعرفين كم أنا احب ناريمان وابنائها فَـ هم بمثابة ابنائي ايضًا، الأهم من كل هذا ان لا تخبري ليليانا ابدًا ولا تشعريها بشيء اتفقنا؟

"في الأعلى، بمنزل ليليانا".

تسللت ليليانا إلى الأعلى بحماس بعدما مرت علي والدتها، لتقرر أن تفزع شقيقتها بمرح.

جابت بعيناها بكل أركان السطوح باحثه عنها، لتراها تجلس في احد الجوانب القريبه من الغرفه، تلعب بالحجارة باستمتاع ظهر من حركاتها البهلوانيه الغبيه.

وضعت ليليانا يدها على فمها كاتمه ضحكتها التي كادت بأن تفلت منها، لتقترب منها بخطوات خافته؛ كي لا تشعر بها الأخرى وتكشف مخططها.

وقفت خلفها مباشرة، لتضع يدها فجأة أعلى خصرها مدغدغه إياها وهي تصرخ بها بمرح، مما أدى إلى انتفاض ليلى من هول المفاجأة والفزع.

انفجرت ليليانا ضاحكة واضعه يدها على معدتها بتعب من فرط ضحكها قائلة:

-ما بكِ يا فتاه؟ ألهذه الدرجة افزعتكِ؟
ختمت حديثها بضحكات لم تستطع كتمها.

نهضت ليلى بغضب مضحك قائلة وهي تلكز شقيقتها أعلى كتفها بانزعاج:

-افزعتيني ليليانا.

كانت ليليانا على وشك أن تجيبها، ولكن ابتعدت عدة خطوات للوراء بخوف مصطع بعدما انفجرت فيها ليلى بنفس غضبها قائلة:

-تعالي هُنا، ها اخبريني لِمَ كل هذا التأخير؟ أخبرتني بأنكِ ستذهبين سريعًا وستعودين، ولكن لا كيف يحدث هذا؟ يصير لكِ شيء إذا لم تطيلي الجلوس مع هند، ثرثرتكم لا تنتهي اعرف هذا.

نظرت لها ليليانا بترقب، لتقول بعد أن صمتت الأخرى وهي تتنفس بقوة مسرعه من فرط غضبها:

-إذا انتهيتِ، لِمَ لم تبدأين انتِ بالتنظيف يافيلسوفه؟ بدل من أن تجلسي وتلعبين هكذا مثل الأطفال، كنتِ بدأتي لريثما آتي أنا كما اخبرتكِ.

وضعت ليلى يدها على خصرها بغيظٍ وهي ترمق ليليانا بنظرات مفترسه قائلة:

-ولِمَ أبدأ أنا بمفردي وأتعب نفسي، وانتِ تجلسين في راحة تامه؟

فعلت ليليانا مثلها تمًاما مجيبه إياها:

-اذن بدلًا من لعبُكِ هذا، كنتِ درستي قليلًا فَـ لاتنسي اختبار بعد الغد.

تركتها ليلى وذهبت نحو الغرفه لتستعد لتنظيفها وهي تقول:

-هيَّا ليليانا اتبعيني لننهي سريعًا، اذا ظللنا على هذا الحال، معنا لأسبوعين كي ننهي هذه الكارثه.

عدلت ليليانا من ربطة حجابها، لتسير خلف شقيقتها بعدما جلبت أحد الأقمشة الخاصه بالتنظيف.

بدأوا بإخراج جميع الأساس ليضعوه بالخارج، ثم من أتت ليليانا بتلك الألوان الاصطناعية والتي قد ابتاعتها  وهي عائدة، لتبدأ في طلاء الحائط بمهارة ورقة.

هتفت ليلى بتساؤل وهي تحمل ثلاث مزهريات ظهر عليهم القدم:

-ليليانا لم تخبريني، لِمَ اخترتِ لون الرمادي الفاتح؟

ابتسمت ليليانا بهدوء، لتجيبها بجدية وهي منشغلة في طلاء باقية الحائط:

-تعلمين يا ليلي أن لون الرمادى الفاتح يخلق راحة، فَـ أنا أرى بأنه من الألوان المثالية في طلاء المنزل، تجعلكِ تشعرين بالهدوء والراحة النفسية، والبعد عن عوامل التوتر والعصبية.

لمعت أعين ليلى بانبهار وإعجاب من حديث شقيقتها، ولون احد الحوائط التي قد انتهت بالفعل من طلائها، لتقول بسعادة:

-من أين اكتسبتي تلك المعلومات ليليانا؟ أحببت كثيرًا، انظري كيف تغيرت هيئة الحائط بعد طلائها!

مسحت ليليانا على شعر ليلى بحنان، لتقول بعدها وهي تكمل بتركيز:

-تعلمين أنني أحب القراءة في كل المجالات والفروع، وعرفت عن طريق أحد المجلَّات هذه المعلومات، هيَّا اهبطي واجلبي السجاجيد الرمادية، ستجدينها أسفل فراش امي.

حركت لها ليلى رأسها بموافقة لتركض بعدها كي تفعل ما امرتها به شقيقتها، وأكملت ليليانا ما تفعله وابتسامة مستمتعه تنير وجهها اللطيف.

"في مطار القاهرة الدولي"

وبعد هبوط الطائرة مباشرة، نزل الجميع منها على الفور، متحمسين لرؤية من يحبون بعد كل هذه المده من الفراق.

وكان من ضمن أحد الركاب "أوس"  وهو شقيق أرغد الأصغر، والذي فضل أن يكمل دراسته خارج "مصر"، واختار تلك البلد المميزة وهي "كندا".

لم يكن بالسهل في البداية اقناع والده، ولكن بعد عناء استطاع أن يحصل على موافقته في السفر وأكمال دراسته في الخارج، وعند عطلة نصف السنه أو نهايتها، يهبط لجلس مع عائلته.

فهو يدرس في كلية الهندسة، عكس شقيقه الأكبر أرغد الذي لم يفلح في الدراسة، ولكن استطاع أن ينجح في شيء آخر وأهم من وجهة نظره وهي التجارة.

  وبعد أن أخذ حقيبته، اتجه فورًا للخارج، ليرى صديقه الذي أخبره في الأمس بأنه سيعود ليأتي وينتظره، فهو لم يخبر اي شخص حتى شقيقه بأنه سيأتي اليوم، يشعر بالغضب الشديد يراوده.

بسبب ما سمعه من توليب، تلك التي تواعدوا كثيرًا بأنهم سيكونون دائمًا معًا، يتفاجىء بأن والده يريد أن يزوجها لشقيقه!

في البداية كان يشعر بالغصب ايضًا اتجاه شقيقه، فكيف له أن يوافق على هذه المهزله وهو يعلم مشاعره تجاه توليب جيدًا!

ولكن أخبرته توليب بأنه ليس بيده شيء وهو مثلها والده يغصبه علي هذا الزواج.

ابتسم بهدوء لصديقه بعدما وصل اليه، ليعانقه الآخر باشتياق كبير، ثم قال:

-اشتقنا إليك يا رجل.

بادله أوس العناق بحب اخوي مجيبًا عليه وهو يربت على ظهره:

-وانت آيان اشتقت إليك كثيرًا، كيف حالك وحال زوجتك؟

تنهد آيان بمرح وهو يقول:

-اه يا أوس، لا أعرف أين كان تفكيري عندما فكرت في هذه الورطه، انصحك يا صديقي ألا تتزوج أبدًا، لا شيء أجمل من حياة العزوبيه.

ضحك أوس بعدم فائده ليقول:

-ومن اجبرك على الزواج يا اخي؟ أنت من كنت مصرًا من البداية، سأهاتف ميساء وأخبرها بما تقوله.

تحدث آيان بخوف مصطنع مضحك:

-تغدر بي الآن أوس؟ لا أرجوك لا تخبرها فَـ أنت تعرف جيدًا كم هي شرسة.

ضحك أوس بقوة ليربت على ظهر صديقه بمرح قائلًا:

-كلمة شرسه قليلة عليها اقسم، تتذكر عندما كانت تتشاجر معك في الثانوية فقط لأنك تحدثت مع فتاة من اصدقائنا؟ أخبرني ما زالت مثل ما هي لم تتغير؟

اومأ آيان برأسه بتأكيد قائلًا:

-للأسف.
ختم كلمته بضحكاته الرجوليه ليشاركه الآخر الضحكات.

وصل أوس إلى منزله، ليهبط من السياره بهدوء يحاول أن يرسم ابتسامة خفيفه على ثغره، ليطلب من صديقه أن يدخل معه، ولكن الآخر رفض بقوة مخبرًا إياه أن زوجته تنتظره.

اتجه "أوس" إلى داخل المنزل بعد ذهاب صديقه، ليتفاجىء الجميع به، وأولهم والده الذي نهض بسعادة لرؤيته قائلًا بدهشة:

-بني! متى أتيت؟ ولِمَ لم تخبرني؟

صاح أوس بانزعاج ظهر من نبرة صوته:

-نعم يا أبي، ألا تُريدني أن أعود صحيح؟

ابتسم أمير بحنان ليقترب من ابنه وهو يقول:

- لا تتحدث هكذا يا صغيري، أنا فقط تفاجئت بوجودك الآن، ولكن أنا سعيد جدًا برؤيتك، وأيضًا أنت قد أتيت في الوقت المناسب لتحضر عقد قرأن شقيقك.

اقتربت منه شقيقته بسعادة عارمه معانقه إياه بقوة وهي تقول:

أسوس حبيبي.

ضحك أمير بخفة على فعلة ابنته، ليبتسم أوس بهدوء على غير عادته ثم من بادلها العناق بحنان اخوي وحب قائلًا:

-توليبي، اشتقت اليكِ كثيرًا يَـ صغيرة، اخبريني كيف حالك؟

ابتعدت عنه قليلًا لتهتف بمرح بعدما التمس الحزن البادي عليه، والذي يجاهد لاخفائه:

-ما لي أراك عاقلًا يا رجل؟ أيعقل أنَّ الغُربه عقلتك وجعلتك شابًا يُعتمد عليه؟

لكزها أوس أعلى كتفها بضيق مصطنع مجيبًا إياها:

-ذات يوم سأقوم بقص هذا اللسان، صبرًا.

ضحكت بصوت مرتفع مخرجه له لسانها بمرح، ليهز أمير رأسه بيأس من تصرفات ابنته الطفوليه، ليقول موجهًا حديثه لأبنه:

-أخبرك شقيقك بأننا قد حددنا موعد زواجه أوس؟

ابتسم أوس باستهراء داخلي قائلًا:

-هذا ما جئت بسببه ابي.

ظن أمير بأن ابنه قد اتى ليكون بجانب شقيقه في هذا اليوم ليربت على كتفه بحب قائلًا:

-خير ما فعلت بني، أريدك أن تتحدث مع شقيقك ذاك الغبي الذي لا يفهم شيء، تركت لك أمر اقناعه بهذا الزواج، اتفقنا أوس؟

تعمد أوس مجاهلة والده وحديثه لينظر لشقيقته التي قالت بحماس:

-ساذهب فورًا أحضر لأخي كل أنواع الطعام الشهي المفضله له، وأخيرًا سنجتمع مرة آخرى، بعد فراق تسعة أشهر.

ابتسم لها أوس بحب ليقول بعدها:

-أين هو أرغد، لا
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي