الفصل التاسع

عادت ليليانا للخلف عدة خطوات تتراجع بذهول من تواجد أرغد أمام نظرها، رمشت بعينها عدة مرات بطريقة كوميدية تحاول أن تقنع نفسها على أنها تحلم بالتأكيد.

تذكرته، نعم انه هو نفسه الذي قابلته في المتجر، ذاك المغفل كما أطلقت عليه سابقًا.

هتفت بتفاجئ مضحك من وجوده بمنزلهم:
-انت؟ أنت ماذا تفعل هنا، انت تراقبني يا هذا؟

قطب حاجبيه بصدمة لا تقل عن صدمتها، فَـ نفس ما تشعر به وأظنه هو مثلها، نظر لها بسخرية ثارت استفزازها وهو يقول:
-انظري أمامك جيدًا مرة أخرى، ومن الذي يراقبكِ يا غبية، أنا؟ ولم أجد على وجه الكرة الأرضية غيرك لأراقبكِ وأسير خلفك، أم أنني صرت كفيف، انتِ ماذا تفعلين هُنا؟

ضغطت على يدها بقوة توحي كم هي تشعر بالغيظ منه ومن طريقته المستفزة، رمقته بعدها بنظرات قطة شرسة تريد الانقضاض عليه محولة وجهه الى خريطة العالم.

ابتسمت بداخلها على هذه التخيلات المبالغ فيها لتقول بعدها:
-لا تتحدث معي هكذا يا هذا، أنت شخصٌ عديم الفهم من الأساس، وأنا لا يهمني لا أنت ولا أمثالك، وأنا التي استحق أن أخبرك بأن تنظر أمامك جيدًا بدلا من إنك ذهابًا وإيابًا تصطدم في الآخرين.

ضم يديه لصدره مستمعًا لحديثها بابتسامة مستفزة غير مبالية بأي حرف تتفوه به تلك المختلفة من وجهة نظره.

أكملت هي بغيظٍ شديد وهي ترى كم البرود الذي يتحلى به:
-أنا أتحدث معك لو امكنك الملاحظة.

ابتسم باصفرار لها وهو يقول ببرود كالثلج مع سخريته السابقة:
-أنا مستأجر جديد هنا، اعذريني لا أعرف لم انتبه لجلالتك، ولحظة واحدة انتِ من اصطدمتي بي ليس أنا.

أشارت بيدها على نفسها بصدمة من وقاحته اولًا والثانية لأنه ظهر أنه المستأجر الجديد ومن غيره رفيق شقيقتها، قالت بضيقٍ:
-ماذا تقصد بحديثك؟ أنت المُخطئ لا تضع الحق عليّ، ثم كيف أنت المستأجر الجديد لا أفهم، أأنت حقًا؟

رفع حاجبيه بغيظٍ وهو يقول:
-ماذا لا أشبه؟

نظرت ليليانا لساعة يدها لتجد أنها قد تأخرت كثيرًا على الذهاب إلى المتجر لتقول بغضب:
-أغرب عن وجهي، لقد تأخرت على العمل كثيرًا وكل هذا بسببك، يفضل أن تنظر أمامك جيدًا المرة القادمة بدلًا من أن تسير وتتخبط في الآخرين، إلى اللقاء.

ذهبت من أمامه تسير متجاهله إياه، لتعود برأسها للخلف قائلة بنبرة مضحكة كانت تقصد بها استفزازه ولكن خرجت مضحكة:
-صحيح لن ينالُني الشرف في معرفتك، وايضًا أسحب إلى اللقاء.

سارت نحو البوابة متجهة ناحية عربة الخضروات خاصتهم، لتقودها إلى السوق.

اما أرغد فَـ وقف محله ينظر لطيفها الذي اختفى من أمامه لينفجر ضاحكًا على تصرفاتها المختلفة من وجهة نظره.

قوس حاجبيه متعجبًا من وجودها هنا في هذا المكان، مخمنًا أنها من الممكن أيضًا أن تكون مستأجرة هنا في أحد المنازل المجاورة لمنزل رفيقته ليلى.

نظر لساعة هاتفه الذي كان من الإصدار القديم ليجد أن الساعة قد تجاوزت السابعة، حرك رأسه بيأس من تأخره الغير معتاد، والذي يلازمه في هذه الأونه الأخيره، ليقرر ايضًا الذهاب إلى المتجر بخطوات سريعة.

-انظري أمامك يا مغفلة، في أي رحلة ذهب ذهنكِ؟
قال أرغد تلك الكلمات بغيظٍ من تلك التي تسير بالشارع كَـ المُغيبة يظهر عليها انها شاردة الذهن.

فاقت ليليانا من شرودها القصير والذي لم يكن إلا به، لا تصدق بأنه بالفعل المستأجر الذي اخبرتهم عنه شقيقتها، والتي ايضًا لا تكف عن مدحه أمامهم، نظرت له بتعجب قائلة:
-ماذا قُلت للتو، عِد ما قلته مرة أخرى.

ابتسم لها ببرود وهو يقول:
-كُنت أقول انظري أمامُكِ يا مغفلة، الموتوسيكل كان على وشك أن يصطدم بكِ، وانتِ في عالم آخر.

حركت رأسها بتفهم قائلة:
-عذرًا، لم انتبه.

اقترب منها ليأخذ العربة منها قائلًا بجدية:
-ابتعدي قليلًا أنا سأحملها عنكِ، بما أننا وللأسف الشديد من نفس الطريق.
قال آخر كلماته بمرح وهو يبتسم لها، ولكن من الواضح أن الأخرى كان لها رأي آخر، حيث صاحت:
-ماذا تقصد بِـ كلمة الأسف لم أفهم؟ لماذا للأسف ها؟

نظر لها بتعجب من طريقتها العدوانية يجيبها بتبرير:
-لم اقصد شيء أنا فقط امزح معكِ.
انهى كلماته وهو يسير بالعربة التي أخذها منها، وهي تسير بجانبه.

هتفت ببرود وهي ترفع حاحبيها:
-ومن أنت لتمزح معي يا سيد؟ أنا لا امزح مع الغُرباء، سر بصمتٍ هيَّا.

القى عليها نظرة مغتاظه وهو يسير بالعربة قائلًا بسخرية:
-شحاذ ويريد بقسماط، الرحمة يا الله، ألا يكفي أنني احمل لكِ العربة وتجادليني ايضًا؟

رفعت كتفيها بعدم إهتمام قائلة بنفس بروده السابق:
-لم أطلب منك أن تحملها لي.

نظرت أمامها وهي تقول بغيظ وصوت منخفض كانت تظن بأنه لم يسمعها:
-لا أصدق كيف لهذا الوسيم، والجميل، والمحترم الذي كانت تخبرنا عنه ليلى، نفسه هذا البارد المغفل!

لم يفهم ما ترمي إليه ولكنه استمع لأسم ليلى في حديثها، ليقول لها متسائلًا:
-انتِ تعرفين ليلى؟ انتِ صحيح لم تخبريني من تكوني أنا لا اعرفك!

هتفت ليليانا بغيظٍ:
-أنا اكون شقيقة ليلى الكُبرى.

"بعد مرور خمسة ساعات"

"في منزل رأفت والد نورسين"

جلس على المقعد الأمامي لمكتبه الخشبي مستندًا عليه بذراعيه ببرود وهو يستمع لحديث زوجته التي تقول:
-رأفت لأجلي، اسمعني هذه المرة فقط هذه المرة من أجل ابنتنا، لا يصح أن تجبرها على الزواج من شخص لا ترغبه رأفت، أنا أعرف أن أرغد مثال للرجل الخلوق ولكن هذا زواج رأفت، تستوعب كلمة زواج؟ يعني مسؤلية كبيرة صدقني، ليس اي شخصٍ نحمله هذه المسؤلية رأفت، الاثنين لا يتقبلون بعضهم كَـ أزواج، كيف لنا نحن الأكبر منهم عُمرًا وعقلًا، أن نجبرهم على هذا.

زفر بهدوء ليقول:
-انتِ لا تعرفين شيء نجلاء لذلك لا تتحدثين، نجلاء حبيبتي إذا تم زواج ابنتكِ نورسين على ابن أخي أرغد اشياء عده ستتحقق، أولهم أنني ساستطيع أن أمتلك متجر الخضره وأستبدله لمطعمٍ كبير.

نظرت له نجلاء بذهول وهي تقول:
-ماذا تقصد رأفت، أنت تتاجر بأبنتك؟ رأفت نسيت أنها ابنتنا الوحيدة، ابنتنا التي عانينا كثيرًا من أجل أن تأتي وتُنير لنا دُنيتنا.

نهض عن مكتبه بغضب اسود صائحًا:
-اصمتِ نجلاء فقط اصمتِ، أنا لا اريد أن اسمع هذه الهراءات، أنا ذاهب لدي عمل مهم.

اقترب منها مقبلًا وجنتيها وهو يقول بإبتسامة نادرًا ما تظهر على وجهه العابث دومًا:
-لن اتأخر عليكِ حبيبتي،إلى اللقاء.

ابتسمت له نجلاء بحبٍ بعدما تناست وبسرعة البرق طريقته السيئة في الحديث معها، والتي لم يمر عليها إلا عدة ثواني.

عادت ليلى إلى منزلها بعدما انتهت من اختبارها، لترى والدتها تجلس على احد الارائك بالصالة تشاهد التلفاز، ركضت إليها بسعادة وهي تصيح:
-أمي أمي، أنهيت اختباري وأخيرًا.

ابتسمت لها ناريمان باتساع لتفتح لها ذراعيها بمعنى تعالي إلى احضاني قائلة:
-حبيبة قلبي ابنتي المجتهدة.

احتضنتها ليلى بحب كبير وهي تقول:
-أنا سعيدة امي كثيرًا، متبقي ثلاث أيام فقط وأنهى اختباراتي، ثم انتقل لمرحلة أخرى، سأدخل ثانوي التمريض ان شاء الله كما اتمنى أمي.

مسحت ناريمان على شعرها بحنان ودفء مجيبة إياها:
-وفقكِ الله غاليتي ليلى، ولكن ليلى اخبريني لِمَ انتِ مُصرة على ثانوي التمريض بهذا الشكل، أنا أريد أن ادخلكِ ثانوي عام لتدخلين كلية قيمة.

حركت ليلى رأسها برفض وهي مازالت بحضن والدتها لتقول بإبتسامة لطيفة:
-أمي أنا لا أحب الثانوي العام آ..

قاطعت ناريمان حديثها بتعجبٍ وهي تقول:
-ولكن ليلتي انتِ مجتهدة وتستحقين أن تدخلي ثانوي عام، بدلًا من ثانوي تمريض.

ابتعدت عنها ليلى قليلًا، لتنظر لوجهها بعدما أمسكت بيديها رابته عليها بحب:
-أمي حبيبتي، أنا أعرف أنني مجتهدة واستحق أن أدخل ثانوي عام، ولكن نتحدث بالمنطق قليلًا، أنا لا أحب الثانوي العام ولا أرغب به، اذن ليس ملزم عليّ أن ادخله؛ فقط لأنني فتاة مجتهدة والجميع يرى أنني سافلح فيه، الجميع لا يعرف ماهي قدراتي، من الممكن جدًا بأنني ادخل الثانوي العام ولا افلح فيه، أنا أرى نفسي في ثانوي تمريض، وأيضًا حبيبتي انتِ تعرفين أن الثانوي العام يحتاج لمال كثير، والثانوي التمريض سينفعنا؛ لأنني بعدما اتخرج منه سأعمل حينها تفهمين عليّ أمي؟

مسحت ناريمان على وجهها بحب كبير، وابتسامة مفتخره ارتسمت على صغرها؛ لتُنير وجهها كالبدر الذي يزين سمائه، ثم قالت بحنان:
-انتِ معكِ حق في كل حرفٍ قولتيه ليلتي، أنا حقًا أشعر بالفخر بكِ انتِ وشقيقتك، الله يكملكِ بعقلك يا روحي، وأراكِ فيما تحبين ان شاء الله.

احتضنتها ليلى مرة أخرى قائلة بدعاء:
-ويديم الله وجودك في حياتُنا يا أجمل أم على الإطلاق.

ابتعدت عنها لتنهض عن الإريكة وهي تقول:
-سأذهب لأبدل ملابسي وأعود لكِ سريعًا، نسيت أن اشكو لكِ على ابنتكِ المستفزة ليليانا، تعلمين أمي كانت في الصباح تسخر مني؛ لأنني فعلت بيض مسلوق وقطعت خيار لآخذه معي، فقط لكي لا اتعبها، وفي النهاية جزاتي امي أنها تضحك عليّ.

ضحكت ناريمان بخفة وهي تضع يدها أعلى صدرها، تشعر بقليل من الألم لتقول بسعال خفيف:
-هي تمزح معكِ عزيزتي ليلى، لا تغضبي عندما تعود أنا لي تصرف اخر معها، سأُحاسبُها على استهزاءها على قدراتك الفائقة، كيف تتجرأ وتستهزأ على ابنتي المدلله الماهرة حديثًا في سلق البيض.

ضربت ليلى قدميها بالأرض يغيظٍ قائلة:
-وانتِ أمي تستهزأين، أنا سأذهب لأبدل ملابسي افضل، لا أحد يتحدث معي منكم.

انهت كلماتها راكضه نحو غرفتها المشتركة مع شقيقتها، بعدما حملت حقيبتها من أعلى الاريكة.



"في المتجر"

-ماذا تريدِ يا جميلة اخبريني.
قالت ليليانا تلك الكلمات لأحد الفتيات الصغيره التي أتت لتشتري منها.

ابتسمت لها الفتاة الصغيرة بطفولية وهي تقول:
-لحظة واحده خالتي، سأخرج الورقة التي دونت لي امي فيها كل ما تطلبه.

ابتسمت لها ليليانا برقة، لتضم يديها إلى صدرها منتظره إياها أن تنهي البحث عن الورقة بداخل حقيبتها، وعندما وجدتها ابتسمت بحماس قائلة:
-تفضلي ها هي، لقد وجدتها.

تناولت ليليانا منها الورقة لتقرأ كل ما دونته والدة الفتاه فيها، لتخرج لها خمس رزم من الجرجير مثلما تريد والدتها، وناولتهم للفتاة قائلة:
-تفضلي حبيبتي هذه خمسة أرزام من الجرجير كما تريد والدتكِ.

اخذتهم منها الفتاة وهي تقول بتساؤل:
-وأين باقي الأشياء خالتي؟

ابتسمت لها ليليانا بأسف مجيبه إياها:
-للأسف حبيبتي لا يوجد عندي نعناع وحلبة وخس.

اخذت الفتاه منها الورقة شاكرة إياها باحترام لتقول:
-شكرا لكِ خالتي.

أشارت لها ليليانا على احد الجوانب القريبة نسبيًا منها وهي تقول:
-اذهبي إلى هذا الشاب، اعتقد بأنكِ ستجدين عنده كل ما يلزم والدتكِ.

اعطتها الفتاه النقود لتشكرها وقبل أن تذهب قالت لها ليليانا:
-من الممكن أن اطلب منكِ طلب صغير؟

حركت الفتاة رأسها بتأكيد قائلة:
-اجل بكل تأكيد، تفضلي خالتي.

تحمحمت ليليانا بحرج لتقول وهي تناولها نقود:
-اشتري ليّ معكِ رزمتين من النعنع منه أيضًا.

اجابتها الفتاة بتأكيد:
-حسنًا خالتي من عيوني.

انهت كلماتها لتذهب سريعًا حيث أشارت إليها ليليانا.


"على الجهة الأخرى"

تناول أرغد النقود من المرأة مجيبًا على شكرها قبل ذهابها مخبرًا إياها أن تأتي إليهم مرة أخرى.

مرحبًا عمو، من الممكن أن تجلب لي كل ما هو مدون بهذه الورقة ما عدا الجرجير؟
قالت الفتاة تلك الكلمات بجدية وهي تناول الورقة لِـ أرغد.

اخذ منها أرغد الورقة ليجلب لها كل ماهو مدون في الورقة، ليناولهم إياها بإبتسامة مجامله وهو يقول:
-من أين اشتريتِ الجرجير يا جميلة؟

أشارت الفتاة حيث مكان ليليانا التي تبيع لأحد الأشخاص وهي تقول:
-من خالتي صاحبة الفستان الأزرق.

ابتسم أرغد على وصفها لِـ ليليانا ليومئ لها برأسه ثم اخذ منها النقود وذهبت الفتاة ونظرات أرغد لا تتركها.

ظهرت علامات التعجب على وجهه وهو يراها تتوجه ناحية ليليانا مرة أخرى.

فتحت الحقيبة البلاستيكية الموجود بها النعنع وبقية الخضروات، أخرجت الفتاة رزمتين من النعنع لتناولهم لها بإبتسامة قائلة:
-تفضلي خالتي، تريدين شيء آخر؟

شكرتها ليليانا بلطف لتذهب الفتاة، وتتمسك ليليانا بالنعنع تستنشق رائحتها بأدمانٍ وابتسامة سعيدة مرتسمة على ثغرها، لتقطف بعض ورقيات من النعنع لتأكلها باستمتاع.


تعجب أرغد من تصرفها الغريب ليبتسم بداخله مخمنًا أنها من الممكن ان تكون تحب النعنع.


حمل العربة خاصته ليضعها بأحد الغرف الموجوده بالمتجر والتي تعود إليه من الأصل.

توجه ناحية ليليانا التي ايضًا من الواضح عليها أنها كانت تلملم أغراضها مستعدة للذهاب، ليقول لها مقترحًا عليها:
-أنا سأعود الآن إلى المنزل، ترغبين بالعودة معي ام لا ينالكِ الشرف ايضًا.

اغتاظت من سخريته لتقول مجيبه إياه:
-ها أنت تفهم مثلنا، نعم ممتاز التقطتها وهي طائرة، بالفعل لا ينالني الشرف، هيَّا أرينا عرض اكتافك يا ثقيل الدم.

ضحك أرغد باستمتاع باستفزازها ليقول:
-شكرًا لكِ، على كُلًا هو شعور متبادل، الحق عليّ؛ لأنني جئت وعرضت عليكِ المُساعدة، إلى اللقاء.

سار مبتعدًا عنها ليفعل مثلها بالضبط، يستدير برأسه وكأنه قد تذكر شيئًا للتو قائلًا لها:
-آه، اسحب إلى اللقاء.

ضحكت له ليليانا باصفرار لتأخذ عربتها، وتسير بها خارجة من المتجر متوجه نحو وجهتها وهو منزلها.


بعد عدة دقائق ليست بالطويلة، وصلت ليليانا إلى منزلها لتدخل إلى البوابة ثم تضع العربة بمكانها المُخصص، وهي تستدير للأمام معتدله لتسير نحو الداخل.

اصطدمت بأرغد مرة أخرى، ولكن هذه المرة كانت اقوى من ذي قبل، وضعت يدها على جبينها تدلكه بألم وهي تقول:
-أأنت غبي يا مغفل أم تستغبى؟

نظر لها أرغد بغيظ شديد من بجاحتها فهي من اصطدمت به وتعنفه! هتف بغضبٍ من شدة غيظه منها:
-لا تتحدثين معي هكذا فهمتِ؟ أنا لستَ بغبي انتِ هي العمياء.

توسعت حدقتي ليليانا بصدمة وغيظ مجيبه إياه:
-أنا عمياء يا مغفل أنت؟ لا أصدق حقًا بأنك نفسه ذاك الشخص الذي تصدعنا به ليلى يوميًا من كثر ثرثرتها عنه.

رفع حاجبه وهو يرمقها بنظرات غاضبة قائلًا بنفس طريقة حديثها:
-وأنا لا أصدق بأنكِ انتِ نفسها الفتاة التي تصدعني بها ليلى يوميًا، حقًا أشعر بالصدمة والتفاجيء في آنٍ واحد، الفتاة الرقيقة كَـ رقة الفراشات كما تصفها ليلى دائمًا، تكون انتِ في النهاية؟ تكون نفسها الفتاة المغفلة والغريبة؟

رمقته ليليانا بنظرات حارقة مشتعلة من شدة غضبها، لتقول مجيبه عليه:
-لن اضيع وقتي الثمين في التحدث مع شخصٌ مثلك لا يفهم في شيء.

أنهت كلماتها لتسير متجه نحو باب المنزل بعدما رمقته بنظراتٍ مغتاظه.


فتحت باب المنزل لتجد والدتها تجلس كما كانت أمام التلفاز لم تتحرك، وبجانبها تجلس ليلى التي كانت تحاول أن تصنع سجادة صغيرة كما علمتها شقيقتها، ولكن كل محاولاتها كانت تفشل، ألقت كل ما بيدها بغيظٍ كبير.

لتضحك ليليانا عليها قائلة بغرور مصطنع:
-عزيزتي ليلى لا تتعبين نفسكِ كل هذه أسرار مهنة ليس أي أحد يعرفها.

ابتسمت لها ليلى باصفرار وهي تجيبها:
-انتِ من تعرفين كل أسرار المهن ماشاء الله عليكِ، مهمة قلي البيض وصنع السجاد، وصنع مشروب النعنع بالليمون الطازج والى آخره.

هتفت ليليانا وهي تفتح حقيبتها تخرج منها رزمة نعنع واحده، بعدما نهت على الثانيه وأكلتها وهي تسير في طريقها للعوده، لتقول بحماس:
-جلبت لكم النعنع لأصنع لكم مشروب الليمون بالنعنع الطازج ما رأيكم؟

هتفت ناريمان بإبتسامة مشتاقة:
-كنت مشتاقة لأشربه ليليانا حقًا، هيَّا اسرعي نحن ننتظرك بشوق.

ابتسمت ليليانا بحنان لتقول بعتاب:
-أمي لِمَ لم تخبريني إنكِ تشتاقين له؟ كنتُ صنعته لكِ من زمان.

هتفت ناريمان بحب:
-لا يهم حبيبتي، هيَّا اذهبي وابدلي ملابسكِ اولًا.

ذهبت ليليانا إلى الغرفة تبدل ملابسها، لتقول ناريمان بجدية:
-ليلى، عندما تنتهي ليليانا من عمل المشروب، اصعدي إلى أرغد وأعطيه كوب اتفقنا؟

اومأت ليلى برأسها بمعنى نعم لتقول بعدها بحيرة:
-لا أعرف اذا أكل أو لا، أمي سأُقلي له بيض ما رأيك؟

رمقتها ناريمان بنظرات محذرة بمعنى "إياك" لتضحك ليلى بخفة، ثم تقول والدتها:
-انتظري ليليانا عندما تنتهي من عمل المشروب، ساخبرها ان تفعل له طعام جيد.

هتفت ليلى بنظرات مترقبه:
-ماذا تقصدين امي الحبيبة، أنا طعامي سيء؟

حركت ناريمان رأسها سريعًا نافيه حديثها وهي تقول بإبتسامة مصطنعة:
-لا لا حبيبتي ليلى، ليس هكذا بل انتِ كما اخبرتكِ فائقة في المهاره، لا أحد مثلكِ في فعل أجمل أصناف الاطعمة والتي هي، جبن بالخيار و باذنجان مقلي، وبيض مقلي وبيض مسلوق اهم صنف طبعًا.

رفعت ليلى نظراتها للأعلى بغرور من مدح والدتها لها قائلة بمرح:
-شكرا شكرا، لا داعي للتصفيق، هذا أقل ما لدي من الأصل، أنا لا أحب أن أتحدث عن نفسي كثيرًا.

ضحكت ناريمان بقلة حيلة مجيبه إياها:
-صغيرتي المتواضعة.

قطعت حديثها صوت طرقات على باب المنزل، لتنهض ليلى عن الاريكة متجه نحو الباب وفتحته بعدما قامت والدتها بارتداء حاجبيها الذي كان موضوع بجانبها.

فتحت ليلى الباب لتجد صديقتهن وجارتهن هند هي ووالدتها، رحبت بهم ليلى بحرارة تحثهم على الدخول قائلة:
-تفضلوا تفضلوا، انرتم.

ابتسمت لها ميمونة والدة هند بحب وهي تقول:
-حبيبتي ليلى كيف حالك؟

صفحتها ليلى بود وهي تقول:
-بخير والحمدلله خالتي.

احتضنت ليلى هند بسعادة قائلة بمزاح:
-لا نرى وجهكِ إلا مع والدتكِ، اشتقنا لثقل دمكِ يا فتاة.

ضحكت هند مجيبه إياها وهي تلكزها:
-وأنا اشتقت لاستفزازك، أين ليليانا؟

خرجت ليليانا من المطبخ في هذا الوقت قائلة:
-اتيتم في وقتكم، لقد قمت بفعل مشروب الليمون بالنعناع الطازج على طريقتي السرية، سأجلب للجميع.

اقتربت منها ميمونة بحب لتناولها حقيبة بلاستيكية كبيرة الحجم قائلة:
-لقد قمت بطهو المحشي اليوم وقمت بعمل الكثير لنتقاسمهم سويًا، اعطوني رائيكم به بصراحة.

هتفت ناريمان بعتاب:
-لِمَ كل هذا التعب ميمونة حبيبتي؟

وضعت الحقيبة على يدي ليليانا ثم توجهت ناحية الاريكة التي تجلس عليها ناريمان قائلة بحب:
-لا يوجد تعب ناريمان، ونحن إخوة ليس بيننا هذا الحديث، بالهنا على قلوبكم.

شكرتها ليليانا بامتنان وحب لهذه المرأة المخلوقة طيبة القلب، ثم قالت بابتسامة:
-انتظروني سأحضر لكم المشروب.

ذهبت سريعًا لتحضر لهم المشروب، وعادت بعد عدة دقائق حامله الصينية بين يديها، لتناول كل واحده منهم كوبها الخاص.

هتفت ليليانا بحماس:
-هيَّا بنا نحن يا فتيات على الغرفة ونترك امي وخالتي ميمونه سويًا.

هتفت ناريمان موجه حديثها لِـ ليلى:
-ليلى خذي اولًا كوب مشروب الليمون واعطيه لأرغد.

هتفت ليليانا بغضبٍ مكتوم ودون تردد:
-لا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي