الفصل الثامن

الفصل الثامن
بعد ساعات تم نقل جميع الضباط المُصابين منهم آدم إلى المشفى؛ أما الأموات تم نقلهم إلى المشرحة، وأتى كلاً من ليث وجنات، حتى يرى حال أخاه، فنظر إليه من غرفة العمليات قائلاً ببكاء حاد:-
-  لما يحدث كل هذا؟!
نظرت الأخرى إليه، و قالت:-
-  سيكون بخير. لا تقلق.
هنا تذكرت جنات. ماذا حدث منذ ساعات..
فلاش باك بعدما أفاقت جنات شعرت بـ دوران شديد في رأسها، ونغزة في قلبها جعلتها تقول بدون وعي:-
-  ماذا حدث لي؟!
إحداهم:-
-  لا نعلم ماذا حدث لكِ، لقد وقعتِ أمام الجميع، فـ جلبناكِ إلى الغرقة.
سمعت جنات صوت رنين هاتفها التي بيديها، فأجابت بسرعة قائلة:-
-  ماذا حدث؟!
أتاها صوت ليث القلق، وهو يقول:-
-  جنات قابليني سريعاً أمام مشفى..
قالت جنات بتساؤل فضولي:-
-  ماذا حدث لما آتي إلى المشفى؟!
قال لها ليث:-
-  لقد أصاب آدم بإحدى الرصاصات في جسده؛ لقد حكوا معي من قسم المخابرات أبلغوني بهذا؛ ولم يقولوا أي شئ لهذا سأذهب إلى هناك رجاءً إلحقِ بي. أنا أحتاجك بجانبي هذه المرة.
توترت جنات كثيراً، لكنها هزت رأسها، وقالت:-
-  سآتي لا تقلق. سيكون بخير.
ثم أغلقت جنات المكالمة، وقالت، وهي تقف أمام الفراش:-
-  سأذهب إلى المشفى، ولن أعود اليوم لذلك لا أحد ينتظرني، وأبلغوا الجميع أني رحلت.
هزوا جميعهم رؤوسهم بينما قالت إحداهم، وهي تحب جنات كثيراً وتكون صديقتها:-
-  لا أريد تركك سآتي معكِ؛ و لا ترفضي ذلك رجاءً.
قالت جنات مبتسمة:-
-  هيا إذا يا نور.
إرتدت كلاً من جنات، و نور ملابسهما، وخرجا ذاهبين إلى المشفى فقالت جنات بتحذير:-
-  إياكِ أن تقولي لأحد أننا سنرى ليث. هذا سر بيننا.
هزت نور رأسها بـ تأكيد قائلة:-
-  بالطبع. سيكون هكذا مؤكداً. أنا لا أريد الضرر لكِ أو توريطك بشئ ما.
إبتسمت جنات، وقالت:-
-  سيكون هذا رائعاً.
باك
فجأة شعرت بتلك النغزة للمرة الثالثة وقالت، وهي توجه حديثها إلى ليث وتقول:-
-  سأذهب إلى المرحاض.
ذهبت جنات بينما بقيت نور مع ليث، وقالت نور بخفوت:-
-  إطمئن. سيكون بخير. هو ضابط وسيتعرض لإصابات بالتأكيد، لكنه سيصمد ما زال العمر أمامه.
إكتفى ليث بهز رأسه فقط؛ ولم يبالي لحديثها، لأنه يعلم ما لا تعلموا يعلم أن شقيقه يُعاقب نفسه على شئ لم يفعله، سيكون من الصعب نسيان شخص نحبه، وظللنا نحبه لكنه تركنا إلى مكان أفضل من أي مكان آخر مكان لا يوجد به ظلماً أو موتاً أو جراحاً، كانت ستكون الحياة جميلة جداً إن ظللنا مع مَن نحب، لكن عندما يإتي القدر بما لا نريده ستكون النتيجة بائسة ستكون في أشد القهر، والعذاب سنتذوق العذاب، والألم أكثر من تذوق الطعام ستكون حياتنا مبنية على وهماً أحيينا به، و تأتي الرياح بما تشتهيه السفن لتأخذ منا ما نعشقه، حتى وإن المحب أحب غيرنا سيكون من الصعب نسيانا الذي يحب لا ينسى لا يُعذب؛ ولا يقهرنا؛ ولا يعيشنا بالوهم الذي من المفترض أن نكون فيه الجنة مع مَن نعشق، ستكون حياتنا عبارة عن لعبة إن توارثتها الأجيال وراء بعضهما، ستكون الحياة نفسها حزينة، وبائسة وكريهة سنكره كل شئ بها بدافع العشق نعم أنا أيضاً عشقت عشقت شخصاً أعلم أنه لا يحبني، ولا يهتم بي فلما العشق لشخص لا يهتم لأمرى لشخص يقوم بالتسلية معي بدافع العشق.
هنا تذكر ليث هذا الحديث، وهو يعلم أنه يؤلم من الداخل أكثر من الخارج الألم لا يإتي إلى ممن أحببنا بصدق، حيث أردف ليث، وهو ينظر لشقيقه وبدون وعي منه أو إرادة قال:-
-  أتعلمين أن آدم يُوهم نفسه.
لم تفهم نور مقصد حديثه، لكنها قالت في العموم:-
-  مَن إنجرح كثيراً يستطيع مداوة نفسه إن إكتمل تعافيه من فراق شخص يحبه كثيراً أو كان يحبه أكثر من نفسه لحد الآن لم أخلق للجرح أو للكسر؛ بل خُلقت لأتعافى من جميع الجروح النفسية، والجسدية الذي يسببها لي.
نظر إليها ليث، وقال:-
-  إذا هنيئاً لي بالجرح الجديد يا أنسة نور.
لم تفهم نور معنى حديثه الغامض، حتى عادت جنات مرة أخرى، وقالت بشك:-
-  ماذا حدث؟!
كادت أن تتحدث نور، لكن قاطعها ليث قائلاً:-
-  لم يحدث شيئاً فقط كنا نتحدث.
سمعت جنات صوت ما، وكأنه صوت دقات قلب، لكنها تتحدث في أذنيها وتقول:-
-  لما تركتينني؟!
شعرت جنات وكأن الصوت صوت شخصاً قريباً جداً منها، ولكنها لم تتحدث، حتى لا يظنوها؛ قد جنت لكنها إكتفت بالنظر إلى آدم، حتى رأت الجهاز يعلن عن التصفير، وإستقام الخط فـ صرخــــــت!
نظروا جميعاً إلى الغرفة ليرى ليث شقيقه جسده يرتفع، وينخفض؛ ولم يستطيع التنفس فصرخ قائلاً:-
-  لاااا.
دلفت جنات إلى غرفة العمليات، وهي تبكي، وتترجاه بأن يفيق، كانت ترآه، وهو مثل الجثمان الهامد، والمُتعب ترآه جارحاً بالفعل من الصعب أن يظل الشخص وفياً كل تلك السنوات من الصعب أن نجد شخصاً مستعداً للتضحية بكل ما لديه من طاقة للدفاع عن غيره حيث، قالت جنات بـ شجاعة:-
-  يجب أن تفيق ما زالت الحياة أمامك ما زال أمامك وطناً تضحي من أجله رجاءً فيق، فكر في عائلتك فكر في شقيقك، وشقيقتك رجاءً لا ترحل عد إلى وعيك جميعنا نحتاجك.
رأته جنات، وهو يُحرك إصبع يده اليسرى، فإبتسمت وبدون وعي قامت بإحتضانه، وعندما رأى ليث هذا خرج من الغرفة، وقلبه يتألم للمرة الثانية خرجت ورائه نور تاركة إياهم وحدهم فتح آدم عيناه ببطئ ورأى جنات تحتضنه، فـ شعر أن قلبه ينبض بشدة فأبعدها عنه قائلاً بغضب:-
-  ماذا تفعلين هنا؟!
قالت جنات، وهي تبكي:-
-  كنت فقط أطمئ...
قال آدم بتعب، وهو يحاول فك تلك الأسلاك:-
-  لا تقولي شيئا. أخرجِ من هنا الآن لا أريد رؤيتكِ.
حاولت جنات الإقتراب من، وتهدأته، لكن بلا جدوى، حتى أتى ليث على صوت صراخه، وحاول تهدأته بينما خرجت جنات، عندما أتى ليث، وهي تبكي، وكانت المرة الثانية التي تبكي بها جنات بسبب آدم، ولا تعلم السبب، ولما هي ضعيفة أمامه كل هذا تشعر بإنقباض روحي بينها، وبين آدم لا تريد تركه؛ ولا تريد الإقتراب منه بسبب تلك الفتاة المجهول التي لا تعلم عنها شيئا سواء إسمها فقط؛ وأنها كانت حبيبة آدم منذ طفولتهما؛ وهما معا كاد كل شئ يتغير، لكنه تذكر ورأى شئ فيني جعل قلبي يخفق بشدة، وكأن الروح، والقلب يعودان مرة أخرى إلى الجسد، لكن بلا روحاً، وستراً، وحظاً إرتمت جنات بأحضان صديقتها، وأخذت صديقتها تلتمس شعراتها، وهي تحاول تهدأتها، حتى رفعت جنات رأسها عنها وقالت، ودموعها تهبط على وجنتيها، وقلبها يخفق بشدة، وتشعر بأن روحها تهرب منها فقالت:-
-  لما يفعل هذا بي؟!
جاء صوت ورائها يقول:-
-  لأنه فقد ذاكرته يا جنات لم يعد يتذكر أي شئ عنكِ؛ ولا حتى أنه رآكِ منذ أيام.
أردفت جنات بصدمة:-
-  ماذا؟! كيف!!!
إنتظروا الفصل التاسع بـ قلمي نهار أحمد"القناع"
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي