الفصل الثامن

وصل راضي إلى بيت عائلة الخيام لإنجاز بعض المهام الخاصة بتوكيلات المقهى، فوجد سيارة ضخمة تسد الطريق أمامه فاضطر لصف سيارته بعيدًا قليلًا عن المنزل، ثم ترجل منها ليرى من لم يتمنى يومًا رؤيته، والذي زاد حنقه عندما رآها تقف هي الأخرى ويبدو على ملامحها الخوف والذعر، وحينما اقترب سمع رأفت يقول:
-أريد أن أرى ابنتي وأتحدث معها وحدنا.

فتدخل قائلًا وهو يتحاشى النظر إلى جميلة:
- حسنًا، ستراها في المحكمة.

إلتفت إليه رأفت ورمقه بغضب وهتف:
-ومن أنت لتتدخل بالأمر؟

خلع راضي نظارته الشمسية وطالعه بحدة قائلًا:
-ليس من شأنك من أكون، كل ما عليك فعله، أن تذهب من هنا قبل أن أطلب لك الشرطة.

هدر رأفت وهو ينقل أنظاره بين الموجودين:
-كل هذا لأني أريد رؤية ابنتي؟!

وضعت جميلة يدها على فمها بتوتر وهي تنظر خلفها بين حين وآخر لتتأكد أن صوتهم لا يصل إلى الداخل وأخذت تدعو ربها أن يمر الأمر بسلام دون أن تعلم سيليا شيئًا مما يحدث.

أكمل راضي بصوته الرخيم:
-قُلت لك ستراها في المحكمة، اذهب الى المحكمة وارفع قضية لرؤيتها وحينها نتفاهم في الأمر.

جز رأفت على أسنانه وهو يرى أن لا مجال للتفاهم مع هذا الشخص ورد:
-ولما كل هذا وهي لم تعد طفلة لأطلب رؤيتها بالمحكمة؟!

دث راضي يديه بجيبي بنطاله ووقف أمامه يقول بتحدٍ واضح:
-هذا تحديدًا ما أريدك أن تجيب عليه، حينما يسألك القاضي لِما تركتها وهي طفلة ولم تطلب رؤيتها ولِما تُصر على الأمر الآن.
ثم مال عليه قليلًا وثبت نظراته بعين الآخر وأردف بخفوت يتضمن سخرية مبطنة:
-أو ربما سيليا هي من طلبت الإجابة على هذا السؤال.

أخذ يتطلع إليهم بغيظ من محاصرته بهذه الطريقة وقال:
-هل هذا كل ما لديكم؟

سحب عبدالله نفسًا عميقًا ورد:
-اذهب أنت الآن يا رأفت وسنتحدث في وقت لاحق.
أومأ له على مضض ثم قال:
-حسنًا يا أبا قاسم، سأرحل الآن لكن على الجميع أن يعلم أنها ابنتي ولن يمنعني أحد من رؤيتها.

ألقى بكلماته ثم أغلق زر سترته وغادر يضرب الأرض بقدميه ثم ركب سيارته وانطلق بها بقوة فأصدرت صريرًا مزعجًا.


تابعه محمود بعينيه حتى اختفى أثره وظل يكتم السُبة التي كادت أن تخرج منه، بينما ضرب عبدالله كفيه ببعضهما قائلًا:
-لا حول ولا قوة إلا بالله.

ثم نظر إلى راضي وأكمل:
-نعتذر عما حدث يا سيد راضي.

حمحم الآخر في حرج بعدما استشعر اندفاعه بالتدخل بالأمر فقال:
-لا داعي للإعتذار يا أبا قاسم، أنا الذي يتوجب عليه الإعتذار لأني جئت دون موعد لكن الأمر إستوجب علي الحضور، وحمدًا لله أنه لم يتمادى لأني كنت أنوي أن أطلب له الشرطة حقًا.

ابتسم له عبدالله ورد:
-مرت على خير، تفضل معنا لنجلس بالداخل (قالها وهو يشير إلى داخل المنزل)


أومأ له راضي وشكره بلطف، فقاده محمود إلى داخل المنزل.

أما هي فقد تملك منها الذعر وغاصت بسنون من الماضي البعيد، لعذاب عاشته طويلًا وإلى الآن لم تندمل جروحه بشكل كامل، فمع أول مواجهة عادت الجروح لتذرف دموعها مجددًا.

لمسة حانية رغم قوتها أعادتها من توهانها، فنظرت إلى يد أخيها التي أمسكتها من ذراعها تفيقها من شرودها، ثم رفعت عينيها إليه وتمتمت بدموع بعد أن سقط عنها قناع القوة:
-يريد أن يأخذ مني سيليا يا أبا قاسم، يريد أن يسلب مني روحي، يريد أن يقتلني مرة أخرى.

تمزق قلبه لأجلها فشدد على يدها وقال:
-لن أسمح له بذلك ما دُمت حيًا، إهدئي حبيبتي ولا تحملي همًا.
أكملت برعب حقيقي:
-أخشى أن يحاول مقابلتها وهي بعيدة عن عيني ويقنعها بالذهاب معه، حينها سأموت أقسم لك.

ربت على رأسها وتمتم بتأثر:
-أطال الله عمرك يا جميلة، دعينا من هذا الآن وسنتحدث فيما بعد، هيا لندخل ونرى ما سيقوله السيد راضي.

***


-يا أم قاسم، أفسحوا الطريق معي ضيف.

هتف محمود مناديًا على زوجته ليتنحى النساء بالمنزل جانبًا وإفساح الطريق للضيف، فأسرعوا للإحتماء بالمطبخ فهو الأقرب إليهم، وبعد أن تأكد من خلو المكان سمح لراضي بالدخول.

أسرع راضي إلى غرفة المكتب الذي يعلم طريقها جيدًا يحمل حقيبته السوداء وعيناه لا تبرح الأرض.


جلس راضي خلف المكتب والأخوة الثلاثة أمامه ينتظرون ما سيمليه عليهم، أخرج الأوراق من حقيبته ومد يده بجيب سترته العلوي وأخرج نظارته الطبية ثم إرتداها وبدأ بالحديث قائلًا:

-أكرر اعتذاري للمرة الثانية على الحضور دون موعد مسبق، لكن في حقيقة الأمر أنا أريد إنهاء كل الأوراق قبل موعد سفري.

سأله محمود:
-ستسافر لأمر هام، أم أنك نويت الإستقرار بالخارج.

ابتسم راضي بخفوت ورد:
-لست من هواة السفر والإستقرار خارج مدينتي، بل أني لا اشعر بالراحة أبدًا حين يحتم علي عملي الإنتقال لمحافظة أخرى، لكنه أمر هام يخص أحد عملائي قد وافته المنية منذ فترة وورثته بإحدى الدول الأجنبية، لم استطع الوصول إلى ارقام هواتفهم، لذلك علي الذهاب بنفسي للعثور عليهم.

أومأ له محمود بتفهم بينما قال عبدالله:
-أعانك الله يا سيد راضي، وأعادك إلى أرض الوطن سالمًا بإذن الله.

شكره راضي بحبور ثم أكمل وهو ينظر للأوراق أمامه:
-هذه الأوراق تخص ملكية الفتيات للمقهى، إنتهت جميعها ولم يتبقى سوى توقيعهن ليتم تسجيلها بالشهر العقاري.

وضع بعضها جانبًا ثم التقط حزمة أوراق أخرى وأردف:
-وهذه هي التوكيلات الخاصة بإدارة الشباب للمقهى وهي أيضًا ينقصها توقيع الفتيات والشباب عليها.
ثم وضعهم أمامه وخلع نظارته وهو ينظر لهم مردفًا:
-بهذا نكون إنتهينا من أمر المقهى، يبقى فقط الحساب البنكي الخاص بالفتيات الذي يوضع فيه الإيرادات الخاصة بالمقهى شهريًا، لكنه سيكون تحت تصرف الفتيات فقط وليس للشباب أدنى حق للتصرف به بأي شكل من الأشكال سوى تحويل الإيرادات، وهذا طبعًا بناءً على وصية الحاج عز الدين رحمه الله.

فقال محمود:
-إذًا أنت تريد الفتيات والشباب للتوقيع على العقود، أليس كذلك؟

أومأ له راضي بموافقة وقال:
-بالطبع، لكن قبل هذا أريد ان أعرف، هل لديكم أي استفسار يخص المقهى أو البيت؟

رد عبدالله بهدوءه الذي استطاع إستعادته أخيرًا بعدما انفلتت أعصابه منذ قليل:
-كفيت ووفيت يا سيد راضي، في الحقيقة نحن متفهمين الأمر جيدًا وليس لدينا أي استفسار.

تمم محمود على كلام أخيه، فنظر راضي إلى جميلة التي كانت شاردة الذهن ويبدو أنها لم تسمع شيئًا مما قيل، فناداها قائلًا:
-وأنت يا أم سيليا.

انتبهت له أخيرًا ونظرت له بإستفهام، فأكمل بإبتسامة لبقة:

-هل لديك أي استفسار بشأن الوصية؟

التفتت لأخويها وتمتمت بخفوت:
-وصية ماذا؟

رد عليها عبدالله موضحًا الأمر:
-هذا ما كنت أريد إخبارك به منذ قليل قبل أن يأتي رأفت.

قضبت حاجبيها تلقائيا بمجرد أن سمعت اسمه وانقبض قلبها بقوة فأردف راضي وهو ينظر لعبدالله بأدب:
-حسنًا دعني انا أخبرها بالأمر.

ثم وجه أنظاره إليها قائلًا:
-والدك رحمة الله عليه، كتب المقهى لحفيداته الثلاث "ألما، أسيل وسيليا" لكن تحت إدارة الشباب، أما بالنسبة للبيت فهو تركه على المشاع بينكم وقد طلب عدم التصرف به في أي حال من الأحوال، وأن يظل هذا البيت بيتًا للعائلة يلملم شملها، هذا كل شيء باختصار.

صمت قليلًا يمنحها وقتًا للتفكير ثم أردف:
-هل لديك أي استفسار سيدة جميلة؟

أومأت له فقال:
-تفضلي؟!

أخذت تفرك يديها بتوتر وبالكاد جمعت ما تريده قوله:
-هل يحق له طلب رؤيتها بالمحكمة حقًا، وهل سيوافق القاضي على هذا؟

صمتت قليلًا تلملم شتات عقلها ثم أكملت بتلعثم:
-وهل يمكن أن توافق المحكمة على ضمها إليه في حال طلب هو هذا؟


ابتلع ريقه محاولًا الحفاظ على هدوءه وهو يراها في هذه الحالة من التيه والذعر حتى أنها لم تنتبه لما يقوله لها، فأخذ يوزع نظراته بينها وبين أخويها الذي وجد على ملامحهم علامات الحزن عليها، فقال بحيادية:
-قانونًا يحق له رفع دعوى حضانة للبنت، لكن سيتم تخييرها بين الذهاب معه أو المكوث معك، واعتقد أن رأيها معروف قبل أن نسألها حتى، فلا تقلقي من الأمر.

لم تشعرها الإجابة بالراحة، فعقلها يذهب ويأتي بأفكار تبدو غير منطقية، فأردفت بتيه:
-لكني لا أريد ان أضعها في موقف كهذا، يكفي ما تعانيه منذ صغرها.

سحب نفسًا عميقًا ورد:
-هذا سيكون إجراءًا إلزاميًا إذا رفع الدعوى، لكن اعتقد أنه لن يفعلها، فليس بعد كل هذه السنين يعود ليطلب رؤية ابنته التي لا يعلم شكلها حتى بالمحكمة.

رفعت أنظارها إليه تستجدي الصدق بعينيه، فاستشعرت اليقين بهما، فأردف هو:
-لا تقلقي يا سيدة جميلة، فإذا لجأ إلى القضاء سأتولى أنا الأمر.

تمتمت جميلة بخفوت والتوتر مازال يرافقها:
-شكرًا لك يا سيد راضي.
(ثم نظرت للجميع وأكملت)
-أرجو ألا تخبروا سيليا بما حدث.

ربت عبدالله على كتفها بحنو ورد:
-لا تقلقي حبيبتي لن تعلم سيليا بالأمر، ولكن علينا أن نتحدث سويًا بهذا الشأن فيما بعد.

ابتسامة واهنة اغتصبت مكانًا لها على وجهها، فتحمحم راضي قائلًا:
-بعد إذنك يا أبا قاسم، تخبر الشباب والفتيات بشأن التوقيعات لننهي الإجراءات.

كاد عبدالله أن يترك مجلسه فأشار إليه أخيه قائلًا:
-انتظر أنت وأنا سأذهب وأحضرهم.

***

تجمعت العائلة بعد أن غادر السيد راضي وأنهى أمر التوقيعات فقالت سيليا بمرح:
-إذًا المقهى أصبح لنا وسنذهب إليه وقتما شئنا.

رد عمار بغيظ:
-هذا لن يحدث بالتأكيد، كيف ستذهبون وتجلسون بين الرجال لا افهم.

قال عدي ببطء يحاول إستفزاز الآخر:
-بل سيحدث، عندما أكون برفقتهم.

رمقه الآخر بغضب وهو يسُبه بسره ثم أحاد بنظره فابتسم عدي بخفوت وهو يدلك أسفل رأسه بيده يحاول إخفاء ابتسامته.

تحدثت ألما محاولة الخروج عن صمتها فقالت بنبرتها الرقيقة التي تدغدغ أعصاب ذلك القاصي الذي يتجنب النظر إليها:
-لكن غريب أن يظهر هذا الأمر فجأة هكذا.

-كنا نعلم به لكن ليس من وقت بعيد.
قالها عدي ليكمل عبدالله:
-عليكن أن تعلموا أن ما فعل جدكم هذا إلا لحمايتكن والإطمئنان عليكن لذا جعل حق الإدارة للشباب، خوفًا من أي طامع، وعليكن تعلم كيف تحافظن على أموالكن.

قالت أسيل بحماس:
-هل من الممكن تغيير نشاط المقهى، أم هذا مخالف للوصية؟

أسترعت إنتباه عمار الذي نظر بتلقائية إلى رفيقه وصديقه ونسى أنه منذ قليل كان يصر على استفزازه وسأله:
-اعتقد هذا لا يخالف الوصية أليس كذلك عدي؟

نظر له عدي بحيرة وقال:
-اعتقد ذلك، لكن لنسأل السيد راضي بهذا الشأن.

وضعت كريمة صينية العصير على الطاولة التي تتوسط الصالة ثم ناولت كل منهم كوبه وهي تقول:
-ولماذا تريدين تغيير نشاطه، فالمقهى بسم الله تبارك الله يضج بالزبائن طيلة اليوم، ويبدو أيضًا أنه يكسب مبالغ جيدة، أليس كذلك؟

أومأ لها عبدالله بتأكيد:
-نعم، فهو أكبر وأقدم مقهى في هذه المنطقة والمناطق المجاورة ويحتل موقع مميز وعلى شارع رئيسي، كل هذا ساهم بنجاحه.

أكملت أسيل بحماس:
-وما المشكلة أن نغير نشاطه لشيء آخر يناسب طبيعتنا كفتيات ويسمح لنا بممارسة العمل به.

لوت كريمة فمها ساخرة وردت:
-أنتن ستتحملن مسؤولية عمل؟! اصمتي يا أسيل ولا تضيعي تعب جدك وتلقيه أرضًا.


ارتشف عمار من كوبه ثم قال:
-ولما لا؟! نحن لن نتركهن وحدهن وسندرس المشروع جيدًا إذا كان الأمر جديًا بالنسبة إليكن.

وضع عدي كأسه الذي أنهاه مرة واحدة على الطاولة وحرك رأسه موافقًا:
-عمار معه حق، عليكن فقط التفكير بالأمر وتحديد نوع المشروع الذي تريدونه ونحن سنتولى الأمر، أليس كذلك قاسم؟

قالها وهو يشير لقاسم فأومأ له الأخير:
-بالطبع، لكن عليهن أولًا الإنتهاء من إختبارتهن وحينها سنسأل السيد راضي عن إمكانية الأمر، هذا بعد إذن والدي وعمي طبعًا.

رد عبدالله بحب جارف تجاه ولديه وابن أخيه الذي يحمل مكانة خاصة بقلبه:
- وضع جدكم بكم كامل ثقته ولن نخذلكم نحن، لذا فسنترك لكم الأمر كاملًا، والله يعينكم ويبارك فيكم.

وأكمل محمود:
-اتفقت أنا وأبا قاسم أننا سنساعدكم في إدارة المصانع لنخفف عنكم بعض الأعباء المُحملة فوق أكتافكم.
ربت عدي على ساعد والده الذي يجلس بجواره قائلًا بتأثر:
-لا حرمنا الله منكم يا أبي وأطال في أعماركم.

***

إنتهت كارما من تنظيف المطبخ بعد تناول وجبة العشاء، فالتقطت المنشفة تجفف يدها ثم خرجت إلى والدها الذي يجلس بالصالة يتابع أحد البرامج التليفزيونية باهتمام شديد، فقالت وهي تنظر للتلفاز بامتعاض:
-تريد مني شيئا يا ابي قبل أن أنام؟
لاحظ ضيقها من نبرتها الحادة، فنظر لها من أعلى نظارته الطبية وقال:
-لا تقلبي وجهك هكذا، سينتهي هذا البرنامج وسأدخل أنا أيضا للنوم.

تمتمت بحنق:
-بعد أن يكون الضغط أصبح في أعلى قياساته أليس كذلك؟!

أعاد نظره للتلفاز مرة أخرى ثم قال مشاكسًا إياها:
-وضعت دواء الضغط بجانبي إستعدادًا لأي أعراض جانبية خطيرة.

زفرت كارما بحنق وغمغمت:
-الرحمة من عندك يارب.

ثم اتجهت إلى الكلب الذي بدأت تتحسن حالته وطهرت له جرحه كما تفعل دومًا، ثم مسدت على رأسه برفق وهمست له قائلة
-أراك في الصباح يا صديقي العزيز، تصبح على خير.
ثم دخلت إلى غرفتها وغاصت بثبات عميق.

أغلق كامل التلفاز بعد أن إنتهى البرنامج الذي يتابعه دون أعراض لإرتفاع الضغط فحمد ربه وهو يتذكر ابنته التي تخشى عليه حتى من سماع الأخبار، ابتسم بخفوت واتجه إلى غرفته، ليوقفه صوت هاتفه معلنًا عن وصول رسالة، التقطه وفتح الرسالة التي فحواها

"سلمنا ما بحياذتك وسنتركك تعيش بأمان"

أخذ يدقق فيها مرة بعد أخرى حتى اتسعت عيناه من الصدمة بعدما فهم المغزي وراء هذه الرسالة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي