الفصل الثاني اللقاء الدامي

الفصل الثانى اللقاء الدامي.

يقترب شوقي من سلمى وعمر يمسك يدها وبجواره أبيه، تيبَّست كالصنم، بجانب عمر، حدجها شوقي بنظره ثاقبه، وهي تتصبب عرقاً مع نسمات الليل الباردة التي تداعب شعرها، يقترب منها مبتسم وكأنه عثر على شيء ثمين كان ضائع منه،

: أين كنتي يا سلمى بحثت عنك كثيرا؟!
-بحثت عني! لكي تقتلني ياحقير.
: أنا! كيف أقتل حبيبة قلبي وروحي، تعال معي يا حبيبتي، لقد تعبتُ كثيراً بدونك.
وكاد قلبي أن ينفطر من القلق عليكي يا صغيرتي.
يمد يداه ليمسك بها، يقاطعه عمر بحدة ويمسك سلمى بقوة.
: لا يا سيدي، هذه السيدة قاتلة والشرطة تبحث عنها وواجبي إن أسلمها لهم.

دلف اليه شوقي وهو يهمس له،
-هناك سوء تفاهم ياسيدى، فهي انسانه مريضة وليست قاتلة، هي حبيبتي وكنا سنتزوج عما قريب.
تنفعل سلمى عليه وتحدثه بعصبية وتوتر وجسدها يرتعش.
: لا أنت كاذب، أنا لم أحبك ابدآ، أنا أحب الدكتور فارس وكنا سنتزوج، انت تزيف الحقائق .
يبتسم ببرود ابتسامه صفراء ويهز راْسه بالنفي مشفق عليها وهو يرمُقها.

-حبيبتي من فارس هذا؟ أنه وهم في مخيلتك، اهدئي وتعالي معي أرجوكى.
ازدردت ريقها من مجرد قربه مسافة صغيرة منها، ارتبكت من طريقة حديثه الباردة، وتشبثت في عمر.

: لا تتركني أرجوك، أريد أن أذهب معك أينما تذهب لاتتركني مع ذلك الوغد.
-لا تقلقي ياسيدتى .

يقترب عمر من أبيه يحدثه، بينما شوقي يرمق سلمى وهي تحاول أن تختبئ منه خلف عمر.
: أذهب أنت يا أبي إلى المنزل وأنا سوف أتوجه معهم إلى الشرطة.
يقاطعه شوقي بهدوء قبل أن ينصرف والده إلى المنزل.

-أستاذ عمر أذهب أنت مع ابيكِ واتركها لي ولا تخاف ف أنا أبحث، عنها لإسلمها بنفسي إلى قسم الشرطة، أريد أن تظهر برائتها لأنها بالفعل بريئة ولم تقتل احد.
تصيح سلمى وتتشبث ب عمر.

: لا، لا، أريد الذهاب معه أرجوك، فأنا سأذهب معك.
-لا تخافي فلن أتركك.
يهمس ل والده.
:أذهب انت يا أبي الآن.

يغادر عّم إبراهيم ويتجه إلى منزله في اتجاه مختلف بعيداً عنهم، بينما شوقي يسير بجواره.
ترتجف سلمى رعبآ كلما رمقها شوقي وتحاول أن تخفى وجهها بعيداً عنه، حتى لا تشاهده او تنظر في عيناه، يهمس عمر ل شوقي.

-ماذا حل بهذه الفتاة؟! ولماذا هي خائفة منك هكذا ؟
يري شوقي الخوف في عين سلمى وهو يحدث عمر عنها.

: سلمى كانت تعمل ضمن فريق كبير في البحث والتنقيب عن الآثار تحب عملها ومجتهدة جدا فيه، وكانت تقوم بعمل دراسات عليا في مدينة (هابو بالأقصر) وفي ذلك الوقت تم أكتشاف مقبرة (أوزيريس) الموجودة في البر الغربى، وهي مستغرقة في عملها داخل المقبرة فجأة سقطت على الأرض مغشي عليها نتيجة هبوط في الدورة الدموية وهذا بسبب قلة الأكسجين داخل المقبرة.
ذهبنا بها إلى المستشفى وظلت هناك عشرة أيام، قلة الأكسجين هذه سببت لها في هلاوس سمعية وبصرية.

تستمع سلمى إلى كلامه وهي مصدومه لا تستوعب ما يقال عنها، لكنها بدأت تشك في ان ما يقوله حقيقي، وتحدثت مع نفسها في صمت.
-أيعقل هذا، أنا مريضة وما شاهدته ليس حقيقي أكاد أن أجن، يشعرعمر بصدق كلامه ويكمل حديثه معه.
: لكن هي قتلت من؟
- قامت بقتل الدكتور البيرتو وعامل كان يقوم ب حراسة المقبرة.

تلتفت سلمى تقاطعه، وتستنكر ما يقوله، لتدافع عن نفسها.
: كاذب بل انت الذى قتلت الدكتور البيرتو وأنا رأيتك من وقتها تحولت حياتي إلى جحيم بسببك، لا اعرف ما إصابني.
يهدئها عمر لأنها بدأت إن تنفعل وترتجف، تريد أن تترك يداه وتهرب منهم.

-اهدئي يا سيدتي لو كان هو القاتل سيأخذ جزاءه، أعاهدك بذلك.

يسمعون صوت عويل ذئب، تلمح سلمى نظرة خبث من شوقي مع ابتسامته الصفراء المعتادة، وهدوء تام فى المكان، لا تسمع سوى صوت الهرير مع حفيف الشجر، في هدوء يخرج عمر من جيبه سلاح ناري ينظر حوله، يظهر لهم ذئب أسود ضخم عيناه حمراء شعره كثيف يهجم على عمر في لحظة، لينطلق من السلاح طلقه في الهواء تحدث برق في السماء من هول صوت الطلقة مع صراخ عمر الذى انقض عليه الذئب وأخذ يقطع احشائه بأنيابه الحادة، ويمزق في جسده يلتهمه بشراهة كأنه لم يأكل من فترة بعيدة، يقف شوقي يشاهده وهو يضحك ثم يصمت مرك واحدة ويحملق في وجه سلمى، يقترب منها ويمد يداه لها.

: هيا بِنا يا حبيبتي فقد مضى وقتآ طويلآ، فأنا اشتاق اليكي .

تدفعه سلمى بقوة يسقط على الأرض وتتراجع إلى الوراء وهي لا تنطق بكلمه وتركض مسرعه، لتهرب منه مرة أخرى وسط الأراضي الزراعية باتجاه الطريق السريع.
          ***
تقف سيارة علي جانبي الطريق السريع في وسط الظلام، أنوارها مضائه يصدر منها صوت موسيقي مرتفع جداً، يرتجل صاحب السيارة يتفحصها بعد ان سمع صوت اصطدام قوي من بالخلف.

(ادهم) صاحب السيارة في منتصف الثلاثينات، يقف ادهم يتفحص السيارة من الخلف لأنه شعر بأن هناك شيء علق تحت السيارة، وفي غفلة منه تدخل سلمى السيارة، وتجلس وتختبئ في المقعد الخلفي دون إن يشاهدها بسبب صوته المرتفع المزعج.

يغني مع صوت المذياع الذي يعمل داخل سيارته، لكى يستأنس معه وسط هذا الظلام المخيف في ليالى الشتاء الطويلة، يدخل سيارته مرة أخرى وهو مازال يغني مع أم كلثوم، أغنيتها الشهيرة هذه ليلتي، وهو منسجم، شارد الذهن، يردد هذا المقطع من الاغنية.
: هذه الدنيا كتاب انت فيه الفكرُ، هذه الدنيا لياليِ انت فيها العمرُرررر.

فجأة هنا يشاهد سلمى في مِرآة السيارة تنظر إليه وهي جالسه في الخلف شكلها مخيف بعض الشيء ينظر إلى المرأة وينظر إليها ويظل هكذا دون إن ينطق يتوهم بأنها شبح أو عفريت يرتبك يخفض صوت المذياع، يحاول ان يتكلم لكن تحشرجت انفاسه.

تكاد سلمى تسمع صوت ضربات قلبه المتصارعة داخله، من الرعب يتعلثم وهو يحاول أن ينطق بصوت مسموع يخرج ببطء مرتعشآ وقال ب خفوت.

-بِسْم الله الرحمن الرحيم، أنصرفى أيتها الروح أنصرفى في سلام أنصرفى أنا شاب مسكين ومسالم وطيب القلب.
_روح ؟! مع من تتحدث يا رجل؟ أنا لست روح انا سلمى،

يرتعب ويرتعش وقد اقشعرت شعيرات رأسه، ويقف بالسيارة وهو متوتر، ويحاول إن يفتح باب السيارة لكنه لا يستجيب.
-سلاما قولا من رب رحيم، يا إلهي، أرجوكى انصرفى فى سلام يا سيدتى، يا ويحي انتي تتحدثين كيف؟!
-أتحدث من فمي كما البشر، وهل هذا عجيب أنا أريدك ان تأخذنى من هنا ارجوك وبسرعة فأنا اهرب من جحيم يلاحقيني.
ويضرب ب كفه علي وجنة وصياح وعويل.

: تهربين من الجحيم ياويحي، وأنا الذى أأخذك من هنا كيف؟! يا إلهي اغثنى، أنا لا أريد أن أذهب الي الجحيم معها فهذا مكانها وليس مكاني.
أتوسل اليكي مازالت شابّ أحب الحياة وأريد ان أتمتع بها.

وهو يكلمها يكاد ان يبكى من الخوف مع نزول المطر والبرق بدء يضرب في السماء، تنظر ورائها تشاهد الذئب يقترب عليهم، تضع يدها على كتفه تحذره.
-هيا أسرع الذئب يقترب منا أسرع من هنا ارجوك.
ينظر في المرأة يشاهده ينطلق بالسيارة وبدأ يدرك أنها انسانه وليست شبح.
: أنتي انسانه مثلنا.

-أكيد أنا انسانه، انت ترى غير ذلك.
يضحك وهي لأول مرة تبتسم لتظهر ملامح وجهها الجميل مع ابتسامتها الرقيقة التي غابت عن وجهها فتره طويلة، وهو يأخذ نفسه الذي كاد ان ينقطع من الخوف.
: توهمت انكِ شبح عفريت أرسلته زوجتي السابقة ظهر لي ينتقم منى، بسبب أنني تركتها.

-نعم وهل زوجتك تستطيع ان تفعل هذا؟!
بثقه وهو يخبرها عن زوجته.

: أجل فهي في الأصل تشبه العفاريت كنت أخاف منها عندما اذهب إلى المنزل في المساء، وأخيرا انفصلت عنها بإعجوبه، لكن هي توعدت لى بأنها لن تتركنى أبداً أعيش في سلام وسوف تسلط على جن ينتقم منى.
-ولماذا تزوجتها وهي لاتروق لك؟؟
: فأننى والله لم أتزوجها بل هي التى تزوجتنى.

تبتسم والفضول يقتلها تريد ان تعرف حكاية زواجه.
-تزوجتك؟ أنني أعلم إن الرجل هو الذي يتقدم للزواج إنما هي التى تقدمت لزواجك، كيف؟؟

-هي كانت صديقة أختى رقيقة وجميلة كالنسمة عندما أنظر إليها أشعر بأنني أشاهد ملاك يمشي على الأرض في استحياء، أعجبت بها وقولت ل نفسي هذه هي شريكة حياتي التى أبحث عنها طوال الوقت، أختي حذرتنى بأنها حدة الطباع لكن تصورت بأنها لاتريدنى أن أتزوجها وندمت أشد الندم، لأنني لم أسمع كلامها، لكن بعد الزواج حدث مالم أتوقعه.

فقد صدقت اختي، تحولت إلى غوريلا تأكل الأكل بنهم، تحب النميمة وتغتاب من تعرفه ومن لا تعرفه، عصبية، تعارك أي شخص يتحدث معها وأن لم تجد أحدّ ف تعاركنى أنا، تخلصت منها منذُ يومين بعد سنة من العذاب لكن قبل أن تتركنى قالت لي بأنها سوف تلقى على تعويذة لكى تدمر حياتي، عندما رأيتك تذكرت كلامها وتوعدها لي.

تضحك سلمى معه كالأطفال وتشعر بالاطمئنان لأول مرة منذ وقت طويل ينظر إليها في مرآة السيارة.
: من انتي يا سلمى أشعر بأن عقلك سليم.
تضحك سلمى من قلبها.

-وهل انا مظهرى يدل على أن فقدت عقلي.
يهز رأسه بالإيجاب تنظر إلى حالها وتضحك وتبكى فى نفس الوقت يرتبك، يقف بالسيارة وأعطى لها منديل شعر بانها تتألم.

:معاك حق لقد أصبحت روح في جسد مهترئ هزيل يتهاوي يكاد ان ينفجر مما يحمله من اثقال.
أسجمت عينها الدمع، يربت علي كتفيها بعطف، قائلا .
-أنا لم اخبرك ب أسمى أنا أدهم صفوان.
تتوقف عن البكاء وتصمت وتتسع عينها أول ما تسمع أسمه، يندهش لما حدث لها ويسألها.

: هل يوجد ما يزعجك في اسمي ؟!
هزت رأسها بالإيجاب، وهي تخبره بأن فرس عمر الذي اختفى أسمه أدهم، بدأت إن تشرح له كل الأحداث التي مرت بها من أول ما شاهدت شوقي يقطع البيرتو إلى إن وجدت نفسها في الدار المهجور بهذا الثوب المتهالك، وظهور شوقي مرة أخرى وقتل عمر.

وأدهم يمضي في طريقه إلى منزله ويستمع لها بأهتمام يحاول ان يربط الأحداث ببعضها، يشعر بأن كلامها فى شيء من الصدق، لكن بعض الأحداث لا يصدق حدوثها إلى أن يقف امام منزله فهو يسكن في قصر فى أحد الأماكن الراقيه ب الهرم.



: سلمى يجب ان تأخذى قسط من الراحه وبعد ذلك نفكر سوياَ في حل واثبات برائتك
تنظر الي القصر وهي متردّدة في الدخول.
-أنا أريد أن أذهب إلى بيتى.

يرتجل من السيارة ويقوم بفتح باب السيارة لها وهو مصمم ان تدخل معه.
: لن أتركك لوحدك أكيد المدعو شرقي هذا منتظرك هناك، أنتي معى هنا بأمان ف أنا أعيش مع أختي أمل سوف تحبيها فهى ودوده وطيبه القلب، هيا تعالى معى.

تدخل سلمى معه القصر وهي تشعر بالخجل لأنها مازالت حافيه القدمين ملابسها ممزقة ومهترئة، تقف فى بهو القصر تتجول بنظرها داخل المكان، فهو قصر فخم ملئ بالتحف.
وأدهم يقف مع أمل في ركن يشرح لها ما مرت به سلمى وقبل ان يكمل حديثه تقاطعه أمل وهي تشاهد سلمى وتنظر إليها من أعلى إلى أسفل وتصيح فيه وهي تقول له.

: أين ذهب عقلك يا أخي تحضر لنا مشردة قابلتها على الطريق وتصدق هذا العبث أنت تريد أن نذبح على يداها، لا، لا اتركها تعود من حيث أتت.
يقاطعها وهو منفعل.

: يجب ان تفهمى الأول قبل أن تلقى اتهاماتك عليها، تعالى معى.
يأخذها ويدخل إلى داخل غرفة مكتب، وتسمعها سلمى وتشعر بالإهانة وتنسحب في هدوء وتخرج خارج القصر.

تشاهد سلمى من بعيد على مرمى بصرها الاهرامات وتسمع صوت رعد فى السماء وهي تمشي شاردة الذهن ولا تعرف ماذا تفعل تتعسر قدمها في حجر على الأرض تجلس، بجانب الطريق تتفحص رجليها وتبكى على ما أصابها.

ليشاهدها أدهم فقد خرج مسرعآ يبحث عنها وأول مارأها لمعت عيناه وأقترب منها وجلس بجانبها دون ان تشعر به فهي كانت تضع يدها على وجهها تنهمر دموعها اربت علي كتفيها وأمسك يدها نظر إلى عيونها المليئة بالحزن ومسح بأصابعه حبات اللؤلؤ المنهمر المتناثر على وجهها قائلا لها.

: هذه الدموع هى بخار روح متألمه، أرجوكى لا تحزنى، ولا تقلقي فالقلق وحش كاسر ينهش الروح رويداً رويداً، حتي يصل الي مرحلة شبيهة بالموت، وانا لا أريدك ان تقلقي او تحزني .
تنظر سلمى إلى الأهرامات التى تشاهدها من بعيد وتتذكر عندما كانت تذهب إليها من قبل.

-الحزن الذي تَشاهده والدموع والنحيب في وجهي الذي كان لا يرى سوى الإبتسامة والضحك فهذا بحد ذاته ما يؤلمني ماحدث لى لا أصدقه إلى الآن ولكننى لا أعرف ماذا افعل تمنيت الموت أريد ان أتخلص من حياتي إلى الأبد، صدقني الصبر علي التهاب النار اهون من الصبر علي احتمال ما انا فيه.
: لا يا سلمى إياك ان تفكرى في هذا الأمر مرة أخرى.

هنا تشعر سلمى بأن من يحدثها فارس فهذا صوته ليس أدهم تنظر إليه وهو يتكلم ترى عين فارس صوته تكاد تسمع دق قلبه الذي تحفظه جيدا.

تدخل مع نفسها في صراع داخلي وعراك بأن ماتسمعه ليس حقيقي وأنها بدأت تتاكد أنها مريضة كما قال شوقي، وتشعر بإضطرابات في عقلها، إلى أن يقطع عليها أدهم حديثها مع نفسها ويوقظها، يضع يده في يدها مبتسم قائلا.

:انتي من الان مسؤله منى أنا بجانبك لآخر الطريق لكن الأول يجيب أن تغتسلي وتغيرى ثيابك، لانها تفوح منها رائحة صدأ.

تضحك، لكنها ترفض الذهاب معه مرة أخرى.
: لا، أريد ان أذهب الي مكان آخر.
-أين ؟
:الي صديقتى تغريد هي تعيش بمفردها بعد طلاقها، ومنزلها مكان أمن لي، لايعلمه شوقي.
- أخشى أن أتركك، صدقيني أمل تفهمت الموقف، فهي انسانه طيبه القلب حنونه، وهي الآن في انتظارك.

: لا، لا اريد ان اجلس هنا، أشكرك يا ادهم علي كل ما فعلته من اجلي، ارجوك ساعدنى أن أصل إلى بيت صديقتي هناك سأكون في أمان.
-أوفق لكن بشرط أن تغير ثيابك أولاً وتأكلين معي، وبعدها ساوصلك.

توافق وتدخل معه مرة أخرى القصر لتجد أمل في انتظارها أول ما تراها تعتذر لها وتأخذها إلى غرفتها لكى تغتسل وتحضر لها ثوب نظيف، تشعر سلمى بإن أمل انسانه حنونه كما وصفها أدهم، بعد ان ترتدي سلمى ثيابها، تقترب منها أمل تسألها.

- اعذريني يا سلمى، أين أهلك؟
: أمى سافرت إلى أخى الذى يعمل في أحد دول الخليج منذ فترة، وانا أعيش بمفردى.

تشكر سلمى أمل، وتخرج إلى أدهم الذى ينتظرها بالخارج وأول ما يشاهدها يطلق صافرة إعجاب بجمالها.
: ما هذه الإطلالة الرائعه والعطر الذى ملء الدنيا كلها.

تضحك وتخجل وهي تنظر إلى أمل التي قامت بأحراجه، قائله.
-هذا عطرى الذي أضعه دومآ، وانت تعلم.
يشعر بالغيظ منها.
: هيا بِنا يا سلمى، فهناك رائحه اخري غريبة تملء المكان.

تقترب أمل من أدهم.
- أريد ان اذهب معكم.

تسير امل بجانب سلمى إلى الخارج، يضغط أدهم على شفتاه من الغيظ ولا يرد عليها ويخرج هو الاخر ورائهم، يتجهون إلى منزل تغريد صديقة سلمى التي تعيش في منطقة حدائق الأهرامات تسكن في منزل بالدور الأرضى له باب مستقل موجود خلف العمارة يقف أدهم بالسيارة وتنزل منها سلمى، لكن تنظر سلمى حولها في قلق يشعر أدهم ان هناك شىء، يخرج أدهم من سيارته.

: ماذا بك ؟هل تريدى أن أدخل معكِ؟
عينها ذائغه لا ترد يظهر على ملامحها التوتر، تشعر بهدوء يسبق العاصفة، تنهمر الأمطار.
-لا، لا انصرف انت.

لكنه يصر ان يدخل معها لكى يطمئن عليها، ويترك أمل في سيارته تدخل سلمى مترددة، وكأنها تعلم مأسوف تشاهده وأول ما يقترب أدهم من باب المنزل يجده مفتوحآ على مصرعيه، دلف ادهم الي الداخل وسلمى ورائه، تنادي على تغريد لا ترد عليها حملق ادهم اليها، وهو يلتفت حوله ويمسك يدها، يوقفون مكانهم مذعورين من هول ما شاهدوه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي