انقضاض اﻷُسود

rahmaahmedd`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-11-24ضع على الرف
  • 18.5K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الاول

الفصل الاول



الظلام بكل مكان، السماء ملبدة بالغيوم والسكون يسود المكان بين الحين والاخر تصدح أصوات الرعد المرعبة وتشق السماء بضوء البرق الخاطف للأبصار، يخلو الطريق من المارة
فجأة يصدح صوت بكاء شق السكون.


تركض مهرولة تشق سكون الليل حاملة صغيرها على يدها تركض دون هوادة صوت بكاها طغى على صوت الامطار التى لا تتوقف كأن السماء أعلنت مؤازرتها بالبكاء تضم صغيرها لصدرها محاولة حمايته من الأمطار، ينتفض جسدها ويزداد نحيبها مع تتابع صوت الرعد المزلزل بالمكان، تدعوا ربها، تزيد من خطاها مع سماعها لأصوات تقترب منها،


نجحت في الابتعاد قليلا لتقف تلتقط أنفاسها وتعاود الركض لوجهتها.
ركضت مرة أخرى إلى أن وصلت الى محطة القطار.
جلست وهى تلتقط أنفاسها تتحدث إلى حالها:
- سينتهى كل شىء.

أصدر القطار صوته وهو ينطلق إلى جيهتة، ظلت تمسد على شعر أبنها الذي لم يفق بعد كل ما حدث، أمسك الطفل يديها وهو ينظر لها يتحدث إليها بنعاس:
- هل سنذهب ونترك أبى؟
أومأت له بالرفض وهى تحاول إيجاد حجة قائلة:
- لا سنعود مرة أخرى ولكن يجب أن نذهب حتى نجلب الطبيب لأبيك.


حرك الطفل رأسه وهو يعود إلى أحضان أمه مرة أخرى ينعم بنوم هادئ ظلت تنظر إلى الطفل وهى تربت عليه، أصبح يتيم وهو فى بداية عمره، سيظل طول حياته بدون أب يحنو عليه، أو بالأصح سيعيد حياتها مرة أخرى، فقد فتحت عينيها وهى يتيمة لا تمتلك أم أو أب.

نزلت من عينيها دمعة لا تعلم تبكى على حالها؟ أم على حال ابنها وجدت سيدة كبيرة في السن تضع يديها على كتفها وهى تتحدث لها بتساؤل:
- لماذا تبكى هل أنت ٍ بخير؟
حركت رأسها بالرفض وهى تنظر لها بارتعاش من شدة البرد التى تسري فى جسدها؛ بسبب ملابسها المبتلة.


لاحظت العجوز ارتعاشتها مدت يديها داخل حقيبتها وهي تجلب لها وشاح وضعته على كتفها، لاحظت بيلا حنان تلك السيدة فكرت أنها من الممكن أن تساعدها لذلك رددت لها بهمس:
- أريد الذهاب الى دار السلام بسوهاج


نظرت لها السيدة وهى تردد لها بابتسامة بشوشة أعطت لتلك المسكينة أمل فى الحياة:
- أنا سأذهب إلى نفس المنطقة لا تحملى هم يبدو أنكٍ لأول مرة تذهبى إليها.
أومأت بيلا وهى ترد لها بإيجاب:
- شكراً لكِ.

صمتت السيدة وهى ترد بعد دقائق قليلة:
- إذا أردت التحدث أنا أسمعك تحدثى ياصغيرة يبدو عليكِ الآلام.
استنشقت بيلا الهواء العليل وهى تنظر لها بابتسامة وتردد بعد أن نظرت إلى ابنها:
- أبحث عن عائلة أريد أن أجدها لكننى لا أعلم شيئًا سوى الاسم فقط.

تساءلت السيدة عن الاسم وهى تتمنى أن تكون على علم بها حتى تساعد تلك الصغيرة التى تبدو وكأنها تريد أن تتعلق فى قشة، ردت بيلا قائلة:
- منزل صالح عثمان؟
تحدثت السيدة زينب وهى تترحم عليه بحزن حقيقي؛ بسبب طبيته وسيرة الطبية طوال حياته:
- رحمة الله عليه.

نظرت لها بيلا وهى تضع يديها على رأسها بذهول، لم تكن تتخيل موت الرجل، قفلت الأبواب أمامها قبل أن تفتح، تحدثت السيدة لها حينما لاحظت صدمتها:
- ولكن لا تحملي هم السيد داغر سيسمعك كما لو كان أبيه.

تساءلت بيلا بعدم فهم وهناك وميض صغير من الأمل يلتمع بداخل صدرها:
- من السيد داغر، هل أخيه؟.
أصدر القطار بوق عالٍ دليل على وصوله أخيراً، نظرت بيلا إلى السيدة برعب أن تتركها وحدها، ردت زينب بطيبة قلب:
- لا تقلقى سأذهب معك لن أتركك إلا وأنتى مع السيد داغر.

ظلت بيلا تشكرها إلى أن وصلوا إلى ذلك القصر الكبير، وصلت وهى تقف أمام ذلك القصر بذهول، زوجها لم يكن فقيرا ولكن ذلك القصر لم تره فى حياتها، تريد أن تدلف سريعا حتى تعلم لماذا ترك زوجها كل هذا وغادر؟
لماذا أوهمها لسنوات أنه ليس لديه عائلة؟

نظرت إلى السيدة وهى تتحدث لها بنبرة عاليه قليلا حتى تسمعها:
- هيا حتى لا يمضى الوقت إن كنتِ ستعودىن مرة أخرى.
أومأت لها بيلا وهى تنظر له بشكر شديد وتردد لها:
-لا أعلم كيف أشكرك، بدونك كنت...

وضعت زينب يديها على شعر تلك الفتاة وهى تربت عليه:
- أنتِ مثل ابنتى لقد شعرت بذلك منذ رؤيتك.
غادرت السيدة وهى تتركها تقف، تنفست بيلا الصعداء وهى تقترب وبيدها التى ترتعش على الجرس.
فتحت لها سيده تبدو فى العقد الخمسين من عمرها، نظرت لها وهى تتحدث بهدوء:
- أريد رؤية السيد داغر فى أمر هام.

نظرت لها مديرة القصر من أعلاها إلى أسفلها يبدو أنها ليست من البلدة بسبب تلك الملابس التى ترتديها وشعرها الذى يتناثر على وجهها، نظرت إلى ذلك الطفل الذى تحمله هى على يديها بنظرة عادية، وسرعان ما نظرت مرة أخرى بذهول فهو نسخة من السيد داغر.


فى الداخل كان داغر يجلس على مكتبه وهو يتابع عمله بتركيز شديد، يرتشف فنجان قهوته وهو يجلب قفطانه يلفه حول جسده من شدة البرد، أستمع الى دقات على باب مكتبه ثم دلفت عالية مديرة القصر وهى تخبره بنبرة هادئه:
- هناك سيدة تريد مقابلتك سيدى.
أعتدل داغر فى جلسته باستغراب وهو يتساءل عن هوية تلك السيدة ولكن لم تعطه فرصة.


دلفت بيلا حينما شعرت بأنه من الممكن أن يرفض مقابلتها، فتحت الباب بدون أن تطرق عليه، رأت رجل يجلس على مكتبه وفى يده يمسك فنجان قهوته واليد الأخرى يمسك سيجارته تطلعت الى وجهه بنظره عادية، ولكنها عادت مرة أخرى تنظر إلى هيبة ذلك الرجل والى تلك الهاله المرعبة التى تحيط بيه

وقف داغر وهو يعدل من هيئته يشير لها بالجلوس، جلست بيلا تنظر إليه بصمت حاد، تحدث داغر بعد أن طال الصمت للحظات عديدة:
- هل أتيتِ إلى هنا حتى تطالعين وجهى فقط؟
حركت رأسها برفض وهى تخبره بخفوت وملامح مرتعبة من منظر وجهه الجاد، هالته المخيفة أرعبتها:
- لديك أخ.

كشرت ملامح وجهه وهو ينظر لها بعينيه الحادة، لم تضف شيئا جديد كل أهل بلدته يعلموا ذلك، لاحظت بيلا نظراته نظرت إلى طفلها وهى تعدله، وتقربه من صدرها أكثر، تشعر بالخوف منه ومن ملامحه الحادة.


نظر لها وهو يريد أن يجعلها تتحدث بنفاذ صبر:
- تحدثى أنا أحاول التحكم في أعصابى.
أومأت له وهى تخبره بصوت خافت بعد أن مالت قليلا تربت على ابنها الذى ذهب فى النوم سريعا:
- أنا كنت زوجته، وهذا ابن أخيك.

نظر لها وهو يتساءل بعدم فهم وقلق لحديثها المبهم:
- لن أفهم كيف كنتِ زوجته هل تركك؟
اومأت له وهى تردد له قائله بإيجاب:
- توفى ليله البارحة، لم أكن أعلم أن لديه عائله
اقترب داغر وهو يمسك يديها النحيله بذراعيه يضغط عليه بغضب:
- تحدثى كيف توفى، كيف عرفتى أن لديه عائله، هل أصدق أنه صارحك على فراش الموت.


حركت رأسها العديد من المرات برفض وهى تخبره ببكاء من نظراته المتهمة وكأنها من قتلت زوجها:
- لم يحدثني بشيء يخصكم طوال السنوات الماضية أقسم لك، علمت من ورقه وضعها بداخل جيبه.
وضعت بيلا يديها داخل جيبها تخرج تلك الورقة وهى تمد يدها بها.

أمسكها داغر وهو يفتحها بقلب ينبض بسرعة شعر أن قلبه سيتوقف وهو يمسك بشىء من رائحة أخيه الصغير، فتح الورقة وهو يقرأ تلك العبارات الذى دونها أخيه
" أريد الدفن فى مقبرة عائلتى، عائله آل عثمان اذهبى إلى تلك البلدة (دار السلام بسوهاج).

أغلق داغر الورقه وهو يطويها داخل جيبه بذهول شديد جلس على الكرسي وهو يتمنى من داخل قلبه ألا تكون كاذبة، نهض من مكانه وهو يتجه إلى ذلك الطفل يمد يده حتى يجلبه من أمه.

نظرت له بيلا برفض قاطع وهى ترجع خطوات إلى الخلف بسبب خوفها على ابنها، رد داغر وهو يجلب الطفل منها:
- أريد رؤيته لا تقلقى.
أمسك داغر الطفل وهو يتطلع إليه بذهول دفن وجهه داخل احضان الطفل يريد أن يستنشق رائحته أى شىء من أحضان أخيه.

فقد فارق أخيه وهو صغير، نظر داغر إليها وهو يتحدث لها:
- هل يمكنك تركه لى لدقائق قليلة؟
حركت بيلا رأسها بخوف وهيستريه بسبب خوفها على ابنها:
- لا ماذا ستفعل له، أن كنت لا تصدقنى سأذهب اقسم لك ولكن اترك ابنى.

نظر لها وهو يحاول تقبل خوفها على ابنها، مد يده وهو يشير لها بالخروج، مدت بيلا يديها حتى تأخذ أبنها وتغادر ردد داغر لها قائلا:
- سنصعد سوياً إلى أمى.
أومأت له وهى تصعد معه إلى أمه.

دلف داغر وهو يرى أمه تجلس تمسك كتاب الله فى يديها وهى تقرأ به، أقترب منها وهو يقبل يديها ويتحدث لها وهو يشير إلى بيلا صمت قليلا لانه لم يعلم اسمها للأن ولكنه استرد قائلا:
- زوجته فاروق.
نظرت أمه الى تلك الفتاه وذلك الطفل الذى تحمله على يديها بذهول وهى تردد بكلام غير مفهوم ومرتعش:
- فاروق ابنى، ابنى أين أريد رؤيته.




نظرت بيلا إلى تلك السيده بحزن شديد وقهر، رأت داغر وهو يقترب منها يجلس بجوراها وهو يضع يديها داخل يده يردد بحزن:
- سنذهب ولكن يجب أن تعلمى شيئاً واحداً.
نظرت له وهى تردد بتساؤل وفرحه عارمه، ظلت تنتظرها طوال تلك السنوات الطويله.

لم تستمع إلى ابنها نهضت سريعا وهى تجلب ملابسها سريعا تتحدث إلى ابنها سريعا:
- سنتحدث فى السياره داغر أتركنى اجهز.
ولكنها رجعت وهى تردد مره أخرى حتى ترى أبنها:
- لا سأذهب هكذا الواقت ليس فى صالحنا، هيا بنا أريد رؤيه اخيك.

اقترب منها داغر وهو يحتضنها بين ذراعيه يقبل كتفها بحنو دائم وليس جديد عليه:
- فاروق توفى.
نظرت له أمه وهى تبسم وتردد برفض قاطع وهى تنظر له تبتلع ريقها بنظرات مخيفه ضاحكه، ارعبت تلك الفتاه التى كانت تقف بعيداً ترى كل ذلك:
- كنت أعلم، ولكن هيا يجب أن أراه أودعه.


أومأ لها داغر برأسه وهو يربت على يديها، تحدثت ليله وهى تنظر الى داغر:
- هو سيفيق عندما يرانى هو جاء لى ليله البارحه ووعدنى.
أبتلع داغر ريقه بقلق على امه وهو يحاول أن يتحدث لهاا ولكنها قاطعته وهى تخبره:
- هيا بنا يجب أن نذهب سريعاً.

نزلت إلى الأسفل ونزلت معهم بيلا، ركبت السياره وانطلقوا سويا عائدين، كانت بيلا طوال الطريق تحاول بث الدفئ فى طفلها الذى اخذ يرتعش بقوه، نظر داغر إليهم من المرأه لاحظ ارتعاشهم، مد يده وهو يخلع قفطانه سريعا ويجلب جاكته بدلته.

وضعهم على ظهر الطفل الصغير وهو يربت على ظهره بخفه، نظرت له بيلا وهى تضع نظرها مره أخرى الى الأسفل، وصلوا بعد مده قليله، كانت تصعد الدرجات وهى تشعر بضربات قلبها تزداد، فتحت باب شقتها وكل تلك الزكريات ترجع لها مره اخرى.

أقتربت من باب الغرفه وهى تتحدث إلى داغر:
- أدلف انت لم يعد لدى الحق فى ذلك.
نظر لها داغر وهو يؤمى برأسه ودلف إلى الغرفه بمشاعر متضاربة، نظر إلى أمه وهو يمد يده يمسك يديها، دلفوا سويا، وقف داغر للحظات وهو يتأكد من هويته أخيه.

أقترت ليله وهى تضع يديها على يده بقلب مفتور على ابنها الذى فارق الحياه قبلها، جلست بجانبه وهى تعرى يديه تتأكد من تلك الوحمه التى تفترش يديه اليسرى، أطلقت صرخه مدويه وهى تطلع إليه بنظره سرقت منها الروح.

مسح داغر تلك الدمعه التى نزلت وفرت هاربه من عنياه سريعا، اقترب من أخيه وهو يجلب ذلك الغطاء عليه.
تحدثت ليله له وهى تخبره بنظره ليست ثابته:
- هل ذلك الطفل ابنه؟
أومأ لها داغر وهو يقترب منها يحتضنها وهو يردد:
- يشبه فاروق كثيرا.


أبتسمت له وهى تبكى بصوت حاد تتحدث الى أبنها بقهر:
- تركتنا وتركت ابنك مبكراً لماذا، أريد التحدث معك كلمه واحده فقط، سامحنى لم استطع العثور عليك لم أستطع ياصغيرى، سأذهب لك قريباً لن اتركك دنيا وآخره.

أقترب داغر يتحدث إلى أمه ببتسامة يريد أن يجعلها تكتسب امل:
- ترك لكى ابنه حتى تعوضى ما تركه هو.
اومأت له بفرحه وهى تتزكر ذلك الطفل الذى لمحته على كتف والدته، وقفت وداغر يساندها حتى يروا حفيدهم الصغير.
ردد داغر وهو يمسح دمعته حتى لا يراه أحد وهو يبكى:
- سنرييه سوياً، فاورق ترك لنا أمانه.


اومأت له أمه وهى تخرج من باب الغرفه تنظر فى جميع الاتجاهات حتى ترى حفيدها، نظرت إلى داغر نظرات أستفهام، جرى داغر وهو يرى باب المنزل مغلق، فهم عل الفور ما فعلته، اخذت طفلها وهربت.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي