قعر الجحيم

شَهرَزاد`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2024-04-07ضع على الرف
  • 9K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل الأول ١

بأحد المخابز العتيقة لبلدة شايناج حيـث أَقِفُ أمام أحد الموظفين، أطلـب منه نوعية محددة من الحلوى لجدي، الذي من المؤكد أنه الآن ينتظرني رفقة العديد من الكتب، هذه
الآخيرة تتحدث عن أساطير و كائنات لا وجود
لها، فقد اعتدت منذ طفولتي على قراءة كتبٍ و مجلداتٍ تتحدث عن مخلوقات اخترعها
العقل البشري بسبب خوفه من المجهول - و صراحة لم يكن الأمر سيئا - فقد جعلني
ذلك أحدد مساري الدراسي كطالبة
بكالوريوس سيني-روائية.

بعد حصولي على ما أريد، توجهت نحو سيارتي و التي كانت فورد رونجر ضخمـة، أتجول بها بين شوارع هذه المدينة الغريبة لأحفظ أزقتها، لأنه بعد وفاة جدتي، هذه الآخيرة التي بالرغم من أن لي أَباً و أُماً إلا أنهم - هم - هي و جدي من تكلفا بتربيتي، و بعد وفاتها انتقل جدي فجأة إلى بلدة شايناج دون أن يوضح لنا السبب.

و ما كان مني إلا أن أزوره أسبوعيا، أتفقد حاجياته و متطلباته، و أريهِ بأني فعلاً أهتم لأمره.

لكن هذه المرة، كان الأمر مختلفا، لقد كانت بشرته شاحبة، يبدو متعبا، شارد الذهن و لا يركز مع ما أقوله، لذلك طلبت منه أن يستريح في غرفة المعيشة، بينما أُعِّد لنا كوبين من الشاي بالأعشاب كما يُحب.
بعد دقائق من التفكير في كيفية التخفيف عنه من حدة المشكل الذي أفترض أنه اشتياقه لجدتي. و بالمناسبة، اسم جدي ماثيو و جدتي شارلوت.

جلستُ بجانبه بعد أن وضعت فوق الطاولة أمامنا الشاي و الحلوى.

راميل - أمسكت بيده تمثل بأنها تبحث عن شيء ما [ سيد ايفيرسون، أين هو جدي الحيوي و النشيط ؟ فأنا لا أعلم ما به ؟ هل تَعرفُ ما به؟]

ماثيو - يتنهد [ لاشيء. ]

راميل - [ و هل لا شيء هذا شخص أم ذكريات ؟ ]

ماثيو - نظر إلى حفيدته مطولا، إلى عينيها خاصة، يتفحص ذلك البريق، بريق براءتها، و كأنه متردد.

راميل - عَلمت أن الموضوع كبير، لذلك تركته حتى يُحب هو التحدث فيه، و حاولت تغيير الموضوع [ جدي، لقد أنهيت ليلة أمس، أسطورة سيربيروس، الكلب ذو ثلاثة رؤوس. ]

ماثيو - أظهر اهتمامه بِ كلامها [هل الكتاب بحوزتك ؟]

راميل - [ نعم، في حقيبتي. ]

قامت من مكانها لتجلب الكتاب و نظارات جدها أيضاً، ف آخيرا و كعادتهم، ستبدأ المناقشة التي يرى من خلالها مدى فهم حفيدته للكتاب، كان هو و شارلوت، فقط من يعلمون السر وراء رغبتهم في أن تكون راميل على معرفة واسعة بعالم الأساطير و الخرافة، التي هل هي حقا خرافة ؟

راميل -  حسنا، لأخبرك مسبقا، لقد قرأت الكتاب عدة مرات.

ماثيو - ابتسم لها ابتسامة مستفزة [ حسنا، سنرى ! ]

راميل - و قد ظهرت عليها علامات السعادة، مما جعلها تخرج ضحكة بشكل متقطع [ أنا مستعدة.]

ماثيو : قبل، هل تتذكرين أسطورة بئر برهوت ؟

راميل : نعم، الأسطورة العربية، التي تتحدث عن بئر عميق، لا قعر له، مملوء بالذهب و الفضة عوض الماء، حُفر على يد أحد المخلوقات اللامرئية بطلب من أحد الملوك، و بعد موته، أقصد الملك، أصبح البئر سجنا، لكل الأرواح الشريرة.

ماثيو : ماذا عن سيربيروس ؟

راميل : هو كلبٌ ذو ثلاثة رؤوس له ذيل أفعواني سام، مخلوق ضخم يستطيع التنقل بسرعة البرق، يحرس مملكة الأموات و يمنع خروج أي أحد منها، رؤوسه ثلاثة تمكنه من الرؤية في كل الاتجاهات، لذلك من الصعب فرار الأرواح إلى عالم الأحياء.

ماثيو - [ماذا عن بئر برهوت، من يحرس ذلك السجن ؟]

راميل - ظهرت على ملامحها علامات الشك و قالت بتخمين [كلب !]

ماثيو - [نعم. ما هي فرضياتك حول الموضوع ؟]

راميل - [هل من الممكن أن سيربيروس يحرس سجن برهوت ؟]

ماثيو - [" قعر الجحيم "، أسطورة جمعت بين أسطورتين عربية و يونانية، بئر برهوت هو سجن داخل مملكة الأموات.]

راميل - تحاول تفحص الكتاب [لكن هذا لم يُذكر، أين قرأت ذلك ؟]

ماثيو - وضع يده فوق يدها [لن تجدي ذلك بأي كتاب لأن لا أحد يعلم عن الأمر، غيري أنا و شارلوت و أنت الآن !]

راميل - [لا أفهم، هل أنتم من اختلق أسطورة قعر الجحيم ؟]

ماثيو - [ بل عشناها، لقد ذهبت أنا و جدتك، إلى قعر الجحيم، لنتفاوض مع حارسها.]

راميل - كان ردها بنظرات استطاع ماثيو أن يتبين منها شكها في جنونه.

ماثيو - [لا يُصدق، لكنه حقيقي، قبل سنوات، سنوات طويلة، أ تتذكرين عمك سيلاس ؟!]

راميل - [ نعم، الذي مات و هو في منتصف عقده الثاني !]

ماثيو - يتكلم بآلم [ صحيح، أتذكر يوم وفاته كأنه بالأمس، اتصلت بنا الشرطة، لتقول لنا، تعالوا، لتأخدوا جثة ابنكم، ثم بعد أيام، راود جدتك حلم كان عمُك فيه يترجاها لتأتي و تُخلصه من عذابه، كان يردد بين الفينة و الأخرى كلمات ك " بَرهوت " و " قعر الجحيم".]

راميل - تشعر و كأنه يحيك خيوط الجنون، فبعد وفاة جدتها، لاحظت تَـغيُرا كبيراً في تصرفاته و الآن، هاهو يتحدث عن عمها الذي توفي قبل ولادتها بسنتين.

ماثيو - [ ستقولين الآن أنني جُننت، و أنا أيضاً في بعض الأحيان كنت أظن ذلك، لولا هذا الوشم الذي على يدي] رفع يده ليظهر وشم على شكل ثلاثة رجال، يرفعون شبحا.

راميل - أمسكت بيديه [ جدي، هل ترغب في أن نتحدث عن وفاة جدتي ؟]

ماثيو - لم يهتم لكلامها [هل أنت مستعدة لتحمل المسؤولية ؟]

راميل - بتخوف، ليس منه بل عليه [ مسؤولية ماذا يا جدي ؟]

ماثيو - ظهرت عليه علامات القلق [ الأمر يهمك أيضاً ! لأنك فرد من هذه العائلة، هل أنت مستعدة ؟]

راميل - "هل هذا مقلب ؟" هذا ما قالت في نفسها و لكن حاولت أن تسايره في الكلام [نعم، مستعدة دائما و أبداً.]

ماثيو - أمسك بِ يَدَيْها بين يديه [ أغمضي عينيك و إياكي أن تفتحيها، هل فهمتي يا راميل، ما نحن مُقبلون عليه ليس بهيِن، لذلك إياك و فتحها.]

راميل - فعلت كما طلب منها.

بالرغم من أنها رفضت التصديق، إلا أنها شعرت بنوع من الخوف، هي متأكدة من أن لا شيء سيحدث، هي فقط تساير جدها في ما يقول، صحيح ! لن يحدث شيء !

انقطع صوت تفكيرها بعد أن شعرت بيد خشنة تمسك عُنقَها، مما جعل جسدها يرتجف، و يُبدي ردة فعلٍ طبيعية و كأنها ستطير من مكانها لولا أيادي جدها التي تُمسك جيداً بخاصتها، أرادت أن تفتح مُقلتيها لكن لم تستطع، شيء ما يمنعها من فتحهما، ثم شعرت بأن شيئا ما يُنقش فوق عنقها، و كأنها صخرة تُنحت، لم تعد قادرة لا على الكلام ولا على الحراك، لم تَعد تشعر بشيء، لأنها فقدت وعيها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي