الفصل الرابع ٤

[ يا إلهي ]

رفعت راميل الورقة و الهاتف بجانب بعضهما البعض، تحاول مطابقة الصور، و تتمنى من أعماق قلبها أن لا يكون هو صاحب مرادهم، ظهر عليها اصفرار الوجه و رجفة جعلتها بالكاد تستطيع الإمساك بهاتفها، لكن لم يسمح لها راتاتوسكر بأن تتمادى في آمرها لأنه نظر إليه و قال [ إنه هو، إنه سيلاس ].

راميل - وجهت سؤالها ل سيربيروس [ هل يعلم مكان جدي ؟]

سيربيروس - [ماذا هناك !]

لم تستطع أن تجيب على كلامه، لأنها وضعت رأسها بين يديها، تفكر في السويعات القليلة الماضية، تجاهلت وَضْعَ جَدِهَا لها أمام الأمر الواقع، لم يُكلف نفسه حتى أن يشرح لها لماذا و كيف و ماذا عليها أن تفعل ؟ كل ما فعله هو جعلها تقرأ كتبا غبية، كتب غبية، صحيح، أين هي تلك الكتب، حاول راتاتوسكر أن يتكلم لكنها قاطعته بيدها، فعمها هذا لديه ذوق جميل في انتقاء أجساد الموتى، هو لم يختر أي شخص، بل اختار أغنى أغنياء نيفيرمور، شخص يعتبر الوصول له بمثابة مهمة انتحارية، و إن لم يخنها عقلها، ف سيربيروس لا يَرى ولا يُرى من طرف الأحياء، راتاتوسكر هذا المجنون من الواضح أنه هو الآخر هي فقط من تستطيع رؤيته، لذلك من ظل في الواجهة، ظلت هي، هي التي ستتحمل العواقب، لماذا عليها أن تتحمل العواقب، ف ليست هي من أنجب سيلاس.

عادت ركضا نحو سيارتها و قد اختفى سيربيروس مجدداً، و ظل راتاتوسكر يتتبعها بنظراته، يرى ما تفعله، لقد كانت دائما هي الحل الآخير للجميع، كلما وقع أحدهم في مشكلة، كانت هي التي تتحمل تكاليف حلها.

راميل - أخرجت أحد الكتب من سيارتها، الكتب التي طلب منها ماثيو أن تكون دائما قريبة منها، ثم نظرت مباشرة إلى راتاتوسكر و قالت في نفسها [ سنجاب حقير ] و كما توقعت، ف بالرغم من أنه لم يتكلم و لم يرد إلا أنها لاحظت علامات الغضب عليه، و هذا يعني شيئا واحدا، يمكن ل راتاتوسكر قراءة أفكارها، فتحت الكتاب و ذهبت لأحد الصفحات، تقرأ محتواها بنبرة منخفضة، حاول راتاتوسكر من منعها، لكن ختمت كلامها ب [قط].

فتكون ضباب كثيف أسود تتوسطه عيون صفراء، ينظر مباشرة لِـ راميل، هذه الآخيرة اقتربت منه، ثم بالتدريج دخلت وسطه، حتى اختفى جسدها.

[ سيدتي، أنا خادمك ... ]

راميل - [ نوي، اسمك من اليوم هو نوي].

نوي - [من اليوم أنا خادمك].

اختفى الضباب و ظهرت مجددا و ظهر بجانبها قط أسود اللون بعيون صفراء مخضرة، إحداهما يغلب سواد بؤبؤها بشكل دائري، بينما الأخرى بؤبؤها بيضاوي رقيق و حاد، لقد طلبت لنفسها خادما سحريا جديدا غير راتاتوسكر، خادما سيكون وفيا لما تطلبه هي.

ما فعلته الآن، جعل ثأثير راتاتوسكر يُبطل، لا يستطيع قراءة أفكارها أو التفاعل معها.

راميل - مدت يدها نحو نوي جاعلة إياه يجلس فوق كتفها، و ناظرت راتاتوسكر بنظرة قاسية [أين جدي ؟]

راتاتوسكر - تكلم بجدية [ جدك، لم يعد يقوى على أي معارك أخرى، لذلك وكلك هذه المهمة، هو بمأمن الآن، و ما إن يعود سيلاس ل سجن برهوت حتى يعود كل شيء لطبيعته، و ستنسين و سينسى الكل ما ستعيشونه في هذه المدة !]

نوي - همس في أذنها [ كاذب ! لن يعود أي شيء لطبيعته، فأنت لن تعودي شخصاً عاديا بعد الذي عرفتيه! و لن ينسى أحد ما سيحدث في المستقبل.]

بابتسامة مستفزة كالتي عند جدها باستثناء أن خاصتها تنذر بالسوء، وضعت مقلتيها وسط الخاصة بخادمها، و كأنها تبرم معه اتفاقا.

ثم اختفى راتاتوسكر في العدم.

عليها أن تنتهي بسرعة.

رفعت هاتفها تتفحص الأخبار، سيلاس هو الآن في جسد رجل أربعيني، من كبار أكابرة البلد، ثراءه فاحش، و كذلك شكله، استيقظ من غيبوبة كان فيها منذ شهر بسبب حادث سيارة مريع، لكن كيف استولى على جسد صاحبه لم يمت ؟

نوي - يهمس لها مرة أخرى، لأنه يقرأ ما تفكر فيه [ في الماضي، أنقذتني ساحرة من الموت، ليس الموت بالظبط، لكن أنقذتني من أن أفقد إحدى أرواحي السبع، و لأرد لها الجميل، أخبرتها بأن روحي التي كانت ستذهب اليوم، سأمنحها لها عند جاحتها لها، ...]

راميل - تنتظر باقي القصة، لكن ظهر أمامها سيربيروس، و عوض أن تشعر بالآمان، شعرت بنوع من الخوف و الحقد، فناظرت قطها، لتجده ينظر له بملامح تعبر عن شعورها، "القطط تكره الكلاب".

سيربيروس - لم يعطي أي تعليق عن اختفاء راتاتوسكر بل شعر بنوع من الراحة، لأنه يعلم جيداً أنه ينقل أخبارهم [إنه سيلاس].

نوي - [ كيف تأكدت منه، و أنت لا ترى الأحياء ؟]

سيربيروس - وجه جوابه إلى راميل [ الرائحة.]

نوي - [ و أنت لست حاصد الأرواح، لذلك كيف سنقوم بإعادته لمملكة الأموات ؟]

سيربيروس - دون تردد [بالقتل].

راميل - غير مصدقة [ نعم] أمالت عنقها نحو اليمين، مع حركة بيدها [ هل تعني القتل ب معناه الحرفي ؟ القتل الذي يقصده البشر ؟]

لا رد من كلا الطرفين.

راميل - [ ه ههه لا، لا أقبل ... أخبرني أن هناك طريقة أخرى ... يجب أن تكون هناك طريقة أخرى !]

سيربيروس - [ أصبحت تعلمين أين هو الآن !]

راميل - بغضب [ هل تسمع ما الذي تقوله شفتاك ؟ هل تعلم بأي جسد يوجد سيلاس الآن ؟ إنه ليس أي شخص يمكنك مُقابلته في الشارع، ليس رجلا عاديا ! الأمر يبدو لك طبيعيا لأنك تستطيع الاختفاء و طيران، أنا و أنت لسنا على نفس القارب، لذلك لا تتحدث عن الأمر و كأنك أنت من ستقوم به !]

نوي - [ أهناك خطة أخرى غير القتل ؟ حتى و إن استطعنا الوصول إليه، لا يمكن لسيدتي أن تقتله، عالم البشر مليئ ب قوانين، ففي الأول و الآخير، تبقى سيدتي بشرية !]

سيربيروس - [ ليس القتل، لكن يمكن أن ...]

فجأة و بدون سابق إنذار، سُمع صوت انفجار، مما دفع نوي لأن يتحول لضباب مرة أخرى و يحمي سيدته.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي