الفصل الثامن ٨

ثم صوت اصطدام قوي، صوت ارتطام جسد سيربيروس مع الحائط.
استدارت بنظراتها نحو نوي، الذي جلس على قوائمه الثلاثة، بينما يلعق الرابعة، هل له حقاً هذه القوة الجسدية ؟

اقتربت منه مبتسمة رفعته بين يديها، و استدارت نحو سيربيروس الذي لا يزال مدهوشا من قوة ذلك المخلوق الذي لا يفوق طوله قدمين، كانت قدماه ممددتان على الأرض، و أيديه مرمية بجانبه.

سيربيروس - [جيد، إذا يستطيع أن يحميك !]

راميل - [ يحمي من ؟]

سيربيروس - [ كان هجومي هذا بهدف أن أرى قدرته على حمايتك !]

راميل - ابتسمت ابتسامة ساذجة، بعد أن ذهب خيالها لبعيد [ أ هذا ما تسميه هجوم ؟]

سيربيروس - [ لماذا، ما بك ؟]

نوي - رفع رأسه نحو سيدته، ينظر لها و قد ظهر على ثغره شبح ابتسامة، تحرك من بين يديها مستقرا فوق كتفها بينما سيدته تساعد سيربيروس على أن يعتدل في وقفته ...

———— بأحد الغرف الواسعة و التي بالرغم من أثاثها القليل إلا أنه أثاث راقي ذو جودة عالية، ألوانه تلعب على أحبال الألوان الترابية.
يجلس أمام مكتبه المنقوشة جوانبه بزهور و عصافير، يعمل على حاسوبه و يراجع الأمور التي حصلت أثناء غيابه.

هود - لم يرفع رأسه من على الحاسوب بالرغم من سماعه للباب و هو يفتح.

: يقف باستقامة و ينظر لرأس حذائه احتراما [سيدي !]

هود - [ ماذا وجدت ؟]

: لدي تقرير كامل عن راميل ايفيرسون.

هود - [ حسنا، اتركه على المكتب.]

: فعل كما أُمر، لكنه أضاف ملاحظة أخرى كتبها على أحد الأوراق، ثم انصرف.

ظل يحاول إقناع نفسه بأن يقرأ تقريرها بعد الانتهاء من عمله، و هذا جعله يمر بعدة صراعات نفسية و جسدية، يقترب بيده لكي يمسك بالتقرير لكن يتراجع، و كأن على غلافه سُما سيفتك به إن وضع يده، لكن في الآخير، قَبِل بالهزيمة، و أمسك بتقريرها، يقرأ عنها و كأنه يقرأ مجلة ف بالرغم من أنها ليست مشهورة لكن كان لها نفوذ لا بأس بهم، الجوائز التي حازت عليها، و أبويها اللذان يعيشان في بلد آخر، و معلومات آخرى عن أصدقائها و دائرة معارفها.

هود - [ ايفيرسون .. ايفيرسون] ظل يردد هذه الكلمات لثواني، و كأنه سمع اسمها في مكان ما.

———— تتذكر جيداً أن المدير أخبرها أن تأتي قبل الثانية، لكنها الآن تبدو كالثانية و 5 دقائق، دخلت الشركة بخطوات منتظمة، يتسابق معها صوت كعبها العالي يُعلن وصولها، تقدمت إليها نيجو و التي كالعادة وردية من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها، بينما راميل و التي كانت نقيدها، ترتدي فستانا أبيض اللون مخططا بالأزرق.

راميل - [مرحباً بالجميع].

المدير - يبتسم لها ابتسامة زائفة، و نظراته لو كانت رصاصا لأرجعتها جثة هامدة [مرحباً بك راميل].

راميل - [أعتذر عن تأخري، لكن لقد قمت ببعض التعديلات على شخصية القط في المسلسل.]

المدير نظر لنيجو و كأنه يسألها ”ما الذي تقوله هذه المجنونة ؟“.

راميل - لم تتكلم إلى مديرها بتاتا بل إلى ممول المسلسل [لكن يا سيدي قبل ذلك، هل لي أن أسئلك ! أنت في مجال التصنيع ؟ لما اخترت أن تمول المسلسل ؟]

: ابني هو السبب !

راميل - [ابنك ؟]

: نعم، إنه فتى في 15 من عمره، يحب الفانتازيا، و أريد أن يكون المسلسل هدية عيد ميلاده !

راميل - بابتسامة لطيفة [جميل ! ما اسمه ؟]

: سيلاس !

راميل - سحرت ببالها قليلاً، لكن تداركت نفسها و قالت [إذن هل رأيت المقترحات الخاصة بالممثلين ؟]

: نعم و لا بأس بذلك ! فقط يجب أن يكون المسلسل جيدا !

راميل - صمتت قليلا ثم وجهت نظرها لنيجو [ نيجو ما رأيك بالموضوع ؟]

نيجو - [ أوافق !]

راميل - [ اتفقنا! سيكمل معك المدير الإجراءات القانونية اللازمة، و غذا سنبدأ بتصويره.]

المدير - سمح لابتسامته بأن تزور ثغره مجددا، وقف و تحرك بخطوات بطيئة نحو ضيفه [لنكمل الحديث في مكتبي.]

تركت كل من راميل و نيجو المدير مع ضيفه، و تحركا مبتعدتين يتبادلن أطراف الحديث.

نيجو - [ و ماذا ستفعلين ؟]

راميل -[ لا أعلم، ستكون حفلة المسلسل قريباً كإشهار، يمكنني أن أدعوه إليها كمشهور من المشاهير!]

نيجو - تجاهل كل شيء [أ قطك معك الآن ؟ ماذا عن سيربيروس ! ألم تسأليه عن شكله و ..]

راميل - [لا يهمني ذلك، كل ما أريد الآن أن أنتهي الآمر، تعلمين أن حمل مسؤولية الآخرين تُتعبني.]

نيجو - رمقتها بنظرات مُغرية [ عندما تكونين غير مهتمة فأنت مهتمة حقاً به.]

راميل - [ القاعدة لا تنطبق على غير البشر، ففي كل الأحوال .. ففي كل الأحوال، سيختفي بمجرد انتهاء المهمة.]

راميل - استئنفت حديثها [لكن الخبر الجيد سيبقى هود.]

نيجو - [أتمنى لو أنني أستطيع الحصول على القليل من أحاسيسك هذه التي تتقلب بسرعة.]

راميل - ابتسمت [لن تجدي مثلي في أي مكان ] شعرت بأن نوي يُربت على كتفها [حسنا، أحتاج لأن أعود للمنزل، هناك الكثير من الآمور التي يجب حلها.]

نيجو - [حسنا اذهبي أنا سأتكلف بالباقي هنا !]

ودعت كل منهما الآخرى، و توجهت راميل لبيتها، لكن تذكرت راتاتوسكر، ذلك الثرثار البغيض، هل عليها زيارته ؟

نوي - [ ليس عليك ذلك ! فالرجل الذي أخده ساحر، و يحتاج لمساعد، و أظن أن هيئة ذلك السنجاب و شخصيته ستتوافق مع الساحر!]

راميل - تنهدت تفكر في ما يجب فعله بعد الآن، ستطلب من نيجو أن تبحث لها عن فرصة أخرى مع هود، و في المقابل و من الآن إلى ذلك الحين، ستبحث جيدا عن موضوع الأرواح جيدا، و عن بعض المخلوقات التي ستحتاجها في مهمتها هذه.

مرت أيام تليها أسابيع إلى أن اكتمل الشهر، خلاله زارت راميل كل السحرة لاقتناء كتب تتحدث عن الأرواح و الأموات، و كانت تترك نوي في مكان بعيد حتى تنتهي، فهي ليست مستعدة لتخلي عنه، ثم متابعة أخبار مسلسلها، فهو مشروع دراستها التي ستقدمه للجامعة، غير ذلك لم تر سيربيروس إلى مرات قليلة، لأن عليه الحراسة، و الذي أخبرها أيضاً أن لديه توأمين، يشبهانه، فـثلاثة رؤوس لا تخصه لوحده، بل له هو و إخوته، و هم الثلاثة يُكَوِنونَ المخلوق الأسطوري سيربيروس، الذي سُميّ على اسمه لأنه هو الوحيد من بينهم من يستطيع المجيء لعالم الأحياء منذ الأزل.

كانت سعيدة باكتشاف ذلك، بالرغم من أن ذلك لن يهم العالم في أي شيء، لكن كانت سعيدة باكتشاف حقيقة لن يعلمها أحد غيرها.

————— وصلت ليلة الحفلة، حفلة الإعلان عن مسلسلها، كانت أول الحضور، تراقب العمال لتكون حفلة مثالية، طلبت من نيجو أن تحضر لها فستانا أزرق يناسبها.

المدير - [عزيزتي راميل، لقد راسلني أستاذكم !]

راميل - [جميل، هل أرسلت له تقارير السيناريو و المسلسل ؟]

المدير - [ نعم، و هو فخور بكما، لأنكما أول طالبتين له تنتجان مسلسلا فخما !]

راميل - [أُخبره دائما أن أفراد ايفيرسون مثاليون. هل أرسلت دعوات الحفلة للكل ؟]

المدير - [ نعم، و لا تقلقي، فقد تأكدت من أن كل المدعوين قد وصلتهم.]

راميل - رأت نيجو تدخل للحفلة [حسنا، راقب هؤلاء، سأذهب مع نيجو لغرفة الكواليس.]

المدير - [حسنا !]

راميل - كانت نوعا ما تحسد المدير على بروده هذا، ففي كل مرة تطلب منه شيئا، يجيبها بـ " لا تقلقي أنا سأحل المشكل !".

توالت الساعات إلى أن وصلت السادسة مساءً، بدأ الضيوف في الوصول، كانت الابتسامة تزين تغرها، و شكلها و هي تتحرك كالفراشة في مكان يجذب الأنظار لها، الكل يبدو سعيدا، خاصة ممول الحفلة و ابنه سيلاس، هذا الصغير الذي من الواضح أنه يتشابه مع عمها في الاسم فقط، فتى مدلل لأبعد حد مع القليل من الغباء الواضح عليه.

عُزفت العديد من الألحان، و الجميع  يرقص باستثناء البعض مثلها هي، كانت مندمجة مع الحفلة لدرجة أنها لم تستشعر ذلك الجسد الذي وقف خلفها و قال [ أتسمحين لي برقصة ؟ ].
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي