9 الفصل التاسع

نظر لها بتمعن إنها فتاه قامتها معتدلة شعرها أسود غجري أطلقته وراء ظهرها كمريام فارس ولكنها وضعت طوقًا عليه من الأمام، ترتدي بنطلون من الجينز الأزرق الداكن
وعليه بلوزه لبعد الخصر بقليل، حمراء بها عده قلوب زرقاء، وقف نبيل يتأملها ليفيق من تأمله على صوتها: هل أعجبتك السلعة خاصتك أيها الطبيب؟
تعجب من قولها: ماذا تقولين؟!
قالت بتحد: أسالك هل أعجبتك سلعتك، فهكذا هي الحكاية بيع وشراء.
ليأتي الشيخ النصراوي قائلًا: سمر ألن ننتهي من هذا اللغط؟
فأوقفه نبيل بإشارة من يده وقال: بما أنكِ ترين أنها بيع وشراء آنسة سمر لماذا لم ترفضي؟
قالت عاقدة ذراعيها: إذا كان الطبيب المتعلم الرجل، لم يستطع الرفض، أأرفض وأنا الفتاة؟
فرد بغضب: كوني رجل وأطيع والدي لا يمنع أني أستطيع مخالفته يا زوجتي، اعرفي مع من تتكلمين، أنا ابن آل السيد، تريدين معرفة هل أستطيع مخافة والدي أم لا؟
قالت متحدية إياه: نعم أثبت لي.
فتدخل النصراوي: الهدوء يا أولاد، اصمتي يا سمر، أليس لك كبير؟
فقبلت يد والدها: آسفه يا أبي، لكن أريد أن أعرف هل الطبيب نبيل يستطيع مخالفة والده؟
وقالت بتحد سافر: يبدو أنه لا يستطيع.
فلطمها نصراوي على وجهها غاضبًا: يبدو أنني أفرطت في تدليلك، حتى نسيتِ الأدب والأصول.
وضعت سمر يدها على وجنتها مكان الصفعة: تضربني من أجل ابن السيد يا أبي.
فرد: لا، اضربك لأنك لا تعرفين ما الذي تقولينه!
أخذ نبيل نفسًا طويلًا وأطلقه: يا ابنة الطيبين، أنا أستطيع مخالفة والدي، استطيع تحمل نتائج المخالفة له من طرد وحرمان، فأنا معتاد على الشقاء، لم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب، الحاج نصراوي يعرف حكايتي.
قال نصراوي مؤكدًا: أعلم يا ولدي ما كابدته.
وأكمل نبيل: لكن أتستطيعين اخباري لو طلقتك وخالفت والدي وتركت النجع ماذا سيقول الناس عنكِ؟ لو ترضينها لوالدك فأنا لا أرضاها.
فاحتضنه نصراوي: عاش ولد السيد، عندما طلب والدك يد سمر لك وافقت بلا تردد لأني أعلم أن ابنتي ستكون مصانة معك.
نظر نبيل لسمر وابتسم قائلًا: سمر تاج على رأسي، وأنت كوالدي فأرجو أن تنسى ما قالته ولا تعاتبها فيه.
خرج نصراوي وأغلق الباب.
ظلت سمر صامته
ابتسم نبيل: ألن تطلبي مني أن آكل يا عروسي أم أنك بخيله؟
أشارت للطعام: الأكل أمامك تفضل كل.
فقال مقلدًا لها ولحركة فمها: وكيف آكل وأنت تنظرين لي هكذا وكأنك تودين قتلي.
صمتت.
اكتسي صوته بلهجه غايه في الجدية: سؤال واحد يا سمر وأريد إجابة واضحة صريحة من دون كذب أو مراوغة، لكي أكون على نور من البداية، وصدقيني مهما كانت إجابتك رد فعلي سيكون متحضر جدًا.
نظرت له متحفزة: اسأل عما تريد.
قال بهدوء: هل يوجد آخر؟
قالت بعدم فهم: ماذا تعني؟
قال: هل تضايقك من زواجنا بسبب الطريقة التي فرضت علينا أم لكون قلبك معلق برجل آخر.
فقامت منتفضه من مكانها: بنات النصراوي ليس لهن في أمور الحب والغرام، تربينا كما الرجال والبنت منا لا تحب سوى زوجها.
فقال مبتسمًا محاولًا استفزازها: لكن للقلب حكم آخر يا سمري.
ردت بشموخ: لكن حكم القلب في يد العقل يا طبيب، وإن لم يستطع عقلي التحكم في قلبي، أنزع قلبي من صدري لأدهسه بقدمي ولا يتحكم في عقلي.
ابتسم لطريقتها في الكلام وأمسك يدها ليقول: اجلسي و ....
لم يكمل الكلمة حتى سحبت يدها من يده في انتفاضة سريعة، ليبتسم قائلًا: ماذا بك أنا زوجك؟
فصمتت.
تبسم: اجلسي لنأكل لأغادر وأريحك مني.
جلست وتناولت الطعام في صمت.
فقال: لم أكن أعلم أن تأثيري رهيب هكذا (فنظرت له في غير فهم) تصبحين كالقطة الهادئة من لمسة يد فما بالك لو(واقترب قليلًا منها) قبلتك (فانتفضت سمر مبتعدة) (فضحك) ليس هذه المرة.
ثم وقف قائلًا: يجب أن أغادر، تأخر الوقت.
وقفت سمر وهي صامته فخرج نبيل وودع الكل وودعها ملوحًا لها.
ثم قال: هاتفك سمر.
لم ترد، فقال: رقم هاتفك يا سمر لأحادثك.
وأخذ الرقم من والدها وغادر.
فقالت أمها لها: ما بك شاردة، صامته هكذا يا سمر؟
نطقت أخيرًا: لا شيء.
ثم هرعت لغرفتها.
ضحك نصراوي: إنه حقًا من سيروضك.
غادر نبيل وهو مسرور بهذه الزيجة فلقد أعجبته سمر وارتاح لها، رغم طول لسانها إلا أن انتفاضها عندما أمسك يدها مكنها من قلبه، وذلك الشعر الغجري يناديه ليغوص فيه.
دخلت سمر غرفتها تحدث نفسها
(يا الله، كل هذا من لمسة يد، إن تأثير ابن السيد هذا رهيب، أحس وكأنني صعقت بالكهرباء، كل هذا من لمسة (تحسست شفتاها) ماذا سيحدث لي لو قبلني (ابتسمت وألقت بنفسها على السرير)
لتجد هاتفها يرن باسم نبيل فلقد سجله والدها فردت وقد استعادت رباطة جأشها
- نعم ماذا تريد؟ لقد غادرتنا للتو.
فضحك: هل هذا رد؟ يبدو أن مفعول لمستي ليدك قد زال، أنا مخطئ أني لم أقبلك.
فابتسمت وتصنعت الجدية واكتسى صوتها بنبرة حادة: ماذا تريد يا ابن السيد، فأنا أريد أن أنام.
قال بهدوء: أريدك.
ثارت ثائرتها: تأدب يا السيدي.
فرد: لا اله إلا الله، هل هذا رد على زوجك، ثم أنك لم تدعي لي فرصة لأكمل الكلمة، أنا كنت سأقول أريدك أن تستعدي غدًا لنختار شبكتك.
فاستعادت هدوءها: حسنًا سأخبر أبي.
ضحك نبيل: أتظنين أني سأحدثك قبل أن أكون حدثت الشيخ ونلت موافقته أنا أعرف الاصول وأنتِ ما زلت في بيت والدك، أمرك بيده، سأمر عليك بعد العصر، سلام.
وأغلق الخط.
حدثت نفسها (سأريك من هي سمر النصراوي يا ابن السيد)
هاتف عادل شيماء ليعلمها بنزولهما مع نبيل وسمر لشراء الشبكة.
حان الموعد...
بعد العصر كانت شيماء مستعدة، ارتدت جيب أسود وبلوزه وردية وحجابًا باللون الأسود يتداخل فيه اللون الوردي.
ركب عادل السيارة وهي بجواره، وانطلقا ليصحبا سمر؛ التي ارتدت بنطلون جينز أسود وسويت شيرت أسود وحجابًا مماثل لملابسها.
كانت تريد أن تضايقه، لكنه فطن لذلك وأخبرها أنه يتمنى دائمًا رؤيتها بالأسود لأنه يزيدها جمالًا.
تضايقت سمر فلقد ارتدت الأسود لتضايقه لكنه يبدو سعيدًا
نزلت سمر وشيماء واختارتا ما يعجبهما، وتعرفتا سويًا وأحستا بتآلف روحيهما.
مرت الأيام وطلب خالد من والده جابر أن يسافر هو لمصر لتسيير أحوال الشركة لانشغاله بتجهيز مقر سكن نبيل وما يحتاجه جناح عادل.
عادل لم يكن يحدث شيماء إلا نادرًا، لكنها كانت قريبه من شاهين، ولقد أحبها شاهين جدًا وتعلق بها وصادقها، حتى أنه أخبرها أنه يحب بدور وسيطلب يدها فور دخوله الجامعة.
أما نبيل كان يتحين أي فرصة للنيل من سمر وهي كذلك كانا كالقط والفأر.
......
سافر جابر إلى القاهرة، ذهب للشركة التي لم يكن قد دخلها منذ فترة طويلة فلقد كان خالد هو المتولي للعمل، دخل ليجد فتاه حسناء تجلس في مكتب السكرتارية، وقف أمامها فنظرت له وعرفته على الفور فصورته في الداخل فقامت فزعة من مكانها، ورحبت به
وفتحت باب المكتب له؛ لينظر هو إليها ويتأملها بجسدها المتناسق وذلك البنطلون الضيق الذي ترتديه موضحًا تفاصيل جسدها.
طلب منها أن تعد له القهوة وهو لا يستطيع رفع عيناه من عليها فلقد أسرت كيانه بجمالها وجسدها المتناسق وتلك الملابس الملتصقة به سألها عن اسمها وأجابته بأنه سماهر ولكن الكل ينادونها بسما، ليبدي هو إعجابه باسم سماهر أكثر ويستقر على مناداتها بسماهر.
توجهت لتحضر القهوة متعمدة التدلل في مشيتها وخرجت، ليتنفس هو الصعداء محدثًا نفسه
(ما بك يا جابر تخوشن ستقابل الكثيرات هنا في القاهرة)
سماهر لم تُضِع وقتًا أبدًا، أعدت القهوة وجهزت الأوراق وفتحت أول زرين في تلك البلوزة الضيقة التي ترتديها ودخلت له تخبره أنها من صنع القهوة بنفسها لأن عامل البوفيه لا يحسن صنعها وقدمتها له, وهي مقتربة منه جدًا بطريقة ملاصقة ليكون مرمى بصره مواجه لصدرها، وجابر يتصبب عرقًا أمام هذا الاغراء ويوقع على الأوراق بلا أي تركيز.
لتخرج سماهر ويهرع هو لدورة المياه ليغسل وجهه محدثًا نفسه
(يا الله عونك، كيف سأتحمل هذه الصاروخ؟)
خرجت سماهر والابتسامة مرسومة على وجهها ابتسامة نصر: هذا هو المنشود، إنه من سينتشلك من فقرك، انتهى عصر الشقاء يا سماهر.
.....
دخلت سماهر شقتها المتواضعة لتجد بهجت في انتظارها: حبيبه قلبي التي تنير عالم رجال الأعمال.
لترتمي بين ذراعيه: اشتقت إليك يا بهجتي.
فأحكم يديه حول خصرها: كنت منشغلًا في تجهيز الفتيات للسفر.
فقالت بملل: فلتترك عمل والدك، انتهى عهد الشقاء لقد أوقعت بابن السيد (وضحكت ضحكة ماجنة).
فقال فرحًا: حقًا من منهم ربيع أم خالد؟
ضحكت ضحكة ماجنة أخرى: لا هذا ولا ذاك، ربيع كالجبل لا يشعر بي، وبآخر مرة كان سيطردني لولا أني أخبرته أني أعيل إخوتي اليتامى، وقال لي تأدبي في ملابسك، واختاري ملابس تسترك أنتِ في شركة محترمه، أما خالد آه من خالد.
ضحك بهجت قائلًا: أعرف أنكِ تريدينه.
فقالت برغبة وهي تتذكر خالد وجسده القوي الفتي: أحبه يا بهجت، وأريده لنفسي وهو كالجبل لا تتحرك فيه شعرة لي، إنه لا يراني بالأساس.
تساءل: إذن من الذي قد وقع في شباكك؟
أجابته وهي تتراقص: جابر، أنت لم تره كيف ينظر لي؟ كاد أن يلتهمني بعينيه.
تهللت أساريره: هذا جيد جدًا، وأخيرًا سننال من آل السيد.
ثم ضمها بقوة: هيا بنا.
- إلى أين؟
ضحك وهو يتلمس جسدها وعيناه تستعران بالرغبة: اشتقت إليك يا حبي.
تعالت ضحكتها الماجنة ودخلا الغرفة يغوصان في بحار المحرمات، وما أن انتهيا
حتى قالت: اعتبر هذا لقائنا الحميمي الأخير، يجب أن تكلم الطبيب ليعيد لي بكارتي، فيجب أن نتقن اللعبة على جابر ليصير كالخاتم في اصبعي.
رد بسعادة: أوامرك يا حلوتي.
وأمسك هاتفه وطلب الرقم: أهلًا، بالطبيب العبقري، اسمعني جيدًا، جهز نفسك سنكون أنا وسماهر عندك بعد ساعتين، أريد غشاءً صينيًا أصليًا.
قالت سماهر باستفسار: لماذا بعد ساعتين؟ هيا نذهب الآن.
فجذبها من يدها ليوقعها بجواره على السرير وانقض عليها: لأرتوي من رحيقك الذي لا يروي.
وغرقا في الحرام، ثم ارتديا ملابسهما وخرجا من الشقة، توجهها للطبيب الذي باع روحه وضميره للشيطان وتغلغل حب المال في نفسه ونسج شباكه على قلبه، لينال هو الآخر نصيبه من جسد سماهر قبل أن يتولى تنفيذ ما اتفقوا عليه، فسماهر مشاع لكل الرجال تعطي نفسها لكل من يدفع ولكل ذي مصلحة.
تمت العملية وعادت سماهر إلى شقتها، كان اليوم التالي يوافق يوم عطلة في الشركة.
في اليوم الذي يليه ذهبت للشركة، مرتدية جيب قصير يصل لفوق الركبة وفوقه بدي ملتصق بجسدها عليه جاكيت قصير.
بعد قليل مثلت سماهر أنها متعبة وسقطت بين يدي جابر الذي ارتبك ولم يعرف كيف يتصرف وساعدها لتغادر الشركة، وذهب مع سائقه لإيصالها لمنزلها، انتظر السائق بالأسفل وصعد معها جابر وبعد دخوله الشقة طلبت منه أن يساعدها لترتاح في سريرها،
أوصلها للسرير تمددت على السرير وهي تتصنع التأوه بطريقة مثيرة جعلت جابر يتصبب عرقًا وأمسكت بيده، تحاول إغوائه كحية رقطاء تداعب فريستها قبل افتراسها، انتفض جابر معلنًا انتصار معدنه الذهبي على مغريات تلك الحيه وصاح: لا إلا الحرام، أستغفرك يا ربي.
ليدخل بهجت مهتاجًا يرسم على وجهه إمارات الخيبة في شقيقته التي دنست شرفه وشرف العائلة ووجب قتلها، ليذود عنها جابر بشهامته وينبري لإنقاذها وإنقاذ نفسه ويطلب أن يتزوجها درأ لأي أذي، ليأتي المأذون ويعقد قران جابر على سماهر بتوكيلها بهجت، ففي الأوراق الرسمية بهجت هو أخو سماهر وبشهادة السائق والجار أبو حسن.
بعد عقد القران ونزول السائق ومغادره أبو حسن.
لملمت سماهر ملابسها لتنزل ممسكة يد جابر وليذهبا لشقته الدوبلكس المخصصة للعائلة،
وفور دخول جابر الشقة لم يتحمل شوقه، وحمل سماهر لغرفته وأتم زواجه بها، مخدوعًا أنها ما زالت عذراء، منعها جابر من نزول العمل فهي الآن زوجته.
........
بعد أسبوعان اكتشفت سماهر حملها لتهاتف بهجت الذي سُر كثيرا فهو سيلصق الحمل بجابر وحتى إن كان المولود أنثى فسيستبدله بذكر لينال الحظوة لدى جابر ويستولي على نقود آل السيد.
بينما كان جابر متوجههًا للنجع لحضور زفاف عادل ونبيل.
فور وصولهما طلب السائق مقابلة ربيع سرًا، ليسر له بخبر زواج جابر من سماهر،
استشاط ربيع غضبًا ولكنه ألجم نفسه وقرر إرجاء التصرف لبعد الزفاف، وأخمد ما يعتمل في نفسه من براكين حسرة وغضب على أخيه ومنه في نفس الوقت.
ذهب لمتابعة تجهيزات الزفاف.
حل المساء وأنيرت الأنوار واستحال ظلام النجع نهارًا.
كانت شيماء كالبدر في ليلة تمامه وسط النساء، كان الكل يحسد عادل على هذه الجوهرة التي نالها، أما هي فكانت في قمة توترها، متخوفة من كيف سيتصرف معها عادل؟
وسمر كانت تبدو في غاية الرقة بصمتها فهي في قمة الاضطراب وتشحن طاقتها لتواجه ابن السيد فهي تنوي أن تجعله يعيش ليلة حالكة سوداء وستجعله يعرف من هي ابنه النصراوي.
كان الاتفاق أن يتوجه العريسان وعروستيهما بملابس الزفاف للمطار مباشرة للسفر إلى لبنان لقضاء شهر العسل، ركبت العروستان والعريسان سويًا في السيارة الجيب وأوصلهما السائق للمطار، استقلوا الطائرة، جلست شيماء بفستانها الذي كان مناسبًا للسفر وعادل هادئ لا يكلمها، أما سمر ونبيل لم يكفا عن استفزاز بعضهما.
نبيل مبتسم لأن سمر مرتبكة بذلك الفستان المنتفخ، يضحك قائلًا: تعشقين عنادي في كل شيء، أترين ربكتك بفستانك، حقًا تستحقين هذا!
قالت متبرمه: أتمنى أن تحرمني من سماع صوتك، سأتركك وأذهب لشيما.
وذهبت لعادل واقفة أمامه تمسك بفستانها: من فضلك يا عادل هل يمكن أن تجلس أنت بجوار ابن عمك؟
ضحك عادل: هل أغضبك من الآن؟
فابتسمت ابتسامه مصطنعة: لا، إن سمسم كالنسمة، لكن أريد الجلوس بجوار شيما قليلًا لنتحدث.
بعد أن حطت الطائرة ونزلوا للمطار أمسك نبيل يد سمر فتململت، فشد على يدها
قائلًا: أعتقد يجب أن نحافظ على مظهرنا أمام البشر.
فوضعت يديها في يده وأنهيا الإجراءات، وتوجهوا جميعًا للفندق الذي استقبلهم بزفة لبنانية على أنغام الدبكة ترحيبًا بهم، ليصعد كل منهم لجناحه.
........
شيماء وعادل
دخلا الجناح فقال عادل: أنا متعب للغاية، من فضلك أخرجي لي ما ارتديه.
ناولته شيماء ملابسه وأخذت ملابسها ودخلت لحمام الغرفة بدلت ثيابها، ارتدت قميصًا حريريًا أبيض وعليه الروب الخاص به وأطلقت العنان لشعرها وعدلت من مظهرها
وخرجت لتجد عادل يغط في نوم عميق ويحتل كامل السرير باسطًا ذراعيه،
جلست علي الشيزلونج المقابل للسرير تتأمل فتاها الذي يوم أن جمعتها به غرفة واحدة تركها وغرق في النوم بدلًا من الغرق في غياهب شعرها.
حدثت نفسها (حسنًا يا عادل، إنها حرب والحرب خدعة، وحبي لك سينتصر لا محاله)
احتضنت الوسادة وتوسدت أخرى وغطت في النوم.
أما سمر فتوجهت للحقائب وهي تزفر غيظًا فلم تعد تطيق ذلك الفستان وأخرجت ما ترتديه وألقت لنبيل ما سيرتديه وهرعت للحمام، لكنها لم تستطع فك تلك الشرائط المتداخلة فصرخت حنقًا
دخل نبيل بسرعه الحمام: ماذا هناك؟
قالت ببكاء: لا أستطيع فك الشرائط!
فقال وهو يفكها لها: حسنا لا تبكِ.
وفكها لها ضاحكًا فدفعته خارجًا وأغلقت الباب جيدًا، واستحمت وارتدت بيجاما سوداء.
وخرجت له فضرب كفًا بكف: أسود يا سمر في ليلة الزفاف!
ونظر لها نظرة متوعدة، أخذ ملابسه، دخل للحمام وخرج لا يرتدي سوى الشورت فصرخت: ما هذا ؟ أين ملابسك التي أعطيتها لك؟
قال ببرود: لا تحلمي، أنا في البيت لا أجلس إلا هكذا وإن اعترضت أقسم بالله سوف أخلعه وأجلس عاريًا.
فصمتت ليصعد للسرير فقالت معترضة: أين ستنام؟
فقال هادئًا مشيرًا على السرير: على السرير يا زوجتي المصون.
تساءلت بعناد عاقدة ذراعيها أمام صدرها: وأنا أين سأنام؟
زفر وكز على أسنانه: على السرير يا ابنة الشيخ النصراوي.
قالت: لا اذهب أنت ونم على الشيزلونج، أريد النوم بحرية فأنا مرهقة.
فجلس ممسكًا بيديها بقوة فلم تستطع تحريرهما منه وقال بحدة: اسمعي يا سمر مشاكسات القط والفأر تكون جميلة ومسلية حين أكون رائقًا وصافي البال، أما الآن فأنا أريد النوم
والراحة، ويجب أن تفهمي أنني زوجك وتعرفي أني أتحمل ربابك بإرادتي، وإلا سأبدل تصرفاتي وسترين وجههًا لا يعجبك (وألقى يديها) واخلدي للنوم فورًا.
وأولاها ظهره وابتسم ونام.
فنامت هي الأخرى على طرف السرير كان وجهها مواجهًا لظهره العاري فخجلت
واستدارت ونامت.
.....
أما في نجع السيد بعد انتهاء مراسم الزفاف اجتمع ربيع وخالد ليُسِر ربيع لخالد بما ارتكبه والده جابر في حق نفسه وحق العائلة بزواجه من سماهر، استشاط خالد غضبًا فكيف لوالده أن يتزوج من لعوب كسماهر ويقرن اسم عائلة السيد بها، وخالد ما أبقاها في عملها إلا لأنها تعيل يتامى على حد قولها، اتفق ربيع مع خالد على أن يوقعا بسماهر ليكشفا حقيقتها أمام جابر.
هاتفها خالد وواعدها على اللقاء في شقته بالقاهرة وزود الشقة بكاميرات مراقبه تبث التسجيل للدور العلوي من الشقة، لكي يرى والده ويسمع جريرة من اقترن بها، فهو لم يصدق خالد ولا ربيع حين أخبراه بحقيقتها وبأنها كانت تتقرب لهما.
جاءت سماهر للشقة، وفور دخولها وإغلاق خالد الباب ارتمت في حضنه فانتفض خالد للمفاجأة، ودفعها بعيدًا.
فقالت متعجبة: لماذا تدفعني بعيدًا عنك؟
قال: طلبتك لنتكلم، أنت الآن زوجة والدي أي محرمة عليّ.
فقالت وهي تخلع الجاكيت الذي ترتديه: محرمة عليك! ما هذا الهذي؟ أنا أحبك يا خالد بل أعبدك، وأريدك لي في فراشي، وما دمت طلبتني هنا فبالتأكيد أنت الآخر راغب فيّ.
فقال ليثبت لوالده كلامه: وماذا عن أبي؟
بدأت تفتح أزرار البلوزة: أبيك، ما به أبيك هل تظن أنه رجل يشبعني كأنثى؟ إنه لا يرضي رغباتي على الإطلاق، أما أنت (واقتربت منه) أنت رجل وسيد الرجال، وإذا كنت لا تريد إغضابه ببعدي عنه سأكون لكما سويًا.
فقال: لا يجوز.
فقالت: إذن سأطلب الطلاق وأكون لك وحدك.
وشرعت في إكمال فك أزرار البلوزة التي كانت ترتديها.
فلطمها خالد، فوضعت يدها مكان اللطمة ضاحكة: يبدو أنك من محبي العنف، لا يهم أنا أريدك كيفما كنت.
ليأتي جابر مسرعًا من الأعلى مستلًا سلاحه ووراءه ربيع يصرخ: لا تفعلها، إنها لا تستحق.
فقفز خالد نحو والده ليمنعه من قتلها: تمالك نفسك يا أبي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي