10 الفصل العاشر والختام

حاولت سماهر الهرب لكن ربيع ألقى بالآبنوسية ناحيتها فوقعت وأمسكها ربيع
قائلًا: نحن لسنا في نجع السيد، نحن في القاهرة، لا حكم لنا هنا، نذهب للنجع وهناك نتصرف، ويصدر الحكم.
حاولت سماهر الصراخ لكن ربيع أحكم قبضته حولها وضربها برأسه ففقدت وعيها ليحملها خالد ويركبوا السيارة وينطلقوا للنجع.
وبينما هم في الطريق أفاقت لتصرخ فلطمها جابر: أيتها الرخيصة الفاجرة، تريدينني أنا وابني، يا من لا تعرفين حلالًا من حرام.
فقالت: انتظر، بالتأكيد أنت فهمت خطأ.
فلطمها مرة أخرى: خطأ يا عاهرة، لقد رأيت وسمعت كل ما كان منك.
فأخذت تبكي: ماذا ستفعلون بي؟
فقال جابر: ستنالين جزاءك العادل ستدفنين وتوارين الثرى؟
فهتفت: وماذا عن ولدك الذي في أحشائي.
ليفغر جابر فاه: ماذا تقولين؟
وضعت يدها على بطنها في استجداء: أستقتلني وأنا أحمل ولدك؟
فقال خالد: هذا إن كان ولده!
فقال ربيع محدثًا السائق: هيا إلى المشفى يا نبوي.
لتفحصها الطبيبة وتخبرهم أنها حامل في شهر، فهم جابر بضربها ولكن خالد منعه وأخذها للسيارة، وما أن ركب جابر السيارة حتى أخذ يضربها ويكيل لها اللكمات الشديدة لوجهها وبطنها حتى نزف وجهها.
وقال ربيع: إلى المقابر يا نبوي.
وصلوا المقابر، لينزل جابر يجرها ورائه ويلقيها في أحد القبور: انطقي يا فاجرة، ابن من هذا الذي تحملين، وكيف تكونين حاملًا في شهر وأنا تزوجتك من أسبوعين عذراء.
صرخت: سأتكلم، اتركني.
فتركها لتقول: الغشاء كان صينيًا وأنا حامل من بهجت.
فركلها جابر ركلة شديدة في بطنها والغضب يتملكه: يا ابنة الحرام، حامل من أخيك، سترك يا رب ستقوم القيامة.
فقالت صارخة: أنه ليس بأخي.
فتساءل: والبطاقة.
فقالت: مزوره بهجت ليس أخي.
ونظرت لخالد: هل تعرف من هو بهجت يا خالد؟
فهز رأسه بلا
فأكملت: أنه ابن العارف، بالتأكيد زوزو أخبرتك عنه.
ليجدها تصرخ من الألم والدماء تسيل على قدميها.
فقال جابر: اتركني يا ربيع افرغ الرشاش الآلي فيها وأطفئ ناري.
فقال ربيع: عارك وأنت تغسله كيفما تريد.
فأطلق جابر النار عليها.
نادى ربيع على نبوي: هذه الفاجرة ترمى في أي قبر لا ملامح له.
هز نبوي رأسه: كما تأمر كبيرنا.
ووجه ربيع كلامه لجابر: أرأيت يا جابر صغر عقلك إلى أين أوصلنا؟ لو كنا طاوعناك كانت ألصقت بعائلتنا نسلًا ليس منهم.
قال جابر: آه يا كبير آه، أحس أن قلبي سيقف.
فرد ربيع: لا لن يقف، درس وتعلمته، توقف عن التفكير بنصفك السفلي، أنا لن أعاقبك يكفيك ما حدث لك.
جاء نبوي: دُفنت يا كبير.
فقال ربيع: حسنًا، أوصل سيدك جابر للقصر أولًا، ثم تعال.
فتساءل جابر: ألن تأتيا معي.
فقال ربيع: مصلحتك انتهت يا جابر لا دخل لك بنا، اذهب لحال سبيلك.
وغادر جابر، وهو يحمد الله أنه نجى من تلك الحية.
قال ربيع: خالد استخرج شهادة وفاة لسماهر من طبيبنا وكلم بهجت ليأتي.
فكلم خالد بهجت في الهاتف وهو يفتح مكبر الصوت: السلام عليكم، الأستاذ بهجت.
فضحك بهجت: أستاذ بهجت، حلوٌ هذا اللقب، من معي؟
: أنا خالد ابن زوج أختك سماهر.
: خالد! خير ماذا هناك؟
: خبر سيء أختك ماتت.
: أختي من؟
: أختك سماهر ماتت، والعزاء غدًا، يجب أن تحضر لتقف مع الرجال.
تساءل بهجت متوجسًا: كيف ماتت؟
رد خالد بحدة: وهل الموت يقال له كيف، ماتت كما يموت الناس، نامت ولم تستيقظ، لا تتأخر.
وأغلق الهاتف.
ليحدث بهجت نفسه
(حقًا توفيت سماهر، إذن يجب أن تنفذ الخطة الثانية وبسرعة)
ليهاتف أحدهم : نفذ يا بدراوي في الصباح.
***
سار اليوم عاديًا وذهب الأولاد لمدارسهم.
وصل بهجت القصر، وعرف عن نفسه للغفر فأمسكوه واقتادوه حيث أمرهم ربيع بذلك سابقًا، واحتجزوه هناك وذهبوا لإبلاغ ربيع بوصوله.
كان بهجت يحدث نفسه (يبدو أنه فخ، لقد كنت على صواب بتنفيذ خطتي)
ليدخل ربيع وخالد: مرحبًا.
: أهلًا يا ربيع باشا ويا خالد بيه.
رد خالد: أنت تعرفنا جيدًا إذن.
انحنى احترامًا: طبعا يا باشا وهل يخفي الزبيدة؟ (قالها ناظرًا لخالد)
فلطمه خالد: زبيدة تكون سيدتك أيها الوضيع.
فوضع بهجت يده مكان اللطمة: حسنًا يا باشا لا تغضب، فليرحم الله الجميع، ثم إن السيدة زبيدة ماتت ولكن البركة في بدور، أم أنها لا تعرف حكاية ماضي والدتها.
فقال ربيع: وهل تعرف بدور أيضًا؟
رد بهجت بخبث: أعرف بدور وعزيز أولاد المرحومة زبيدة، وباسل باشا وشاهين باشا
وفارس باشا، وما دمنا نلعب فلنلعب على المكشوف، أنا وأبي وضعنا هدفنا أننا يجب أن نستفيد منكم، بعد أن جاءت زبيدة لكم وتركتنا، عندما أعطاها أبي العنوان أتفق معها أن ترمي لكم ابنكم الصغير وتأخذ مبلغًا من المال مقابله وتعود لنا لتتزوج من ذلك الثري الذي كان يريدها واتفق على دفع مبلغ خيالي لنا، لكنها فضلت الحلال، أنا منذ زمن طويل أخطط وأراقب، لا تظنوا أن سماهر كانت ورقتي الوحيدة، لا سماهر كانت ورقة على الهامش، لكني لم ألعب بعد بالجوكر(ثم قال بصوت أقرب للفحيح) لما لا تتصلون على الشباب سلسال آل السيد القادم والأميرة الصغيرة لتعرفوا أين هم؟
ليلطمه خالد لطمة قوية أدارت رأسه للجهة الأخرى جارحة شفتيه فإنسال الدم منها وقال مهددًا: إياك أن تأتي بسيرتهم على لسانك النجس.
ليمسح بهجت خيط الدم وينظر لربيع: أفضل أن يكون الحديث معك أنت يا كبير، أنت هادئ وسنستطيع التفاهم سويًا، اطمئن عليهم إنهم في الحفظ والصون و(نظر لساعته) أمامي عشرة دقائق بالضبط، إذا لم أهاتف الرجال، لا أضمن ما سيحدث للصغار.
هاتف خالد سائق الأولاد ولكنه لم يرد.
فقال بهجت بضحكة مقيتة: لا تتعب نفسك بالاتصال على السائق، فهو مقيد بالتأكيد في السيارة، الخبر الأكيد عندي أنا.
هم خالد بضربه لكن ربيع أوقفه ونادى على نبوي: أعطه هاتفه يا نبوي.
فأعطاه نبوي الموبايل ليطلب رقمًا: نعم.
......
أنا بخير، في ضيافة الكبار.
.......
اعتني بآل السيد.
.......
كل ساعه سأتصل بك، إن لم أتصل نفذ ما اتفقنا عليه.
وأغلق الخط.
قال ربيع ببرود منافي للبركان الذي اشتعل داخله قلقًا على الصغار: طلباتك يا بهجت.
فرك يديه: يا باشا معونة صغيرة على متاعب الحياه، أريد ستة مليون جنيه، أنا لست بطماع.
: حسنًا يا بهجت، يا نبوي أحضر طعامًا لبهجت باشا، وأحسنوا ضيافته.
ليتدخل خالد بحدة: أيخطف أولادنا ونطعمه!
زجره ربيع: خالد، لا كلام بعد كلامي اصمت.
فصمت خالد، وخرجا من عنده ليدخلا إلى القصر فجاءت رباب ومعها رقية.
قالت رباب بقلق: الأولاد تأخروا يا أبي، أهاتفهم لا يجيبون، وكذلك السائق لا يجيب هو الآخر.
كاد خالد أن يتكلم لكن نظرة من ربيع أصمتته وقال ربيع: اطمئني لن يأتوا الآن.
فقالت رقية مندهشة: لماذا يا كبير؟
قال ربيع بهدوء: لقد ذهبوا في رحلة مع المدرسة.
فنظرت رقية لرباب التي اندفعت قائلة: رحلة! وكيف لم يخبرونا بها، وكيف ....
دق الأرض: أنا سمحت لهم هل هناك كلمة بعد كلمتي؟ لا أسئلة، قلت أنهم في رحلة
وسيمضون الليلة أيضًا بها.
فضربت رباب على صدرها: يمضون الليلة!
ليعلو صوته: رباب انتهى الكلام.
ودخل القاعة الكبيرة ووراءه خالد، تاركًا رباب ورقية تعصف بهما الظنون.
بعد أن أغلق الباب قال خالد: يا كبير.
رد ربيع وهو مغمض عيناه ويهز رأسه: هل لي أن أنعم بصمتك أم أنك ستظل تولول بجواري كالنساء.
: يا عمي.
رد غاضبا: لا أريد أن أسمع صوتك وإلا طردتك.
رد خالد باستسلام فلا شيء بيده: حسنًا سأصمت.
ليطلب ربيع رقمًا ما ويشغل مكبر الصوت.
فرد الطرف الذي اتصل به ربيع بفرح: أنا غير مصدق الكبير بنفسه يكلمني، لقد افتقدتك يا كبيرنا.
: كيف حالك يا عقرب؟
: بخير ما دمت سمعت صوتك يا كبير ولم تناديني بالعقرب؟ أيام العقرب ولت، تبنا إلى الله وأنبنا لا لذة تعادل لذة الحلال والاستقامة.
قال ربيع باهتمام: أريدك في أمر بعيد عن التوبة يا جابري.
: ما تأمر به ينفذ في التو يا كبيرنا.
: أولادي يا جابري خطفوا.
: كيف حدث ذلك؟
: أنت الذي ستعرف لي.
: اطمئن يا غالي، سيبيتون الليلة في قصر آل السيد.
وأنهى الاتصال.
.......
الجابري أرسل في طلب عسران ذراعه اليمنى وقال له: أولاد آل السيد خطفوا يا عسران، ساعة من الزمن وأصل الموضوع وفصله يكون عندي.
بعد مرور الساعة جاء عسران بالخبر اليقين فهاتف الجابري ربيع.
: يا كبير، الأولاد موجودون عند أناس بجواركم، عند رجال عملت من فترة قريبة لدى أبو الليل البحراوي، وساعة من الزمن وسيكونون في القصر، أنا اتصلت لأطمئنك.
:هذا جيد أنا في انتظارهم.
ليهاتف جابري أبو الليل فيرد أبو الليل: يا مرحبًا برائحة الأيام الحلوة.
: وهل أعمالك تركت مجالًا للرائحة الحلوة؟
: ماذا بك يا رفيق أيام الصبا؟ ماذا حدث؟ لماذا...
ليقاطعه: ما أقوله قليل عليك، هل لديك خبر أن رجالك الذين عملوا معك من فترة قريبة قد خطفوا أولاد آل السيد.
: يا ليلتي السوداء، يا نهايتي التي حانت، رجالي أنا خطفوهم، متى حدث ذلك؟
: أرأيت أنك نائم على أذنيك، نصف ساعه يا أبو الليل وتهاتفني تخبرني أن الأولاد في طريقهم للقصر.
: بالطبع.
***
لينادي أبو الليل على عزام رجله الجديد ويسأله: ماذا تعرف عن موضوع خطف أولاد السيد؟
فابتسم عزام: لقد كنت أعدها كمفاجأة، عندما تصل النقود كنت ...
أمسكه أبو الليل بقوة: مفاجأة أيها الغبي، ألم تجد سوى أبناء السيد، أين هم؟
: عند حورية.
ليعاجله أبو الليل بطلقة في منتصف جبهته.
ويهرع من فوره حيث الأولاد والسائق، ويهاتف الجابري ليطمئنه، وبدوره اتصل الجابري بربيع ليبث الراحة في نفسه بسلامة أولاد آل السيد.
بعد نصف ساعة كان الأولاد قد وصلوا القصر يصحبهم أبو الليل، ليدخلوا على ربيع يحتضنهم: هل أنتم بخير؟(ويحتضن بدور بقوة) هل مسك أحد يا صغيرتي؟
رد أخوتها بينما هي متشبثة بحضن جدها: لا يا جد أنها بخير، كلنا بخير.
ليرفع أبو الليل يداه: أقسم بالله يا باشا لم أكن أعرف.
فقال ربيع : أوليس هذا عيب في حقك؟!
: اطلب السماح، معاوني الجديد كان يظن أنه يخدمني، لم يكن يعرف مقامك، ولقد نال عقابه، وكل ما يرضيك أنا حاضر له.
فقال ربيع: لا، أنت لك جائزتك لإحضارك الأولاد سالمين، يا خالد أعط مليون جنيه لأبو الليل.
قال أبو الليل: لكن لي طلب إن سمحت.
: ما هو؟
: أريد بهجت.
رد ربيع بقسوة: لا إنه يلزمني عقابه عندي أنا، إنه موضوع يطول شرحه.
لم يكن أمامه إلا الاذعان لربيع: حسنًا يا كبير ألف سلامه على الصغار.
ليدخل نبوي: يا كبير المصراوي يريد أن يراك، ويريد هاتفه.
ضحك ربيع: قل له الموضوع انتهى وأولادنا في أحضاننا (وانفجر في الضحك) وإياك أن يدخل له طعام أو مياه، وإن هرب فبها موتك يا نبوي.
واحتفل الجميع بسلامه الأولاد.

أما في لبنان عند العرسان
استيقظ عادل ليجد أن شيماء ليست بجواره على السرير أو في الغرفة فبحث عنها ليراها تستند على الشرفة التي تطل على منظر البحر والجبال ببيجامتها البيضاء الحريرية
وشعرها الذي يراه لأول مره يتطاير مع نسمات الهواء؛ فأحس بشيء ما يجذبه ناحيتها لكنه نفض هذا الشيء ونادي عليها لتلتفت له فلمح الدموع في عينيها فسألها: هل كنت تبكين؟
: لا ولماذا أبكي؟ صباح الخير.
: صباح النور، هل أفطرتِ؟
: لا.
: إذن لنكلم نبيل وننزل لنفطر سويًا.
: حسنًا سأبدل ملابسي.
تعجب عادل من هدوءها برغم أنه تركها ليلة زفافها وحيدة ونام.
***
عند نبيل وسمر...
استيقظت سمر لتجد أن نبيل يحتضنها فحاولت التملص منه فاستيقظ مبتسما: يا صباح الشعر المبعثر.
قالت بقرف: مبعثر! أنت لا تفهم إنه كيرلي.
فأمسكها من شعرها: لسانك هذا يحتاج للقص.
حاولت التملص: اترك شعري.
: انهضي.
ليرن هاتف الغرفة ويتفق مع عادل على النزول.
ومرت بضعة أيام وهم على هذه الحالة.
بدأت سمر تحس بانجذاب شديد يتنامى ناحية نبيل، لتجده في يوم ما يتحدث مع سائحة ترتدي البيكيني فتفور نيران الغيرة وتقبل عليهما والشرر يتطاير من عينيها
: من هذه يا محترم؟
فيجيب مسرورا بانفعالها: إنها سائحة روسية تسألني على مكان هنا.
ضيقت عينيها غيظًا: والتي تسألك تقترب منك بهذه الطريقة، بالطبع، يجب أن تقترب وأنت تقف هكذا عاري الصدر تستعرض عضلاتك.
فضحك نبيل: أتغارين يا سمر؟
قالت بتجهم: أغار، أنا! من هذه التي لا ملامح لها.
تركته، صعدت للغرفة ليصعد ورائها ويغلق الباب بقوة و يمسكها من يدها: اعترفي أنكِ تغارين.
: لا.
فأمسكها من كلتا يديها وألصقها بالباب: بل تغارين، اعترفي.
: لا.
ليقترب منها أكثر ملتصقًا بها ومركزًا نظراته في عينيها، في البداية كانت نظرات عينيها شرسة، ولكن ما لبثت تلك النظرات أن هدأت وبدأت نبضات قلبها تتسارع بفعل قربه منها.
قالت تحاول التشبث بآخر حصون عنادها: ابتعد عني.
: لماذا؟
: لأني أريدك أن تبتعد.
: لكن هاتان العينان تأمرانني بالاقتراب.
: كاذبتان.
: حسنًا، هما كاذبتان، وصدرك الذي يعلو ويهبط وكأنك في سباق ماراثوني، أيضًا كاذب، أم أنه مضطرب لأني قريب وينشد قربي أكثر.
قالت باستسلام بصوت خافت: كاذب هو الآخر.
اقترب أكثر: وهاتان الشفتان الكرزيتان التي تتوسلان لي لأقطفهما.
قالت بوهن: كاذبتين.
فنظر في عينيها بنظرات تفيض رغبة وحبًا ولم يشعر باقترابه منها حتى قبلها قبلة طويلة هادئة؛ لتهدم قلاع دفاعها وتستسلم دافنة تظاهرها بالنفور منه ولم يعد من مجال سوى للحب والحب فقط.
في الصباح استيقظت لتجد نفسها وحيدة على السرير فلملمت الملاءة عليها واحمرت وجنتيها بعد تذكرها ما حدث البارحة ليخرجها صوت نبيل من ذكرياتها وهو يجلس بجوارها على السرير: هل يوجد صباح أجمل من هذا الصباح، بهذه الخصلات الغجرية؟
قالها وهو يعبث بخصلات شعرها المبعثر الذي أضحى في حالة يرثي لها فضحكت فهي تعرف جيدًا حالة شعرها حال استيقاظها: هل تسخر مني يا ابن السيد.
: لا، أقسم بالله إني أعشق هذا الشعر.
واقترب مسطرًا رواية جديدة في سلسلة عشق آل السيد.
.........
أما عادل و شيماء كانا كرفيقي السكن، وشيماء كانت تتصرف بكل هدوء ورزانه مع عادل، وكان متعجبًا من معاملتها له! كيف لم يسمعها تشكي للحاجة رجاء أو رباب أو حتى سمر ولا رقية، مع أنها تكلمهن كل يوم، بل وتكون في قمة سعادتها وهي تتكلم معهن ومع شاهين فهي تهاتفه يوميًا.
استيقظ في يوم ليجدها نائمة على الشيزلونج هزها برفق: شيماء استيقظي.
فاستيقظت
: لماذا تنامين هنا؟
فنظرت له قائلة باستغراب: منذ أن وصلنا وأنا أنام هنا.
: كنت أظنك تنامين على السرير.
: لا لم أرد أن أضايقك.
: لا لن تضايقيني، ونامي على السرير، السرير كبير.
ففرحت شيماء في نفسها ولكنها في الليل وجدته يضع وسادة ما بينهما.
فقالت في نفسها (صبرًا يا عادل صبرًا)
بدأت في ارتداء الملابس المكشوفة، استيقظ من نومه ليجدها جالسة تضع ساقًا على ساق، مرتديه قميص نوم حريري أحمر يكشف عن ساقين كالمرمر وتتصفح مجلة وتتناول شرابًا ما.
جلس عادل على السرير يتأملها ويتأمل مفاتنها المغرية وتخيل نفسه يتلمس تلك الجميلة لكنه نفض عن نفسه ما جال بخاطره ونهض ليأخذ حمامًا باردًا.
عندما خرج وجدها تتحدث على الهاتف
: يا حبيب قلبي اشتقت لك.
......
: لن أتأخر فأنت الحب الأول.
ليخطف الهاتف من يدها صارخًا: من هذا؟
فسمع صوت المتحدث ليجده شاهين، بينما ارتسمت نظرة النصر في عيني شيماء ولكنها رسمت التجهم على وجهها.
: نعم يا ولدي سنأتي قريبًا.
أشارت له لتأخذ الهاتف: نعم يا حبيبي، ذاكر جيدًا، أريد أن أتشرف بك، اعتن بنفسك يا قلب أمك.
ثم نظرت لعادل بقوة: ما الذي فعلته وكيف تصرخ فيّ هكذا أمام ابني؟
فقال بغضب: ابنك! إنه ليس ابنك، إن له أم واحده وقد ماتت.
نظرت له نظره نارية: أنت بنفسك قلتها ماتت، وهو الآن ابني أنا، أنت معترض على كوني زوجتك، على راحتك لم ولن أتدخل في ذلك أو اعترض عليه، لكن من فضلك لا تتدخل بيني وبين شاهين، فليبارك لي الله فيه، أنت تريد العيش في الماضي، لكن أنا وابني نريد الحاضر.
فاقترب منها بغضب: أريد أن أفهم.
: تفهم ماذا؟
: لماذا لم تعترضي أو تتبرمي، أو تشتكي لأحد لأني لم أتمم زواجنا؟ ودائمًا سعيدة
ومبتسمه وتعيشين كأننا أسعد زوجين!
قالت والفرح يتملكها ولكنها رسمت البرود: لا إله إلا الله، عجبت لك لم تريدني أن أحزن؟ لقد اقترن اسمي بزينه رجال السيد، ورزقني الله بولد يكون ابنًا لي فليحميه ربي
ويبارك به، وأعيش في كنف عائلة كلها تحبني وتتمنى لي الرضا، وأتنزه في لبنان، فلم أحزن؟ من فضلك ابتعد لأغير ملابسي لنخرج ولو أمكن أريد العودة للنجع، اشتقت كثيرًا لآل السيد.
قال متبرمًا: حسنا سنحجز غدًا.
كلم عادل نبيل ليعودوا لمصر.
في الطائرة كانت سمر التي أصبح نبيل حبيبها وليس زوجها فقط تمسك بذراعه
وملتصقه به ويجلسان في سعادة ظاهرة، تنظر لهما شيماء وهي تتمنى هذا القرب من عادل وتدعو الله أن يكمل فرحتها.
فور وصولهم استقبلهم الكل بالترحاب وارتمى شاهين في حضن شيماء: اشتقت لك يا أماه.
لينهاه عادل: تأدب ليست أمك.
ليأتي صوت ربيع: لا تتدخل فيم لا يعنيك يا عادل.
رد مستسلمًا: كما تأمر يا كبير.
صعد كل منهم لشقته وخرج عادل مسرعًا للمقابر.
بعد خروجه بكت شيماء، جاءت لها رباب، فمسحت شيماء دموعها وقامت ترحب برباب
: يا مرحبًا.
: مرحبًا بك في دارك يا نورها، لم كنت تبكين؟
: لا لم أكن أبكي.
: على راحتك، تخفين عني، لكني أعرف.
: ماذا تعرفين؟
حدثتها عن أن الشوق لعادل في عينيها كما هو لم يرو بعد، وأفهمتها أنها يجب أن تجعله يستسلم للحب الذي تراه في عينيه لها، أفهمتها أنه يحبها لكن قلبه ما زال يرفض التخلي عن ذكرى زهيرة وأنه يجب عليها أن تجعله يسلم بغرامها هي، عقدت شيماء العزم على تحطيم الأسوار التي بناها عادل حول قلبه.
عندما دخلا غرفتهما، دخلت شيما الغرفة لتبدل ملابسها في غرفة الملابس ثم خرجت ليدخل عادل ويقف مشدوها من مظهرها، فلقد ارتدت هوت شورت، وبدي حمالات يكشف أكثر ما يستر فانتفض معترضًا بأن البيت به شاب صغير، بررت شيماء له بأنها ترتدي ما يحلو لها في غرفتها، لكن نيران الرغبة كانت بدأت تنتصر على عادل، جلست على الشيزلونج تقرأ باندماج ظاهري، بينما هي تلاحظ عادل ونظراته لها وتفحصه لجسدها، ثم صعدت للسرير وراحت في نوم عميق بعد تيقنها أن عادل بدأ في الرغبة بها، استيقظ قبلها يتأمل هذا الجسد المثير المستلقي بجواره، فتحت عيناها لتجده ينظر لها برغبة واضحة
فقالت: صباح الخير، دقائق وأعد الإفطار.
وعندما حاولت النهوض أمسك يدها فنظرت له بكل برود: هل لك طلب معين على الإفطار؟
: أنا...، أنا..
وتركها سريعًا، ودخل يلقي الماء البارد على جسده عله يهدأ ثورته.
بينما هي في قمة سعادتها تحدث نفسها (لنرى يا عادل إلى متى ستصمد)
بدلت ملابسها لملابس محتشمة واستمرت على هذا المرجاء فترة.
إلى أن جاء يوم كان الشباب يحتفلون بنجاحهم وأخذهم خالد في رحلة مع رباب ورقية
ورضوان، دخل عادل الجناح وكان يظن أنها معهم في الرحلة لكنه دخل ليجدها ترتدي
ملابس نوم ساخنة، وتتراقص على أنغام أغنية لأم كلثوم، وهي مغمضة العينين، ليقف والرغبة تسري به، ولم يعد يحتمل أكثر من ذلك، ليحتضنها، بينما تصنعت هي الفزع،
لتفتح عينيها ويحاول تقبيلها فأبعدته رافضة، نظر لها نظرة الجائع الذي رفعوا من أمامه الطعام بعد أن تذوق أول لقمه وهو يقول في وله: أريدك.
: تريدني كأنثى فقط لتشبع رغبتك، أليس كذلك؟
اقترب منها ممسكًا بيدها: أقسم بالذي بدل حب زهيرة في قلبي إلى حبك أني قد بت أعشقك وأعشق تفاصيلك، أعشق ضحكتك وابتسامتك، أعشق حنانك وحنوك على ولدي، لم أعد استطيع الاستغناء عنك شيما.
وذابا سويًا في بحور الهيام ورقصت شيما على أنغام قلبها وأنفاسه أجمل رقصة، أخيرًا توحدت مع من هوت وذابت في غرامه، حبيبها، حلالها.
بعد شهران أحست سمر وشيما ببعض الدوار، وجاءت الطبيبة لتفحصهما وكانت معهما مليحة في الغرفة؛ لتزف الطبيبة خبر حمل سمر وشيما وتنطلق الزغاريد، وبينما مليحة مسرورة وتطلق الزغاريد سقطت فاقدة للوعي، عاينتها الطبيبة لتعلن المفاجأة مليحة حامل،
لتنهار مليحة وهي تصرخ: والله لم أخطئ.
حقنتها الطبيبة بحقنة مهدئ.
ليأتي راضي بجوارها وتفيق وما أن رأته حتى تراجعت للخلف تحمي وجهها
بذراعيها: أقسم بالله لم يلمسني سواك.
أمسك ذراعيها واحتواها بين ذراعيه: أعلم يا حبة القلب، لقد كنت أتعالج بطريقة جديدة، لكني لم أشأ أن أرفع آمالك، أخيرًا من الله علينا بم كنا نتمنى.
وأقيمت الاحتفالات.
بعد فترة الحمل أنجبت السيدات نسلًا جديدًا، يحمل فروع العائلة.
استمرت جذور آل السيد تتشعب وتتكاثر، وظلت عائلة السيد مترابطة قوية كما حلقات المسبحة يسلم رجلٌ شئونها لرجلٍ يراعيها ويحميها، بحب وترابط عاشوا وبعطر وحسن ذكر كانت مسيرتهم.
تمت بحمد الله
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي