ضحايا متاهة آدم

منى أحمد حافظ`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-12-30ضع على الرف
  • 76.8K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1 جرائم مجهولة المصدر

أخذ يهرول مُرتقيًا درجات السُلم بأنفاسٍ تتمزق داخل صدره، حاول يحيى التقاطها ليحافظ على سرعته في نفس الوقت لاعنًا تدخينه للسجائر مع وصوله أخيرًا إلى وجهته، توقف أمام مكتب صديقه وطرق الباب وولج قبل أن يأذن له، فرفع أشرف رأسه عن الأوراق التي دفن وجهه بها منذ أمسِ ورمق يحيى بنظراتٍ نارية ليقول:
- دعني أخمن فأنت لا تأتِ لي إلاَّ ومعك لي أسوأ الأخبار أليس كذلك يحيى، هيا أخبرني ماذا تحمل بجعبتك اليوم؟

صمت لثوان تبادلا خلالها النظرات، زم خلالها يحيى شفتيه وهو يتابع نظرات أشرف الساخرة، ليعتدل الأخير مُكررًا سؤاله:
- هيا يحيى أخبرني بما لديك لتقض مضجعي لأسابيع كعادتك.

جلس يحيى مُزدردًا لعابه ومد يده مُلتقطًا أحد المناديل من العلبة الموضوعة فوق سطح المكتب، يجفف عرقه ونهض مرة أخرى من مكانه ونظر باتجاه أشرف بنظرات ملؤها التوتر وأردف بصوت خفيض كأنه يخشى أن يسمعه أحد:
- أعذرني أشرف فذاك حظك معي فأنت صديقي قبل أن تكون رئيسي بالعمل، لذا أتعامل معك بتلقائية وعليك أنت الآخر أن تكف عن سخريتك تلك.

ازداد تجهم وجه أشرف، فأدرك يحيى أن عليه إبلاغه بالأمر فأردف بصوتٍ خافت:
- حسنًا لا تبتئس سأخبرك بما لدي، وعليك أن تسمعني جيدًا كي تتفهم ما سأبلغك به.

زوى أشرف حاجبيه مُتعجبًا لخفض يحيي صوته، فوقف هو الآخر تاركًا الأوراق بنفاذ صبر سائلًا إياه بلهجة ساخطة:
- لِما تخفض صوتك يحيى ألا تعلم بأنك تجعل الأمر يبدو وكأننا نسرق أو نفعل أمرًا خطأ، وبما أني على يقين بأننا لا نفعل أرى أن ترفع صوتك وتُخبرني بالكارثة الجديدة التي حلت وتُريد أن أكون على علم بها.

تجهمت ملامح يحيى فهو يعي أن ما سيقوله يُنذِرُ بالخطر وسيذهب بتعقل أشرف، ولكن عليه أن يبلغه بما لديه من أخبار فقال هامسًا بصوت جدي خالف حالة ارتباكه منذ قليل:
- عاد التطبيق للعمل من جديد.

توغر صدر أشرف غضبًا وحدق بوجه يحيى باتهام بوجهٍ مُكفهر، وهتف بعصبية مفرطة موبخا إياه قائلا:
- ماذا تقول؟ أعاد التطبيق للعمل وأنت جئت إلى هنا لتُبلغني! بحق الله لِما لم تخبرني هاتفيًا بدلًا من ضياعك لكل هذا الوقت، ألا تعلم أننا بأمس حاجة لكل ثانية تمر بنا.

انزعج يحيى لعلو صوت أشرف، فاقترب منه وحثه على خفض صوته وهو يهز رأسه باستنكار لنبرات التوبيخ والتشكيك به وأخبره مستنكرًا:
- أولًا أخفض صوتك فأنت ستكشف أمرنا يا أشرف، ثانيًا ألم أخبرك عدة مرات ألّا تتعجل أي شيء وأن تدع لي الوقت أطلعك على ما لدي كيفما أرى الطريقة مناسبة، حقًا لقد سئمت معاملتك لي وكأني أبله لا يفقه شيء، أتُريد أن تعلم لِما جئت إليك بشخصي بدلًا مِن اتصالي بك ولِما أحرص على خفض صوتي؟ حسنًا سأخبرك لمِا؟
أنا جئت أطلعك على خُطتي البديلة، خُطتي التي وضعتها بسرية تامة كي لا يعلم بها أيًا من العاملين معنا، فأنا عقدت اتفقًا مع اثنان من المبرمجين كي يساعدوني بالتسجيل بهذا التطبيق، ومنذ دقائق أرسلوا لي إحدى الرسائل المُشفرة يبلغوني أنه عاد للعمل.

انتبه أشرف لمغزى تصريح يحيى وحك ذقنه وقال بصوت خفيض:
- إذًا فأنت أدركت بالفطنة كما أدركت أنا، بأن هناك واشيًا يعمل معنا ويتجسس علينا لمصلحة مالك التطبيق بل ويبلغه بكافة تحركاتنا وأفعالنا ليتخذ حيطته منا.

أومأ يحيى بالإيجاب واقترب من أشرف ومال نحوه قائلًا:
- نعم فأنا ومنذ فشلنا الأخير بعدما أصبحنا بداخله فعلًا وتم إقصائنا بلا سبب ووضع العضوية التي زيفها موسى بقائمة الحظر، وأنا تيقنت بأن هناك من أبلغه بأننا تمكنا من أختراقه، لذا ارتأيت أن أعقد أتفاقي مع مجهولين لا يعملون معنا كخطوة احترازية أخيرة.

أنصت أشرف إلى اعترافات يحيى باهتمام وحثه بإيمائه أن يواصل حديثه، ليُضيف يحيى قائلًا:
- أتعلم أن رحلة بحثي عنهما أجهدتني كثيرًا بعدما تأكدت أنهما الأفضل بمجالهما، لذا حرصت على أن أطلع أحد حتى أنت لضمان سرية الأمر حتى توصلت إليهما واستطعت التواصل معهما، وبعد حديثي معهما وجدتهما على خُلق وأظهروا استعدادً كاملًا لتحمل المسئولية معنا بعدما وضحت لهما ما نحن بصدد مواجهته، وبعد تحققي من موافقتهما رتبت لهما مكانًا للإقامة تحت عيني ومكتبًا للعمل تحت سمعي، وحاليًا هما رسميًا يُقيمان بشقتي ومهمتهم الوحيدة اخترق التطبيق.

ربت أشرف كتف يحيى بفخر وقال بزهو:
- تلميذي النجيب لقد أتى تعليمي لك بثماره أخيرًا، ولكن دعني أتأكد منك أولًا هل أنت على ثقة كاملة بقدرتهم على اختراقه؟ فأنت تعلم أن ذاك التطبيق بات أشبه بحصنٍ منيع، وعلينا نحن كرجال شرطة أن ننبش أعلاه وأسفله ونهدمه ونبحث أحجاره جميعها لنكشف عن سره، لنحافظ على ماء وجوهنا بعدما بات الناس يفزعون منا بسبب تعثرنا يوميًا بجثة جديدة لفتاة مجهولة الهُوِيَّة، واضطرارنا لتزييف الحقائق حول مقتلها كي لا نظهر بمظهر الفاشلين أمام الرأي العام.

غامت ملامح يحيى وهو يتذكر الخمس فتيات التي عُثر عليهن مقتولات وتسبب غموض ظروف القتل في إرباك الإدارة بفشلهم بكشف مُلابسات الجرائم وإيجاد الجُناة، فانهال عليهم التوبيخ واللوم من الرؤساء حتى صاروا مادة للسخرية وَسَط باقي الإدارات، وتذكر خوفه على شقيقته وتضيقه الخناق عليها، فقال بشرود بعدما تذكر مشاجراتهم الأخيرة:
- أرجوك لا تُذكرني فأنا أصبحت أتوارى مؤخرًا حين أبصر أمامي أحد رجال مكافحة المخدرات أو الآداب، هربًا من تهكمهم الدائم بنا فنحن صُرنا علكة بأفواههم يتشدقون بها بعدما كانوا يخشون النظر إلينا، للأسف تبدلت الآية وبتنا نحن من نخشى رؤيتهم.

زفر يحيى بخوف ما أن تراءت صورة شقيقته أمامه فأردف بخوف صادق:
- سأخبرك سرًا أنا بدتُ أشعر بالهلع على شقيقتي وأصبحت أرافقها لكل مكان، وحين أنشغل عنها أرسل بديلًا يرافقها بكل مكان، والسبب بذلك ذعري بعدما علمت بشأن ذاك التطبيق القاتل.

عاد أشرف إلى مكتبه وجلس على مقعده، وألقى بنظرة إلى الأوراق التي كانت بين يديه وهو يحمد الله أنه وحيد، حتى لا ينتابه ذلك الخوف على عائلته وقال:
- أترى يحيى تلك الأوراق أتعلم أنني أطلع عليها منذ أمسِ أحاول إيجاد أي صلة تربط ضحايا التطبيق بعضهما ببعض وحتى الآن لم أجد خيطًا واحدًا يضعني على أول الطريق، ولكني تيقنت بأن ذاك المبرمج والمصمم للتطبيق حاد الذكاء وصاحب عقلية فذة نادرة مُرتب لأقصى درجة، وحذر بلا حدود اختار ضحاياه بعناية فائقة وحرص على عدم ربطهن ببعض، لذا نحن نواجه عقلًا عبقريًا صمم برنامجًا يُفتح بأوقات عشوائية غير نمطية حتى بث عنوان البروتوكولات خاصته مجهول ليبدو لنا وكأنه يبث من الفضاء، ولا تنكر أن للصدفة دورها العام بكشف أمره حين وقع بين أيدينا ذاك المقطع التسجيلي الذي حُذف لاحقًا، أوضح لنا سبب مقتل إحدى الفتيات ومنها استدلينا على سبب النيل من الأخريات، ليُصبح ذاك التطبيق متاهة تفتك بالفتيات.

جلس يحيى يفكر ليقول وهو يسحب إحدى الأوراق ويقرأها:
- أتعلم أشرف أن بداخلي حدسٌ قوي بأننا حتمًا سنصل، وسنلقي القبض على ذاك المجرم بأقرب وقت.

زم أشرف شفتيه بسخط وقال:
- ولكنه لا يعمل بمفرده يحيى فمن المستحيل أن يستطيع رجلًا بمفرده أن يتابع كل هذا، ظني أنها شبكة متكاملة أفرادها على حدٍ بعيد من الاحتراف كمـــ...

أوقف أشرف كلماته حين ارتفع رنين هاتف يحيى الذي أسرع وأجاب بلهفة، وأستمع إلى مُحدثه باهتمام ليقول أخيرًا:
- أحقًا استطعت الاشتراك أنا لا أصدق أنه حدث أخيرًا، حسنًا أرسل لي تلك الرسالة التي أُرسلت إليك ولا تنس أرسلها على الرَّقَم الخاص، أشكرك كثيرًا باسم حقًا أنا مدينٌ لك يا رجل.

تبدلت ملامح وجه أشرف كليا لتكتسي نظراته بالاهتمام ينتظر ما سيقوله يحيى، الذي تنفس بعمق وقال:
- استطاع باسم اختراق التطبيق والاشتراك بعد أن سدد إلكترونيًا مبلغًا قدره خمسةٌ وعشرون ألف جنيه، وأخبرني بأنهم أُرسلوا إليه رسالة سيرسلها لنا عبر الرَّقَم المُأمن.

اهتز هاتف يحيى من جديد فحدق بشاشة هاتفه وقرأ على مسمع أشرف فحوى الرسالة وقال:
- عزيزي المشترك عرضنا الرئيسي سيبدأ مع انتهاء العد التنازلي للأيام، برجاء سداد قيمة العرض، إذا أحببت أن تكون أحد المشاهدين للحدث القريب الذي سيبدأ بعد عشرون يوما من الْآنَ.

لمعت عينا أشرف بغضب وضرب سطح مكتبه وصاح:
- هل يخبرنا حقًا بأن هناك ضحية ستلقى حتفها على يده بعد عشرين يوم، أي مُزاح لعين ذاك يا رجل.

وقف واستدار وهو يخلل خصلات شعره بأصابعه بعصبية وأردف:
- أنا بقمة حزني يحيى، فنحن كُبلنا بأغلال لا نراها وسنقف نتابع ونشاهد مقتل فتاة بريئة لا ذنب لها، فقط لأننا نجهل هويتها ولا تعرف من هي ولا أين تقيم؟ ولا توجد لدينا أي وسيلة تُمكننا من معرفة شخصيتها قبل أن تمر العشرون يوم اللعينة تلك.

هز يحيى رأسه بحزن وقال:
- للأسف أشرف لا توجد لدينا أي معلومات عن العرض، فمالك التطبيق حريص كل الحرص على حجب كافة المعلومات، فقط قبل بِدء العرض يرسل تنبيهًا لكل مشترك، أما عن الضحية فكيف سنعرف من هي ونحن تخطينا حاجز المليار صديقي.



بإحدى المناطق السكنية الهادئة، أنهت هنا صلاة الفجر وجلست تدعو الله بعيون دامعة، بعدما رأت والدتها في حلمها تبكي وتشير إليهم بحزن، فاستيقظت هنا بقلبٍ حزين لتهرب من حزنها إلى الصلاة كما أوصاها عمها، وتنهدت ووقفت تنظر إلى وجه زوجها النائم، لتنتبه إلى الوقت فأسرعت تغادر غرفتها وولجت إلى غرفة ابنة عمها همس واقتربت من فراشها وقالت:
- همس استيقظي، أرجوكِ همس هيا أفيقِ قبل أن يستيقظ شقيقك، فأنتِ طلبتِ مني أن أوقظك مبكرًا فهيا معي انفضي عنك نومك هذا، فو الله لو استيقظ فضل شقيقك وأدرك موعد نومك بالأمس، سيقيم حربًا علينا معًا وسيقرظنا بلسانه كثيرًا.

تململت همس وأبعدت دثارها عن وجهها مُتذمرة من إلحاح هنا ورمتها بنظراتٍ ساخطة قائلة بصوتٍ غلبه الضيق:
- أرجوكِ هنا أتركيني أنعم ببعض النوم فأنتِ تعلمين أني غفيت قبيل الفجر بلحظات، لذا أتوسل إليك لا تخبريني مجددًا بأمر ما سيفعله شقيقي فضل، فأنا على علم مثلك بشخصه وأحفظ أفعاله كاملة، أتعلمين أنا سأترك فراشي وانفض نومي عني لإني أعلم أنك لن تتركيني أبدًا حتى أستيقظ، وسأشتري سلامة عقلي منك لذا اذهبي وحضري طعام الإفطار، ونصيحة مني هنا دعي عنكِ خوفك من فضل وأغلقي باب الذعر بداخلك وانعمي بالحياة مع زوجك، يا هنا كُفِ عن الخوف منه ومن غيره وحاولي أن تُملكيه قلبك ليرحل عنك كل هذا الهلع، صدقًا أنا لا أعلم لِماذا تزوجتِ منه وأنتِ لا تملُكي بداخلك حبًا له؟

عبست هنا ووقفت تحدق بها بعتاب وقد نغزها قلبها فابتلعت غصتها بحزن وقالت:
- حتى وأن كنت لا أملك له حبًا فأعلمي أني أكن له الاحترام والتقدير همس، أما عن مشاعري فكما تعلمين فأنا نشأت على الشدة، لذا لا أستطيع البوح بمكنون نفسي مهما حاولت، وبما أني فتاة من أصول صعيدية توفى عنها والدها وتكبدت والدتها تنشئتها بمفردها، قُيدت بمراعاة التقاليد والعادات ولا يمكنني أن أخبر أيًا كان عن مشاعري، والآن أرجوكِ هيا اتركِ فراشك حتى لا يحدث بينكما شجارًا كما حدث سابقًا.

أبعدت همس دثارها وغادرت فراشها واقترب منها وقبلت وجنتها وقالت بمرح:
- هنا لا تُذكريني بذاك اليوم فأنا حقًا للآن لم أنس شجاري وغضبي منه، فأنا لم أتعمد التأخير وأخبرته بأن لدي محاضرة ستنتهي بوقت متأخر، ولم يكن من حقه أبدًا أن يغضب بتلك الصورة ويضرم نيرانه بي، أتعلمين بأني ظننت أنه سيتحدث إلى والدي ويخبره بأني عُدت بوقتٍ متأخر نكاية بي.

صمتت وتجهم وجهها بعدما تذكرت مشاجرتها مع آدم بتلك الليلة لتتركه غاضبة وزفرت بحزن لابتعاده عنها منذ خصامهما، في حين تابعت هنا عبوسها وأدركت مسار تفكيرها فربتت كتفها ورأت أن عليها تحذيرها مرة أخرى، فهي للأن تشعر بالقلق تجاهه فهمست بصوت خافت تقول:
- همس دعي عنك أمر ذاك الشاب، صدقيني آدم هذا ليس بريئًا كما يدعي فأنا للآن أشعر بالسوء نحوه منذ لاحظت طريقته بالنظر إليكِ حقًا لم تُرح قلبي نظراته وأثارت خوفي، أرجوكِ انصتي لي فأنا أخبرتك بل وأنذرتك منذ أول يوم وأنتِ لم تبالِ بكلماتي، وكما تري بعد شجارك الأخير معه بسبب حديث والده عنكِ برفضه القاطع ارتباطه بكِ وكلماته المجحفة بحقك، ابتعد ولم يهتم بكِ حتى بعد مرور سبع أيام كاملة كما لم يحاول الاتصال ولو لمرة ليطمئن عليك، لذا حاولي همس التريث في التفكير به وحكمي عقلك كي تُخرجيه من قلبك قبل أن يفوت الآوان.

تمالكت همس دموعها واستدارت تدلف إلى مرحاضها تاركة هنا تهز رأسها حزنا على ابنة عمها، لتنتبه للوقت فغادرت مسرعة تعد الإفطار قبل أن يستيقظ زوجها، وما هي إلّا دقائق وكان فضل يقف خلفها يضمها إليه ويقبل عنقها ويهمهم بقوله:
- صباح الخيرات زوجتي الحبيبة أتعلمين أني افتقدك بجواري كثيرًا، أخبريني أتتدللين عليّ أم ماذا حلوتي.

ارتجفت لا تدر لما ينتفض قلبها هكذا كلما اقترب منها رُغم زواجهما، فاستدارت إليه مبتسمة تخفي اضطرابها وقلقها عنه وأردفت:
- اعتذر منكِ عن أمسِ فأنا لم أتعمد الابتعاد عنك فضل، والسبب ببقائي بعيدة كان لإحساسي ببعض التعب فرأيت أن ادعك تنام قرير العين دون إزعاج، والآن هيا فضل اذهب واغتسل وادي فرضك وأنا سأُنهي إعداد الطعام.

ضمها بقوة مُقبلًا إياها بشغف ثم أردف بصوتٍ خافت:
- سيكون عليكِ اليوم تعويضي عن يوم أمس ما أن أعود مساءً هنا.

حاولت هنا أن تبدو طبيعية معه رُغم ارتجافها للمساته الجريئة، فعاد لتقبيلها وسألها مُبتسمًا ليخفف عنها حرجها:
- أخبريني هل استيقظت همس؟

أتاه صوت همس من خلفه تقول وهي تضع حقيبتها بجانبها أرضًا:
- نعم أخي العزيز استيقظت منذ ساعات، وأنت لا زلت على نومك ويبدو من هيئتك بأنك اليوم ستتسبب بتأخري عن موعدي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي