10 – قلب نُزعت منه الرحمة

وقفت اعتماد تحدق به بريبة وتفكر في حديثه لتسأله بتردد:
- هل حقًا تعني ما تقول وستعطيني المال أم تكذب؟

زفر دان بضيق أمام عناد الصغيرة وهتف بنفاذ صبر:
- أنا أعني ما أقوله يا فتاة وأعدك أن أعطيكِ المال، لا بل لتطمئني سأعطيكِ إياه أولًا وقبل أي شيء فما رأيك؟

أنهى دان قوله واخرج رزمة كبيرة من النقود ومد يده بها إليها لتأخذها اعتماد منه وهي تحدق به بدهشة لكثرة ما أعطاها فالتفت تسير ببطء حول السيارة، حينها فتح لها دان باب سيارته لتجلس بجواره وأغلق أبوابها من جانبه حتى لا تفر منه وحدق بها وعيناه تلتهمها بنظراتٍ راغبة، ودون إنذار مال دان نحوها ومد يده يلامس وجهها ثم جال بها نزولا متحسسا جسدها وعيناه تغيم بشهوته، لتنتفض اعتماد وتبتعد عنه والتصقت بباب السيارة وانكمشت بجسدها وهي تحاول فتح الباب وحين فشلت سألته بصوت ارتجف خوفًا:
- لِما أغلقت باب السيارة سيدي؟ أرجوك أفتح لي الباب ودعني أغادر فأنا لا أريد أن أمُثل معك أو مع غيرك فأنت تُخيفيني وخذ مالك أنا لا أريده.

أرفقت اعتماد قولها وقذفت النقود بوجهه وهي تُعافر مع الباب الموصد، ليثور دان غضبًا منها لرفضها إياه وجذبها من ساعدها نحوه وصاح يحذرها بقوله:
- كُفي عما تفعليه وأهدأي يا فتاة ونفذي ما أمرك به وإلا طلبت من رجالي تكبيل يداك بالأصفاد.

جحظت عيناها برعب وحاولت التملص من ذراعيه ودفعه عنها ولكنها لم تقوى نظرًا لقوته البدنية ولم تجد اعتماد أمامها غير الصراخ فأطلقت سراح صرخاتها ليُفاجئها دان بصوت ضحكاته المخيفة والتي أرفقها مع صوته المُقيت مُردفًا:
- أجل هيا أسعدي سمعي بصوت صُراخك فهذا هو ما أريد، أتعلمين أنا أعشق صوت البكاء والعويل فهو يُمتعني فزيدي منه يا فتاة.

أخذت اعتماد تتلوى بين ذراعيه فصفعها دان بقسوة وقلب متحجر ودفعها بعدما مدد مقعدها واعتلاها، فصرخت اعتماد بقوة وأخذت تبكي وترجوه الابتعاد عنها ولكنه صم أُذناه عنها، وفجأة أهتز هاتفه وهو الأمر الذي أزعجه وجعله يقطب جبهته ويصفعها مرة أخرى لتدمي صفعته شفتيها، وأجاب الاتصال مُرغمًا بعدما لاحظ أن المتصل هو أحد رجاله فصاح به بحده ولكنه صمت فجأة واعتدل مبتعدًا عنها وحدق إلى خارج السيارة بذعر وهو يصيح:
- أقتلوا الجميع ولا تتركوا أحدًا على قيد الحياة وأبدأو بمحفوظ نظير خداعه لي.

وعاد دان بعينيه إلى اعتماد التي انكمشت تبكي ومد يده بغضب نحو عنقها وأعتصرها بلا رحمة منهيًا حياتها، ونظر إليها وأنفاسه تتسارع وغادر السيارة بعدما وصلت إلى مسامعه أصوات تبادل الرصاص، ولمح محفوظ وهو يحاول الهرب من رجاله فاستل سلاحه من جيبه وأسرع نحوه وأعترض طريقه، ليخضعه رجاله ويسقطوه أرضًا أسفل أقدامه ورماه دان بنظراتٍ نارية ليسأله محفوظ بصوتٍ يرتجف خوفًا:
- ماذا يحدث دان وماذا ستفعل بصديقك أحقًا ستغدر بي!

ضاقت عينا دان ومال نحوه وأردف بصوتٍ صارم:
- أنت من بدأ بالخيانة محفوظ وحتمًا تعلم ثمنها لدى الميجور دان.

جحظت عينا محفوظ وهو يرى دان يصوب فوهة مسدسه صوب جبهته ليطلق رصاصته فاستقرت بين حاجبيه وسقط محفوظ أرضًا بعدما فارق الحياة، فبصق دان فوق جثته وأشار إلى رجاله ليأمنوا خروجه فالتفوا حوله يخفونه عن الأنظار حاجبين جسده بأجسادهم الضخمة، لتصدح صفارات الإنذار الخاصة بسيارات الشرطة بكل مكان فأرتجف دان بخوف وصاح بغضب:
- أخرجوني من هنا بأي ثمن حتى وإن قتلتم الجميع.

لتنهمر الرصاصات من كل صوب بين رجال الشرطة ورجال دان وتساقطت الجثث حوله ليقف في نهاية الأمر متجمدًا بمحله بخوف، بعدما رمى باقي رجاله أسلحتهم ما أن أحاط بهم رجال الشرطة وحاصروهم جميعًا.


وفي شقة يحيى اشتعل الغضب وتفجر داخل باسم وخاطر وهم يتابعون بعجز ما يتم بثه، ليطلق باسم صرخة حزن وهو يبكي بعدما ركزت إحدى الكاميرات على وجه اعتماد الذي اكسبه الموت لون زرقته، لتحتل عيناها كامل شاشة العرض وتوقف البث أمام تلك الدمعة التي تجمدت في زاوية عينها، فأغمض باسم عيناه وأسرع خاطر وأطفأ شاشة الحاسوب لينهار هو الاخر أرضًا باكيًا على تلك الطفلة التي اضحت ضحية تلك القلوب الوحشية التي لم ترحم براءتها وطفولتها.
وبين ليلة وضحاها سار فيديو مقتل اعتماد بين المواقع كسريان النار فالهشيم لتضج وسائل الإعلام وتنهال الاتصالات من كل صوب على مكتب المباحث، وتجمهر الكثير من الأشخاص أمام مديرية أمن القاهرة يصيحون باستنكار ومنددين بمقتل الطفلة بتلك الوحشية، لتنقلب مديرية الأمن وتشتعل وتعلن حالة الاستنفار القصوى بعدما زادت تجمعات الناس، فأسرع أحد اللواءات ويدعى عبد المجيد وأغلق شاشة العرض التي أخذت تكرر إذاعة المشهد الأخير ليصيح بغضب وهو يضرب سطح مكتبه بقوة قائلًا:
- أنا لا أصدق ما رأته عيناي فما حدث الآن لهو كارثة بكافة المقاييس، أخبروني أين تقني الأدارة والمبرمجين ليوضحوا لي كيف سُمح ببث وحشي كهذا دون رقابة ودون علمنا، هيا ليتكلم أحدكم وألا حملتكم جميعًا مسئولية ما حدث وحولتكم من أصغر شُرطي إلى كبيركم للتحقيق.

تبادل القادة نظرات الخذي فيما بينهم لينتفضوا حين صاح عبد المجيد بقوله:
- حسنًا ألزموا الصمت كما تريدون ولكن أعلموا أن في حالة معرفتي بأن أحدكم كان على علم بما يحدث فأنا حينها سأجعله عبرة للجميع هو ومن معه.

صمت عبد المجيد فجأة حين أنار أحد الهواتف أمامه لتجحظ عيناه وبادل النظر مع زملائه وأردف:
- لقد أسقط الأمر من يدي فمكتب الرئيس هو من يتصل بنا وأظنكم تعلموا معنى أتصاله بنا بتلك اللحظة.

التقط عبد المجيد سماعة الهاتف بأصابع مرتعشة ووضعها فوق أذنه وهو يزدرد لعابه باضطراب، وأخذ ينصت لمحدثه لبعض الوقت ليُنهي المحادثة دون أن ينبث بأي كلمة محدقًا بالوجوده المتابعة له بقلق، وجلس متهالكًا فوق مقعده وقال وهو يدفن وجهه بين راحتيه:
- طُلب منا تسليم القضية بأكملها لجهة سيادية عليا هي من ستتولى التحقيق ومتابعة الأمر وعلينا تقديم كافة المعلومات إلى رجال المخابرات العسكرية.

ساد الصمت بينهم لبعض الوقت ثم اقترح أحدهم أستدعاء جميع رجال المباحث وجلسوا بانتظار ظهور أشرف ويحيى بعد أن أبلغهم احدهم أنهم بإحدى المهمات، وبعد مرور نحو الساحة ولج أشرف يتبعه يحيى ووقفوا يحدقون بوجوه رؤسائهم بحيرة ليقطع الصمت عبد المجيد بسؤاله:
- أكنت على علم يا سيادة العميد أن هناك بث مباشر لذاك التطبيق القاتل لجريمة تمت على مرأى ومسمع ملايين المشاهدين.

أخفى أشرف أنفعاله بمهارة ورسم على وجهه السقم وأجابه بهدوءٍ:
- وكيف لي أن أعلم سيدي وأنا وزميلي وقد سُحبت جميع ملفات قضية التطبيق من مكتبنا منذ أسبوع تقريبًا وأُمرنا بعدم التدخل نهائيًا.

رماه أحد اللواءات بنظرات الشك والريبة وأردف بلهجة هجومية:
- إن لم يعد لك أي صلة بقضية التطبيق فأخبرني لما أخدت فرقة المداهمات إلى فيلا محفوظ شاهين؟

أجابه أشرف بثقة وهو يحدق بعيناه بثبات:
- لقد تقدم أحدهم بإبلاغ صوتي أن هناك هجوم مسلح على فيلا السيد محفوظ شاهين، والإبلاغ مُسجل سيدي صوتيًا وعلى أثره تم أصدار الأمر لنا بالذهاب بتلك المهمة لمتابعة الأمر من كثب من قِبل اللواء درويش.

تحولت الأعين باتجاه درويش وحدقت به بتساؤل ليلتفت الأخير ببصره نحو أشرف وأردف مؤكدًا:
- ما أفصح عنه أشرف هو ما حدث بالفعل وأنا أمرتهما بأخذ الفرقة لهناك والآن أسمحوا لي بأن أسألكم ما دخل فيلا محفوظ بجريمة التطبيق؟

تنفس اللواء عبد المجيد وأردف بعصبية واضحة:
- ألم تكن على علم حقًا درويش بأن بث التطبيق كان من داخل فيلا محفوظ شاهين.

تابع أشرف ويحيى ما يدور بصمت ليكسر أشرف الصمت بقوله:
- سيدي هناك أمرٌ هام يجب أن أبلغك إياه لقد قمنا بالقبض على أحد الرجال بعد قتله للسيد محفوظ وأكتشفنا بعد القبض عليه بأنه دخل البلاد بهوية مزيفة وحين ضيقنا الخناق عليه ورجاله أعترف أحدهم أنه المجيور دان، كما تم العثور على جثة طفلة مجهولة الهوية والعديد من الهويات المزيفة وعملات ورقية وحاليًا هناك فريق كامل من الطب الشرعي يعمل على جمع الأدلة وحفظها.

انتفض عبد المجيد من مكانه وحدق بوجه أشرف بصدمة ليسأله بعد صمت دام لدقيقة:
- أعد على سمعي مرة أخرى اسم من القيت القبض عليه.

حاول أشرف إخفاء حزنه لعدم أهتمام اللواء بأمر الطفلة اعتماد المغدور بها وأهتمامه بالميجور دان ليرسم ابتسامة باهتة آسفة على شفتيه ويجيبه بجمود:
- الميجور دان سيدي وخمس من رجاله.

اتسعت ابتسامة عبد المجيد وعقب بقوه:
- أنا حقًا لا أصدق فخبر كهذا كفيل بإصلاح كل ما فسد معنا وحتمًا سيقوي من موقفنا بعد مهزلة الكارثة تلك.

سأله يحيى مستفسرًا بضيق لسعادته الغريبة:
- عن أي كارثة تتحدث سيدي وما الذي فسد ليصلحه ما فعلنا؟

كاد عبد المجيد أن يجيبه ولكنه أوقف حديثه حين دلف العديد من رجال القوات المسلحة إلى المكتب فوقف الجميع واعتدل رجال القوات المسلحة بأحترام، بعدما ولج أحد القيادات العسكرية إلى المكتب وأتخذ طريقه صوب رأس الطاولة وجلس ليشير للجميع بالجلوس بعدما غادر بعض الضباط المكان، وجال القائد بعيناه ليتوقف ببصره على وجه أشرف ويقول:
- أنت العميد أشرف العيسوي أليس كذلك؟

أجابه أشرف بإحترام:
- نعم أنا سيدي.

أشار القائد إليه ثم أشار ليحيى ليقتربا منه ووقف وصافحهما بحرارة وأردف:
- اليوم قام العميد أشرف وزميله يحيى بإلقاء القبض على مجموعة الميجور دان وما فعلاه هو ما جعلنا نُعيد التفكير بشأن التحقيق الجماعي معكم بعد إذاعة ذاك البث الأجرامي على العامة، خاصة وقد تأكد رجالنا من أن البث ذيع دون تنويه أو مقدمات والأن بإمكانكم العودة لمتابعة عملكم وليرتب لي أحدكم موعد مع الفريق المُشرف على قضية التطبيق بدلًا من العميد أشرف وزميله.

صمت قائد القوات لثوان ثم أردف:
- كما أريد من مندوب العلاقات العامة تنظيم مؤتمر صحفي كي يطمئن الجميع.

ازدرد بعض اللواءات لعابهم فلهجة القائد العسكري لم تكن مريحة وتشير إلى أن القادم سيكون حتما صعبا على الجميع.


وبعد نقاشات أرهقتهم بدنيًا وأستنزفت قواهم ولج أشرف ويحيى إلى شقة الأخير بعدما كلفهما إتقانهما للتمثيل وإخفاء مشاعر الحزن والخزي منهما الكثير، ليتهالك يحيى على أول مقعد دافنًا رأسه بين راحتيه حينها غادر باسم وخاطر غرفة الاستراحة الخاصة بهما وعلى وجهيهما الحزن ولم يختلف حالهما كثيرًا عن حال يحيى، بينما استند أشرف إلى باب غرفته المؤقتة وتابعهم ببصره للحظات ليقطع الصمت بقوله:
- أعلم أن ما حدث اليوم فاق قدراتنا جميعًا على التحمل وكسر بداخلنا الكثير ولكني أتمنى أن نواري أحزاننا جانبًا ونستغل غضبنا لنكثف جهودنا لنكشف القناع عن المجرم الحقيقي لينال عقابه الذي يستحقه.

رفع يحيى رأسه وعقب بصوت متألم:
- كيف يا صديقي وأنا إلى الأن لا أستطيع محو مشهد الفتاة عن عقلي وكلما أغمضت عيني طالعتني صورتها، وكم أود لو يقع ذاك المجرم بين يدي صدقني حينها سأمزقه بيدايا هاتين.

ربت أشرف كتف صديقه وقال:
- يحيى تلك هي ضريبة عملنا بالشرطة علينا أن نتحمل ما لا يستطيع غيرنا أحتماله لذا أريدك أن تهدأ وتدفع عنك عاطفتك تلك وتدفن ما حدث بأعماقك وأشحذ قوتك وتفكيرك لننال من ذاك الوغد فكل ما علينا أن نواجه القسوة بالقسوة لنثأر ونرد حق كل فتاة تم استغلالها بغرض المتعة الرخيصة تلك ولا تدع حزنك يُنسيك أن بإلقائنا القبض على دان حققنا نصرًا إن لم يكن بصالحنا فهو حتمًا لصالح مصر.

زفر يحيى وأخرج هاتفه من جيب بنطاله وحدق بتلك الإشارة الدالة على مكان وجود شقيقته، وأطلق سراح أنفاسه بارتياح وهو يحمد الله أنها بغرفتها بالمنزل ولم تغادر ورفع عيناه أخيرًا نحو باسم وقال بحسرة:
- كنت أتمنى أن أنقذ تلك الفتاة يا ياسم ولكن للأسف دان استبق الجميع بخطوته وقتلها وقتل محفوظ الذي كان القبض عليه حيًا سيجعلنا نضع يدنا على الفاعل الحقيقي.

أجابه باسم وهو يحاول أن يواري حزنه:
- ادعو الله أن يلهم والديها الصبر والسلوان.

حمحم خاطر ما أن تذكر ما لديه من معلومات وحدق بوجه أشرف ثم ولى بصره لصديقه باسم وأردف:
- في الحقيقة هناك أمرين عليكما الإطلاع عليهما أحدهما محبط والأخر يحوي بعض الأمل.

لوى يحيى شفتيه وسأله ساخرًا:
- اطلعنا على الأمر المحبط أولًا ودع الأمل للنهاية يا صديقي.

أجابه خاطر وقال:
- بناهية البث أرسل التطبيق رسالة بعودة أغلاقة للتحديث، أما الخبر الثاني قبيل أغلاق التطبيق أعطنا المجس الخاص بنا إشارة ضعيفة بتحويل الإرسال من فيلا محفوظ إلى مكانٍ ما بالمعادي ليعود مكان الإرسال في النهاية إلى مدينة لاهور مرة أخرى.

حدق أشرف به بتيه وحك ذقنه وسأله بحيرة:
- هل يُمكنك التوضيح أكثر خاطر فعقلي بعد أحداث اليوم أشعر وكأنه عاجز عن التفكير.

زم خاطر شفتيه وأجابه:
- ما أعنيه سيد أشرف أن مكان الإرسال الحقيقي هو بالمعادي وليس لاهور أو فيلا محفوظ.

أعتدل أشرف بوقفته بينما أنتفض يحيى وصاح بقوة:
- ولِما لم تُخبرنا فور مجيئنا يا رجل فخبر هكذا حتمًا سيغير الكثير من الأمور.

وعاد يحيى ليهدأ من ثورته المؤقته وسأله بأهتمام:
- وهل يُمكنك تحديد من أي مكان يبث من المعادي بدقة أكثر.

أطرق خاطر يفكر وابتعد لخطوات وعاد وتوقف والتفت لصديقه وأردف:
- نحن نحاول سيد يحيى تحديد المكان عن طريق أحد برامج المحاكاة ولكننا لا نستطيع الجزم بأن يكون المكان هو المنشود في الحقيقة.

احتضنه يحيى وربت ظهره بفخر وقال:
- أعلم أنكم تبذلون ما في وسعكم وصدقني إن ما تفعله وباسم سينقذ أرواح الكثير من الفتيات ويُعيد حق الضحايا.


وقفت وبجانبها طفلتيها أمام الباب الخلفي للمشفى تنتظر ظهور صبوح ومعه جثمان ابنتها بملامح وجه جامدة، لتتفاجأ مهجة بالعديد من الأشخاص يتجمعون ويقفون بجانبها فحدقت بهم بتيه لتعود ببصرها وتعلقه فوق باب المشفى، ومن بين الصفوف راقبها وزفر بقوة وتحرك باتجاهها وتوقف بجوارها وأختلس النظر إليها وأردف بصوتٍ خافت:
- البقاء لله.

ادارت مهجة وجهها نحوه ونظرت إليه بعيون سكنها الحزن ثم عادت وأشاحت بوجهها عنه وقالت:
- بمن منهم أتُعزيني في فقيدي الصغير الذي قتله الألم أم في ابنتي التي سُلبت منها الحياة أمام عيني وأنا أقف عاجزة عن إنقاذها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي