11، عروس الكوخ

"عودة إلى تيا وسند"
شعرت بالحرج من إحراجه لها، بحثت عن حجة مقنعة؛ كي لا تظهر غيرتها من تلك الجميلة قالت له:
_تسالني انا! ألم تقل أنك تكره عائلتك؟

_نعم قلت، لكن ما دخل هذا بذاك؟

_اذا لما كنت ترافق ابنه عمك؟ ماذا اذا طلب والدها منك ان تتزوجها؟

حدق لها سند بصدمة، لكنه قرر ان يجاريها في هذا الأمر، قال لها ببرود:
_وما المشكلة في هذا، لا أرى أي خطب في الزواج من قريباتي، هل ترى انت مشكلة في هذا الأمر لا أراها انا؟

شعرت تيا انه يحاصرها بالكلام ويضيق عليها الخناق، لكنها فكرت بسرعة وقالت له بحدة:
_نعم ايها السيد الانيق المتحاذق، انا أرى مشكلة ومشكلة كبيرة كذلك؛

فأنا لن اكد في العمل ليل نهار وانت تتسكع مع الجميلات وتتزوج احداهن وتتمتع بحياتك، لا أيها الأنيق المتحاذق، نحن بيننا إتفاق وعليك الإلتزام به،

ممنوع الخوض في اي علاقه حتى ننتهي من كل اعمالنا، هل كلامي واضح كفايه لك ايها الانيق؟

نظر لها رافعاً حاجبيه بتساؤل، بدأ يقترب منها لكنها صامده لم تتراجع، وقف امامها مباشرة، نظرت له بتحدي قال لها بهمس غامض:
_إذا اتقولين بأنك لا تحتاجين لرجل في حياتك، لا تريدين الشعور باحدهم يتقرب منك،

يهمس في اذنك اعزب الكلمات الحالمة، ألا تريدين الشعور بشفاهه على عنقك تقبلك كل حين،

لا تريدين يدان خشنتان تتلمس جسدك الناعم الفتي وتداعبه باستمتاع، لا تريدين الجلوس على قدمه وتركه يسبح بيده على ظهرك وهو يقبل كل ما يراه وتلمسه شفتاه، الا تريدين الشعور بمتعه المجامعه معه لا تريدين ان يمتلكك هكذا.

أنهى كلامه بقبله على شفتها الورديه وهو يحيط بيده خصرها ويعتصرها بقوه في حضنه لكي يدخل إليها هذا الشعور وتفهم انها انثى وفي حاجه الى رجل؛ كي تعرف ما الفرق بين هذا وذاك.

لم تفهم تيا لما يقشعر بدنها؟ لما تتدفق النيران بعروقها كالسهام المارقة؟ لما تنتابها نشوى عميقة تريدها ان تصبو خاوية بين يداه، ويمتلكها كلياً.

شعرت انها فقدت السيطرة على حواسها فجأة ولم تعد تعرف نفسها، فقط تريده ان يتابع ولا يتوقف ابداً مهما كان السبب.

لكن فجاة سمعوا معاً صوت اشمئزاز لأحدهم، انتفضا مبتعدين عن بعضهم وهم يحملقون خلفهم.

رآوا بعض الشباب والفتيات ينظرون لهم بتقزز وأشمئزاز، هنا تدارك سند نفسه، نظر لها بغضب، غادر المشاهدين مبتعدين بعدما بصقوا نحوهم باحتقار.

صاح سند في تيا بكل غضب:
_هل اعجبك هذا الان؟

لم تفهم سبب غضبه في بادئ الأمر، لكنها ابتعدت قليلاً وقالت له وهي تحاول السيطرة على اعصابها بعدما فعله بها:
_ماذا؟ ماذا فعلت انا؟ لقد كنت احدثك وانت من فعل هذا بي، لماذا تصب جام غضبك عليه؟

_لم اعني هذا ايتها المغفلة، انا أعني هؤلاء السفهاء، يظنون بأننا شواذ، يظنون بأننا رجلان ونتبادل القبل هنا في الخفاء تحت ضوء القمر.

أخيراً انتبهت لنفسها، وضعت يدها على شعرها المستعار تتأكد من كونه في مكانه، هندمت ثيابها وهي تنظر لسند بغضب وتقول له:
_من فعل هذا بي أيها الأنيق الواقح، علي انا ان اغضب منك وليس العكس، لقد اخبرتك مراراً انني رجل مثلك، انت من جلب هذا لنفسك لا تلومني الان.

نظرت له بسخط غاضب، احتار سند في امرها لكنه قال في نفسه في سره:
_تباً لك يا رجل، ماذا تعني لك تلك الفتاة حتى تعرض نفسك للذل والإهانة بهذا الشكل البشع من اجلها؟

ماذا اذا رآك احد افراد العائلة؟ كيف ستغدو في انظارهم بعدها؟ لا، علي ايقاف هذا الأمر، تلك الحقيرة ترى نفسها رجل، إذا تعامل معها كرجل وانسى كونها فتاة وان كانت جميلة.

هندم سند بدوره ثيابه وهو يرمقها بنظرات تعالي وتكبر قال لها بحنق غاضب:
_حسناً أنت محق، وانا علي ان أنسى حقيقة كونك فتاة في زي رجل،

سوف نتعامل بحدود من الأن فصاعداً؛ فمن فضلك تيتو لا تتدخل وتحشر انفك في شؤوني مرة اخرى،

انا احر في تصرفاتي اعرف من اريد، اراقص من اريد، اجامع من اريد حتى، هذا لا يعنيك وتلك اخر مرة تسمح فيها لنفسك ان تنسى كونك مجرد عامل ميكانك تعمل لدي، والأن انتظر هنا ساودع الجميع ونرحل لدينا عمل مهم في الغد.

قضبت تيا وجهها شعرت بانها تلقت طعنة غادرة في قلبها مباشرة، قالت له والحزن الغاضب يكسو صوتها:
_لا داعي لأن تنهي سهرتك بسببي سيدي، ولا داعي ان تترك الجميع من أجل عمل يمكنه ان ينتظر قليلاً

وعلى كل حال انا اعرف طريق المنزل وبإمكاني العودة إليه وحدي، أرجوك عد لـفتياتك الساحرات وانا اعدك الا اتخطى حدودي معك مرة اخرى اعتذر منك.

نظرت له بعتاب شديد استدارت ورحلت دون حتى ان تنتظر موافقته او اعتراضه.

"عوده الى رهف وليث"

لم ترى الطريق بسبب الدموع المنهمرة على خدها، لم تشعر بالوقت ولا المكان لكن بعد سير اكثر من ساعتين على الطريق الزراعي المتعرج.

شعرت رهف ان رأسها بدأت بالدوران، لم تعد قادره على فتح عينيها اكثر، شعرت انها ستفقد الوعي بالبطيء.

وبالفعل فقدت وعيها، بعد فترة لم تعرف كم مضى عليها وهي في حالة الاغماء، فتحت عينها بثقل على اشعة الشمس وهي تضرب في عينها مباشرة.

وضعت يدها على وجهها تحجب الضوء القوي وجدت نفسها ممددة على غرض قاسي انتظرت لبرهة حتى استعادت قدرتها على الحركة.

جلست وهي تنظر حولها بفضول وجدت نفسها في مكان يشبه الكوخ، سقفه عالي مقوس هناك شباك صيد وصناره معلقة على الجدران الخشب.

هناك فراش واحد واريكه واحدة ومقعد هزاز قديم متهالك، أيضاً هناك خزانة ثياب صغيرة ومدخل صغير من المرجح انه يؤدي للمطبخ والمرحاض.

هناك نافذة واحدة بجوار الفراش والباب مفتوح بعض الشيء لا يوجد اي ستائر على النافذة لا يوجد اي فراش على الارض تغطي قذارتها.

وقفت رهف وهي تحدق في المكان حولها بمنتهى التقزز المكان فوضوي غير مرتب بالمره غير الرائحه العفنه والغبار الذي يملأ المكان.

سارت رهف ونظرت بداخل الكوخ تبحث عن هذا اللعين زوجها لم تجده في المطبخ وباب المرحاض كان مفتوح وهو ليس بالداخل.

توجهت لباب الكوخ، خرجت وهي تشعر بغلظه من كل شيء امامها، وجدت نفسها تقف على ممر خشبي يصل من الرصيف للبحر والكوخ مبني بجوار ذاك الممر رأت في نهاية الممر عند البحر.

رأت ليث زوجها يقف ويوليها ظهره ينظر للبحر وهو يدخن بشراهه، حدقت فيه رهف وهي تشعر بسريان قشعريره في جسدها.

اوحى لها ليث وهو يقف بشموخ هكذا بالفرسان في العصور الوسطى، رهف تعشق قراءة الروايات كووالدتها.

لهذا تخيلت ليث كالمغوار افلاطون، وهو يقف امام جنوده يخاطبهم بغطرسه المعهودة، هزت رأسها بسرعة تنفض تلك الفكرة من رأسها.

عادت بخطى بطيئة الى الكوخ، نظرت حولها بسرعة خاطفة تبحث عن هاتف، حاسوب، لاسلكي، اي شيء يوصلها بالحياة الخارجية.

لكنها تجمدت مكانها على صوت زوجها وهو يقول لها بحدة:
_لن تجدي شيء هنا من الافضل ان تعتبري نفسك عدتي بالزمن للعصر الحجري عصر رجل الكهف الوحشي هذا انسب وصف للحال هنا.

نظر لها نظرات غامضه وذات مغزى لكنها لم تفهم الرساله قالت له بحدة وهي تشير على فستان زفافها:
_اين حقيبه ثيابي؟ لا اجدها في اي مكان.

رد عليها بتهكم جاف:
_ولماذا تريدينها؟

_لما اريدها؟! لابدل ثيابي على ما اعتقد ايها الواقح، هل ساكمل حياتي بهذا الفستان---؟

لم تكمل كلمتها قاطعها عندما سار إليها، مسكها من شعرها بعنف، هزها وهو يصرخ فيها:
_اسمعي أيتها الساقطة القذرة اعرف ان الحقير والدك لم يعلمك الآدب، لكنني اعشق ان اعلمه لك بكل سرور،

هذه اخر مره تسيئي الي في الحديث معي، لا تتجرأي على استفزازي مرة اخرى ايتها الوقحة، المدلله لأنني رجل سادي أعشق تعذيب الآخرين،

خاصه النساء، لكن انا لا اريد لمسك، لا تجبريني على اغتصابك لكي اعاقبك بشكل صحيح، فقط تادبي في الحديث معي اتسمعين.

دفعها بعيد سقطت على الأريكة وهي تنظر له بحدة قائلة وهي تقف مره اخرى:
_لماذا تتحدث معي هكذا؟ ولما تهددني بحق الجحيم؟ انت تتزوجتني ولم تخطفني كي تعاملني هكذا،

هل تعتقد انني ساتقبل أوامرك العينة تلك واظل صامتة؟ ان لم تكن تعرفني فساعرفك نفسي، انا رهف سيف السناوي،

دمائي تجري بها حرارة الشمس في صحراء سيناء، كرامتي اخذتها من شموخ الجبال، مكرنا مكر الذئاب في الوادي،

حارة، جافة، وممطرة، لا يمكن التنبؤ بمزاجي وافعالي، ان ظننت انني فتاة تافهة من بنات عائلتك او عاهرة من عاهرتك؛

فانت مخطئ كلياً أيها الوغد، انا لن ادعك تحطمني، نحن في مهمه لأجل عائلة كلاً منا، فلا تتجاوز حدودك معي ايها الوغد والا ساريك ما سأفعل بمتغطرس مثلك.

ابتسم ليث بانتصار كأنه انتظر هذا منها، سار نحوها، تنظر له بشموخ تام وقف امامها وبمنتهى القوه صفعها على وجهها بلا رحمة.

صرخت لكنها لم تسقط، مسك شعرها وهمس في اذنها بحدة غاضبة:
_إذا لنرى ما يمكن للحقيره ابنه سيناء ان تفعل مع ابن الزياد حفيد كبير قبائل بني الجوار حفيد المحاربين القدامى هيا اريني شجاعتك يا قذره.

نظرت له بحدة وهو يجذب شعرها بكل قوة قالت له بكل غضب:
_واضح انك ابن محاربين؛ فجنودكم لم تنتصر على العدو لانكم تقاتلون كالنساء لا رجوله ولا نخوه في دمائكم،

الرجل الحقيقي لا يضرب سيده لكن الضعيف هو من يستقوى على الاضعف منه، تباً لك ابن الزيات، افعل ما بوسعك كله وأقسم لك بشرف عائلتي انني سأثار منك

ذات يوم سوف انتقم لكل صفعه اخذتها منك سأعذبك حتى تتمنى الموت ساحاسبك حساب الملكين لن ترى للرحمه معنى في ثأري منك.

تركها ليث وهو ينظر لها بغضب، لكنه قال وهو يتوجه للخارج:
_تهديدك يثيرني لكي اعذبك اكثر فاكثر، لكن على كل حال الايام بيننا وسنري قدراتك اللعينة على التحمل، ساخرج الأن وانت انزعي هذا الثوب اللعين كي تبداي في التنظيف،

ستجدين ثياب لك في الخزانة، ارتديها بدون تذمر سأعود بعد ساعة ومعي طعام لتطهيه لنا اريد ان اجد الكوخ نظيف عند عودتي وإلا ساريك كيف كنا نضرب السيدات في زمن الجاهلية؟

نظر لها بتهديد وعيد وهو يقف عند الباب لكنها قالت له بانفعال:
_ماذا؟ انا لا اعرف الطهي لم اقف في المطبخ ولو مره واحده.

ابتسم بسخرية وقال بتهكم:
_متوقع جداً، فتاة والدها المدلله، حسناً ايتها الحقيرة، استعدي لتتعلمي،

انا لن اتضور جوعاً هنا بسببك، وبالتاكيد انا لن اطهو لك انت هنا خادمتي حتى ننتهي من هذا الأمر اللعين.

رمقها بنظرات غاضبة واغلق الباب خلفه بغضب، رهف مسكت غرض للصيد ثقيل وألقته على الباب بغيظ.



يتبع في الفصل التالي
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي