13، خطف سيدة القصر

"عودة إلى سيمران وسيف"

قبل ساعات، في حفل الزفاف، يقف سيف مع رجال عائلته يتسامرون فيما بينهم، رن هاتف سيف.

أعتذر من الجميع وخرج من القاعة، هذا الاتصال كان من أحد الأصدقاء القدامى.

رد هو يتساءل عن سبب اتصالهم به مرة أخرى، رد بجفاء:
_مرحباً، ماذا تريد؟

حملق سيف بصدمة لدرجة أن الهاتف سقط من يده.

لمح ابنائه هذا، أسرعوا إليه، حمل إبنه الهاتف وأعطاه له.

مسكه سيف وهو ينظر لأبنائه بصدمة حزينة! قال سيف للمتحدث على الهاتف:
_حقاً؟! وزين، هل--؟ هل لا يزال--؟

لم يستطع سيف تكمله جملته، ولكنه أغلق الهاتف بعد رد المتحدث عليه.

قال لابنه الأصغر آدم أن ينادي سيمران، حضرت سيمران وهي مذعورة.

قالت له برعب:
_ما الامر سيف؟ هل حدث مكروه لرهف؟

رد قائلاً بتوتر:
_ماذا؟ لا لا، انه صديقي القديم، لقد تعرض للخيانة، هجموا على المعسكر وفجروه وتوفى الكثير من الجنود وأصيب زين والكثير من الجنود بإصابات مميتة،

سيمران، سوف أسافر له الأن، انتي عودي للقصر مع الاولاد، وانا سأوافيكم لاحقاً.

رد الإبن الأكبر بتصميم:
_لا يا أبي؛ فــ زين صديق لنا أيضاً، سوف نأتي معك، لن نتركك وحدك في مثل هذه الظروف،

انت لا ترى وجهك كم هو شاحب، من الواضح ان هؤلاء الاشخاص ذو قيمة كبيرة لديك خاصة سيف،

والدتي ستعود للقصر مع الحرس ونحن نسافر إليه معك.

وافق سيف على مضض وأخبر كبير الحرس أن يرافق زوجته للقصر.

انتظر سيف اي كلمة من سيمران كي تؤازره في مصيبته لكنها نظرت له بحده.

نظره فيما معناها ان هذا الامر لا يغير من الواقع في شيء ولا زلت ألومك على ما فعلته بابنتي.

تركته سيمران وركبت السيارة، تحركت السيارة وخلفها سيارة أخرى للحرس.

أيضاً حزن سيف لجفاء سيمران معه، لكنه دخل لجده وأخبره بما حدث وأنه مضطر للرحيل.

بالفعل ركب هو وابناءه سيارة أخرى والحرس خلفهم.

وصل بعد اربع ساعات قيادة على الطريق، ركض سيف في أروقة المشفى كالمجنون.

وصل الى غرفة الرعاية، وجد عائلة زين كلها هناك.

سأل والده عن حاله:
_اخبرني يا عمي، كيف حال زين؟ هل هو--؟

لم يستطع تكملة جملته تلك المرة أيضاً خوفاً من سماع رد لن يتحمله.

هطلت دموع عماد والد زين رغم عنه.

قال زياد شقيق زين الكبير بحزن وهو يربت على كتف والده بحزن:
_اخبرنا الأطباء أنه سينجو، لكن--

صمت الرجل وعلى وجهه حزن لا توصفه الكلمات، لم يستطيع ان يكمل كلامه، بدا أن ما يريد قوله سيؤلمه كثيراً.

هنا تدخل عمار شقيق مره، وقال بحزن متبلد:
_لقد تشوه زين كثيراً, وجهه وكل جانبه الأيسر قد تشوهوا كلياً.

سيف نظر لزياد وقال بحزن غاضب:
_هل يمكنني رؤيته؟

"عودة إلى سيمران"

تنظر للأسفل وهي تفكر في رهف.

ترى ماذا يفعل ليث بها الأن؟ أنها فتاة يافعة جداً، من المؤكد أن زوجها يلتهمها بلا رحمة، يمتع نفسه بجسدها بكل الطرق.

سيمران تعصر عينها من البكاء وتشيح بوجهها بعيداً؛ كلما رأت صورة رهف وليث يغتصبها بلا رحمة كما يفعل سيف بها كما فعل طوال العشرين عام المنصرمة.

لكن صوت أخرجها من تخيلاتها القاسية، كانت أصوات صاخبة عالية.

جعلت سيمران ترفع رأسها عالياً وتنظر عبر زجاج النافذة بجوارها.

صدمت عندما رأت طريق
مختلف عن طريق عودتها للقصر!

نادت السائق بفضول قلق:
_يا سيد احمد، لماذا غيرت الطريق؟ ما هذا الطريق؟

لم يرد السائق؛ بل أجاب الحارس الجالس بجوار السائق قائلاً بتهكم:
_لا تقلقي سيدتي، سوف نأخذكم لمكان آخر، والآن اخرسي، و اطبقي فمك اللعين هذا.

لم يتسنى لسيمران ان تصدم او تصرخ لأن الحارس أخرج بخاخ ورش منه على وجهها سقطت من فورها.

قبل ان تستوعب ما يحدث لها؟ فتحت عيناها وجلست منتفضة فجاة، وجدت نفسها في ردهة تشبه غرفة المعيشة.

وجدت نفسها ممددة على أريكة مخملية، أمامها يجلس رجل على أريكة مقابلة لها .

يضع قدم على أخرى ويداه على مسند الأريكة، يجلس بكل ارتياحيه.

حملقت فيه سيمران بفضول، وجهه ليس غريب عليها، تذكرت رؤيته في الصحف، المجلات، وبعض مواقع التجارية، غير وسائل التواصل الإجتماعي.

قالت سيمران بحدة صادمة:
_أنا أعرفك، أنت ماركو شيكالا، رجل الأعمال المصري الإيطالي، رأيت وجهك في الكثير من الإعلانات،

انت صاحب مجموعة ماركو باولو لليخوت والمدن السياحية الساحلية، لكن لما اراك امامي ايها السيد الأجنبي؟

فرغ ثغره عن شبح ابتسامة ساخرة تنم عن اعتياده على سماع المديح والثناء.

اعتدل في جلسته، ونظر لها باهتمام، قال بلكنة عربية مصرية ممتازة:
_من الواضح أنك لا تملكين وجه جميل فقط، يبدو انك مطلعه على مجال الأعمال والرائدة منها أيضاً،

حسناً ايتها الذكية، لن أكذب عليك، لقد اتفقت مع حارس السيناوي؛ كي يحضرك الى هنا،

قمت بالتخطيط للأمر وسار كيفما شئت وسيكتمل كيفما اشاء أيضاً،
سبب
انت ستكونين ضيفة الشرف في قصري العريق هذا حتى اخذ الصفقة من زوجك المغرور.

نظرت له بعدم فهم قالت بسخط:
_صفقة، لقد فهمت، أتريد أن تساوم سيف السيناوي عن طريق استغلالي أنا؟!

يبدو انك لا تعرف منافسك جيداً ايها السيد، ان سيف السيناوي لا يمكن تهديده، حتى وإن خطفت ابنائه شخصياً،

سوف يدمر المدينة بأكملها؛ حتى يعثر على خاطفهم، منافسك لا يملك ذراع ليثنى من أي عدو.

أبتسم ماركو بسخريه، وهو ينظر لحرس سيف الذين لم يرحلوا بعد، نظرت لهم سيمران ووقفت وقالت لهم بكل غضب:
_لقد انتهت ايامكم في الحياة أيها الأوقات، اتعرفون عقاب الخائن لدى السيناوية كيف يبدو؟

سوف يلقي بكم الى "حور ونتالي" نموره الحبيبه وليس انتم فقط بل عائلاتكم، رفاقكم، وكل من له علاقة بكم، لقد انتهى امركم ايها الاوغاد.

هنا انفجر الجميع في الضحك، نظرت لهم سيمران بعدم فهم!

قال كبير الحرس بــ شماتة وسخرية:
_هذا إذا اكتشف الخيانة من الاساس، انتي سيدتي المتمردة قد هربت من حراسك،

خدعتنا وقمت بتخديرنا وعشيقك كان في إنتظارك خارج الفندق، خططتي لكي تخدري عائلتك،

لكن الحظ حالفك واضطر سيدي ان يغادر مع أبنائه فلم تترددي لحظة وقمتي بخيانته مع عشيقك، سيدتي الحقيرة، أنتي من انتهى أمره،

انتي من سيتوسل لسيدي ماركو ألا يلقي بك خارج قصره؛ حتى لا يعثر سيدي سيف عليكي ويلقي بك الى بوله،

انها لبوءه قام بسجنها في بئر مهجور في سيناء، سوف تمزقك ارباً ارباً، انتي من عليه أن يرتعد من الآن أيتها النمرودة الوقحة.

هنا وقف مارك ناظراً الى الحارس بحده، قال لرجاله:
_يكفي هذا، لا تتطاول على سيدتك يا وقح؛ فالسيده ضيفة خاصة في قصري ولا أسمح بإهانة ضيوفي، والآن عد إلى قصر سيدك،
ونفذ الخطة اللعينة وانتم خذوا الضيفه لغرفتها.

هنا صرخت سيمران بعدما استوعبت حجم الكارثة التي سقطت عليها دونه سابق إنذار.

صرخت فيهم والحرس يمسكونها من الجهتين:
_لا،هذا لا يمكن أن يحدث، لن يصدق سيف هذا، لن يقع في شرككم أيها الأوغاد، سوف يأتي لينقذني منكم، لا، لا تفعلوا هذا، لا.

اختفى صوتها والحرس يجرونها على الدرج حتى أدخلوها في غرفة في الطابق الثاني.

ألقوا بها للداخل واغلق الغرفة عليها، وقفت سيمران خلف الباب وهي تدق عليه بجنون وتصرخ بأعلى صوتها:
_لا، أرجوكم لا تفعلوا بي هذا، انا لم اذنب في حق أيا منكم، ارجوكم دعوني أعود لسجني، أعود لقصر زوجي، لا تأخذوا مني ابنائي، ارجوكم.

ظلت تصرخ بهستريا حتى سقطت أرضاً وهي تدق على الباب بكل قهر ويأس شديد.

"عودة إلى ليث ورهف"
وقفت تتنفس بعصبية غاضبة، لمحت الخزانة بطرف عيناها.عادت تنظر على ثوب الزفاف بضيق.

توجهت للخزانة فتحتها بعنف، لكنها فغرت فاها بصدمة!

الخزانة لا يوجد بها سوى سروال وحيد وتيشرت قديم، اخرجتهم رهف وهي مشمئزه من هيئته الرثة ورائحة العفن القذرة التي تفوح منهم.

لكنها بعد تفكير طويل وتردد قالت في نفسها بغضب:
_انا مضطرة لفعل هذا، لا استطيع الهرب بثوب الزفاف اللعين هذا، لا خيار آخر أمامي.

نزعت ثوبها، ارتدت الثياب القديمة وهي تشعر بغثيان رهيب لكنها أجبرت نفسها على التحمل.

نظرت حولها كأنها تحتقر المكان وهي تودعه.

فتحت باب الكوخ نظرت للخارج بحذر يمنى ويسرة، لم تجد أثر لزوجها.

دفعت قدمها تسابق الريح بكل قوتها، عبرت الممر الخشبي الذي يبلغ طوله خمسة امتار واكثر.

وصلت إلى الأرض الرملية، نظرت حولها لتعرف أي طريق ستتخذ لتركض منه.

كان المكان حولها مليء بالأشجار كأنها غابة.

تنهدت بضيق واستعدت للركض لكن فجاة، بدأت الأشجار أمامها تهتز بعنف كان هناك قطيع حيوانات مفترسه يركض بينهم.

تجمدت رهف مكانها لكنها تحفزت للهرب.

وفجأة، خرج من بين الأشجار اربع نمور بيضاء ضخمة.

صرخت رهف وعادت أدراجها تركض بكل قواها للكوخ.

دخلت واغلقت الباب خلفها، وقفت خلف الباب وهي تتنفس بصعوبه.

لكن النمور لاحقتها وبدأوا بمخالبهم الحادة يحفرون على الباب.

رهف وقفت خلف الباب خائفة من أن يحطموا الباب.

سندت الباب بظهرها وهي تصرخ بجنون:
_يكفي، توقفوا حباً لله، توقفوا.

حشرج الكلام في حلقها وهي ترى ليث جالس على المقعد الهزاز امامها وهو ينظر لها ببرود ساخر.

وقف فجاة، اقترب منها وهو لا يزال يرمقها بنظرات الاحتقار.

وضع يده على كتفها مسكها من التيشرت باصبعين فقط، دليل على اشمئزازه منها.

دفعها بعيدا عن الباب.
صرخت فيه وهي ترآه يفتح الباب والنمور لا زالت تضرب الباب من الخارج وكادت أن تحطمه:
_لا، لا تفعل هذا ارجوك.

لكنه تجاهل صراخها وتوسلاتها فتح الباب.

توقفت النمور الشرسة عن الحركة، وقفوا أمامه ينظرون له صامتين.

خرج ليث من الكوخ، رهف سارت بخطى مرتجفة لتنظر وترى لما صمتت النمور فجاة؟

صدمت عندما رأت هذا المشهد!

نظر لها ليث بتكبر وقال للنمور دون أن يشيح بنظره عن رهف:
_سيت.

جلسوا جميعاً على قوائمهم الخلفية كالكلاب.

ابتسم ليث بشماته، اقترب من النمور وبدأ يداعب رؤوسهم وهم يتمسحون فيه كالقطط.

نظرا لرهف وقال بغطرسة:
_الهروب ليس أمر جيد بعد الآن أليس كذلك؟ لن يلومني ايا كان ان ألتهمك حيوان ما وانت تهربين من زوجك، بل ستجلبين العار لعائلتك القذرة،

أظن أن الأمور كلها اتضحت الآن ولا اعتقد انك غبية لهذه الدرجة؛ حتى تكرري غلطتك مجدداً،

والان كوني خادمة مطيعة لا تجادلي ولا تلقي علي خطابات بشأن كيانك وكينونتك الصحراوية السخيفة،

أظن أنك تأكدت الأن انني لا امزح معك، والآن ادخلي المطبخ، ستجدين الطعام ومستلزمات الطهي في المطبخ،

أيضاً هناك كتب لتعلم فن الطهي، هيا اسرعي فأنا لم أتناول شيء من البارحه.

نظرت له بعدم فهم لكنها الآن مضطربة بشدة، لم تقوى على مجادلته دخلت المطبخ وهي في قمة توترها وصراعها النفسي والعصبي مع نفسها.

حاولت أن تسترخي كي تبدأ في تحضير الطعام.

فتحت أول كتاب وجدته على المنضدة بجوار بعض الكتب والطعام الذي ستطهوه.

بدأت تقرأ وتنفذ ما قرأته، لكنها بما انها مبتدئه في الطهي بدأت الكوارث تتوالى في الحدوث تباعا.

يتبع في الفصل التالي
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي