الفصل الاول
دائما ما يبحث البشر عن مصدر للسعادة والأجمل أن تجد كل شخصاً قادراً على أن يجعلك سعيد ، ولكن ما من شئ أسوء من أن تكون مصدر سعادة لكل من حولك ولا تجد سعادتك تجد نفسك محبط طوال الوقت و لا يرى ذلك أحد ، تخبئى حونك خلف ضحكاتك ،تعرف وسط أصدقائك وأقاربك بخفيف الظل ، الصديق الوفى ، السند والضهر والدعم ، تجد دائماً مسميات لطالما تمنيت أن تقولها لأحد ، تفعل كل شئ مع من حولك فقط لأنك تريد منهم أن يفعلوه معك ولكن لأ احد يقدر على فعل ذلك ولا أحد منهم يلاحظ مت بداخلك ، تكتم أشياء وتخبئها خلف تلك الضحكات ظنا منك أن هذا سيجعلك أفضل لكنك لا تعلم أن هذا سيجعلك تفجر فى وقتا ما...
يجلس سعيد بمنزله بعدما أعد شنطة سفره وينتظر قدوم صديقه مصطفى حتى يسافران إلى القاهرة لمتابعة عملهم هناك ، كان سعيد يتفحص هاتفه وينظر إلى الصور التى تجمعه بصديق عمره الذى خان العهد وباع الصداقة والأخوة مقابل المال نظر سعيد لصورة يعلم تماما تفاصيل هذا اليوم ثم أتبع قائلا ..
"ياريتك ياصاحبى ما خنت العهد ، كان زمانا دلوقتى كتف فى كتف "
لم ينتهى سعيد من أكمال جملته حتى سمع طرقات على الباب يبدو منها أستعجال من بالخارج تقدم سعيد نحو الباب مسرعاً ظنا منه ان صديقه قد أتى فتح سعيد باب المنزل ليجد اربعة أشخاص يتقدمهم رجل يرتدى قميصاً وبنطلون جينز ومن خلفه ثلاثة أشخاص يرتدون ملابس الشرطة فعلم أنهم من الشرطة لم يلحق سعيد أن يقوم بسؤالهم حتى بدأ الضابط بالحديث
_ أنت سعيد الصفوانى
_ ايوا يا فندم انا فى حاجة ولا ايه
_ انا محمد المصرى ظابط مباحث الدايرة ، حضرتك تعرف شخص أسمه اسامة النميرى
_ ايوا اعرفه كنا اصدقاء وحصل بينا مشاكل فبعدنا ، هو فى حاجة ولا ايه ؟!
_ لقينا جثة اسامة مقتول فى بيته ، وحضرتك متهم بقتله ولازم تتفضل معانا دلوقتى
توقف عقل سعيد عن التفكير لا يعلم ماذا يجب عليه ان يفعل يحزن على مقتل صديقه أم يفكر فيما حل به من مصيبة واتهام بقتله ظل يفكر فى كلام الضابط ويتمتم بعبارات غير مسموعة حتى ايقظه من تلك التوهة صوت الضابط
_ ممكن حضرتك تتفضل معايا من غير شوشرة انا جاي اخدك بنفسي منعا لأى مشاكل ودا لأن عيلتك معرفة وكبيرة فى الأقصر
_ طيب ممكن أعمل مكالمة لمصطفى صاحبى وأجى معاك
_ أتفضل بس ياريت بسرعة
ذهب سعيد الى الداخل ثم امسك بهاتفه وقام بالاتصال بصديقه مصطفى واخبره بمقتل اسامة وبالتمهة الموجهة له بأنه من قتله وسيذهب إلى قسم الشرطة الأن ، حتى اخبره مصطفى أن سيكون عنده فى الحال ..
تحرك سعيد مع ضابط المباحث إلى قسم الشرطة وما أن وصل حتى وجد صديقه مصطفى فى انتظاره ، نزل سعيد من السيارة فتوجه نحوه مصطفى على الفور ثم التفت إلى الضابط موجهاً حديثه إليه
_ انا المقدم مصطفى على ظابط بالأمن الوطنى وصاحب سعيد الصفوانى من واحنا اطفال ممكن افهم فيه ايه
_ أهلا وسهلا بيك والله انا مش بأيدى حاجة تفيدك دا الأمر جايلى من المديرية وانا بنفذ اوامر زى مانت عارف
_ تمام ومين اللى طالبه
_ العميد ابراهيم ومستنيه في مكتبى جوه
_ طب تمام انا داخل معاكم
تقدم الضابط وبجواره سعيد وصديقه مصطفى إلى مكتب الضابط فتح لهم العسكرى باب الحجرة بعدما اعطى التحية للضابط الذى يعمل تحت يده دخلا الثلاثة إلى المكتب ، كان يجلس رجلاً فى أواخر الخمسينات من عمره وجهه مليئ بالصرامة ولكن يبدو من ملامحه الطيبة التى تتواجد فى أغلب أهل الصعيد وقف الرجل لتحتهم ونظر لمصطفى ولا يعرف من هو حتى الأن حتى تحدث الضابط ..
_ تمام يا فندم دا حضرتك سعيد الصفوانى ، بصراحة عمل اللى اتطلب منه بدون كلام
" نظر الرجل إلى مصطفى مرة أخرى فأخبره الضابط بكنيته "
_ ودا يا فندم المقدم مصطفى على ظابط فالأمن الوطنى ، وصديق عمر سعيد
رد عليهم التحية ببتسامة بعدما عرف كلا منهما
_ اهلا بسيادة المقدم ، انا العميد ابراهيم المنيسى اتفضلوا اقعدو
جلسو جميعا ما عدا الضابط كان بينه وبين العميد نظرة القاها بعضهما لبعض حتى استأذن بعدها وهم بالخروج جلس سعيد ومصطفى امام المكتب كان مصطفى يريد أولا معرفة سبب إتهام صديقه فسأل العميد عن هذا إلا أن قاطع سؤاله سعيد بسؤال أخر موجه للعميد
_ معلش يا مصطفى قبل أى حاجة يا فندم هو أسامة اتقتل ازاى أو فين وأمتى
_ المفروض أنى جايبك هنا عشان أعرف كل دا أنت عارف أن أسامة صاحب شركات كبيرة وليه أعداء كتير ولكن التهمة متمركزة عليك أنت دلوقتى
_ سيبك من التهمة يا فندم ، اسامة فيوم من الأيام كان أخ ليا بنتقاسم سرير واحد ولقمة واحدة ياكش بس هو شيطان حوله وخلاه كدا
_ غريبة صاحبك مهتم بانه يعرف سبب الأتهام وأنت مصمم تعرف أسامة مات ازاى وفين
_ ولا غريبة ولا حاجة دا حالنا من زمان أحنا التلاتة مكنش في حاجة تفرقنا
_ طيب انا هحكيلك القصة ، احنا جالنا بلاغ بأن فى جريمة قتل فى ڤيلا أسامة النميرى أتعمل فريق بحث ونزلنا لموقع الجريمة ودورنا على كل حاجة لقينل حاجتين خاصين بيك الأولى عربيتك الچيب والتانية المسدس الخاص بيك ، ولكن نظراً لأسمك وأسم عيلتك وعمك مكنش ينفع أخليك تيجى فعربية أو بطريقة مش كويسة فخليت ضابط المباحث يروحلك بنفسه واستنيتك هنا ..
" كان يتسمع سعيد ومصطفى لتلك الكلمات فى بلاهة واستغراب شديد فقد ضاع مسدسه منذ أكثر من شهر بعدما اتى إلى الأقصر ولكنه لم يهتم فقد كان هناك ما يشغله اكثر من ذلك ، ولكنه الأن فى مأزق بسبب ضياع تلك السلاح ، وأين كانت سيارته تلك فهى بالقاهرة منذ فترة لم يقودها حتى قبل مجيئه نظراً لعطل بها ويعلم ذلك صديقه مصطفى "
_ يافندم انا سلاخى الخاص ضايع بقاله اكتر من شهر بعد ما جيت هنا بايام وثانيا العربية اللى حضرتك بتتكلم عليه دى عطلانة اصلا وانا مش بركبها خالص لأن مكنتش فاضى الفترة اللى فاتت ابعتها التوكيل
كان مصطفى يستمع لتلك الحديث ولا يشارك به حتى جمع ما بداخل رأسه وطرحه فى اسئلة
_ طيب يافندم وحضرتك عرفت. الكلام دا كله منين وبالسرعة دى
_ ببساطة لأن الجريمة كانت بتتلفق لسعيد انا كدا كدا متأكد من برأته ولكن جبته هنا وكأنه متهم عشان خاطر يحكيلى عن علاقته باسامة فنقدر نوصل للقاتل
_ طيب كويس يا فندم أن حضرتك متأكد من برأته
رد عليه مصطفى بتلك الجملة بعدما تأكد من أن هناك شيئاً ما خطأ فى الأمر ولكن هذه الكلمات طرحت عدة اسئلة فى رأس سعيد حتى رد عليه قائلا
_ وحضرتك ازاى متأكد من براءتى ؟!
_ لأن ببساطة يا سعيد المسدس بتاعك كان مدفون قالقصد فى الجنينة دا غبر اننا ملقناش فى المنطقة كاميرات غير كاميرا واحدة بس والكاميرا دى جابتك فترة طويلة بتعدى من هناك بعربيتك وتقف لمدة عشر دقايق وتنزل تدخل بيت تانى تقعد ساعة بتنزل فى صناديق وبعدها بتمشى ولما سألنا عن البيت دا عرفنا أنه مخزن تبع عمك
تذكر سعيد ما سبب تواجد سيارته بتلك المكان وتأكد من تلفيق التهمة له بناءا على ذلك لابد وأن كان هناك من يراقبه ظل للحديث يدور بينهما لفترة حتى اتفقا على أن يقص عليه سعيد ما بينه وبين مصطفى واسامة وبداية المشكلات بينهما
_ الحكاية بدأت يا فندم بعد امتحانات الثانوية العامة لما انا جبت مجموع عالى ونفس الكلام مصطفى بس اسامة كان أقل مننا
فلاش باك ..
يجلس سعيد بصحبة مصطفى واسامة أصدقائه فى منزل مصطفى أحتفالا بنجاحهما فى الثانوية العامة كان سعيد قد حصل على مجموع كبير جدا يفوق كل توقعات الجميع أما عن مصطفى فكان أقل منه بدرجات بسيطة ولكن أسامة كان الطالب الفاشل بينهما فهو كان دائما يقول أنه لا يهتم بالدراسة بل المهم عنده هو المال وجمعه فقط يريد أن يصبح أغنى من بالأقصر حتى يسترد حقه فأسامة كان من عائلة غنية جدا ولكنه يريد التمرد عليهم لأن عائلته لا تعرف كيفية التحكم فى البشر بالمال ، يجلس الثلاث يتحدثون حتى قرر مصطفى اعلان تقديمه فى كلية الشرطة ..
_ انا نويت أقدم فى كلية الشرطة خلاص
لم بتفاجئ أحد منهم بهذا لأن مصطفى كان يتمنى دائماً أن يكون ضابطا بالشرطة المصرية حتى جأت الفرصة للحصول على ذلك ولكن كانت المفاجأة فى ما قاله سعيد حينما سأله اسامة عن الكلية التى ينوى أن يقدم بها أوراقه..
_ وانت يا سعيد ناوى على ايه
=انا ناوى أدخل كلية تجارة بإذن الله
تفاجئ الأصدقاء بما ينوى فعله سعيد فهو حاصل على مجموع يؤهله أن يذهب إلى أى كلية من كليات القمة مثل الهندسة والطب والعلوم والصيدلة واكنه فضل كلية تجارة فكان من الغريب ما قاله على اسامة ولكن لم يتفاجئ مصطفى بهذا مثله فكان يعلم أن صديقه يريد التعمق أكثر بالحسابات ومجال المحاسبة فطالما كان أميزهم فى الرياضيات والأمور المالية والحسابية فرد عليه بكل ثقة ..
_ والله كنت حاسس أنك هتعمل كدا يابنى طب منت بتحب العمارة متدخل هندسة أنت كدا كدا مميز فى الحسابات ايه الفرق يعنى
= الفرق أنى هبقى بدرس وبشتغل بدراستى ولما أتخرج ويكون عندى خبرة وشهادة فى نفس المجال أقدر الاقى شركة كويسة
كان يستمع إليهم اسامة وهو لا يعرف ما ينوى عليه لأنه حاصل على مجموع لم يتخطى الستون بالمئة فكان ما عليه إلا أن يفرح لما يريده أصدقائه حتى سأله سعيد عن ما يريده
_ طب وأنت يا اسامة
=انا .. لا انا مليش فى الجو بتاعكم دا انا راجل بتاع فلوس ياعم نفسي كدا أقع على جوازة تقيلة تنقلنى من هنا واغور بعيد عن البلد دى ولو هعيش فيها فأعيش وانا من اغنى الناس فيها
_ عمر الفلوس ما هتيجى يا اسامة من غير تعب لازم تتعب يا صاحبى عشان تلاقى
= بقولك ايه خليك أنت فى الشقى بتاعك وسيبنى انا فى اللى انا فيه
أحس مصطفى أن الحديث سيأخذ مجرى تانى فحاول أن يغير الحوار
_ بقولكم ايه متيجى ننزل نروح نقعد فى اى كافيه ننبسط شوية يلا بينا ولا ايه ايه رايك يا سعيد
= والله ياصاحبى انا معنديش مشكلة بس امك ممكن تقتلنا على الاكل اللى اتعمل ومكلناش
_ ياعم يلا بينا هنشرب فنجان قهوة ونيجى تانى مانت عارف امى مش بتحب انى اشربها
_ خلاص معنديش مشكلة ، ايه رأيك يا أسامة
= لا روحو انتوا انا مليش مزاج وهروح
رد عليه مصطفى وكأنه احس بأن كلام سعيد تسبب فى مضايقته
_ تروح فين والأكل اللى أمى هتعمله
_ ياعم انا هروح وبعدين نتقابل بليل
_ خلاص اللى يريحك ، نسهر بليل مع بعض عادى
هم الاصدقاء بالخروج وفى طريقهم التقوا بوالد مصطفى كان عائدا من المحل الذى يملكه ، فوالد مصطفى يمكلك بجانب الأراضى الزراعية محلا كبيرا لبيع العطارة يعتبر اكبر محلات الأقصر ان لم يكن بالصعيد كله
_ ازيكم يا ولاد عاملين ايه ، ازيك يا سعيد مبروك يابنى على الدرجات اللى تشرف
= الله يبارك فيك ياعمى تسلم يارب أهو الواحد بيحاول وسايب الباقى على ربنا
_ ونعم بالله يابنى ابوك وامك الله يرحمهم لو كانوا عايشين دلوقتى كان زمانهم فخورين بيك وطايرين فالسما
=الله يرحمهم ياعمى ويارب يبقو مبسوطين من اللى ابنهم وصله
كان سعيد ينطق تلك الكلمات وعيناه تملأها الأحمرار فقد تذكر ابويه فأمه توفت وبعد ولادته بشهور قليلة ولم ينال منها حنان الأم وعطفها وكل ما يسمعه عن ما تفعله الأمهات مع ابناءها ، أما عن والده فقد رحل عن الدنيا وسعيد لم يكمل عامه الخامس عشر فما كان عليه إلا أن يعيش مع خاله الذى كان يستغل زكائه ويجعله يعمل فى ورش الميكانيكا والنجارة حتى قالها له فى يوم من الأيام " انا مش هفضل طول عمرى اصرف عليك أنزل أشتغل واثرف على نفسك ، فكان رد فعل سعيد أنه غادر منزل خاله وعاد ليعيش وحيداً بين حيطات كان من المفترض أن تكون تحت سقفها أسرته ، تذكر سعيد كل هذا فى الوقت الذى كان يحدثه فيه والد مصطفى زكلما ذكر شيئاً يخص الماضى فكان ذلك يزيد من دموعه التى يكتمها خشية ظن الأنهيار امام الجميع
_ امال انتوا نازلين كدا رايحين على فين
= مفيش يابابا هنتمشى شوية كدا وجايين تانى
_ تتمشوا ايه دمك واقفة تطبخ من الصبح ليكم وانت تقولى نتمشى ، يلا ياض انت وهو قدامى
جلسوا جميعاً يتحدثون ويتبادلون الأمور والمواضيع العامة حتى جهزت والدة مصطفى الطعام وذهبوا يأكلون ومن ثم جلسوا فى جنينة المنزل ليكملوا ما بدأو من حديث
_ قولى بقى يا سعيد يابنى ناوى على إيه الفترة الجاية
= والله يا عمى انا نويت أدخل كلية تجارة وهنزل أدور على شغل كويس عشان محتاج دخل
_ وتدور ليه يابنى انا مستنى اليوم اللى تنزل معايا فيه فالمحل انا كدا كدا عارف أن مصطفى دماغه مش فيه
رد عليه مصطفى بفلسفة الابناء على الآباء حينما يريد ن أن يثبتوا صحة افكارهم
_ معلش بقى ياحاج منت عارف دماغى متركبة ازاى
= عارف يابنى ربنا يكرمك يارب واشوفك فى احسن الأحوال دايما ، وانت يا اسامة ناوى على إيه
_ والله ما عارف يا عمى بس غالباً مش هكمل ، انا اصلا مش بتاع دراسة والكلام دا انا بتاع افكار بدور على خبطة تخلينى أمن مستقبلى
= يابنى العلام حلو مش مهم أنك بعد ما تتخرج تشتغل بالشهادة المهم أنها تكون معاك واعى للى بقوله
_ واعى يا حاج سيبها على الله
= ونعم بالله ، هسيبكم انا بقى واروح اتابع الشغل فالمحل ماشى ازاى
يجلس سعيد بمنزله بعدما أعد شنطة سفره وينتظر قدوم صديقه مصطفى حتى يسافران إلى القاهرة لمتابعة عملهم هناك ، كان سعيد يتفحص هاتفه وينظر إلى الصور التى تجمعه بصديق عمره الذى خان العهد وباع الصداقة والأخوة مقابل المال نظر سعيد لصورة يعلم تماما تفاصيل هذا اليوم ثم أتبع قائلا ..
"ياريتك ياصاحبى ما خنت العهد ، كان زمانا دلوقتى كتف فى كتف "
لم ينتهى سعيد من أكمال جملته حتى سمع طرقات على الباب يبدو منها أستعجال من بالخارج تقدم سعيد نحو الباب مسرعاً ظنا منه ان صديقه قد أتى فتح سعيد باب المنزل ليجد اربعة أشخاص يتقدمهم رجل يرتدى قميصاً وبنطلون جينز ومن خلفه ثلاثة أشخاص يرتدون ملابس الشرطة فعلم أنهم من الشرطة لم يلحق سعيد أن يقوم بسؤالهم حتى بدأ الضابط بالحديث
_ أنت سعيد الصفوانى
_ ايوا يا فندم انا فى حاجة ولا ايه
_ انا محمد المصرى ظابط مباحث الدايرة ، حضرتك تعرف شخص أسمه اسامة النميرى
_ ايوا اعرفه كنا اصدقاء وحصل بينا مشاكل فبعدنا ، هو فى حاجة ولا ايه ؟!
_ لقينا جثة اسامة مقتول فى بيته ، وحضرتك متهم بقتله ولازم تتفضل معانا دلوقتى
توقف عقل سعيد عن التفكير لا يعلم ماذا يجب عليه ان يفعل يحزن على مقتل صديقه أم يفكر فيما حل به من مصيبة واتهام بقتله ظل يفكر فى كلام الضابط ويتمتم بعبارات غير مسموعة حتى ايقظه من تلك التوهة صوت الضابط
_ ممكن حضرتك تتفضل معايا من غير شوشرة انا جاي اخدك بنفسي منعا لأى مشاكل ودا لأن عيلتك معرفة وكبيرة فى الأقصر
_ طيب ممكن أعمل مكالمة لمصطفى صاحبى وأجى معاك
_ أتفضل بس ياريت بسرعة
ذهب سعيد الى الداخل ثم امسك بهاتفه وقام بالاتصال بصديقه مصطفى واخبره بمقتل اسامة وبالتمهة الموجهة له بأنه من قتله وسيذهب إلى قسم الشرطة الأن ، حتى اخبره مصطفى أن سيكون عنده فى الحال ..
تحرك سعيد مع ضابط المباحث إلى قسم الشرطة وما أن وصل حتى وجد صديقه مصطفى فى انتظاره ، نزل سعيد من السيارة فتوجه نحوه مصطفى على الفور ثم التفت إلى الضابط موجهاً حديثه إليه
_ انا المقدم مصطفى على ظابط بالأمن الوطنى وصاحب سعيد الصفوانى من واحنا اطفال ممكن افهم فيه ايه
_ أهلا وسهلا بيك والله انا مش بأيدى حاجة تفيدك دا الأمر جايلى من المديرية وانا بنفذ اوامر زى مانت عارف
_ تمام ومين اللى طالبه
_ العميد ابراهيم ومستنيه في مكتبى جوه
_ طب تمام انا داخل معاكم
تقدم الضابط وبجواره سعيد وصديقه مصطفى إلى مكتب الضابط فتح لهم العسكرى باب الحجرة بعدما اعطى التحية للضابط الذى يعمل تحت يده دخلا الثلاثة إلى المكتب ، كان يجلس رجلاً فى أواخر الخمسينات من عمره وجهه مليئ بالصرامة ولكن يبدو من ملامحه الطيبة التى تتواجد فى أغلب أهل الصعيد وقف الرجل لتحتهم ونظر لمصطفى ولا يعرف من هو حتى الأن حتى تحدث الضابط ..
_ تمام يا فندم دا حضرتك سعيد الصفوانى ، بصراحة عمل اللى اتطلب منه بدون كلام
" نظر الرجل إلى مصطفى مرة أخرى فأخبره الضابط بكنيته "
_ ودا يا فندم المقدم مصطفى على ظابط فالأمن الوطنى ، وصديق عمر سعيد
رد عليهم التحية ببتسامة بعدما عرف كلا منهما
_ اهلا بسيادة المقدم ، انا العميد ابراهيم المنيسى اتفضلوا اقعدو
جلسو جميعا ما عدا الضابط كان بينه وبين العميد نظرة القاها بعضهما لبعض حتى استأذن بعدها وهم بالخروج جلس سعيد ومصطفى امام المكتب كان مصطفى يريد أولا معرفة سبب إتهام صديقه فسأل العميد عن هذا إلا أن قاطع سؤاله سعيد بسؤال أخر موجه للعميد
_ معلش يا مصطفى قبل أى حاجة يا فندم هو أسامة اتقتل ازاى أو فين وأمتى
_ المفروض أنى جايبك هنا عشان أعرف كل دا أنت عارف أن أسامة صاحب شركات كبيرة وليه أعداء كتير ولكن التهمة متمركزة عليك أنت دلوقتى
_ سيبك من التهمة يا فندم ، اسامة فيوم من الأيام كان أخ ليا بنتقاسم سرير واحد ولقمة واحدة ياكش بس هو شيطان حوله وخلاه كدا
_ غريبة صاحبك مهتم بانه يعرف سبب الأتهام وأنت مصمم تعرف أسامة مات ازاى وفين
_ ولا غريبة ولا حاجة دا حالنا من زمان أحنا التلاتة مكنش في حاجة تفرقنا
_ طيب انا هحكيلك القصة ، احنا جالنا بلاغ بأن فى جريمة قتل فى ڤيلا أسامة النميرى أتعمل فريق بحث ونزلنا لموقع الجريمة ودورنا على كل حاجة لقينل حاجتين خاصين بيك الأولى عربيتك الچيب والتانية المسدس الخاص بيك ، ولكن نظراً لأسمك وأسم عيلتك وعمك مكنش ينفع أخليك تيجى فعربية أو بطريقة مش كويسة فخليت ضابط المباحث يروحلك بنفسه واستنيتك هنا ..
" كان يتسمع سعيد ومصطفى لتلك الكلمات فى بلاهة واستغراب شديد فقد ضاع مسدسه منذ أكثر من شهر بعدما اتى إلى الأقصر ولكنه لم يهتم فقد كان هناك ما يشغله اكثر من ذلك ، ولكنه الأن فى مأزق بسبب ضياع تلك السلاح ، وأين كانت سيارته تلك فهى بالقاهرة منذ فترة لم يقودها حتى قبل مجيئه نظراً لعطل بها ويعلم ذلك صديقه مصطفى "
_ يافندم انا سلاخى الخاص ضايع بقاله اكتر من شهر بعد ما جيت هنا بايام وثانيا العربية اللى حضرتك بتتكلم عليه دى عطلانة اصلا وانا مش بركبها خالص لأن مكنتش فاضى الفترة اللى فاتت ابعتها التوكيل
كان مصطفى يستمع لتلك الحديث ولا يشارك به حتى جمع ما بداخل رأسه وطرحه فى اسئلة
_ طيب يافندم وحضرتك عرفت. الكلام دا كله منين وبالسرعة دى
_ ببساطة لأن الجريمة كانت بتتلفق لسعيد انا كدا كدا متأكد من برأته ولكن جبته هنا وكأنه متهم عشان خاطر يحكيلى عن علاقته باسامة فنقدر نوصل للقاتل
_ طيب كويس يا فندم أن حضرتك متأكد من برأته
رد عليه مصطفى بتلك الجملة بعدما تأكد من أن هناك شيئاً ما خطأ فى الأمر ولكن هذه الكلمات طرحت عدة اسئلة فى رأس سعيد حتى رد عليه قائلا
_ وحضرتك ازاى متأكد من براءتى ؟!
_ لأن ببساطة يا سعيد المسدس بتاعك كان مدفون قالقصد فى الجنينة دا غبر اننا ملقناش فى المنطقة كاميرات غير كاميرا واحدة بس والكاميرا دى جابتك فترة طويلة بتعدى من هناك بعربيتك وتقف لمدة عشر دقايق وتنزل تدخل بيت تانى تقعد ساعة بتنزل فى صناديق وبعدها بتمشى ولما سألنا عن البيت دا عرفنا أنه مخزن تبع عمك
تذكر سعيد ما سبب تواجد سيارته بتلك المكان وتأكد من تلفيق التهمة له بناءا على ذلك لابد وأن كان هناك من يراقبه ظل للحديث يدور بينهما لفترة حتى اتفقا على أن يقص عليه سعيد ما بينه وبين مصطفى واسامة وبداية المشكلات بينهما
_ الحكاية بدأت يا فندم بعد امتحانات الثانوية العامة لما انا جبت مجموع عالى ونفس الكلام مصطفى بس اسامة كان أقل مننا
فلاش باك ..
يجلس سعيد بصحبة مصطفى واسامة أصدقائه فى منزل مصطفى أحتفالا بنجاحهما فى الثانوية العامة كان سعيد قد حصل على مجموع كبير جدا يفوق كل توقعات الجميع أما عن مصطفى فكان أقل منه بدرجات بسيطة ولكن أسامة كان الطالب الفاشل بينهما فهو كان دائما يقول أنه لا يهتم بالدراسة بل المهم عنده هو المال وجمعه فقط يريد أن يصبح أغنى من بالأقصر حتى يسترد حقه فأسامة كان من عائلة غنية جدا ولكنه يريد التمرد عليهم لأن عائلته لا تعرف كيفية التحكم فى البشر بالمال ، يجلس الثلاث يتحدثون حتى قرر مصطفى اعلان تقديمه فى كلية الشرطة ..
_ انا نويت أقدم فى كلية الشرطة خلاص
لم بتفاجئ أحد منهم بهذا لأن مصطفى كان يتمنى دائماً أن يكون ضابطا بالشرطة المصرية حتى جأت الفرصة للحصول على ذلك ولكن كانت المفاجأة فى ما قاله سعيد حينما سأله اسامة عن الكلية التى ينوى أن يقدم بها أوراقه..
_ وانت يا سعيد ناوى على ايه
=انا ناوى أدخل كلية تجارة بإذن الله
تفاجئ الأصدقاء بما ينوى فعله سعيد فهو حاصل على مجموع يؤهله أن يذهب إلى أى كلية من كليات القمة مثل الهندسة والطب والعلوم والصيدلة واكنه فضل كلية تجارة فكان من الغريب ما قاله على اسامة ولكن لم يتفاجئ مصطفى بهذا مثله فكان يعلم أن صديقه يريد التعمق أكثر بالحسابات ومجال المحاسبة فطالما كان أميزهم فى الرياضيات والأمور المالية والحسابية فرد عليه بكل ثقة ..
_ والله كنت حاسس أنك هتعمل كدا يابنى طب منت بتحب العمارة متدخل هندسة أنت كدا كدا مميز فى الحسابات ايه الفرق يعنى
= الفرق أنى هبقى بدرس وبشتغل بدراستى ولما أتخرج ويكون عندى خبرة وشهادة فى نفس المجال أقدر الاقى شركة كويسة
كان يستمع إليهم اسامة وهو لا يعرف ما ينوى عليه لأنه حاصل على مجموع لم يتخطى الستون بالمئة فكان ما عليه إلا أن يفرح لما يريده أصدقائه حتى سأله سعيد عن ما يريده
_ طب وأنت يا اسامة
=انا .. لا انا مليش فى الجو بتاعكم دا انا راجل بتاع فلوس ياعم نفسي كدا أقع على جوازة تقيلة تنقلنى من هنا واغور بعيد عن البلد دى ولو هعيش فيها فأعيش وانا من اغنى الناس فيها
_ عمر الفلوس ما هتيجى يا اسامة من غير تعب لازم تتعب يا صاحبى عشان تلاقى
= بقولك ايه خليك أنت فى الشقى بتاعك وسيبنى انا فى اللى انا فيه
أحس مصطفى أن الحديث سيأخذ مجرى تانى فحاول أن يغير الحوار
_ بقولكم ايه متيجى ننزل نروح نقعد فى اى كافيه ننبسط شوية يلا بينا ولا ايه ايه رايك يا سعيد
= والله ياصاحبى انا معنديش مشكلة بس امك ممكن تقتلنا على الاكل اللى اتعمل ومكلناش
_ ياعم يلا بينا هنشرب فنجان قهوة ونيجى تانى مانت عارف امى مش بتحب انى اشربها
_ خلاص معنديش مشكلة ، ايه رأيك يا أسامة
= لا روحو انتوا انا مليش مزاج وهروح
رد عليه مصطفى وكأنه احس بأن كلام سعيد تسبب فى مضايقته
_ تروح فين والأكل اللى أمى هتعمله
_ ياعم انا هروح وبعدين نتقابل بليل
_ خلاص اللى يريحك ، نسهر بليل مع بعض عادى
هم الاصدقاء بالخروج وفى طريقهم التقوا بوالد مصطفى كان عائدا من المحل الذى يملكه ، فوالد مصطفى يمكلك بجانب الأراضى الزراعية محلا كبيرا لبيع العطارة يعتبر اكبر محلات الأقصر ان لم يكن بالصعيد كله
_ ازيكم يا ولاد عاملين ايه ، ازيك يا سعيد مبروك يابنى على الدرجات اللى تشرف
= الله يبارك فيك ياعمى تسلم يارب أهو الواحد بيحاول وسايب الباقى على ربنا
_ ونعم بالله يابنى ابوك وامك الله يرحمهم لو كانوا عايشين دلوقتى كان زمانهم فخورين بيك وطايرين فالسما
=الله يرحمهم ياعمى ويارب يبقو مبسوطين من اللى ابنهم وصله
كان سعيد ينطق تلك الكلمات وعيناه تملأها الأحمرار فقد تذكر ابويه فأمه توفت وبعد ولادته بشهور قليلة ولم ينال منها حنان الأم وعطفها وكل ما يسمعه عن ما تفعله الأمهات مع ابناءها ، أما عن والده فقد رحل عن الدنيا وسعيد لم يكمل عامه الخامس عشر فما كان عليه إلا أن يعيش مع خاله الذى كان يستغل زكائه ويجعله يعمل فى ورش الميكانيكا والنجارة حتى قالها له فى يوم من الأيام " انا مش هفضل طول عمرى اصرف عليك أنزل أشتغل واثرف على نفسك ، فكان رد فعل سعيد أنه غادر منزل خاله وعاد ليعيش وحيداً بين حيطات كان من المفترض أن تكون تحت سقفها أسرته ، تذكر سعيد كل هذا فى الوقت الذى كان يحدثه فيه والد مصطفى زكلما ذكر شيئاً يخص الماضى فكان ذلك يزيد من دموعه التى يكتمها خشية ظن الأنهيار امام الجميع
_ امال انتوا نازلين كدا رايحين على فين
= مفيش يابابا هنتمشى شوية كدا وجايين تانى
_ تتمشوا ايه دمك واقفة تطبخ من الصبح ليكم وانت تقولى نتمشى ، يلا ياض انت وهو قدامى
جلسوا جميعاً يتحدثون ويتبادلون الأمور والمواضيع العامة حتى جهزت والدة مصطفى الطعام وذهبوا يأكلون ومن ثم جلسوا فى جنينة المنزل ليكملوا ما بدأو من حديث
_ قولى بقى يا سعيد يابنى ناوى على إيه الفترة الجاية
= والله يا عمى انا نويت أدخل كلية تجارة وهنزل أدور على شغل كويس عشان محتاج دخل
_ وتدور ليه يابنى انا مستنى اليوم اللى تنزل معايا فيه فالمحل انا كدا كدا عارف أن مصطفى دماغه مش فيه
رد عليه مصطفى بفلسفة الابناء على الآباء حينما يريد ن أن يثبتوا صحة افكارهم
_ معلش بقى ياحاج منت عارف دماغى متركبة ازاى
= عارف يابنى ربنا يكرمك يارب واشوفك فى احسن الأحوال دايما ، وانت يا اسامة ناوى على إيه
_ والله ما عارف يا عمى بس غالباً مش هكمل ، انا اصلا مش بتاع دراسة والكلام دا انا بتاع افكار بدور على خبطة تخلينى أمن مستقبلى
= يابنى العلام حلو مش مهم أنك بعد ما تتخرج تشتغل بالشهادة المهم أنها تكون معاك واعى للى بقوله
_ واعى يا حاج سيبها على الله
= ونعم بالله ، هسيبكم انا بقى واروح اتابع الشغل فالمحل ماشى ازاى