الفصل الرابع

_ يابنى عايز اتكلم معاك شوية لوحدنا واشرب حجر معسل تعالى نروح القهوة
= ماشى ياعم يلا بينا
توجهها الصديقين إلى المقهى وما ان دلفى إلى الداخل فوجدو اسامة جالسا امامهم توجهها ناحيته ولكنهم شعرو من سلامه ان هناك شيئا ما يخبئه تحدثو مع بعض قليلا ولم يكملوا الحديث فطلب اسامة الاسئأذان بحجة ان لديه مشوار مهم كان مصطفى فى حالة أستغراب أكثر من سعيد فهو لم يعتاد على تلك المعاملة ولم يتوقع منه ان يستقبله بتلك الطريقة
_ هو فى ايه يابنى طب انتوا اتخانقتو ولا حاجة
= انا اللى مش فاهم والله ونفسي افهم بقولك ايه متخلى اختك تسألك اخته هما كدا كدا صحاب
_ هعمل كدا فعلا ، بس هو غريب اوى
= انا بقالى شهور معتاد على المعاملة دى عشان كدا مستغربتش زيك ، خلينا نشوف الدنيا هتمشى ازاى
_ المهم يا صاحبى دلوقتى ، قولى بقى أنت فى حاجة بينك وبين ياسمين ؟!
سعيد الذى احمرت وجنتاه عند سماع الأسمع وتلجلج لسانه وكانت الحروف تخرج منه ببعض التعلثم
= ياسمين ، لا طبعا مالها ياسمين اللى بينى انى بزاكرلها بس
ضحك مصطفى مقهقها بصوتا عال ثم نظر إليه
_ يا راجل انت دانا أول ما قولت اسمها وشك أحمر والدنيا عندك وردى
كان سعيد يريد أن يتحدث مع أحد فى ذلك الأمر فقرر أن يحاول أن يحكى لصديقه عن شعوره
= والله الصراحة انى بقيت حاسس ناحيتها حاجات غريبة أوى
_ اه منا عارف وريهام كمان لاحظت دا ، بس بصراحة انا رأيى غير ريهام
تعجب من علم ريهام بالأمر وهو كان دائما يحاول أن لا يلاحظ أحد شيئا فكيف عرفت ريهام هذا ؟ هل كانت ملامحه إلي هذه الدرجة فضاحة ؟!
= ايدا وهى ريهام عرفت منين ؟! أو ايه رأي ريهام اصلا ؟! ورأيك أنت كمان ؟! انا مش فاهم حاجة
_. طيب أهدى ياصاحبى بس شوية وانا هفهمك مستعجلش ، بص الموضوع بدأ لما ريهام لاحظت نظراتك لياسمين بأنها نظرات مختلفة شوية عن نظرتك المعتادة وانت عارف أن ريهام فهماك ، ولكن مش دا الموضوع الموضوع أن مش ريهام بس اللى واخدة بالها أو ريهام مأخدتش بالها غير متأخر لأنها كانت بتتعامل عادى
= ايدا امال مين اللى يعرف كمان غير ريهام ؟!
_ منى ، بص بصراحة انت اخويا فمهما كان اللى هقوله عيب بس انت عارف قربك ليا عامل ازاى ، منى كانت مركزة معاك أوى فى الدروس ودا بحكم انها معجبة بيك وكانت بتحاول على قد ما تقدر توصلك دا بس أنت طبعا مش واخد بالك لأنك مركز مع ياسمين أكتر ولما الموضوع بالنسبالها بقى ازمة قررت تقفله وكمان ثررت انها متاخدش الدرس معاك ..
= ايوا منى اخر مرتين مجتش ولما كنت بسأل ريهام كانت بتقول أن السبب انها تعبانة وكدا
_ لأ هو السبب انها مش عايزة تبقى فى موقف محرج قدامك واختارت انها تبعد عشان تقفل الموضوع
كان سعيد يستمع لكل هذا ويحس نفسه مثل الحيوان الذى يدور حول ساقية مياة فكل هذا كان يدور حوله وهو لم يلاحظ شيئا
= طب وبعدين يا مصطفى كمل
_ بس ولما قررت منى دا ريهام مكنش عندها مانع ولكن عشان اسلوب منى مع ياسمين اتغير فريهام قالتلها انها مش هتعرف تاخد الدرس تانى معاهم فياسمين قررت انها متجيش تانى بس كدا
تدارك سعيد سريعا ان قرار ابيها وقرارها لم يكن بسبب التركيز الزائد ولكن بسبب ما حدث بينهم
= اها عشان كدا ابوها قالى تاخد الدرس لوحده وفى الفيلا
_ هو ابوها طلب منك كدا بجد
= اه ومش بس كدا دا كمان جهزلى أوضة عندهم فى الڤيلا بس براها عشان اقعد فيها ابقى قريب منه ومتابع كل حاجة
_ اهااااا ، شكل ياعم البنت متعلقة بيك هى كمان زى منا قولت وابوها اهو راضى عنك
= ياعم متعلقة بيا ايه بس انا مش بتكلم فحاجة انت فاهم ، المهم ايه هو رأى ريهام فالموضوع
_ لا عادى ريهام بحكم قربها من منى فكانت شايفة منى أفضلك بس ، عمتا ياصاحبى انت ادرى بمصلحتك وعارف دنيتك ايه
= طب سيبك منى شوية ، قولى عامل ايه مع حبيبتك وصلت لفين
_ والله أهو خلاص قررنا اننا نتخطب بعد الكلية علطول هتخرج وأروح أكلم ابوها تكون هى كمان اتخرجت أنت عارف بقى كلية علوم وكدا
= على الله ياصاحبى ، انشاء الله خير وربنا يكرمكم يارب
تابع الشباب حديثهم وطالت سهرتهم وفى اليل عاد كلا منهم الي منزله ، وقد قرر سعيد انه لا يبيت بمنزل الحاج منصور وقال له ذلك وبعض مناقشات تم الاتفاق ، ظل سعيد يزاكر لياسمين وكان يحاول أكثر من اللازم اخفاء كل شئ عنها قدر الإمكان ، عاد مصطفى إلى القاهرة للكلية بعدما انتهت اجازته ، وظل سعيد يتابع اعمال الحاج منصور ويجهز له مواعيد زيارات للمرضى ، وفى بعض الأحيان يذهبون لمؤازرة اسرة متوفى ومساعدة محتاج إلى أن أحبت القرية بأجمعها الحاج منصور وسعيد وكان الجميع يتحدث عن كرمه وعن مدى الخير الذى يفعله مع الجميع ، مرت حوالى ٨ أشهر لم يفعل فيهم سعيد شيئا سوى متابعة كل شئ يخص الحاج منصور وفى بعض الأحيان يراجع دروسه ودراسته حتى حان وقت الأمتحانات النهائية ، كان يجلس سعيد مع ياسمين بعدما انتهو من مراجعة الدرس فكانت تريد ياسمين أن تسأله سؤالا
_ قولى صح يا سعيد أنت ازاى بتقدر توفر وقتك وتوازن ما بين كل حاجة كدا
= كل حاجة ازاى يعنى
_ يعنى دراستك والمزاكرة ليا دا غير شغل بابا وغير برضو الحملة الأنتخابية بصراحة انا معنديش طاقة أشيل كل دا لوحدى
= والله كل الموضوع أنى بنظم وقتى بس كلنا قادرين نعمل دا
_ انا فعلا فخورة بيك وبكل حاةج بتعملها عشانا سواء فالشغل أو لبابا أو ليا
= المهم بس انتى ركزى الشهر دا عشان الأمتحانات خلاص وانا وعدت الحاج انك هتجيبى أعلى درجات
_ متقلقش انا حافظة كل المواد اصلا وفاهماهم ، تصدق انا عمرى فعلا ما حبيت الدراسة ولا ارتاحتلها كدا ، انا لو نجحت ودخلت كلية كبيرة هتبقى انت السبب فى دا
كانت تلك الجمل ترسم البسمة بداخل سعيد ، لأنه ولأول مرة يحس بأن ياسمين تبادله المشاعر أو على الأقل فهى معجبة به فدائما ما يبدأ الحب بالأعجاب والأفضل انها معجبة بتكوينه اى بشخصيته وليس بمظهره او ما شابه فهذا سيجعل من الحب حبا صافيا نقيا كان سعيد يريد فى تلك اللحظة الأعتراف لها بحبه ولكنه تمساك نفسه وحاول قدر الأمكان ان لا يغلبه حبه ويظل صامتا حتى تظهر نتيجة الثانوية العامة وينجح والدها فى الأنتخابات فرد عليها الرد المناسب لتلك اللحظة
_ انتى اللى شاطرة يا ياسمين وانا مت قعلك مستقبل حلو جدا
_ طب قولى بقى مفيش حاجة كدا بتساعدك على تخفيف حمول الدنيا ولا ايه
ارادت ياسمين مناوشته بتلك الكلمات ، لا يعلم سعيد هل هى فعلا تعرف ما بداخله تجاهها أم انها تقول ذلك من باب الفضول ..فرد عليها ......
= أكيد طبعا كل واحد مننا لازم يبقاله حلم ولازم يبقاله حد يخفف عنه ، انا مثلا مصطفى صاحبى موجود هو و ابوه وامه كل ما احس انى تعبان او محنوق شوية بروح احكى معاهم وارتاح
_ لا انا مش دا قصدى انا قصدى قصة حب انت فى تالتة كلية واللى انا اعرفه ان مفيش شاب فى المرحلة دى غير لما بيكون مرتبط ببنت سواء بقى زميلته او ما شابه
_ لا فى بس لسة الموضوع ممشيش دعواتك بقى انه يتيسر
اراد سعيد ان يفتح مجالا للحديث عن هذا الأمر ولكن بدون أن ينطق حرف واحد يدل على ان من أحبها قلبه تكون هى
أنتهى سعيد من جلسته مع ياسمين ، ثم ذهب ليتابع الأعمال ومن بعدها وضع خطة للأنتخابات فقط بدأت الحملات الأنتخابية كان سعيد كل يوم يجتمع بعائلة من البلد ليقنعهم أن صوتهم للحاج منصور سيساعد البلد فى اشياء عدة وانه من أصر على أن يترشح الحاج منصور للأنتخابات نظرا لمساعدته الفترة الماضية لأهل البلد فققر ان تكون مساعدته رسمية ومدعمة من الدولة ايضا ، كان سعيد يذهب لكل العائلات ولا يتركهم حتى يتأكد من حصوله على أصواتهم الأنتخابية ..
فى تلك الفترة كانت قد بدأت أمتحانات الثانوية العامة وكان سعيد منشغلا كثيرا بياسمين حتى انه كان ينتظرها كل يوم بعد الأمتحان ليراجع معها الأجابات حتى تأكد من أنها ستأتى بدرجات ممتازة ، وها قد حانت اللحظة المنتظرة اللحظة التى أعلنت فيها نتيجة الثانوية العامة وحصلت ياسمين على مجموع ٥.٨٩ وهذا جعل منها الثانية على محافظة الأقصر ومن العشر الأوائل بالجمهورية ، كان سعيد فى قمة الفرحة والسرور لما حققه من نجاح مع ياسمين ها هى اخيرا ستحدد مصيرها بيديها ، بعدما كان يخشى اباها من درجاتها فتأتى هى بتلك المجموع وبتلك الدرجات ، كانت سعادة الحاج منصور لا توصف فهو يمشي بالبلد رافعا رأسه بأن ابنته حصلت على تلك المجموع فالعائلات فالصعيد تتباهى بهذا الشئ اكثر مما ينبغى ، أقيمت حفلة لياسمين قام فيها الحاج منصور بذبح عشرة عجول وتوزيعها على الفقراء وكان هذا بالأتفاق مع سعيد هذا لكسب الناس أولا وثانيا لكسر العين التى من الممكن أن تصيب ابنته ، كانت الحفلة عبارة عن طبل صعيدى وهو فلكلور متعارف عليه بالصعيد .. ويقدم للناس وجبة الغذاء ظل يحتفلون بنجاح ابنة الحاج منصور حتى قاربت الشمس على الزوال ...
انتهت الحفل وذهب كل شخصا الى منزله ولم يتبقى سوى الطباخين والأقارب كلا يودع الأخر فى تلك اللحظات كان سعيد يحاسب الطباخين والعمال فنادى عليه الحاج منصور ...
_ يا سعيد .. تعالى يابنى عايزك فى موضوع
اتى سعيد إلى الحاج منصور وكانت البسمة تملئ وجه الأثنين ، كان هناك كيس بلاستيكى بيد الحاج منصور اعطاه لسعيد وهو يحدثه
_ خد يا سعيد .. دى حاجة بسيطة مكافأة على تعبك مع بنتى الفنرة اللى فاتت لولاك يابنى عمر ما بنتى كانت هترفع راسي وسط البلد كلها
= عيب ياحاج متقولش كدا ، انا معملتش حاجة دا واجبى ناحيتك ، وانت كرمك مغطينى ومغطى البلد كلها
أبى سعيد أن يأخذ الأموال ولكن بعد أصرار من الحاج منصور أخذها منه
_ وباذن الله فى مكافأة أكبر من دى بكتير أوى لما يحصل المراد
علم سعيد انه يتحدث عن نجاحه فى الأنتخابات
= متقلقش يا حاج انا متأكد من أنك هتكسب الأنتخابات
_ ماشى يابنى روح انت دلوقتى ريح وخد دش كدا انا عارف انك بقالك كام يوم متبهدل وريح بكرا كمان وخلينا نركز بعدها فى الانتخابات
= ماشى يا حاج اللى تشوفه
ذهب سعيد إلى منزله بعدما ودع الحاج منصور وضع سعيد الكيس البلاستيك بجوار سريره ثم ذهب ليستحم ، كانت دقات قلبه تتسارع ، هل فعلا أقترب الحلم ، هل أقترب من أعلان حبه لياسمين ووالدها ، انتهى من الاستحمام وذهب الى سريره امسك سعيد بالميس البلاستيكى وفتحه فوجد مجموعة من الأموال قام بحسابهم فوجدهم ٠٢ الف جنيها فرح سعيد لهذا المبلغ .. وضعه بجانب الأموال التى كان يحصل عليها من عمله وضع سعيد رأسه على المخدة فذهب سريعا فى النوم لا من الأرهاق ولكن هذه المرة من الراحة والبهجة
استمرت حملة الأنتخابات أكثر من شهرين أخرين ، كان كل ما يشغل بال سعيد فيهم هو فوز الحاج منصور بالانتخابات لأن هذا سيثبت له جدارته فى تحقيق الإنجازات وسيساعده فى الحصول على ما يريد وهو حبه الأول ياسمين ، ظل سعيد طول الشهرين لا يشغل باله سوى الأنتخابات وبالأخص بعدما انتهى من الامتحانات الخاصة به وعلم بنجاحه بتقدير عال ، فلا يتبقى شئ سوى الأنتخابات وبهذا سيكون كل شئ متاح له ، ظل سعيد يواصل سعيه وراء ذلك إلى أن جاءت لحظة التصويت للمرشحين كان سيعد فى تلك الأيام لا ينام أبدا كان فى خلال الثلاث ايام يمر على جميع اللجان يمر على العائلات يشكر كل من قام بعطاء صوته للحاج منصور . إلى أن جاءت لحظة فرز الأصوات كانت تلك الساعات تمر كأعوام بالنسبة للحاج منصور أو بالنسبة لسعيد فكلاهما يخشى أن يتم العبث فى النتيجة ويفوز بها الحاج عمر ولكن قبل أن يأخذ التفكير حرية احدا منهم أعلنت نتيجة الأصوات بفوز الحاج منصور بفارق أصوات كبير عن الحاج عمر ، كان تلك الخبر بمثابة الحياة للحاج منصور بعدما أعلن الفوز نزل إلى البلد ويمر على كل الأسر والعائلات بنفسه سيرا على قدميه ، يقدم واجب الشكر والحفاوة لكل من اعطاه صوته ويعد الجميع بأنه سيبزل قصار جهده لأرضاء أهل البلد .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي