الفصل الحادي عشر

لم يكُنْ سهلاً على أي أُم أن تكون ابنتها مُتغيبه عن عيونها، ليس بالليالي ولا بالأيام بل بالشهور والسنوات؛ ولحظة التقائهم ترفض الابنة أن تبوح بسرها، التفكير يُسيطر على رأس الأم حينها، لم تستطيع ترك ابنتها دون أن تطمئن عليها.

أجلسُ أنا مع دادة سعيدة وأميرة، أميرة مُترددة أن تبوح بما في داخلها، لكن دادة سعيدة والدتها تريد أن تعرف ما حدث لها، بعد صمت أميرة كنا كُلنا ننظر إليها ننتظر كلماتها؛ وهي مُذبذبة، بدأت تُتمتم بكلمات بسيطة وبصوتٍ منخفض لا نستطيع فهم ما تقول، كُنت أظنها تشعر بالإحراج من وجودِ أوشكتُ على مغادرة الغرفة، لكن أميرة طلبت منِ أن أجلس ومدحت في أخلاقي أمام والدتها، وشكرتني على معروفِ بالاعتناء بوالدتها أثناء غيابها.

أخذت أميرة نفساً عميقاً، ورفعت رأسها وقررت التحدث، عيناها كلها ندم ودموع وقالت:
-لقد خُدعتُ بإسم الحُب، شخصٌ صديق لي، كُنت أظنه يُحبني والعائق أمام حُبنا هو حريتي الشخصية، دائما كُنت أشعر بغضبه عندما أرفض الخروج معه والذهاب إلى أماكن كثيرة ليلاً، حتى التنزة كُنت أخذ رأيُكِ يا أمي وترفضين، لم أجد أمامي أي فرصة للحديث معه سوى عن طريق السوشيال ميديا، يوماً تبع الآخر، بدأ بتجاهُلي وبدأ ينفر من وجودِ، لكن أنا! أنا كُنت تعودتُ عليه في حياتي، لم أتخيل العيش بدونه، ومع رؤيتي لأصدقائي وخروجهم ليلاً بمعرفة أهليهم، ازداد الغضب داخل قلبي.
بنظرة ثاقبة وجهتها الدادة:
-الحرية! مفهومُكِ خاطئ تماماً عن الحرية، تابعي الحديث وماذا حدث بعدها.
بنبرة أسى قالت أميرة:
-عندما عاد ذلك الشاب للتحدث معِ، عرض عليَ فكرة أن أعيش بمفردي، وأفعل كُل ما يحلو ليِ، في إطار الأخلاق والقيم التي تعلمتُها، في البداية رفضت، لكن مع كثرة إلحاحه وتهربهُ من الحديث معِ، وشعورِ الدائم بالتنمر على وضعي وسط المستوى العالِ بين أصدقائي، قررتُ أن أنفصل في حياتِ عنكِ وكان لابد أن أُدبر شأنِ الأجتماعي، أخذتُ كل الأموال بالتوكيل العام الذي كُنتِ قد كتبتيه ليِ، تركتُ لك ما يكفي للعيش، وكُنت أظن أنِ سوف آتي دائماً للسؤال عنكِ بين الحين والآخر وإن احتجتي إلى أي شئ سوف اجلبه لكِ في الحال.

هذا ما كانت تنويه أميرة تجاه والدتها، تتضح أنها نية خير، لكن كل ما فعلته أميرة غير جائز بالمرة، سألت الدادة عن ما حدث لأميرةعكس ما كانت تتوقعه، أميرة والحزن والندم يتملكون منها وبصوتً منخفض أجابت أن ذلك الشاب أظهر وجهه الآخر وكشر عن أنيابه، وأظهر سوء نيته تجاهها، كان يستغلها ويستدرجها ليحصل عليها وعلى كل الأموال التي تحصلت عليها، في البداية جلست عنده في البيت وهذه كانت الصاعقة!

لكنها قالت أنها لم تكن هي الوحيدة الموجودة وكانت هُناك صديقة أُخرى لهم، كانت سعيدة بهذه الحياة في بداية الأمر، الأمر أشبه بعصفورً صغير يتعلم الطيران، ومع رفرفة أول جناح له والشعور بالتحليق والحرية، هذا ما كانت تشعر به بالتحديد، استطاع أن يأخذ كل الأموال وادعا أنه سوف يقوم بعمل مشروع صغير مشترك بينهم.

بعد أن اكتشفت أميرة حقيقة ذلك الشاب بدأت بالمطالبة بأموالها وهو كان يحاول استدرجها في طريقً آخر معه، ودائما ما كان يوسوس في أُذنها أنه سيجعلها تأكل الشهد إذا وافقتهُ، أميرة مُتعلمه وواعية لكنها سلمت التفكير إلى قلبها وليس عقلها عندما أعطته الأموال، لكن تلك المرة رفضت أن تسلم قلبها إلى وساوسه تلك، وحينها حدثت مشادة كبيرة بينهما، قررت أميرة أن تجلس في بيت إحدى صديقاتها.

كُلهن تخلينَ عنها وتركوها وخافوا على سُمعتهم، لم يستطيعوا أن يجعلوها تُقيم في بيوتهم، إلا صديقة كانت لا تخشى شيء، ليس من أجل عيون أميرة ولكن لطبيعة عملها فهي راقصة ولا تهتم للسُمعة والسيرة، قابلت أن تُقيم معها أميرة ولكن ليس بدون مقابل، عرضت عليها الإقامة في بيتها في مقابل خدمتها ورعاية طلبات البيت بأكمله.

حينها انهارت دادة سعيدة وسألتها لما لم تعود إليها؟ كانت أميرة خائفة مترددة مرتبكة غير مدركة ما حدث لها، كانت تخشى من أشياء عديدة من رد فعل والدتها مما فعلته أميرة في حقها، ثانياً من ضياعها للأموال بأكملها، هي لم تفهم دادة سعيدة جيداً، إن كانت فهمت معنى الأمومة لم تكن تسمح لنفسها الإهانة أكثر من ذلك وكانت جاءت لوالدتها مباشرةً.

الغضب والحزن يجتمعان معاً بداخل قلب الدادة، طلبتُ من أميرة أن تدخل إلى غرفتها لتستريح، وفي نفس الوقت أُعطي فرصة للدادة لأن تهدأ وتفكر جيداً في رد فعلها، فقط غيرتُ ثيابي واخذتُ غطاء لكي أنام في الخارج على أي أريكة وتركتُ لأميرة غرفتها، دادة سعيدة سارحة في خيالاتها ذهِنُها شارد وحزين، أفضل أن لا أتحدث معها في تلك الليلة، أحضرتُ لها كوب من اللبن الدافئ وطلبتُ منها أن لا تفكر في أي شئ ويكفي أن أميرة عادت إلى أحضانها، والعتاب لا يُغير من الأمر شيء.

هدأت الدادة بعد سماع تلك الكلمات وأخلدتْ إلى نومها، أنا توجهتُ إلى أريكة في الخارج واستلقيتُ عليها، حاولتُ أن لا أُفكر في اليوم أنا أيضاً، لكن عقلي كان يمنعني من النوم، ليس مشغولاً بأميرة ولكن كل انشغالي كان مع رعد، يا تُرى ما الذي قالته له سيدة نرمين، ولما حدتها في التعامل معِ هكذا، أخشى أن تجعلني أترك عملي عندهم، أو أن تكون طلبت من رعد عدم التحدث معِ بعد الآن

أتقلبُ أنا على تلك الأريكة يميناً ويساراً، النوم هُنا غير مريح أطلاقاً، أُحاول النوم ساعة ساعتين ثلاث ساعات، لقد مر ثلاث ساعات ولا استطيع النوم! كيف أذهب إلى عملي في الغد هكذا، الأرهاق والأرق يكاد يتَملك منِ، إلى أن سمعتُ آذان الفجر، قمتُ وتوضأت وأديتُ الفريضة، وبعدها شعرتُ براحة كبيرة وتركتُ الأمر بيد الله وأخيراً أخلدتُ إلى النوم.

صوت المُنبة يرن في أُذني، بالكاد أفتح عيني، لم أُكمل ثلاث ساعات نوم حتى! لكن العمل لن ينتظر، سريعاً كُنت قد تجهزتُ وعرضت عليَ الدادة الإفطار لكن رفضت، أخشى أن أتأخر وسيدة نرمين الآن لا أعرف رد فعلها، أسيرُ على قدمي كعادتي، أُسرعُ في خطواتِ، وأنظر إلى ساعة يدي، ها قد وصلتُ للقصر أخيراً، أنفاسي عالية بالكاد التقط أنفاسي، من سرعة سيري في الطريق خوفاً أن أتأخر عن موعدِ.

في كُل مرة سيدة نرمين تكون في غرفتها في الطابق العلوي وأنتظر أنا ساعة تقريباً أو ساعتين إلى حين استيقاظها ونزولها على الدرج، لكن تلك المرة كانت سيدة نرمين تجلس في بهو القصر، تنتظر حضورِ لترى إذا كُنت تأخرتُ عن موعدِ أم لا؟

تفاجأتُ بها، لكن تمالكتُ نفسي، فأنا لم أفعل أي شيء خطأ، سلمتُ عليها ودخلتُ إلى الداخل لأُتابع عملي وأمُر على المطبخ وعلى الغُرف، وجدتها تنادي عليَ وتطلب منِ أَمُر على جميع الغرف ما عدا غرفة رعد، لا أهتم بها ولا تكن من اهتمامي.

سمعتُ تلك الجُمل وأنا أقف في مكانِ لا أتحرك، مصدومةٌ أنا من ما قالت، بالتأكيد هي وبخت رعد ليلة أمس ومنعته من التحدث إليَ، أومأتُ برأسي بالموافقة ودخلتُ لأبدأ عملي، طوال اليوم وأنا أتمنى رؤية رعد أو حتى سماع صوته، كأنه غير موجود بالقصر من الأساس، عُدتُ في ذلك اليوم وأنا حزينة، على الرغم أن سيدة نرمين لم تُهينني بأي كلمة، لكن شعورِ لم يكن تجاه نرمين، بل كان خوفٌ من مستقبلي بدون وجود رعد في حياتي، بعد أن دخل حياتي وأنا أشعر أن أخيراً الحياة يمكن أن تبتسم لي.

لابد من إيجاد طريقة لكي استطيع رؤيتهُ حتى ولو مرة واحدة، كان يبدو عليَ الحزن الشديد أمامهم، دادة سعيدة حاولت معرفة سبب حزنِ لكن لم أتحدث بما في داخلي، ما زالت دادة سعيدة غاضبة من ابنتها بعض الشئ ولكن لم تعُد تتحدث إليها مرة أُخرى، اقترحتُ على دادة سعيدة أن نقوم بعمل حفل إحتفال صغير بمناسبة عودة أميرة مرة أخرى إلى أحضانها، وأن تدعو فيه كل أصدقائها بما فيهن سيدة نرمين، لكي أتمكن حينها من رؤية رعد في الحفلة.

وافقت دادة سعيدة وأخيراً سأجتمع برعد هُنا في البيت، لكن أيضاً طلبتُ من دادة سعيدة أن تؤكد على سيدة نرمين أن يحضر ابنها رعد تلك الحفلة، لم أكن أتوقع أن ما فعلته وما طلبته من دادة سعيدة كُنت حينها أفتح النار على قلبي!

على قدر السعادة التي كنت أشعر بها لم يكن شئً يقارن بمدى باب العذاب الذي فتحته بيدي لنفسي، أخترتُ يوم العطلة يكون هو يوم الحفلة الصغيرة، دعت دادة سعيدة سيدة نرمين ورعد ابنها ووافقت نرمين، كما دعت دادة سعيدة بعض من اصدقائها المقربين، لم تُصرح دادة سعيدة بحقيقة هروب أميرة، فقد قالت أن أميرة كانت تُقيم عند أحد أقاربهم.

أرتديتُ أفضل فُستانٌ لديَ وتجهزتُ لاستقبال رعد، لم تكن سيدة نرمين تعلم أنِ هُنا أسكن مع دادة سعيدة، تعلم أنِ على صلة بها ولكن لم تكن تعلم أنِ أسكن معهم في البيت، كنتُ خائفة ولكن حُبِ وشغفِ لرؤية رعد أنستني خوفي، ها قد بدأت الحفلة وبدأ الضيوف في الحضور، ها قد وصلت السيدة نرمين ومعها رعد، لا أُصدق عيني ولا استطيع تحمل الانتظار، كنت أقف خلف الستار وأُراقبهم وكانت أميرة تقف خلفى ولاحظت ارتباكِ وبدأت تشك في الأمر.

حاولتُ أن أظُهر أنِ لم أراقب أي أحد، ولكن أميرة كانت ذكية لم تكن أميرة بقدر الطيبة التي كُنت أظنها، خرجتُ إليهم لكي أُلقي السلام، كانت السيدة نرمين مصدومة من وجودي، لم تكن تتوقع وجودي هُنا، بعد دقيقة من استيعابها تسألت:
-ماذا تفعلين هُنا يا فرح؟ هل عزمتك دادة سعيدة؟
بثقة كبيرة قلت:
-هذا بيتي، أنا أُقيم هُنا مع دادة سعيدة أمي ومع أميرة أختي الكبيرة.
بتعجب شديد نظرت إلى دادة سعيدة وسألتها:
-لم تُخبرينِ من قبل أنَ فرح تُقيم معكم هُنا، مُبارك لكِ رجوع أميرة.
جاءت أميرة على تلك الكلمات، عندما رأتها سيدة نرمين لمعت عينها وطلبت من رعد أن يُسلم عليها، أنا كُنت أنظر إلى رعد بين الحين والآخر، أنتظر الفرصة المُناسبة لكي أتحدث معه دون اهتمام نرمين والدته.

ها قد جاءت تلك اللحظة، سيدة نرمين اندمجت جداً مع أميرة، أميرة طموحة وتحب عيشة الأغنياء سيدة نرمين تحب الفتيات من هذا القبيل ونظراً إلى شدة حبها لدادة سعيدة وطول فترة صداقتهم، كانت تقابل أميرة وهي صغيرة كثيراً مع والدتها، انتهزتُ تلك الفرصة واقتربتُ من رعد، كان جالس على مقعد كالطفل الذي فُقد أُمه، بهمس شديد قلت له:
-أنا فرح يا رعد، آراك منذ أن جئت إلى هُنا أنت وسيدة نرمين، لكن كُنت أنتظر أن تحين الفرصة أريد أن أطمئن عليك، هل جرحتك سيدة نرمين بكلماتها؟
ابتسم بهدوء وحاول أن يوجه رأسه تجاهي، وقال لي:
-لا يا فرح لا تقلقي، مهما قالت لي أمي، لا أستطيع التغلب على مشاعري.
قام ووقف في مكانه وتابع حديثه قائلاً:
-صحيح أنِ لم استطيع رؤيتك ولكن أنا أراكِ بقلبي ليس بعيني وأنا أُصدق قلبي، ما رأيك أن نترك هذا المكان ونذهب إلى أي مكان آخر في هدوء لنتحدث سوياً.
ارتبكت وخفت على رعد، إذا كان تأخُري عن موعدِ ساعة واحدة ووالدته لم تمر الموقف مرور الكرام، ماذا سيحدث إذا خرجتُ وجلستُ معه بمفردنا، كما يبدو على نظراتها عدم الرضا تجاهِ، وكأنها تتمنى لو لم أكن موجوده بين الحضور.

رعد فاجأني بأنه سوف يستأذن من والدته قبل أن ننصرف، حتى لا تغضب مثل المرة السابقة، وقفتُ في مكانِ أنتظره إلى حين أن يستأذن منها، لم أسمع تحاورهما ولكن نظرات سيدة نرمين تدل على مدى غضبها، كُنت متأكدة أنها رفضت اقتراح رعد عليها، واستدرتُ وجهي من خجلي منها ومن حزنِ على فرحتي التي لم تكتمل، كان رعد في طريقهُ إليَ، إلى أن أقترب مني، أمسكت يده لكي أُساعده في الجلوس، تفاجأت وهو يخبرني أننا مغادرون الآن، ولما الجلوس؟

كُنت سعيدة جداً أخيراً سأنفرد برعد واتحدث معه، أُريد أن أُساعده ويساعدنِ، أنا الآن أصبحتُ أثق فيه ومتعلقه به أكثر من ذي قبل، لا أعلم السبب ولكن حبه بداخل قلبي كان ذاد ولا استطيع التحكم في قلبي كعادتي، خرجنا من هذا البُرج لا نعلم إلى أين نذهب، ولكن كل ما كان يهُم هو أن نبعد عن أنظار الحضور في الحفل، اقترح رعد مطعم الشروق قال أنه يحب الذهاب إليه وتعود عليه منذ فترة طويلة عندما كان يُبصر، كانت المسافة قليلة كنا نسير على الأقدام، يتكئ بيده اليسرى على العصاة ويتكئ بيدهُ اليمنى على يدي اليسرى.

حديثنا أثناء السير كان اعتذار، يعتذر عن عدم خروجهُ من غرفتهِ ليلة أمس، ها قد وصلنا إلى ذلك المطعم، من الخارج يبدو كبير وديكوراته على مستوى عالٍ جداً، من الداخل كبير والأضواء فيه كثيرة جلستُ أنا ورعد بجانبه وليس أمامه، جاء النادل سريعاً إلينا، وسأل عن طلبنا لكن أخبرته أن ينتظر قليلاً، اوقفه رعد بصوتاً سريع، وطلب منه أن يجهز لنا غداء من لحوم ودجاج وأُرز وسلطات، أنا أنظر إليه بتعجب ما كل هذا الذي طلبه؟ لكن رعد أخبرنِ أنه عندما يكون معِ يكون سعيد، وشهيته تزداد ويمكن أن يأكل أي شيء.

بعد تناول الطعام والشراب أيضاً، بدأ رعد في الاقتراب منِ أكثر، بابتسامة جميلة همس في أُذني وقال:
-لن أتخلى عنكِ مهما حدث، أنا لم أشعر بشعورٍ مثل هذا من قبل، لا أعلم ما الذي فعلتيه بي يا فرح، ولكن كل ما أشعر به أنني أُريد البقاء بجوارك دائماً، وأن الوقتُ بدونك لن يمر بسهوله، أنا أعلم أن كونك يتيمه شيء يزعجك، كما أخبرتني أول مرة تقابلنا فيها، من الغد ما رأيك أن نبدأ في رحلة البحث عن هويتك الحقيقة.

لم تتخيلوا ماذا كان شعورِ! مزيجٌ من الفرح الشديد مع الخوف مما سأواجه في حقيقة نسبي ومن خوفي من سيدة نرمين، كانت عيني تتحدث على الرغم أن لسانِ لم ينطق بأي كلمة، بدأت عيني تملأها الدموع وأنا أنظر إليه، أُريد ان أخبر العالم أجمع أن أخيراً وجدتُ شخص يُقدر حجم ما أفتقده وما أشعر به، شخصٌ سيُساعدني في العثور على أهلي على أمي وأبي على أقاربي.
تنهدتُ ونظرتُ إليه وقُلت:
-أحياناً أتخيلُ نفسي جالسةٌ بجوار أُمي وأُحدثها وأَحكي لها، أحياناً أتخيل أن أكون جالسه مع أي شخص وأحكي عن أهلي بكل فخر، أنا مُقدره مدى قلبك الرحيم واهتمامك بيَ، لكن لا أُريد أن أُعذبك معِ بتلك المواضيع.

على قدرِ حبِ لرعد على قدر خوفي عليه، أُحبه نعم أُحبه، واعترف بحبهُ بداخل قلبي، هو سندِ وأمانِ، بعد أن كُنت بلا اهلً ولا مأوى، هو عوض الله ليَ، شخصٌ يتيم مثلي لن يُعايرنِ بيتمِ قط مثلما كان يفعل نبيل معي، تعرضتُ للطعن في ظهري وفي أمامي من أقرب أشخاص، كُنت اظنهم في فترة من حياتي هم كل حياتي، كانوا هم أول الأشخاص الذين باعوني، نيرة صديقتي كانت من الأشخاص الذين وثقتُ فيهم ولكن سمحت لمنير زوجها بأن يبتزني وأخذوا اموالِ وهم يعلمون مدى حاجتي إليها وتركوني في الطُرقاتُ وحدي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي