الفصل الثالث

بوابة النجوم

إصابة بالزهول والعجز عن التعبير عندما يأتيك الدعم من أناس  كان وجودهم في حياتك صدفه؛ أو بالأصل ليسوا من دمك أو حتى أحد أقاربك، ولا صديقك مقرب، ولا صاحب مجالك التي دلفت المخاطرة باستشارته، بينما أنت تبذل قصارى جهدك وطاقتك وقت حاجتك وانعدماها لـ هولاء الاشخاص، الذي لا يمكن أن ينتهي يومك دون تواجدك معهم في جُل أوقاتهم.
يجبر قلبك ذاك الداعم لجوارحك أجمع الذي لم يخال لك للحظة أن يأتيك السند من خلاله، هو بالأصل دلف إلى حياتك بمحض الصدفة، فأصبحت تحمد الله على هذه الصدفة.لتجد فيه روحك وملاذ قلبك، أخ ومن ثم صديق ،رفيق للقلب أنيس للروح،داعم لك في جُل أزماتك واختياراتك.
يري فيك الخير، أو بالأحرى يرى فيك قلبه ونفسه.
فتسأل الله في صلاتك أن يديم عليك نعمة وجوده،
لتبدأ أنت من جديد إعادة ترتيب الأشخاص في حياتك، مجاهدًا نفسك لإعطاء كل ذي حقٍ حقه، بروح طيبة مكتسبة عن ذاك العزيز.

..

صوت صراخ يدوي بأذناي، أعلم جيدًا هذا الصوت، أنها أمي.
أجاهد فتح عيناي لكن مثقلة بشدة، شيء ما يقيد جسدي لا أقوى على الحركة، وعن ذلك الألم الذي ينخر رأسي لا أعلم من أين أتى.
لحظات تمر أحاول استعادة ما حدث، تزامنًا مع صراخ أمي بإسمي.
تحاملت ألمًا يحيط بجفوني لم أشعر به قط، وأنا أجاهد الفصح عن مقلتاي لأرى أننا في متسع من الظلام، يدور حولنا دخان كـ الغيوم، بلون رمادي كئيب، الأشجار العالية سوداء أوراقها المتساقط منها ومن هو على غصنه،أشعر وكأن هذا المكان قد احترق مسبقًا،حتى ريحه، كريح أرض قش محترق بلله المطر.أيضًا هناك من بعيد شعلة نار أرى حمرتها من شيء ما أسود كبير يلتف حولها أجهل تفسيره من ضخامة هيئته.
كدت أجلس في مكاني لأرى أين أنا وأبحث خلف صوت أمي.
أين أنا؟ وكيف جئت إلى هنا؟ وأمي؟!
يا أمي، يا أمي.
كررتها مرارًا وأنا أدور حول نفسي لكن من دون فائدة.
أسمعها تناديني من بعيد، عيني لا تراها قلبي يتلهف لرؤياتها، كاثرين يا ترى ماذا فعلتِ بها أيتها المخادعة الأشرة؟
صرخت بإسمها حتى كادت تنقطع أحبالي، هنا دوى بالمكان صوت لضحكة ماكرة.
إنها كاثرين تلك المخادعة التي لم تألفها أمي قط، وها نحن ما فيه سبب عنادي وانصياعي خلفها.

-تريد أمك أليس كذلك يا صغيري؟

ركلت ما أمامي من خشاش الأرض ثائرًا وأنا أضرب على صدري:
- ولا أريد سواها.
ـ إذا عليك تنفيذ ما آمرك به بأدب وأعلى مراتب حسن خلقك، لتنعم أمك بالراحة معنا.
شعرت الريبة عليها تحديدًا بعد آخر ما تفوهت فسألتها والخشية تكسوا نبرتي:
- أسمعها تناديني، هي بخير أليس كذلك؟
زرف الدمع عقبها لتردف الأخرى بقسوة:
ـ لا، لا، بطلي الصغير، البكاء فال شؤم على ما نحن دالفين إليه، هدأ من روعك، كل هذا سيزول عن قريبًا
، بعد مغادرتك عالمنا هذا والعودة بأبيك والكنز معًا.

مسحت دموعى محاولة ترتيب أنفاسي:
- أطمئن على أمي أولا، لن أبرح حتى أراها سالمة.
ـ هههه، كنت أود مجاراتك في الحديث لكن لا وقت لذلك، دعك من أمك الآن ونظف عقلك لتعي ما أنت قادم عليه.
شرط المرور من البوابة هو أن يكون العابر من نفس سلالة جاكسون ودمه، ولا أحد غيرك في هذا العالم يصح له العبور.
هذه هي حاجتي بك لا أكثر، أما عن أمك فلا حاجة لي بها لذا أرسلتها للمنزل لا تقلق، ركز معي الآن ولا تجدال، هذا ليس لن يفيدك، بالأخير لا خيار لك غيره.

ـ لكن أمي أ.....
صاحت غاضبة:
- نفد صبري عليك، هو أيضًا والدك، عودته من مصلحة الجميع، انظر حولك أنت معي على هذه جزيرة الظلام يا غبي، لا مجال للعودة أو التخير، أنت معي هنا للتنفيذ فحسب، هيا خلفي.

ذهبت عني مقدار خمس أقدام ومازلت أقف أمامي، لتمد يدها وهي في مكانها بطول المسافة جالبةً إياي من رقبتي.
_ لا وقت أمامنا لنضيعه هيا.

تحدثت وأنا أسعل أثر قبضتها متسع الأعين كيف فعلت هذا، هي ساحرة!؟ أم لديها قوى خارقة؟!.
ـ مصدوم أليس كذلك؟!
انتظر هناك ما هو أعظم.
ضمت نفسها محتضنة جسدها لتخرج جناحين من ظهرها كـ طير العنقاء، محلقة في السماء تدور حول هذا الشيء المغطى بعيدًا.
تدور وترنم بكلمات لا أفقهها، أظنها تعويذة لحدث مفجع، بعدما بدأ قرع طبول يدق بجُل الغابة حولي، وصدى ما تقول يتردد خلفها بقوة راهبة.
حديثها يذداد سرعة والأصوات ترتفع خلفها وتعقبها بقوة عارمة حتى انزاح ذاك الوشاح الأسود أرضًا من على الشيء الذي كنت أعجز عن تفسيره.
عجلة دوارة يحيط حوافها نيران مشتعلة، ذات ثلاث مقابض دوارة تشبه تارة السفينة، هناك بعض الرومز المفحورة في جوانبها الأربع، هي نفسها التي رأيتها أسفل بيتنا بغرفة القبو.
هنا فهمت عندما حدثتها في ذلك الليلة فور خروجي من القبو لأقص لها ما رأيت لماذا طلبت مني وصف الرموز بالتفصيل، تبًا لغبائي فأنا من قدمت لها روحي وروح أمي سُدى.
هبطت للأسفل وهي تلهث بشدة مشيرة إليَّ التقدم نحوها، فترجلت في خطوتي لتجذبني رافعة إياي على ظهرها وتصعد للأعلى ثانية وهي تحدثني:
- ترى منتصف العجلة هذه هو من ستقط عليه بالمفتاح.
أنا على ظهرها أرتعد خوفًا، فأنا أخشى المرتفعات، تحدثني لكني لا أعي ما تقول، فقت عليها تنهرني:
- أحدثك يا الأصم ، تجاهل خوفك الأن وانتبه، لا مجال للخطأ، حان وقت التنفيذ لا مجال للتراجع.
ألقيت بخوفي حدفه متذكرًا أبي وأمي، عليَّ التمثل بالقوة لأجلهما لمرة واحدة على الأقل.

علقت على رقبتي القلادة التي يتوسطها المفتاح، وسحب نفسها من تحتي لأرى نفسي معلق في الهواء وحدي وهي تناظرني جانبًا.
لا أعرف كيف فعلت هذا، لكني فعلا كنت أطير بجناحيها وهي بالأسفل تأمل نزولي.
أجفلت لبرهة، من ثم شعرت بقوى داخلية أنستي ما حولي.
صببت تركيزي فقط على بؤرة المنتصف، بيدي المفتاح وجهه العمودي متجه وسط العلجة، مُهمًا بالسقوط.
توسط المفتاح فعلًا قلب العجلة لتدور حول نفسها، أنا بالوسط أدور معها معلق به بجسد متطاير من عليها، فقط يداي المعلقة بالمفتاح وهي تدور وجسدي يتأرجح كالورقة.
كنت أسمع صراخ كاثرين وهي تحثني على الثبات مردفةً:
اصمد ولا تفرط بجسدك، هن فقط إحداى عشر لفة تبقى سبعة، ستة لأجل أمك، سبعة لأجل أبيك، خمسة حتى تعود وتنعم برفقتهما سوايا العمر محققًا أحلامك، أربعة إياك وأن تقع ستصبح اسطورة العبور فهذا هو العبور الأعظم، ثلاثة وستنتهي، اثنان تمسك لأجل الكنز، واحد هو نفسك وحياتك احمها قبل أي شيء، السلامة دربك يا نيل.

انتفتحت البوابة وسقطت داخلها، سبع سموات مررت بها كنت أرى نفسي بين السحب أطيح.
صرعت عيناي لما هو قادم بعدها، أنه بحر لا حدود له! تبا! انه الموت يقترب حتمًا.
سأموت من الخوف لا محال، اظنها كانت تعويذة خاطئة من تلك الساحرة.
اعا اقتربت منه، اقترب، حسنًا هو الموت...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي