الفصل٥

تحدث «أدم» في تعجب قائل:
  -عندك زيها؟!

أومأت «هارلي» لتبعد نظراتها عنه دون اهتمام منها، قائلة:
  -يعني أكيد صدفة.

استمر «أدم» في مطالعتها وقد راوضته تلك الذكرى حين اهدته الصغيرة الأسوارة من صنع يدها، وصنعت مثلها لنفسها، فكيف تكون صدفة؟!

تحدثت «هارلي» مطالعاه، لتقول:
  -هحتاج اللوحة تكون جاهزة على الأسبوع الجاي، غير كده هتكون ضيعت فرصة كبيرة من أيدك، وياريت بعد كده ترد على التليفون بسرعة لأن خلقي ضيق.

تركته وذهبت أسفل شروده بأمر الأسوارة.

تطلع إلى التي يرتديها بيده، وبرغم علمه التام أنها ليست بصدفة، إلا أنه أبعد تلك الأفكار عن عقله، الذي يرفض كونها صغيرته البريئة، فكيف تكون هي ومن امامه شخص أخر لا يمكنه أن ينعتها بصديقته البريئة؟!

أغمض عيناه متنهد، ليبعد تلك الأفكار عن عقله، قائل:
  -لا أكيد مش هي، مستحيل.

(داخل إحدى المطاعم).

تحدثت «فيونا» مطالعة «راسل» عقب طلبهم لما سيتناولوه، والبسمة تزين ثغرها، لتقول:
  -أيه اللي شاغل بالك؟

طالعها «راسل» منتبه، ليقول عقب اعتادله أكثر في جلسته:
  -القضية، حصلت حاجة غريبة أوي مش قادر افهمها.

مازالت تطالعه «فيونا» لتقول:
  -حاجة أيه؟

اجابها «راسل» قائل:
  -في واحدة جات على مكتبي النهارده، وكانت طالبه تقابلني أنا، زي مالعسكري قال قدامك، الغريب إنها قالت أن السلاح مع «ساينوس» صاحب الملهى اللي فتشناه، مش فاهم هي ليه قالت كده، ولو فعلًا معاه يبقى أزاي «أدم» قال أنه مع «هارلي»؟! وأزاي هو دلوقت وراها! أنا مش فاهم حاجة.

استمرت «فيونا» في مطالعته، لتتسائل مترقبة:
  -قصدك أن «أدم» ممكن يكون بيكذب؟

حرك «راسل» رأسه نافي تمامًا، ليقول:
  -لا أكيد مبشكش فيه ولو واحد في الميه، أنا عارف صاحبي كويس، أنا بس مستغرب من اللي بيحصل، حاولت أوصل لحاجة بس مفيش فايده، في نفس الوقت قلقان لاتكون دي لعبة علينا علشان نبعد عن «هارلي» حاولت الاقي حل أو أفكر من كل الجهات يمكن أوصل لحاجة قبل مابلغ حد باللي حصل.

بس مقدرتش أوصل لأي حاجة، في كذه احتمال بس كلها احتمالات، يعني ممكن تكون مش صح.

تطالعه «فيونا» شاردة الذهن؛ تحاول أن تُفكر معه بما يقول، على أمل أن تصل لشيء، ولكن لا جدوى، الأمر معقد وكلما حاول احداهم الخروج من تلك العقدة عاد لها من جديد.

تحدثت محاولة أن تطمئنه، قائلة:
  -أكيد هتوصل للحل، دي مش أول ولا أخر قضية صعبة تحلها، وب«أدم» أو من غيره هتحلها، أنا متأكده.

تبسم «راسل» بخفوت لحديثها الذي بالكاد يسعده، فرؤيتهم له ناجح يجعله يسعد لهذا.

(بمنزل هارلي).

ما إن وصلت إلى هناك، قامت بالإتصال إلى هذا الشاب الذي اعطاها «سام» رقم هاتفه بشأن سلاحها:
  -طيب أنا هجيبلك السلاح تشوفه وتقولي هتدفع فيه كام، لا ده حاجة كبيرة أوي، على العموم هتشوفه ونبقى نتفق.

أنهت المكالمة معه لتتطلع إلى باب المنزل الذي استمعت لطرقاته، فقد علمت من الطارق؛ لإتصلها ب«دينا» واخبارها أن تأتي ليتحدثوا كما ارادت «دينا».

اقتربت «هارلي» من باب المنزل، لتفتحه قائلة:
  -ادخلي.

وبالفعل قامت بالدخول لتتطلع من حولها في تقذذ منها؛ لما ترى من هيئة عشوائية غير مرتبة للمنزل.

طالعتها «هارلي» لتقترب أخذة بعض الحقائب البلاستيكية من فوق إحدى مقاعد الأريكة، قائلة:
  -اقعدي.

جلست «دينا» لتطالعها قائلة:
  -ناوية على أيه؟

رفعت «هارلي» حاجبيها سائلة:
  -في أيه؟

أكملت «دينا» حديثها موضحة ماتقصد:
  -هترجعي تشتغلي مع «ساينوس»؟

جلست «هارلي» رافعة اقدامها عن الأرض فوق الأريكة، لتقول في سخرية منها، ممسكة بالحلوة المجاورة لها:
  -الكل دلوقت بقى قلبه على «هارلي»، طيبين أوي أنتوا.

تحدثت «دينا» في ضيق منها، قائلة:
  -ممكن تفهمي بقى؟ «ساينوس» بيرتب علشان يوقعك، الكل عرف أن معاكِ السلاح، والحرامية اللي كانوا سارقينه قالوله الكلام ده، وطلبوا منه يسعادهم علشان يوقعوكِ ويعرفوا هو فين، علشان كده «ساينوس» عايزك ترجعي تشتغلي معاه، أكيد هو مش هيعمل حاجة زي كده حبًا فيكِ يا «هارلي».

مازالت «هارلي» تطالعها لتتحدث في دهشة منها، لتقول مترقبة:
  -وأنتِ أيه مصلحتك في أنك تعرفيني حاجة زي كده؟!

اجابتها «دينا» في ملل من اسألتها، وعدم ثقتها بأحد، قائلة:
  -مصلحتي إني عايزة أسيب الشغل عند المختل ده ومش عارفة، فياريت لو تخلصي منه ولا تلفقيله تهمة توقعيه بمصايبه إللي محدش قادر يكتشفها دي.

اجابتها «هارلي» ضاحكة:
  -ليه حد قالك إني ماشية بوقع في خلق الله؟! وبعدين حاجة زي كده مين اللي يقدر يعملها؟ أنتِ اللي شغالة هناك وتقدري تثبتي اللي بتتكلمي عنه، يعني لو كسبتي ثقة «ساينوس» وقتها هو هيخليكِ دراعه اليمين، وبفيديو صغير لعملية قتل من اللي بيعملهم وهتلاقيها اتعشت.

ضحكت «دينا» ساخرة لما قالت:
  -وهو أنتِ فاكرة أن الكل زيك يا «هارلي»؟! حبيبتي أحنا قلبنا مماتش ميت مرة قبل كده، وحاجة زي كده نخاف نهوب ناحيتها.

تحدثت «هارلي» مكملة تناول حلوتها، قائلة:
  -والله أنا مش عارفة هو متمسك بيكِ على أيه، ده حتى صوتك وحش.

طالعتها «دينا» صامتة، لتقول في ملل:
  -أنا أكيد مش هتضايق لأن أي حاجة منك متوقعة، عمتًا عايزة أعرف ناوية على أيه مع «ساينوس»؟ يعني فعلًا هتخرجي برا الحوار؟ حتى لو عملتي كده تفتكري هيسيبك بعد ماعرف اللي معاكِ؟

تطالعها «هارلي» شاردة الذهن، تفكر ماذا ستفعل بشأن أمره؛ فهي تعلم أنه لن يصمت على امرها.

حركت رأسها نافية في شرود منها:
  -مش عارفة.

أومأت «دينا» ناهضة، لتقول:
  -على العموم أنا عملت اللي عليا وقولتلك، لو احتاجتيني في حاجة أكيد هبقى موجوده، وخلي في علمك، لو مخلصتيش منه، هو اللي هيخلص منك.

تركتها وذهبت أسفل شرود «هارلي» وتفكيرها في ماقالت «دينا» لها.

عادت في تناول حلوتها أسفل شرودها بالأمر، فإن تغاضت عنه اليوم لن تستطيع غدًا.

اصبحت تفكر وتحاول أن تجد مخرجًا للخروج من هذا الأمر.

حين عاد «راسل» إلى منزله.

كان يتحدث عبر الهاتف إلى «أدم» والذي حكى له كل ماحدث وكل مااخبرته به «هيلينا»، ليقول:
  -أنت متأكد أن السلاح مع «هارلي» ودي مش لعبة علشان يبعدو الشكوك عنه؟

اجابه «أدم» وقد توترت تأكيداته، لتتحول إلى شكوك، قائل:
  -ده اللي أنا عارفه، واللي سمعت واحد من اللي كنتوا هتقبضوا عليهم بيتكلم معاها وكان شبه بيهددها علشان تجيبله السلاح، أنت رددتني.

تحدث «راسل» عقب قليل من الصمت الذي يظهر تردده هو الأخر، قائل:
  -طيب كمل أنت اللي بتعمله، وأنا هحاول أدور ورا «ساينوس» ده وراقب الدنيا، مش عايزين نخسر حاجة أو ناخد قرار نندم عليه.

أومأ «أدم» قائل:
  -فاهمك.

تنهد «راسل» قائل:
  -يلا لو في أي جديد هبلغك.

أومأ «أدم» ليغلق الخط، مطالع الإسوارة بيده، والتي جعلته يعيد التفكير بأمرها من جديد، فبرغم أنه اشتاق لأوقاته رفقة الصغيرة، ولم تغيب عن عقله لحظة، إلا أن أمر الإسوارة المتواجدة معها بثت بقلبه الشكوك نحو من تكون، وبرغم تلك الأفكار والشكوك التي تراوضه، يقول أنه غير ممكن، وينفيه دون اثبات واضح!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي