الفصل٢٦

بمنزل «جان».

تحدثت «فيونا» في أثناء جلوسها ونظراتها تتفقد «جان» في تردد، قائلة:
  -أنا مش عارفة ليه مش مرتاحة.

يستمر «جان» في مطالعتها، ليقول:
  -ده مجرد احساس هيروح لحاله يا «فيونا»، وأكيد بسبب مامتك، بس أهم حاجة دلوقت أننا مع بعض.

تبسمت «فيونا» بخفوت مطالعاه بشرود يتملك عقلها.

في الصباح الباكر.

استيقظت «هارلي» على صوت هاتفها، والذي تلقت اتصال عبره من «سام».

امسكت الهاتف لتجيب بصوت ناعس، قائلة:
  -صباح الخير.

تحدث «سام» قائل:
  -صباح النور، اتصلت بيكِ بادري لأني منمتش من امبارح، حاولت اراقبها وأعمل زي مقولتيلي ومفيش حاجة ملفتة للنظر؛ يعني عايشة حياة طبيعية جدًا زي أي بني أدم عادي.

عقدت «هارلي» حاجبيها بخفوت، قائلة:
  -لو هي عايشه فعلًا حياة طبيعية، أيه اللي هيخليهم يطلبوا من «الجوكر» يقتلها، وأيه المعلومات اللي هتبقى معايا!

اجابها «سام» سائل:
  -هو مقلكيش نوع المعلومات دي أيه؟

حركت «هارلي» رأسها نافية، لتقول:
  -لا مقاليش.

اجابها «سام» قائل:
  -طب أنا هبعتلك الفيديو اللي صورته من بيتها، وشوفي هتعملي أيه.

أومأت «هارلي» قائلة:
  -طيب ابعته.

أنهت المكالمة معه، لم تمر دقيقة ليرسل لها الفيديو، والذي قامت بفتحه لتتطلع بكل أنش به، يصور المنزل الذي تركته ورحلت حيث لا يعلم، والذي قام بدخوله بطريقة مدروسة منه، فهي لم تجد شيء مُلفت بالفعل.

استمرت في مشاهدة الفيديو حتى انتهى، لتتنهد في عمق وحيرة منها؛ تفكر مالذي ستفعله حيال الأمر والذي سيجعلها تعلم بصدق من تكون تلك الفتاة.

فحينما لم يجد شيء بمنزلها، وقام بتصويره أيضًا شعرت أن «الجوكر» هو من يكذب عليها، ومن المحتمل أن تكون حبيبته الجديدة!

هذا ماسيدفعها أن لا تؤامن ل«الجوكر» بطريقة أو بأخرى، حتى تتأكد من صدق حديثه.

لم يغفى لها جفت بعد استفاقتها، مما دفعها للنزول إلى الأسفل، تتفقد ما إذا استيقظ «الجوكر».

ولكنها لم تجد أحد مستيقظ، لذا ذهبت لغرفة الطهي حتى تصنع لها فطور، لتستطيع التفكير بعقل سليم.

ما إن انتهت من صنع الفطور، جلست لتتناوله مشعلة التلفاز والذي وصل صوته لمسامع «الجوكر» ليقلق نومه، فكان صوته مرتفع للحد الذي تتعمد استفاقته به.

جلس فوق السرير ليتطلع حوله في تعجب سائل عقب نظره في ساعة هاتفه:
  -معقول صحيت من دلوقت!

نهض ليخرج متفقد الأجواء، بل يزعم على اخبارها بإخفاض الصوت، ما إن وصل إلى هناك، طالع تلك الفوضة التي صنعتها من حولها، عقد حاجبيه في دهشة، قائل:
  -«هارلي» أيه اللي أنتِ عملاه ده؟!

طالعته «هارلي» لتتحدث ببسمة ارتسمت فوق ثغرها، قائلة:
  -صباح الخير، صحيت بدري يعني!

رفع «الجوكر» حاجبيه في سخرية، قائل:
  -صحيت بدري! ده الصوت اللي أنتِ معلياه ده يصحي بلد بحالها.

رفعت «هارلي» حاجبيها بنظرات باردة، لتقول:
  -أيه متفرجش؟ أنا عارف إني لما بقلق مبعرفش أنام تاني، وبعدين يلا تعالى علشان تفطر.

تنهد «الجوكر» في ضيق من هذه الفوضة التي لا يعتاد عليها، ذهب إلى دورة المياه دون كلمة أخرى، لتطالع ذهابه ببسمة غامضة؛ فكل ماتفعله بتخطيت منها.

(بقسم الشرطة).

يتحدث «راسل» إلى رجال الشرطة، قائل:
  -عايزكوا تقلبوا الدنيا عليها، تجيبوها من تحت الأرض المهم تجيبوها، بس القائد ميعرفش حاجة عن الموضوع.

أومأ أحد رجال الشرطة، ليقول:
  -متقلقش أحنا هنقلب الدنيا عليها، وهنعمل اللي نقدر عليه، وهنلاقيها أما بالنسبة للقائد، فمحدش هيجيبله سيرة عن حاجة، أنا فاهم كويس.

تبسم «راسل» بخفوت، ليضع يده فوق كتفه، قائل:
  -أصيل يا «ليو».

تبسم «ليو» بخفوت، ليقول:
  -يلا يا شباب نروح ننفذ المهمة.

ذهبوا ليجلس «راسل» فوق مكتبه شارد بأمر «هارلي» الذي يفكر أين يمكنها أن تكون، تذكر أمر «ساينوس» وهذا مادفعه للذهاب إلى هدفه.

ما إن وصل إلى منزل «ساينوس»، طرق باب المنزل ليقوم «زاس» بفتحه له، مطالعه في تعجب وقلق تملك قلبه حين رأه، ليقول:
  -اا حضرة الظابط «راسل»!

طالعه «راسل» بنظرات ثابتة، سائل:
  -«ساينوس» موجود؟

أومأ «زاس» بذات توتره، قائل:
  -موجود، اتفضل بس هو في حاجة ولا أيه؟

مر «راسل» إلى الداخل أثناء قوله:
  -بلغه إني عايز اشوفه ضروري.

طالعه «زاس» بقلق وحيرة يتملكوا قلبه، فقد ظن أنه علم بشأن علاقتهم بالسلاح.

ذهب إلى غرفة «ساينوس» ليقول ما إن رأه جالس فوق مقعد الإسترخاء خاصته، يضع فوق وجهه القناع المرطب له:
  -الظابط «راسل» عايز يشوفك يا بوص.

قام «راسل» بفتح عيناه ليطالعه في تعجب وقلق، سائل:
  -عايز يشوفني ليه؟! وقولتله أني هنا؟

أومأ «أدم» بأسف، قائل:
  -معرفتش اقوله أيه واتوترت بس في الأخر قولتله أنك هنا.

استمر «ساينوس» في مطالعته شارد الذهن؛ يفكر مالذي سيأتي لأجله سوى بشأن أمر السلاح!

نهض ليبعد هذا القناع عن وجهه، قائل:
  -طيب قوله إني جاي.

أومأ «زاس» ذاهب إلى الخارج، ليقول فور خروجه:
  -«ساينوس» بيه بيقول أنه جاي، تحب أعمل لحضرتك أيه تشريه عقبال مايجي؟

حرك «راسل» رأسه نافي، قائل:
  -ولا حاجة، أنا جيت اتكلم معاه.

أومأ «زاس» بذات نظراته المتصوبة نحوه، ليقول متسائل في ترقب منه:
  -بس هو «ساينوس» بيه عمل حاجة ولا أيه؟! يعني «ساينوس» بيه مش بتاع مشاكل.

طالعه «راسل» الذي فهم أنه بالفعل يود أن يستدرجه فيما يود محادثة «ساينوس»، لذا قال بثبات معتاد:
  -لما يجي هتعرف.

تنهد «زاس» في ضيق، استمر جلوسهم قليلًا دون التفوه بكلمة أخرى، حتى جاء «ساينوس» الذي تحدث ما إن خرج من الغرفة وذهب له:
  -نورتنا يا «راسل» باشا، بعتذر لو اتأخرت عليك، أنت عارف بقى الواحد بيكون قاعد براحته في بيته، عقبال ماغيرت هدومي.

أومأ «راسل» بهدوء لينهض مصافحه، قائل بوقار:
  -مفيش مشكله.

أشار «ساينوس» له صوب المقعد، قائل ببسمة يخفي خلفها توتره من مجيئه:
  -اتفضل أقعد.

جلسوا اثنتاهم و«زاس» يقف بجانب مقعد «ساينوس»، والذي بداء بالحديث سائل:
  -متشرفتش بسبب المقابلة الحلوة دي، بس قبل أي حاجة تحب تشرب أيه.

حرك «راسل» رأسه نافي، قائل:
  -ولا حاجة، أنا جيت علشان اتكلم معاك بسرعة وأرجع لشغلي، أنا بس هسألك كام سؤال كده ياريت لو تعرف حاجة عن اللي هسألهولك متنكرش ده؛ لأن في قضية كبيرة ولازم تتحل بأسرع وقت.

استمر «ساينوس» في مطالعته، ليقول بتأكيد زائف منه:
  -أكيد لو أعرف حاجة هبلغكوا بيها.

أومأ «راسل» قائل:
  -بتمنى، أول حاجة تعرف أيه عن السلاح اللي اتسرق؟

يطالعه «ساينوس» الذي تحدث ببساطة وهدوء، وكأنه بالفعل لا يعلم شيء:
  -ولا حاجة، أعرف بس أنه اتسرق، ليه هو أنتوا لسه مقبضتوش على السارق؟

حرك «راسل» رأسه نافي، ليقول:
  -للأسف لسة، طيب وبالنسبة للبنت اللي كانت بتشتغل معاك في الملهى؟ «هارلي».

لم يبعد «ساينوس» نظراته عنه، ليقول بذات بساطته:
  -بردو معرفش عنها حاجة؛ لو معندكش علم أنا طردتها من الملهى بقالي فترة، البت بتاعت مشاكل وكلامها كتير بعيد عنك.

أومأ «راسل» بهدوء، وهو يطالعه بترقب، قائل:
  -يعني متعرفش عنها أي حاجة؟ ولا عن بيتها اللي اتحرق حتى؟

حرك «ساينوس» رأسه نافي:
  -للأسف لا يا «راسل» بيه، بس هو في حاجة ولا أيه؟ البت دي عاملة قلق معاكوا أنتوا كمان؟

اجابه «راسل» شارد الذهن، ليقول:
  -حاجة شبيهة لكده، المهم هسيبلك رقمي، ياريت لو عرفت حاجة عنها تبلغني.

أومأ «ساينوس» ببسمة هادئة ترتسم فوق ثغره، ليقول:
  -ولا تشيل هم، أكيد لو عرفت حاجة هقولك.

تبسم «راسل» بخفوت عكس هذا الشرود الذي يتملك عقله.

(بمنزل دينا).

تتحدث «دينا» عبر الهاتف إلى «هالي» قائلة:
  -هو وداني المكان اللي كنت خايفة أروحه، وكان شبه بيهددني وبيحذرني ملعبش معاه، لدرجة أني شكيت أنه عرف حاجة بخصوص كلامي معاكِ، بيني وبينك كلامه قصر فيا وخوفت.

اجابتها «هارلي» نافية:
  -الكلام اللي بتقوليه ده مش هينفع دلوقت؛ لأننا خلاص قربنا من هدفنا، وبعدين كلامه ده هدفه يعمل زي ماعمل فيكِ كده ويخوف أي حد علشان ميفكرش يلعب معاه، بس أحنا عارفين كده كويس، علشان كده مش لازم تخافي، قوليلي عملتي زي مطلبت منك وصورتي الحاجة هناك؟

اجابتها «دينا» نافية، لتقول:
  -مقدرتش بقولك اترعبت وكنت حاسة إني عايزة اعترفله بكل حاجة!

اغمضت «هارلي» عيناها في ضيق، قائلة:
  -أمال خدتي جولة هناك يعني! كنتي تعملي أي حاجة، لولا خوفك ده كان زمانه محبوس دلوقت، «دينا» أنا مش هصبر كتير، أنتِ عارفة خلقي ضيق، ولو مانجزتيش في اللي بتعمليه أنا هسيبك تختاري اللي تختاريه وخلي خوفك ينفعك بقى.

اجابتها «دينا» نافية بقلق حتى لا تتركها:
  -تسيبيني أيه وفكرك لو سيبتيني دلوقت هعرف أعمل حاجة؟! أنا مش هعرف أكمل حاجة من غيرك، ده غير أنك مينفعش تسيبيني بعد ماعلقت معاهم أكتر وأفضل معاه طول حياتي، بس بشكل أبشع.

أومأت «هارلي» لتقول بذات هدوئها:
  -يبقى انجزي وخلصي الموضوع بسرعة.

تنهدت «دينا» لتطالع باب المنزل الذي استمعت طرقاته للتو، قائلة:
  -طيب هحاول، هبقى اكلمك لأن في حد بيخبط عليا دلوقت.

اجابتها «هارلي» قائلة:
  -تمام.

اغلقت «دينا» الخط ذاهبة لتقوم بفتح باب المنزل.

تبدلت ملامحها ما إن رأتها، ليتملكها الضيق، قائلة:
  -أنتِ!

مرت «هيلينا» إلى الداخل دون كلمة منها، لتغلق «دينا» الباب في ضيق ملتفتة حتى تطالعها، قائلة:
  -وبعدين بقى؟ هو أنتِ هتفضلي تنطيلي من وقت للتاني؟

اجابتها «هيلينا» عقب جلوسها بإرتياح فوق الأريكة، قائلة بذات برودها المعتاد:
  -شكلي كده، سمعتك بتكلميها.

اغمضت عيناها في ضيق، مجيبة:
  -أيوة كنت بكلمها، وقولتلك إني بتواصل معاها بس معرفش هي فين، أظن أني مكذبتش يعني.

استمرت «هيلينا» في تصويب نظراتها اتجاهها، لتقول:
  -ولو طلبتي تقابليها، مش هتقابلك؟

حركت «دينا» رأسها نافية، قائلة:
  -أنتِ بينك متعرفيش «هارلي» خالص؛ «هارلي» مش غبية إني اقولها قابليني فتقابلتي، ده أنا لو مامتها نفسها، مكنتش هتديني الأمان.

رفعت «هيلينا» حاجبيها في سخرية، قائلة:
  -ولسه مستمرة معاها؟!

اجابتها «دينا» بقلة حيلة، عقب جلوسها امامها، قائلة:
  -وهعمل أيه؟ محدش غيرها بيساعدني علشان أخلص من «ساينوس» الزفت ده، افكارها جهنمية، ده غير إني سألتها عن الموضوع بتاعك، وقالت أنها مقتلتش حد ومتعرفش حاجة عن الحوار كله، وبيني وبينك أنا مصدقاها؛ هي ممكن تأذي تسجن تحبس، بس متلاقيش دم.

استمرت «هيلينا» في مطالتها، لتمد يدها قائلة:
   -هاتي التليفون.

طالعتها «دينا» بتردد، لتمده لها، مستمعة لما قالت «هيلينا»:
  -لو أنتِ بتكلميها والبوليس بيدور عليها، أزاي مجبوهاش من رقمها؟!

اجابتها «دينا» ببساطة، قائلة:
  -علشان غيرت رقم تليفونها، وبتكلمني كل مرة من رقم مختلف، قولتلك «هارلي» مش سهلة، ودي حاجة متفوتهاش. 

طالعتها «هيلينا» بنظرات شاردة، لتتصل ب«هارلي»، لم تمر ثواني حتى اجابت، قائلة:
  -أيه في حاجة تاني؟

نظرت «هيلينا» إلى «دينا» حين استمعت إلى صوتها؛ فقد ظنت أنها لن تجيب.

لذا تحدثت بلهجة هادئة يتملكها البرود كنظرات «هيلينا»، والتي تحولت إلى نظرات غاضبة:
  -أهلًا «هارلي».

عقدت «هارلي» حاجبيها بخفوت؛ لما استمعت من صوت مختلف، ليس صوت «دينا» والتي تعلمه جيدًا، ابعدت الهاتف عن أذنها مطالعة الرقم من جديد في تعجب منها، قائلة:
  -مين معايا؟!

اجابتها «هيلينا» بذات بسمتها الساخرة:
  -طبعًا متعرفنيش، حتى لو عرفاني أكيد هتنكري، عمتًا أنا اللي قتلتي اختها بتعاونك مع المجرم «ساينوس»، وبتنكري أنك عملتي كده.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي